روايات احلام/ عبير : لا احد س...

By Rano2009

82.4K 1.7K 46

الملخص " لن تكوني زهرة في حديقتي أبدا" كان يردد لها هذا بينما يجمع الأخريات الأشد جرأة منها في باقات زاهية سر... More

1/ ضيف بلا مزايا
2/ وحدها في الحديقه
٣/ طعم لسمكه اخرى
4/حبي لك ويشبه ورده حمراء
5/ الحفله الراقصه
7/جيده ولكن ...
8/ وانت بعيد
9/ هزيمه جديده
10/ عدت الى قلبك
١١/ الاول والاخير(( الفصل الاخير))

6/ ابتسامة النصر

5.7K 146 0
By Rano2009


بقيت لورين تتقلب في فراشها دون أن تستطيع النوم, من الواضح أن جان عاد لمتابعة الحفلة الراقصة ولم يعد الى المنزل قبل الثالثة بعد منتصف الليل, وبعد أن صفق باب غرفته وراءه استطاعت لورين أن تغفو.
في اليوم التالي استفاقت كئيبة تعبة تحس ألما في رأسها, تناولت بعض الأقراص المسكنة للألم علها تتغلب على وجع رأسها وتستعيد بعضا من نشاطها وتوازنها لتستطيع استقبال الزائرين , جيمس وابنه ماتيو.
رأت بريل وجه لورين الشاحب ولكنها لم تعقب بشيء ما, ساعدت لورين والدتها في ترتيب البيت وتنظيفه والطبخ وبقية أعمال المنزل ... مما شغل تفكيرها وأبعده عن مشاكلها العاطفية , عملت جهدها أن تبعد عن طريق جان قدر المستطاع , وربما هو أيضا حاول الأبتعاد عن طريقها وتجنبها.
صعدت لورين بعد الظهر الى غرفتها لتهيء نفسها لأستقبال الزائرين, لبست ثوبا من الصوف الأزرق الغامق كانت قد اشترته مؤخرا , وضعت بعض مساحيق التجميل الخفيفة على وجهها , وتركت شعرها منسدلا على كتفيها , نظرت الى شكلها في المرآة ورأت بعض الشرود في نظراتها ... وهي تعرف أسبابه جيدأ.
التقت جان في الممر وهي في طريقها الى غرفة الأستقبال , كان مشعث الشعر وربطة عنقه ملتوية وذقنه دون حلاقة... قفز قلبها من مكانه وهي تنظر اليه, لم يبتسم لها وهي أيضا لم تبتسم , حدق فيها وحدقت فيه دون كلام.
وبعد فترة صمت قال بجدية:
" أهلا لورين...".
" أهلا جان..".
مرت بسرعة فلامست ذراعها ذراعه عفوا وابتعدت عن بعصبية واضحة , لم يتحرك من مكانه.
كانت بريل تقف في أسفل السلالم تراقب المشهد, بقي جان مكانه لم يتحرك, قالت بريل تخاطبه:
" سيحضر جيمس لتناول الشاي مع ابنه ماتيو... أريدك أن تتعرف اليهما ويسرنا أن تبقى لتتناول العشاء برفقتنا...".
" أشكرك يا سيدة فارس ولكنني مشغول ولا أستطيع مشاركتكم ولكنني أحب أن أتعرف اليهما".
" كما تريد , يمكنك أن تقابلهما لفترة وجيزة قبل ذهابك اذا رغبت".
دخلت بريل الى المطبخ وتبعتها لورين لمساعدتها.
قالت لورين تخاطب والدتها:
" شكلك جميل الليلة يا أماه , وتبدو السعادة واضحة على محياك , هل هناك مناسبة معينة؟".
" نعم, لقد تقدم جيمس طالبا يدي للزواج البارحة..".
" وهل وافقت؟".
هزت بريل برأسها موافقة وقالت"
" هل يزعجك قبولي؟".
أمتلأت عينا لورين بدموع الفرح ولفت والدتها بذراعيها وعانقتها قائلة:
" أنا مسرورة جدا يا أماه, وكنت أنتظر هذه النهاية السعيدة...".
شاركتها بريل دموعها ولكنها أخفتها بسرعة وقالت لورين من جديد:
" أذن نحن نحتفل اليوم بمناسبة سعيدة...".
هزت بريل رأسها موافقة وقالت:
" أراد جيمس أن يحضر ابنه ماتيو هذه المناسبة السعيدة, وأنا رغبت مشاركتك لي فرحتي... نحن الأربعة فقط".
" اليوم سألقى أخي... الشقيق الذي تمنيت وجوده في حياتي...أخيرا سأحصل على رغبتي".
ضحكتا كثيرا , ثم سمع جرس الباب الخارجي, قامت بريل وفتحت الباب للزائرين المنتظرين, وقف جيمس دافئا حنونا يبتسم, وفتح ذراعيه لبريل وابتسم محييا لورين.
وقف ابنه ماتيو بالقرب منه, كان أطول منه قليلا , ممشوق القوام , كثيف الشعر وعيناه ضاحكتان كعيني والده.
أغلقت بريل الباب الخارجي وتم التعارف بين الجميع وتصافح ماتيو ولورين.
قال ماتيو:
" لم أكن أتصور أنني بعد ثلاثين سنة من عمري ستكون لدي شقيقة (عبس بشكل تمثيلي) لن تتشاجري معي ولن تعضينني يا لورين, أليس كذلك؟".
ضحك الجميع وعلق جيمس قائلا:
"لا تكن أحمق يا ماتيو فهي ليست شقيقتك...".
" صحيح , وربما هذا لحسن حظي أيضا...".
" لا تتسرع يا ولدي ودع الأمور تأخذ مجراها".
دخلوا غرفة الجلوس وطلبت بريل من جيمس أن يجلس قربها على الأريكة ففعل , وجلس ماتيو أمامها.
قالت لورين:
" نتناول الشاي؟".
نظرت الى الجميع تستطلعهم الرأي.
فقالت بريل:
" هل يمكنك يا عزيزتي أن تسألي جان ان كان يريد تناول الشاي معنا؟ وذكريه بوعده للقاء جيمس وابنه ماتيو في وقت لاحق قبل مغادرته".
شرحت بريل لماتيو أن لديها مستأجرا شابا, وهو صحافي ... قررت لورين أن تقدم الشاي للجميع دون أن تسأل جان, ستحمل له فنجان الشاي وبذلك ستراه مرة واحدة فقط.
قرعت بابه قرعا خفيفا وبدأ قلبها يضرب ضرباته القوية , فتح لها الباب وتناول فنجاي الشاي من يدها وشكرها , بدا التعب واضحا على قسمات وجهه, سألها:
" هل حضر الزوار؟".
" نعم, وتذكرك والدتي بوعدك في ملاقاتهما قبل رحيلك".
هز جان رأسه موافقا وقال:
" حاضر, وشكرا على الشاي".
أغلق الباب في وجهها وشعرت كأنه صفعها صفعة شديدة دون أن يدري, نزلت غاضبة الى غرفة الجلوس وقد خاب أملها وازدادت كآبتها, الجميع في غرفة الجلوس يمرحون ويضحكون ويثرثرون وهم يشربون الشاي, تركتهم لورين ودخلت المطبخ تحاول أن تتلهى بتحضير الطعام ووضع آخر لمساتها هنا وهناك, ولما حان موعد العشاء دعتهم الى غرفة الطعام وقامت على خدمتهم بلباقة واحترام. وبعد أن فرغوا من تناول العشاء صنعت القهوة وطلبت اليهم تناولها في غرفة الجلوس.
قالت بريل:
" نادي جان ليتناول قهوته معنا".
نزل جان وقد رتب نفسه وحلق ذقنه وشد ربطة عنقه , سلم على الجميع وحمل فنجان قهوته بعد أن أضاف اليه قطعة سكر, وشكر لورين بطريقة مهذبة.
حاولت أن تقرأ تعابير وجهه ولكنها لم تفلح , حدقت في عينيه والتقت نظراتهما, وأحست سرعة هائلة في نبضها , استدارت لتخفي ارتباكها...
تناول جان قهوته بتأن وهو يتجاذب أطراف الحديث مع ماثيو , بينما كان جيمس يتحدث مع عروسه وهو ممسك بيديها بحنان ومودة ظاهرين.

عرف جان بأمر الخطوبة , قال أنه كان يتوقعها , ضحك ماتيو وقال معلقا:
" أن حاسة الصحافي القوية أنبأتك بأمر الخطوبة المرتقبة قبل حدوثها...( ضحك جان وشاركه ماتيو والآخرون الضحك) الصحافيون يجمعون اثنين مع اثنين خمسة بدلا من أربعة, ولكنك توصلت الى العدد الصحيح هذه المرة.
ضحك جان أكثر من الآخرين رغما عنه, قام وقبل بريل مهنئا وصافح جيمس وتمنى لهما السعادة في حياتهما الجديدة.
قال ماتيو:
" للنضم جميعا الى العروسين ونقبل العروس".
ثم قبل لورين أيضا.
" هل تمانعين يا شقيقتي الصغيرة أن أقبلك قبلة أخوية للمناسبة السعيدة؟".
" تعال يا جان وقبل الآنسة ما دامت لا تمانع".
تراجعت لورين مصعوقة وقالت:
" لا , لا لزوم".
ضحك ماتيو وقال:
" الشابة تخجل , ولا يهمك يا جان , لا تقبل عذرها , الفتاة الخجولة هي أفضل الفتيات ".
قال جان:
" ولماذا لا أفعل؟ الجميع يقبلون ولماذا أبقى خارج اللعبة؟".
حاولت لورين المقاومة, ابتسم جان وقال ساخرا:
"هل أنت خجولة مني يا لورين؟ بالطبع لا!".
كان على لورين أن ترضخ للأمر الواقع , تركته يقبلها أمام الجميع , كانت قبلة عذبة حنونة وسريعة, ابتعد جان بعد ذلك مبتسما وقال:
" من يراك يعتقد أنها أول قبلة لك ".
كان ساخرا وخبيثا.
ضحك الجميع وارتبكت لورين وقالت تحاول أن تبعد نظرات المجتمعين عنها:
" متى موعد الزواج يا أماه؟".
قال جيمس:
" أوه. بعد شهرين أو ثلاثة, نحتاج أن نرتب بعض الأمور".
هزت بريل رأسها موافقة.
قال جان:
"على فكرة( أخرج من جيبه المنديل الأحمر) وجدت هذا المنديل في سيارتي وأعتقد أنه لك(قالها مخاطبا لورين وهو يرفع حاجبيه متسائلا)".
حدقت لورين به وقالت في نفسها: أنه يعرف ذلك حق المعرفة.... أخذت المنديل منه ووضعته خلف الوسائد ولم تشكره.
قالت بريل:
" أوه , أنه منديلي وقد أعرته لك البارحة ولكن كيف وصل الى سيارة جان؟".
بان الغضب في عيني لورين وهي تجيب والدتها قائلة:
" ربما وقع مني حين أوصلني البارحة بسيارته الى البيت بعد الحفلة الراقصة".
كان جان يبتسم ابتسامة ساخرة بينما بدا التساؤل على وجه ماتيو , نظر الجميع باتجاهها واحمرت وجنتاها من الخجل والغضب والأرتباك.
ماذا يمكن أن يستنتج ماتيو من ذلك؟ كان ماتيو يبتسم ابتسامة خبيثة , مشى الى جانبها وجلس على ذراع الكرسي الذي تجلس عليه بينما بقي جان في وقفته الهازئة.
قالت بريل:
"مشكلة لورين أنها لا تخرج دائما للسهرات , وعملها في هذه المدرسة المحافظة في النهار وبعض الوقت في الكلية التقنية في المساء يستغرق معظم وقتها ويمنعها من الأستمتاع بشبابها كما يجب".
نظر اليها ماتيو وسألها:
" ماذا أسمع يا لورين؟ أليس لديك صديق تخرجين برفقته؟".
تمنت لورين لو يمسح جان ابتسامته الساخرة عن وجهه ... أو أن يخرج ... قالت:
" كان لدي صديق ولكننا لم نتفق , أفترقنا".
قال ماتيو:
" الساحة نظيفة وأستطيع أن أجرب حظي معك . أنا أيضا أفترقت عن صديقتي قبل وصولي الى أنكلترا".
قال جيمس مستغربا:
" أعتقدت أن لديك صديقة!".
قال ماتيو:
" كانت لدي صديقة , ولكنها فضلت أن نفترق حين علمت أنني عائد الى أنكلترا , وطلبت مني أن أختفي من حياتها الى الأبد( التفت الى لورين يخاطبها) أقدم لك نفسي وقلبي المجروح , ولكنه ليس مكسورا ... سأكون في خدمتك وأرافقك الى كل مكان تريدين بدلا من الصديق , يسرني أن أجوب البلاد معك".
نظر جان الى ساعته بانزعاج وقال:
" أعتذر, علي الذهاب الآن , لدي موعد .(نظر الى بريل مستأذنا) هل تأذنين لي؟".
ضحك جيمس وغمز له:
" ما شكلها ياجان؟ سمراء شقراء, أم حمراء الشعر؟".
قال جان ضاحكا:
" أنها آية في الجمال وشعرها كستنائي على احمرار وتملك كل ما يشتهي الرجل في فتاته( نظر الى لورين وغمز, شعرت كأن سوطا حادا يلسعها) وأسمها مارغو".
رفع يده مودعا الجميع وغادرهم بسرعة.
وجود ماتيو في حياة لورين أدخل تبدلا جذريا في برنامج حياتها, كانت ترافقه الى الأماكن المختلفة التي لم تحلم بزيارتها مطلقا وذهبت برفقته الى عدة معرض وحفلات راقصة ونزهات بالسيارة في أيام الآحاد المشمسة... وتناولا الطعام سوية في فنادق الدرجة الأولى والأماكن المنعزلة والمرابع الليلية الخافتة الأضواء ... وبقيا أحيانا سوية في البيت يشاهدان برامج التلفزيون , أو يغرقان في القراءة أو التسلية البريئة.
كانا يجلسان في قاعة الجلوس بعد أن شاهدا فيلما مثيرا على شاشة التلفزيون , أغلقا جهاز التلفزيون ونظرت اليه بامتنان وشكرته على أهتمامه بها , قال:
" شابة جميلة ومثيرة مثلك لا يجوز أن تشكر شابا لرفقته لها , أنا الذي أشكرك على بهجة وجودك معي ( أمسك بيدها بين كفيه) ألم يخطر ببالك أي سبب لما أقوم به اتجاهك؟".
تسمرت في مكانها وهزت رأسها نفيا.
قال:
" ألم يخطر ببالك أنني وقعت في غرامك؟".
هزت رأسها نفيا وبشدة ظاهرة وقالت:
"لا يمكن أن أعجب شابا مثلك؟".
" وهل تبحثين عن مديح وأطراء؟".
" لا , أنني أقول الحقيقة ... أنا أعرف طبيعتي وحدودي...".
ضحك مقهقها كأن ما يسمعه هو نكتة الموسم وقال:
" أنت لا تعرفين نفسك أبدا يا شقيقتي الصغيرة .( ابتعدت لورين عنه ) آسف , كلمة شقيقتي لا معنى لها وسأبدلها بكلمة حبيبتي , هل هذا أفضل؟".
" بل أسوأ".
" يا آلهي( نظر اليها وهو يتساءل ) لورين؟".
وقبل أن تجيبه عانقها بشكل لم يعجبها أبدا , تيبست وتشنجت وابتعدت عنه ما استطاعت , وبدت خيبة الأمل على محياه... أرادت أن تعتذر منه وتقول : أنا أحب رجلا ولا أحتمل أن أكون مع غيره....
سمع قرع خفيف على الباب, قال ماتيو:
" ادخل.
كان جان هو القادم , حدق بهما وتراجع على الفور يريد الخروج, استدار ماتيو اليه بينما حاولت لورين أن تنهض من مجلسها , ولكن ماتيو أمسك بها وأعادها قربه كما كانت...
قال ماتيو:
" أوه , جان , أدخل".
" يمكنني الأنتظار وآسف للأزعاج".
" أنك لم تزعجنا يا رجل , تعال واجلس معنا".
بقي جان واقفا.
" حاولت معها ولكنني لم أفلح, هذه الفتاة قطعة من الجليد".
ابتسم جان ابتسامة رضا ولكنه ظل يشك بصحة ما يسمع .
" هل تعتقد يا ماتيو أن لورين فتاة باردة؟ أعجب لهذا الأمر , ولكنني دائما كنت أؤمن أن معلمة المدرسة فتاة...".
قطعت لورين كلامه قائلة:
" مملة ومضجرة ومحترمة أكثر من اللزوم...".
قال جان متمما كلامها:
" وليست مثيرة...".
ال ماتيو:
" وها أنت تعرف... آه ... ماذا لو جربت بنفسك يا جان! تفضل , ربما تتجاوب معك أكثر مما تجاوبت معي".
قالت لورين والشرر يتطاير من عينيها :
" ماذا تريد يا جان؟".
" يمكنني الأنتظار".
" ولماذا حضرت أذن؟".
" أريد والدتك , ظننت أنها موجودة في غرفة الجلوس".
" وهل يمكنني مساعدتك؟".
" لا يا آنسة فارس".
كان يتكلم ببطء شديد وتهكم ظاهر.
" آسفة ( أستدارت لتخفي خجلها) كنت أريد المساعدة فقط".
غادر جان القاعة وتركهما على حالهما , وبعد قليل نهض ماتيو مودعا.
عادت بريل من الخارج ودخلت المطبخ تتكلم مع أبنتها , سمعها جان ونزل من غرفته اليهما وهو يحمل بيده رسالة وقال:
" رسالة من والدتي".

" كيف صحتها؟".

" بخير على ما يبدو وهي تسألني عن عطلة الميلاد واذا كنت سأذهب لزيارتهم في البيت ... قررت أن آخذ عطلة ثلاثة أيام لأزورهم. هل لديك مانع؟".

" ولماذا أمانع يا جان؟ (ضحكت) غرفتك ستظل بانتظار عودتك".

" على فكرة , متى تريدين أن أغادر المنزل؟ أرجو أن تعطيني مهلة كافية لأفتش عن غرفة غيرها...".

نظرت لورين وجان اليها نفس النظرة.

" ولماذا تترك المنزل؟ هل تقصد عندما أتزوج من جيمس؟".

هز رأسه موافقا فأكملت حديثها:

" لا تهتم الآن بهذا الأمر . الوقت مبكر على هذا الموضوع. حتى لورين سألتني السؤال نفسه منزعجة وهي تريد أن تعرف الموعد... حين ستغادر

نظرت لورين نظرة تساؤل الى عيني جان ولكنها لم تجبه, قالت بريل:
" أريد رؤية والدتك من جديد , يمكننا أن نتحدث في ذكرياتنا الماضية وأريد كذلك أن أخبرها عن جيمس. هل تعتقد أنها تقبل دعوتي؟".
سر جان لدعوتها والدته وقال:
"أسأليها وأنا واثق بأن الفكرة ستروق لها كثيرا , وهي تحب الثرثرة مع الصديقات شأن كل النساء".
" وما رأيك بالرجال؟ ألا يحبون الثرثرة أيضا؟".
" بالطبع لا, عقولهم في مستوى فكري أرفع بكثير(التفت الى لورين) لقد وعدتك سابقا بأن أسجل لك بعض الملاحظات عن نظام مؤسسة الصحافة وسأنتهي منها قريبا جدا, سأتحدث معك بشأنها قريبا وأشرح لك بعض النقاط".
" أشكرك جزيل الشكر , هذا لطف منك. وأنا واثقة أنني سأستفيد منها".
" وأنا أيضا واثق من ذلك".
ذات أمسية ذهبت لورين برفقة ماتيو للعشاء . ارتدت بدلة جديدة ذات لون فستقي محلاة بأزرار برونزية لامعة , اعتادت أن تتجمل بسخاء ربما لتخفي خيبة أملها وحزنها , وربما لترفع قليلا من معنوياتها الكئيبة ونفسيتها المحطمة.
بعد أن انتهيا من تناول العشاء وهما يشربان القهوة سألها ماتيو فجأة:
" هل هناك رجل في حياتك؟".
فوجئت بسؤاله , أختنقت وسعلت واحمرت وارتبكت , اعتذرت ورفت رموشها دون أرادتها...
" أعتقد أنني أعرف جوابك".
نظر اليها ليتأكد من قوله ولكنها طأطأت رأسها وقالت حزينة:
" آسفة يا ماتيو , أنه حب لا نهاية له, حب ميؤوس منه".
" وهل أستطيع المساعدة؟".
هزت رأسها نفيا وقالت:
" لا أحد يستطيع , نحن لا نستطيع أن نغير من طبيعة هذا الرجل , لقد قال لي بنفسه أنه يفضل تشكيلة منوعة من النساء في حياته بدلا من واحدة".
" وهل أخبرك ذلك بنفسه(هزت رأسها ايجابا) قال لك أن النساء في حياته كالورود في حديقته(ضحك وهو لا يصدق) الصحافة تساعده في تحقيق تجاربه الرابحة...".
" أننا نختلف في معتقداتنا ومبادئنا...".
" وكيف ذلك؟".
" أنني مخلصة في حبي وهو غير مخلص".
" كم أتمنى أن أعرف مراده".
" أرجوك أن لا تسأله يا ماتيو".
وفي المدرسة سألتها آن عن علاقتها بشقيقها...
" علاقة ممتازة ونحن متفاهمان".
" هل تحبينه؟".
"بالطبع لا, حبي له يختلف , أنني أرتاح لوجوده قربي , هل ترغبين في لقائه يا آن؟".
" اذا كان وسيما... وقويا... وممشوق القوام".
" تعالي في المساء , عند الثامنة وسأعرفك اليه".
"سأحضر , بالمناسبة , شكلك الجديد أفضل بكثير من ذي قبل , اهتمامك بمظهرك باهر ولائق ويبرز جمالك".
"شكرا يا آن, كل ذلك بفضل تشجيعك لي وحسب نصائحك الثمينة, ألم تطلبي مني أن أترك التزمت وأشتري الأثواب الجديدة على الموضة؟".
" ما رأي صديقك اياه؟".
احمرت لورين خجلا وفهمت على الفور قصدها, لن تخبر آن بما حصل معها ليلة الحفلة الراقصة, ولن تخبر أحدا, ذكرياتها الجميلة ستبقيها لنفسها ولن تفرط بها لكائن من كان.
" لا شيء جديد... لو كان هناك ما يقال لأخبرتك قبل أي شخص آخر يا آن , فأنت صديقتي المفضلة, على كل حال أنتظرك هذا المساء كما وعدت".
أخبرت لورين ماتيو بزيارة آن المرتقبة في المساء, أنتظرا قدومها في قاعة الجلوس, وحين حضرت رحبا بها ترحيبا صادقا , كانت آن ترتدي معطفا جديدا وفستانا أحمر يليق بها.
قالت آن:
" أنظري يا لورين الى فستاني الجديد, أنه جميل أليس كذلك؟ ولونه أحمر دافىء فأنا أحتاج الدفء في هذا الطقس البارد".
صافحت آن ماتيو وقالت:
" يدك دافئة ... هل أنت كذلك؟".
" أنت على حق ( ضحك وهو يغمز بعينيه) هل تريدين أن أبرهن لك؟".
ظهر جان ورفعت آن يدها تحييه قائلة:
" تسرني رؤيتك يا جان من جديد.... لماذا طردتني من حياتك؟".
" عزيزتي آن , لن أقبل أن يقول أحدهم أنني أعاملك كما أعامل بقية فتياتي , فأنت تختلفين عنهن كثيرا".
" أليس هذا ما تقوله لكل واحدة منهن؟".
هز جان رأسه ساخرا:
"أنها سيرتي المميزة يا آن, والنساء يغَرنهن الثناء (التفت الى ماتيو) هل أنتم في اجتماع خاص؟".
ابتسم له ماتيو وقال:
" أنه يدعو نفسه للسهرة... هل لديكما مانع في أن ينضم الينا؟".
قال جان على الفور:
" كنت سأقترح أن نصعد الى غرفتي لنشرب شيئا هناك ونسمع الموسيقى...".
قال ماتيو:
" لا مانع لدي".
نظر الى لورين وآن يستطلعهما الرأي.
قالت آن:
" حسنا".
وقالت لورين ممتعضة:
" من الواضح أن الجميع موافقون...".
قال جان:
"هيا بنا , ولكن أعذروني على الفوضى في الغرفة...".
توقف قليلا وأكمل:
" الأوراق في كل مكان قرب الآلة الكاتبة , كما أنني أكدس الجرائد قرب الشباك وعلى الأرض وفوق السرير...".
قال ماتيو:
" تريد أن تبرهن لنا أنك تعمل بجد واجتهاد".
ضحك جان وقال:
" صدق أو لا تصدق, أنني أعمل بجد وتعب مع أنني صحافي ( نظر الى لورين ساخرا) وأتسلى بالعمل بين فتاة وأخرى".
قالت آن:
" لا أفهم لماذا تريد أن تبدو ماجنا وأنت لست كذلك".
" صحيح ؟ يمكنك سؤال زملائي".
قالت لورين في نفسها وهي حزينة: لا لزوم لذلك , فلقد سمعت رأيهم فيك سابقا.
وأكمل جان قوله:
" أذا كنت ماجنا أو خلاف ذلك فهذا ليس مهما , الصفات التي تلازم شخصيتي هي المهمة , أليس كذلك؟".
قالت لورين:
" نعم , كذلك الصفات التي تلازم شخصيتي, فأنا مملة ومحترمة...".
ضحكت آن مقهقهة وقالت:
" انتبهي يا لورين , لقد صمم ماتيو على أنتزاع صفة الأحترام عنك".
كان ماتيو يحاول التقرب منها بشكل واضح.
قال جان:
"ماذا تشرب يا ماتيو؟".
"شراب الكرز ولا أريده حلوا".
" وأنت يا لورين؟ هل تشربين شراب الكرز حلوا؟".
قال ماتيو:
" نعم هي تشربه محلى, لقد أصبحت أعرف ذوق لورين في الشراب لكثرة ما خرجت برفقتها".
قالت آن:
" ولكن جان لا يخرج مع فتاة واحدة كافية ليتعرف الى ذوقها...".
" لنغير الموضوع , موضوع النساء يضجرني".
" نتكلم في موضوع الرجال. لقد لاحظت يا لورين أن هوغ بدأ يهتم بك مؤخرا , أنه يبدي الأهتمام الأكيد بك أمام الجميع".
قالت لورين:
" أنت على حق , لقد سألني أن أخرج معه للسهرة منذ أيام ولكنني أعتذرت منه ".
" ربما هيامه بمارغو قد أنتهى, أو ربما تكون هي التي قاطعته ورفضت حبه, على كل( نظرت الى جان) بات الطريق أمامك خاليا يا جان".
قال جان:
"تصرفات مارغو العابثة مع بقية الرجال لا تثيرني أو تقلقني , دائما تعود الى حظيرتها بأمان".
قالت لورين بهدوء:
" أنت تقول أنها مخلصة في حبها, بالرغم من المظاهر الكاذبة؟ هي من النوع الذي يبقى مخلصا الى الأبد".
قال جان بحدة:
" نعم, هي مخلصة مثلك...".
وجدت نفسها في متاهات أقاويل مزعجة وقد توتر الجو , آن وماتيو يراقبانهما دون أن يعرفا طبيعة النقاش أو مراميه, صمتت لورين رغما عنها .
نهضت آن وأخرجت أسطوانة وهي تحاول أن تهدىء من توتر الجو وقالت:
" نحتاج للموسيقى الهادئة يا جان, هل نستطيع أن نستمع الى هذه الأسطوانة؟".
قال جان مرحا:
" طبعا".
أخرج أسطوانة أخرى من بين الأسطوانات وأدارها على الفور.
عرفت لورين الأسطوانة التي وضعها جان مسبقا حتى قبل أن تسمعها.
كانت الأسطوانة التي استمعت اليها معه من قبل, انسابت الموسيقى ومعها الكلمات الجميلة للأغنية التي تقول:
" سأحبك , سأحبك حتى تجف مياه البحار...".
أغمضت لورين عينيها حتى تتفادى نظرات جان المعبرة , تذكرت حين سمعتها لأول مرة وهي في غرفته... فتحت عينيها بعد أن أنتهت الأسطوانة ونظرت الى جان.
كان يحدق بها ساخرا ويرميها بنظراته الحادة المحرقة.
غير جان الأسطوانة ووضع غيرها.
قال ماتيو:
" هل أعجبتك الأغنية يا لورين؟".
هزت لورين رأسها موافقة , ضمها ماتيو اليه بحنان , كانت أفكارها تدور بسرعة وكانت تتساءا : لماذا وضع جان هذه الأسطوانة الآن؟ لماذا؟ لماذا...؟
تمتم ماتيو في أذنها:
" ربما هي رسالة مني اليك".
ابتعدت عنه فزعة , أنها ترفض هذا الرأي تماما , كانت الأسطوانة التالية خفيفة وحالمة, صمت الجميع وهم يستمعون اليها.
أخرج جان علبة الشوكولا وقدم السكائر لماتيو ولكنه رفض شاكرا, أخذ هو سيكارة وأشعلها بنزق ظاهر وسحب نفسا عميقا منها.
دار الحديث بعد ذلك في أمور عادية , نزلت لورين برفقة آن لصنع القهوة وبعض السندويشات والبسكويت والكعك الصغير, وحين عادتا بالطعام والقهوة شكرهما جان وقام الى درج صغير قرب سريره و أخرج أربع تذاكر وقال:
" لدي أربع تذاكر لحفلة موسيقية في البلد, دعوة للصحافة, هل تذهبون؟".
سأل ماتيو:
"ما هو برنامج الحفلة؟".
" لا أذكر البرنامج بكامله ولكنهم سيعزفون سيمفونية (العالم الجديد) ".
ناول ماتيو أثنين وقال:
"هل تأخذهما؟".
" بالطبع. ومع الشكر(نظر الى لورين) لدينا موعد لنسمع الموسيقى".
هزت لورين رأسها موافقة وقالت:
" وأنا أحب الأستماع الى سيمفونية( العالم الجديد) ".
قال جان لآن:
" هل أبقي لنا تذكرتين؟".
قالت آن مبتسمة:
" وأنا أحب أن أرافقك بكل سرور, ولكن أليس من الأفضل أن تدعو مارغو عوضا عني؟".
(ثم سألت)
" الأماكل الأربعة متجاورة؟".
" نعم".
" كيف سنذهب؟ ربما يكون مزعجا أن تمر لتأخذني مع أنك تعيش مع لورين في منزل واحد...".
قال جان مازحا:
" سأمر عليك يا آن في الوقت المحدد".
قال ماتيو:
" وأنا سأمر على فتاتي الجميلة أيضا لأصحبها".
قالت آن:
" أتفقنا أذن , شكرا يا جان على الدعوة".
هز جان كتفيه دون أكتراث وسحب نفسا عميقا من سيكارته, فتحت آن مفكرتها وقالت:
" أقترب عيد الميلاد( نظرت الى لورين) هل أشتريت جميع الهدايا؟".
" ليس بعد (نظرت الى ماتيو) علي أن أزيد في لائحة الأهل لهذه السنة, لدي عمي , زوج أمي , وكذلك شقيقي...".
أمسك ماتيو لورين بشعرها قائلا:
" اذا تفوهت مرة ثانية بكلمة(شقيقي) سأضربك يا آنستي , أنا صديقك ولست شقيقك".
وترك شعرها ينسدل مرة أخرى.
بدأت لورين تفرك فروة رأسها من الألم الذي سببه لها ماتيو , قالت:
" حسنا يا صديقي... ولكنني لا أعرف ذوقك وما تحب أن أشتري لك من هدية...".
" وأنا أيضا لا أعرف ذوقك ومع ذلك سأشتري لك شيئا ... أخبريني , هل يعجبك خاتم ماسي في أطار من البلاتين؟".
دار رأس لورين, صعقت ولم تدر ما تقول.
أكمل ماتيو قوله:
" أهدئي , من يسمعني يعتقد أنني أتقدم لخطبتك ... وهل يعقل أن أفعل مثل هذا أمام الجميع؟".
نظرت آن اليه مبتسمة بينما بقي جان صامتا جامدا وأشعل سيكارته الثالثة وسحب منها نفسا عميقا.
تنهدت آن وقالت مازحة:
" أين أجد صديقا يقدم الماس مع البلاتين؟".
ضحكوا جميعا , نظرت آن الى ساعتها تستطلع الوقت وقالت:
" آسفة جدا ولكن وقت عودتي قد حان".
شكرت جان على السهرة اللطيفة في غرفته, وعرض عليها ماتيو أن يوصلها بسيارته فشكرته ممتنة.
نزلت لورين لوداعهما ثم عادت الى غرفة جان لتساعده في التنظيف , ساعدها جان في جمع الصحون والكؤوس ووضعها في الصينية المخصصة لها وقال لها:
" سأساعدك في غسلها".
" لا , شكرا , لا يضايقني تنظيفها وحدي".
" كما تريدين".
وتلامست ؟أيديهما عفوا وهما يتناولان بعض الكؤوس , التهبت يدها من حرارة يده, نظرت اليه ونظر اليها , وتشابكت النظرات. كانت تعابير عينيه تخيفها وتثير أشجانها وعواطفها الكامنة, شعرت بانجذابها اليه رغما عنها.
رفع حاجبيه متسائلا:
" ماذا حصل؟".
احمرت وجنتاها وحملت الصينية وركضت خارجة من الغرفة وهي واثقة من أنه يقف مبتسما ابتسامة النصر.

Continue Reading

You'll Also Like

100K 3.4K 31
رواية تتحدث حول فتاة طيبة القلب و تساعد من احتاج لها لكن مع الغرباء لن تجد شخصاً أبرد منها.. تتميز بقوة شخصيتها و بذكائها و لا ننسى غموضها.. إسمها نو...
3.4K 186 42
"العشق هو ماء الحياة والعشيق هو روح النار "
5.2K 113 21
قصة حب و رومنسي يجمع بين جاك وجانيت التى فقدت الرؤية في حداث سيارة وخسرة أخرى من تبقى من عائلتها وهو والدها. حاولت أن تتالقم الحياة مع خالتها التي...
21K 909 29
ثلاث فتيات عاشو في بيئات مختلفه التقوا صدفه في الجامعه وبدات صداقتهم تنموا داخل اسوارها ..اطلق عليهن (ثلاثي الصداقه الابديه )..ظهور شخص سوف يغير مجرى...