Nuckles land | أرض نوكلس

By Rawan--Almasri

55.8K 7K 1.5K

عندما يقرر وريث عرش مصاصي الدماء أن يتمرد على قرارات عائلته، وأن يقحم في حياته أشخاصاً لا يتقبلهم بنو جنسه.. ... More

أرض نوكلس
قبل البدء
1 |خطوات في الجحيم|
2 |مصاص دماء، بشري، ذئب|
3 |الوريث الذي يعود لملكه|
4 |حياة ضائعة|
5 |الشاب الذي يعيش في الظل|
6 |حقد الأشقاء|
7 |معركة الملكيين|
8 |حاكم العائلة|
9 |القائد الذي لا يخسر المعركة|
10 |صاحب الابتسامة الجميلة|
11 |مدينة مصاصي الدماء|
12 |محادثة "إخوة"|
13 |الوثيقة ذات الحواف الحمراء|
14 |مصاص الدماء في الجامعة|
15 |ملاك عائلة هييل|
16 |الأم التي لا تملك أطفالاً|
17 |مسكن الأطفال البدائيين|
18 |شهرين في المنزل|
19 |مزرعة الخيول|
20 |مجموعة الملكيين|
21 |الغريب|
22 |الوريث الذي لم يرغب بذلك|
23 |قرار العشر سنوات|
ملاحظة
24 |أرض مصاصي الدماء|
25 |الحكام المختلفين|
26 |وحش|
27 |انهيار|
28 |شاب فاسد|
29 |مدينة الشياطين|
30 |خدوش|
31 |قبل خطوةٍ من الموت|
32 |مدربة ابنة الحاكم|
33 |عناق في الظلام|
34 |الطفلة التي كبرت بسرعة|
35 |رجال مثقلون بالحب|
36 |شركة زد المعمارية|
37
38 |حياة بلا حدود|
39 |حديثٌ عن الحب|
40 |عائلة الأعمال الأسوأ|
41 |حصان ذو لونين|
42 |مرحباً بكِ في عالمي|
43 |الوريث المختل|
44 |مهووس|
45 |البطل الذي ذهب بعيداً|
46 |جانب لطيف|
47 |ليلةٌ مزينةٌ بالأضواء|
48 |رقصات الليالي المقمرة|
49 |ذكريات مصاصي الدماء|
50 |فجوة أربعين عاماً|
51 |انهيار الرجل القوي|
52 |قريبة وآمنة|
53 |الفتاة التي تحمل الحب|

54 |النهاية|

1.2K 124 104
By Rawan--Almasri

ربما الحياة كانت تعبث به، لأن زفاف سارة كان قبل أسبوعٍ واحدٍ وحسب من زفاف سيما، أخذ إجازةً من الشركة، حضر زفاف سارة وهنأها بشدة، لم يكن بوسعه أن يقو لها أي شيء، فقد لامها بما يكفي في ذلك اليوم، وتوقفا عن التواصل كثيراً بعدها، ثم أخذ طريقه نحو أرض نوكلس..

الرحلة ستسغرق ثلاث أيام، سيضطر للسفر لدولةٍ أخرى والمكوث لليلةٍ هناك، قبل أن يرسل له دانييل سفينةً تقله لجزيرة نوكلس، حيث تستغرق الرحلة بالمحيط يومين كاملين..

كانت السفينة مخصصةٌ لنقل البضائع، ولكن دانييل طلب منهم تحضير غرفةٍ له، كانت صغيرة وضيقة ولكنها اتسعت ملابسه وأغراضه وسريره وكل مشاعره وأفكاره..

بشكلٍ ما.. كان متصالحاً مع الأمر الآن، لم يعد يفكر بكل تلك الأشياء حول ذهابه لأرض نوكلس، كان يفكر فقط بسيما وكم كبرت، وكيف سيرى آلفيس العاشق، وكيف ستكون ردة فعل آرمور، وكم تغير الجميع في الأربع سنواتٍ الماضية..

جلس في غرفته يعبث بهاتفه، لم يكن هناك أي شابكة في وسط المحيط، ولكنه لم يكره ذلك، يومان في وسط تلك المساحة الزرقاء، منعزلاً تماماً عن العالم، ويستنشق هواءً نقياً كل صباح، لوحده تماماً، كانا كافيين للغاية كاستراحةٍ من العمل والأمور التي شغلته كل الفترة الماضية..

"سيد كريستوفر.." سمع صوتاً من الخارج، أحد مصاصي الدماء الذين يعملون على السفينة طرق باب غرفته ليقول "تفضل.."

دخل الشاب لينظر كريستوفر نحوه بدون أن يكلف نفسه عناء الجلوس، بينما يعانق وسادته ويقلب بقائمة الأغاني بهاتفه..

"سنصل للجزيرة بعد ساعةٍ واحدة، هل تريد مساعدةً بتحضير أغراضك؟"

رفع نظره إليه ببلادة ثم حرك رأسه نفياً، وحالما غادر الشاب تنهد ونهض يمدد عضلاته، جمع بعض حاجياته المبعثرة في الغرفة الصغيرة ووضعها بحقيبة كتفه، ثم وضع هاتفه بجيبه وتوجه للخارج، من سطح السفينة، استطاع أن يرى الجزيرة، كبقعةٍ سوداء وسط المحيط، وقصر نوكلس بارزٌ للغاية في وسطها..

كان الشخص الذي وضع حجر الأساس لأرض نوكلس، هذا المكان كان حلمه، أرضٌ لمصاصي الدماء، حيث يعيشون معاً، بدون أن يخافوا من البشر وبدون أن يخبئو حقيقتهم، ولكن لم يرَ هذا الحلم بأم عينيه قط، كان ممتناً للشاب الذي أخبره أنهم على وشك الوصول، لأن نظرته الأولى لأرض نوكلس وقصرها جعلته عاطفياً، جعلت قلبه يرتجف ودمعةٌ واحدةٌ تسيل على وجهه، كان ممتناً لأن ذلك حصل هنا، وليس على الأرض، أمام جميع سكان أرض نوكلس أو حكامها الذين سيقابلهم..

"أرض مصاص الدماء.." قال هامساً وهو يحدق بالقصر مشدوهاً، وخلال الدقائق التالية كانت ملامح المدينة تتضح أكثر، تفاصيلها، وأبنيتها العالية، والمصانع والمرفأ، وقبل دقائق من وصولهم استطاع أن يتبين المتاجر والمطاعم على جوانب الشاطئ، وثلاثة أشخاص يقفون بجانب مكان إرساء السفن، استطاع أن يعرف أنهم بانتظاره..

كان قد اتخذ قراراه بالفعل، لن يكون كئيباً، لن يصنع أي دراما، سيتصرف بسوية، كرجلٍ عاد من السفر، مفتقداً الأشخاص الذين تركهم وراءه..

أعطى حقائبه للرجال في السفينة، وترك الحقيبة الصغيرة على كتفه، انتظر حتى توقفت السفينة تماماً وأُنزلت المرساة، ونزل للأسفل يبحث بعينيه عن الأشخاص الذين رآهم من بعيد..

أول شخصٍ وقعت عينيه عليه كان مدربه، الرجل ذو البنية القوية، الذي لم يكبر أو يضعف أبداً، ابتسامته ارتسمت تملأ وجهه، وتقدم نحوه بخطىً سريعة، ليفتح لوسيوس ذراعيه له، يتصرف مجدداً كوالده، ولم يتردد كريستوفر بعناقه بشدة، مثل طفلٍ يعود إلى المنزل..

"كريستوفر بلود، تغيب لأربع سنواتٍ كاملة، وتعود بدون أن تتغير قيد أنملة.."

ضحك بشدة على تعليق مدربه، وحرك رأسه إيجاباً وهو يقول "كنتُ غارقاً في العمل، ولكني تأكدتُ من حلق ذقني وتغيير قصة شعري قبل أن أراكم حتى لا تشعروا بالرعب.."

ضحك لوسيوس وهو يضرب كتفه بخفة، وابتسم كريستوفر على ذلك، متأكداً أنه لن يوفر فعل كل الأشياء التي يريدها في إجازته القصيرة، على رأسها، التدرب مجدداً تحت إمرة لوسيوس، وخوض نزالٍ تدريبي معه، كان يعلم أنه سيخسر به حتماً، فلوسيوس كور سميث كان أقوى رجلٍ في عالم مصاصي الدماء، حتى رغم كونه غير ملكي..

التفت لدانييل يحتضنه بشدة، ربت الشاب الشاحب على كتفه وهو يقول بأنه افتقده، ثم عانق آنجل بخفة، لتشد على كتفيه تخبره أن الأوقات كانت مملةً بدونه..

رأى في نهاية المرفأ سيارةً سوداء كبيرة، وأخبره دانييل أنهم جاؤوا لأخذه بنفسهم لأنهم يعرفون أنه سينزعج لو صنعوا موكباً لاستقباله، رغم أن كثيراً من الأشخاص أرادوا فعل ذلك..

من نافذة السيارة راقب معالم المدينة، لاحظ أن العديد من الأشخاص يضعون لافتاتٍ أمام باب متاجرهم كتب عليها اسمه مع عباراتٍ ترحيبية، الأمر الذي جعل الراحة تتسلل لقلبه، فقد توقع أن مصاصي الدماء وأتباعه سيكرهونه بعد اختفائه..

انعطفت السيارة نحو طريقٍ محاطٍ بالأشجار من كل جانب، واستطاع كريستوفر أن يرى القصر أمامه يبدو أكبر وأضخم كلما اقتربوا نحوه أكثر، الأمر الذي جعله يدقق على تفاصيل التصميم، كان وسيبقى دوماً معجباً بمديرة عمله وأعمالها الاستثنائية..

"آلفيس وسيما يخرجان بجولةٍ على الأحصنة في هذا الطريق كل يومٍ تقريباً.."

صوت لوسيوس قاطع شروده وتأمله بالقصر لينظر نحوه باستغراب ويسأل "سيما؟ لديها فوبيا من الأحصنة.."

"حسناً.. ليس بعد أن ساعدها آلفيس بالتغلب عليها."

"إلهي.." قال ساخراً وهو يفرك عنقه، ذلك الجانب الحنون من آلفيس سمع عنه كثيراً، ولكن كان ذلك من آلفيس نفسه، أكثر من مرة بدون أي تفاصيل، لم يستطع أن يفهم كيف يمكن لصديقه أن يكون هكذا، لو لم يره فستبدو الصورة مشوشةٌ دائماً بنظره....

تباطأت السيارة حتى توقفت أمام البوابة الأمامية، شعربأنه متوتر لمجرد أنه كان على بعد أقل من عشرة أمتار عن باب القصر حيث تقف المجموعة التي ترحب به، جسده كان مشدوداً، ولم يرفع نظره ليرى من كان يقف هناك..

"كريستوفر.." همهم بدون أن يلتفت للوسيوس الذي تنهد وقال "كل الأمور على ما يرام، فقط تصرف وكأنكَ غادرتَ البارحة، تذهب لجامعتكَ لتقوم ببعض الأعمال، ثم تعود اليوم للمنزل، لتلقي التحية على الجميع.."

كان ذلك صعباً حقاً، ولكن الخيال كان الطريقة الوحيدة للهرب من فخ الواقع حين يريد أن يوقعنا بالتوتر، تذكر حينما كانت سارة تخرج لتلقي عرضاً أمام مجموعةٍ من المستثمرين، كانت تتوتر من الوقوف أمامهم لذا كان دوماً يقول لها بسخرية "انظري لوجوههم وتخيلي أنهم بطاطا" وتذكر أنها ذات مرة عادت للمنزل مساءً وقالت له "تخيلتهم كذلك، كان الأمر ناجحاً.."

لذلك.. كان عليه أن يدخل للمنزل الآن، ويتخيل أن كل شيءٍ كما كان، لقد غاب لأربعة سنواتٍ وحسب، ولم يتغير الآخرون كثيراً، مما سيساعد هذه الكذبة..

توقفت السيارة ليترجل دانييل منها أولاً، وبعدها نزل كريستوفر، الذي استجمع ثقته، ورفع نظره للواقفين أمامه، ميردا، آرمور، امرأةٌ بجانبه قدر أنها ليا، آلفيس، وسيما..

ركضت الأخيرة نحوه وقفزت عليه بقوة تحتضنه حتى دفعت جسده للوراء، ضحك بصوتٍ عالٍ وهو يمسكها حتى لا يقعا معاً، وصوت ضحكته الذي تردد في القصر أنبض فيه الحياة..

"انظري لنفسكِ أيتها الصغيرة الجميلة.."

دار فيها حتى تطاير شعرها، بينما يراقبهما آرمور وآلفيس، شد الأخير على يده بخفة ليقول آرمور ساخراً "لا تشعر بالغيرة أيها الطفل.."

"لا تتدخل.."

قال بحدة وضحك آرمور عليه، كان سيتزوج ابنته بعد ثلاث أيام، ولكنه مازال يعامله بتلك الوقاحة..

أوقفها على الأرض ونظر لها بابتسامةٍ تشق وجهه، أعينه كانت لامعة حتى أن النجوم تخرج منها، وضع كلتا يديه يمسح على شعرها وهو يتابع "انظري لنفسكِ.. تبدين أكبر عمراً وأكثر نضجاً، طفلتي الصغيرة الجميلة البريئة.."

ضحكت على ذلك بشدة، رغم أنها أرادت أن تستقبله بالدموع وتضربه بقوة بسبب مغادرته دون أي كلامٍ ورفضه للتواصل معهم، ولكنها كانت تثمن هذه اللحظات، ستتشاجر معه لاحقاً بلا شك..

التقط يدها ثم سار باتجاه البقية، ابتسم نحو ميردا التي لوحت له من بعيد دون أن تمد يدها لمصافحته ففعل المثل يقابلها بابتسامةٍ صغيرة، ثم التفت نحو ليا ينظر لها، قبل أن يتجاهل وجودها وينظر لآلفيس الذي قال ببرود "أنتَ هنا أخيراً، ظننتُ أنكَ ستموت على الطريق.."

"لم أستطع الموت، عرفتُ أنكَ لن تتزوج من دوني.."

"من قال ذلك؟ كنتُ سأتزوج حتى ولو لم تأتي.."

ضحك كريستوفر قليلاً، وأفلت يد سيما يفرد ذراعيه يدعو آلفيس لعناقه، نظر له الأخير من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه بتقزز وكأنه يسأله "هل تراني طفلاً؟" الأمر الذي دفع كريستوفر لينفجر ضحكاً بصوتٍ عالٍ هذه المرة ويحيطه بذراعيه يضرب على كتفه بقوة وهو يقول "اشتقتُ لبرودكَ اللعين.."

"أجل.. لأكون صادقاً، أنا أيضاً أفتقد اللحظات التي تستمر بها بالثرثرة رغم أني أتجاهلك.."

ضحك كريستوفر مجدداً ليبتسم آلفيس بخفة، من الجانب كان آرمور يراقبهم، يراقب شقيقه الذي قرر أن يسلم على صديقه قبله، ويراقب ضحكته، وعلاقته مع آلفيس التي لم يعرف لها تفسيراً سوى أن شخصين متناقضين اجتمعوا في ظروفٍ غامضة جعتلهما أصدقاء..

ابتعد كريستوفر عن آلفيس والتفت نحو شقيقه، سقطت ابتسامته على الفور، وعاد وجهه لتلك النظرة المحايدة، التي كان يحملها كريستوفر على وجهه طوال حياته..

ليست بروداً، ليست كرهاً، فقط نظرتكَ العادية التي تلقيها على اي شخصٍ، على أي وجهٍ عابرٍ تراه في الطريق، وكأنكَ لا تعرفه على الإطلاق..

"مر زمنٌ طويل.." ابتدأ آرمور الحديث، كانت تلك الجملة التي لم يقلها له حتى بعد غيابه لسبعين عاماً، وقتها عاد بالتهديد والصراخ وهاجمه أكثر من مرة، أما الآن.. كان يبدو هادئاً حقاً..

"أجل.." أجابه بهدوء ليتنهد آرمور، لم لم يستطع أن يقابله بهذه الطريقة العاطفية مثل الجميع؟ هل دمر علاقته مع شقيقه لهذا الحد؟

لم يتفاهم مع كريستوفر على الإطلاق، لم يتحدثا مطلقاً كشقيقين، لم يفهم أحدهما الآخر، ولم يسألا عن أي شيء، لم يعرف كريستوفر أي شيء عن حبيبة آرمور المستذئبة ولم يعرف آرمور أي شيء عن حبيبة كريستوفر البشرية..

زفر آرمور بخفة ثم اقترب من كريستوفر، عانقه بخفة، كان ذلك أشبه بتلامسٍ بسيط ربت به على كتفه وهمس "مرحباً بكَ في المنزل." ثم ابتعد قبل أن يبدي كريستوفر أي رد فعل أو يبادله العناق..

ماذا لو أن شيئاً لم يحصل؟ لو أنه عاد للمنزل الآن بعد غيابه الليلة السابقة بسبب تأخره في العمل؟ لو أنه لم يغادر، ولم يترك كل شيء ويترك هذه الفوضى، ولو أنه لم يعمل في تلك الشركة، يقابل سارة، وتكسر قلبه -تقريباً- بسبب زواجها المفاجئ الذي جعل عالمه بالكامل فارغاً فجأة..

ماذا لو أن هذه السنوات الأربعة لم تحصل على الإطلاق؟ كان سيعود للمنزل، ولن ينظر لعيني آرمور، تماماً كما حصل الآن.. لذا لم يكن عليه أن يشعر بالحسرة في قلبه الآن بسبب ذلك على الأقل..

"لندخل.. ثمة وليمة غداءٍ في الداخل.." قالت ميردا وهي تشير للجميع، سار معهم نحو قاعة الطعام وهو ينظر لتصميم القصر بإعجاب، ودخل قاعة الطعام ليجلس على أحد الكراسي تقابله أصناف الطعام المختلفة، كان اللحم مشوي جيداً، بدون أي دماء، عرف أن هناك بروتوكولات مختلفة الآن بسبب سيما..

"أين عائلاتكم؟" قال باستغراب حين لاحظ أن الأشخاص الموجودين هم المقربين فقط، حرك آرمور كتفيه بلا اكتراث ورد "والدينا لا يغادران الجناح على الإطلاق، مثل العادة، يجلسان في قصرهما العاجي، ويراقبان العالم.."

قلب عينيه بقرف ونظر لآنجل التي قالت "إخوتي الأصغر خارج أرض نوكلس للدراسة، وشقيقتي غادرت المنزل مع جوني.." أشارت لآلفيس ليلتفت كريستوفر نحوه ويسأل "جوني لم يعد يسكن في القصر؟"

"كل عائلتي غادرت منذ ثلاث سنوات."

"عائلة بين؟ لم؟" سأل باستغراب ليشرب آلفيس من كأس العصير أمامه ويرد "تشاجرتُ مع سام شجاراً كبيراً، قررنا بعدها أن نسكن بشكلٍ منفصل، أنا وحدي الآن.. بعد فترة ستكون سيما معي فقط.."

"إلهي.. أنتَ مجنونٌ يا آلفيس.." قال ساخراً، انتبه آرمور أنه كان يسأل عن الجميع وعن أخبارهم ويثرثر كثيراً، ولكنه لم يتحدث معه كثيراً، لم يسأل كيف حال والديه حتى، ولم يسأل أي شيء عن لاي أو ليا، لم يرفع نظره نحوها حتى..

وذلك جعله يشعر بالمزيد من الضيق، لكن الوقت قد مضى بالفعل، لم يكن بوسعه أن يغير أي شيء..

بعد الغداء جلسوا جميعاً بالصالة، تحدثوا كثيراً عن أحداث السنوات الأربعة الماضية، حدثهم كريستوفر عن عمله وبعض زملائه، تجنب ذكر سارة كثيراً، ولم يتحدث بالكثير من التفاصيل عن الأشخاص وإنما اكتفى بالتحدث عن الأعمال، استمع له الجميع بدون أن يقاطعوه، كان يحب ما يقوم به، وبوسعه أن يدفع الآخرين للاستماع له لساعاتٍ وجعلهم يحبون ذلك أيضاً..

في الليل، أخبر آرمور أنه يريد أن يرى والديه في الصباح، واكتفى آرمور بالإيماء ورد "سآخذكَ لغرفتكَ إذاً.."

"هل مكتبتي مازالت موجودة؟"

"بالطبع، سيما وآلفيس يعتنيان بها كثيراً، لم تتغير على الإطلاق.." أجابه وهو يسير أمامه، يقوده نحو جناح عائلتهم، بينما ذهبت سيما وآلفيس للخارج ليروا بعض الأمور في المدينة بشأن الإعداد لحفل الزفاف الضخم الذي يخص أحد حكامهم، كان بالتأكيد سيذهب لمستوىً آخر عن حفل ابنة الماركيز..

دخل آرمور نحو جناح عائلة بلود، سار به نحو المكتبة وفتح الباب ليمرر كريستوفر عينيه على الرفوف بابتسامةٍ واسعة، ثم دخل متجاهلاً آرمور يمرر يده على الرفوف وعينيه تطالع العناوين وهو يقول "إلهي.. لقد جمعتُ كل كتابٍ منها، أنا أفتقدها.."

"يمكنكَ أن تعود في أي ووقت، تعلم أنها لك.."

الكلمة جلعت الابتسامة تسقط مجدداً، التفت نحو آرمور وواجهه، بقيا لوحدهما لأول مرة منذ الصباح، كان يريد أن يقول الكثير، أشياءٌ مثل "لا أريد العيش مع عائلةٍ مزعجة وأخٍ أناني متسلط." ولكن لم يكن لهذا الكلام أي قيمة..

"لدي مكتبةٌ أخرى، لدي منزل، وعمل، وحاسوب، ومكتب، ومرسم، وأنا أفتقدهم أيضاً حتى رغم غيابي عنهم لثلاث أيام وحسب..

سأحضر الزفاف، سأهنئهما، ثم سأغادر مجدداً.."

"لقد كنتَ تكره أننا نكذب على البشر ونعيش حيواتٍ مختلفةٍ معهم.."

"أجل، ولكن الحياة التي أعيشها الآن جميلةٌ جداً، وسأستهلكها حتى آخر لحظة، حين يكون علي المغادرة وينتهي وقتي بينهم، سأذهب بعيداً وحسب.. إن لم أجد حياةً مثلها، سأعود إلى هنا.."

"أجل، يمكنني أن أرى أنكَ مستمتعٌ بحياتكَ كثيراً الآن.." قال مشيراً للحديث الذي دار بالأسفل ليبتسم كريستوفر بخفة ويرد "وأنتَ أيضاً.."

"لم أكن لأكون أكثر امتناناً أنني مع أتباعي في مكانٍ واحد، وأن ابنتي بأمان وصحةٍ جيدة.."

"أنتَ محق.." همس وهو يبعد عينيه عنه، يمررها على الرفوف مجدداً، هذه المرة بهدف التهرب، زفر آرمور مجدداً وقال "أعلم أن هذا مبكرٌ لأقوله، ولكن.. إن كنتَ مستمتعاً بحياتكَ الحالية، فآمل أن تعيشها جيداً، ومتى ما أردت العودة، تأكد أنكَ في وطنكَ هنا أيضاً، لا تشعر بالغربة بيننا.."

التفت نحوه باستغراب، كان آرمور متعاطفاً أكثر بكثيرٍ من المتوقع، عرف أنه يحاول أن يبني بينهما جسراً من الجسور التي تكسرت، على الأقل حتى يتسنى له بعد هذه الليالي القصيرة أن يتصل به ليطمئن عن أحواله، ورغم أن كريستوفر لم يكن متصالحاً مع الأمر كثيراً، ولكنه لم يكن ليهدم هذا الجسر، لأنه كان دوماً ينظر لشقيقه باحترام، رغم كل شيء حصل بينهما..

"لا تخف يا آرمور، بمجرد أن وطأت قدمي أرض نوكلس، شعرتُ أنني بالوطن بالفعل، جميعنا نعود إلى الوطن في نهاية المطاف.."

رغم أنها كانت جملةً واحدة، ولكنها كانت كافيةً للغاية حتى يعرف آرمور أن كريستوفر سيعود ذات يوم، ربما لن يبقى الآن، ربما يكون ذلك اليوم بعيداً، بعد سنواتٍ طويلة، بعد أن يتعب آرمور ويسلم الحكم لابنه أو للوريث الجديد، ولكنه سيعود، يوماً ما.. سيكون كريستوفر هنا، وسيكون بوسع آرمور أن يبني المزيد من الجسور..

***

في يوم الزفاف، تزينت أرض نوكلس بالأضواء، من الشاطئ الشرقي حتى الغربي، واجتمع كل السكان في ساحات المدينة بمواكب طويلة، كان من المقرر أن يكون الزفاف بالقصر ولكن أراد السكان المشاركة، ارتدت سيما فستانها الأبيض المزين باللؤلؤ، تم الاعتناء بشعرها جيداً بتسريحةٍ لطيفة، بينما لبس آلفيس إحدى تلك البزات الغريبة التي كانت تشعرها وكأنه خارجٌ من إحدى الأفلام الخيالية..

كانت تقف في غرفتها، تحدق بنفسها في المرآة، تشعر أنها غريبةٌ تماماً عن نفسها، تنظر في أرجاء الغرفة الفارغة، لأنها ستنتقل منها، وستكون مع آلفيس من الآن..

ستكون مع مصاص الدماء الأشقر ذي الشعر الطويل الناعم والضفائر الذهبية والملامح الحادة، ستكون مع أقسى فردٍ من مصاصي الدماء سبق وأن قابلتهم، الأكثر قسوةً وعنفاً وحباً وهوساً، وهذا لوحده كان كافياً لجعلها ترتجف بخوف، خوفٌ لذيذ محمس..

سمعت صوت الباب يفتح، توقعت أن يكون آرمور، ولكنه كان كريستوفر، ببزةٍ سوداء مزينةٌ بالكامل بخيوطٍ فضية، نظر نحوها بحبٍ وقال "أميرتي.."

"كريستوفر.." قالت بانتحاب ليرفع حاجبيه معاً، دخل الغرفة وأغلق الباب وهو يتقدم نحوها، يرفع يديه يحتضن وجهها كما اعتاد أن يفعل، يمسح بأصابعه بخفة على وجنتيها ويسأل "ما بها أميرة هذه الليلة حزينة؟"

"أنا خائفة؟ هل هناك شيءٌ خاطئٌ بي؟ أم أن هذا طبيعي؟؟"

ابتسم بخفة على كلماتها، لم يرد أن يضحك عليها حتى لا تتذمر لذلك اكتفى بالمسح على وجهها يطمئنها وهو يقول "هذا طبيعي يا حبيبتي، أنتِ على وشك الزواج، ولأكون صادقاً.. أنتِ على وشك الزواج من آلفيس، أعني.. أنا سأتوتر لو كنتُ مكانك.."

كان يحاول تخفيف توترها بالدعابة السخيفة ولكنها ضربت على كتفه وقالت "أنتَ لا تساعد.."

"حسناً.. سأخبركِ سرين آمل أن يساعداكِ على تخفيف التوتر، لقد أخبرتني ميردا أنها كانت في يوم زفافها تشعر بالخوف الشديد أيضاً، لذا.. الخوف أمرٌ طبيعي، لا تقلقي.."

"نعم.. لأنها ستتزوج من لوسيوس سميث، وهذا ما لا يجعل الأمر طبيعياً.."

كانت محقة، تشبيه لوسيوس بآلفيس كانت ضربةً جيدة، ولكنه لم يكن ليسمح لها أن تخرب متعتها بكل ذلك الخوف لذلك رد على الفور "أجل.. وهنا يأتي السر الثاني.. أو اعتبريها معلومةٌ من رجل..

الرجل الذي لا ينظر للآخرين على الإطلاق، والذي لا يكترث للنساء، والذي يبدو قاسياً وحاداً، حينما يحب، يحب بكل ما لديه، جميعنا نملك العاطفة بداخلنا، الأمر فقط أن آلفيس يعطيكِ كل شيء، وهذا ما سيحدث الفرق، صدقيني.. ستكونين أكثر سعادة من أي شخصٍ آخر، سيعطيكِ آلفيس كل الحب المكنون في صدره منذ مئات السنين، وسيحافظ عليكِ جيداً.."

أومأت له بخفة ليبتسم مجدداً، رفع يده يربت على رأسها ثم قبل جبينها وهو يقول "لننزل..آلفيس وآرمور في ساحة المدينة بالفعل، سآخذكِ أنا ودانييل إلى هناك.. "

"إلهي.. أنا محاطةٌ بحكام أرض نوكلس.."

"أنتِ تستحقين.."

ضحكت بخفة وأمسك بيدها يساعدها بالنزول على درج القصر نحو الأسفل، كان القصر فارغاً لأن الجميع في المدينة، ولكنها استطاعت أن ترى ميردا في الصالة تصفق لها بخفة وهي تنزل..

"ميردا.."

"ابنتي الجميلة، اعتني بنفسك.."

"هل ستذهبين معنا؟"

"أجل.."

لم تكن سيما أكثر سعادةً من ذلك، لطالما اعتبرت ميردا بمكانة والدتها، خرجت برفقتهما للخارج، بجانب باب القصر، ركن دانييل سيارةً سوداء كبيرةً فخمة مزينةٌ بالجواهر والأزهار..

تحرك دانييل ليفتح الباب لها، كان يرتدي سترةً سوداء طويلة حتى كعبه، ويرفع شعره الأسود مبرزاً بشرته الشاحبة، نموذجٌ مثالي لمصاص دماء كما يعرفه البشر، تلك الهالة المعتادة تحيط به..

"ستحظين بدانييل سكارز شخصياً، أقوى مصاص دماء في العالم، كسائق سيارتكِ يوم زفافكِ.."

همس كريستوفر لها محاولاً أن يضحكها ويخفف عنها التوتر، ضحكت على ذلك وردت "حسب آلفيس المهووس، توقعتُ أن يكون هناك أحصنة.."

"حسناً.. إنه غيور، لن يقبل أن تركبي على حصانٍ مع أيٍ منا، لذلك أخذنا الحصانين الملونين للساحة بالفعل، هما هناك مع حارساكِ الشخصيان، ستعودان على متنهما، سيجران العربة التي تقودكما للقصر.."

"عربة؟" سألته وهي تركب في السيارة ليساعدها على تعديل فستانها وتكفل دانييل بالإجابة "إن كان العروسان من النبلاء يركبان بعربةٍ مفتوحة يجرها حصانين، آلفيس لم يهمل هذه التفاصيل، ووضع أحصنتكما في ذلك.."

"ذلك الشخص.." قالت ضاحكة، كان آلفيس مهووساً مجنوناً بالتفاصيل، كان ينتبه ويكترث لكل شيءٍ حرفياً، ولم يكن ذلك ملائماً قط مع طبيبعته اللامبالية، ولكن هذا جعل منه أيضاً شخصاً دقيقاً، كل ما يفعله يكون مذهلاً وصحيحاً..

أمسكت ميردا يدها لتشد عليها بقوة، طوال الطريق نحو الساحة، والزحام الذي كان في الطرقات جعل حركتهم بطيئة قليلاً، ليقول كريستوفر محاولاً تمرير الوقت.

"من اختار فستانكِ؟"

"ماذا؟" سألته باستغراب من سؤاله المفاجئ ليقول "أنتِ لا تحبين هذه الأشياء، أراهن أن فستاناً رائعاً مثل هذا ليس من اختيارك، تصميمه غريب للغاية، أنتِ لن تختاري شيئاً مذهلاً هكذا.."

"هذه إهانة..." قالت ساخرة ليرد بسرعة "لا تضيعي الوقت.."

"اختاره آلفيس، هذه المرة لم يسمح لي برؤيته حتى اليوم.."

"ذلك الرجل المهووس بالتفاصيل، كما هو متوقع، يملك ذوقاً جيداً.." قال كريستوفر، يؤكد للمرة الثالثة أن فستانها مذهل ليرد دانييل بسخرية "إنه رومنسي أكثر من لوسيوس سميث نفسه، تصرفاته لا تتوقف عن مفاجئتي.."

ضربه كريستوفر بقوة ليصمت لأنه كان يجعل الفتاة محرجةً أكثر، وتوقفت السيارة أخيراً أمام المنصة الكبيرة التي تتوسط ساحة المدينة الكبيرة، حيث أقيم حفل الزفاف السابق، ولكن هذه المرة كانت المنصة مزينةٌ بالأزهار من كل جانب، الموسيقى الهادئة في المكان جعلتها تبتسم أخيراً..

على المنصة وقف آلفيس، ببزته البيضاء والذهبية، بجانبه كان آرمور، ببزةٍ سوداء تشابه خاصة كريستوفر، ولكنها لم تحمل تلك النقوش الفضية الواضحة..

نزل الثلاثة من السيارة، وأحنى كريستوفر ظهره يمد يده لسيما قائلاً "اخرجي إليهم، أنتِ أميرة هذه الليلة.."

كانت سعيدةً بالكلمات التي يخبرها بها، كانت سعيدةً لأنه كان هنا، لأنه قطع كل تلك المسافة لأجلها، كانت ممتنةً له، لأن كريستوفر موجودٌ في هذا العالم لأجلها..

أمسكت بيده بخفة، وخرجت من السيارة ليساعدها على تعديل فستانها، بينما عينيها كانت تنظر لآلفيس الذي يحدق بها بدون أن يرمش، في تلك الليلة شعر آلفيس بين أنه امتلك كل العالم..

بينما يمسك كريستوفر يد سيما، وسط صراخ وتصفير وتصفيق الأشخاص، وصوت الموسيقا العالية، لم يرَ آلفيس سوى تلك الفتاة التي كانت ملكه الآن، لم يكن بوسعه سوى أن ينظر لها، يشعر بقلبه ينبض بشدة..

الحب يفعل ذلك، الحب يرسم الأرواح بطريقةٍ جديدة، الحب رسم شخصاً جديداً تماماً فوق ملامح آلفيس، شخصاً عاشقاً مترقباً، ينظر لحبيبته بتلك الطريقة..

وقف كريستوفر أمام آلفيس، ابتسم بخفة وانحنى عليه هامساً"إن آذيتها.. سأقطع رأسك.."

لم يستطع آرمور أو سيما أن يتمالكوا أنفسهم، ضحكوا بشدة على تهديده الذي لم يكن بوقته أبداً، ولكن آلفيس اكتفى بتحريك رأسه وقال "افعل ذلك من فضلك، لأنني لن أسامح نفسي لو فعلت.."

التقط يد سيما من يده، وبترددٍ، رفع يده الأخرى ليمسك خاصتها الثانية، شد عليهما بقوة وهو يقول "نحن معاً الآن.."

"لقد كنا معاً منذ فترةٍ طويلة.." أجابته بابتسامةٍ صغيرة ليومئ لها، رفع رأسه يقبل جبينها بحنانٍ بالغ، يسمع كل الموسيقا حولهم، كان قد أخبرها بذلك من قبل، لو أردتُ أن أكون معكِ، فسأبدأ بذلك بطريقتي، ركوبٌ على الحصان وقبلةٍ على الجبين..

حدق كريستوفر بهما بابتسامةٍ صغيرة، كانا يبدوان متشابهين بطريقةٍ ما، ربما لأنهما معاً منذ فترةٍ طويلة، يرتدي المحبون الملامح نفسها على وجوههم، وربما لأنه كان يقدم دمه لها بشكلٍ منتظم، فباتت تلك الدماء التي تجري في عروقها متصلةٌ بينهما..

كانا معاً الآن، لم يكن هناك أي شيء سيقف بوجههما، سيعيشان الحياة الطويلة القادمة، يواجهان مشاكلها وقسوتها وتعبها معاً، يحاولان أن يبنيا عائلةً جديدة، سويةً أكثر من عائلة بلود، وأكثر وداً وتقارباً وإلفة من عائلة بين..

سيكون لديهما أطفالاً، لن يربيهم أحدٌ على قتل الأشخاص على الوثائق ذات الحواف الحمراء، وعلى تعذيب مصاصي الدماء بالسجون، سيتعلمون القتال من لوسيوس بالطبع، لأنه أفضل مدربٍ على الإطلاق، وسيستخدمان تلك القوة ليحموا عائلتهم، والأشخاص الذين يحبونهم..

سيكبرون بحب، بدون كل تلك التفاصيل، بدون القسوة التي أحاطت بالجيل الذي سبقهم، سيكونون أول سليلٍ من مصاصي الدماء الملكيين في أرض نوكلس، الذين كبروا، بطريقةٍ مختلفة، محاطين بالحب..

بدت سيما مثل نجمةٍ مضيئةٍ وسط عالمٍ مليءٍ بالأمور السيئة، وبدا آلفيس.. مثل رجلٍ صُنع خصيصاً لأجلها، يتعامل مع الجميع بشكلٍ مختلف، ومعها.. ملاكٌ رحيمٌ يصب عليه الحب والعاطفة..

لم يرد آرمور لابنته أكثر من ذلك، لم يرد كريستوفر لهذين الشخصين الغالين عليه أكثر من ذلك، أن يكونا معاً بسعادة، في الواقع.. لم يرد أي أحد أن ينتهي الامر بمأساةٍ أو حربٍ بين العوائل الملكية بسبب قصة حبٍ مسمومةٍ فاشلة..

آلفيس، وسيما، كانا مختلفين تماماً، غير مناسبين لبعضهما على الإطلاق، ولكنهما بقيا معاً، وحاربا.. بالدماء.. حتى يجعلا هذا الحب ينجح، حتى يجعلان الأمر يستحق..

الآن.. كان بوسعه أن يكون معها، أمام العالم بأجمعه، أن يقبل يديها بحب، وأن يحضتنها بشغف بدل أن يستمر بحك يديه بشدة، وأن يحدثها طوال الوقت، بدون أن يخاف من الحدود التي تفصل بينهما، بدون أن يتوتر من خوفها وقلقها، بدون أن يشعر بأنه لا يملكها بسبب خجلها المفرط وتسلط والدها، كان بوسعه أن يكون معها، أن يبقيها قريبةً وآمنة، محاطةً بالكثير من الحب والمودة، وأن يتكفل بأي شيءٍ آخر..

كان بوسعه أن يكون آلفيس بين، الذي تزوج سيما بلود، كشخصين وقعا بالحب في ظروفٍ مجنونةٍ تماماً، وبقيا معاً حتى النهاية..

كان بوسعه، أن يحبها، أن يحب نفسه مجدداً من خلالها، أن يحب حقيقته حين يكون معها، وكان ذلك ثميناً للغاية بالنسبة له، ثميناً ومذهلاً آمناً، حد أنه لن يضحي به طوال حياته..

«في ذاك الشارع وتلكَ الليلة ذاتها
عندما كانت يدكَ بيدي وصوت ضحكتنا تملئ العالم،
حينما قررتَ بأن تُغني لعبد الحليم
(خلينا كده على طول ماشيين )
وعيناكَ تنظرُ لي وتبتسم
أدركتُ بأن الإنسان يولد مرتان
حينَ يأتي لدُنيا،  وحينَ يُحب.»

...

The End

R.M

...

بدأت في 8/11/2022
انتهت في 23/9/2023
نُشِر الفصل الأخير في 8/10/2023

تجربتي الأولى في مجال مصاصي الدماء، الذي كانت بشكلٍ ما أيضاً مختلفةً تماماً عن النمط المعتاد لروايات مصاصي الدماء. 

هذه الرواية أخذت من وقتي الكثير، في الحقيقة.. لم أتوقع قط أن أستغرق كل هذا الوقت في كتابتها، وقد انقطعتُ عن الكتابة عدة مرات، مما يجعلني غير راضيةٍ عنها تماماً، فأنا أشعر أنه في هذه الحالات يمكن أن تنقطع الحبكة أيضاً، ويبدو العمل غير متماسك. 

رغم ذلك، فقد استمتعتُ بكتابتها ونشرها، بالنسبة لي كانت مزيجاً غريباً بين التاريخي والنفسي والرومنسي والخيالي، وقد أحببتُ العمل على هذا المزيج، آمل أني استطعتُ إيصاله كله لكم أيضاً. ❤️

شخصية آلفيس معقدة، شخصٌ ولد بطباعٍ صعبة، وكانت عائلته سيئة، وفجأةً وجد صديقاً، ثم وجد فتاةً يحبها، وأعطاها كل شيء، هذه الشخصيات غير مألوفة كثيراً في الواقع، ولكنها موجودة، وهي صعبة الفهم للغاية، لذلك كان آلفيس أيضاً شخصاً صعباً بالنسبة لي، على كل المقاييس، وكانت كتابة شخصيته أصعب بكثير مما تخيلت. 

رغم ذلك أحببته، وعلى الرغم أن الرواية بدأت ببطولة آرمور وكريستوفر وانتهت ببطولة آلفيس وسيما، إلا أنني تعلقتُ بآلفيس حقاً، كان شخصاً ممتعاً بالنسبة لي، وصعباً أيضاً.. 

آمل أن هذا الانقطاع بين شخصيات وأحداث الرواية لم يسبب الكثير من المشاكل أيضاً.. ❤️ 

في الحقيقة.. لأكون صادقة، مازال هناك العديد من الألغاز التي لم تكشف بالرواية، وهناك المزيد من الشخصيات التي كان يمكن أن تأخذ حقها أكثر، مثل سارة أو ميردا أو لوسيوس أو ليا، ولكني قررتُ الاكتفاء هنا، وإنهاء هذا العمل بهذه الطريقة، وترك تلك الألغاز الصغيرة لكم ❤️

آمل أن يكون هذا العمل ممتعاً لكم أيضاً❤️❤️

وهكذا نخرج من أرض نوكلس، من مدينة مصاصي الدماء، ونلتقي غداً في مكانٍ جديد، في مدينةٍ جديدة، مدينة المقامرين!  

R.M

Continue Reading

You'll Also Like

397K 24.3K 37
Highest ranking #1 رفيق #2الفا عندما تبلغ الثامنه عشر من عمرك ، من المفترض ان تجد رفيقكَ الأبدي ، والمقدر لك هذا ان كنتَ من المستذئبين ، ولكن ما الذ...
79.4K 7.5K 40
الهيامي شعبٌ كل ما يفتخرون به جمالهم لكن شاء القدر ان تولد فتاة مشوهة من بينهم لتصبح النقطة السوداء بتاريخ مثاليتهم. وكأن لم يكفي ان تحتمل تلك الزهرة...
5.3K 581 5
دع عنك يا هذا ذكوريتك المتعصبة جانبا فلا يدخلن إلى هنا أشباه الرجال وأمثالهم فقد نصبت طاولة مستديرة لحوار مصيري يضع كل ملك أمام خيارين إما التخلي عن...
83.6K 2.3K 48
#بقلم احمد آل حمدان وفي يوم رحل زوجها، فقالت: وأنا ماذا أفعل عندما أشتاق إليك؟!، لم يُجبها زوجها "بحر" عن سؤالها، و اتجه نحو الباب مغادرًا، أدار قبض...