بارانويا | «جُنون الإرتياب» (...

By Ahlam_ELsayed

7.2K 465 2.3K

مُنذ الصِغر ونحنُ نعلم جيداً أن الخطان المتوازيان لا يلتقِيان أبداً ، فـ هل مِن المُمكن أن تتغير تِلك القاعِد... More

♡ إقتباس ♡
الفصل الثاني : إضطِراب
الفصل الثالث : حادِثة صُدفة
الفصل الرابع : غريبًٌ مُصاب
الفصل الأول : البداية
الفصل الخامس : الجانِب الأخر للجميع.
الفصل السادس : هروب.
الفصل الثامن : ليلى تكلمَت.
الفصل السابع : أجواء غير مُعتادة.
الفصل التاسع : كوثر تقلق.
الفصل العاشر : نِزاعات وتغيُرات
الفصل الحادي عشر : شِجارين في آنٍ واحِد
الفصل الثاني عشر : غُموض بين السُطور
الفصل الثالث عشر : بداية البداية
إعتذار بسيط♥ملحوظة الإعتذار قديم
الفصل الرابع عشر : خارِج عن المألوف.
الفصل الخامس عشر : شعور مُختلِف
الفصل السادس عشر : التهور والإندفاع
الفصل السابع عشر : تجمُع عائِلي
الفصل الثامن عشر : فضول أم شفقة.
الفصل التاسع عشر : عاد لـ ينتقِم
الفصل العشرون : هادِم الملذات ومُفرِق الجماعات
الفصل الواحد والعشرون : أشياء جديدة
الفصل الثاني والعشرون : أهُناك أمل؟
الفصل الثالث والعشرون : مِشوار العِلاج
الفصل الرابع والعشرون : ضّي الشمس
الفصل الخامس والعشرون : مأساة.
مهم ♥
الفصل السادس والعشرون : المرض النفسي ليس جنونً
الفصل السابع والعشرون : نبضات
صور تقريبية للأبطال♥
الفصل الثامن والعشرون : إنكشف السِتار
الفصل التاسع والعشرون : لن أترُككِ للظلام
هام🇵🇸♥.
الفصل الثلاثون : عُصفورً جريح.
الفصل الواحد والثلاثون : مرحباً بالمشاكِل
الفصل الثاني والثلاثون : قبل الطوفان بساعات
الفصل الثالث والثلاثون : فضيحة على الملأ.
الفصل الرابع والثلاثون : يومًا لك ويومًا عليك
الفصل الخامس والثلاثون : نُزهة مليئة بالحقائِق
الفصل السادس والثلاثون : سابِق ولاحِق
الفصل الثامن والثلاثون : لا مفر مِن الحقيقة
الفصل التاسع والثلاثون : لن يمُر مرور الكِرام.
الفصل الأربعون : ليلةً لا تنتهي.
الفصل الواحد والأربعون : لأجل وردتي.
الفصل الثاني والأربعون : خُيوط مُتشابِكة.
الفصل الثالث والأربعون : أُريدك بجانبي.

الفصل السابع والثلاثون : بنفسِج برائِحة التوت.

91 7 39
By Ahlam_ELsayed

{بسم الله الرحمن الرحيم}

' صلوا على خاتِم الانبياء مُحمد ﷺ '

ڤوت + كومنت قبل القِراءة لأستمِر♡.

فضلاً تجاهلوا الأخطاء الإملائية إن وجِدت♥

.
.
.
قراءة مُمتِعة.

••••••••••••••••

'وجدتُ ذاتي بين الألام أتخبط ، فـ رغِبت مِن كُل قلبي .. لو يعود الزمن لحظة واحِدة فقط ، لعلّي أستطيع تغيير مصيري'.

..............

بعد مُنتصف الليل أخذت ورد هاتِفها وإتجهت نحو الشُرفة ، وهي تنوي الإتصال بِه كما أخبرها أن تفعل ، لم يمُر سوى ثانيتين لـ يُجيب نوح بـ لهفة غريبة ، لأول مرة تشعُر هي بشعور مختلف عِند مُحادثتِه عل الهاتِف ، رُبما لأنه أخرج لها ما بـ قلبِه قبل ساعات؟.

"كُنت فاكرِك هتطنشيني ومِش هترني عليا".

نظرت نحو الشارِع الفارِغ نسبيًا مِن البشر ، وقالت بينما تُحاوِل الحديث بثبات.

"مينفعش مكلِمكش .. خصوصًا إنك أكِدت عليا يعني ، المُهِم كُنت عايزني في إيه؟".

تذكر نوح الموضوع الأساسي لحديثهُما الأن وأجاب.

"شوفي ياستي .. أولاً أنا كلِمت ناس معرِفة وأكدولي إن مُنير منزلش مصر مِن ساعِة ما هرب ، بس طبعًا أبوه مُستقِر هِنا وهو اللي هربُه كمان ، إنتي قولتي إنك عايزة تساعديني نرجع حق ياسمين صح؟".

أكدت ورد على ما قاله دون أدنى تردُد.

"طبعًا يا نوح .. فهمني بس عايزني أعمِل إيه وانا معاك".

بدء هو يشرح لها ما يُخطِط له بالتفصيل.

"مبدأيًا كِدا السبب الوحيد اللي هيخلي الواد ده ينزل مصر هو أبوه رشوان بيه ، وإحنا بقى هنلعِب على النُقطة دي ، أنا بس عايزُه يتواجِد في مطار القاهِرة ، ومِن بعدها أنا هتولى الباقي .. كُل اللي مطلوب منِك يا ورد إنِك هتكلميه على أساس إنِك مُمرِضة ، وهتقنعيه إن أبوه بيموت خلاص وطلب منِك تكلميه عشان ينزل مصر ويشوفه لأخر مرة".

حاولت ورد أن تستفسِر عن بعض الأشياء.

"طب ثواني .. إشمعنا مُمرِضة يعني؟ ، وبعدين أبوه أكيد عندُه قرايب ليه محدش فيهُم يوصلُه خبر زي ده؟".

وضح لها الأمر أكثر بعدما بحث عن أبسط التفاصيل.

"متقلقيش رشوان مقطوع مِن شجرة ، محيلتهوش غير مُنير ده ، حتى مراتُه إتطلقِت مِنه مِن سنين وملهاش علاقة بيه ، يعني رشوان عايش لوحدُه ، إنما ليه إخترت مُمرِضة بقى .. عشان طبيعي واحِد مريض وعايش لوحدُه كِدا ، هيجيب مُمرِضة تراعيه بدال ما يتحجز في مستشفيات ، لإنُه رجُل أعمال وهيخاف على تشويه صورتُه قُصاد الإعلام ، أنا عامِل حساب كُل حاجه فـ متخافيش".

لم تكُن ورد قلِقة مُنذ البداية ، بل على النقيد تمامًا ، هي سعيدة لأنها وبعد هذه المأساة ، ستستطيع أخذ ثأر صديقتها الراحِلة ، وستفعل أي شئ للمُساعدة.

•••••••••••••••••

في منزِل ليلى.

كانوا ثلاثتهُم لا يزالون مستيقظين رُغم تأخُر الوقت ، كانت شمس جالِسة قُرب جدتها ، التي بدورها تقوم بمُداعبة خُصلاتِها بحنان شديد ، بينما ليلى تجاوِرهُما وتركيزها مُنكب فوق الكِتاب الذي بين يديها ، دق باب المنزِل برِفق ، نظروا إلى بعضِهم في إستغراب ، قامت ليلي كي تفتح الباب فـ سألت قبلها عن هوية الضيف.

"ايوة مين؟".

أتاها الرد سريعًا مِت صوت تعرِفه عن ظهر قلب.

"إفتحي يا ليلى أنا رحيم".

فتحت له لتتفاجئ بوجود سيدة ثلاثينية معه وطفلان بأعمار مُختلفة ، نظر رحيم إلى الداخِل ليرى كوثر ، تبسم لها لـ تُرحِب هي بِه أيضًا وتطلُب مِنه الدلوف ، أفسحت ليلى لهُما الطريق وهي تشعُر بالقلق مِن هوية هذه السيدة ، كانت شمس قد غرقت في نوم عميق على الأريكة ، أمرته كوثر بالجلوس وعادت تُرحِب بِه مُجدداً.

وبعد دقائِق لم ينتظِر رحيم وشرح لهُما الوضع منذٌ بدايته.

"هو ده كُل الموضوع يا حجة كوثر ، أنا مرضيتش أوديها بيتي لإن حضرِتك عارفة والدتي ، لو حكيتلها أي حاجة مِن دي هتخاف عليا وهتمنعني أكمِل ، وبجد أنا وعدت السِت سماح إني هحميها .. ومينفعش أخلِف بالوعد ده ، هي هتقعُد كام يوم بس لحد ما أتأكِد إنهُم دخلوا السجِن كلهُم".

لم تُزيل كوثر إبتسامتها عن ثغرها طوال إستماعِها له ، في كُل يوم تتأكد أن هذا الشاب هو الإختيار الأنسب إلى ليلى ، نظرت كوثر نحو ليلى وهي تسألها.

"إنتي رأيك إيه يا بنتي؟ في الأخر أنا وشمس ضيوف في بيتك والقرار ليكي".

أجابت ليلى بنفي لِما قالته كوثر.

"ضيوف إيه بس يا تيتا .. ده إنتوا أكتر مِن أهلي وربِنا يعلم ، وبالنِسبة لمدام سماح فهي تنورنا طبعًا ، ده إحنا نشيلها في عيوننا هي وعيالها الكتاكيت دول".

نظر أحد الطِفلان إلى شمس والذي كان فتى بعُمر الخامِسة ، وأشار بإصبعه مُتسائِلاً.

"هي دي مين؟".

جثت ليلى أمامه فوق رُكبتيها وعبث بوجنتيه مُجيبة.

"دي تِبقى أُختي .. إيه رأيك فيها؟ جميلة مِش كِدا؟".

عاد الصغير يُدقِق أكثر في تعابير شمس المُستكينة أثناء نومِها ، ثُم رد مُبتسِمًا.

"أيوه جميلة أوي .. بس إنتي أجمل".

تصبغ وجه ليلى باللون الأحمر مِن الخجل ، ليس لأن ذاك الفتى أخجلها ، بل لأنها لم تتوقع إجابة كهذه مِن فتى صغير ، إعترض رحيم وهو يقِف مِن جلستِه.

"لا لا يا يزن يا حبيبي .. طنط ليلى دي بتاعتي أنا ، بُص أنا هعرفك على سارة .. هي أكبر مِنك بس ميبانش عليها وهتحِبها".

حمحمت ليلى ورحلت نحو المطبخ بحِجة ضيافتهُم ، فهِم رحيم أن كلِماته تسببت في إحراجِها ، وللأمانة قد شعر بالسعادة لهذا.

•••••••••••••••

في صباح اليوم التالي.

خرجت ليلى مِن المُدرّج وهي تبحث عن شمس بعينيها ، كي تعرِف مِنها كيف سار الإختبار معها ، لمحت ورد وهي أتية تجاهِها مُطأطأة الرأس بحرج ، وقفت ورد أمامها ونطقت بنبرة مُنخفِضة نادِمة.

"إزيك يا ليلى؟ لِسة زعلانة مِن اللي عملتُه يوم كتب الكتاب؟".

تنهدت ليلي وقد أشفقت عليها كثيراً ، أرادت أن تُهدأ شعورها بالذنب قليلاً.

"هو المفروض يا ورد كلامك ده ميتوجِهش ليا أنا! ، إنتي زعلتي شمس مزعلتنيش أنا .. بس عمومًا شمس طيبة وتلاقيها نسيت كلامِك أصلاً ، المُهِم تعالي نروحلها القاعة اللي بتمتحِن فيها".

قامت ليلى بجرِها خلفها نحو القاعة ، وحينما وصل كلتاهُما وجدتا المكان فارِغ مِن الطلاب ، بدأت ليلى تشُعر بالقلق ، خاصةً أن شمس حينما تنتهي مِن الإختبار تنتظِر أمام القاعة ، وأثناء بحث كلتاهُما عن صديقتهُما ، وصل إليهما صوت صُراخ أتٍ مِن الأسفل ، نظرت ليلي مِن إحدى النوافذ المتواجِدة في الممر ، لتتفاجئ بـ شمس وهي تتشاجر مع كامل ، لم تنتظِر دقيقة أُخرى وهرولت إليها ، لـ تلحق بِها ورد غير مستوعِبة لِما يحدُث.

.......

في الأسفل إجتمع الطُلاب كي يُشاهدون ما يدور ، وكأنهُم يُتابِعون حلقة مِن إحدى المسلسلات الدرامية ، نظر كامل إلى الجميع وشعر بالحرج ، بينما شمس لم تكتِم ما بـ قلبِها وهي تصيح في وجهه بـ جرأة عجيبة.

"رايح تحُطني قُدام الأمر الواقِع وبتتقدملي رسمي؟ ، فاكِر لما تعمِل كِدا هتجوزِك؟ ده بُعدك يا كامِل ، إنت لو أخر راجِل على الأرض برضُه مِش هتجوِزك ، بتغري مامي بالفلوس ولا أكِنك بتشتري سِلعة خاصة؟ ، فوق يا كامِل أنا شمس صادِق بهجت ، بِنت بهجت بيه اللي كانت الدنيا كلها بتتكلِم عن أخبارُه".

إقترب كامِل مِنها وهو يتحدث ضاغِطًا فوق فكِه بـ غضب.

"إحترمي نفسك يا شمس .. أنا لحد الأن مِش حابِب أتطاول وأقِل أدبي ، ولو عايزة تتفاهمي يبقى لوحدِنا مِش في نُص الجامعة؟!".

قهقهت شمس ساخِرة ولم تتراجع بخطواتِها إلى الخلف ، بل ولأول مرة قررت أنها ستواجِه.

"ليه خايف مِن الفضيحة؟ ولا خايف على صورتك الكاريزمية قُدام زمايلنا؟ ، أنا الشخص الوحيد اللي كان ليه رأي في حياتي وقراراتي اللَّه يرحمُه مِن سنين ، ودلوقتي أنا الوحيدة اللي أقرر هتجوِز إمتى ومين ، بهيرة هانِم اللي إنت روحت تستعين بيها دي ، صدقني مُستحيل تجبرني أوافق على شئ أنا رفضاه ، أحسنلك يا كامِل تبعِد عني خالِص .. وإلا هوريك الجنان على أصوله".

وصلت ليلي وأبعدت شمس لتقف مكانها أمام كامل ، وجهت له نظرة حاقِدة وقالت.

"أنا مِش حذرتك أخِر مرة متقربش مِنها تاني؟".

كاد كامِل أن يُبرِر موقِفه لـ تأتي مايا مهروِلة ، وقامت بتفحُص كامِل وهي تُمرر يدها فوق ذراعِه ، وقامت بالنظر إلى شمس مُستحقِرةً إياها.

"كامِل حبيبي المجنونة دي عملت فيك حاجة؟".

أبعدها كامِل عنه لـ تندهِش وهو يُعنِفها بكلِماتِه.

"قولتِلك قبل كِدا يا مايا متقوليش عليها مجنونة .. شمس دي أعقل منِك ، إبعدي عني بقى وعن حياتي معندكيش كرامة؟؟!".

تركها تُكرِر ما قاله في عقلِها ورحل بخطوات ثائِرة ، نظرت ليلى إليها في شفقة لأن أي فتاة ستوجِعها هذه الكلمات ، خاصةً لو قالها شخصًا تُحِبُه ، جرت مايا قدميها بتثاقُل بعدما قام هو ببعثرت كرامتِها أما الجميع ورحلت ، عانقت ليلى شمس بقوة وهي تبتسِم في فخر كبير.

"بجد مِش مصدقة إنِك واجهتيه لوحدِك! ، هي دي شمس صحبتي ولا أنا بتخيل؟!".

بادلتها شمس وهي تضحك ونطقت بينما قلبها يرتعِش قليلاً.

"مكدِبش عليكي أنا كُنت مرعوبة وأنا بتكلِم ، بس معرفش قدرت أعمل كِدا إزاي؟ ، كُل اللي فاكراه كلام بدر وهو بيتعاد جوا دماغي ، بإني مينفعش أفضل ضعيفة يا ليلى".

قاطعهُما صوت ورد المرِح وهي تتحدث بسعادة صادِقة.

"براڤو عليكي يا شمس .. حقيقي متوقعتِش تعملي كُل ده بنفسِك".

إبتعدت شمس عن صديقتها ونظرت إلى ورد ، التي بدورِها حاولت الإبتسام وهي تُكمِل.

"أنا أسفة ليكي على الكلام اللي قولته أخِر مرة ، بس كُنت متضايقة وقتها وعصبيتي جت فيكي ، ياريت تسامحيني ونِقرب مِن بعض أكتر؟".

هزت شمس رأسها بالموافقة ، حتى فاجئتها ورد بالإنقضاض عليها مُعانِقة إياها ، في البداية شعرت شمس بـ بعض الغرابة ، فـ هي لم يسبِق لها مُعانقة أحد سوى ليلى وجدتها وسابِقًا والِدها ، ولكِنها رُغم ذلِك لن تشعُر بالنفور ، تركتها تُعانِقها كما تشاء وليلى تُشاهِد في دهشة وسعادة معًا.

•••••••••••••••

كان عابِد يجِلس أمام أحد الضباط ، والذي كان أيضًا أحد أصدقائِه المُقربين ، بعد أن رحب بِه جيداً بدأ عابِد في الدخول في صُلب الموضوع.

"شوف يا أشرف أنا ليا واحِد صحبي بيشتغل طبيب نفسي في مصحى *** لو تسمع عنها ، المُهِم إن هو بطريقةً ما إتحط في جريمة قتل جوا المصحى دي".

إبتسم أشرف بجانبية وإقترب مُريحًا ساعديه فوق المكتب ، كي يستطيع الإنصات إلى حديث عابِد بصورة أفضل ، سرد له الأخر كُل ما حدث ، حتى أنُه قد أخبره بإستعداد شهادة سماح في تِلك القضية ، إستمع أشرف له حتى النهاية ثُم نطق مُسترخيًا.

"بس كِدا؟ ياجدع فكرت الموضوع كبير ، لو زي ما إنت حاكيتلي دلوقت يبقى إطمِن القضية محلولة".

تسائل عابِد عن أهم جُزء في القضية.

"طب وموضوع التقرير بتاع الطب الشرعي ده؟ ، رحيم كان مُضطر يعمِل كِدا عشان يثبت إن ممدوح إتقتل ، هو إتسرع وكان لازِم يبلغنا بس في النهاية النتيجة واحد!".

أومأ أشرف وقام بطمأنتِه.

"فِعلاً النتيجة هي هي .. إنت بس هات التقرير ليا وأنا هتصرف ، أنا هاخُد التقرير ده وأسجِله بتاريخ جديد ، وهيتحط في المحضر كـ مستند رسمي ، وبُكرا هصدِر أمر ضبط وإحضار لـ مُدير المُستشفى وكاظِم وفريدة ، عايزك تطمِن وتطمِن دُكتور رحيم ، العدالة هتاخُد مجراها يا صاحبي".

••••••••••••••••

جلست سماح رِفقة كوثر يُحضران الملفوف للغداء ، بينما الأطفال يلعبون سويًا حولهُم ، كانت كوثر تُراقِبها كـ الصقر وهي تلُف ورق العِنب ، قامت بالتعديل عليها قائِلة.

"يا سماح قولتِلك لف الورق عِنب غير الكرُنب ، التاني بتبرُمية مرة واحدة ، إنما ده لازِم تقفليه كويس عشان ميفتحش في الحلة ويبوظ ، بُصي هوريكي بس ركزي عشان مِش هلِف كتير".

قامت كوثر بتجرِبة لف إصبع أمامِها وفشلت ، حاولت لف إصبع أخر لتفشل مُجدداً ، تحمحمت كوثر وثد شعرت بالحرج الشديد ، فـ بررت وهي تُلقي اللوم على الطعام.

"ورق العِنب ده مِش طازة يا سماح ، بلاها مِنوا بقى .. هاتيلي أقورلِك الكوسة والبتنجان لأحسن تخرُميهُم".

دق الباب فـ ذهب سامي ليفتحه ، وكان الزائِر هو بدر الذي دلف إلى الداخِل ، وعلى وجهه علامات الإستغراب لمعرِفة هوية تِلك السيدة ، لمحت كوثر التسائُل في عينيه ، فـ قالت وهي تبتسِم في مرح.

"تعالى يا بدر سلِم على سماح قريبتنا مِن بعيد .. جاتلي مخصوص عشان تنورنا كام يوم هي وعيالها ، شوفت إخواتك مبسوطين إزاي عشان فيه أطفال غيرهُم".

لم يقتنِع بدر بذاك الحديث ، أي قريبة هذه التي ستبدو بهذا المظهر البسيط ، هل هي الفرع الفقير في عائلة السيدة كوثر؟ ، كما أن شمس لم يسبق لها ذِكر أي شئ عن أقارِب لها ، رحب بدر بِها وطلب مِن كوثر الجلوس بمفردهِما قليلاً.

.....

جلست معه في غُرفة الضيافة وهي تجهل جديته تِلك ، حاول هو بدء حديثه بطريقة مُناسِبة فـ قال.

"أنا جاي أحكيلك عني بصورة أقرب وأعمق ، بس طالِب منِك أيًا كان اللي هتسمعيه عني .. متحكُميش عليا حُكم صعب".

أومأت كوثر وهي تعلم جيداً أن الأتي سيكون غير سار نهائيًا ، قص بدر على مسامِعها ما قاله سابِقًا إلى شمس في الحديقة ، لم يفوت ذِكر أبسط التفاصيل وأصغرها ، يُريد إفراغ ما في صدرِه لها ، كي يستطيع الشعور بالراحة مِن ذلك الثِقل ، أكمل وهو يتذكر باقي الأحداث.

"بعد ما أبويا مات المسؤولية كلها إتحطت فوق كتافي ، كُنت بين الدراسة وبين إني أشتغل في الورشة وبين إني أراعي أُمي ، وكُل ده كان حِمل كبير أوي عليا ، أُمي رقدِت في السرير بعد موت أبويا ، تعبِت جامِد ومقدرِتش تستحمِل غيابه عنِنا ، وأنا مكنش في إيدي حاجة والقضية بتاعتُه إتقفلِت ، سمعت مِن المُحامي إن ناس دفعوا رشاوي عشان ملف القضية ميتفتحش تاني أبداً ، والصدمة التانية إن أُمي كمان إتوفِت بعدها بفترة ، وبقيت أنا وإخواتي اللي عُمرهُم سنتين ، هِنا أدركت إني بقيت الأُم والأب والأخ ليهُم ، بقيت عيلة كاملة وأنا لِسة طالِب في الكُلية ، شغل الورشة مكنش بيكفي أكل وشرب ومصاريف للكلية ومصاريف للطفلين ، حاوِلت أدور على وظيفة تانية تكون بليل حتى لو هطبق فيها".

صمت بُرهة يتذكر ذاك اليوم المشؤوم ، شجعته كوثر ليستمِر وهي تتحدث بهدوء.

"كمِل يا بدر أنا سمعاك".

فرك وجهه بتوتُر خوفًا مِما سيسرده عليها الأن.

"في يوم كُنت راجِع بليل مِن مشوار كِدا ، عديت مِن شارِع كان فاضي وضلمة ، كُنت حابِب أختصِر الطريق ، وهناك شوفت عربيتين واقف قُدامهُم ناس ببِدل سودا شكلهُم مُريب ، وكانوا شايلين سلاح في إيديهم وبيسلموا بعض صناديق خشب كبيرة ، الفضول خلاني أستخبى وأراقِبهُم .. ويارتني ما عملت كِدا ، واحِد مِنهُم قفشني مِن بعيد ، طبعًا معرفتِش أهرب ومسكوني إدوني علقة مُحترمة ، وبعدها أخدوني عند الكبير بتاعهُم .. وهو ده بقى بداية المُصيبة الحقيقية ، اسمه علي .. فضل يسألني أنا كُنت براقِبهُم ليه ، وكان مفكرني مُخبِر تبع البوليس ، ولما إتأكد إني مُجرد شخص فضولي سئ الحظ ، حب يعمل معايا صفقة إن هو مِش هيقتلني مُقابِل إني أشتغل معاه ، مكنش قُدامي حل غير الموافقة ، زائد إنُه عرض عليا فلوس كويسة مُقابل شُغلي ده ، ومِن وقتها وأنا بقيت شِبه دراعه اليمين ، بس الغريب واللي خلاني جيت دلوقتي عشان أحكيلك ، في أخِر عملية ليا كان طالب مني أسلم هيرويين لرجُل أعمال كبير ، وفعلاً قابِلتُه وكُل حاجة تمِت بنجاح ، بس ...".

عقدت كوثر حاجبيها في إنتظار أن ينطِق بِما في قلبِه ، تنهد بدر وقد شعر بالإختناق الشديد.

"رجُل الأعمال ده يبقى هو نفسُه ثروت جوز بهيرة أرملة إبنِك".

لم تنصدِم كوثر عكس ما توقع هو ، بل إرتخت تعابيرها وتسائلت بتركيز.

"وإنت عرفت منين؟".

يجِب عليه الأن الحديث بصراحة أكثر ، لا يوجد فُرصة للرجوع حتى.

"لإن هو خلاني أشتغل معاه في شركِته كام يوم ، وقابِلت هناك بهيرة هانِم .. وبعدها بفترة بهيرة طلبِت مِن شمس تزورها ، بحِجة يعني إنها تعبانة وبتموت وعايزة تشوف بِنتها ، ليلى طلبِت مِن رحيم يروح معاهُم في حين لو حصل حاجة ، بس رحيم كان مشغول يومها وأنا اللي روحت معاهُم ، لو تفتكري كان في اليوم اللي جيت خدتهُم وقولتلِك إنهُم رايحين الكُلية ، لما وصلنا الڤيلا خدت صدمتين .. أولهم إن ثروت هو رجُل الأعمال الفاسِد ، وتانيهُم إن بهيرة تِبقى أُم شمس ، طبعًا لما شافني خاف لأكشِفُه قُدامهُم .. خصوصًا بهيرة ، اللي مِن الواضِح إنها متِعرفش أي حاجة عن البلاوي اللي بيعملها ، ده غير إني إكتشفت مِن كلامي مع السكرتيرة بتاعتُه ، إن هو متجوِزها عُرفي ، أنا لما عرفت مِن شمس إن هو كان السبب الأساسي في حالِتها دي ، قررت إني لازِم أنتقم مِنُه ..".

قاطعته كوثر وهي تطرح سؤالاً قد أتى في رأسِها للتو.

"إنت قولتلي اسم والدك اللّه يرحمُه إيه؟".

رد بدر غير مستوعِب لطرحِها لهذا السؤال.

"رياض شفيق .. بس ليه بتسألي؟".

نظرت هي نحو الأعلى وقد تأكدت مِن شكوكِها.

"الشخص اللي والدك كان شغال معاه وإتوفى يبقى بهجت صادِق .. إبني يا بدر وأبو شمس ، والبِنت اللي باباك كان بياخُد باله مِنها تِبقى شمس ، أنا مِستغربة إنت إزاي مربطتش الأحداث ببعضها وفهمت ده لوحدك؟".

إتسعت مُقلتيه بذهول ولقد إستوعب للتو ، وشعر حقًا بأنه قد كان أحمقًا وبجدارة.

••••••••••

قام أشرف بمهاتفة زميل له في أحد أقسام الشرطة.

"رامي باشا .. عامل إيه يا غالي؟ ، يارب دايمًا بخير كِدا ، كُنت محتاج معاليك تعملي تحري عن كام شخص وتجيبلي قرارهُم ... اسمائهم كاظِم ممدوح وفريدة ممدوح ، أه دول أخوات ، وفيه واحِد كمان اسمه مدحت العربي ، بتقول ايه؟ جُم عملوا بلاغ بإختفاء ابوهم ، طب أنا جايلك نشوف موضوع المحضر ده".

أغلق أشرف الخط وهو يبتسم بسخرية لاذعة ، ونطق يُحادِث نفسه.

"غبائكوا وقعكوا تحت إيديا من غير ما إتعِب نفسي إني أدور وراكوا".

••••••••••••••

عاد الفتيات معًا إلى منازِلهم كادت شمس أن تفتح باب المنزِل ، فـ فُتِح وخرج بدر مِن خلفِه ، نظرت إلى تعابيرة بإبتسامة مُشرِقة ، تود أن تشكُره على تشجيعه الدائِم لها ، تود إخباره عن ما فعلته اليوم مع كامِل ، ولكِن إنطفئ حماسها وتلاشت بسمتها . حينما رأت عينيه حمراء ومنتفخة ، وكأنه كان يبكي منذٌ قليل ، حينما لاحظ بدر نظراتِها هي وليلي له ، طأطأ رأسه للأسفل كي يتلاش عينيها ، وهمس بنبرة حاول جعلها طبيعية.

"حمدالله على السلامة يا بنات ، عملتوا إيه في الإمتحان؟".

ردت ليلى بسعادة لمرور الإختبار على خير.

"الحمدلله يا بدر عدى على خير .. عقبال باقي المواد يارب ، عايزة أتخرج بقى وأخلص".

أومأ بدر في هدوء وقال.

"خير إن شاء اللَّه .. معلِش أنا هسيب سامي وسارة عندكوا وهعدي بليل أخُدهُم ، عندي بس كام مشوار كِدا هخلصهُم على السريع".

وافقت ليلي برحابة صدر.

"من غير ما تستأذِن يا بدر ده بيتهُم ، وأصلاً شمس كانِت لِسة بتقول إنها عايزة تقعُد معاهُم شوية ، خلص إنت مشاويرك وإطمِن عليهُم".

شكرها وهبط الدرج ناويًا الرحيل دلفت ليلي وهرولت شمس خلفه ، لن تتركه يذهب دون أن تعرِف ما الذي حدث ، ولما يتجنبها اليوم هكذا؟ ، نادته بنبرة متردِدة.

"إستنى يا بدر .. عايزة أتكلِم معاك".

توقف مكانه وظل مواليًا ظهره لها ، لا يُريد أن تراه وهو في أضعف حالاتِه ، تشجعت هي وإقتربت لتقِف أمامه وأردفت بـ قلق.

"مالك يا بدر؟ إنت شكلك مِش كويس!".

لم يُعطيها إجابة واحِدة تُريحها ، ماذا سيقول لها؟ والِدك ووالدي قد تم التخلُص مِنهُما؟ ، أم يُخبِرها أن والدي كان يهتم بكي في صغرك ، أم أن زوج والدتِك قد قُمت بالعمل معه ، ولم أكُن أعلم أن هو نفسه من قتل والدي ، لا يعلم كيف ومن أين سيبدأ ، زفر أنفاسه ورد.

"شمس أنا مِش هقدر أحكي دلوقتي ، لو فاضية بليل هبقى أكلمِك وأشرحلِك كُل حاجة".

نظرت نحو أنامِلها وهي تهُز رأسها في صمت ، شعر بدر بخيبة أملِها فـ قال بنبرة حنونة ، كيف يترُكها حزينة هكذا ويرحل؟.

"حاسِس إنك عايزة تقوليلي حاجة؟ أنا سامعِك يلا قولي".

ترددت في البداية بـ أن تُخبِره أم لا ، ولكِن لم تستطيع كبت حماسِها أكثر ، رفعت وجهها له وإبتسامتها تكاد تصِل لأُذنيها ، وبدأت تتحدث بعشوائية وهي تشرح بحركات عفوية مِن يديها.

"إنهاردة قدرت أواجِه كامِل لوحدي ، وكمان مخوفتِش إنُه يأذيني أبداً .. حسيت وقتها إنك .. إنك معايا ، كلامك كان بيتعاد في دماغي طول الوقت ، بدر أنا متخيلتش إني في يوم هقدر أختلط بالناس ، كُل ده بسببك من بعد ربِنا .. بجد شُكراً".

يا إلهي لِما لا يُمكِنه تحطيم جسدِها بين ذراعيه الأن؟ ، أوه صحيح لأنها ليس زوجته بعد ، ولكِن لِما لا يجعلها كذلِك؟ ، أجل سيفعل بالطبع .. ستكون زوجته قريبًا ، ظل شارِداً بِها حتى أفاقته بلمسة لطيفة فوق كتفِه ، تحدث كي يُذيب الفراشات التي تثور داخِل معدتِه.

"أنا فخور بيكي أوي يا شمس بجد ، وكمان اللي إنتي وصلتيلُه ده .. عشان إنتي شُجاعة وإرادتِك قوية جِداً ، هو بس كُنتي محتاجة زقة لقُدام ، يلا إطلعي عشان تيتا كوثر متِقلقش عليكي بقى".

رُغم أنها أرادت الوقوف معه أكثر ولكِنه مُحِق ، قامت بتوديعه وقد وعدها أنه سيعود باكِراً كي يتحدثان معًا ، حينما دلفت إلى المنزِل إستقبلتها جدتها ، وقامت بجرِها نحو غُرفتها بينما هي مُستعجِبه ، وقفت شمس في مُنتصف الغُرفة كالصغير التائِه ، وهي تُتابِع جدتها بينما تعبث أمامها في أحد الرفوف ، حتى أخرجت عُلبة متوسِطة الحجم وقدمتها لها ، وهي تُردِف بإبتسامة.

"بدر ساب الهدية دي ليكي معايا .. إفتحيها يلا".

إلتقطتها وهرولت كي تضعها فوق السرير وتقوم بفتحِها ، لمعت عينيها بـ فرحة كبيرة حينما رأت دُمية دُب مِن الفراء الناعِم ، لونها بنفسجي ودافِئة للغاية ، قامت بمُعانقتها لتشُم رائِحة توت بري تفوح مِنها ، نظرت كوثر داخِل الصندوق ولمحت رسالة بِها ، فـ قالت.

"فيه رسالة كمان مع الدبدوب .. إبقي إقريها عقبال ما أروح أشوف المحشي لأحسن يتحرق".

خرجت وتركتها وحدها لـ تأخُذ الرسالة وجلست فوق الفِراش ، وبدأت في قرائتِها مع بسمة صافية.

"دي هدية أول يوم إمتحان .. أنا عارِف إن سارة أخدِت عروستِك المفضلة ، حبيت أجيبلك الدبدوب ده بدالها ، صحيح ريحة التوت دي عشان كُل ما تشميها تفتكريني ، ملحوظة : الدبدوب اسمُه بنفسِج ، خُدي بالِك مِن بنفسج يا ضيّ الشمس".

لم تشعُر بدموعِها التي تهبِط فوق وجنتيها ، ليست سوى دموع السعادة ، كيف له أن يجعلها سعيدة هكذا بأشياء بسيطة ، عانقت بنفسج الخاص بِها وقررت أن تأخُذ قيلولة ، بعدما ساعدتها رائِحته في الإسترخاء.

•••••••••••••••••

إنتهى.

حبيت أنهي الفصل على مشهد مريح وسعيد ، طبعاً الرواية في النهايات خلاص يعني كلها كام فصل كمان ونودع الأبطال ، عشان كدا هتأخر في تنزيل الفصول الأخيرة ، لإني حابة أكتبها بشكل كويس وتبقى أحسن من اللي قبلها كمان.

سؤال على السريع : مين فيكوا جالوا هدية شبه بنفسج؟.

أشوفكم الفصل الجاي على خير.

هتوحشوني.

وداعاً.

Continue Reading

You'll Also Like

138K 12.5K 45
- أكنت سلطانًا و لست عبدًا؟ قال بابتسام : - و برغم هذا فإني أقسم أنكِ ملكتيني!
4.2K 503 17
نداءٌ لكلِّ صاحبِ موهبةٍ سقاها بماءِ مطرٍ غزير، لكنّها نبتت في وسطِ الظلام. فهيّا أقبلوا وأظهرُوا للنورِ فالنبتةُ لا تزدهرُ إلّا وسط الضياء! 👈الغرس...
633K 103K 72
(يا إيها الناس أتقو الله بالنساء اوصيكم بالنساء خيراً) لم يستوصوا بنا خيراً يا رسول الله لقد كسرو القوارير والافئدة
10.2M 475K 75
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...