بارانويا | «جُنون الإرتياب» (...

By Ahlam_ELsayed

6K 422 2.2K

مُنذ الصِغر ونحنُ نعلم جيداً أن الخطان المتوازيان لا يلتقِيان أبداً ، فـ هل مِن المُمكن أن تتغير تِلك القاعِد... More

♡ إقتباس ♡
الفصل الثاني : إضطِراب
الفصل الثالث : حادِثة صُدفة
الفصل الرابع : غريبًٌ مُصاب
الفصل الأول : البداية
الفصل الخامس : الجانِب الأخر للجميع.
الفصل السادس : هروب.
الفصل الثامن : ليلى تكلمَت.
الفصل السابع : أجواء غير مُعتادة.
الفصل التاسع : كوثر تقلق.
الفصل العاشر : نِزاعات وتغيُرات
الفصل الحادي عشر : شِجارين في آنٍ واحِد
الفصل الثاني عشر : غُموض بين السُطور
الفصل الثالث عشر : بداية البداية
إعتذار بسيط♥ملحوظة الإعتذار قديم
الفصل الرابع عشر : خارِج عن المألوف.
الفصل الخامس عشر : شعور مُختلِف
الفصل السادس عشر : التهور والإندفاع
الفصل السابع عشر : تجمُع عائِلي
الفصل الثامن عشر : فضول أم شفقة.
الفصل التاسع عشر : عاد لـ ينتقِم
الفصل العشرون : هادِم الملذات ومُفرِق الجماعات
الفصل الواحد والعشرون : أشياء جديدة
الفصل الثاني والعشرون : أهُناك أمل؟
الفصل الثالث والعشرون : مِشوار العِلاج
الفصل الرابع والعشرون : ضّي الشمس
الفصل الخامس والعشرون : مأساة.
مهم ♥
الفصل السادس والعشرون : المرض النفسي ليس جنونً
الفصل السابع والعشرون : نبضات
صور تقريبية للأبطال♥
الفصل الثامن والعشرون : إنكشف السِتار
الفصل التاسع والعشرون : لن أترُككِ للظلام
هام🇵🇸♥.
الفصل الثلاثون : عُصفورً جريح.
الفصل الواحد والثلاثون : مرحباً بالمشاكِل
الفصل الثاني والثلاثون : قبل الطوفان بساعات
الفصل الثالث والثلاثون : فضيحة على الملأ.
الفصل الرابع والثلاثون : يومًا لك ويومًا عليك
الفصل الخامس والثلاثون : نُزهة مليئة بالحقائِق
الفصل السابع والثلاثون : بنفسِج برائِحة التوت.
الفصل الثامن والثلاثون : لا مفر مِن الحقيقة

الفصل السادس والثلاثون : سابِق ولاحِق

79 7 37
By Ahlam_ELsayed

{بسم الله الرحمن الرحيم}

' صلوا على خاتِم الانبياء مُحمد ﷺ '

ڤوت + كومنت قبل القِراءة لأستمِر♡.

فضلاً تجاهلوا الأخطاء الإملائية إن وجِدت♥

.
.
.
قراءة مُمتِعة.

___________________

'لا تظُن أنك الأذكى مِن بين الناس ، فلاحِقًا ستُدرِك كم كُنت أحمقًا لا يفقه شئ'.

.............

أصواتًا تعرِفها جيداً تتردد على مسامِعها ، فتحت عينيها بصعوبة وهي تشعُر بتشوش وصُداع قوي قد هاجمها ، تطلعت إلى الوجوه حولها لتجِدهُم جميعًا يُحيطون بِها كالدائِرة ، إبتسمت ليلى حينما رأتها تستفيق لتقول بسعادة.

"أخيراً فتحتي عينيكي .. ده إحنا بقالنا ساعة بنفوقِك".

ساعدتها ليلى كي تعتدِل مِن تسطُحِها فوق العُشب ، مسح بدر قطرات العرق عن جبينه التي نمت بفضل خوفِه الشديد ، خوفِه أن يفقِدها .. وخوفِه الأكبر أن يكون فُقدانِها بسببِه هو ، وكان رحيم هو الوحيد الذي لاحظ ذلِك الخوف ، نطقت شمس بعدما ظلت تفرُك رقبتها بألم.

"إيه اللي حصل؟ أنا مِش فاكرة حاجة".

شهق نوح وهو يتسائل بقلق.

"هي الوقعة أفقدِتِك الذاكِرة ولا إيه؟ ده يبقى سيناريو رائع لفيلم هندي".

قام بدر بلكمِة في معدتِه وهو يصيح بِه في غضب.

"يا أخي إتخرس بقى! فقدان ذاكِرة لما يلهفك".

تأوه نوح ونظر له بغيظ وهو لا يعلم ما الذي قاله خطأ كي يضرِبه؟ ، حاول رحيم الإطمئنان وهو يسألها بهدوء.

"إيه أخِر حاجة فكراها يا شمس؟".

نظرت نحو بدر لتجِده يبتسِم لها بندم على إجبارِها لركزب الدراجة ، رأت الندم داخِل عينيه فأرادت تقليل هذا الشعور لديه ، أجابت بينما تتذكر كُل شئ حدث.

"ركبت العجلة وبعدين معرفش إيه اللي حصل ووقعت؟".

طرح رحيم عليها سؤالاً أخر يود التأكُد مِن شئً ما.

"مفتكرتيش أي حاجة شوشِت دماغِك مثلاً؟".

راجعت ذاكِرتها ومر بداخِل رأسِها ذات المشهد الذي تسبب في تشويشها ، قبل أن تفقِد الوعي وتقع فوق العُشب.

"كلام بدر وهو بيشجعني .. فكرني بكلام بابا زمان وهو بيعلمني أسوق العجلة لوحدي ، حسيت إن المشهد بيتعاد بس الإختلاف الوحيد .. إن مفيش بابا! ، ومِن بعد الذِكرى دي الدُنيا إسودِت قُدامي وفقدت الوعي".

إبتسم رحيم وقال مُطمئِنًا الجميع عليها.

"دي علامة كويسة جِداً على فِكرة ، اللي عملُه بدر ده إتسبب إنُه يخليكي تواجهي ماضيكي قُدامك ومتهربيش مِنُه ، زي صدمة إيجابية ليكي .. هتساعدِك في مشوار العِلاج كمان ، لازِم نكتر مِن المواقِف دي يا شمس ، وفُقدانك للوعي ده شئ طبيعي .. يعني متقلقيش لإنُه هيتكرر كتير الفترة الجاية ، بس عايزك لما تحسي إنِك هيُغمى عليكي متستسلميش وتقاومي".

تنهدت براحة وأومأت مُطيعة لما يُمليه عليها ، هي تعلم أن حديثه مُحِق ، فبعدما حدث اليوم شعرت بعدم خوفِها مِن ركوب الدراجة مرة أُخرى ، وهكذا قد واجهت إحدى مخاوِفها مِن الماضي بكُل شجاعة.

قرروا جميعًا لملمة أغراضهُم والعودة إلي منازِلهُم ، يكفي ما حدث للأن لا يُريدون المزيد مِن المتاعِب.

•••••••••••••

جالِسان في مواجهة بعضِهما البعض ، قد يبدوا الأمر للوهلة الأولى مُجرد غداء طبيعي لزوجين ، ولكِن حينما تستمِر في التدقيق أكثر ستجِد علامات غير سّارة مُطلقًا ، فقد كانت بهيرة تُقطِع شريحة الدجاج بالسكين بحركة بطيئة ، بينما لا تتحرك عينيها عن وجه زوجِها ، تُحملِق بِه بإبتسامة مُريبة تُسبِب له القُشعريرة ، في حين أن ثروت ظل يُراقِب أفعالِها تِلك بعقلاٍ مليئً بالتفكير ، يُفكِر في رسالة المجهول التي تلقاها في مكتبِه ، ومع تصرُفات بهيرة المُثيرة للشك قد تأكد أنها تُخطِط لقتلِه حقًا ، نطقت هي بنبرة هادِئة موتِرة.

"أخبار الشُغل إيه يا ثروت؟".

إرتشف بعض المياه وأجاب جاهلاً المغذى مِن السؤال.

"كُلُه تمام يا حبيبتي .. بُكرا هوقّع مع وفد ياباني صفقة كبيرة أوي ، ياريت تيجي وتحضري الإجتماع معايا عشان تجيبيلي الحظ السعيد".

قهقهت بهيرة دون رغبة ونطقت بينما تنظُر داخِل عينيه بثبات.

"بحِبك وإنت بتغني عليا يا حبيبي .. حقيقي هتخليني أصدقك كِدا؟".

إختنق ثروت بطعامِه وبدأ يسعُل بقوة حتى أصبح وجهه أحمر اللون ، ومازالت هي تُتابِع ما يحدُث بأعيُن ثاقِبة ، هدأ هو قليلاً يلتقِط أنفاسِه وقد شعر أنُه قد أوشك على الموت للتو ، تحدث مُزيلاً قطرات العرق عن جبينه.

"مِش فاهِم تُقصدي إيه بكلامِك ده يا بهيرة؟ ومالِك إنهاردة كِدا بتتصرفي بطريقة غريبة!؟".

مسحت فمها بالمنديل ووضعته فوق الطاوِلة ، ثُم أراحت ظهرِها فوق المِقعد ناطِقة ببرائة مُتقنة.

"ولا حاجة أنا بحِب أهزر معاك يا بيبي! ، المُهِم خلينا في الصفقة بتاعِت بُكرا دي .. قولي الإجتماع هيكون فين وإمتى عشان أجي وأحضر معاك زي ما إنت عايز".

زفر بضيق غير ملحوظ ورد يُريد تشتيتها قليلاً.

"في المطعم اللي جمب الشِركة الساعة واحدة بعد الضُهر".

••••••••••••••••

تركهُم رحيم بعدما قام بإيصالهُم إلى الحارة ، وقام بمُهاتفة صديقه ناويًا السير في خُطتِه ، وبعد أن أنهى مُكالمته مع صديقه أتاه إتصالاً مِن رقمٍ مجهول ، قام بالرد ليأتيه صوتًا أنثوي مُرتعِش وخائِف.

"دُكتور رحيم أنا المُمرِضة اللي قابِلتها إمبارِح في المصحى ، أنا أخدت رقم حضرِتك مِن زميل ليك ، بصراحة أنا شاهدة على موت ممدوح بيه .. وعايزاك تِسمع شهادتي دي ، بس إوعدني إني متأذيش ولا أدخُل السِجن؟ أبوس إيدك أنا عندي عيال يتامى عايزة أربيهُم".

تنهد رحيم بصوتٍا مسموع وطمأنها أنها ستكون في أمان ، ثُم أعطاها عنوانًا ما وطلب مِنها الحضور إليه خلال نِصف ساعة ، بعدما أغلق الخط إتجه نحو سيارة أُجرى وهو مشغول البال شارِد الذِهن ، يتمنى أن يوفِقه اللّه فيما هو مُقدِم على فِعله.

•••••••••••••••••

ذهب بدر رِفقة ليلى وشمس كي يُعيد كلتاهُما إلى كوثر قبل أن تقتُله على تأخير حفيدتها ، بينما رافق نوح ورد نحو منزِلها مُستغِلاً الفُرصة للإنفراد بُها ، فهو لم يستطِع الحديث معها في الحديقة بفضل ما حدث لشمس ، وقفت أمام باب شِقتِها وإستدارت تُطالِعه بعدم فِهم ، تسائلت تدّعي البلاهة.

"فيه حاجة يا نوح؟ مِش وصلتني إتفضل على بيتك يلا!".

أشار نوح إلى الباب المُقابِل لباب منزِلها مُجيبًا بطريقة طفولية عنيدة.

"ما أنا أصلاً واقِف قُصاد بيتي أهو؟".

ليس لديها مزاج للمُزاح معه الأن أو الدخول في نِقاش سخيف ، دقت جرس المنزِل في إنتظار أن تفتح لها والِدتها ، ولكِن لا يوجد أي إستجابة ، تأفأفت وذهبت لتجلِس فوق الدرج المؤدي للأسفل ، وهي تعلم أن والِدتها قد ذهبت للتسوق بالطبع ، تفحصها نوح ثُم تحرك ليقِف جوارِها مُتمتِمًا بنبرة تصِل إليها.

"هو إنتي ومازِن فركِشتوا؟ مِش شايف الدِبلة في إيدك يعني!؟".

نظرت إلى بنصرِها وبالفعِل لم تجِد الخاتم بِه ، عدّلت حجابِها وردت بدبلوماسية كي تُخفي توتُرها.

"لا عادي .. أنا بس نسيت الدِبلة في الحمام لما كُنت بتوضى ، وبعدين وإنت مالك أصلاً؟ مركِز معايا ليه؟".

رفع أكتافه ونطق ببساطة وكأنه يُخبِرها بمدى جوعِه.

"طبيعي أركِز مادام بحِبك وعايز أتجوِزك؟".

ضحكت بسُخرية وهي تُردِف وقد تجمعت الدموع في مُقلتيها ، حينما تذكرت كلِماته الجارِحة لها أخر مرة رأته.

"بتحِب اللي كانت السبب في موت أُختك؟ ، عايز تتجوِز البِنت اللي بتكرهها!؟ ، مِش ده كان كلامك ليا؟".

قرر أن يجلِس جوارِها مُحافِظًا على ترك مسافة بينهُما ، تراجعت هي لنهاية الجِدار كي لا تتلامس معه بأي طريقة ، قام نوح بالعبث بالخاتم الذي يُحيط إصبعه ، ثُم أردف بصراحة تنبُع مِن قلبِه.

"الخاتِم ده كان أخر هدية ياسمين تجبهالي ، عشان كِدا عُمري ما قلعتِه مِن إيدي ، إنتي كُنتي أقرب حد ليها في الدنيا يا ورد .. يمكن كمان كُنتي أقرب مني أنا شخصيًا ، منكِرش إن قُربك مِنها كان ساعات بيخليني أغير ، مكُنتِش فاهِم ليه ياسمين متقربش مِني أنا أخوها بدال ما تِلجألِك؟ ، جايز أنا لومتِك كتير على موتها .. وجايز إتهمتِك إنِك لو مكنتيش خبيتي علينا كان زمانها عايشة دلوقتي ، بس كُل ده غلط مني وأنا مُعترف إني غلطان ، ياسمين ده كان قدرها المحتوم .. محدش كان هيقدر يغير فِكرة موتها ، حتى لو كُنت إتدخلت برضُه مكُنتِش هقدر أنقِذها مِن الموت ، مصيرها كان مِترتِب مِن البداية ، بس حُزني الشديد على فُراقها خلاني أقتنِع بحاجات مِش صح ، ظلمتِك كتير أنا عارِف .. حطيت حُبي ليكي تحت التُراب ودفنتُه ، عشان إقتنعت إني مينفعش أحِب البِنت اللي سابِت أُختي تموت كِدا ، والكلام اللي سمعتيه أخر مرة مني ده .. كُنت بحاوِل أبعدِك بيه عني وأخليكي تكرهيني ، بس مِش عشان أنا كارهك زي ما قولتِلك لأ ، عشان فِكرة جوازي مِن سُكينة كانِت لازِم تِحصل ، ومحبِتش أشوفِك يوم كتب كتابي عليها موجوعة بسبب حُبِك ليا ، مستحملتِش فِكرة إني ألمح دموعِك نازلة بسببي تاني زي ما شوفتِك عند محِل المجهورات".

صمت لا يجِد المزيد مِن الجُمل كي يُصارِحها بِها ، لقد أفصح عن كُل ما كان يُخفيه عنها لسنوات ، نظرت ورد بعيداً وهي تتذكر حادِثة وفاة أفضل أصدقائِها وشقيقتها كما كانت تُطلِق عليها.

"ياسمين لما إتعرفت على البِنت اللي اسمها شذى دي .. أنا حذرتها مِنها كتير ، قولتِلها إن شكلها مِش مظبوط وإن تقريبًا كُل الجامعة بيتكلموا عنها ، بس هي كان ردها إني أدي لشذى فُرصة وجايز الكلام اللي بيتقال عليها يكون مُجرد إشاعات ، وافِقتها وصاحِبنا شذى فترة .. أنا من ناحيتي مقدِرتش أرتاحلها أبداً ، دايمًا كان جوايا صوت بيحذرني مِنها ، لغاية ما في يوم لقيتها واخدة ياسمين وقاعدين وِسط شِلة شباب وبنات وضِحكُهُم جايب لأخر المُجمع ، بعد ما رجعنا البيت خدت ياسمين على جمب وحذرتها إن الشِلة دي مِش كويسة ، وإن وجودها بينهُم هيضُر بسُمعِتها في الأخِر ، كمان هدِدتها إنها لو مبعدِتش عنهُم هاجي وأعرفك وإنت تتصرف معاها ، تخيل وقتها قالتلي إيه؟ قالتلي إنتي غيرانة مِن قُربي مِن صُحاب غيرك ، وإتهمتني إني أنانية وعايزاها تِبقى صاحبتي أنا بس ، كمان قالتلي إني لو جيت وقولتِلك هتكدبني قُدامك وهتخليك متصدقنيش ، بعد ما سمعت مِنها قررت أسيبها تخوض التجرِبة كُلها ، قولت ليه متبقاش هي صح والناس دول فِعلاً كويسين وأنا اللي بتخيل ، بس يارتني ما سِبتها .. يارتني كُنت جيت وحذرتك حتى لو كانِت هي هتكرهني بعدها ، بس على الأقل كُنت عملت حاجة ريحت ضميري دلوقتي ، ومِن بعدها حصل اللي حصل وشذى في سهرة مِن سهراتهُم ، أجبرِتها تتعرف على واحِد مِن الشباب وزي ما إنت فاهِم بقى ، بعدين لما حسيت إن ياسمين مبتجيش الكُلية وبتتهرب مني لما بشوفها ، قررت اتكلِم معاها وحكتلي كُل حاجة وهي بتعتذِر إنها كدبتني ، وعدتها إني هساعِدها لحد ما الحيوان ده يترمي في السِجن ، وقولتِلها لازِم أهلِك يعرفوا عشان يساعدونا ، بس هي رفضت إنكُم تعرفوا .. كانت خايفة مِن ردود أفعالكُم ، وأنا مقدِرتش أساعِدها زي ما وعدتها .. وهي إنتحرِت وسابتني بعاني مِن بعد موتها ، عارِف يا نوح أنا فيه فترة كان رحيم بيعالجني نفسيًا فيها ، كُنت بصحى كُل يوم على كوابيس وأحلام مُرعِبة ، ولحد الأن مِش قادرة أتخطى عدم وجودها معايا ، بُعدها وجعنا كُلِنا وساب جوانا أثر صعب يتمحي".

هبطت دِمعة يتيمة مِن عينه فقام بإزالتِها سريعًا ، كانت ورد تبكي بجوارِه بحُرقة وقد تذكرت كُل شئ حدث ، عاد إليها شعورها بالندم مِن جديد ، تسائل نوح في محاولة للسيطرة على رغبتِه في مسح دموعِها الثمينة.

"تعرفي اسم الحيوان اللي عمل فيها كِدا؟".

هدأت قليلاً كي تعصُر ذاكِرتها لتحصُل على هوية ذاك الشخص الحقير ، أجابت بعد بُرهة مِن التركيز.

"متهيألي كان اسمُه مُنير رشوان حاجة شبه كِدا ، بس بتِسأل ليه؟ ده المفروض إتخرج مِن الكُلية مِن سنتين فاتوا؟".

قام نوح بتكرار الاسم داخِل عقلِه ثُم صاح بغضب غير مُصدِقًا صدمته.

"مُنير رشوان!! إنتي مُتأكِدة مِن الاسم ده يا ورد؟".

إعتدلت وهي تراه قد بدأ يثور فأكدت على حديثها بإماءة صغيرة ، شد نوح فوق خُصلاتِه بعنفوان وهو يهتِف ولازال لا يستوعِب ما أيقنه للتو.

"ده كان واحِد مِن اللي سُكينة تِعرفهُم وعرفتني عليه في تجمُع لينا ، بس مشوفتوش غير مرة واحدة .. مِن بعدها سمعت إنُه سافِر وساب البلد ، يعني أنا حطيت إيدي في إيد اللي عمل كِدا في أُختي؟ ، أنا مِش قادِر أصدق اللي بيحصل!".

حاولت هي إعادته إلى صوابِه قبل ان يفقِد عقله نابِسة.

"بس أسمع إن ابوه رشوان بيه موجود في مصر ، عن طريق ابوه هتِقدر ترجع مُنير .. وأنا مُستعِدة أساعدك في ده؟".

أعجبته فِكرتها ولكِنه رفض إشتراكِها معه في هذه الأمور.

"لا يا ورد إنتي مِش هتساعديني ولا حاجة ، أنا مِش مُستعِد أخسرِك إنتي كمان .. كفاية نُص قلبي راح ، مِش هقدر أسيب النُص التاني يروح بسبب إنتقامي".

أتاهُم صوت ماجدة التي أتت رِفقة هالة مِن السوق ، وهُم يحملون الكثير مِن الأكياس البلاستيكية.

"إنتقام؟ مين هينتقِم لمين يا نوح؟".

هكذا تسائلت ماجدة وقد إلتقطت أخر كلِمة قالها نوح فقط لتستغرِب ، وقفت ورد بفزغ خوفًا أن تكون والِدتها قد إنصتت لحديثهُما ، ضحك نوح بمرح عكس ما كان عليه منذٌ ثوانٍ قليلة.

"مفيش أنا كُنت بحكي لورد إزاي إنتقمت مِن سُكينة وعلِمتها الدرس وكِدا".

أومأت ماجدة بعدم إقتناع ، هبط نوح يلتقِط الأكياس مِنهُما ، قامت ورد بأخذ مِفتاح المنزِل مِن والِدتها ودلفت ليُعطيها نوح الأكياس غامِزاً لها وهو يهمس بنبرة خفيضة.

"رني عليا بليل ضروري".

هزت رأسها بموافقة ودلفت والِدتها وأغلقت الباب خلفها.

•••••••••••••••

وبعد الكثير والكثير مِن التبريرات والإعتذارات للسيدة كوثر ، تقبلت في النهاية أسباب تأخير حفيدتها لأكثر من ساعتين ، كما وعدها بدر سابِقًا ، وتجنب إخبارِها بأمر فُقدان شمس لوعيها هُناك ، حتى لا يتسبب في زيادة قلقِها وخوفها عليها ، قبل أن يهُم بالرحيل قام بسؤال ليلى إذا كانت ستعود إلى منزِل خالتِها أم لا.

"متشغِلش بالك أنا كلِمت زوزة وعرفتها إني مِش هرجع على هناك ، المُهِم إنت روح لإخواتك زمانهُم قلقانين مِن اللي حصل إنهاردة".

أومأ لها وتوجه إلى الباب حتى أوقفته شمس مُناديةً إياه ، توقف مُنصِتًا إليها بإهتمام ، أخلت حلقها قبل أن تتحدث بينما تنظُر نحو أقدامِها ، تجِد صعوبة في التحديق إليه مُباشرة بعدما تعرضت له أمامه.

"أنا .. حبيت يعني أقولك إني كويسة ... عشان حسيت إنك ندمت لما خلتني أسوق العجلة لوحدي ، إطمِن دي يمكِن تكون أول مرة أحِس إني حُرة ومِش خايفة مِن الذكريات ، وده كُلُه بفضلك .. إنت".

شرد في كُل ما يخُصها رُغمًا عنه ، تحرُكها مكانِها بخجل وهي تتحدث معه ، وجهها الذي لا يظهر مِنه شئ بفضل طأطأتِها لرأسِها ، نبرتها المهزوزة والمُنخِفضة قليلاً ، حتى قِصر قامتِها نِسبةً إليه هو من يمتلِك طولاً مهيبًا ، لم تجِد مِنه إستجابة فرفعت عينيها تتفحصه ، ظنًا مِنها أنهُ قد تجاهلها ورحل ، لتتفاجئ بوقوفِه أمامها وأنظارِه تلتهِمها دون رحمة ، قطعت ليلى تِلك الأجواء فمهما كان ليس مِن الصحيح وقوفهُما معًا أمام الباب هكذا.

"شمس يلا عشان نِلحق نراجِع للإمتحان بتاع بُكرا؟".

شعر بدر بالحرج ولكِنها مُحِقة في النهاية ، لقد جاء هو وقام بتعطيل كلتاهُما عن الدِاسة للإختبار ، قام بالإعتذار على ذلِك وفر هارِبًا نحو منزِله.

بعد رحيلة جلست هي تدرُس رِفقة صديقتها حتى سقطت نائِمة دون أن تشعُر.

••••••••••••••••

وصلت المُمرِضة والتي تُدعى سماح ، إلى العُنوان الذي أملاه رحيم عليها كي تأتي إليه ، كُل ما وجدته كان عبارة عن مبنى فخم متكون مِن طوابِق كثيرة ، هي لم ترى مِثله سوى في الأفلام فقط ، قامت بالإتصال بِه حتى تُبلِغه بوصولِها ، فكان رده كالتالي.

"إدخُلى العمارة وخلي الحارِس يطلعِك الدور العاشِر عند الأستاذ عابِد الصياد المُحامي ، هتلاقيني مستنيكي فوق".

نفذت تعليماتِه كما أمرها وهي لا تدري ماذا يُريد أن يفعل معها ، ولِما قام بإحضارِها لمُحامي الأن؟ ، وقفت في الطابِق العاشِر ليُشير لها الحارِس على لافِتة كبيرة ، موضوعة فوق أحد الأبواب وتُنير باسم عابِد الصياد.

"ده مكتب عابِد بيه إدخُلي وإسألي عنُه السكرتيرة".

تركها الحارِس وعاد إلى مناوبتِه كمان كان ، لم تكد تصِل إلى الباب حتى وجدت رحيم يستقبِلها نحو الداخِل.

"أهلاً يا سماح نورتي المكان .. إتفضلي متخافيش".

أرادت إخباره أنها تموت مِن القلق الأن ، حافظت على هدوئِها وهي تتبعه نحو الداخِل ، كان المكان واسِع ذو مساحة شاسِعة ، يوجد مكتب في غُرفة الإستقبال بِه عامِلة إستقبال ، وبعض الأشخاص من ذوي الطبقة المُخملية ، يبدو عليهم الثراء بشكلاٍ واضِح ، ينتظِرون دورهُم للدلوف إلى ذاك المُحامي ، مرت مِن خلال ممر طويل يُنير بالعديد مِن الأضواء البيضاء ، حتى وصل كلاهُما أمام باب كبير مكون من جُزئين مِن الخشب الصلب ، قام رحيم بفتحِه لتجِد شاب في مُقتبل العُمر ، يستقبِلها بحفاوة وبسمة يافعة ، لقد ظنت أنها ستجِد رجُلاً في الخمسون مِن عُمرِه يجلِس هُنا؟ ، لم تتخيل أن كُل هذا الثراء لشاب لم يتخطى السابِعة والعشرون!.

"أهلاً وسهلاً يا مادام سماح إتفضلي المكان مكانِك ، طبعًا بعتذِر ليكي لو جبناكي كِدا فجأة .. بس دُكتور رحيم حكالي عن بعض الأجزاء مِن القضية ، أنا دلوقتي حابِب أسمع منِك إنتي .. الأول إرتاحي وقوليلي تحبي تشربي إيه؟".

وبعد أن إحتست سماح البعض مِن قهوتها ، إنتظرت أن يتحدث أحدهُما ويُفسِر لها سبب وجودها هُنا ، تكفل عابِد بشرح الموقف لها بكُل هدوء.

"في البداية مِش عايزك تقلقي مِن وجودِك هِنا ، إحنا كُل اللي عايزينُه منِك تحكيلنا اللي حصل يوم وفاة ممدوح في المصحى ، أنا مُحامي وهمسِك القضية دي .. ولازِم أفهم تفاصيلها عشان نِقدر نِحلها بأقل الخساير؟".

تذكرت سماح ذاك اليوم الذي هي هِنا الأن بسببِه ، أردفت وقد أرادت إزالة الذنب عن صدرِها.

"يوم الحادثة ممدوح بيه كان صوت زعيقُه عالي جِداً ، واحِد مِن الدكاترة طلب مني أدخُل معاه عشان نِعرف سبب إنفعالُه ، كان في وِسط زعيقُه بيسأل عليك يا دُكتور وبيطلُب يشوفك ، ومكنش راضي يستجيب للدُكتور ولا ليا ، حاوِلنا نهديه كتير بس كان رافِض تمامًا ، لدرجة إنُه بدء يأذي نفسُه ويخبط جسمُه في الأرض ، إضطرينا نستدعي المُدير يتعامِل هو معاه ، بس ياريتنا ما إستدعيناه .. أول ما دخل ممدوح هاج أكتر وبدء يشتم فينا كُلنا ويبُص للمُدير بغضب كبير ، فالمُدير وقتها أمرنا نكتِفُه في السرير وطلب مِن الدكتور اللي معانا يديلُه نوع مُخدِر أنا مسمعتِش اسمُه كتير في المصحى ، بس كان باين إن الدُكتور قلقان ومُتردِد ، لما المُدير أصر عليه نفِذ كلامُه فِعلاً ، وتاني يوم لما روحت أوديلُه الأكل و أطمِن عليه ، لقيتُه مبيتنفِسش ووِشُه مفيهوش دموية ، خوفت وبلغت المُدير فوراً .. وقتها إكتشفنا إنُه مات مكانُه لإنُه مستحمِلش قوة المُخدِر ، وطبيعي المُدير هددني لو حد في المصحى عرف إن ممدوح مات بسبب كِدا .. هيأذيني أنا وعيالي وهيلبسنى التُهمة كُلها ، إتجبرت إني أسكُت .. بس واللّه سكتت غصب عني ، أنا حياتي هُما عيالي .. لو جرالهُم حاجة بسببي هموت وراهُم".

مسح رحيم جبينه وهو يستمِع إلى موت ممدوح بالتفصيل ، لقد شعر أن هذا الرجُل مِثل والِده ، وفُقدانه بعدما وعده أن يُخرِجه مِن المصحى ، قد زاد ألمه أضعافًا مُضاعفة ، والأدهى أن من تسبب في موتِه ينعم بحياة هانِئة غير عابِئ بقتلِه لروح مِثله ، كأنه لم يرتكِب أبشع الجرائِم في حق نفس بريئة لا حول لها ولا قوة ، لاحظ عابِد تخبُط صديقه وحُزنِه مِن تغيُر تعابيره ، فتولى سؤال سماح بدلاً عنه.

"طيب وإنتي ليه وافقتي تتكلمي دلوقتي يا سماح؟ ، مع إن تهديد المُدير ليكي أكيد مازال مُستمِر!؟".

أومأت تؤكِد ما قاله بينما تُجيب وهي تبكي بقهر.

"أيوه ده حقيقي أنا لِسة المُدير بيهددني بعيالي ، بس خلاص أنا مِش قادرة أسكِّت ضميري عن اللي حصل ، وقولت لازِم أجي وأحكي لدُكتور رحيم كُل حاجة وهو أكيد هيساعدني ، خصوصًا بعد ما .. بعد ما عرِفت إن المُدير مقتلش ممدوح بيه مِن غير قصد ، الموضوع كان مترتِب مِن البداية بأمر مِن الشياطين ولادُه كاظِم وفريدة".

وكأن صاعِقةً قد مرت فوق رحيم وأصابته ، إنتفض ليقِف وهو يسألها راغِبًا في توكي ما قالته تواً.

"بتقولي إيه؟ يعني فِعلاً عيالُه كانوا مجهزين لقتلُه؟ ، زي ما توقعت بالظبط ".

حاول عابِد جعله يهدأ وهو ينطِق بتعقُل.

"إهدى يا رحيم أنا أول مرة أشوفك مُنفعِل كِدا ، لو كلام سماح طِلع صح يبقى خلاص إعتبِر القضية محلولة".

إستنشق رحيم أنفاسِه رويداً كي يستعيد تركيزه ، في النهاية هو طبيب نفسي ويجب أن يُسيطر على إنفعالاتِه مهما حدث.

"طب وتقرير الطِب الشرعي يا عابِد؟ أنا لِسة قايلك إني شرّحت الجُثة مِن غير إذن نيابة ، وأكيد مِش هيقبلوا التقرير مادام مفيش موافقة مِن الورثة ، وأنا هروح في داهية .. والراجِل اللي مات دمُه يروح هدر!؟".

تنهد عابِد وهو يعلم أن صديقه كالطير الجريح الأن ، يود الإنتقام لممدوح بأي طريقة ، وهو يُقدِر غضبه وثورانِه الأن.

"يا رحيم هو أنا مُحامي ولاّ جارسون قُدامك؟ ، قولتِلك لو على التقرير ده فمتِقلقش هيفضل معايا ، وعشان نمشيها قانوني أنا هروح بُكرا بنفسي أقدِم التقرير ده للنيابة ، وهناك فيه ناس حبايبي كتير هيساعدوني ، ومادام الموضوع بقى إشتباه في جريمة قتل .. يبقى لازِم الجُثة تتشرح حتى لو بدون موافقة الورثة ، يعني متِقلقش مُمكِن خلال يومين أسجِنهُملك كُلهُم ، أهم حاجة دلوقتي يا سماح تكوني جاهزة للشهادة في المحكمة باللي شوفتيه؟".

نفت سماح بهلع مِن مُجرد فِكرة وقوفها داخِل دار القضاء.

"لا يا باشا إلا أنا .. إنتوا طلبتوني أحكي ليكُم وقولت كُل اللي حصل ، إنما محكمة وشهادة ومشاكِل .. إعفيني أبوس إيدك ، كاظِم بيه أو فريدة هانِم لو بس شمّو خبر إني أنا اللي فضحتُهم هيقتلوني".

رد رحيم دون تفكير فقط لا يرغب في فُقدان شهادتِها.

"إنتي في حمايتي يا سماح .. بُصي أنا مُستعِد أخدِك إنتي وعيالك تِفضلوا في مكان أمان ليكم لحد ما القضية دي تنتهي ، وأوعدِك محدِش هيقدر يهوِب ناحيتك ، بس إنتي كمان إوعديني تشهدي ونودي الملاعين دول في داهية؟ مِش عايزة تريحي ضميرك يا سماح؟!".

وبعض القليل مِن التفكير في الأمر ، هزت رأسِها بموافقة على إقتراحه ، فهي إن لم تشهد وعادت نحو منزِلها بالتأكيد سيصِلون لها وينتقِمون مِنها ، لِذا فإن ءأمن شئ هو الإختباء لحين إنتهاء الأمر.

••••••••••••••••••••

إنتهى.

كُل عام وإنتُم بخير ورمضان كريم عليكم ، فصل خفيف بعد غياب طويل ، ياريت الفصل تقرأوه بتمعن واللي واقع منه حاجة في الأحداث يعرفني.

أشوفكُم على خير في فصل جديد.

وداعاً.

Continue Reading

You'll Also Like

1.8K 122 19
(مكتملة)..معايير المجتمع تجبرنا دائمًا على فعل أشياء كثيره لا نُريدها، خاصةً النساء، فالمجتمع لا يرحم الأنثى ويرونها مخطئه دائمًا حتى وإن كانت على حق...
1.3M 123K 36
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...
2.7M 189K 58
كان عالقًا في مستنقع سحبه للأعماق، حتى باتت يداهُ مُلطخة بالدماء، يقتل ضحيته بلا رحمة؛ للثأر مِمن كانوا السبب في قتل شقيقه ومرض والدته، حتى لُقِب بـ«...
770K 32.6K 87
مريض حُكِمَ عليه بعيش الازدواجية فى كل شىء ، إلى أن قابلها، منحته قلبها رغم معاناتها السابقة ولكنه رفض البوح بماضيه، عانت معه الى أن أعترف بحبه وهنا...