10/ عدت الى قلبك

5.5K 130 2
                                    


وضعت لورين حائطا عازلا بينها وبين جان وقررت أن لا تدعه يخترق خط دفاعها الجديد أبدا.
هو أيضا لم يحاول أن يتخطى العازل بل تنازل كليا عن التفكير بها أو بوجودها, أصبحا اذا التقيا لا يتبادلان حتى الأبتسام , لقد مات كل ما بينهما تماما.
في المدرسة الجميع يعملون بجد ونشاطا لأستقبال المفتوح للأهل والأصدقاء , وكل من يرغب في التعرف على المدرسة وهيئتها التعليمية. وبالرغم من تحذير الرئيسة للورين عن مشروع الصحافة , الا أنها لم ترضخ لطلبها بل تابعت عرض المشروع على ورق مقوَى وعرضته على الحائط ليتفرج عليه زوار المدرسة في يوم الأستقبال العام.
دخلت الآنسة غريمسون الى غرفة صف لورين وشاهدت المشروع منشورا بتفاصيله بشكل واضح.
قالت معترضة:
" أظن أن الرئيسة نهتك عن متابعة مشروعك التافه والذي تسبب في تضييع وقت تلميذاتك الثمين...".
" أؤكد لك يا آنسة غريمسون أنني سأتخلى عنه مباشرة بعد يوم الأستقبال وسأبقى بعد ذلك محافظة على التقيَد بالمنهاج المقرر.
لم تستطع لورين أن تخبرها أن الأمر خرج من يديها ولم تعد تستطع متابعة أساليبها الجديدة دون مؤازرة جان لها... لقد تخلت عن أعتقادها بفائدة التغيير كليا.
وفي منتصف شباط(فبراير) التقى جان لورين في الممر قرب غرف النوم, نظرت اليه لأول مرة منذ أسابيع وشاهدت آثار التعب والأجهاد بادية على محياه , لا تزال تحبه كما كانت وأكثر , وانزعجت من رؤيته على هذه الحال.
قال:
" هدية الميلاد التي أعطيتك اياها( كان يسخر غاضبا) لا تزال على حالتها الجديدة دون استعمال ... أليس كذلك؟( نظر اليها مستفسرا ) أعني الأسطوانة ... سسمفونية العالم الجديد, هل لديك مانع أن أستعيرها ؟ أريد أن أستمع اليها من جديد".
" يمكنك استعارتها بالتأكيد".
دخلت غرفتها وجلبتها وناولته اياها.
" تعالي يا لورين لنسمعها سوية, فأنت تحبين سماعها ولهذا السبب أشتريتها لك".
قرأت لورين بعض الترجي في نظراته مما شجعها على القبول , دخلت غرفته وجلست على كرسي مريح وتركت نفسها تنقاد مع سحر الموسيقى , وعندما انتهت الأسطوانة فتحت عينيها ونظرت اليه , رأت على وجهه نظرة حنان وشفقة عليها فكادت تصرخ من الألم.
قالت في نفسها:" أنه يرثي لحالي ويشفق عليَ , هذا شعور مؤلم للغاية ولا أحتمله".
نهضت لورين تريد مغادرة الغرفة, أمسك بها بشدة:
" أرجوك أبقي قليلا".
جلس على كرسيه وأخرج موسى صغيرة من جيبه وبدأ يلعب بها, يفتحها ويغلقها.
قال:
" لورين( كان يتردد في أختيار كلماته بهدوء) أنا آسف لما حدث.( رأى نظرة استغراب في عينيها كأنها لم تعرف سبب أسفه, أكمل) بشأن ما حصل مع ماتيو ومارغو ... اذا كان الأنسان يحب شخصا فهذا لا يعني أن الحب متبادل بينهما".
طنت أنه يتكلم عن نفسه, قالت في نفسها: هل كلامه يعني أنه يحب مارغو وهي لا تبادله حبه؟ ثم أردف مفسرا:
" أعني( مر بيده فوق شفرة الموسى القاطعة ) حبك لماتيو لا يؤكد لك تلقائيا حبه لك, لقد رأيتك في العيد بين ذراعيه وتحققت أنك تحبينه كثيرا".
هزت لورين رأسها دون أرادتها وهي تقول في نفسها:" أنا أحبك أنت وحدك ولا أحب سواك , ولقد تقبلت الحقيقة بأنك لا تبادلني حبي".
" هل هناك ما أستطيع أن أفعله لأجلك...".
جرحت الموسى يده وسال الدم من أصبعه وأغلق الموسى لاعنا شاتما , ركضت اليه ملهوفة لترى عمق الجرح . فتشت عن منديل وربطت له جرحه لتمنع جريان الدم من عروقه , قالت:
" هيا الى الحمام لنغسل الجرح. ربما تكون الشفرة ملوثة".
نظر الى عينيها وشاهد ألمها وأهتمامها بأن لا يتألم , ضحك مقهقها وقال مازحا:
" كم يهمك أمري , لقد عدت الى قلبك وأعدت الحياة الى وجهك وكنت أعتقدت بأن لا أمل في عودة علاقتنا من جديد".
قالت بعصبية واضحة:
" هل جرحت يدك عمدا... هل قمت بحيلة جديدة؟".
" لا تكوني حمقاء يا فتاة , وهل يوجد رجل بكامل قواه العقلية يقطع يده عمدا؟".
وتابع:
" ولكن العملية نجحت في تقريبنا ( كان يتشدق فخورا. مال الى الأمام وأمسك بيدها , حاولت أن تفلت من قبضته ولكنه شدها اليه بحنان قائلا) اجلسي قربي وهدئي من روعي وقومي على تدليلي , اغمريني بعطفك وحنانك, يا آلهي أنا رجل وأنت أمرأة وأنا أحتاجك , انظري , لقد قطعت يدي وخسرت حب مارغو كما خسرت أنت حب ماتيو... دعينا نحن لبعض".
بقيت في مكانها مسرورة بملامسته وقربه منها , لم يزعجها أنه رغب في وجودها بديلة عن مارغو , لقد اعتادت دور البديلة ما دام يستجيب لحبها له.
مدت يدها ولامست ربطة عنقه وقالت:
" أنت ترتدي هديتي".
" هل لاحظت؟ (ابتسم) لقد ارتديتها كثيرا ومرارا".
مال برأسه اليها, احمرت خجلا وسألته:
" لماذا يا جان؟".
" لأنها أفضل وأثمن ربطة عنق لدي".
سألها عن أحوالها في المدرسة, أخبرته عن مشاكلها مع الرئيسة وأنها ستتخلى عن مشروع الصحافة نهائيا بعد يوم الأستقبال في المدرسة, قالت له أن حماسها قد خبا , أشفق عليها وحاول أقناعها بالعدول عن رأيها... ضحك كثيرا وهي تسرد عليه طريقة الرئيسة في ادارة المدرسة وكيف تشب ما كان متبعا في زمن الملكة فكتوريا...
" أذن الأسبوع المقبل هو يوم الأستقبال ( فتش في جيوبه وأخرج مفكرته وناولها اياها قائلا) أرجوك, اكتبي لي ملاحظة في مفكرتي فأنا لا أستطيع الكتابة بعد أن جرحت يدي".
كتبت:" يوم الأستقبال في مدرسة لورين". سرها أن يسمح لها بالنظر في داخل مفكرته, قالت:
" هل تقرأخطي؟".
هز رأسه موافقا:
" خطك واضح مثلك تماما ( أخذ المفكرة من يدها وقال) سأرسل مراسلا صحافيا ليكتب عن المشروع".
" لا حاجة لذلك يا جان , فالرئيسة تنزعج كثيرا من الصحافيين".
" لا تهتمي فالرجل الذي سأنتدبه لهذه المهمة يستطيع أن يتدبر أمره مع الرئيسة".
قام الى الحمام بمساعدتها وغسل جرحه وضمدته له ببعض الشاش والأدوية , قال:
" سأظل الى الأبد شاكرا لهذه الموسى التي أعادت ( الأميرة النائمة) الى الحياة .( ابتسمت بخجل ودلال) . ابتسمي , سأحضر آلة التصوير لألتقط لك صورة وأنت مبتسمة , فربما لن أحصل على بسمتك من جديد".

روايات احلام/ عبير : لا احد ســــواكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن