وعاد ينبض من جديد _ كاملة( قر...

By AmanyAttaallah

760K 23.1K 3.5K

صغيرة .. جميلة .. ووحيدة .. وكأنها وردة برية قد نبتت فجأة في صحراء قاحلة جرداء .. هكذا كانت أعماقي قبل أن تسك... More

2 - العندليب الأسمر
3- أحبك .. ولكن ....
4 - لن أغفر لك
5 - ملاك من السماء
6 - للحياة عودة .....
7 - المواجهة
8 - المستبد
9 - من أجل طفلي
10 - ملك القصر
11 - الجحيم
12 - جنون وانتقام
13 - العنيدة
14 - ميلاد حبيبى
15 - أبى
16 - أنت لى
17 - الأفعى
18 - أين أنت ..؟
19 - معاً للأبد
7- المواجهة
الرواية
تحياتى
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات
مقتطفات

1- الهاربة

90.1K 1.6K 224
By AmanyAttaallah

انطلق القطار في طريقه إلى أسوان وتعلقت عينا الدكتور (شريف حمدي) بتلك الجالسة على المقعد المقابل لمقعده، لم يكن جمالها وحده هو ما يجذبه إليها بل هذا الحزن الرهيب الذي بدا وكأنه يأخذها إلى عالم آخر .. كانت شاردة إلى الحد الذي منعها حتى من الإحساس بجلوسه في مواجهتها

إنه على يقين بأنها لا ترى شيئًا وهي تحدق في كل المسافرين من خلال النافذة التي التصقت بها وكأنها تخفي نفسها من شيء ما.. انتهى الرصيف .. استدارت تائهة وانهمرت دموعها كشلالات غزيرة عجزت عن أن توقفها وهي تحاول جاهدة أن تمنعها بكلتا يديها بلا جدوى..

تراجِعت في فزع عندما مد إليها يده ببعض المناديل الورقية في محاولة للمساعدة.. رفعت إليه وجهاً بدا كسماء يوم شتوي قارص لبدتها السحب والغيوم . كانت صغيرة لم تتجاوز العشرين بعد.. هشة كالفراشات.. قسماتها جميلة متناسقة.. كل ما فيها رقيق خجول.. عدا ذا الحزن العنيف الذى يغزوها غزواً ..

تجاهلت يده قليلاً وهي تحاول فتح حقيبتها الصغيرة التي تمسك بها فأوقعتها أرضًا وتناثرت محتوياتها، ساعدها في جمعها.. لم يكن بها "مناديل"، عاد يغمغم من جديد وهو يمد يده:

- تفضلي

تناولتها منه بيد مرتعدة وهزت رأسها شاكرة.. حاولت التحكم في انفعالاتها من أجل هذا الذي ينظر إليها في حيرة:

- بالله كفي عن البكاء.. واخبريني كيف يمكنني مساعدتك..

زادتها كلماته إحباطًا فانهمرت دموعها بغزارة أكبر، زفر في ضيق وهو يتناول منديلا آخر ليقدمه إليها، ثم ما لبث أن وضع المنديل في جيب سترته وقدم إليها العلبة كاملةً وهو يحذرها متصنعًا الابتسامة :

- ليس معي مناديل أخرى...

ساد الصمت بينهما فترة حتى هدأت أخيرًا وغمغمت من بين انفعالاتها المتشنجة :

- شكرًا لك

ابتسم في ود قائلا:

- شريف حمدي.. طبيب بشري

هزت رأسها مرحبةً.. فأردف : -

- وأنتِ... ما اسمك؟

تأملته في حذر قبل أن تهمس في صوت بالكاد وصل مسامعه :

- سالي

- سالي... يا له من اسم جميل!

ترى ماذا سيفعل عندما يعلم بهروبها .. وماذا عن النقود التى سرقتها من الخزانة ... كلا أنها لم تسرقها بل هى ثمن بخس لحياتها التى تلاعب بها وكانها دمية بين يديه... كثيراً ما أخبرها انه سوف يعثر عليها أينما ذهبت .. لهذا السبب لم تذهب إلى منزل جدتها ... عليها أن تختفى من حياته للأبد

- سالي.. سالي....... سالي...

استيقظت من شرودها وهي تتأمل رفيق القطار... كان شابًا في بداية الثلاثينات تقريبًا.. طويل القامة.. يبدو جادًا وصارمًا رغم الهدوء والعطف الذي يبديهما نحوها

- لماذا أنتِ فزعة ... ما الذى يخيفك إلى هذا الحد؟؟

- هزت رأسها في ارتباك قائلة :

- أنا... أنت واهم !

ابتسم قائلاً:

- واهم !.. أتمنى ان أكون كذلك .. !

عادا للصمت من جديد حتى قطعه قائلاً :

- من لك في أسوان ؟

غمغمت في دهشة ممزوجة بالخوف :

- أسوان ..... ؟!!

- هذا القطار متجه إلى أسوان.. ألا تعلمين هذا ؟

- نعم .. نعم .. أنا ذاهبة إلى أسوان

- من سيكون في انتظارك عندما يصل القطار؟

- لا أحد ... أعرف طريقي بمفردي

- سالي... مما تهربين ؟

- أهرب!!... قلت لك أنت واهم!!

- أنتِ صغيرة و...

صاحت به غاضبة :

- شكرًا لك على ما قدمته لي.. وسأكون أكثر امتناناً إذا ما توقفت عن الكلام والتزمت الصمت نحوي

أشار بيده قائلاً :

- أسف !

تنهدت بعمق والتفتت إلى النافذة تحدق في اللاشيء من جديد.. بينما هو عاد يتلصص النظر إليها عاجزًا عن منع نفسه من الاهتمام بشأنها..! ترى من هي هذه الفتاة .. من أي شيء هاربة.. وماذا سيحدث لها بعد ساعات قليلة؟ .. لماذا ترفض مساعدته ؟

فتح حقيبته وأخرج منها بعض الشطائر .. كانت والدته قد صنعتها له وأصرت على أن يأخذها معه فى رحلته الطويلة إلى أسوان .. فلتذهب هذه الفتاة إلى الجحيم !.. ما الذي يجبره على الاهتمام بفتاة طائشة عنيدة مثلها !!.. كان غاضبًا جدًا وقد شعر بإهانة كبيرة على يد هذه الطفلة .. ولكنه وجد نفسه يردد اسمها دون إرادته وهويقدم لها بعضاً من طعامه

- سالي ... تفضلي

التفتت إليه... شعرت فجأة بجوع شديد، فهي منذ فترة طويلة لم يدخل جوفها الطعام.. فكرت بالرفض لكنها عدلت عن فكرتها وهى ترى ابتسامته المشجعة ويده الممدودة إليها باستماتة وإصرار

ابتسمت شاكرة وهي تتناول الشطيرة من يده .. قضمت بعضها في نهم قائلة:

- من أجل الطفل فقـ...

اختنقت الكلمات وكادت تختنق معها عندما انحشرت قطعة من الطعام في حلقها وقد اتسعت عيناه عن اخرهما وهو يلقي نظرة سريعة على بطنها قبل أن يتظاهر باللامبالاة ويعاود قضم شطيرته في صمت مصطنع

حاولت أن تقلده وراحت تبتلع شطيرتها في صعوبة بالغة حتى نجحت أخيرًا في الانتهاء منها

قدم لها أخرى، نجحت في رفضها، لكنه أصر قائلاً :

- من أجل الطفل

حدقت في وجهه وابتلعت ريقها ... أهي خائفة من عابر السبيل هذا الذي اكتشف سرها مصادفة...؟ كيف إذًا ستواجه العالم كله قريبًا.. عليها أن تتحلى بالشجاعة بالفعل لا أن تتصنعها فقط.. مدت يدها تتناول منه الشطيرة قائلة بصوت ثابت :

- من أجل الطفل

قال بعد فترة : -

- أنا تخصص " أمراض نساء وتوليد"

- تشرفت بمعرفتك

- هل أنتِ متزوجة؟

- ليس هذا من شأنك !

عض على شفتيه قبل أن يتنهد قائلاً : -

- توقعت هذا.

- ما الذي توقعته؟؟!

لاحظت الاتهام في عينيه واضحًا، فأردفت : -

- نعم، كنت متزوجة، ولكن ليس زواجًا عاديًا، إنما ...

- زواجًا عرفيًا إذًاً

بماذا تخبره !... ربما ظنه هذا أفضل كثيرًا مما ستخبره به.. فما كان بينها وبين حسام ... أو هكذا تخيلت حينها ... زواج روحي.. لا يخط على الورق.. هزت رأسها صامتة.. لكنه عاد يغمغم في ضيق وهو يشعل سيجارة :

- لا فرق كثيرًا بين الزواج العرفي والخطيئة.. كلاهما ينتهي بمأساة من وجهة نظري...

تأملته غاضبة ها هو وجهه الصارم قد بدأ في الظهور ... لقد تلاشت الحنية الزائفة التي كان يمثلها منذ لحظات قليلة ... ترى هل سيشاركه المجتمع تلك النظرة الدونية إليها ... ألن يوجد من يغفر تلك السقطة فى لحظة ضعف ؟

- اسمعينى جيدا ... أنا اؤمن كثيرا بالقدر

- ماذا تعنى ؟

- فهو لم يضعنى فى طريقك عبثاً ... أستطيع مساعدتك على تخطى هذه الكارثة

تأمل عينيها المعلقتان بوجهه فى رجاء مردفاً :

- فى أى شهر أنت ؟

- الشهر الثانى

- ممتاز

اتسعت عيناها وقد فهمت ما يعنيه : -

- لن أقبل أى حلول ثمنها التخلى عن طفلى

- فكرى جيدا قبل أن ترفضى عرضاً من السماء

- عرضاً من السماء .... أليس الإجهاض محرماً شرعاً ؟

- بلى ... أنا لا أقبل إجراء عمليات من هذا النوع ... ولكن فى حالتك فهو فرصتك الوحيدة للحياة من جديد

- أنا لا أحتاج مساعدتك ... حياتى ثمناً لطفلى

- كفاك عناداً وطيشاً أوصلك لمَ أنت فيه الآن

تحجرت الدموع فى عينيها وهى تنتهره ساخطة :

- كف أنت عن محاكمتى ... ليس لك الحق فى إدانتى

زفر بضيق قبل أن يهمس فى صدق

- أنا لا أدينك ... لكننى أخشى أن أتركك فتسقطين فى يد من لا يرحم

- ماذا تعنى ؟

- أنت صغيرة ... وجميلة ... أخشى أن يقودك أحدهم فى طريق لا عودة منه

تسرب بعض القلق إلى قسماتها لكنها عادت تهز رأسها فى عناد أزعجه وهى تغمغم

- لن أتخلى عنه ... لن أفعل به كما فعل الجميع معى ... سيكون طفلى وأخى وحبيبى ومعينى فى هذه الحياة ... سوف نعيشها معاً أو نتركها معاً

تأملها بدهشة ... ما الذى يجعلها تتمسك بطفل مثله لهذه الدرجة ؟ أثاره الفضول لمعرفة قصتها .. لا شك فى أن هذه الفتاة تعرضت لسلسلة طويلة من المآسى لا مأساة واحدة .. قال فى نبرة صادقة

- حسناً ... اعتبرينى عابر سبيل واخبرينى قصتك تفصيلا ... فربما أمكننى الإمساك بخيط ما استطيع به إنقاذك أنت والطفل معاً

حدقت فيه طويلاً قبل أن تذهب إلى عالمها الأخر ... عالمها الذى هربت للتو منه إلى عالم جديد لا تعرف بعد كيف ستواجهه ... ؟



Continue Reading

You'll Also Like

745K 60.8K 69
‏لَا السَّيفُ يَفعَلُ بِي مَا أَنتِ فَاعِلَةٌ وَلَا لِقَاءُ عَدُوِّيَ مِثلَ لُقيَاكِ لَو بَاتَ سَهمٌ مِنَ الأَعدَاءِ فِي كَبِدِي مَا نَالَ مِنَّيَ م...
10.9M 970K 58
معشر أمسكت حلومهم الأر ض وكادت لولاهم أن تميدا فإذا الجدب جاء كانوا غيوثا وإذا النقع ثار ثاروا أسوداً تتبع الهوى روحي في مسالكه حتى جرى الحب مجرى ال...
67.1K 3.6K 15
وقفت امامه بثقة ظاهرة.. و توتر شديد فى داخلها... وقد عزمت امرها اخيرا. . لن تنتطره ان يتحرك نحوها ... انه لن يفعل ابدا... انه لا يراها من الاساس..
231K 9.7K 33
بعد طلاقها ...قررت استئناف حياتها والزواج بآخر .. لكن للقلب احكاما اخرى