ضجيج يملأ ارجاء المنزل، العديد من الاطفال يلهون ويلعبون في الباحة الخلفية و صوت ضحكاتهم و صراخهم يؤلم اذن كل من يسمعها، امي تعد الشاي التقليدي او ما يسمى هنا
"بـ العالة "
: يجلس احدهم على الارض متربعاً وراء طاولة دائرية صغيرة تغطى بقماش مطرز يدويا مرتب الشكل، يوضع موقد نار صغير ذو رأس واحد على الجانب ليُطهى الشاي عليه، مع بعض الحلويات التقليدية نشرب ثلاث فناجين شاي، الاولى تكون سادة والتانية حلوة والثالثة باللوز او الفول السوداني.
يسكب الشاي بطريقة احترافية حيث يرفع الصانع ذراعه التي يسكب بها الى الاعلى مرارا وتكرارا حتى تتكون رغوة كثيفة،
هذه طريقة يشتهر بها العرب في صنع الشاي.
نجلس معا في وسط المنزل لشرب الشاي معاً. انا و اختي نور و برهان اخي وامي و ابي و اختي هدى.
ـــ ماهو شعورك وانت في السنه الاعدادية الاخيرة... حمدا لله اني تخرجت، الان استطيع السخرية من حالك وانت تستيقظ السابعة صباحا للذهاب للمدرسة...
نطق برهان بذلك ليمازحني لكنه لا يستطيع معرفة كم ان دمه ثقيل كالديزل. هذا البرهان يبلغ من العمر ربع قرن تخرج قبل سنتين من كلية الهندسة، برهان هو آدمي لا استطيع ان اصفه بشكل يليق به، انه استثنائي وجهه يشبة اللوحة المثقنة. لديه ملامح مختلفة وسامته ليست كشئ يمكن رؤيته عادةً، عينان طاووسيتان هما اقرب من الازرق الى الاخضر و اقرب منه للرمادي الخافت، شعر كستنائي طويل قليلا و اسنان بيضاء. و هو اعزب لسبب اعلم ماهو.
كانت تصر امي على ان يتزوج ابنة خالتي البرتقالية، انها تجيد الطبخ والتنظيف و لا تدرس و لا تود ان تشتغل.
تقول انها تليق به. امي تفكر بشكل شرقي عريق. تظن بأن هذا الهراء قد ينفع به. تعتقد ان الزواج بفتاة هكذا مواصفات قد يجعل منه سعيدا ومرتاحا، لانها ستهتم به و تقدس وجوده في البيت و تعبده وتقبل قدماه لانه زوجها. و بعض هذه الامور الغبية التي تتفوه بها والدتي العزيزة تجعلني احيانا اتقزز منها.
مستوى التدلي و التذلل و العبودية لدى امي للرجال كثير. انها ذكورية جدا انا ذكر واكره هذا.
اخي دائما ما يكون معارضا على هذا. انه قطعاً لن يتزوجها. اعني انها فتاة أُمية من القرون الوسطى يبلغ عمرها 18 عاما، انها مراهقة. برهان يحتاج زوجة بعقلها تستطيع فهمه و هو كذلك، يريدها متعلمة يستطيع الاعتماد عليها في مواقفه الصعبة، يمكنها ان تكون سنده عندما يسقط و سيفعل المثل.
واظنه قد وجدها لكنه يخفي الامر.
في اليوم التالي.
اجلس في الغرفة امارس احدى هواياتي، لأسمع صوت ضجيج قادم من المطبخ. انه صوت امي و صوت برهان، انهما يتشاجران على احدى الامور السخيفة، لم يرمي القمامة، لم يحضر الاشياء التي طلبتها منه او الحديث بشأن الزواج وهذا احتمال وارد جدا.
ذهبت للتطفل لأجد ان احتمالي صحيح، كان وجه برهان احمرا و يبدو ان كلام امي ثار انفعاله كثيرا هذه المرة، و معه حق، هي لا تفهم و لا تبالي برغبة اي احد فقط تريد من كلامها ان يسمع، و هذا امر خاطئ تظن بأن البر يكون بتدخلها في حياتنا الشخصية و تريد منّا ان ننفد اوامرها و إذ لم نفعل فستغضب علينا ليوم الدين،
تضخم الجدال هذه المرة حتى ان ابي قد تدخل به
_انا اعرف ما يصلح بك... الزواج من القريب افضل من الزواج بالبعيد... هي فتاة مطيعه و نعرف اصلها و فصلها..
ـــ اذا كنت تريدينها فتزوجيها... انا لا احبها انها ليس ذوقي..
ـــ تهذب وتكلم بهدوء لا تنسى انها امك...
تدخل والدي من صراخ برهان على امي.
ـــ ابي يجب عليك ان تُفهِّم امي...
ــ ما بك يا امرأة... دعى الولد وشأنه.. تشتكين اليّ في الليل بأنه لا يسمع كلامكِ واتضح انك السبب في النهاية.
ــ انا ادرى منه....
ــ وانا ادرى منكما...
تكلم والدى بصوت عالى جاعلا من المنزل في حالة سكون تام
ــ ابنة من تريد.....
ــ ابي انا لا اريدـ
ــ عندما اسئلك عليك بالاجابة دون كذب......
ــ سارة ابنة محمود..... جارنا السابق
ــ انها لك ان شاء الله....
ــ ماذا...
تعجبت امي.
ــ هيا انتهى النقاش...
وضع ابي يده على كثف برهان واكمل:
ــ والدها يصلى في ذات المسجد الذي اصلي به... سأتكلم معه يوم الجمعه و سنتفاهم... حسنا...
ــ شكرا لك.. انا ممتن جدا...
ــ انا اثق بتربية محمود كثيرا... كما انك لن تجد مثل ابنته ما حييت...... هيا... قبل رأس امك وتأسف لها.. تماديت كثيرا معها كما تعرف.
اقترب برهان من امي وفعل ذلك
ــ انا آسف فقط كان مجرد انفعال.....
ــ لا بأس.... اخطأت انا ايضا...
نظر ابي لي
ــ ماذا تفعل هنا! ...
ــ اتطفل... اخيرا حلت المشكلة..
ــ هل تود الذهاب لعقد قران ابن عمك....
ــ لا.... لا احب هذا الرجل..... لا اطيق رؤية وجهه حتى، لا اعلم كيف ستعيش المرأة مع هذا الأحول.
ضحك برهان على ما تفوهت به.
ــ اغلق فمك.. هذا عيب
ــ ماذا سأقول اذا.. "صاحب الاعين المتقاربة ".
دخلت نور الى المطبخ
ــ ابي... لقد كويت لك هذا اللباس... هيا البسه لقد تأخر الوقت...
خرج ابي منطلقا لعقد قران ذاك الأحول.. انا املك بعض الحساسيات منه.. وامي تعلم جيدا وإلا ارغمتني على الذهاب.
طارق الاحول لديه ماضٍ غير جيد معي ابدا.. كنت قد تعرضت للمحارشات الجسدية منه عندما كنت طفلا. كان يعطيني الحلوى لاذهب معه لمكان بعيد قليلا حيث يتواجد الجميع. ليأخد غايته، ثم يعطيمي المزيد من الحلوى مع تهديداته لكي لا اخبر اي احد. ولكن كشفته امي ذات مرة عندما كنت معه في حديقة بيتنا الخلفية.. وهددته بإخبار ابي عن الامر. و كف عن فعلته.
عندما نلتقي في حفل زفاف ما او اي مناسبة كبيرة. كان يحاول التقرب مني دائما. حتى اني صفعته ذات مرة لانه وضع يده على خصري.
و فوق كل هذا يصلى في المسجد.
........
بعد عدة ايام
ــ تكلمت مع والد الفتاة...
فرح برهان لحديث ابي.
ــ قال ان الامر بيدها لذا سيخبرها ثم يتصل بي وعندها سنرى
ــ انا واثق انها ستوافق
ــ هل تعرفها قبلا.
ــ ا.. لا.. طلبت منها ذات مرة ان اتكلم معها بشأن هذا الامر لكنها رفضت.. قالت انها تريد الدراسة ولا ترغب بالزواج
ــ و ما الذي يضمن لك انها ستوافق الان
ــ حدسي...
رن هاتف ابي
ــ انه والد الفتاه....
ــ ارجو ان يقول نعم
ــ وعليكم السلام..... بأفضل حال.... الجميع بخير...... ابشر.. هذا جيد... حسنا بإذن الله... حسنا... نلتقي.. وداعا
نطق ابي محادثا الرجل
ـــ ماذا قال.... ؟
ــ مبارك مسبقا
قالها ابي ومد يده لبرهان
ليفاجئه بعناق ودي فلولا ابي لكان الى الان يشاجر امي بشأن هذا الموضوع
....