خيوط الامل ضعيفه لكنها تظل طوق للنجاة
.
.
.
.
.
.
.
تجلس وديليا في منتصف غرفتها المفضله لصناعه العطور، تكمل ما بدأته سابقًا، بينما جونغكوك جالسًا على الارض بنفس الغرفة مستندًا بجذعه على الحائط وقدمه اليمنى مثنية صوبه أما اليسرى فملقاه بإهمال، واضعًا يده اليمنى على قدمه المثنيه وباليسرى يدعك عيناه مرارًا وتكرارًا، يحاول استيعاب ما حدث سابقًا وكيف حمته اوديليا بذلك النور الذهبي وسارا به عائدين الى الكوخ ،وما زاد حنقه هو هدوء اوديليا المريب فهي جالسه تصنع عطورها وكأن لا شيء يحدث خارجًا، طفع كيله فنهض غاضبًا
- ما بالكِ هادئه وقد نموت خلال دقائق!
اجابته هي دون النظر اليه
- لن نموت لا تقلق
ضحكه جونغكوك بإستهزاء
- أتودين مني تصديق ذلك!، بالكاد استطيع استيعاب ما انا به
- لقد حميت الكوخ بحاجز، وخلال بضع ساعات ستتوقف العاصفه
- بضع ساعات!
لم تجبه اوديليا، بل اكملت صنع عطورها، فإستشاط غضبه اكثر حتى تحدث مستهزئا
- ألم تقولي انكِ ملكة الطقس!، لما لا توقفي تلك العاصفه اذًا
توقفت اوديليا عما تفعل والتفتت تنظر له بحزن
- الامر ليس بيدي، ولا بيد ايًا كان، فتلك العواصف تحدث بسبب بعدي عن مملكتي لوقت طويل، فتأثرت بلورة تدورس بغيابي، وما من حل سوى عودتي، وهذا لن يحدث
نظر لها في صمت فهو لم يفهم حرفًا مما قالته، فاسترسلت هي بنفاذ صبر
- كفاك شكوى ولتجلس جانبي، سأعلمك صناعة العطور، انها هوايه جيدة لتمضية الوقت
ملأ الفراغ عيناه، فجلس محبطًا، عقله عجز عن استيعاب ما يحدث فما عاد بيده سوى الإنصياع لتلك الفتاه الغريبة
- أهناك زهرة تفضلها
شاردًا هو في لا شيء، فحركت يدها امام عينيه حتى عاد برشده مجددًا، فأعادت سؤاله
- سألتك عما تفضل من الزهور
- زهرة الثلج
نظرت له بتفاجئ وابتسمت مجيبه
- تلك تُزهر في الشتاء، لم ارها منذ زمن بعيد
حولت نظراتها للأسف، واسترسلت
- ليس لدي تلك الزهرة الان
نظرت نحو زهراتها ثم مدت يدها تجمع واحدة من كل نوع
- لدي الان البنفسج والياسمين والديرا
كشر وجهه فور رؤيته لأخر زهرة التقطتها يديها
- أليست تلك ما جعلتني غير قادرًا على الحراك، فلتبعدينها!
ادركت اوديليا ذلك فابعدتها فورًا وتحدثت
- ما قصدت ذلك حقًا، انا اسفه، وضعتها آمله سرعة استيقاظك ولم اعلم خطورتها
تلمس جونكوك الصدق في كلامها وعينها فلانت ملامحه وتحدث
- لا بأس، فأنا بخير الان
ابتسمت له اوديليا ممتنه، ثم رفعت الزهرتان المتبقيتان تذكره بأن عليه الإختيار فأمال جونغكوك رأسه نحو الزهور يستنشقها، ثم مد يده ساحبًا زهرة الياسمين، ابتسمت هي لأختياره، واردفت
- زهرتي المفضله، قد احسنت الإختيار
ابتسم لها وهو ايضًا دون وعي ثم عاد يكشر وجهه مجددًا، ضحكت هي على ما فعله، ثم التفتت تسحب قدرًا زجاجيًا مليء بالماء حتى المنتصف، وتحدثت
- هناك الكثير والكثير من الطرق لصنع العطور، ولكن لأنك مبتدئ فسأستخدم اسهلها
نظر لها كاشر الوجه وتحدث سائلًا
- أتستخفين بقدراتي!، فلتختاري اصعب الطرق، فلا بأس معي
ضحكت اوديليا على عناده، فاومأت برأسها واردفت
- اذًا هل ستبقى معي هنا لثمانٍ واربعون ساعة دون حراك، حتى نعده؟
نظر لها جونغكوك متفاجئًا واعاد ما قالته سائلًا
- ثمانٍ واربعون ساعة؟
اومأت له بإبتسامه هادئه، ثم تحدثت
- كنت سأستخدم طريقة لا تتعدى الساعتان، لكن لا بأس إن اردت طريقة تستغرق يوما
سعل جونغكوك بإحراج، ثم تحدث
- لأنني مبتدئ، فلنستخدم الطريقة الاولى
ضحكت اوديليا عليه فرمقها هو بغضب، كتمت ضحكتها بصعوبه ثم تحدثت
- حسنا اذًا فلنبدأ ايها المبتدء
لم يستطع هو ايضًا كبح ضحكته، فعلت قهقهاتهما معًا، سحبت اوديليا القدر ووضعته فوق موقد ذو نار هادئه، وتركته يغلي ثم التقطت زهراتان واخذت تقطع بتلاتهم ،واعطت جونغكوك ايضًا زهرتان طالبه منه تقليدها، ثم وضعت البتلات في الماء فورما غلى، فأخذ جونغكوك بتلاته فاعلًا المثل، نظرت له اوديليا واردفت مفصحه عن خطوتها التاليه
- الان فلتستند بظهرك الى الوراء ولننتظرخمسة عشر دقيقة حتى يتشبع الماء برائحة الزهور
نظر لها جونغكوك بملل
- حقًا
فاومأت له اوديليا بهدوء تتامل الماء بينما يغلي محتضنا بتلاتها
- صناعة العطور ممله، ابقيتي كل تلك السنوات تصنعينها؟
- قد تكون ممله لكنها جميله، فتلك هي الطريقه الوحيدة التي تجعل ازهارك خالده، فلا تحزن حين تذبل بل تُخلد رائحتها معك
اومأ لها جونغكوك متفهمًا، ثم تحدث سائلًا بفضول
- وماذا فعلتي غير صناعة العطور
- قرأت كتابًا وصنعتُ الاثواب
- فقط!
- وما لدي دون ذلك
- عائلتكِ قاسيةً للغايه، كيف يتركونكِ بمفردكِ طوال تلك المده
- ليست لدي عائلة، توفي والديّ منذ كنت في الخامسة عشر
نظر لها جونغكوك بأسى، وتحدث معتذرًا
- انا اسف..
ابتسمت له واردفت
- لا عليك
ارادت اوديليا تغيير الاجواء، فصمت اجتاح المكان، وها السماء تساعدها اخيرًا، فنهضت نحو النافذه واردفت
- لقد توقفت العاصفة اخيرًا
ما أن رأى جونغكوك ذلك، اسرع خارجًا، فتبعته اوديليا خشية أن يضيع، التفت لها جونغكوك وتحدث سائلًا
- أيمكنني استكشاف الجزيرة؟
اومأت له اوديليا
- بالطبع
فتحرك هو بضع خطوات فتقدمت اوديليا المِثل، توقف هو للحظات ثم عاد يتحرك فتبعته هي مرة اخرى، فتوقف مجددًا وتحدث
- أود الذهاب بمفردي، فلديّ الكثير من الأفكار لترتيبها
اومأت له اوديليا بتفهم، فكاد هو يتحرك حتى استوقفته
- لحظة
التفت لها مصغيُا منتظرًا ما تقوله، تحولت تعابير وجهها الى الجديه واردفت بحزم
- نحو الشرق هناك ما يدعى بالمنحدر الذهبيّ، ما أن تسقط به فلا ضمان لك بالعوده
نظره جونغكوك متعجبًا وتحدث سائلًا
- ولمَ
اجابته اوديليا موضحة
- هذا المنحدر احدثته الفجوة بيني وبين بلورة تدورس، فبُعدي عن البلورة ليس بالأمر الهين، فهي أصل طاقتي، وانا وعائها، ما إن ابتعدنا اُحدثت فجوة زمنية، فإن سقطت بالمنحدر، فأنت في دوامة بين الماضي والحاضر والمستقبل، وما من طريقة محددة للخروج، فإياك والذهاب الى هناك، أفهمت؟!
اومأ لها جونغكوك، واردف واثقًا
- لا تقلقي لن اذهب
ودعته اوديليا بينما يحتويها القلق، وسار هو هائمًا بلا مكان محدد للذهاب، سار بين الأزهار يتأملها تارة ويستنشقها تارة اخرى، حتى دخل الى غابة مليئة بالأشجار، بدت وكأنها من الجنة ممتلئة بأشجار الفواكه من ما لذ وطاب،و أشجار الخيزران،الزان،الصنوبر والساج والكثير من أشجار الكرز ،جلس اسفل إحدى أشجار الكرز، ورفع راسه يتأمل اغصانها البديعه، يفكر في كيفيه العوده بينما يتملكه اليأس، نهض مجددًا وسار عائدًا نحو حطام سفينته، اخذ يجمع ما بقي سليمًا من طعام وملابس، حتى اتته فكرة مفاجئة فأسقط ما بيده وركض عائدًا الى الكوخ، دخل دافعًا الباب، وكانت اوديليا اول ما رأه، فجلس جوارها على الأريكة، وتحدث
- سأبني سفينة جديدة واخرج من هنا...