بارانويا | «جُنون الإرتياب» (...

By Ahlam_ELsayed

6K 422 2.2K

مُنذ الصِغر ونحنُ نعلم جيداً أن الخطان المتوازيان لا يلتقِيان أبداً ، فـ هل مِن المُمكن أن تتغير تِلك القاعِد... More

♡ إقتباس ♡
الفصل الثاني : إضطِراب
الفصل الثالث : حادِثة صُدفة
الفصل الرابع : غريبًٌ مُصاب
الفصل الأول : البداية
الفصل الخامس : الجانِب الأخر للجميع.
الفصل السادس : هروب.
الفصل الثامن : ليلى تكلمَت.
الفصل السابع : أجواء غير مُعتادة.
الفصل التاسع : كوثر تقلق.
الفصل العاشر : نِزاعات وتغيُرات
الفصل الحادي عشر : شِجارين في آنٍ واحِد
الفصل الثاني عشر : غُموض بين السُطور
الفصل الثالث عشر : بداية البداية
إعتذار بسيط♥ملحوظة الإعتذار قديم
الفصل الرابع عشر : خارِج عن المألوف.
الفصل الخامس عشر : شعور مُختلِف
الفصل السادس عشر : التهور والإندفاع
الفصل السابع عشر : تجمُع عائِلي
الفصل الثامن عشر : فضول أم شفقة.
الفصل التاسع عشر : عاد لـ ينتقِم
الفصل العشرون : هادِم الملذات ومُفرِق الجماعات
الفصل الواحد والعشرون : أشياء جديدة
الفصل الثاني والعشرون : أهُناك أمل؟
الفصل الثالث والعشرون : مِشوار العِلاج
الفصل الرابع والعشرون : ضّي الشمس
الفصل الخامس والعشرون : مأساة.
مهم ♥
الفصل السادس والعشرون : المرض النفسي ليس جنونً
الفصل السابع والعشرون : نبضات
صور تقريبية للأبطال♥
الفصل الثامن والعشرون : إنكشف السِتار
الفصل التاسع والعشرون : لن أترُككِ للظلام
هام🇵🇸♥.
الفصل الثلاثون : عُصفورً جريح.
الفصل الواحد والثلاثون : مرحباً بالمشاكِل
الفصل الثالث والثلاثون : فضيحة على الملأ.
الفصل الرابع والثلاثون : يومًا لك ويومًا عليك
الفصل الخامس والثلاثون : نُزهة مليئة بالحقائِق
الفصل السادس والثلاثون : سابِق ولاحِق
الفصل السابع والثلاثون : بنفسِج برائِحة التوت.
الفصل الثامن والثلاثون : لا مفر مِن الحقيقة

الفصل الثاني والثلاثون : قبل الطوفان بساعات

68 4 40
By Ahlam_ELsayed

{بسم الله الرحمن الرحيم}

' صلوا على خاتِم الانبياء مُحمد ﷺ '

ڤوت + كومنت قبل القِراءة لأستمِر♡.

فضلاً تجاهلوا الأخطاء الإملائية إن وجِدت♥

.
.
.
قراءة مُمتِعة.

....................

'يرحلون ويأتي غيرهُم ، فلا الحياة تقِف على فُراق شخصٍ ما ، ولا قلوبِنا تبقى مُتشبِثة بحِبال ذِكراهُم'.

•••••••••••••••

وصل أنور إلى العُنوان المُراد ، وقف قليلاً يتطلع إلى المصحى مِن الخارِج ، بوابة حديدية ضخمة ذات قضبان سميكة ، يكاد يُقسِم أنها تُشبِه بوابة السِجن ، كأن المرضى سيهربون في أي وقت وتِلك القُضبان ستمنعهُم ، جُدران عالية وشامِخة ، تجعلك لا تستطيع حتى رؤية مظهر المبنى في الداخِل ، أشجار خضراء كثيفة تُحيط المكان مِن جميع الجِهات ، كان الأمر مُهيب للوهلة الأولى ، وعلى مرمى البصر وجد حارِس يقبع قُرب البوابة ، يرتدي بِذلة العمل التي لا تتماشى أبداً مع جسده العريض ، مُمسِكً في يدِه عصا بيسبول سوداء ، ويُعلِق صاعِق كهرُبائي في بِنطالِه.

تشجع أنور وأبعد تردُده ، ذهب تِجاه ذاك الحارِس وهو يُخرِج لُفافة تبغ مِن عُلبتِه ، قام بتقديمها إلى الحارِس قائِلاً بمراوغة.

"صباح الفُل يا كبير .. هي دي مصحى نفسية مِش كِدا؟".

نظر له الحارِ شزراً مِن أعلى إلى أسفل وتسائل بشك.

"وإنت بتِسأل ليه؟".

أشعل أنور له السيجار وأكمل مُصطنِعً الحُزن ببراعة.

"أصل بعيد عنك وعن السامعين بِنت أُختي عقلها فوت ، ولما كشفنا عليها الدكتور نصحنا نوديها مصحى كويسة تراعيها ، وأنا دورت كتير وكُل الناس شكرت في المكان ده ، إنت مِش مُتخيل بِنت أُختي حالِتها صعبة إزاي ، تصدق صحينا الصُبح لقيناها واكلة دراع أبوها! ، ربِنا ما يوريك شر في عيالك يا عم الحج".

نجح وبسهولة جعل الحارِس يتأثر بهذه التخاريف ، نفث دُخان سيجارتِه ونطق بشفقة.

"لاحول ولاقوة إلا بالله ربنا يشفيهالكوا يارب ، عموماً أه دي مصحى سالِم المغنمي للأمراض النفسية والعقلية ، لو هتجيب بِنت أُختك هِنا عرفني وأنا هتوسطلك عند المُدير بنفسُه؟".

تحمس أنور وأكمل خُطته بجهل مُزيف.

"تُشكر يا كبير .. لو عايز تساعِدني فِعلاً دلِني على مكان دُكتور رحيم ، أصل بصراحة كُل الدكاترة اللي جابونا هِنا شكروا فيه أوي ، بيقولوا إنُه راجِل إيدُه فيها البركة ، وحالات كتير إتعالجِت بسببُه".

حك الحارِ لحيته النامية وفكر بُرهة ، يخاف أن يُخرِج أسرار العمل لهذا الغريب ، وفي نفس الوقت قد تأثر كثيراً لحالة الفتاة ، وضع إبنته مكانها وما كان سيفعله هو كي تُشفى ، أجاب في النهاية بهمس.

"دُكتور رحيم بقالُه كام يوم مبيجيش المصحى ، فلو عايزُه ضروري يبقى تِدخُل للمُدير وهو يدِلك عليه ، لكِن غير كِدا أنا مفيش في إيدي حاجة أساعدك بيها؟".

لقد تأكد أكثر أن رحيم ذاك هو رحيم الذي في عقلِه ، تذكر أن رحيم قد تحدث أمامه بأنُه طبيب ، لكِن لم يتوقع أن يكون هذا هو تخصُصه الطبي؟ ، ولكي يسطتيع التملُص مِن الحارِس ، تحجج بأنه قد أتاه مُكالمة عاجِلة ، وفر مِن أمامه شاكِرً إياه سريعً ، بعدما رحل ضرب الحارِس كفيه في بعضِهما مُستعجِبً ، وأكمل مُناوبة حراستِه كما كان يفعل مِن قبل.

••••••••••••••

وعِند العودة إلى نوح ونيللي ، سنجد الأجواء مُشتعلة كالجمر ، في حين أنها قد بدأت تحكي وتتغنى بِما لديها ، مع كُل كلِمة يدُق قلبه بعُنف أكبر ، دقات مُتتابِعة ومُتناغِمة كالمعزوفة ، إبتلعت هي بخوف مِن تغيُر تعابيره تدريجياً.

"مِن أول يوم دخلت فيه شلِتنا مكنش صُدفة أبداً ، الشِلة كُلها كانِت مراهنة عليك مع سُكينة ، في البداية الرهان كان إنها تِقدر تحُطك وسطينا ،  تخليك زينا مِش نوح المُؤدب الخجول ، وهي كانت شايفة إنك بتمثِل دور الإحترام ده على الناس ، وإنك في الحقيقة فاسِد بس مِحتاج اللي يديك زقة ، وللاسف يا نوح إنت كُنت ضعيف لدرجة إنك مكمِلتِش إسبوع وبقيت زينا فِعلاً ، وسُكينة كسبت الرهان بسهولة ، تاني رهان كان أكبر وهو إنها تخليك ترتبِط بيها وتحِبها..".

أوقفت حديثها لسماع صوت صرير أسنانِه الموتِر ، هل تُخبِره أنها تود الركض مِن أمامه الأن؟ ، من يرى وجهه الأن سيظُن أنُه شخصً أخر ، أكملت وهي تقرأ آيات مِن القُرأن في سرِها.

"ولتاني مرة سُكينة تِكسب رهان عليك ، بعدها الشِلة بطلوا يراهنوها عشان عارفين إنها هتفوز ، بس هي موقفِتش لحد كِدا ، الحماس زاد جواها والتحدي عماها ، وقررت تراهن على حاجة أكبر وأصعب ، وهي إنها تخليك تتجوِزها ، الشِلة كُلهُم إتريقوا عليها وقالولها مستحيل يتجوِزك ده أخرُه يصاحبِك ، كلامهُم خلاها تتحداهُم إنها خلال فترة قُصيرة هتتجوِزك ، وشكلها هتِكسب الرهان ده كمان".

نطق بجُملة واحدة فقط لا غيرها.

"وإنتي جاية تحذريني ليه دلوقتي بالذات؟".

أخلت حلقها لأنُه قد أتى دورِها في ذاك السيناريو ، ردت بينما كانت ترتجِف فوق مِقعدها.

"أصل أاا .. أنا ساعِدتها في الرهان ده مِن غير ما أقصُد ، واللَّه العظيم مكُنتِش أعرف إن جنانها هيوصل للحد ده!".

ضرب فوق الطاوِلة بقبضتِه يُنذِرها أن تختصِر وتُصارِحه ، فزعت مِن ردة الفِعل تِلك وقالت.

"هي كلمِتني في يوم في وقت متأخر بليل ، وأصَّرِت إني أروحلها الڤيلا مِن غير جدال ، أنا كُل اللي كان في بالي وقتها ، إنها مثلاً واقعة في ورطة أو تعبانة وعايزاني جمبها ، بس متخيلتِش إنها كلمِتني عشان أساعِدها في لعبِتها ، لما وصلت عندها دخلتني الصالون ، ولقيتك نايم على الكُرسي وشِبه مُغمى عليك ، إتخضيت وسألتها حصل إيه ومتوقعتش إجابِتها أبداً".

.....

f.b

حولت سُكينة أنظارِها بين نوح النائِم ونيللي الشاحِبة ، ثُم ردت بفتور وهدم إهتمام.

"حطيتلُه منوِم في العصير .. بس تقريباً كترت الجُرعة شوية فأُغمى عليه! ،  بس متقلقيش لِسة بيتنفِس يعني مماتش".

لطت نيللي فوق وجهها في هلع وهي تصيح خائِفة.

"يا نهار أزرق منوِم يا سُوسكا؟!! .. ليه بتديه منوِم عشان إيه؟ ، وجيباني أهبِب إيه معاكي؟ ، لأ لأ أنا ماشية مِش هقعُد وِسط الجنان ده".

كادت أن تتحرك لولا قبضة سُكينة التي منعتها ، وهي تُمسِك معصمِها بقوة لم تعلم مِن أين أتتها حتى ، نظرت لها بأعيُن حادة كالصقر ، وهسهست قُرب أُذنها.

"بلاش تسرُع يا ليلو يا حبيبتي .. أنا جيباكي تساعديني ، ويا إما تساعديني يا إما رامي هيعرف ماضيكي المُشرِف؟ ، قولتي إيه؟".

ماذا تقول ما باليد حيلة ، هي غير مُستعِدة لكشف ماضيها أمام الشخص الذي تُحِبه وتُريده ،  هزت رأسها في صمت دلالةً على الخضوع لها ، إبتسمت الأُخرى في غرور وأردفت.

"جدعة يا ليلو .. يلا بقى ساعديني نطلعوا أُوضتي".

نفذت نيللي طلبها ، قاموا بحمل جسدِه بصعوبة إلى الأعلى ، وضعوه فوق سرير سُكينة في هدوء ، إبتعدت نيللي ناظِرةً إليه وقد ظنت أن الأمر إنتهى هُنا ، فـ فاجئتها سُكينة وهي تقوم بإبعاد ثيابه عنه ، نزعت قميصة وألقته على الأرض بإهمال ، ثُم إتجهت إلى بنطالِه ، أغمضت نيللي عينيها وهي تتسائل بحرج.

"إنتي بتقلعيه هدومُه ليه يا بنتي؟".

قهقهت سُكينة بصخب وكأنها تلعب لُعبة مُسلية ، ردت بينما تُكمِل ما بدأته.

"هتفضلي طول عُمرك غبية يا ليلو ، يعني مدياه منوِم وحطيتوا فوق سريري ، وبقلعُه الهدوم تفتكري كُل ده ليه؟".

لم تُجيبها فهي جاهِلة بِما تفعله الأُخرى حقاً ، زفرت سُكينة مِن حماقتها وأكملت.

"هخليه يتجوزني يا نيللي هو ده الموضوع ، فهمتي بقى؟".

شهقت نيللي بعدما فتحت عينيها على أخِرهُما ، ورددت وهي تود الرحيل .

"يا خبر أبيض عليكي ... إنتي إتهبلتي بجد عقلِك فوت خلاص!؟ ، أنا مِش هكمِل في السخافة دي ، إنتي عارفة لو نوح إكتشف اللي عملتيه ده هيعمل إيه؟ ، ده مش بعيد يسجنِك فيها ، أنا ماشية فوراً".

أوقفتها سُكينة مُحذِرة.

"لو مشيتي إعتبري رامي سابِك؟".

نظرت إليها بإزدراء ونطقت غير مُكترثة.

"لو وجوده معايا هيبقى مُقابل إشتراكي في القرف ده ، يبقى يسبني أحسن".

.......

أعادت نيللي خُصلاتِها إلى الخلف في إنتظار ما ستلقاه مِن نوح.

"نوح أنا .. صدقني أنا إتضحك عليا وقتها ، بس في الأخِر مشتركتش معاها في أي حاجة ،  حتى بعد ما مشيت مِن عندها رامي كلِمني ونهى كُل حاجة بيننا ، يعني أنا ضحيت بُحبي في سبيل إني مكمِلش اللِعبة دي؟ ، نوح إنت ساكِت ليه طيب؟".

وعلى عكس ما كانت تتوقعه ، إرتشف نوح مِن قهوتِه بكُل هدوء ، ثُم أردف في ثبات لا يتناسب مع الموقِف نهائياً.

"في البداية أنا بشكُرِك إنِك جيتي ونبهتيني قبل فوات الأوان ، لكِن للأسف إنتي باللنسبالي مُجرِمة زيك زيها ، عشان مفكرتيش تحكيلي كُل ده غير دلوقتي! ، بس مِش هقدر ألومِك أبداً ، ولحد هِنا صداقِتنا إنتهِت ، أما بقى سُكينة ... فأنا هربيها بطريقتي ، وهعرفها يعني إيه تِحور عليا وتعملني لِعبة في إيديها".

حاولت نيللي إيقافة خائِفة مِما سيفعله.

"طب فهِمني هتِعمِل إيه يا نوح؟ ، سُوسكا مينفعش تِعرف إني أنا اللي حكيتلك على خطِتها! ، دي مُمكِن تأذيني بجد بسُلطِة باباها".

وقف وهو يُخرِج مِن جيبه بعض النقود ، قام بوضعها فوق الطاوِلة وقال قبل أن يرحل.

"مِن الناحية دي إطمني .. محدِش هيعرف إنك قولتيلي حاجة".

تركها وذهب في طريقه وهو يُفكِر فيما سيفعله غداً.

•••••••••••

في اليوم الموعود.

خرج بدر مُبكِراً ينوي أخذ أول خطوة في مُساعدة شمس ، إتجه نحو مقر شرِكة ثروت ، وقف بعيداً يُراقِب الموظفين وهُم يدلفون إلى الداخِل ، ولكِنه يرغب في واحِدة فقط ، وجدها تصُف سيارتها وتهبِط مِنها في غرور ، وقبل أن تُغلِق بابِها إقترب مِنها سريعاً ، حاوطها بذارعيه بين السيارة ، إنفزعت رغدة مِن رؤيته هُنا في هذا الوقت ، إبتسم بدر بتلاعُب وهمس لها بصوتٍ رخيم.

"وحشتيني يا رغودة .. مالِك إتخضيتي ليه أول ما شوفتيني؟".

إلتقطت أنفاسِها بصعوبة ، لم تكُن تعلم أن قُربه مُهلِك لهذا الحد؟ ، حاولت تجميع فُتات مشاعِرها وأجابته.

"أصلي متوقعتش تيجي هِنا تاني بعد أخِر مرة ، جاي ليه يا بدر؟".

أمسك أحد خُصلاتِها وقام بلفِها حول سبابتِه ، وقرر العبث معها أكثر مُردِداً.

"جيت عشانِك يا قلب بدر ، بقولِك إيه ما تفكسي للشُغل إنهاردة وتعالي نصيع شوية؟".

ظن أنها سترفُض كأي أُنثى تملُك كرامة وعِزة نفس ، لتُفاجِئة بموافقتها فوراً وهي تبتعِد مُشيرة لسيارتها.

"ماشي .. بس إنت اللي هتسوق بقى؟".

أخذ مُفتاح السيارة وغمزها قائِلاً.

"ومالوا .. يلا إركبي متضيعيش وقت".

•••••••••••

جلست ليلى مع خالتها عزيزة ، التي قد أتت لها باكِراً كي تقضي معها أطول وقت ، خاصةً في هذا اليوم المُميز ، تحدثت ليلي بسعادة لم تقدِر على إخفائِها.

"معقولة يا خالتوا إنهاردة كتب كتابي؟ ، حقيقي مِش مصدقة إزاي بسُرعة كِدا هتجوِز ، لأ ومِش أي حد .. ده رحيم الإنسان الوحيد اللي قدر يفهمني ، بجد أنا فرحانة أوي".

إبتسمت عزيزة على سعادتِها تِلك ، ولكِن كان هُناك خوفً بداخِلها يُحاوِل منع فرحتها بـ ليلي ، لا تعلم لِما قلبها يِنذِرها بحدوث شئً سئ ، حاولت إظهار إبتسامتها مُردِفة ، بينما تُمشِط خُصلات ليلى السوداء.

"ربِنا يفرح قلبِك كمان وكمان يا ضنايا ، إنتي تستحقي كُل خير يا ليلى حقيقي ، اللي شوفتيه في حياتِك قادِر يغير قلبِك للأسوء ، قادِر يخليكي إنسانة مِن غير مشاعِر ، بس إنتي جوهرة مهما التُراب غطاكي ودفنِك ، عُمر ما لمعِتِك إطفِت .. إنهاردة بس أنا عرِفت إحساس الأُمومة بجد ، إن شاء اللَّه رحيم يكون الشخص الصح اللي يستحِقك ويقدر يصونِك".

إستدارت ليلى وإرتمت داخِل أحضانِها ، لا ترغب في البُكاء اليوم ، ولا ترغب في تذكُر ما حدث معها سابِقً ، قاطعت شمس هذه الأجواء العاطفية ، وهي تدلُف بينما ترتدي فُستانً أزرق اللون مِن الحرير الناعِم ، ذو أكمام طويلة ، يُغطي قدميها بالكامِل ، تسائلت بتوتُر ملحوظ.

"إيه رأيُكوا في الفستان ده؟".

إنبهرت ليلي مِن مظهرها الفاتِن ، لم تجِد كلِمات تصِف جمالِها ، رُغم بساطة الفُستان ألا إنها قد بدت كأميرة مِن العُصور الڤيكتورية ، قلقت شمس مِن سكونهُما ونبست.

"أنا برضُه قولت لنانا إنُه مِش حلو ، هروح أغيرُه حالاً".

أوقفتها ليلى بحماس شديد.

"تغيري إيه بس إياكي! الفُستان هياكِل منِك حِتة ، خليكي لبساه وبدل ديل الحُصان ده إبقى إفردي شعرِك أحلى؟ ، صح يا زوزة؟".

أومأت عزيزة مؤيدة إياها.

"ليلي عندها حق الفُستان فِعل جميل أوي ، ومُناسِب مع طولِك ولون بشرِتِك".

عبثت شمس في أصابِعها هامِسة بخجل.

"خلاص هلبِسُه إنهاردة".

أتت كوثر بعُكازِها مِن خلف شمس وصاحت بمُزاح.

"هو محدش هيجي يساعِدني في الطبيخ ولا إيه؟ ، قومي يا عزيزة كِدا إتلحلحي أومال أنا جيباكي ليه؟ ، وإنتي يا شمس كلِمي ورد تيجي تِجهز معاكوا".

علقت ليلى وهي تتذكر ما أخبرها رحيم بِه.

"أكل إيه يا طنط كوثر اللي بتعمليه؟ ، رحيم قالي إن سُكينة عندها طباخين هيجهزوا كُل حاجة للمُناسبة ، يعني إحنا بس هنِلبِس ونروح على هناك على طول".

إعترضت كوثر بشِدة.

"هي تجهِز اللي هي عايزاه في بيتها .. إنما إحنا هناكُل هِنا قبل ما نروح ، وكفاية رغي وإنجِزوا".

..........

أخذت ورد فُستانِها الأبيض وجميع إحتياجاتِها لتِلك الليلة ، وإتجهت مع والِدتها إلى منزِل ليلى كما طلبت مِنها ، بينما نوح قد ذهب إلى رحيم في منزِله ، بعدما تأكد مِن بقائِه بمُفردِه.

رحَّب رحيم بِه بوجهٍ مُشرِق على غير العادة.

"تعالى يا عريس .. كويس إنك جيت تِجهز معايا ، متِعرفش الواد بدر فين؟".

نطق نوح دون مُقدِمات.

"أنا عايز أتجوِز ورد يا رحيم".

تخيل معي يا عزيزي صوت صُرصور الحقل ، وهو يدوي في أرجاء الشِقة بين هذا الصمت ، تعالت ضحِكات رحيم فجأة ظنً مِنه أن الأخر يمزح ، وقال.

"يخربيت فقرك يا نوح .. حتى وإنت في يوم زي ده بتستخِف دمك!؟ ، بس ملعوبة مِنك كُنت قربت أصدقك".

لم تتغير تعابير نوح الجدية ولو إنش ، بل زادت جديته وهو يتحدث موضِحً.

"مين قال إني بهزر؟ أنا بجد عايز أتجوِز أُختك يا رحيم".

هدأت قهقهات رحيم بالتصوير البطيئ ،  وهو يستوعِب ما يقوله صديقه ، إقترب نوح مِنه وشرح مقصِده.

"هفهِمك كُل حاجة واحدة واحدة قبل ما تِتعصب ، بس إقعُد وإسمعني للأخِر ومتقاطعنيش!".

وبعد ساعة كامِلة مِن سرد ما حدث أمس ، نطق رحيم أخيراً بغضب لم يراه نوح مِن قبل.

"ودخل أُختي إيه بكُل ده؟ يعني البِت وضحكِت عليك ورد مالها بقى بيكوا؟!!".

رُغم ثِقته أن رحيم دقيقة وسيتشاجر معه ، لكِنه قرر أن يستمِر مهما كانت النتيجة ، فهو لا يملُك شئً أخر لخسارتِه.

"أنا بحِب ورد مِن وإحنا عيال صُغيرة ، بس بعد وفاة ياسمين حسيت إن ورد لو كانِت بعدِت عنها اللي اسمها مي دي ، كان مُمكِن تِفضل عايشة .. وشيطاني أقنعني أن ورد كانت سبب في موت أُختي ، وإنت أكتر حد عارِف إن خطوبتي مِن سوسكا كانِت بالإجبار ، والحمدللَّه إن ربِنا ظهرلي الحقيقة قبل ما أتجوِزها ، عشان كِدا ملقِتش فُرصة أنسب من دي إني أطلُب فيها إيد ورد مِنك ، وأبقى رديت القلم لسُكينة ومخسِرتش ورد".

إزداد غضب رحيم مِن كلِمات الأخر ، وتعالت أنفاسِه حتى كادت تُسمع بوضوح ، تقدم وأمسك تلابيب نوح بين يديه ، قام بهزِة في عُنف وهو يصيح بِه.

"ولنفترض إنك بتحِبها .. مين قالك إنها هتسيب خطيبها عشان توافِق عليك؟ ، ورد بتحِب مازِن وهي اللي طلبِت نخلي كتب كتابها إنهاردة ، أنا هعتبِر إني مسمعتِش أي حاجة مِن الهبل اللي قولته ده ، وياريت مسمعكش بتتكلم على ورد تاني يا نوح .. لأنها دلوقتي على زِمة راجِل ، صدقني أنا مِش عايز أخسرك؟".

أبعد نوح أيدي رحيم عنه ، تراجع بِضع خطوات للخلف ، ثُم نظر إليه واضِعاً كفيه في جيوبِه ، ونطق بـ إبتسامة هادئة للغاية.

"ورد مِش على زِمة حد ولا هتكون لحد غير لنوح صُبحي ، وبرضاك يا صحبي مِش غصب عنك ، وإنت اللي هتكون وكيلها الليلة وتحُط إيدك في إيدي وتقولي مبروك كمان ، بس الأول روح إسألها هي بتحبني ولا لأ وهتشوف بنفسك".

ألقى نوح كلِماتِه وذهب تارِكاً رحيم يسبح في بحور أفكارِه ، ماذا يعني نوح بِهذا الحديث؟ ، وكأنه يلوي ذراعه ولكِن بإرادتِه التامة! ، ولحسم هذا الأمر قرر التحدُث مع شقيقته لعلها تُكَّذِب تلميحات نوح.

•••••••••••••••

صف بدر السيارة في شارِع خالي مِن البشر تمامً ، أغلق النوافِذ جيداً ونظر إلى رغدة ، تفحصت هي المكان حولها وتسائلت بخُبث لا يخفى عنه.

"جبتني هِنا ليه يا شقي؟".

خلع بدر مِعطفه الجلدي وألقاه في المِقعد الخلفي ، إقترب بجِذعه مِنها وأجاب هامِسً.

"إيه علاقتِك الحقيقية بثروت يا قلبي؟".

إتسعت عينيها ودفعته بعيداً كأن ثُعبان قد لذعها ، أردفت بتلعثُم.

"ثـ ثروت مـ ين يا بدر؟".

إستند بدر بكتفِه فوق مِقعده ونطق ساخِراً.

"ثروت اللي هو وحيد بيه .. اللي كُنتي فاكره إنك إنتي وهو هتِضحكوا عليا! ، ها بقى علاقتِك بيه إيه؟".

وجدت أن لا مفر مِن المواجهه ، لملمت خُصلاتِها كي تُلهس نفسها بأي شئ ، وتُجيب بينما تتجنب النظر إلى عينيه الثاقِبتان.

"سكرتيرتُه الخاصة ما إنت عارف!".

قهقه بدر دوت رغبة ونطق مازِحاً.

"أيوه ده اللي قُدام الناس ... إنما لما بيتقفل عليكوا باب المكتب بتبقي إيه؟ ، عشقيتُه مِش كِدا؟".

نفت هذا الإتهام وهي ترُد بغضب.

"لأ طبعاً أنا وهو متجوزين عُرفي .. يعني مبنعمِلش حاجة نخاف مِنها".

هز رأسه ساخِراً مِن تبريرها للأخطاء وقال.

"تبريرك ضعيف أوي! يعني واحِد متجوِزِك في السِر مِن غير عِلم مراتُه ، ومخليكي إستِبن وتقوليلي مبنعمِلش حاجة نخاف مِنها؟ ، ده إنتي حقِك تترعبي .. عارفة لو بهيرة شمِّت بس ريحة الجواز ده ، مستبعِدش إنها تخلص عليكي مثلاً؟".

تحسست عُنقِها تتخيل بهيرة وهي تقوم بخنقِها ، حينما تعلم حقيقة العلاقة بينها وبين زوجِها ، تراجعت تُدافع عن ذاتِها في شراسة وإصرار.

"بس أنا مجبرتوش يتجوزني .. دي كانِت رغبِتُه هو مِن البداية ، وبعدين كُل ده مِش هيفرق لإنُه خلف بوعدُه معايا ، بعد ما عشمني إنُه يخلي جوازنا رسمي وقُدام الناس كُلها ، رجع حن لمراتُه .. بس على مين ثروت ده مبيحبش غير حاجتين ، الفلوس ونفسُه".

لقد بدأت تبوح بِما يُريد برد أن يعرِفه تماماً ، شجعها أن تُكمِل وهو يُحاوِطها بكلِماتِه اللاذِعة.

"مِش قولتلِك إنِك مُجرد إستِبن؟ ، يعني في الأخِر خد منِك اللي هو عايزِة ورجع لحُضنها هي ، بس إيه خلاه يرجع يطاطي ليها اليومين دول بالذات؟!".

ردت تصيح وهي تتذكر رؤيته يُقدِم لها خاتمً باهِظ الثمن ، ولم تكُن تعلم أنها تُفشي أسرارها أمام بدر دون شعور مِنها.

"البيه مضَّاها على توكيل عام فيه كُل مُمتلكاتها ، وطبعاً مقاليش إزاي وافقِت تمضي بسهولة كِدا؟ ، بس اللي أنا مُتأكِدة مِنُه إنها مكنِتش في وعيها وهي بتمضي ، أصل بهيرة دي تبيع أحبابها لأجل القِرش ، ومهما وصل حُبها لثروت للسما .. مُستحيل تتنازِلُه عن كُل حاجة بالساهِل".

وافقها بدر الرأي مُردِفاً.

"عندِك حق .. مفيش حد هيسيب مالُه بسهولة حتى لو لأهلُه ، طب إنتي قررتي هتعملي معاه إيه؟".

لمعت عينيها بخُبث وهي تُجيب في ثِقة كبيرة.

"أبداً هرجعُه لأصلُه بس مِش أكتر .. هو كان سايب نُسخة مِن التوكيل في المكتب ، صورتها على موبايلي .. ده غير إني معايا عقد الجواز العُرفي مقطعتوش ، هروح بقى للهانِم مراتُه وأوريها حقيقتُه الزبالة ، وأبقى خليت مسؤوليتي وإنتقمت لنفسي".

بعثر بدر شعره البُني وفكر ناطِقاً.

"هي فِكرة حلوة .. بس مظُنِش هتستفادي مِنها حاجة! ، إيه يخليكي تعملي كِدا وتطلعي خسرانة .. في مُقابِل إنِك مُمكِن تساعديني وتاخدي مبلغ مُحترم؟".

ضيقت عينيها ببعض الشك وتسائلت.

"أساعدك!؟ .. وإنت غرضك إيه مِن إنتقامك ده؟ ، طب على الأقل أنا بنتقِم لسبب".

لم يتردد بدر ولو للحظة في إخبارها بجُزء مِن الحقيقة.

"عشان ثروت وبهيرة إتسبِبوا في أذية ناس تبعي ، وأنا اللي يجي ناحية ناسي .. بقرقشُه بسناني ، ها تساعديني وتاخدي فلوس .. ولا تنفذي خطتِك مِن غير مليم؟".

أطالت النظر إليه تود أن تلمح الصِدق فيهما ، وقد وجدت أن حديثه مُقنِع ، ما المانِع مِن بعض المال الذي ستحصُل عليه؟ ، هزت رأسِها بموافقة لتتسِع إبتسامته الجانبية أكثر ، لقد بدأت اللُعبة بنجاح.

•••••••••••••••••

تمركزت ورد أمام شقيقها ، بعدما أتى طالِباً مِنها أن يتحدثا على إنفراد ، لم تكُن تفهم إصرارة في الحديث معها الأن! ، رأت بسمة خفيفة ترتسِم على ثغرِه وهو يقول.

"مُبارك يا وردِتنا .. أخيراً هيتكتب كتابِك ونِخلص مِن شقاوتِك".

حاولت التبسُم رُغمً عنها كي لا يُلاحِظ إحباطِها ، وقالت.

"اللَّه يبارِك فيك يا أبيه ومبروك ليك إنت كمان ، مين كان يصدق إن خطوبِتنا وكتب كتابنا يكونوا في نفس اليوم ، دعوات ماما إتحققت باين!".

قهقه رحيم بخِفة وعو يرى لمعة البؤوس في عينيها ، قرر مُهاجمتها بحديثه دون مرواغة.

"أنا ليه حاسِس  إنِك مِش مبسوطة زي أي بِنت بتوصل للحظة دي؟ ، يعني شايفة ليلى طايرة إزاي؟".

تحركت في مجلسِها وقد لمس الوتر الحساس ، حاولت التملُص مِن نظراتِه وهي تُجيب بينما تفرُك أصابِعها ، حتى كادت تُحطِمها .

"حضرِتك عارِف بقى يا أبيه إني بتكسِف جِداً".

إقترب إلي مِقعدها أكثر وهمس بعدم إقتناع.

"لأ يا ورد .. ده مُستحيل يكون خجل أو كسوف! ، ده خوف مِن اللي جاي .. إنتي عيونِك كلها خوف وتردُد ، قاعدة عمالة تفرُكي مكانك ومِش ثابتة ، مبصتيش في عيني مِن أول ما قعدنا ، قربتي تكسري صوابعِك مِن ضغطِك عليهُم ، كُل ده يأكدلي شكوكي أكتر".

قررت أن تستخدِم معه كارت النفور ، بِما أنهُ قد كشف جميع تصرُفاتِه المُريبة ، صاحت في إعتراض وضيق.

"إنت بتستخدِم معايا رُخصِتك الطبية ولا إيه يا أبيه؟ ، وشكوك إيه اللي بتتكلِم عنها دي!!؟".

إتسعت إبتسامته وقد رأى توكيداً لظنونِه ، فجَّر قمبُلته كاذِبً عليها.

"قصدي إن مازِن كلِمنى وقالي إن هو مِش جاهِز للجواز يا ورد ، وطلب إنِنا نأجِل شوية .. على الأقل لما تخلصي السنادي في الكُلية".

وكأن عقلها قد أعطى إنذار الخطر ، تود إستيعاب ما يخرُج مِن فم شقيقها ، كيف يفعل مازِن بِها ذلِك ، بعدما قامت بالإتفاق معه على إتمام هذا الزواج مهما حدث ، أكمل رحيم يرى نجاح خُطتِه.

"وقالي إن الإصرار على كتب الكِتاب كان مِن ناحيتِك؟ ، مع إني مِش شايف أي فرحة جواكي للموضوع؟ ، منين زنيتي عليا إنتي وماما نسرع الجواز .. ومنين دلوقتي مِش عارفة تتلمي على أعصابِك؟! ، طب أقولِك حاجة نوح جالي وقالي إنُه عايز يفركِش خطوبتُه وميكمِلش".

ليذهب مازِن للجحيم الأن هل ما قاله رحيم صحيح؟ ، وقفت فجأة بينما تلألأت إبتسامتها على ثغرِها دون شعور مِنها ، ثُم نطقت في ذهول وفرحة قوية.

"بجد؟ يعني كِدا نوح لغى كتب الكِتاب خلاص!؟".

وقف رحيم وإقترب نحوها بخطوات بطيئة ، عادت هي إلى رُشدِها بعدما علِمت أنها قد عقدت الأمور أكثر ، أرادت تبرير فرحتها بذاك الخبر ، ليقوم رحيم بمنعِها مُردِفً بصوتٍ خشِن لا يخلوا مِن اللوم.

"ولا كِلمة زيادة يا ورد .. عايزة تقولي إيه وعينيكي قالِت كُل حاجة؟ ، وأنا اللي فكرت نوح بيكدِب عليا! ، أتاريه كان واثِق إنك بتحبيه فِعلاً ، طب وخطيبك اللي مالوش ذنب ده؟ ، ليه تعملي فيه كِدا ها؟ ليه وافقتي عليه مِن الأوِل لو مبتحبيهوش؟".

لمعت عينيها بالدموع وشعرت أنها شفافة أمامه ، طوال تِلك السنوات كانت تُخفي مشاعِرها ببراعة عن الجميع ، وفي لحظة تهور وإندفاع .. إنكشف السِتار عن قلبِها ، ليُظهِر ما خفّي مِن حُب وإشتياق وحُزن ، وها هي تقِف بمواجهة شقيقها لأول مرة ،  وقد وضعت نفسِها في موضِع لا تُحسد عليه ، بدأت تبكي في صمت وهمست بنبرة مقهورة.

"واللَّه كان غصب عني أنا ... أنا بحِبُه مِن زمان وكُنت بمنع نفسي إني أبين الحُب ده ، قولت مسيرُه هيجي ويعترفلي ويُطلُب إيدي قُدامك وقُدام الناس كُلها! ، بس في الأخر لقيتُه راح خطب غيري وسابني ، وقتها فكرت إن جايز لو أنا كمان إتخطبت يفوق لنفسُه ويرجعلي؟ ، مكُنتِش عارفة إنُه كارِهني أوي كِدا بسبب .. وبيلومني على ذنب أنا مرتكبتوش يا أبيه".

وقف فاغِراً فمه في صدمة ، لا يكاد يُصدِق أن هذا الحديث يأتي مِن وردته البريئة؟ ، صاح رحيم مُحاوِلاً السيطرة على غضبِه قدر الإمكان.

"وأديه معبركيش برضُه وقرر يتجوِز غيرك؟ ، تقدري تقوليلي إستفدتي إيه مِن الهبل ده كُلُه .. غير إنِك ورطتي معاكي واحِد دخل بيتنا وطلبِك مني؟ ، إنتي حطتيني في موقِف وحِش .. لا أنا عارِف أكسرِك وأجوزِك مازِن غصب عنِك حتى لو مِش بتحبيه وأدفعِك تمن طيشِك ، ولا عارِف أكسر خطيبك وأقوله معلِش أصلها كانِت واخداك فار تجارُب ، طب على الأقل نوح إتغصب على الجوازة دي ولما عرف الحقيقة قرر يوقفها ، إنتي بقى عُذرِك إيه؟ فاكره الموضوع تسلية وخلاص؟".

يعلم بل ويُجزِم أن كلِماته تجرحها عميقً ، كأنها سكين بارِدة يطعنها بِها رويداً ، ولكِن يجب أن يفعل هذا حتى تفيق مِن حماقتِها ، وتعرِف جيداً أن ما إرتكبته ليس بهين ، إرتفعت شهقاتِها وهي تعتذِر بينما تُمسِك قبضتِه بين كفيها.

"سامحني يا أبيه أنا أسفة .. واللَّه مكنش قصدي الموضوع يوصل لكِدا؟ ، كُل حاجة بدأت بإني عايزة أغيظُه وأحسِسُه بالوجع اللي إتوجعتُه لما شوفتُه مع غيري ، بس غصب عني لقيت كُل حاجة بتبوظ ومعرِفتِش أتراجِع؟".

أبعد رحيم يديها عنه في برود لم ترى مِثله مِن قبل ، وتسائل وهو يضغط على ألامِها أكثر.

"موضوع إني أسامحِك ده إركنيه على جمب دلوقتي ، أنا حالياً عايز حل للي حطتينا فيه ده! ، يا جوازتِك تِكمل .. يا إما هتواجهي مازِن بالحقيقة ، وبعدها نشوف مين يسامِح مين بقى".

أتى مازِن في اللحظة المُناسِبة وكأنُه قد سمع إستنجادِها بِه ، وصل إليهُما فرحب رحيم بِه يحاول إخفاء ثورانِه بهدوء ، ليُقاطِعه مازِن نابِساً.

"مفيش داعي تخبي حاجة يا رحيم .. أنا سمعت أغلب حواركوا سوا وفهمت ، بس عايز أقولك إن دي مِش غلطِة ورد لوحدها ، أنا كمان خطبتها عشان مصلحتي مِش عشان بحِبها بجد ، أُختك ربِنا بعتهالي في الوقت المُناسِب عشان تفوقني مِن وهم كان هيضيعني للأبد ، كإن خطوبتي المُزيفة مِنها كانت إشارة مِن عند ربِنا لشر أنا مِش عالِم بيه ، وباللنِسبة لكتب الكِتاب إحنا كُنا متفقين إنِنا هنتخانِق على أي حاجة ومنكمِلش وننهي اللِعبة دي ، بس إنت كشفتِنا الأول .. أرجوك متِزعلش مِنها ، لو فيه حد عايز تاخُد مِنُه موقِف فهيكون أنا الحد ده؟".

جلس رحيم مكانه واضِع رأسِه بين يديه ، لا يستطيع إستيعاب هذا القدر مِن الخِداع والكذِب ، والأدهى أن الطعنة أتت مِن صغيرته الرقيقة ورد.

•••••••••••••••••••

أتى محمود إلى أنور ثائِراً يملؤه الحِقد والضغينة ، كيف لا وقد أخبره أنور بأن سميح قد علم مِن زوجته بموعِد زواج ليلى ، دفع باب المكتب دون إذن وقال بغضب أعماه.

"فضلت ماسِكني عنها لحد ما خلاص هيكتبوا كتابها على العيل ده؟".

إستدارت فريدة وكاظِم ليروا من هذا الرجُل الغريب ، الذي إقتحم المكان هكذا؟ ، بينما وقف أنور غامِزاً إياه مِن بعيد وهو يقول.

"إهدى يا عمي وإتفضل إستريح برا لحد ما أخلص وأجيلك".

•••••••••••••••••

إنتهى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بعيداً عن تأخير الفصول الفترة الأخيرة طبعاً بعتذر ليكوا كلكوا ، يمكن دي أغرب فترة عدت عليا في حياتي كُلها ، أنا مِش مبسوطة بأي حاجة بتِحصل رُغم إن فيه مواقف كتير ومناسبات تفرح ، بس أنا حاسة بفتور وزهد مِن كُل حاجة حقيقي ، مش عارفة ده عشان الروتين بس كل اللي واثقة منه إني بمر بفترة إكتئاب ، وحتى شغفي للكتابة مش قادرة ارجعه ، وده مأثر على روايتي إني مش قادره أخلصها ، بعتذر بجد لو حسيتوا ان الفصل مش احسن حاجة او فيه ملل ، بس ده اللي قدرت اكتبه وبتمنى تعذروني ، ادعولي كل ده ينتهي وارجع زي الاول من تاني.

اشوفكم على خير.

وداعاً.

Continue Reading

You'll Also Like

10.6K 820 31
هُناك مُعتقلين بالسجون يقضون فترة عقوبتهم، يعلمون ما اقترفوا من أخطاء، يعلمون متي تنتهي فترة محبسهم أو حتي متي يُعدمون وتنتهي المعاناه، وهناك سجون مغ...
628 146 23
‏لم يكن حزني هذه المره ثائرًا كما اعتدته، لم يأخذ صوت كسرٍ عظيم بل بدا كما لو أنه نزيف هادئ. 31/3/2022 إهداء إلى صانعة الغلاف: @hibastansuga
60.9K 4.1K 57
من أصدق عِبارات الحُب،عندما تُحب إنساناً ولا تعرف لماذا أحببته." قد تبدو لك البداية سلسلة لكن ما خُفيَ كان أعظم ماهو الحب برأئيك..؟ "عندما تشع...
819 116 13
هل الأنثي تحتاج الى رجل لكي تتعايش بين المجتمع بصورٍة طبيعية؟، هل كل أنثي كما يقول عليها[عانس/فاتها القطار] هكذا أنتهت حياتها ولا تستطيع أن تقدم أفضل...