عودة فاينا

Da Medusa_Morae

2.8M 117K 55.5K

"هل تعتقد أنك قوي لمحاربتك بعض البشر؟.. فقط جرب محاربة أفكارك مثلي" -فاينا فيدور نيكولاييف. ♠ ♠ ♠ ♠ ♠ ♠ في عا... Altro

الشخصيات الرئيسية
الفصل الأول "كوابيس"
الفصل الثاني "الأمل الضائع"
الفصل الثالث "خيبة أمل"
الفصل الرابع "الحفل"
الفصل الخامس "ترحيب مبهر"
الفصل السادس "باعت جسدها؟"
الفصل السابع "ال DNA لا يصنع العائلة"
الفصل الثامن "رصاصة!"
الفصل التاسع "إيما!؟"
الفصل العاشر "لما لا ننم سوياً؟"
الفصل الحادي عشر "مشاعر مبعثرة"
الفصل الثاني عشر"الحقيقة"
الفصل الثالث عشر "وغد متملك لعين"
الفصل الرابع عشر "ميت لا محالة"
الفصل الخامس عشر "قاتلة رحيمة؟"
الفصل السادس عشر "صفعة"
الفصل السابع عشر "بيتروڤ إيجور"
الفصل الثامن عشر "قُبلة"
الفصل التاسع عشر "موعد غرامي مع المافيا"
الفصل العشرون "غيرة قاتلة"
إقتباس "الوداع يا حبي"
الفصل الواحد والعشرون "عاهرة"
الفصل الثاني والعشرون "فضيحة؟"
الفصل الثالث والعشرون "جاسوسة؟"
الفصل الرابع والعشرون "مكر أنثى"
الفصل الخامس والعشرون "آل نيكولاييف"
الفصل السادس والعشرون "مارسيل؟"
الفصل السابع والعشرون "ظـل القمـر"
إقتباس "القاعدة رقم واحد: لا تثق بأحد"
الفصل الثامن والعشرون "هروب مُرتجل"
الفصل التاسع والعشرون "كريستوفر فونيكس"
الفصل الثلاثون "طباخ السم يتذوقه"
الفصل الحادي والثلاثون "هدوء ما قبل العاصفة"
إقتباس "لأني وقعت بحبك..."
الفصل الثاني والثلاثون "إبتزاز عاطفي"
الفصل الثالث والثلاثون "فقط لأجلك"
الفصل الرابع والثلاثون "تملك مُخيف"
الفصل الخامس والثلاثون "كـارثـة!"
الفصل السادس والثلاثون "الوجه الآخر"
الفصل السابع والثلاثون "كـرم فريـد مـن نوعـه"
الفصل الثامن والثلاثون "نبش في المـاضي"
الفصل التاسع والثلاثون "صداقة بنكهة الموت"
الفصل الأربعون "أخوية المُسوخ"
الفصل الواحد والأربعون "كراسيفا"
الفصل الثاني والأربعون "هدية وكرم ضيافة"
الفصل الثالث والأربعون "فريا سوليفان"
الفصل الرابع والأربعون "صلاة وتضرع للرب"
الفصل الخامس والأربعون "هدية ثمينة للغاية"
شروط الفصول...
الفصل السادس والأربعون "ذكريات ضائعة"
الفصل السابع والأربعون "آباء وقسم الدماء"
الفصل الثامن والأربعون "بيكاسو ولوحة المعاناة"
الفصل التاسع والأربعون "أساطير الموت وعرش الدماء"
الفصل الخمسون "فاينا فريدريك فونيكس"
الفصل الواحد والخمسون "عباءة الفجور وعدالتها المُلتوية"
الفصل الثاني والخمسون "عقدة الذنب ونذر بالهلاك"
الفصل الثالث والخمسون "رفاهية الموت والسراب الملعون"
الفصل الرابع والخمسون "الجراند ماستر"
اقتباس من الفصل القادم 🤍
الفصل الخامس والخمسون "لعنة الأفكار التي لا تموت... أبدًا!"
أين يمكن ايجادي 🤫🤗
الفصل السادس والخمسون "قتل ثلاثة طيور بحجر واحد!"
إقتباس "لقد فقدت نفسي.."
الفصل السابع والخمسون "دموع في الظلام"
إقتباس من الفصل القادم.. "فن مواساة الزوجة ١٠١"
الفصل الثامن والخمسون "الخيانة تجري في الدماء"
الفصل التاسع والخمسون "في ظل الضغائن القديمة"
إقتباس من الفصل القادم... "إنه ملكي"
الفصل الستـون "مائدة من الجحيم"
الفصل الواحد والستون "في غياهب الماضي"
الفصل الثاني والستـون "غـرام القـديس"
الفصل الثالث والستـون "سيمفونية الرغبة والمـوت"
إلى قرائي الأعزاء... يكفي!
الفصل الرابع والستـون "العنقاء والغرفة الحمراء"
إقتباس من الفصل القادم - كأس الغيـرة
الفصل الخامس والستون "جنون على حافة النصل"
إقتباس من الفصل القادم.. "عصير التفاح"
الفصل السابع والستون "نذير بالرحيل"
الفصل الثامن والستـون "الاسم ألكساندر.. حامي العائلة"

الفصل السادس والستون "مناورة الأشقاء"

20.3K 1.2K 1.1K
Da Medusa_Morae

لا تنسوا أشقائنا الفلسطينيين والسودانيين من دعائكم 🫶🏻❤️🥹

*شروط الفصل وهي انه يوصل لـ ١٠٠٠ تصويت و ١٠٠٠ تعليق*

فصل 7921 كلمة صافي بدون حسب الفواصل بين المشاهد ❤️

هاتوا أي مشروب ساخن تحبوه وأستمتعوا بالقراءة ومتنسوش التعليق بين الفقرات ❤️

هتلاقوني علي تيك توك واليوتيوب باسم: Medusa_Morae
وعلي تيليجرام وفيسبوك باسم: روايات نرمين عصام
وعلى انستاجرام: Medusa.Morae

من فيديوهاتي على اليوتيوب
↓↓↓↓↓

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

إذا جاءك الطوفان، فلا خيار أمامك سوى أن تضع صديقتك أسفل قدميك.. أليس كذلك؟؟
-نرمين عصام

{في أحد المناطق النائية بموسكو؛ روسيا… تحديدًا بطريق مجهول مهجور منذ زمن بعيد}

"مرحبًا مارك.. كيف حالك يا أخي؟" سألته ذلك بهدوء، مع ودية مختبئة بين نغمات صوتها الهادئة.. وتوقعت منه أن يرد بحماسة وود، مع العتاب على غيابها، والتوبيخ على اختفائها دون أن تودعه، لكن قد تم خرق سمعها بلهجته المنخفضة غير المتزعزعة وهو يقول لها من العدم:

"اتركينا من حالي وحالك، وأخبريني لماذا لم تُخبرينني بهذا الأمر منذ البداية؟"

شيء ما في لهجته جعلها تقف منتصبة في ترقب.. كما ظلت صامتة للحظات، وهي تحاول فك شفرات تلك الجملة الغريبة التي نطق بها مارك بغتًة منها، فمن المؤكد أنها لم تكن بحاجة إلى أن يخبرها أحدًا أن هناك سرًا ما قد تم الكشف عنه على يدي مارك، لذلك تسابقت الأفكار في ذهنها.. تحاول معرفة أين أخفقت في تصرفاتها، فهي لا تعرف، ربما لأنها واجهت الكثير في غضون أيام قليلة، ربما تكون أخفقت في شيء ما، مما أدى إلى انكشاف شيء ما..

والسؤال هنا ما الذي انكشف؟

حاولت التفكير في تصرفاتها في الفترة الأخيرة، تُراجع خطواتها خطوة تلو الأخرى بسرعة البرق، لكنها لم تستطع أن تضع يدها حيث موقع الخطأ في أفعالها، فقررت أن تلجأ إلى عذر الجهل بما كان أخيها يتحدث عنه، لعلها تكتشف من خلال محادثته التالية ما يعنيه بهذه الكلمات، فأخذت نفسًا طويلًا وعميقًا لتهدئة عقلها من تلك الأفكار المتصارعة وقلبها حيث كان يتواثب بسرعة جنونية، قلبها الذي لم ينبض بهذه السرعة عندما تلقت هدية جميلة من رؤوس بشرية وأحشاء ودماء، قلبها الذي لم يخاف من أي شيء منذ سن العاشرة بعد تلك الليلة المشؤومة.. اليوم كان يرتعش قلبها خوفًا داخل ضلوعها مما قد يكون أكتشفه مارك..

كل تلك الأفكار لم تستغرق سوى بضع ثوانٍ، قبل أن تلعق شفتيها، وتتحدث بنبرة هادئة ورزانة مدروسة: مارك، ما الذي تتحدث عنه؟ ما الذي لم أخبرك به؟

لقد طرحت السؤال بنبرة كان من الواضح بها أنها لا تفهم ما يحدث، رغم أنها تفهم ما يحدث، لكن هكذا كانت فانيا نيكولاييف.. حتى في نبرة صوتها يمكنها الكذب!

لكن عندما طرحت ذلك السؤال الذي ينم عن جهلها، ساد الصمت على الجانب الآخر من المكالمة، حيث كان مارك الذي لم ينطق بكلمة أخرى، مما جعلها تنظر إلى المحيط من حولها في محاولة لنسج كذبة جديدة تكون حاضرة عندما يخبرها بما يرمي إليه بحديثه هذا.

و بتنهيدة عالية اخترقت أذنيها من صمت المكالمة، جاءها صوت مارك العميق: أنتي تعرفين ما أتحدث عنه، فاينا.

ورغم نبرة صوته الهادئة، إلا أنها كانت تحمل وراءها معنى ما، وهو معنى لم تستطع أن تضع يدها عليه لتفهمه، بل ربما لم تستطع فهم معنى سؤاله أو ما الذي قد يكون اكتشفه، لكنها كانت تعرف بالضبط ما كان يفعله مارك في تلك اللحظة.. لقد كان يحاول إقناعها بقول شيء ما.. لكن ماذا لو قالت شيئًا ثم اكتشف أنه يقصد شيئاً آخر؟ فهل ستكشف بنفسها أحد أسرارها عن طريق الخطأ في تلك المكالمة؟ هل ستقع في شرك حيل أخيها؟! تلك الألاعيب التي كانت تحيكها بداخل وخارج قاعات المحكمة من أجل تحقيق أهدافها. . فلو وقعت في ذلك الفخ الواهي اليوم لما استحقت أن تكون في منصبها اليوم كمحامية قبل أن تكون امرأة في المافيا!!

لكن مارك لا يعرف عنها كل هذا وتحديدًا ارتباطها بعالم المافيا.. لذلك لا تحتاج إلى التفاخر بذكائها وفطنتها أثناء حديثها مع شقيقها الذي يتهمها بشكل غامض بشيء غير واضح.. كل ما عليها فعله هو أن تستمر في التظاهر بالجهل وعدم الفهم حتى يتحدث هو عما اكتشفه، ومن ثم ستفكر فيما يمكن أن تقوله له.

"عذرا مارك، ولكنني لا أعرف حقًا ما الذي تتحدث عنه" أجبته بهدوء شديد قبل أن تواصل بنبرة ممزوجة ببعض القلق المقصود في كلماتها التالية: هل يمكنك أن تخبرني ما الأمر؟ فلقد بدأ يُخالجني التوتر.. هل حدث شيء ما لوالدينا؟

ومرة أخرى، كان جواب مارك عليها هو الصمت.. سحبت نفسًا خافتًا من بين شفتيها المفترقتين وهي تمسح فمها وذقنها بأصابعها في انتظار رده.

هي لم تكذب في الجملة الثانية.. في الواقع، أصبحت متوترة بسبب ذلك الصمت الغريب الذي تعمد مارك فعله كلما ردت عليه، وكأنه يخبرها بصورة ضمنية "حقًا؟؟".. ذلك الصمت الذي يجعل الإنسان يشعر بأنه بحاجة إلى الكلام أكثر، من خلال جعله يشعر بأن جوابه لم يكن كافيًا وبذلك يخلق لديه الحاجة في أن يقدم الكثير والكثير من المبررات ويُكثر من الحديث حتى يحصل على إجابة من الشخص الذي يتحدث معه، وكنتيجة للثرثرة ستتواجد الكثير من السقطات التي قد تقع فيها، خاصة أنها لا تعرف ما هو الذي يتحدث عنه تحديدًا.. فخلطت الكذب بالحقيقة.. توترها الحقيقي الذي خلطته بكذبة أنها متوترة من أنه قد يكون أصاب والديها شيئا ما أثناء غيابها..

وعلى الرغم من معرفتها أن الأمر ليس له علاقة بما كان يتحدث عنه شقيقها لأنه عندما تحدث معها قال له "كيف لا تخبره عن شيء ما" وليس "أنه يخفي عنها شيئًا ما".. لكن لا ضرر من رمي تلك القطعة من الورق على الطاولة.. فربما تشتري لها بعض الوقت في تلك المحادثة.

آه من لعبة المراوغة عندما تحدث بين شقيقين كل منهما أذكى من الآخر.

"كلا" بدأ مارك حديثه قبل أن يتابع معلقًا على سؤال فاينا الأخير بالقول في نفي: لا تقلقي، الأمر ليس له علاقة بوالدينا، هم بصحة جيدة.

ثم صمت مرة أخرى، وحافظت فاينا أيضًا على صمتها، في انتظار أن يكمل الحديث، حيث قلبت الطاولة على شقيقها واتبعت أسلوب الضغط عليه بالصمت تمامًا كما كان يفعل معها، فبعد ثانيتين أو ثلاث رن صوت مارك مرة أخرى من الجانب الآخر من المكالمة، قائلاً لها بشيء من الاستنكار: أنا فقط لا أعرف لماذا فعلتي شيئًا كهذا.. لماذا أخفيتي عنا شيئًا كهذا؟ أنتي تعرفين من نحن ومع ذلك أخفيتي عنا شيئًا بهذا القدر من الأهمية!.. لماذا؟ فقط لماذا؟ لماذا؟!

لقد بدأ مارك الحديث بهدوء، هدوء مستعار سرعان ما سقط عنه الستار، حيث كانت نبرته ترتفع عند كل كلمة يقولها باستياء شديد وانفعال بالغ حتى انتهى بالصراخ في نهاية الجملة.

"فقط أخبريني لماذا!؟" سأل مرة أخرى بانفعال وقوة، إذ بدا أن نيران غضبه لن تنطفئ بسهولة، كما أتضح أن مارك كان يتظاهر بالهدوء منذ بداية المكالمة، وعندما استمعت فاينا لتلك الأسئلة، ذلك الاتهام، والخيبة الواضحة في نبرة صوت أخيها، لم تكن تعرف ماذا تقول له وماذا يمكن أن يكون اكتشف؟ ولكن يبدو من خلال انفعاله الواضح؛ هو أنه قد اكتشف شيئًا خطيرًا..

لكن الأمر هو.. ما هو الذي ليس بخطير عنها؟

عقدت حاجبيها بشدة وهي تحاول فهم ما يقوله شقيقها بينما عادت للجلوس على مقدمة سيارتها كما طوت إحدى ذراعيها أسفل صدرها تدعم ذراعها الذي كان يحمل هاتفها إلى أذنها.

استغرق الأمر عدة لحظات للتفكير فيما قد يعنيه، ومرة أخرى.. ولم تتوصل إلى شيء.. يعني هل يمكن أن يكون اكتشف ارتباطها بعالم المافيا؟ أم اكتشف أنها ابنة زعيم المافيا الروسية؟ أم أنه اكتشف أنشطتها غير القانونية؟ أم أنه قد شعر بالخجل من دفاعها عن قتلة مجرمين؟ أم هل من الممكن أن هيلين سممت أفكارهم عنها أثناء غيابها؟

وماذا يقصد بأنها تعرف من هم؟ هل يعني أنها على علم بارتباطهم بالمافيا أم أنهم مجرد عائلتها ولا تحتاج إلى إخفاء أي شيء عنهم؟

العديد والعديد من الأسئلة.. وكان الجواب واحد.. هو صمت مارك عنهم.. كلمات تحمل أكثر من معنى، وكان الجواب أيضًا صمت مارك المريب دون توضيح للأمر.

قامت بفك ذراعها من أسفل صدرها ومررت أصابعها خلال شعرها الطويل، دافعة إياه بعيدًا عن وجهها قبل أن تجيبه بشك واضح ونبرة صوت مهتزة، قصدت الخلط فيها حيرتها المزيفة.. تعني لو أنها تحدثت معه بهدوء بعد كل هذا الانفعال؛ ألن يكون هناك مثيرًا للريبة؟؟ أليس من الطبيعي في مثل هذا الموقف حيث تتعرض لهذا الانفعال الشديد من أخيك بسبب شيء أخفيته أو فعلته، أن تهتز ولو قليلاً؟

"مارك قال لي ما بك... ماذا أخفيت عنك؟ ماذا تقصد بأنني أعرف من أنتم؟ هل يمكنك شرح الأمور لي أكثر؟ ربما حينها سيكون لديك إجابة عن ما تتحدث عنه.." ثم تنهدت بحرارة وهي تخبره بنفاذ صبر طفيف كشف عنه صوتها حيث بدأ يصيبها صداعًا لعينًا في عينها اليسرى: لذا أرجو أن تختصر المسافة ودعنا نصل إلى جوهر الموضوع دول المماطلة التي لا معنى لها سوى إهدار لوقتي ووقتك.

كانت هذه هي الورقة الأخيرة التي أخبرته فيها أنها لن تقول أي شيء قبل أن يخبرها بما يحدث.. فالتلاعب بها لن ينجح معها.. لقد كانت هي التي اعتادت على التلاعب بالجميع.. ويبدو أن رسالتها المبطنة هذه وصلت إلى مارك لأنها استمعت في الثانية التالية لصوت شيء ما يرتطم بعنف بشيْ آخر عدة مرات في خلفية المكالمة.

فعلى ما يبدو أن شقيقها فقد أعصابه وبدأ بصمت يضرب شيئًا ما بجانبه، لكن صوت ضرباته كان حادًا وعنيفاً لدرجة أن أذنها قد التقطته.

"تبًا، يبدو أن هذه المسألة أكبر بكثير مما كنت أتوقع" كان هذا هو الفكر الداخلي لفاينا وهي تستمع إلى تلك الضربات المتكررة مرارًا وتكرارًا أثناء صمت مارك عن الحديث.. وعلى الرغم من فضولها الذي أخذ يتضخم بداخلها، إلا أنها ظلت صامتة ولم تقول أي شيء آخر حتى يكشف هو عما بداخله.

وبعد حوالي الدقيقة؛ اختفى الصوت.. ولم تترك الضربات المتتالية سوى صوت تنفس مارك المضطرب، ومرة أخرى تركته فاينا يتعامل مع مشاعره بمفرده.. لن تتدخل لأنها تأكدت الآن أنها سبب هذا الشعور وأرادت حقًا معرفة ما الذي اكتشفه عنها؟ أين أخطأت حتى اكتشف مارك شيئًا عنها من شأنه أن يضعه في مثل تلك الحالة؟

"فيكتوريا" تفوه مارك فجأة بهذا الاسم.. مما جعل العقدة بين حاجبي فاينا تزداد وبشدة، كما ضاقت عينيها على كتلة النيران التي كانت على بعض طفيف منها في محاولًة أن تستوعب أنه قال اسم فيكتوريا من العدم!

"ما اللعنة؟" همست بداخلها كما أغمضت عينيها للحظة، وملامحها لا تزال مقيدة في عدم فهم حقيقي، في حين أمالت رأسها إلى اليمين قليلاً وهي تحاول أن تفهم ما هي علاقتها بفيكتوريا ولماذا كان مارك يتحدث معها بهذا الاتهام وخيبة الأمل عن فيكتوريا!

لم يتبادر إلى ذهنها في تلك اللحظة أي شيء قد يكون مرتبطًا بفيكتوريا ربما تكون قد فعلته.. فمنذ اللحظة الأولى التي رأت فيها فيكتوريا تجلس في مكانها على طاولة الطعام في قصر عائلتها، كرهتها.. لن تنكر ذلك، وقد أحبت معاملة ألكساندر الفظة المفتقرة للأدب معها، لكن لم يكن هناك أي شيء آخر يمكن أن تكون قد فعلته معها.. هي في الأساس لم تتواصل معها منذ اللحظة التي اكتشفت فيها أنها حبيبة بيتروڤ التي كان يبحث عنها لسنوات عديدة.

"بيتروڤ..." وأخيرًا خطر في ذهنها شيء قد يكون له علاقة بفيكتوريا.. فما الذي يمكن أن يكون مرتبطًا بتلك المرأة ومرتبطًا بها غير بيتروڤ همزة الوصل بينهما؟

لعقت شفتها السفلية وهي تفتح عينيها مرة أخرى، مدركة أن بيتروڤ ربما أخطأ، رغم أنها استبعدت هذا الاحتمال لأن السراب لا يُخطئ.. ولكنها فقط تضع كل الاحتمالات نصب عينيها.. لذلك، علقت بنبرة هادئة قائلة باستهجان شديد: فيكتوريا؟ ما خطب فيكتوريا يا مارك؟ ثم ما علاقة هذا بي في المقام الأو..

"هيا يا فاينا، توقفي عن التحدث بالهراء.. هل مازلتي تحاولين الإنكار؟" قاطع مارك حديثها بهذه الوقاحة والسخرية مما جعل النظرة في عينيها تحتد بشدة حيث أثار غضبها.. قد يكون أخوها وأكبر منها سنًا، لكنها لم يروق لها نبرة صوته المستخفة بها تلك.. زمت شفتيها ضامة إياهم بقوة لبعضهم البعض في محاولة لابتلاع الرد الذي كانت على وشك التفوه به، والذي كان من شأنه إشعال فتيل الصراع بينهما.

   ومرة أخرى مررت كف يدها على ذقنها في محاولة لتهدئة نفسها، كما أغمضت عينيها بضيق شديد وهي تبتلع كبريائها أثناء الرد عليه بنبرة أظهرت انزعاجها بوضوح، رغم أنها كانت هادئة: حسنًا يا مارك، إذا أردت أن أتجاوز الهراء الذي أتحدث به، فعليك أن تخبرني مباشرًة بما يحدث وما الأمر.. بخلاف ذلك، لا يوجد شيء يمكنني القيام به!!

"لقد سئمت هذه المناورة، لأنه يبدو أنها لن تقودنا إلى شيء مفيد يا شقيقتي العزيزة" تحدث مرة أخرى بنبرة حادة بدا فيها عدم رضاه عما قالته للتو وكيف كانت تحاول حصاره في الزاوية.. لتتفق معه وهي تهز رأسها لأعلى ولأسفل قليلاً، مصاحبة ردها بالتأييد لما قاله في منتهى البرود وعدم المبالاة: أرى ذلك أيضًا..
"لذلك، هل قررت أن تخبرني ما الأمر يا شقيقي العزيز أم سنستمر على هذا المنوال العقيم؟؟" انهت كلامها بتلك الجملة، فعلى الرغم من كونها حاولت ابتلاع كبريائها والتحدث بطبيعية، إلا أنها وجدت نفسها تستخدم كلماته وطريقة حديثه لترد له الطريقة الفظة التي تحدث بها معها..

فبالنهاية؛ فاينا نيكولاييف ستظل فاينا نيكولاييف!

"لماذا اختطفتي فيكتوريا؟"

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅

(فلاش باك إلى ليلة انتحار فيكتوريا)

قال كلماته وهو يغادر المنزل كله في حالة اختناق شديد.. الأوغاد الذين يطلقون على أنفسهم والديها؛ لم يتركوا شيئاً في حياتها دون أن يفسدوه! يقسم سيرد لهم الصاع مائة صاع! فلا أحد يعبث معه ويفلت من العقاب!

ظل ينفث سيجارته بانفعال كما لو كان يفرغ حقده كله في تلك السيجارة المسكينة التي سحقها بين أسنانه بينما كان يحاول تهدئة نفسه أثناء تخطيطه لتدمير والدي فيكتوريا مرة واحدة وإلى الأبد!

في السابق لم يلمسهم من أجلها.. والآن من أجلها سيري هذان العا*ران ألوان الجحيم السابع عن مقربة!

وبينما كان يخطط لتعذيبهما استمع لصوت رجولي يسأله من جواره مباشرةً مخرجه من شروده على الفور؛ ليلتفت بسرعة نحو الصوت وهو لا يصدق أنه لم يشعر به يتقدم منه لتلك الدرجة:

"والآن، من أنت حقًا يا بيتروڤ؟"

اتسعت عيناه بشكل كبير عندما رأى مارك يقف على بعد خطوتين فقط منه!.. وكانت الصدمة واضحة على وجه بيتروڤ حيث تسابقت الأفكار في ذهنه حول كيفية إيجاد مارك لمكانه هنا في مثل هذا المكان المجهول.

   لكن بيتروڤ سرعان ما أفاق من تلك الصدمة، وقد تسللت البرودة إلى ملامحه كما عادت نظرته إلى حدتها السابقة.. أخذ نفخة أخرى من سيجارته وهو ينظر إلى مارك الذي كان واقفاً أمامه ويداه داخل جيوب معطفه البني.. أدار نظره على ملامح مارك في حرص أكثر من صدمته السابقة، ولكنه لم يستطع أن يرى إلا الصرامة تغطي ملامحه وهو يقف منتصب الظهر وعيناه لا تفارقان عينيه.

لقد رأى الاتهام بوضوح في عيني مارك، فعلم أنه على الأغلب لن يعجبه ما سيأتي على الإطلاق.. كما يبدو أن السراب قد أخطأ لأول مرة في حياته، وكان ذلك بدافع الحب، إذ فقد عقله عندما استمع لتلك المكالمة الكارثية مع فيكتوريا التي قررت الانتحار أثناء التحدث معه.

   لقد أخطأ السراب عندما ترك مشاعره تسيطر عليه لدرجة أنه أعمى نفسه عن مارك الذي كان يتتبع آثاره خلفه مباشرة إلى هنا!

أما لماذا قد يراقب مارك بيتروڤ بهذه الطريقة في المقام الأول؟.. هذا لأنه هو من اقترح على والده وعمه أن يراقبوا الجميع عن كثب، وكان أول من نال شرف هذه المراقبة هو بيتروڤ الذي تسلل بين الظلال وغادر القصر سرًا.. وكان هذا أكثر من كاف لإشعال فتيل الشك في ذهن مارك تجاهه، مما جعله يتبعه خفية من طريق إلى آخر، ومن شارع إلى آخر.. إلى حين قاده بيتروڤ بنفسه إلى مكانه السري، فالمسكين قد فقد عقله عندما ظن أنه سيفقد حبيبته التي بالكاد حصل عليها بعد سنوات بحث عديدة عنها.

   لعق بيتروڤ شفته السفلى وهو ينفث الدخان من بين شفتيه، مدركاً أين أخطأ، لكن الآن ليس الوقت المناسب لتأنيب ذاته ولوم نفسه على هذا الخطأ الأحمق، الذي سيبقى في نظره نقطة سوداء في مسيرته المهنية الاحترافية كقاتل مأجور ورئيس فرقة الاغتيالات الروسية!!!

   دفع مشاعر الخجل والخزي والعار تلك في نفسه جانباً بينما واصل التواصل البصري بينه وبين مارك بثبات وثقة قبل أن يميل برأسه إلى اليمين قليلاً، مجيباً على سؤال مارك بابتسامة مع تعجب واضح في نبرته: ماذا؟ من أنا؟

   وهنا أفلتت منه ضحكة واحدة.. كان الأمر أشبه بالقهقهة الناتجة عن دهشته وهو يتابع قائلا أثناء عقد حاجبيه معاً ليعبر عن مدى استهجانه لسؤال مارك: أنا بتروف، صديق فاينا أختك الوحيدة.

   كان ذلك الجواب يتسم بالاستفزاز، السذاجة والغباء التام.. لقد كان ينأى بنفسه لبعض الوقت ليعرف كيف ستسير هذه المحادثة بينه وبين مارك.. كما كان يحاول الضغط على أزراره متظاهراً بالغباء من باب العبث مع مارك، وبدا أن الأمر لم يسير على ما يرام، إذ ضحك مارك في وجهه، ضحكة غير مريحة على الإطلاق بينما علق بشكل تلقائي غير مصدق: حقا؟ أنت صديق أختي الوحيدة!

    كل ما استطاع بيتروڤ فعله هو أن يومئ برأسه بالإيجاب، فواصل مارك الضحك، يهز رأسه يمينًا ويسارًا في عدم تصديق واضح قبل أن يقول ساخرًا: وأنا الذي كنت أفكر أنك رجل غريب يتسلل في ظلام الليل، تاركًا القصر بعيدًا عن الأنظار، متخذًا طرقًا ومسالك مختلفة للوصول إلى وجهته..

   ثم نظر حوله إلى المكان الفارغ من حولهم وواصل البيان بنفس الدرجة من السخرية والاستخفاف: وجهته التي تقع في العدم أمام منزل قديم متهالك، دخله على عجل لدرجة أنه ترك باب سيارته مفتوحا خلفه؟؟

   وهنا أشار مارك برأسه نحو سيارة بيتروڤ المصطفى التي أمام المنزل، لينزلق نظر بيتروڤ نحو ما أشار إليه مارك برأسه ليرى أنه قد ترك باب سيارته مفتوحًا بالفعل!

أغمضت بيتروڤ عينيه للحظات، وهو يلعن ويسب كل شيء في حياته لعدد الأخطاء الشنيعة التي ارتكبها في غضون الربع ساعة فقط عندما سيطرت عليه مشاعره، أعاد النظر نحو مارك الذي قد سقطت جميع علامات الضحك والمرح عن وجهه، حيث كان من الواضح أنه اكتفى من الأخذ والعطاء في هذا الحوار السريالي وهو يستل من جيب معطفه الذي كان يدس فيه يديه، والذي بدا وكأنه لغرض إرسال بعض الدفء في يديه.. لكن وعلى ما يبدو؛ أنه كان يُخفي مسدسه الذي قد سحبه مُشهرًا إياه نحو بيتروڤ في وجهه في لحظة، وهو يتابع القول بنفاد صبر واضح في لهجته التي اتسمت بالعداء الشديد: أكثر ما أكرهه في حياتي هو ألعاب الأطفال تلك، فإذا كنت تريد اللعب والتهرب والتظاهر بالغباء والسذاجة، فسوف أقتلك الآن وأقتحم ذلك المنزل بنفسي لأكتشف ما تخفيه بداخله.

ثم صمت وهو يتفحص ملامح بيتروڤ التي لم تتغير.. وهنا أدرك شيئًا مهمًا؛ أن هذا الرجل لم يكن يخشى رؤية المسدس، ولا يخشى رؤيته وهو يلوح به في وجهه، ولا يخاف من تهديده بالقتل.. لم يشعر بالخوف في موقف من الطبيعي جدًا أن يشعر فيه أي رجل عادي بالخوف والذعر، بل ويستجدي لحياته.. ولكنه فقط وجد هذا الرجل واقفاً أمامه وكأن شيئاً لم يحدث.

   اشتد الشك داخل قلبه أكثر من أي وقت مضى، أن هذا الرجل لم يكن رجلاً عاديًا وأن كل تصرفاته كانت مشبوهة تمامًا بداءًا من تسلله خفية إلى ردة فعله غير الطبيعية لحقيقة أنه كان على وشك الموت.. فأكمل مارك الحديث بهدوء وحذر هذه المرة، لأنه حصل بالفعل على إجابته حول هذا الرجل الذي يخفي وراءه شيئًا خطيرًا: لذلك سأخبرك للمرة الأخيرة.. إما أن تخبرني من أنت حقًا وماذا تفعل هنا في هذه الساعة وماذا تخبئ داخل هذا المنزل، أو سأتخلص منك هنا..

   ثم لوح بمسدسه حولهم، في المحيط النائي، الفارغ والمهجور وهو يواصل القول بتهديد واضح لا يتزعزع في نبرته القاسية: ولحسن الحظ، لقد اخترت مكانًا لا يوجد فيه أحد.. مما يعني أنني لن أعاني حتى من محاولة إخفاء جثتك، سأتركك هنا لتأكلك الضباع والطيور والكلاب الضالة بينما أدخل هذا المنزل وأكتشف ما تخفيه بالداخل..

   سكت وهو يأخذ نفساً عميقاً قبل اختتامه عرضه لبيتروڤ بالقول في تفاوض: وإذا كنت رجلاً ذكياً فستختار العرض الأول، لأنه في كلتا الحالتين سأقتحم ذلك المكان وسأعرف ما يدور في داخله، فهل أعلم ما فيه وأنت حي ترزق وتتنفس، أم أنني سأدعس على جثتك في طريقي إلى داخل هذا المنزل؟

"الخيار هو خيارك.. بيت" كانت تلك الكلمات الأخيرة التي نطق بها مارك وهو يرمي الكرة في ملعب بيتروڤ الذي رفع اليد التي كانت ممسكة بسيجارته وأخذ نفسا عميقا منها، فسمم رئتيه إلى أقصى حد قبل أن يزفر الدخان ببطء وهدوء.. لم يهتم على الإطلاق بمسدس مارك الموجود على بعد يكاد لا يُذكر منه، مما يعني أن لمارك الأسبقية في حالة بدء قتال بينهما لأنه قد أخرج سلاحه بالفعل وهو قريب جدًا منه، مما يمنحه ميزة إصابته بنسبة 5%، كما أن مارك لا يعلم أنه حتى لو اقتحم ذلك المنزل بطريقة أو بأخرى فلن يتمكن من العثور على أي شيء لأن هذا المنزل ما هو إلا وجهة زائفة لما هو أسفله من منزله الآمن حيث فيكتوريا ومارثا وليون.

   أمال رأسه قليلاً إلى اليسار وهو ينظر إلى الأرض، مواصلاً تفكيره أنه حتى لو اشتبك مع مارك فإنه سيؤكد وجهة النظر عنه بأنه مجرد رجل خطير يستحق التحقيق معه، خاصة مع الأحداث الأخيرة التي وقعت في قصر أل فونيكس حيث تعرضت غريس لمحاولة اغتيال قبل ساعات قليلة من تسلله المثير للريبة.. مما يعني أنه إذا تم وضعه في دائرة الاتهامات والشبهات فسوف يفضحه ذلك أمام جميع أفراد العائلة، وهو بالتأكيد لا يريد ذلك لأنه لو حدث شيء مثل هذا لكان قد دمر جميع خطط فاينا دون قصدًا منه.

   أخذ نفسًا آخر من سيجارته وهو يشعر بنظرات مارك الثاقبة عليه، وهو يراقب تحركاته، تاركًا له حرية الاختيار.. تنهد بعمق، وهو ينفث تلك الأدخنة من جهازه التنفسي، مستسلماً لحقيقة أنه سيضطر إلى الخضوع لذلك "المارك" تماماً كما تعرض للضرب على يد كريستوفر وتظاهر بأنه لا يستطيع فعل شيء حيال ذلك..

   وبينما كان يرفع كف يده اليسرى ليمسح بإبهامه على شفته السفلى في ملل ظاهر وشديد... فكم كان شاقًا عليه أن يتظاهر بالخوف والجهل وعدم القدرة على الدفاع عن نفسه.. لكن الأوامر لا تزال أوامر، قالت له أن يبقى مجرد صديق أحمق، وهذا ما سيفعله على الرغم من أنه مستاء للغاية مما يحدث.

"انظر يا مارك" بدأ بيتروڤ وهو يرفع عينيه عن الأرض لينظر بعمق إلى عيون مارك الذي كان لا يزال يصوب المسدس نحوه.. لعق شفته السفلية قبل أن يعلن بهدوء مريب: أعرف أن هذا المسدس على الأغلب ليس حقيقياً، أو ربما يكون حقيقياً، لكنه لا يحمل رصاصًا لأنك في النهاية لست بمجرماً.. أنت فقط تحاول تخويفي، ولكنني على يقين تام أنك رجل محترم، لذلك لن أخاف من هذا السلاح.. يمكنك وضعه بجانبك أو إعادته إلى داخل معطفك.. ويمكنك أيضًا تركه يلوح في وجهي.. على كل حال الخيار لك ولن أخاف منك لأني أعلم أنك لست مجرماً..

قال تلك الكلمات بابتسامة مهزوزة عمداً وهو يلوح له في الهواء، معبراً عن أن وجود المسدس من عدمه لن يشكل فارقاً.. لقد أخبره أنه رجلاً محترمًا وليس بمجرم، لتبرير عدم خوفه من رؤية ذلك المسدس الذي يكاد يخترق وجهه!

والآن، قد بدأ السراب في حياكة خططه.

   ظل مارك في مكانه وهو يتفحص ملامح بيتروڤ وكأنه يبحث عن شيء ما بداخلها.. كما لم يقتنع بأي كلمة قالها هذا الرجل، ولن يقتنع بأي كلمة يقولها على أية حال.. لقد دخل في دائرة الشك الخاصة به وانتهى الأمر، لكن لا حرج في مسايرة الأمور إلى أن يصل إلى مراده.. لذلك، وبشيء من القناعة أنزل ذراعه الحامل لسلاحه إلى جانبه، وهو يبتسم بجانبية مردفًا في إيجاز يحثه المتابعة: واصل الحديث.

"أنا أعرف أيضًا سبب ملاحقتك لي.. فبعد الأحداث المؤسفة التي حدثت في القصر، من الطبيعي أن تشك في الجميع.. لذلك لا أحمل أي ضغينة ضدك لأني أتفهم موقفك" كان يتحدث بموضوعية شديدة محاولًا مخاطبة جانب مارك العقلاني بإخباره أنه يضع نفسه في حذائه ويدرك سبب معاملته بهذه الطريقة الهمجية الآن، ثم تابع مردفًا وهو يلوح بيديه حوله في بساطة في إشارة إلى نفسه: ولكنني لست الشخص الذي تبحث عنه.. فأنا لا أملك أي مصلحة في إيذاء أي فرد من أفراد عائلتك.. في النهاية، أنتم عائلة صديقتي الوحيدة.

   ضاقت عيون مارك على بيتروڤ الذي كان يتحدث بمنتهى العقلانية، لكنه لم يقتنع ولم تملى عليه تلك الحيل لأنه وببساطة؛ قد أدرك أن هذا الرجل كان يحاول التلاعب بعقله.. ومع ذلك، فقد تعامل مع الأمر وكأنه يصدق ما قاله وطرح سؤالاً المقصود: حسنًا بيتروڤ، لنفترض أنه ليس لديك مصلحة في إيذاء أي شخص في عائلتي..

   ثم مرت لحظة قبل أن يتابع كلامه، بهدوء هذه المرة وليس بنبرة صارمة أو تهديد أو أيًا مما سبق في نبرة صوته التي يستخدمها معه منذ بداية الحديث بينهما، حيث كان يحاول إجراء حوار عادي إلى حد ما مع هذا الرجل الذي كان يحاول التقليل منه والتلاعب به في لفتة لأنه أحمق ساذج قد سقط في الفخ: ولكن للخروج من دائرة الشك الذي دخلتها بقدميك من خلال تصرفاتك المشبوهة..

   صمت وهو ينظر نحو المنزل المتهدم خلف بيتروڤ واستمر في الحديث: أريد أن أعرف ما يوجد بداخل هذا المنزل.

   أنهى حديثه وهو ينظر إلى بيتروڤ، رافعًا حاجبه الأيسر وكأنه يطلب منه التحدث وقول رأيه.. أما بيتروڤ؛ فلقد استدار نصف استدارة ونظر نحو المنزل خلفه كما تضخم صدره بنفس عميق.. ظلت نظراته مثبتة على ذلك المنزل لعدة لحظات قبل أن يغمض عينيه بقوة وهو يلتفت إلى مارك مرًة أخرى، متنهدًا في استسلام واضح عند إدراكه أنه في حاجة لقول الحقيقة وهو يغرد بشيء لم يتوقع مارك أن يستمع إليه عندما قام بمحاصرة بيتروڤ في الزاوية:

"إنها فيكتوريا.. هي من بالداخل هنا…"

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅

(عودة للوقت الحالي)

"لماذا اختطفتي فيكتوريا؟"

كان سؤال مارك هذا اتهامًا واضحًا أتاها وهي في منتصف ابتلاعها للعابها.. كما كان سؤاله مفاجئًا لها للدرجة التي جعلتها تختنق بلعابها و تبدأ بالسعال.

"م-ماذا؟؟" نطقت بسعال عالٍ غير مصدقة ما استمعت إليه، ليجيبها مارك بملل واضح في لهجته: ها نحن ذا؛ عدنا للمناورة والتلاعب من جديد.. ألم تخبرينني أن أخبرك بالأمر مباشرًة؟ فلماذا تُنكرين الآن؟ لن يفيدك ذلك لأنني أعرف الحقيقة!!

   ثوانًا وهدأ سعالها وهي تكمم فمها براحة يدها، ممسكة بأصابعها السُبابة الفاحشة التي كانت على وشك أن تخرج من بين شفتيها، بينما كان شيء واحد يدور في ذهنها: ماذا بحق خالق السماء والأرض قد فعل بيتروڤ في الأيام القليلة التي اختفت فيها؟..  وكيف بحق خلق النعيم والجحيم توصل مارك لبيتروڤ وما قد يكون فعله مع فيكتوريا؟.. وكيف بحق خالق الكون ترك بيتروڤ وراءه فُتاتًا ليكتشفه مارك؟!

   تعني، إذا أراد بيتروڤ اختطاف فيكتوريا بعيدًا، فلن يكون ساذجًا لدرجة أن يترك وراءه شيئًا يشير إليه في النهاية.. لذا، فهي لا تفهم كيف سارت الأمور وكيف حدث كل ذلك... ومع ذلك، ورغم أنها ليس لها يد في أي من هذا الهراء، إلا أنها تتعرض للاستجواب من قِبل شقيقها وعليها أن تجيبه سواء أعجبها ذلك أم لا، وإلا ستنكشف أمور أخرى أكثر سوءًا إذا راوغته مما يدفعه للتعمق في البحث أكثر عن الأجوبة التي لم يحصل عليها منها!

   تنهدت في ضيق كما اغمضت عينيها في سخط شديد، ولكن في النهاية، هناك ضوء في نهاية النفق؛ حيث كانت تتعرض للاستجواب حول فيكتوريا واختطافها المزعوم الذي لم تكن تعلم عنه شيئًا في الأساس، وعلى الرغم من قذارة الموقف؛ إلا أنه أفضل بكثير من اكتشاف أي من الأشياء التي كانت تشغل ذهنها عندما تم توجيه هذا الاتهام لها.. لذلك تمالكت نفسها وهي تأخذ نفسًا، مبتلعة لعابها مرة أخرى ببطء لترطيبه حلقها الذي جف للغاية من شدة سعالها وهي تجيب مارك بنبرة منخفضة هذه المرة: مارك.. لا أعرف ماذا أقول لك..

   قالت تلك الكلمات وبقيت صامتة متعمدة، ليأتيها صوت مارك بانفعال أقل حدة من ذي قبل ولكنه كان لا يزال منفعالًا: لماذا لا نبدأ بـ"لماذا فعلتي شيء كهذا؟؟!"

   ضاقت عينيها بقوة وهي تحك جبهتها بأطراف أصابعها للحظات، لقد كانت تحيك كذبة جديدة في ذهنها، قبل أن تهز رأسها بالنفي وهي تجيبه بنبرة مليئة بالخجل المصطنع: لا أعرف يا مارك.. أنا لست كذلك.. ولكن.. ولكني شعرت بالتهديد من تواجد فيكتوريا بقصر عائلتنا..

"شعرتي بالتهديد؟!" علق مارك باستهجان شديد قبل أن يواصل في تساؤل واضح في لهجته: لماذا قد تشعرين بشيء كهذا؟ ومِن مَن؟؟ من فيكتوريا؟! تلك الفتاة البلهاء التي لا تستطيع أن تؤذي نملة! لماذا بحق خالق الجحيم قد تشعرين بالتهديد منها؟

   لدي سؤال مارك هذا، لم تتمكن فاينا من السيطرة على تلك الابتسامة التي بدأت تنتشر على شفتيها.. نعم؛ لقد كانت سعيدة لأن مارك بدأ يعطي ويأخذ معها في تلك الكذبة، مما يعني أنه على استعداد للاستماع إليها ولمبرراتها ولربما يقتنع بما ستقوله لأنها، كالعادة، تعرف كيف تتلاعب بمشاعر من أمامها، فأجابته بنبرة خافتة متواضعة لتعبر عن حجم الخجل الذي شعرت به في تلك اللحظة، ذلك الخجل المزيف الذي لا تمت لها بصلة لا هي ولا عائلتها: قد لا تستطيع أن تؤذي نملة كما تقول.. ولكنها وبالتأكيد تستطيع أن تأخذ مكاني..

"ماذا تقولين بحق خالق السماء؟ لا أحد يستطيع أن يأخذ مكانك! لم يتمكن أحد من أن يأخذ مكانك طوال تلك السنوات التي اختفيتي فيها.." وصل استنكاره الذي وصل إلى عنان السماء بسبب حديثها الغريب هذا وهو يواصل في ذهول متسائلا: كيف بالله عليكي أن تأخذ مكانك؟ بينما أنتي بيننا! إشرحي لي أكثر يا فاينا.. ماذا تقصدين بهذا الحديث؟ أخبريني.. أخبريني وسوف أتفهم..

"أنا أقول لك الحقيقة" بدأت حديثها بهذه الكلمات قبل أن تتابع بارتباك كاذب: نعم، لقد عدت بينكم يا مارك، وربما لم يتمكن أحد من أخذ مكاني كابنة العائلة كل هذه السنوات.. ولكن ليس هناك ما يضمن أنه لن يأخذ مكاني أي شخص في المستقبل..

"ليس هناك احتمال واحد أن يحدث شيء من هذا القبيل" مرة أخرى، قاطع مارك حديثها بتلك الكلمات المستنكرة في انفعال، لتهز رأسها يمينًا ويسارًا لأنها أصبحت أكثر انغماسًا في كذبها، وتابعت مردفة بتوضيح: أنا لا أتحدث عن مكانتي كأختك.

"إذًا ما الذي تتحدثين عنه؟!" استفسر بهدوء هذه المرة، لترفع كف يدها وتمرره حول عنقها حتى وصلت إلى خلفيته، مررت راحة يدها الباردة بخفة عليه قبل أن تلتقط نفساً عميقاً بصوت عالٍ، مجيبة إياه بحرج مصطنع وتلعثم بسيط بين كلماتها: قصدت موقفي مع ألكساندر.. فلن نكذب على بعضنا البعض لأنه لا شك أن فيكتوريا كانت.. كانت تطمح إلى إتخاذ مكاني عندما جاءت إلى القصر وجلست في مقعدي أمام الجميع..

تنهدت بحدة وهي تستكمل بانفعال طفيف: بدا الأمر وكأنها ترسل لي رسالة ضمنية بأن أيامي قد ولت، وبأنها ستأخذ مكاني بجانبه..

ثم صمتت وهي تلتقط أنفاسها بصوتًا عالي وكأنما كانت تتحدث عن أمر يضيق الخناق عليها، أثناء متابعتها بانهزام واضح في نبرتها: أعلم أنه ليس من حقي ذلك في المقام الأول.. ليس من حقي الشعور بذلك الضيق..

ثم أطلقت نفسًا عميقًا من بين شفتيها وهي تسترسل القول في حزن طغى على صوتها: خاصة أنني لا أتذكر أي منكم ولا أتذكره هو أيضًا.. ولكنني لم استطع سوى الشعور بالتهديد.. كما لم يعجبني أسلوب تملقها وهي جالسة في مكاني أمام الجميع.. لم يعجبني ذلك.. فتصرفت بهذه الطريقة وفعلت هذا الشيء.. أنا آسفة يا مارك، لم يكن علي التصرف بهذه الطريقة..

"ربما اعتذاري هذا لن يشكل أي فرق أن تصرفي كان حقيرًا، لكنني فقط.. فقط كنت أحاول إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.. وكنت أخشى أن تحل محلي خلال تلك الرحلة المحفوفة بالتوقعات، خاصة وأنني لا أعرف إذا ما كنت سأتذكر كل شيء أو لن أتذكر أي شيء...أنا آسفة، كان يجب أن أفكر في سُمعة العائلة قبل أن أقوم بهذا الفعل الأهوج...لكنني أؤكد لك أنها لم تتعرض لأي أذى.. لم أخرجها من المشهد إلا لأنني شعرت بالتهديد منها.." أنهت فاينا حديثها الخيالي الذي اندمجت به، وأرادت في تقييمها لنفسها أن تمنحها ثمانية من عشرة، أي أنها قدمت له مبررًا منطقيًا إلى حد ما مع إضافة بعض العواطف والمشاعر الزائفة التي من شأنها أن تضرب على وتر حساس لديه.. فمارك شقيقها يحبها، وهذا ما قد يجعله يبتلع تلك الكذبات بسهولة إذ استمالته عاطفيًا لأقصى درجة.

رفعت كفها لتمسح تلك الدموع التي انهمرت على خديها من شدة انغماسها في كذبتها تلك.. فلقد وضعت مشاعر حقيقية في حديثها، على الرغم من كون الأمر برمته مجرد كذبة داخل كذبة داخل كذبة.. كانت تمسح دموعها بينما كان وجهها يأخذ تعبيرًا راكدًا.. نعم؛ فلقد انفصلت عن حالتها التي كانت عليها للتو، لتعود مرة أخرى لوجه المقامر خاصتها المُتجرد من أدنى المشاعر بمجرد أن وصلت لهدفها.
 
   وكل ما كان عليها فعله الآن؛ هو الانتظار لمعرفة رد فعله على تلك الكذبة.. وبعد حوالي الدقيقة من الصمت الغريب؛ سمعت ضحكته تدوي وتُجلجل في المكالمة من الجانب الآخر.. كانت تستمع لضحكاته في ذهول كما عقدت حاجبيها بقوة وضاقت عيناها في شك، ليس هذا هو رد الفعل الذي كانت تنتظره منه.. لذلك، كانت على وشك أن تسأله من بين أسنانها في ضيق واضح مستفسرة عما يُضحكه بهذه الطريقة، ولكن قبل أن تتساءل، انفجر صوته الساخر مخترقًا أذنها عندما أردف قائلًا من بين ضحكاته: فاينا.. يا لكي من ماكرة!!

"ماكرة؟؟؟" كررت فاينا كلمته تلك بالذات في استنكار، مع استفهام واضح في لهجتها، ليجيبها بنبرة هادئة هذه المرة قائلًا: نعم يا أختي الصغيرة، كم أنتي ماكرة و.. وساذجة!

اخفضت نظراتها أرضًا مع إدراكها لتواجد خطب ما في كلماته تلك، مغزى لم يريحها على الإطلاق ولم تعرف ما هو ولا لماذا قد يلقبها شقيقها بالماكرة والساذجة بعد أن أخبرته بذلك الكذب المليء بالمشاعر كالعار، الخزي، الحب، المودة، التعاطف، الحزن والشفقة.. فهي تكاد تقسم أنها لو لم تكن على دراية في تلك اللحظة بأنها قامت بتأليف حكاية من وحي خيالها، لصدقت تلك الكذبة وبصمت بالعشرة أنها تستمع للصدق..

إذًا؛ لماذا لم يصدقها مارك يا ترى؟

هنا فقدت فاينا رباطة جأشها رغمًا عنها عندما أدركت أن المناورة بينهما لم تنتهي بالفعل، بينما يزداد ذلك الصداع اللعين وبدأ في إجتياح عينها الأخرى أيضًا!.. فأخبرته بانفعال طفيف من شدة ألم رأسها ولهجة مجروحة كاذبة على استهزائه بها بتلك الكلمات بعد أن كشفت له خفايا مخاوفها، أي نعم هي مخاوف "خيالية" ولكن هذا لا ينفي كونه يسخر منها!: هل لي أن أعرف ما الذي يضحكك إلى هذا الحد لأضحك معك؟؟ ولماذا تلقبني بالماكرة؟؟!

ثم صمتت للحظة وهي تهدأ من روعها كون أن حديثها كان يزداد حدة وهذا ما لا تريده، قبل متابعتها بهدوء أكثر من ذي قبل وهي تخبره: أنظر مارك؛ أعلم أنني أخطأت فيما فعلت، وربما فقدت صورتي الملائكية في عينيك.. لكنني لم أؤذيها كما أخبرتك.. لقد تصرفت بتهور دون قصد، فلا داعي للسخرية مني أو من أحزاني ومخاوفي يا أخي!!

   نعم، لقد أخبرته بذلك وتمسكت بكذبتها.. بل وكانت تعبر عن ضجرها بأسلوبه الغريب منذ بداية المكالمة.. ليأتيها صوته على عجل، مسارعًا القول بعدما حمحم منظفًا حلقه من كثرة الضحك: أوه لا، ماذا تظنين أنني أقصد؟! بالطبع أنا لا أسخر منكي.. فقط.. فقط الأمر برمته غريبًا إلى حدًا ما..

   ثم صمت برهة، فيما احتفظت فاينا بملامح وجهها الصارمة والتزمت الصمت في انتظار تفسيرا منه لأفعاله التي تثير الشك والريبة.. وعندما لم يجد مارك إجابًة منها، تابع حديثه بلهجة أكثر هدوءا موضحا وجهة نظره أكثر: يعني؛ لقد نعتك بالماكرة، ليس لأني استنكر فعلك أو لأن صورتك قد تغيرت في نظري.. أنا استخدمتها كنوع من الإطراء لكي لأنني أُعجبت بطريقة تصرفك في الدفاع عن حقكي بنا..

ثم سحب نفسًا عميقًا قبل المتابعة بتوضيح أكثر استفاضة: ولقد اعتبرتكي ساذجة، ليس لأنني أسخر منكي أو استهزاء بيكي كما ظننتي، بل لأنني لم يعجبني تصرفك خلف ظهورنا.. لقد انتقدت فكرة تصرفك بمفردك واللجوء إلى رجل في النهاية كان غريبا عنكي، حتى لو كان صديقك، ورغم أن معرفتك به قد تكون أطول من معرفتك بنا، لكنكي نسيتي بالفعل من نحن، لقد نسيتي أننا أهلك وأننا أول من يجب أن تلجأي إليه عندما تقعين في مأزق ما وليس ذلك "البيتروڤ" الذي سرعان ما كشف أمرك بكل سهولة.

"بيت، أيها الوغد، ماذا فعلت!؟؟" كان هذا هو السؤال الذي دار في ذهنها بعد كلمات مارك الأخيرة، كما تنفست الصعداء.. فهو لم يكن يسخر منها، مما يعني أنه صدق كذبتها إلى حدًا ما.. حكّت أنفها بظهر إصبعها السبابة، وفي لغة الجسد تشير هذه الحركة إلى الكذب، وكانت تعرف ذلك، ولكنها فقط لم تهتم لأنها في مكان مهجور، لا يوجد أحد حولها ليدرس لغة جسدها ويعرف أنها تحكي الأكاذيب، والكثير والكثير منها.

"لقد شعرت بالخجل من أفكاري، وخشيت أن تتغير صورتي في أعينكم.. لقد خشيت أن تظنوا بي السوء وأني امرأة سيئة، فطلبت المساعدة من صديقي" قالت تلك الكلمات بنبرة مليئة بالندم الكاذب بالطبع، قبل أن تأخذ نفسا عميقا من خلال فمها بصوت عال تردد صداه في أذن مارك الذي كان يستمع لحديثها في صمت وهي تتابع قائلة بهدوء مسايرة للأمور: لكن أعدك أنه في المرة القادمة التي أقع فيها في مشكلة، سأعود إليكم قبل أي مخلوق آخر، فلا تحزن ولا تلومني رجاءًا مارك.. فلقد تحكم بي خوفي حينها.

   ثم تنهدت بحرارة وهي تقول بنبرة خافتة من خيبة الأمل الواضحة: لقد ظننت أنك تتصل بي لتطمئن علي..

   بتلك الكلمات كانت تحاول إنهاء الحديث عن فيكتوريا ومشكلة اختطافها على يد الحقير بيتروڤ الذي لم يخبرها بملابسات الأمر الجديدة، فقررت أن تلفت انتباهه إلى شيء آخر بدلاً من ذلك.. وبالفعل نجحت تلك المحاولة عندما سمعت مارك يجيبها بلهفة واضحة في نبرة صوته العميقة: بالطبع اشتقت لكي، فأنتي أختي الصغيرة، لا استغنى عنكي أبدًا.. كل ما في الأمر أنني كنت أيضًا منزعجًا للغاية منكي لأنكي اختفيتي بين عشية وضحاها دون أن تخبريني أو تخبري والدينا بأي شيء..

   ثم تابع بنبرة تقطر حزنًا حقيقيًا: للحظة ظننت أن الماضي يُعيد نفسه وأنكي اختفيتي مرة أخرى في ظلام الليل دون أثر.

   وبهذه السرعة اختفت الابتسامة التي كانت بدأت ترتسم على شفتيها وهي تستمع إلى الجملة الأخيرة التي قالها مارك، تلك الجملة التي من شأنها فتح جروحا لم تلتئم بعد، فتح الصندوق الأسود لحياة فاينا وتلك الليلة التي اختفت بها.

   اتسعت عيناها وقد اجتاحها شعور بالحزن الشديد بينما ترددت كلمات مارك في ذهنها عن مأساتها.. زاغت عينيها وسرعان ما تشكلت كتلة مريرة في حلقها، كما ضاقت أنفاسها لدرجة أنها شعرت بالاختناق الشديد، ولكنها بالنهاية تمكنت من تطهير حلقها بصعوبة كبيرة والتنفس بوتيرة شبه طبيعية.

فتحت فمها واغلقته عدة مرات في محاولة للتحدث، ولكن يبدو أن الكلمات كانت تفلت من طرف لسانها، لتبحث مرة أخرى عن صوتها الذي خانها منذ لحظات مُعلقة على حديثه بقلب مُثقل حزنًا بحق هذه المرة وليس مجرد كذبة أو ادعاء منها: لا تقلق يا مارك، الماضي لن يعيد نفسه إذا تعلمنا من الدروس السابقة..

قالت له تلك الجملة وهي لا تعلم هل ستعيش غدا أم لا، هل سيعيشون للغد أم لا.. قالت له تلك الجملة المطمئنة، والخوف والذعر يكاد مزق قلبها من ذلك التهديد المجهول.. لم تكن تدري هل كانت تطمئن قلبه بتلك الكلمات أم أنها كانت تطمئن قلبها هي حيث تشكلت علامة استفهام كبيرة في ذهنها وهي تفكر في جملته: هل يمكن للماضي أن يعيد نفسه على الرغم من تعلمي من هذا الدرس القاسي؟؟

   وقبل أن تستسلم لتلك الأفكار السوداوية، هزت رأسها يميناً ويساراً، بعنف شديد، وكأنها تنفض عن نفسها تلك الأفكار الانهزامية، وتابعت بإصرار لا يتزعزع وصوت ثابت واثق: لن أذهب إلى أي مكان يا مارك، ومغادرتي دون توديعك كان خطأ من جانبي أعتذر عنه، ولكن الأمور حدثت بسرعة كبيرة لدرجة أنني لم أدرك حتى ما كان يحدث.. لكن تأكد يا مارك، أنني لن أذهب إلى أي مكان، ولن أختفي مرة أخرى.

"آمل ذلك يا حبيبتي" كان رد مارك عليها وما زال صوته يحمل لمحة من الحزن، وبينما كان يتنهد، واصل القول بتساؤل وكأنه تذكر شيئًا ما للتو: صحيح فاينا، متى ستعود إلى بريطانيا؟

   عندما سأل مارك هذا، قطبت حاجبيها بشدة متعجبة للغاية أنه لم يتساءل عن ألكساندر ولو لمرة واحدة لهذه اللحظة حتى وهو يتساءل عن موعد عودتها هي فقط متجنبًا السؤال عن ميعاد عودة ألكساندر أيضًا!

ولكن تعجبها هذا لم يدوم طويلًا حيث ضاعت في أفكارها مرة أخرى لأنها لم تدرك متى قد تعود إلى لندن.. فعلى الرغم من رغبتها المُلحة في العودة أمس قبل اليوم في ظل التهديدات التي وصلتها فيما يخص عائلتها، إلا أنها لا تزال تواجه عقبة والدها فيدور الذي كان عليها إقناعه بالأمر، وهي حقًا لا تعرف كيف ستقنعه في المقام الأول بعلاقتها بألكساندر ومن ثم عودتها برفقته للندن!
فالأمر عند التفكير به؛ بدا وكأنه "مهمة مستحيلة" بكل ما تحمله الكلمة من معنى!

ولكن الأكيد، أنها عليها العودة في أقرب وقت ممكن.. ولذلك ستكتفي بإعطائه إجابة مفتوحة منها لتشتري بعض الوقت ومنها ألا تخالف كلامها معه إذا أعطته تاريخا محددا ولم تعود به.. فأكثر ما تبغضه ألا تكون عند كلمتها!:

"قريبا يا مارك، هنالك فقط بعض الأعمال التي بحاجة إلى إنهائها تتعلق بالقانون ولا يمكن تأجيلها، لكنني سأعود قريبًا.. قريبًا جدًا!"

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅

{في لندن؛ بريطانيا}

انتهت المكالمة ومعها قام بإلقاء هاتفه الخلوي على المقعد المجاور له، حيث أحدث صوت خشخشة غريب، لكنه لم يهتم بذلك.. دس يده بدخل جيب سترته وأخرج علبة سجائر فاخرة، فتحها وأخرج سيجارةً منها ملتقطها بين شفتيه قبل أن يرمي بعلبة السجائر بجوار هاتفه محدثًا صوت الخشخشة نفسه ولكنه لم يعد يهتم به أبدًا.. ومرة أخرى، أعاد دس يده إلى داخل سترته وهو يخرج قداحة ذهبية اللون قربها من فمه وضغط عليها مشعلًا النار في سيجارته، قبل أن يرميها بجانب هاتفه وعلبة السجائر ليصدر ذلك الصوت من الخشخشة الذي لم يوليه بالًا للمرة الثالثة على التوالي.

   أخذ نفساً عميقاً من تلك السموم قبل أن يلتقط تلك السيجارة من بين شفتيه ويخنقها بإصبعيه السبابة والوسطى.. قام بنفث سحابة من الدخان الأبيض ذي الرائحة الكريهة.. ثم وجه ذراعه الأيسر نحو باب السيارة بجانبه وضغط على أحد الأزرار لتنخفض النافذة المجاورة له قليلاً، وتبدأ تلك الأدخنة بالتسرب من السيارة إلى الخارج في خطوط صاعدة للأعلى.

   أخذ نفخة أخرى من سيجارته وهو يضع يده اليسرى على مقود السيارة ناقرًا عليه بأصابعه في انفعال.. نفث دخان سيجارته بشدة وبدا الأمر كما لو أنه كان يطرد تلك الشحنات السلبية منه بهذه الطريقة العنيفة.. أحكم غلق عينيه بقوة حيث كان غاضبا للغاية من مكالمته الأخيرة لأخته التي لم تفعل شيء سوى إضافة الوقود إلى النار المشتعلة بداخله عندما اكتشف ما لم يتوقع أن يعرفه عنها.

   فبعد اصطدامه ببيتروڤ وذلك المنزل المشبوه، لم يصدق أي شيء مما قاله بيتروڤ في تلك اللحظة..

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅

(بالعودة إلى فلاش باك ليلة انتحار فيكتوريا)

"إنها فيكتوريا.. هي من بالداخل هنا…"

"فيكتوريا؟" قال مارك بدهشة كبيرة فلم يتوقع تلك الإجابة حتى بعد مرور مائة عام، بينما كان عقله يحتاج إلى ثانية ليستوعب أنه كان يتحدث عن المرأة التي جاءت إلى قصرهم بهدف إغواء ألكساندر.

   اتسعت حدقتا مارك أكثر، وكان عدم تصديقه جليًا، ولكن سرعان ما تغيرت كل هذه الدهشة والصدمة إلى الغضب الشديد والانفعال الواضح حيث صرخ بشراسة في وجه بيتروڤ: هل تمزح معي؟ ألم أخبرك أنني لا أحب تلك الألعاب الغبية؟ أم أن حياتك رخيصة إلى هذا الحد؟ صدقني لن أتردد في قتلك!!

   استقبل بيتروڤ ذلك الصراخ عليه بانزعاج شديد، وكم كان يود لطم مارك على وجهه بظهر يده، ولكنه كان أحكم من أن يفعل شيء كهذا في تلك اللحظة.. لقد كان عليه أن يكمل ما بدأه، فانكمش على نفسه في باطل، بينما اتسعت عيناه عمداً من شدة خوفه الكاذب، وأضاف بنبرة خافتة مهتزة قليلاً لحَبك دور "الرجل المرتعب": صدقني، أنا لا أمزح معك أو العب معك.. هذه هي الحقيقة.. من بالداخل هي فيكتوريا ولا أحد غيرها!

   في تلك اللحظة فقد مارك عقله ووجه سلاحه مرة أخرى إلى وجه الآخر.. وفي اللحظة التي كان فيها على وشك الضغط على الزناد، بسبابته التي كانت تلوح في الأفق بشكل خطير فوق الزناد، صرخ بيتروڤ بانفعال من الذعر المصطنع: إذا كنت لا تصدقني، يمكنك أن تسأل أختك، لأنها هي الشخص الذي طلب مني أن أفعل ذلك!

   عند هذه الكلمات تجمد إصبع مارك فوق الزناد، وقد امتلأت ملامحه بالذهول، وهو يردد كلام بيتروڤ مرة أخرى في عدم تصديق حيث صُدم من ذكر بيتروڤ لسيرة شقيقته الآن: فاينا؟!! وما علاقتها بكل تلك القذارة؟

   سارع بيتروڤ متابعًا بإصرار وارتباك متعمد مستغلًا حالة الصدمة التي وبالتأكيد أربكت مارك ولو قليلًا: أقسم أن أختك هي التي طلبت مني ذلك.. ويمكنك الاتصال بها والتأكد من حديثي..

   ظل مارك ينظر إلى وجه بيتروڤ في حالة من الصدمة وعدم التصديق، قبل أن يهز رأسه بالإيجاب، وكأنه فقد عقله للتو، وهو يتقدم نحو بيتروڤ، ويدفعه في كتفه بعنف وهمجية، متخطيه متجهًا نحو ذلك المنزل، وهو يهدر قائلًا بحدة: حسنًا، لنرى هذه الفيكتوريا التي طلبت منك أختي أن تخطفها هنا!!

ولكن بمجرد أن كاد مارك أن يخطو إلى داخل ذلك المنزل، شعر بتلك اليد التي تمسك بذراعه من الخلف في قوة، أدار رأسه وهو يلتفت بجسده نصف استدارة ليجد بيتروڤ أمامه، تحديدًا وجهاً لوجه، بتعبير أكثر قتامة، على عكس تعبير الخوف المصطنع الذي كان يفعله قبل لحظات فقط.

وعند رؤية مارك لهذا التعبير على وجه الرجل المقابل له، تأكد بأن هذا الكلب، اللقيط والدنيء كان يحاول بالفعل التلاعب بعقله، وما أن كاد مارك أن يتكلم، على الأغلب أنه سيلعنه هو وأسلافه جميعًا، سبقه بيتروڤ وهو يترك ذراعه كما رفع كلتا يديه بجوار رأسه في إشارة إلى استسلامه وعدم رغبته في المبادرة في أي عمل من أعمال العنف بينما يقول بتبرير وهدوء: هذه خصوصية.. لا يمكنك أن تغزو مكان تتواجد به امرأة بهذه الطريقة.. أؤكد لك أنها بخير.. وأختك هي التي أمرت بهذا.. اتصل بها الآن وسوف تخبرك أن ما قلته صحيح، ولكن لا يوجد داعي لبث المزيد من الذعر لقلب تلك المرأة المسكينة أكثر مما هي مرعوبة بالفعل.

  لم يُجيبه مارك بينما ظل ينظر إلى عيون بيتروڤ بتحدي، وبعد ثوان معدودة من مسابقة التحديق بينهما، دس مارك يده في جيب بنطاله مخرجًا هاتفه بينما يواصل النظر في عيني بيت.

وجه مارك الهاتف لوجهه لينفتح على الفور باستخدام خاصية التعرف على الوجه مما جعله ليس بحاجة إلى إدخال الرمز السري بنفسه وبالتالي لم يقطع تحديقه في الرجل المقابل له.. ضغط على الشاشة عدة ضغطات دون أن ينظر للهاتف حتى قبل أن يشغل مكبر الصوت وهو لا يزال صامتًا لكن عيناه؛ كانت تنظر إلى بيتروڤ في عينيه بنظرة قاتلة، وكأنه يقول له "أن حياتك على المحك!"، لكن للأسف بالنسبة لمارك، ولحسن الحظ بالنسبة إلى بيتروڤ الذي لن يضطر للدخول في اشتباك معه.. على الأقل الآن، حين اخترق أذناهما تلك الرسالة الاستفزازية:


   "هذا الرقم الذي تحاول الاتصال به غير متاح.. يمكنك المحاولة مرة أخرى في وقتًا لاحق"


   وبينما كان مارك يستمع إلى هذه الرسالة، ضغط بقوة على شاشة هاتفه وهو يغلق المكالمة، بينما كان يصر على أسنانه بقوة لدرجة أن صوت طحن أسنانه وصل إلى أذني بيتروڤ، الذي ظن للحظة أن مارك كان على وشك تحطيم أسنانه إلى فتات بينما يهيئ نفسه لخطورة تلقي لكمةً منه!

أمسك مارك هاتفه بقوة لدرجة أنه كاد أن ينكسر في قبضته القاسية وهو يهدر في وجه بيتروڤ بانفعال شرس مكبوت من بين أسنانه المسكينة التي يكاد يسحقها من شدة انفعاله: لا تظن أنك نجوت من أسفل يدي.. لن أقتحم المنزل، لكن في اللحظة التي أستطيع فيها الوصول إلى شقيقتي وتخبرني أنك كنت تتحدث بالهراء، أعلم فقط أنه لن يكون هناك زقاق ولا زاوية في بريطانيا حيث يمكنك الهروب مني.. تذكر كلامي يا بيتروڤ فأنا رجل لا يتراجع عن كلامه ولو كان حد السيف يتواجد على عنقي!!

ثم لم ينتظر حتى رد فعل بيتروڤ على هذا التهديد، حيث استدار ليغادر وبالطبع كان يقصد ضرب كتف بيتروڤ بعنف بواسطة كتفه وهو يغادر المكان بينما تحترق الشياطين في عينيه، غير مدرك لما يحدث من حوله بحق خالق الجحيم.

أما بيتروڤ فلم يكن أمامه إلا أن يمسك كتفه بيده ويدلكه برفق وهو يتابع أثر اختفاء مارك من أمام عينيه ليردد في ضيق وسخرية: الخوف ليس منك يا مارك، بل من رد فعل أختك عندما تكتشف أنني لفقت الأمر برمته لها..

ثم أخفض رأسه وهزه بلا حول ولا قوة، واستمر يقول لنفسي وهو يهز كتفيه غير مبالي: إذا جاءك الطوفان، فلا خيار أمامك سوى أن تضع صديقتك أسفل قدميك.. أليس كذلك؟؟


ثم رفع رأسه مرة أخرى ناظرًا للأعلى وهو يتأمل السماء قائلا بحالمية ساخرة: آه يا فاينا.. أتمنى أن أصل إليكي قبل أخيك وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة بالتأكيد لنا جميعًا.

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅

(عودة للوقت الحالي في لندن، بريطانيا)

ولذلك قرر أن يتمهل ويبحث في الأمر بنفسه.. لقد حاول البحث عن اسم شقيقته، لكن لم تظهر له قاعدة معلومات خاصة بها، مما جعله يعلم أن معلوماتها محمية لحقيقة امتلك كل شخص قاعدة معلومات، بغض النظر عمن هو الشخص.. لا يهم، الجميع يمتلك ذيول إليهم، فلماذا المحامية الأكثر شهرة في روسيا لا يتواجد عنها شيء؟؟

لقد حاول البحث في قاعدة البيانات باسم أخيها غير الشقيق ماكسيم، لكنه عاد مرة أخرى بخيبة أمل كبيرة ومعها تشكلت علامة استفهام ضخمة في عقله حول: لماذا تم إخفاء معلوماتها ومعلومات شقيقها؟ ما هو السر وراء هذه الحماية القصوى؟

وبعد بحث مستفيض وعشرات وعشرات المرات الفاشلة... كشفت الوثائق التي قرأها وبحث فيها عن خبر نُشر قبل خمس سنوات.. في البداية، لم يكن يريد قراءة ذلك الخبر في المقام الأول وكان على وشك تخطيه من خلال قلب تلك الوثيقة والذهاب للبحث في وثيقة أخرى، ولكن في اللحظة الأخيرة وقع بصره على أول سطر بالمتن.. مما جعله يعاود قراءة الخبر باهتمام أكبر.. ولكن عقله المسكين لم يتوقع ما آلت إليه الأمور وكيف كانت حياة أخته..

فتح عينيه وسرعان ما توجه نظره إلى المكان الذي لا يريد رؤيته، إلى المقعد المجاور له، حيث كانت هناك كومة من الوثائق مكدسة فوق بعضها البعض وكانت أخر وثيقة نهائية تتواجد في الأعلى مخزنة في حافظة شفافة، وعلى رأسها هاتفه الذي ألقاه مع علبة سجائره وقداحته قبل دقيقة.

   ابتسم بشكل جانبي في عصبية عندما سقطت نظراته على الجمل التالية المكتوبة بالخط العريض:


"في تطور غير متوقع، تحولت حكومتنا من محاربة الجريمة لوضع يدها في يد البراتفا بذات نفسها!
فهل هذا عصر سيادة الجريمة أم أن هناك أجندات سرية لحكومتنا لم نعلم بها بعد؟!"


   وعندما انتهى من قراءة هذا العنوان انزلق بصره إلى الكلمة الأولى في متن الخبر.. وياليته لم يبصر أكثر من عنوان الخبر، حيث كانت الصاعقة عندما قرأ "آل نيكولاييف"!

  في البداية ظن أن عيناه قد خدعته، وأن الأمر برمته ربما كان مجرد تشابه في الأسماء، حتى قرر البحث عن لقب عائلتها فقط، وفي تلك اللحظة انفتح أمامه الصندوق الأسود لروسيا، الذي تكون فيها شقيقته ضلعًا رئيسيًا.

   ونتيجة لذلك الاكتشاف المظلم، لم يعد إلى القصر لهذه اللحظة.. فكيف سيواجه والديه بتلك الحقيقة؟؟ كيف؟!

كيف كان سيدعي أن كل شيء على ما يرام بينما لا يوجد شيْ واحد بخير؟

لقد كان غير راضٍ، غاضبًا، مضطربًا وحزينًا، لقد اجتمعت كل تلك المشاعر السلبية معًا عندما قرأ التاريخ الإجرامي لعائلة أخته الروسية.

   ليس الأمر كما لو أنه حكم على تلك العائلة بأنها عائلة سيئة، فهم ليسوا بأفضل منهم في النهاية، إنهم المافيا البريطانية، لكن من قواعد الأسرة عدم تدخل المرأة في تلك الشؤون الخطيرة.. وما قرأه عن تلك العائلة جعله يدرك أن أخته، الملاك البريء، لم تعد كذلك على الإطلاق!

   امتلأت عيناه بالدموع وهو يعاود قراءة هذا الخبر مرارا وتكرارا.. بدا وكأنه كان يأمل أنه عندما ينظر إلى أول كلمة في نص الخبر لن يجد لقب عائلتها، لكنه في كل مرة يقرأ الخبر يعود خائبا بينما يستقر الإدراك بداخله.. نعم ربما مرت أخته بذلك، تلك الفتاة الصغيرة البريئة التي كانت تكره منظر الدماء وكانت لطيفة كالبلسم في حياتهم.. هو فقط لم يستطع فهم هذا التغيير الجذري في حياة أخته، لو أنها في تلك الليلة لم تختفي، لربما كبرت بين احضانهم سلمية، بعيدًا عن القذارة التي دخلوها هم دون إرادة منهم وعلى الأغلب تم فرضها عليها أيضًا!!

"آه فاينا آه" نبس تلك الكلمات بقلب معذب، ليس فقط لما اكتشفه، بل لأنها لم تسمح له بمعرفة سرها.. قامت بمراوغته، أخذته من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، كذبة بعد أخرى حتى تاه معها في بحر من الأكاذيب بإصرار قاتل لدرجة أنه إذا كان لا يعرف ما يعرفه الآن، لأقسم أنها تقول الحقيقة ولشعر بالسوء تجاهها أيضًا!

انزلقت دمعة من عينيه وهو يقبض على شفته السفلية بأسنانه العلوية محاولاً كبت ذلك القهر الذي كان ينمو بداخله وهو ينظر أمامه إلى الفراغ دون أن يرى أي شيء على وجه الخصوص هامسًا بتصدع حزين: على ما يبدو أنني لم أعد أعرفك يا شقيقتي الحبيبة…وأن صورتك قد تغيرت في عيني بالفعل!!!

•❅───✧❅✦❅✧───❅•

🔴 لا تنسى التصويت بالضغط علي النجمة ⭐️ والتعليق بين الفقرات حتى يُكمل الفصل الشروط ١٠٠٠ تعليق و ١٠٠٠ تصويت، ليُنشر الفصل القادم بإذن الله قريبًا… رجاءاً لا تعلق بنقاط، حروف أو قلوب ولا أرقام أو أي تعليق ليس له معنى ولا يخص الرواية لأن هذه التعليقات لن تُحتسب 🔴

•❅───✧❅✦❅✧───❅
رجاءًا لا تنزعجوا من عدم تواجد ألكساندر اليوم بالفصل، فكما ترون ليس له مكان بأحداث اليوم، كما أن الفصل كان دسمًا بالفعل سيأخذكم في بحر من الأكاذيب والألاعيب من جانب جميع الشخصيات بالفصل؛ هذا بالطبع إذا لم تقوموا بتخطي السرد والقفز للنقاط الحوارية فقط، فحينها؛ قد فقدتم نصف المتعة بالفصل.. أما بالنسبة لألكساندر الحبيب سترونه من جديد في الفصل القادم مع معرفة ما الذي سيفعله بذلك الرأس البشري الذي فصله بنفسه عن جسد الرجل المعتدي!
•❅───✧❅✦❅✧───❅
»»————- ♡ ————-««

-انتهى الفصل السادس والستـون 7921 كلمة 👩🏼‍💻❤️

{شوية اسئلة نتسلى في الكومنتات بيهم}

س: من أي بلد تقرأ الفصل؟

س: كم من الوقت استغرقته في قراءة الفصل؟

س: فاينا؟

س: بيتروڤ؟

س: مارك؟

س: توقعاتكم للأحداث القادمة؟

دمتم بخير 💗🤗


Continua a leggere

Ti piacerà anche

240K 17K 28
حياتها أحجية معقده كاللعب بمُكعب الروبيك، فهل ستكون بالية بلعبها؟ All Rights Reserved To @goldwadna. [القصة حائزة على جائزة من مسابقة الواتيز العالمي...
489K 26.2K 54
فسخت ماريغولد خطبتها لتنقذ طفلا صغيرا، لكنها تجد نفسها متهمة بمحاولة خطفه من طرف خاله القاسي! يسجنها راعي البقر هارولان كينغ في إصطبل على أرضه عقابا...
2.6K 329 7
هذه شعلتنا، خذها؛ للتعرف على دروب الحب...
2.1M 75.3K 64
"لقد عاقبني الله على كل خطاياي برؤيتي للرجل الذي أعشقه يحب أختي" -أفروديت كامارينوس. ♠ ♠ ♠ ♠ ♠ ♠ في أعقاب مذبحة مروعة أودت بحياة عائلتها، تجد أفرودي...