34 |الطفلة التي كبرت بسرعة|

805 108 19
                                    

حين استيقظت في اليوم التالي وجدت نفسها بغرفتها، تساءلت إن كان آلفيس قد حملها، وشعرت بالإحراج على الفور لأنه فعل ذلك، رآها نائمة، بضعة مرات حتى الآن..

عينيها حدقت بالسقف بشرود، تراجع أحداث اليوم السابق برأسها، بقدر ما كانت ممتلئةً بالخوف والذعر من تلك الحادثة، تتذكر حينما هاجمها زميلها من الوراء مستغلاً انشغالها بالآخر، بقدر ما تشعر بأنها لا تفكر بها، بل كانت تفكر بما حصل بعدها، بمحادثتها مع آرمور، وذهابها لآلفيس، لجوءها له، كيف طلبت منه أن يعانقها، وبكت بين يديه، ثم حادثته كأصدقاء قدامى وكأنه أكثر أمرٍ طبيعيٍ في العالم..

حصل الكثير باليوم الفائت، الكثير الذي لا يمكن لعقلها استيعابه كله، جلست في سريرها تنظر للفضاء الفسيح في الخارج، والنسمات الجميلة تصلها من النافذة، كانت في طابقٍ عالٍ من القصر، مقابل السماء، حتى شعرت أنها ستحلق..

أولى ذكريات حياتها كانت بين يدي آرمور، حين فتحت عينيها بجسدٍ مثخنٍ بالجراح والتعب، وسط مشفىً صغير لا يكاد يتسع لأكثر من بضعة مرضى، ووجدته أمامها، يمسك بيديها، وعينيه تصلي أنها بخير، منذ ذلك الوقت وحتى الآن، لم يكن يتلو أياً من صلواته أو ما يشعر به على الملأ، ولكن لأنها كانت نقيةً تماماً، فارغةً من كل شيء بتلك اللحظة، استطاعت أن تقرأ عينيه، وكيف كان يصلي لأجلها..

في ذلك الوقت لم تتخيل مطلقاً أنها ستكون في قصرٍ كبيرٍ، تجلس في سريرٍ مثل هذا، على قيد الحياة، في مدينة مصاصي الدماء، بعد أنا حاول اثنان منهم قتلها، وأنقذها أحد حكامهم، آلفيس بين، أكثر الرجال قسوةً في هذا العالم..

في ذلك الوقت، كان العالم يتمحور حول مساحةٍ أصغر من عقلة إصبع، الألم، آرمور، ورأسها الفارغ من كل شيء، ولم يكن بوسعها أن تتخيل أن العالم سيتضخم لهذا الحد..

ربما لفترة طويلة ، لم تعي تماماً ما معنى البشر، وما معنى مصاصي الدماء، لأنها كبرت بينهم، لم يكن هناك ذلك الخط الذي يفصل بينهما، خاصةً أنها عاشت في منزل عائلة بلود، بين أحضان آرمور وكريستوفر، ولم يُسمح لأي شخص حولها بأذيتها، أو استعمال قوته أمامها..

ولكن حين بدأ العالم يكبر، بدأت الفجوة بين ما تعيشه وبين ما هي عليه حقا تتسع، هذه الفجوة جعلت المسافة بينها وبين آرمور تتسع، وأصبحت تشعر بالوحدة فجأة..

لكن آرمور كان والدها، كانت تعيش في منزله، وكان قصر عائلة بلود يتمحور حوله وحول كريستوفر.. أما الأمور أرض نوكلس مختلفة، فقد انشغل عنها أكثر، ووجدت نفسها في مواجهات مع آلفيس بين، مراراً وتكراراً، وبقدر ما كان ذلك الشخص يخيفها ربما كانت الأمور تستحق..

حاولت أن تصفي رأسها من كل الأفكار، رغم رغبتها بالاختفاء من على وجه العالم لأنها قالت له عانقني، ولكنها لم تكن نادمة، هذه حقيقة كان على عقلها تقبلها، كان قلبها سعيداً، وكانت ممتنة..

 Nuckles land | أرض نوكلس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن