الفصل السابع
في قصر الشافعي
جلست تسنيم مع أسد الذي مازال غاضب من تلك التي تدعى نور، مسكت تسنيم يده تتحدث معه فيما يخص الطفل وهي على علم تام أنه لا يستمع لأحد بقدرها
اردفت بهدوء : تمام بص خلي نور وحشة ومش كويسة، وفيها كتير اوي، وعملت حاجة محدش يسامحها عليها
قاطعها أسد قائلاً : أيوه أنا عايز افهم هي عملت ايه؟ تسنيم تعرفي حاجة؟
ردت تسنيم مقررة تغيير الموضوع : أنا معرفش غير إن عينيك دي موقعاني على بوزي
قَبل باطن كفها فأكملت : أسد رجع سليم لمامته على الأقل لحد ما يمسك نفسه بعدين وقتها مش هكلمك ولا هقولك بتعمل ايه، بلاش نظلم الاتنين الوقتي
تنهد أسد مستغفرًا واردف : مليش دعوة أنا مش هوديه
ردت هي بهدوء : تمام انا هوديه بس وصلني حتى لو هتستنى بره
وقف قائلاً : براحتك
كاد يذهب لكنها مسكت يده قائلة : أسد أنت روحي عارف ولا لا؟ أنت مكسبي من كل حاجة وأنا مش عايزة غيرك، اقولك على حاجة أنا بتمنى اخلف طفل واعيش كل ده بس أنت امنيتي الأولى فوق كل حاجة
جذبها تقف ثم اخذها في حضنه فبادلته ثم جهزت نفسها والصغير واتجهت تتحدث مع رعد الكبير وتستأذنه، أعاد رعد لظهره قائلاً : تسنيم
ردت بلهفة : نعم يا بابا
نفى بخفة وهو يبتسم، اتجهت وأشارت على جبينها حتى يُقبلها وبالفعل فعل ثم قال : يلا عشان متتأخروش
بالفعل اتجهت مع أسد إلى منزل المهدي ودخولها كان صدمة للجميع، تحدثت نور بحدة : عايزة ايه؟ جايه بابني هنا ليه؟ بتعاندي
نفت بخفة : تؤ تؤ مش كده أنا جايه بس اديكي ابنك واقولك تسنيم واحد أنتِ صفر
نظرت باتجاه ليلة ووالدتها التي تشاهد فقط، واردفت : ليه بقى؟ عايزة تعملي نفسك الصالحة الكويسة قدام الكل مش اكتر، وشوية وأسد هيجي ياخده تاني صح؟
رفع سليم وجهه يجذب نقاب تسنيم التي ابتسمت وهي تربط على ظهره واردفت : أنا واخده إذن أسد وكمان إذن بابا وجايه هنا عشان سليم مش عشانك خالص، أنتِ أصلا متستاهليش النعمة واقولك حاجة يا نور انا هقعد وأحط رجل على رجل وكل حاجة هتيجي عندي، مش هاخد حاجة عافية ولا هبقى الشريرة، أنتِ مقرفة وأنا مش هبقى ذيك، انا هلعب بشرف تعرفيه؟
اقتربت نور تسحب ابنها الذي بدأ بالبكاء سرعان ما صرخ بفزع فأكملت بخبث : براحة عليه، كان معايا ومع عشق منزلتش منه دمعة، المهم كنت بقول ايه؟ اة يعني مش هقول لأسد إن نور راحت حطت ليا علاج وهي السبب إني اتشاكل معاك ليل نهار عمال على بطال، ومش هقوله إنها عارفة تأثير الدوا دا قدام وإنه بيوصل لإدمان، ومش هقوله إني كان هيحصل ليا جلطة دماغية بسببها وهروح فيها، ومش هقوله إنها كانت هتموت أمه كمان لولا ستر ربنا، مش هقوله إنك خسيسة وتربية شوارع ومتمسيش لياسين المهدي بصلة ولا تخصي عشق المهدي بدم، مش هقوله كل ده وهلعب معاكي بشرف وصدقيني أنا استاهل كل الخير وربنا هيبعت ليا كل الخير، إنما اللي طبعه شيطاني لو عمل المستحيل ربنا عمره ما هينوله اللي في باله ... سلام عليكم
حسنًا نور قد وضعت السم في العصير لتسنيم، وتسنيم ردت نفس السم في الكلمات واظهرتها على حقيقتها أمام الكل، خرجت حيث أسد تضمه بقوة ثم ابتعدت وهي تحاوط وجهه قائلة : اوعدني تفضل جنبي لآخر يوم في عمرنا
رد هو بإبتسامة : وعد..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في صباح يوم جديد في ذاك المنزل
فتحت آيسل عيناها بعد ليلة صاخبه مع فهد، حقًا هي تخرج عليه الجنان بأنواعه وهو يتفنن في إظهار صبره عليها، اتجهت تغسل وجهها كذلك أسنانها ثم توضأت واتجهت تُصلي ركعتين، عادت تأخذ هاتفه وبدأت تهزه
تحدثت : فهد الباسورد ايه؟ قول يلا
رد بكلمات مقتضبة : ذكرى ميلاد ماما
أخبرها إياها فاتجهت تفتحه ثم رنت على والدها، دقيقة وأجاب : عايز ايه يا زفت؟ والله يا فهد ما هرحمك سامع
ردت هي بإبتسامة : أنا سيليا يا بابا، وحشتني اوي يا حبيبي
رد يوسف بلهفة : يا نور عيني وأنتِ أكتر، عاملة ايه طمنيني عليكي؟ ونفسيتك كويسة؟ سيليا لو متضايقة والله ما اتأخر عليكي أبدًا لو هشق الأرض عشانك
فرت دموعها وجلست تسند يدها بجانبها، تحدثت : انا كويسة يا حبيبي بس حضنك وحشني، وماما وحشتني كمان يعقوب وجاسمين ويزن وغيث، كلكم اوي
بدأ يطمئن على حالها كذلك هي وأغلقت معه ثم رنت على عشق التي أجابت : آيسل
ردت آيسل بلهفة : عيونها، عاملة ايه والبت تسنيم ومعاذ، وحشتوني يا عيال اوي
بدأت تشعر بالحنين للجميع، وضعت الهاتف ووجدت فهد يخرج ممررًا يده في شعره، تحدث بهدوء : صباح الخير
هزت رأسها بحركات بسيطة واردفت : عايزة ارجع لحياتي يا فهد، لحد أمته هنفضل هنا؟ أنا زهقت ودا مش مكاني
جلس على ركبتيه أمامها ومسك يديها قائلاً : فين مكانك وأنا هاجي معاكي ليه يا آيسل
دفعت يديه قائلة بانفعال : أنا مش آيسل، آيسل ماتت يا فهد خلاص واللي قدامك سيليا يوسف، آيسل معدتش موجودة والوقتي رجعت البنت اللي كان عندها تلت سنين تكمل، فهد أنا الجارية آيسل اللي كنت بتعمل فيها اللي عايزه، أنت جرحتني كتير اوي ووجعت قلبي، قهرتني كتير، أنا مش عايزة العيش دي ولا عايزاك يا فهد، انا عايزة ناس بتحبني، أنت لحد الآن مستكتر الكلمة عليا يا فهد
فرت دموعها وهي تقف تعطيها ظهره ثم قالت : عشان خاطر ربنا طلقني وسبني ليهم، هما بيحبوني وعايزني مبسوطة على عكسك، انا حياتهم هما يا فهد بس أنت مش حاجة غير إنك أناني فيا
أعطته ظهرها وهي تحسم أمرها قائلة : ارمي اليمين عليا يا فهد وأنت من طريق، وأنا من طريق
ظل صامت ثواني معدودة وهي متجهة للغرفة فاردف : أنا بحبك يا آيسل
وقفت مكانها وبدأت دقات قلبها تتصاعد فأكمل : أيوه بحبك أنتِ مش هي، بحبك من زمان اوي لدرجة إني مش فاكر، يا ترى من اول مرة شوفتك ولا من يوم ما كشفتي سري لوحدك، ولا لما كلمت اخويا ولقيتك جنبه وحسيت إن الغيرة بتموتني، ولا لما هزرتي مع الشباب وكنت كل مرة اقصد اجرحك عشان تبعدي عن ده كله، ولا لما هربت منك ورجعت سينا، ولا لما دموعك كانت بتكسر حاجة جوايا، ولا لما بقيتي ملكي
التفتت له فأردف : انا فاكر ليكي كل حاجة، سيليا مين؟ أنا بحب مراتي آيسل اللي ادتني كل حاجة جواها، آيسل اللي الوحيدة قدرت تتحملني، آيسل الحنينة، آيسل اللي كانت بتخليني ارتكب ذنوب مقصودة لمجرد إني حابب ابص في وشها، سيليا مين؟ سيليا ايه؟ لو آيسل ماتت ففهد مات
انهمرت دموعها واقتربت منه تقف أمامه ثم حاوطت وجهه تُقبله وهي تبكي، همست وسط بكائها : أنا اللي بحبك اوي يا فهد، بحبك من زمان اوي، بحبك وحبي ليك فوق كل حاجة، بعشقك
ضمها بقوة داخل أحضانه كذلك هي تبادله وهنا انتهت مشقة الفهد، وبدأ غرام الفهد...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في مستشفى الشافعي
دخلت عشق الصغيرة المكتب عقب إحضارها الكثير والكثير من الأغراض، وضعت الأكياس على المكتب وهي تقف أمامه تخرج بضع أشياء تريه إياها، جذب يدها حتى تقف أمامه
أردف رعد بخبث : مفيش حاجة من بتوع المتجوزين؟
عشق بعدم فهم : حاجة ايه؟
رد رعد بمرح : تعالي تعالي وأنا اقولك
جذبها فاتجهت تجلس في حضنه تحاوط عنقه، بدأ يشرح لها عن هذه الأشياء وهي تحرك رأسها وتكتم ضحكتها، تحدث بمرح : وهتبقى حلوة عليكي خصوصًا إنك بعد الخلفة بقيتي ..
وضعت يدها على فمه، ضحك بخبث وهو يقول : من ساعة ما جيه ابن الكلب ده وبقيتي بتتكسفي كسوف غير عادي
انزلت عيناها بخجل فاقترب مكملاً : برضو اتكسفتي، تعالي نشوف حل لكسوفك ده
واقترب ينهل من شهدها وفي نفس الوقت انفتح الباب، شهقت عشق بخجل وكادت تقف لكن رعد يثبتها، زياد يقف بجانب صفا التي لا تستوعب المنظر واردف زياد : عذرًا العيب مننا عشان مخبطناش، كمل يا دكتور أسفين على المقاطعة
عاد يغلق الباب وتعالت قهقهات رعد واردفت عشق وهي تضربه بخفة : مش على أساس بتتكسف، راح فين كسوفك؟
رد رعد بمرح : معتش بينا، معتش بينا
خرجت معه وكلاهما يحمل الأغراض، وقف أمام زياد الذي قال بضحك : أوام كسبت عادات الغرب
حاوط خصر عشق قائلاً : بس دي حلالي الوقتي، وبصراحة لا تُقاوم
وقَبل وجنة عشق التي أغمضت عيناها بقوة، استأذنت ثم ذهبت سريعًا وتعالت قهقهات رعد، وقفت صفا أمامها قائلة : متقلقيش بكره يزهق
وكأن دلو من الثلج قام أحدهم بسكبه على رأسها، سارت من أمامها كأنها مرض مُعدي أو شيء مؤذي يسير خلفها وكلماتها كالسهام التي هدمت لذة لحظات مرت...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
بعد مرور يومين
طرقات على باب مكتب زاد الذي منغمس وسط ملفاته اللانهائية، أذن للطارق بالدخول ظنًا أنها السكرتيرة الخاصة به، فتحت تيا الباب ثم وقفت أمامه تشاهده بأعين لا يقل عشقها مقدار إنش واحد
رفع عيناه قائلاً بعفوية : خير يا سهير؟ .. تيا!
ردت تيا بهدوء : أيوه تيا، صباح الخير يا زاد بيه وآسفة على إني جيت بدون موعد بس معتقدش حضرتك كنت هترحب بالفكرة، على العموم أنا جايه اوريك العقد بتاعي وبطالب إني اكمل شغل في الشركة هنا كسكرتيرة، مش شرط لحضرتك ممكن لأي مدير تنفيذي تاني
التقط زاد العقد يتفحص شروطه واكتفى بهز رأسه واردف : لا، اتفضلي الآنسة سهير بره تقدري تبدأي شغل معاها، نورتينا مرة تانية يا آنسة تيا
اكتفت بهز رأسها وهي تأخذ منه العقد، عاد يغرق في العمل حتى خرجت وأغلقت الباب، رن على والدتها التي أجابت فاردف : هي جات ليه؟
ردت تالا بهدوء : حسام سابها فترة والمفروض إنها جايه ليك عشان تكرهك، شجعها بقى
زاد بزفير : تمام اللي فيه الخير يقدمه ربنا، سلام
أغلق معها وترك الهاتف وهو يعيد رأسه للخلف، يبدو أن الحكاية لن تنتهي أبدًا..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
تمددت آيسل في حضن فهد الذي يحاوطها جيدًا ولا يشعر بالملل من الحديث معها، تبدو في غاية السعادة لأنه سوف يبقى معها فترة جيدة بسبب بقائه فترة طويلة في العمل، تتحدث عن مغماراتها مع يعقوب أخيها وتوصف له بطفولية
مسك يدها التي تحركها وهي توصف واردف : كفاية
صعدت لحضنه تسند يديها على صدره وتضع ذقنها عليهما واردفت : غيران عشان كنت مبسوطة وأنا بعيد عنك، أحسن تستاهل عشان بعد كده تعرف إن مكانك جنبي أنا وبس
تأملها واردف : سبحان من صورك في أحسن صورة
تساءلت بحماس : يا ترى أنا أخد كام من عشرة من فتاة احلامك؟
اعتدل جالسًا يضمها له يُقبل وجهها ثم التقط هاتفه يرن على خاله الذي أجاب : عايز ايه؟
رد فهد بإبتسامة بسيطة : بطمن عليك انا غلطان! وكنت حابب اقولك انا آسف، زودتها معاك اوي عارف
اتسعت أعين آيسل وهي لا تصدق أنه يعتذر بسهولة، رد يوسف : سبحان الله! فهد بنفسه، قادر يا رب على كل شيء، وبنوتي عاملة ايه؟
ردت آيسل بمرح : أنا عشرة على عشرة يا بابا ومبسوطة اوي
ابتسم يوسف قائلاً : مفعول فهد باين، ربنا يسعدكم يا ولادي ويهدي سركم وأشوف ولادكم قريب، شد حيلك يا فهد شكلك بقى وحش وسط أخواتك
صرخت آيسل بصدمة : بابا!
رد فهد بمرح جديد عليهم : دعواتك يا خالي
أغلق معه ورن على عشق التي ما إن سمع صوتها شعرت بأعينه تلمع، كيف له أن يحب أمه لهذه الدرجة! هو عاشق لوالدته بشكل جنوني
أغلق معها واردف : أنا أمي وحشتني اوي، وبكره حفلة شغف اكيد، تعالي نرجع النهاردة ويومين كده ولو عايزة نيجي معنديش مانع
ابتسمت قائلة بتأكيد : المهم نبقى سوا هنا او هناك
أردف هو : كمان حابب اتكلم معاكي في موضوع كده عشان متزعليش، بخصوص كلمة بابا وماما يعني متستنيش مني اقولها لحد غير بابا وماما، بصي يا آيسل أنا ابويا شاف المستحيل فين وعمله ليا أنا وأخواتي، حرفيًا كان ومازال أحسن أب في الكون كله، من وقت ما كنت طفل ولحد النهاردة هو ضهري وسندي واللي بمشي على حسه، وأمي دي بحسها هي اللي حتة مني مش العكس، هي روحي وكل الحلو ليا، أنا اتربيت على إني اخد من بابا واكن الحب لأمي، مش هقدر اقول الكلمتين دول لغيرهم أبدًا
تفهمت موقفه وارتفعت تُقبل وجنته قائلة : فاهماك يا حبيبي ومعندنيش مانع متقولهاش، بس انا احسن منك وهقولها ومش عشانك لا دول عشان هما بقوا ليا ذي بابا وماما بجد، كفاية ادوني العسل ده يا اخواتي
ابتسم فهد بخفة ووقف وهو يحملها قائلاً : خالي وصاني عليكي، الحق انفذ قبل ما نرجع
انفجرت ضاحكة وهي تحاوط عنقه بدلال..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في قصر الشافعي
عاد الجميع من العمل يجلسوا سويًا كالمعتاد ولم يتناولوا الغداء بعد، تذكرت عشق الصغيرة حديث الكبيرة مع الخادمة التي تساعد نور، خرجت منهارة كأنها خرجت من الجنة وكان أقل واجب هو طردها من هنا
آدم يتحدث مع رزان عن حالها ويشاركهم ابنه الصغير، أسد يتهامس مع تسنيم التي لا تكف عن الرمش بخجل، عشق تضع يدها على وجهها فاردفت شغف : المطلقة، خير؟
ردت عشق بانزعاج : ملكيش دعوة بيا سامعة؟
رسالة وصلت الجميع من عشق الكبير تكتب فيها :
" شغف بكره هتكمل الـ 18 محدش يقولها حاجة، واللي ناسي يفتكر "
نظروا لها وابتسموا جميعهم، ارسل الجميع أنه مُتذكر والهدايا جاهزة، أشار الكبير له قائلاً : تعالي يا شغف جنبي
اتجهت بجانب والدها الذي حاوط كتفها قائلاً : نفسك في حاجة في الدنيا دي؟ اي حاجة حاسه إنها ناقصاكي
ردت شغف بإبتسامة : تحضني كل يوم، كان نفسي أبقى ولد عشان تحبني ذي أخواتي
كلمات بسيطة جعلت رعد يتجمد مكانه، ضمها لحضنه بقوة وبادلته هي قائلة : اة كمان نفسي مخافش من حضرتك واتعامل ذي آيسل وجاسمين مع خالو يوسف
ابتسم بخفة قائلاً : لما امنعك قولي نفسي، انا زعلت منك يا شغف اوي، دا أنتِ الـ ...
ردت عشق بضيق : أنا هنا يعني متوحدش شغف بس، عايز تحب في بنتك مش قدامي انا بقول اهو
قَبل جبين شغف وضم عشقه له معها، ظل يتحدث مع كلاهما وهو يقسم اهتمامه وقتها عليهما، فجأة تحدثت آيسل بحماس ومرح : انا جيت
صاحت الفتيات بمرح واتجهت آيسل تضمهم ثم سلمت على رعد الكبير وأشارت للشباب، تحدثت عشق الكبيرة بمرح : هتطلقي امته؟
آيسل بمرح وهي تضمها : على قلبك، تغور الدنيا كلها بس محدش هيفرقني عنك
غمز فهد لوالده الذي أشار له بفخر، نظرت باتجاه تسنيم التي قالت : وأنا كمان على قلبك معاها، أنا مكاني هنا
وأشارت على قلب أسد الذي ضمها لحضنه، تحدث ريان بمرح : تخلوا الواحد يبغي والله
ردت آيسل : اة يلا اتجدعن
تساءلت عشق الصغيرة بمرح : والكرامة؟
أشارت بيدها قائلة : لا كرامة بين الأزواج، بصوا والله لو جبتولي حرب هقلبها تراب الوقتي
تعالت ضحكات الجميع واتجهوا يتناولوا الطعام سويًا، عادوا يجلسوا والجميع يمرح حتى أن سيلين وشادن أتوا إلى شغف متذكرين ذكرى ميلادها، جلست عشق بجانب ابنتها تتحدث معها وسط الفتيات
" مين عمل الحرام ومبسوط؟ "
سؤال سألته عشق الكبيرة سرعان ما رفعت الفتيات أعينهم، أكملت عشق : بصوا يا بناتي أنتم صغيرين لسه، خليكم فاكرين السؤال ده مفهوم يا شغف؟
أكدت برأسها فاردفت : جايز تحسي أننا حكمناكي لما باباكي خلاكي تلبسي الحجاب أول أما بلغتي، جايز تحسي إنك اتخنقتي لما منعنا اي واحد من شباب العيلة يكلمك على التليفون بس احنا يا بنتي بنخاف عليكي اوي
ردت شادن بضيق : بس دي قلة ثقة يا عمتي
نظرت شغف لها وتوترت ملامحها فاردفت عشق : لا مش قلة ثقة بالعكس لو قلة ثقة مكناش سبناها تمشي معاكم براحتها، احنا خايفين عليكي يا شغف
عادت تقولها فاردفت شادن : من ايه؟ جربتوا تسألوا نفسكم يا عمتي
ردت عشق بهدوء : من عقاب ربنا يا شغف، بنخاف عليكي اوي ومن عيون الناس اللي مش كويسة، باباكي اة مش بيتكلم معاكي كتير بس حواليكي في كل حتة، شغف اة اللي حواليكي اكبر منك وملبسوش الحجاب بس أنتِ اللي تخصينا، أنتِ شغفنا بتاعتنا
أشار رعد لها فاتجهت بجانبه، حاوط كتفها قائلاً : قدام اخواتك كلهم أنا بقولك أنتِ فوقهم، أنتِ نور عيني والجزء الحنين يا شغف، من تمنتاشر سنة وذي الوقتي كان جوايا كل المشاعر الحلوة، كان جوايا حلم كبير وربنا قربه مني وهو اخلف بنت، على يدك دوقت كل حاجة، انا خوفت عليكي اعاملك ذي اخواتك لأنك محتاجة الحلو بس
فرت دموعها سرعان ما مسحتها والجميع يعبر لها عن محبته، مرر رعد يده عند أنفه متذكرًا وضع عشق حينها، أشار لها أن تأتي وأخذها في حضنه، تحدثت شغف : أنا بحبكم كلكم اوي
كأن دروس شغف سوف تبدأ من هذه اللحظة، الأولاد يتم تربيتهم على هذه الدروس لكن الفتيات تحتاج للاستيعاب أولاً قبل أن تبني داخلهم الخير..
في اليوم التالي
فتحت شغف عيناها على صوت حولها وجدت امها بجانبها زوجات اخواتها، وصديقاتها، صرخت عشق الصغيرة وهي تفرقع بالونة بأظافرها واردفوا : سنة حلوة يا جميل، سنة حلوة يا شغوفة، سنة حلوة يا جميل
جلست امها وهي تحمل كيكة صغيرة، ابتسمت وهي تنفخ الشمعة ثم قبلتها على ثغرها وضمتها قائلة : يا نور عيني يا ماما
عشق بإبتسامة : يلا باباكي مستنيكي ضروري تحت وبيقولك اتوضي والبسي الهدوم اللي أنا حطيتها في الحمام
شغف وهي تقفز بحماس : حاضر فوريرة
نزلت حيث اخواتها تضم كل واحد ثم قالت : بابا فين؟
رد آدم : في المسجد مستنيكي، العباية هتاكل منك حتة
دارت حول نفسها كالفراشة وهن يتأملوا العباية السوداء، اتجهت للمسجد وصلى رعد بها كثيرًا، سبح على يد ابنته ثم خرج بها واتجه يوزع معها الكثير والكثير على اليتامى والفقراء والمساكين، لعبت في الملاجىء مع الأطفال وسارت في الشوارع تساعد الناس، أطفال مشردين وجدت لهم المكان وهي تسير بعشوائية مع والدها
عادت مُنهكة وهو يسندها قائلاً : معلش يا حبيبتي
ردت شغف بمرح : من الساعة تمانية لخمسة كتير على شغوفة بس انا مبسوطة
رد رعد وهو يُقبل جبينها : وأنا مبسوط، يلا اطلعي اتوضي وصلي المغرب بعدين البسي الفستان اللي على السرير وحجابه وانزلي
ردت شغف بإبتسامة : فوريرة
اتجهت لأعلى كذلك رعد لجناحه وجد عشق تجلس وتبتسم، تحدث رعد : السلام عليكم، ناوية على ايه؟
نظرت له بخبث واردفت : كل خير يا حبيبي! ليلتك فلة النهاردة
انحنى يُقبل جبينها واردف : ايامي كلها كده بوجودك
لمعت عيناها ووقفت تضمه لها، نزلت شغف وجدت والدها فعل وليمة للجميع، جلست تأكل وسطهم والسعادة بادية على ملامحها، احضر قالب حلويات كبير لها وتناول القصر كله منه قائلين حلويات شغف، حين يتذوق أحدهم طعمه يدعي لها بالكثير، شغف أميرة والدها واليوم تأكدت من هذا، انتهوا وصعد رعد يُصلي ويدعي لها بالأعلى ثم عاد، ذهب الجميع وظل رفاقها وعائلة يوسف
جلست شغف معهم واردفت قائلة : فين الهدايا؟ خلاص بابا النهاردة هديتي كلفته كتير، فينك يا ماما؟
وقف يوسف قائلاً بمرح : واحنا عندنا كم شغف!
وقف رعد الكبير قائلاً : لا استني دي بنتي وأنا الأولى
أعطاها عبوة فتحتها سرعان ما شهقت بصدمة، صرخت بسعادة وهي تضمه ثم بكت بعفوية واردفت : خلاص مش عايزة هدايا تاني، خلاص والله مش هاخد حاجة تانية
وبالفعل هذا ما حدث فهي بعد الخمس سيارات لم تقبل هدية آخرى، تحدث رعد : من غير سواق على فكرة
ضحكت بسعادة وهنا عقدت شادن حاجبيها بانزعاج فقد أخبرتها أن والدها احضر لها واحدة، والآن لشغف خمسة في ذات الوقت
تحدث يوسف بمرح : يعني اعمل ايه في هديتي
شغف بمرح : رخصة ليك أنت بس، هاتها يا خالو
رد يوسف بصوت منخفض : وهو ينفع عربية من غير سكوتر؟
اتسعت عيناها بصدمة وهي تضمه فاردفت عشق بحدة : زادت منك أنت ورعد اوي يا يوسف
هدايا كثير اخذتها من الجميع، جلست بجانب سيلين قائلة : فين هديتي؟ والله ازعل منك لو ما جبتي ليا حاجة
توترت ملامحها وانزلت عيناها قائلة : جبت اكيد
ردت هي بحدة : طلعي يلا عشان مزعلكيش
تتحمس بهدية سيلين فهي كل عام تهديها سلسلة رقيقة مثلها، دائمًا ما تتفنن كل عام بإخراج أرق ما لديها، عبارة عن وردة صغيرة واردفت : أنتِ في حياتي
ردت شغف : لبسيني وقلعيني القديمة، دي هتفضل معايا سنة كاملة لحد اللي بعدها
ردت شادن بضيق : اشتريت ليكي واحدة دهب أبيض، متلبسيش دي يا شغف مش حلوة، دي جايه من ..
ضربتها شغف قائلة : متكلميش، وبعدين ايه لازمة الهدية لما تيجي من جيب حد؟ انا عايزة حاجة تعبانين فيها وبكره لما سيلين تبقى دكتور لو مجابتش ليا الماس هموتها
ضحكت سيلين وضمت شغف الفتيات، دخل الشباب مع يوسف وأولاده ووالدهم الذي جلس بجانب زوجته التي قالت : عيلة مش سهلة بنت عمار دي
أشار لها بالصمت واردفت عشق : صحيح افتكرت، الوقتي في سنة من السنين الأستاذ ابوكم كان بيحب واحدة
انتبه الجميع لها واردف رعد : مش معقول!
أكملت بغيظ : وقال ايه عنيها وودانها وقفاها ومش عارفة ايه!
تعالت ضحكات الفتيات وابتسم رعد، فاردفت : وقالي لما آخر طفل لينا يكمل تمنتاشر سنة هيقولي مين البومة، المهز...
قاطعها قائلاً : عشق!
نظر الجميع لبعضهم البعض واردفت عشق بصدمة : أنت بتزعق ليا عشانها! دي فيها طلاق الليلة دي، أنت بجد لسه فاكرها يا رعد؟
وضعت يدها على فمها تنظر لهم، واردف : أيوه متتنساش، الذنب المقصود دي
وقفت عشق قائلة : هتقولي ذنب مقصود تاني، أنت عايز تحرق دمي! انا سكتت سنين بس والله ما هعديها الليلة دي
تحدثت عشق الصغيرة بخفوت : حتى أنت يا بابا، انا بقول الرجالة كلهم خاينين
نظرت آيسل لها كذلك تسنيم التي قالت : الحوار فيه ماما مش عارفة ليه حاسه كده
جذبها رعد حتى تجلس واردف : استهدي بالله كده، عايزة ايه الوقتي؟
رد بكلمات بسيطة : خير المعرفة
صرخت به بحدة : يا نهار ابيض! سيلا ولا جمان ولا همس ولا لارا ولا چيلان ولا يارا ولا زينة، انطق بقولك!
عاد يقول كلمتين : هي عشق الرعد
صرخت بانفعال : أنت كمان بتقول عليها عشقك، شوفتها فين؟
محادثة لذيذة بينهم والجميع ينتبه، اردف هو : أول مرة في صورة ولفتت انتباهي، بعدين شوفتها في مكان كنت رايح في مهمة
ضيقت عيناها بغيظ : وبعدين؟
رد هو : اخدتها في عربيتي وحصل ليها أزمة معايا، كنت بلف حوالين نفسي وفين وفين عما فهمتها
عادت تقول وهي لا تصدق : بعدين؟
عاد يجيب على سؤالها التي تظن أن إجابته سوف تكسر شيئًا داخلها : توهت في ملامحها، ومن يومها وهي مفارقتنيش لحظة، شعرها مكنش طويل ولا قصير ذي شعرك، أنفها ذيك، حلوة اوي وجمالها فوق الحدود، عينيها تسحر بسوادها، ضحكتها حلوة ذي ضحكتك بالظبط، عندها غمازة في دقنها بتبان كل دقيقة، قبل سنين طويلة قولتلك إنها شبهك والنهاردة بقولك هي أنتِ يا عشق...
وقعت دمعة يتيمة على وجنتها واردفت : آسفة على الدراما اللي حصلت بس ابوكم مُتعب، مُتعب اوي
أخذت منديل تمسح أنفها واكملت : وظالم
ابتسمت سيلا تستند على كتف يوسف الذي قال : شوفتي إن الجواز مني أحلى إزاي
تعالت ضحكات الجميع ووقف الكبير مشيرًا لشغف واردف : تعالي معايا عشر دقايق
اتجه معها للمكتب يجلس وهي أمامه، مسك يديها بين يده واردف : أنا هعتبرك النهاردة اتولدتي يا شغف، لازم تبدأي تستوعبي كل حاجة في الدنيا، النهاردة احنا طلعنا عملنا ايه؟
ردت بعفوية : وزعنا حاجات كتيرة اوي، ودبحنا دبايح وادينا للناس، احنا صرفنا اكتر اوي
سألها رعد بهدوء : دي فلوس مين؟
ردت شغف باستغراب : اكيد بتاعت حضرتك
نفى بخفة واردف : كل دا بتاع ربنا مش بتاعي ولا بتاعي ولا بتاع حد، احنا ملناش اي حاجة في كل ده، يا شغف اللي عملناه دا اسمه صدقة والصدقة دي مش بتطلع للناس
عقدت حاجبيها بعدم فهم فأكمل : دي بتطلع لربنا
ردت شغف باستغراب : يعني فلوس من ربنا لربنا
أكد بخفة وأخرج ثلاثة فيزات، واردف : دول بتوعك ذي اخواتك، كل شهر بيتحط في كل واحدة فلوس تلقائي وبعدها صدقتك على فلوسك يا شغف، عايزك تفهمي إن لو انا اديتك عشرة جنية وروحتي اتصدقتي بجنية هيرجعلك مية، ومن المية عشرة هترجع ألف، اتعاملي مع ربنا يا شغف
تساءلت بعفوية : كلكم بتعملوا كده؟
رد بإبتسامة : الحمد لله أيوه كلنا، كلنا واحنا مطمئنين يعني مرة شوفتي آدم اشتكى من شغله قدامنا؟
نفت فأكمل : حد من اخواتك قال دا كذا في شغلي؟
عادت تنفي فاردف : كلنا بنعامل ربنا واللي بيعامل ربنا مش بيغلب أبدًا يا شغف، الصدقة يا شغف بتطهر القلب والنفس والمال وبتدفع عنك البلاء، كمان مش لازم يا شغف يبقى معاكي مال الدنيا كله عشان تتصدقي، لو اديتك جنية يا شغف خليكي مُلزمة بصدقة منه ترتاحي يا حبيبة بابا
أكدت رأسها بحماس وبعدما تيقن أنها فهمت كل شيء وقف، اتجه للخارج معها وهو يحاوط كتفها وقد شعر أن شغف يجب أن تتنور، لكن نورها على عشق وليس عليه...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في الليل وعقب ذهاب الجميع
كاد فهد يتجه إلى منزله خلف زوجته لكن رعد الصغير مسك ذراعه يمنعه، نظر أسد باتجاهه وتعالت ضحكاته الخبيثة وهو يقول : أصلك يا فهد عملت إنجاز الوقتي وعايزين نعرف سر الوصفة
رد فهد بثقة : خطفتها وعلى رأي الكبير هما يحبوا الممنوع، خليك لين معاها وصدقني هتجيب مفعول
أشار رعد لهم وصعد سريعًا بعدما لاحظ أن التأثير بالسلب عليها كبير جدًا، منذ أن كانوا في المستشفى ولا يعلم ما حدث لها حينها..
أما فهد فقد اتجه لمنزله وجدها تقف وتمشط خصلاتها، ضمها من ظهرها واردف : بتسبقيني ليه؟ وايه الحلاوة دي؟
التفت تضمه بينما أتى أسد من خلفها دون صوت ثم حملها فجأة، صرخت بفزع وهي تلقي الكتاب سرعان ما انفجر ضاحكًا
حاوطت عنقه قائلة : يعني دا منظر؟ ربنا يسامحك بجد
ألقاها على السرير سرعان ما صرخت فاردف : يعني أنا غلطان! هصالحك
اعتدلت جالسة وأشارت بيدها : لا متشكرة
رد أسد بخبث : لا والله أبدًا، أنا مُصر اصالحك
عادت تضحك وبعد عدة ساعات فاق أسد على صوت اهتزاز هاتفه، التقطه وجد رقم نور فأجاب : سلام عليكم
ردت نور ببكاء : الحقني يا أسد سليم تعبان اوي، سليم بيموت وأنا مش عارفة اعمل ايه! أنا في البيت و ..
فتحت تسنيم عيناها قائلة : في ايه؟
اعتدل جالسًا واردف بانفعال : أنتِ متخلفة! ما ترني على الإسعاف ولا قولي لحد
صرخت نور به : اقول لمين يجري بابنك أنت؟
أغلق بوجهها وألقى الهاتف ثم اتجه يحضر ملابس، اردفت تسنيم بقلق : مالك؟
رد بكلمات بسيطة : سليم تعبان اوي
ردت هي : هاجي معاك
لم يعلق وبالفعل وجودها افضل فهو مُعرض لكسر رأس نور ومَن يخصها الآن، وصلوا قصر المهدى ونزلت نور بالصغير الذي حمله أسد، لا يتنفس جيدًا ويخرج أصوات أزير
أخذته تسنيم من أسد فاردفت نور : أنت بتديه ليها ليه؟ هاتي ابني
دفعتها تسنيم بحدة واتجهت تجلس في السيارة، بدأت تعدل وضعه وتفك الملابس الضيقة عنه، لم تفعل شيء سوا أن ضمته لحضنها وبدأت تقرأ عليه قرآن
تحدث أسد بحدة : ايه اللي حصله؟
ردت نور : مش عارفة، كان كويس شوف مراتك اديته ايه ليا قبل ما يجي، هي صيدلانية وعارفة الحاجات دي
صدقت تسنيم واردفت : مش كل الناس معندهمش شرف المهنة ذيك يا نور، أنا تسنيم مش نور
نظرت بتحدي في المرآة واردف أسد بحدة : مش وقته خالص كلامكم ده
هدأ الطفل قليلاً في حضن تسنيم ولم يلاحظ هذا إلا نور، دخلوا المستشفى وأخذه الطبيبة مع نور يفحصه، وقفت تسنيم تستند عليه دقائق وخرجت قائلة : دي أزمة ومحتاج يدخل العناية فورًا
بدأت تشرح وضعه لأسد الذي كان كالتائه، وجود الطفل شيء وذهابه شيء آخر، ظل طوال الليل مع الاثنين واتجهت تسنيم تترك المجال لهما، تحدث أسد : ايه اللي حصل ومتجبيش سيرة تسنيم عشان أنا مش طايقك
ردت نور بحزن : معرفش، هو كان كويس يا أسد، تخيل لو اتأخرت أو طنشت، أسد سليم ابنك أنت مش ابن بابا او حد من اللي عندنا، دا واجبك
تحدث أسد بهدوء : عملتي ايه يخلي بابا يعمل معاكي كده؟ أنا بابا عمره ما كان كده مع أي حد، نور بابا ميتحولش غير إن كان الأمر يخص أمي
تحدثت بحدة : دا خبث تسنيم صح؟ محصلش حاجة من دي ولو ...
قاطعها أسد قائلاً : مفيش حاجة اسمها لو، احنا هنطلق يا نور
كلمات سقطت كالنار عليها، وقفت قائلة : اللي يريحك بس لما ابنك يموت اعرف إن دا ذنبك مش ذنبي
تجاهل الرد وهو يحسم أمره لكن وضع ابنه يسوء، وقف أمام عناية الأطفال يتابعه ولم يقوي على الثبات أمامه، حاوطته تسنيم فأخذها في حضنه قائلاً : أنا خايف عليه اوي
نفت بخفة قائلة : هيبقى كويس يا حبيبي متقلقش، ربنا جابه ليك بعد شوقه كبيرة وبعد ما خلاص كنت مفكر ربنا هيديك طفل
كيف يخبرها في هذا الوضع أنه لم يكن يريد سواها؟ كيف يخبرها أن التفكير في هذا الطفل كان يمزقه من الداخل بسببها؟ كيف وكيف!
هو الآن يقوم أحدهم بتعليقه من عنقه، ذنب طفله وذنب نفسه وذنب تسنيم، الموضوع لا يخص نور الآن..
سمعته نور وهو يقول لتسنيم : انا بين نارين يا تسنيم، نارك ونار ابني..
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
وصلت عشق المكان مع رعد الذي جبرها على الذهاب له بعدما أخذ المفتاح من والده، أغلق الباب بعدما دخلت واتجهت عشق تجلس وتسند يديها بجانبها
اردفت بهدوء : وبعدين معاك؟
رد رعد بهدوء : أنا عايز اعرف رجعتي اتغيرتي ليه من يوم ما كنتِ معايا في المستشفى؟
ردت عشق بتنهيد : مفيش بس ذي ما تقول كده انا فوقت تاني، حسيت قد ايه انا غبية
تحدث هو بغضب مكبوت : ولسه واخدة بالك يعني! ولا عشان رجعتي شوفتي صفا تاني
وقفت عشق قائلة بانفعال : هترجع تقولي صفا وزفت تاني! على فكرة في الأول كنت شايفاها حاجة بس بعد ما فكرت ولقيتها بتحاول تاخد واحد متجوز عرفت انها متستاهلش التفكير
رد رعد بهدوء : هي كانت بتحبني من قبلك
صرخت به بغضب : ما تحبك، ما تولعوا في بعض انا مالي! انا همشي من هنا
كادت تذهب لكنها سحبها واردف : الوقت اتأخر وأنا مش جاي اتكلم عن صفا
صرخت بانفعال : انا مش قاعدة هنا لحظة
لم يجد حل سوا دفعها داخل أحد الغرف واغلق الباب، جلست عشق داخل الغرفة عقب إغلاق رعد الباب عليها تبكي بانهيار، من المفترض أنه أحضرها هنا لفض النقاش الذي بينهما لكن ما تراه هو أنه تولد نقاش اكبر، لما ما زال يتحدث مع تلك التي تدعى صفا؟ لما لا يرحمها من وجودها؟
رن هاتفها سرعان ما أجابت : أيوه يا آيسل
ردت صفا : انا مش آيسل، انا الدكتورة صفا
أتى رد عشق بعنف : عايزة ايه؟ بترني عليا ليه؟ ولما بينكم بحر من العشق بيخطفني ليه؟ فهميني!
اردفت الآخرى بهدوء : رعد خايف على ابنه يا عشق مش اكتر، هو معتش بيحبك ولو بيحبك فعلاً مكنش حصل بينا حاجة
شحب وجه عشق وهي تقول : حصل ايه؟
ردت صفا ببرود : مش انا اللي المفروض اقول، اسأليه
أغلقت بوجه عشق التي وقفت تطرق على الباب بقوة وغضب، بدأت تصرخ بجنون : رعد افتح وكلمني، يا رعد ايه اللي حصل بينكم، الهانم لسه قافلة معايا قولي هي بتقول الحقيقة؟ يا رعد
فتح الباب واردف بقلق : هي قالت ليكي ايه؟
أردفت صارخًة : قالت ليا كل حاجة، قالت إنك بتعمل كده عشان معاذ وقالت كمان إن لو بتحبني مكنش حصل بينكم اللي حصل، ايه اللي حصل يا رعد؟
زاد صراخها وهي تقول : رد عليا وقولي عملت ايه؟ يا رعد، اتكلم بقولك وقول اللي هي مقالتوش
أشار لها بهدوء : خلاص يا عشق
دفعته قائلة : مش خلاص، انا مش هسيب كلامي متعلق ولازم اعرف، يا رعد
هدر بها بنفاذ صبر : قولت خلاص، عشق كفاية
دفعته مرة آخرى قائلة : مش كفاية
ردت هي : عشق أنا خونتك
اتجهت تجلس على طرف السرير تستوعب الصدمة، ظلت صامته واتجه يجلس هو على كرسي أمام سريرها، تحدث بهدوء : أنا آسف، سامحيني
فرت دموعها وهي تقول : خونتني إزاي؟ لو بجسمك أنا ممكن اعديها
نفى برأسه فأغمضت عيناها باكية : يعني كل حاجة انتهت؟ مشاعرك راحت ليها
وضع وجهه بين يديه وظل صامت دقائق ثم قال : أنا عيشت معاها تفاصيل حلوة كتير، حسيت بمشاعر حسيتها معاكي في الأول، أنا حسيت إني حبيت بجد وكانت النظرة في وشها بتريحني، لحد ما في يوم ...
نظرت له وقطرات الدموع تقع دون بكاء فعلي، أكمل : أنا مقربتش منها بس حسيت إني مش قادر ابعد، كل حاجة فيها كانت محتاجة شرح وقتها، كلامها وهدوءها ضحكتها وتكشيرتها، دي كانت اللحظة الوحيدة اللي تخليني اغفر ليها إنها وقعت بينا وبعتت صورك مع يعقوب، أنا وقتها شوفت نفسي معاها يا عشق
شهقت وهي تمرر يدها على عنقها، فتحت أول زر في بلوزتها واتجه هو يجلس على ركبتيه، أردف : عشق أنا عايزك جنبي وفي حياتي، مش عارف دا ايه بس انا مش قادر استوعب حاجة من غيرك
عشق وهي تلتقط أنفاسها : مش حب؟
صمت ولم يجب فمسحت دموعها قائلة : كل حاجة انكسرت، انا استاهل يا رعد؟ استاهل أموت كل لحظة وانا بجيب معاذ وأنت قاعد معاها مبسوط؟ استاهل؟
شهقت ببكاء وهي تسأل نفسها هذا السؤال، تحدث هو : تعالى نكمل سوا لو مش عشانا يبقى عشان معاذ ابننا
نصف ساعة كاملة من الصمت، وقفت قائلة : مات الإبن يا رعد في كسرة أمه
كادت تذهب لكنه جذبها قائلاً : بلاش نبقى ياسين المهدي التاني في حياة بيبرس، مش أنتِ في مرة قولتيلي مش عايزة تعيشي ابنك نفس حياة اخوكي، خليكي جنبي عشانه
تأملته قليلاً وتذكرت حديثها ثم هزت رأسها بتأكيد، ابتسم وانتظر حتى اشرقت شمس الصباح ثم اتجه بها لأسفل وهي صامته، ركبت السيارة بجانبه مرة آخرى وظلت شاردة ثم أخرجت آلة حادة من كمها وضغطت عليها بين أناملها ثم تركتها تقع في السيارة وفرت دموعها، ماتت عشق...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
في قصر الشافعي
دخلت شغف تحني رأسها بمرح حيث عشق التي تجلس وحدها تقرأ في المصحف، انتبهت عشق لها ثم انتهت وردها وأشارت لها أن تُقبل لها، أتت شغف وجلست في حضن والدتها بمرح تحاوط عنقها
اردفت عشق بمرح : مش كبرنا ولا ايه!
نفت بخفة قائلة : لا مكبرناش انا لسه شغوفة حبيبتك، المهم أنا بحبك اوي عارفة؟
أكدت برأسها واردفت : أنتِ عمري يا شغف كله، عايزة اتكلم معاكي في موضوع
جلست شغف بجانبها تنتبه لها، أنارت عشق شمعة بسيطة ومسكت يديها قائلة : ايه اكتر حاجة بتحبيها يا شغف في وقت فراغك؟
فكرت قليلاً واردفت : بحب اقرأ روايات اوي، ممكن اقعد لحد الفجر بقرأ رواية
هزت رأسها بتفهم وأكملت : طيب طلعي رواية نقرأ فصل سوا من رواية
عقدت شغف حاجبيها سرعان ما صاحت بحماس، أخرجت رواية وبدأت تقرأ باندماج هي وعشق لكن عشق منتبهه، فجأة شهقت شغف ونقطة من الشمع سقطت على يدها
مسحتها عشق سريعًا واوقعت خمس نقاط على يدها قائلة : انا آسفة، اهو عشان متقوليش ماما الشرير بتلسعني
مسحت يد عشق واطفأت الشمعة قائلة : خلاص يا حبيبتي مش صعبة والله، عملتي كده ليه؟
مسكت عشق يديها تُقبلها واردفت : بصي يا شغف الدنيا دي لهو ولعب، أنتِ ممكن تتكاسلي عن الصلاة لأجل حتة رواية ملهاش لازمة، الشمعة وجعتك صح؟
أكدت برأسها فأكملت عشق : وتيجي دي ايه في عقاب ربنا يوم القيام، دا اول حاجة بنتسأل عليها هي الصلاة، أنتِ مكملتيش فصل واحد من الرواية يا شغف صح؟
أكدت مرة آخرى فاردفت : بس كان ممكن تصلي الضهر بالسنن الخاصة بيه في الوقت ده، والرواية مش هتنفعك بس الصلاة هتنفعك في كل حاجة، ظلمة القبر، الصراط، تشفع ليكي كمان
ربطت على يدها قائلة : الشمعة وجعتك يا شغف بس كل أما تبصي لإيدك افتكري درس مامتك، افتكري لسعة الشمعة في لحظة واسألي نفسك انا اقدر على لحظة في النار؟ لو لا يبقى اوعي تتغافلي عن الصلاة، وافتكر ربنا وهو بيقول " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ "
ابتسمت شغف وهي تتلقى تاني درس بطريقة لن تنساها، تحدثت عشق : كمان يا شغف خلي المصحف ياخد بيدك يوم القيامة، اسألي عشق العبيطة دي إزاي؟ القرآن بيكون شفيع لينا يا شغف، القراءة هوايتك طب فضي نفسك أقل من خمس دقايق بعد كل صلاة واقرأي في المصحف كده، بكره الكلمات دي تشفع ليكي مش الرواية وبعدين القرآن دا أعظم وأحسن حاجة في الدنيا، جربي تقرأي بعقلك وقلبك كده يا شغف، هتلاقي نفسك بتغرقي في قصص ومواعظ وكلمات بتهون عليكي الصعب
ربطت على شعرها قائلة : الأغاني احنا بنميل ليها اكتر رغم إننا مسلمين ودي وسوسة من الشيطان، بتوصف وجعنا واحنا نحب كده مع إن اللي يطيب جروحنا ومن ربنا موجود يا شغف، شوفتي قد ايه العبد ضعيف؟ شوفتي قد ايه احنا خايبين؟
فرت دموعها سرعان ما مسحتها وهي تؤكد برأسها، فأكملت عشق : احفظي يا شغف وافهمي، لا شادن هتنفعك ولا سيلين، دا الرسول قال " اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه "
وقفت عشق واحضرت مصحف لها رغم صغر حجمه إلا إنه يتم القراءة فيه بوضوح، أعطتها إياه قائلة : دا صاحبك للنهاية يا شغف، الصاحب اللي عمره ما يخون، الصاحب الحقيقي يا شغف هو القرآن الكريم...
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
كده الفصل السابع خلص
بقلمي / سماء أحمد
★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★٭★
مواعيد التنزيل:-
كل الف ڤوت/ يعني تصويت/ يعني النجمة اللي ف الزاوية دي نضغط عليها
يا ترى أسد هيعمل ايه؟
عشق هتعمل ايه؟
أنا هعمل ايه فيهم 😂؟
نوروني ف قناة التيلجرام
https://t.me/hakawisamaa2