1965: TK

By baraatta

34.7K 957 133

" أنت خطرٌ على قلبي تايهيونغ و أشدُ خطورةً مِن الحرب بِذاتها" " فقط أخبرني مالي أهابُك و كأنك جسدت مِئة ج... More

Intro
Part 1
Part 2
Part 3
Part 4
Part 5
Part 6
Part 7
Part 8
Part 9
Part 10
Part 11
Part 12
Part 13
Part 14
Part 15
Part 16
Part 17
Part 18
Part 20
Part 21
Part 22
Part 23
Part 24
Part 25
Part 26
Part 27
Part 28
Part 29
Part 30
Part 31
Part 32
Part 33
Part 34
Part 35
Part 36
Part 37
Part 38
Part 39
Part 40.5
Part 41
Part 42
Part 43
Part 44
Note
Part 45

Part19

772 19 3
By baraatta

قبل ساعات من رحيل جونغكوك


عندما جعل الرب النوم غطاء يحجب الإنسان عن العالم وكأنه ما كان لذلك السبب فقط

هو حل
لإرهاق العقل من كثرة التفكير
وحل لإخماد وجع القلب الذي يفتك بقوة الإنسان فتكاً

ينسيه ما يعيشه من هموم وألم عندما يكون واعياً على مرارة الحياة
وفور أن يغيب وعيه عن رؤية وإستيعاب ما حوله فسيسكن جسده مرتاحاً بعد أن يتفوق ذلك الألم على ما بإستطاعته

ذلك ما كان بادياً بملامح تايهيونغ الذي أراح النوم قلبه مهيئا إياه لما ينتظره فور إستيقاظه

نائماً على جانبه بيده المستقرة على خصر جونغكوك العاري كما جسده

بمسافة بعدها عدة إنشات فقط كان يقطن وجه جونغكوك قريباً من وجهه مراقباً لملامحه

وكم أحب جونغكوك رؤية ذلك السكون الذي بدى عليه وهو نائم

بلا دموع
بلا بندقيتين تقتله بحزنها و تكسر قوته التي إكتسبها من صعاب الحياة و أضعفتها تلك البندقيتين العائدة لعزيز على قلبه

بلا نبرة حزينة مهتزة تُخبره بأن فتاه الريفي يتألم وما بقدرته فعل شيء سوى إلتزام الصمت على ذلك

أصابعه كانت تُمرر بخفة على ملامح تايهيونغ وهو شارد بالنظر له بإبتسامة حزينة إعتلت شفتيه

محركاً إبهامه على تلك الوجنة المحمرة حتى إرتفع ناحية جفون أخفت معشوقتيه عنه

هي آخر لحظات له يودع بها تلك الملامح التي وقع لتأملها منذ أول يوم بصرها

يرغب بإشباع نظره منها لآخر مرة بعد أن عجز عن النظر لها بالليلة
الماضية بسبب الدموع التي تشكلت بسوداوتيه وبتلك البندقيتين كذلك
ولم يحضى معها بوداع يليق بمقامها

لكنه إشتاق لبندقيتيه

لكنه غير قادر على رؤية حزنها وبؤسها إن ودعها

لذلك إختار الذهاب بعد أن يرسخ ملامح تايهيونغ النائمة في ذاكرته لتكون تلك الملامح المستكينة
هي آخر ما يراه من تايهيونغ

دنى منه واضعاً قبلة عميقة بطرف شفتيه
قبل أن يسحب جسده ناهضاً بحذر من إستيقاظ النائم هو نزل من على السرير بهدوء

ملتقطاً ثيابه من على الأرض
مرتدياً إياها و أخذا معه غيرها عندما خرج من الغرفة ناوياً الإستحمام لآخر مرة بذلك الحمام الريفي الذي لن ينسى ذكرياته ما حيا

ستبقى كل زاوية منه مترسخة في عقله بحكم إنها شهدت على ذكرياته مع تايهيونغ

بعد دقائق قليلة هو قد إنتهى عائدا ناحية الغرفة في الفجر الذي حلّ
على ذلك الريف بعد أن سقط كلاهما نائمان عصر اليوم الذي مضى

تايهيونغ كان لايزال كما تركه نائماً بسكينة لا يعلم إنها آخر سكينة يشعر بها

بعد أن إرتدى جونغكوك ثيابه و حضر نفسه من أجل الرحيل هو عاد مقترباً منه

بإبتسامة على شفتيه هو راقب تلك الملامح لآخر مرة ماسحاً بإبهامه على كل إنش منها

لتنساب دمعة من إحدى عينيه اللاتي إحمرن مسبقاً وهو عاجز عن خطو أولى خطواته مبتعداً

ملتقطاً إحدى يدي تايهيونغ رافعاً إياها بخفة ناحية شفتيه واضعاً فوقها قبلة عميقة بعد أن أغلق عينيه مستشعراً جمال ملمسها

و فور أن أبعد شفتيه عنها هو همس مودعاً بصوت خافت حمل غصته التي علقت بحنجرته وأفسدت غلاظة صوته

"أنا لن أنساك ما حييت"

هو و إن نسي نفسه فلن ينسى فتى ريف أسكتلندا

بقلب طيب ولسان لاذع وبندقيتين أسرته جندياً لها

و منزلاً يد تايهيونغ بعدها تزامناً مع إنزاله لشفتيه حاطة فوق جبينه بقبلة عميقة مودعة حملت كل مشاعره إتجاهه

شكر و إمتنان من ضمنها على كل ما فعله من أجله

مبتعداً بعدها عدة خطوات للخلف إلى أن خرج من الغرفة تاركاً تايهيونغ نائم لا يعلم ما ينتظره عند عودته من تلك السكينة التي أراحت جسده بنومه الطويل ذاك

فور أن إستقر بغرفة المعيشة فقد وقع نظره على والدة تايهيونغ التي كانت تنظر له بصدمة بعد أن وجدت إنه قد إستعد للرحيل

من تلك الحقيبة الصغيرة بيده و التي إحتوت على ما إشترته له من ثياب أثناء فترة بقائه معهما

من ملامحه الهادئة المحملة بحزنها وعينيه المحمرة التي عكست ما بقلبه من ألم

لم ترد زيادة ألمه بإتعاب مشاعره أكثر لهذا هي إبتسمت بتلك الإبتسامة الدافئة التي لطالما حظى بها منها

مردفة فوراً بكلماتها
" تعال لتناول الإفطار "

لم يكن بيده خيار آخر غير أن يوما لها مبتسماً و تابعاً إياها للمطبخ

و ها هو للمرة الأخيرة يستقر جالساً على تلك الطاولة التي كان لها نصيباً من رؤية ذكرياتهما كذلك

وها هي المرة الأخيرة التي يتذوق بها طبخ من شابهت بدفئها دفئ والدته

محركاً الملعقة بشرود حتى إستقام واقفاً بعد أن تناول القليل فقط

أخذا خطواته مع والدة تايهيونغ ناحية باب المنزل وهو يودع كل زاوية منه يراها لآخر مرة

كل زاوية قد حملت بعضاً من ذكرياتهما معاً وهو عالم إن تلك الزوايا ستهلك قلب تايهيونغ دوماً

أثناء طريقه عينيه قد إستقرت على باب الغرفة التي إحتوت شخصاً محبباً إلى قلبه
لم يعطي لغيره مثل الحب الذي يسري بداخله له

عقله و قلبه كانا غير مصدقين إن الأمر إنتهى و لن يراه مجدداً

هو قد أخذ فرصته الأخيرة و ها هو منذ الآن قد صار تايهيونغ ذكرى يراه في عقله فقط

و حتى باب الغرفة قد إندثر من مرأى نظره فور أن إستقر أمام باب المنزل مودعاً

ملتقطاً كف والدة تايهيونغ اليمني أثناء إنزاله لرأسه للأسفل ملقياً كلمات شكره على مسامعها
بإبتسامة سخرية عاجزة عن الشكر مرتسمة على شفتيه

" أنا حقاً لا أعرف كيف أشكرك "

عاجز عن إيجاد كلمات في قاموس كلماته تعبر عن مدى إمتنانه لما فعلته من أجله

بنفس نظرته تلك الناظرة نحو الأسفل بغير قدرة على النظر لوجهها بسبب كلمات شكره الضعيفة بظنه هو أكمل كلماته

" تمنيت لو إني أستطيع أن أفي لكما ولو بالقليل منه لكن ها أنا أقف عاجزاً هنا مغادراً بدون فعل شيء "

هي شدت على يده الممسكة بيدها ناطقة بتأنيب له و قد بدأت دموعها تتجمع عندما إستصعبت لحظة وداعه

" لا تقل كهذا الكلام و إلا سأغضب منك ، نحن لم نفعل ما فعلناه كي ترده لنا "

تنهيدة عميقة قد خرجت من ثغره دالة على كم الهم الذي يسكن بقلبه رافعاً رأسه و أخيراً ناظراً لها

وسامحاً للكلمة الوحيدة التي يستطيع إستعمالها أن تتكرر بخروجها من ثغره شاكراً

" شكراً لك كثيراً أمي ، شكراً لكما على مساعدتي للبقاء حياً ، شكراً للدفئ الذي أشعرتماني به ، شكراً لإنكما لم تجعلاني أشعر بالغربة "

فجأة هو توقف عن الشكر منزلاً رأسه للأسفل

وتنهيدة تتبع الأخرى تسارعن بالخروج من ثغره للحفاظ على رباطة جأشه حتى أردف بعدم تقبله لتلك الكلمة

" شكرا لا تكفي لما فعلتماه من أجلي "

تلك الكلمة فعلاً قد أشعرته بالعجز الكبير ، لم توصل ما بقلبه من إمتنان ناحيتهما

والدة تايهيونغ لم تعد تستطيع إبقاء دموعها بداخل جحر عينيها
هي قد سقطت على وجنتيها لتسحب جونغكوك بعناق قوي مودعة إياه

حاضناً إياها قوياً بين ذراعيه كأقل ما يستطيع إعطائه لها من تفسير للمشاعر التي يحملها ناحيتها

مبتعداً بعدها و عائداً لإمساك يدها مدنياً شفتيه لظاهر كفها بقبلة ممتنة فوقها

معتدلاً بعدها بوقفته برزانة و وقار مردفاً بعد أن ترك يدها

" إعتني بنفسك أمي و إعتني بتايهيونغ كذلك من أجلي "

مبتسماً إبتسامة هادئة كهدوء نبرته عندما نطق بخفوت متحدثاً عن حال فتاه

" إنه ضعيف للغاية ، أتمنى لو إنه قد ورث بعضاً من قوتك فلما خفتُ عليه هكذا"

إبتسامة قد رسمت على ثغرها لتذكرها لضعف إبنها قبل أن ترفع كف يدها ماسحة دموعها

مسلطة بصرها بعدها على جونغكوك لتردف بما حملته هي من مشاعر نقية نحو من إعتبرته كأبنها

" نحن لن ننساك أبداً ، ستبقى طول الدهر موجوداً في قلوبنا"

هي متيقنة إنها لن تنساه و تعلم إن قلب إبنها لن ينساه ما حيى كذلك

فليسا هما من ينسيا شخصاً عاش معهما لشهرين
كفرد منهما

وأخيراً هي حاولت رسم إبتسامة على ثغره عندما نطقت ممازحة إياه

" كن بخير و إعتني بنفسك جيداً ، لا أريدك أن تعود مرة أخرى و أنت مصاب "

و فعلاً قد خرجت ضحكة خافتة بنبرة صوته الهادئة لينطق بما هو متيقن منه

"تايهيونغ سيكون سعيداً إن عدت مصاباً

فتاه الذي بكى على فراقه حتى أحمرت عيناه سيكون سعيدا ً إن عاد له جونغكوك مصاباً يعتني به من جديد

و ربما هو حتى لن يشافي جروحه هذه المرة كي لا يتركه راحلاً

" ألن تودعه ؟ "

بنبرة خافتة هي سألته فور أن رأته يحني جسده ملتقطاً حقيبته الصغيرة من على الأرض

و فور أن حملها مستقيماً بوقفته هو نفى برأسه مردفاً بما هو عاجز عن فعله

" لن أستطيع وداعه "

ذلك سيكون صعباً على قوته و هو الجندي الذي لا يثني قوته شيئاً

و لأول مرة له بحياته هو يخاف من شيء

لم يخف من كل مرة كان بها وسط ساحة الحرب

ليخاف الآن من تلك اللحظة التي يكون بها تايهيونغ بين ذراعيه باكياً و متمسكاً به بعناق قوي
و عليه أن يبعده عنه ليتركه راحلاً

هو لن يستطيع الحفاظ على قوته لحظتها

وكان صعباً عليه أن يذهب بدون وداعه

و علم إنه سيكون أصعب على تايهيونغ الذي لازال منغمساً في سكينته لا يعلم ما ينتظره عندما يستيقظ

" وداعاً "

نطق بآخر كلمة تخرج من ثغره بين جدران ذلك المنزل

ليرتدي قبعته التي إشترتها له والدة تايهيونغ مسبقاً

منزلاً إياها على عينيه تزامناً مع إنزاله لرأسه ليبتعد بعدها خاطياً خطواته خارجاً

لم يقل إلى اللقاء لأنه يعلم إن لا لقاء قادم سيجمعهم

ها هو قد خرج من ذلك المنزل الريفي الذي إحتضنه بداخله و عالِماً بإنه لن يزوره مجدداً

ها هو قد ذهب تاركاً خلفه روحاً ضعيفة ، مكسورة ومحطمة لفراقه

____________

ليس هنالك من سكينة تستمر بلا أن تنتهي

ما عدا الموت الذي سيتمناه صاحب تلك السكينة

عندما يستيقظ ويجد إن أمله في الحياة قد إختفى

وها هي السكينة تذهب عندما فتح عينيه ببطئ بعد أن إستعاد وعيه

حتى بدون أن يستوعب شيئاً هو شعر بقلبه ينقبض تلقائياً
ليحول بصره بعينين ساكنة متحركة مقلتيها فقط محاولاً إدراك ما حوله

ذلك الهدوء الذي واجهه جعله يسكن بمكانه غير قادر على النهوض عندما شعر بقلبه ينقبض أضعافاً فور إستيعابه إن جونغكوك ليس بجانبه

بيدين مرتجفة هو إتكأ على السرير ناهضاً بقبضة قلبه تلك و كأنه عالم بما سيتلقاه من صدمة تنسيه من يكون

بصعوبة إستطاع أن يستقيم ملتقطاً ثيابه التي إهتزت تزامناً مع رجفة يديه تلك

مرتدياً إياها بعينين خائفة مذعورة من كون ما يخبره به قلبه قد حل واقعاً

وشهقة مرتعبة خرجت من ثغره أثناء ذلك حتى سقطت دموعه متناثرة على وجنتيه

خطواته قد تسارعت فور إنتهائه لخارج الغرفة باحثاً عن جونغكوك بعينين مغوشة

هو لم يجد له أثراً في أي ركن من أركان المنزل وزواياه

خطوات قدميه المرتجفة قد قادته لخارج المنزل عساه يكون في ذلك الحقل يعمل قبل أن يتركهم راحلاً


هدوء ذلك الحقل و خلوه من أي بشر قد أزال الأمل ما قبل الأخير من صمود قلبه عن كون جونغكوك لم يرحل بلا أن يودعه

فلم يتبقى له سوى الأمل الأخير بأن يجده جالسا أمام زهرة التوليب خلف المنزل

بدموع منهمرة بهدوء على وجنتيه هو إتخذ خطواته المرتجفة حتى وصل لركن المنزل

خطوة واحدة فقط تفصله عن ذلك الأمل
لكنه قد عجز عن خطوها خائف أن يتحول ذلك الأمل لألم لا يستطيع مواجهته إن حدث

واقف في مكانه بيده المتكئة على جدار المنزل ، بصدره المرتفع تارة وهابطاً تارة أخرى

أمنية بائسة قد تمناها مضمونها دعوة أن يتوقف به الزمن بتلك اللحظة

كي يبقى واقفاً في مكانه على أمل إن جونغكوك جالس بقرب تلك الزهرة

لا يريد من الزمن أن يمضي مخبرا إياه إن أمله الوحيد قد تلاشى وجونغكوك قد رحل فعلاً بدون وداعه

دقائق لا يعلم كم بلغت و هو لا يزال واقفاً بنفس ذلك الأمل الذي تشبع بالألم

حتى بدأت قدميه المرتجفة تنزلق تدريجياً و يده متكئة بضعف على ذلك الجدار

حتى إستقر جالساً بمكانه بنظرة فارغة لا ترمش العينين التي سلطتها نحو الأمام

بدموع تنساب على وجنتيه بهدوء منتظرا جونغكوك أن ينتهي من الزهرة ليعود له أخذا إياه بين دفئ ذراعيه

لينسيه كل ذلك الألم ويعتذر منه لأنه دب ذلك الرعب بداخله

وها هي ساعة بائسة قد إنقضت بلا أن يخرج جونغكوك من خلف المنزل

بدون أن يصدر أي صوت
إستمر بالنظر للأمام منتظراً إياه أن يخرج

حتى تفرقت شفتيه هامساً بين قطرات دموعه التي كانت تنساب من عينيه مارة بوجنتيه
حتى تنتهي ساقطة فوق كفي يديه المرميتان بإهمال بحضنه

" كفاك جلوساً بجانب الزهرة جونغكوك أنا أغار ، أتركها وتعال لي لقد إشتقت لك"

شهقة قوية خدشت نقاء حنجرته قد خرجت منه فور إنهائه لتلك الكلمات

لترتفع يده ضاربة على يسار صدره علها تخفف من ألم قلبه شيئاً

" هيا جونغكوك إنهض"

همس بين شهقاته مجدداً رافضاً فكرة إن جونغكوك تركه هكذا بلا وداع

هو لم يعانقه قوياً و يقبله طالباً منه أن يكون بخير من أجله

عيناه السوداء ، شعره الأسود ، إبتسامته الدافئة و نبرته الهادئة
هو لن يرى كل ذلك مجدداً !

جونغكوك قد رحل و لن يجمعه به لقاء آخر !

" أنا لم أخبرك بعد إني أحبك "

عندما إستوعب إن أمله قد تغلب عليه الألم كلياً

هو أردف و أخيراً بما أثقل قلبه طويلاً و أراد أن يخبره لجونغكوك مسبقاً لكن جونغكوك لم يستمع لإعترافه عندما خرج من ثغره معاتباً

أحنى بجسده للأمام واضعاً كفي يديه على الأرض سامحاً لدموعه أن تنساب هناك

" أنت تعلم إني أردتُ إخبارك بذلك لم تركتني ؟ "

أصابع يديه قد إعتصرتا تُراب الأرض بينها وهو يحني بجسده أكثر مع كل شهقة تخرج من ثغره محملة إياه هما لا يطاق

"ماذا عنك ؟"

سأله هامساً مع علمه إنه لا يستمع لأي من كلماته كما كان يفعل سابقاً عندما يهيم بنبرة صوته أثناء كلامه

أغمض عينيه بشدة هرباً من كل ذلك لتنساب دموعه بوتيرة أسرع مرتطمة بتراب الأرض

" أنت لم تهمس لي بأحبك قبل أن ترحل "

بنبرة خافتة همس وهو يعيد فتح عينيه بنظرة مغوشة رؤيتها

ناظراً لتراب الأرض الذي بللته دموعه

هو حتى ليس متأكداً إن كان جونغكوك يحبه كما يفعل
أم إنه فقط إتخذه عزيزاً على قلبه بعد أن سيطر على نبضاته كما تواعدا

لا يعلم إن كان غزل الجندي له و لبندقيتيه ناتجة عن حب منه
أم إنه معتاد على التغزل بما تراه سوداوتيه جميلاً

إستمر بمعاتبته بين شهقاته و لا أحد يستمع له ،

جونغكوك ليس هنا ليستمع لكلماته اللاذعة و يغضب منه

" أنا لن أراك مجدداً جونغكوك"

إنتحب أخيرا و هو يؤكد لنفسه بعد أن فقدت أملها إنه لن يكون هناك جونغكوك مجدداً بحياته

________

ها هو إسبوع قد مضى زاد من ألم قلبه بعد أن صارت حياته التي كان يخاف عيشها بلا جونغكوك قد أصبحت واقعاً

بعد كل المرات التي بكى بها لتخيل تلك الحياة ها هو قد أصبح يبكي لأنه يعيشها

وها هو جونغكوك قد أصبح ذكرى يعيش عليها بعد أن كان واقعاً يرافقه أينما ذهب

ها هي حياته وحيداً قد عادت لكنها لم تكن كحياته السابقة قبل أن يكون جونغكوك محورها

جالس على سريره الصغير بعد أن أنهى عمله في الحقل مع والدته

بركبتين محتضنها لصدره و نظرة شاردة بالفراغ تقلب ذكرياته أمام مرآه

ذلك السرير الذي كان يجلس فوقه مرافقاً لحبيب قلبه
قد عاد ليجلس فوقه وحيداً كما إعتاد منذ رحيل جونغكوك قبل إسبوع

جسد والدته التي إستقرت واقفة أمامه جعله يرفع بصره المحمل بدموع ناحيتها

نظرتها ناحيته قد كانت صارمة عندما أمرته فوراً

" إنهض لتأخذ حماماً "

هي قد نفذ صبرها من تصرفاته اللامنطقية طوال الأسبوع

متفهمة ألمه لكنه يحتاج لمن يعيد له صوابه حتى يعتاد على تلك الحياة الخالية من وجود جونغكوك فيها

بعد أن لاقت الصمت جواباً منه على أمرها

هي مدت يدها ناحية خاصته ساحبة إياها و هي تعيد أمرها بنبرة أشد صرامة من سابقتها

" إنهض لتستحم"

رأسه قد تحرك نافياً عدة مرات و هو يحاول إبقاء دموعه الملتصقة برموشه في مكانها بلا أن تسقط عندما أردف بنبرته المخنوقة

" لا أريد "

نبرته المتألمة تلك والخافتة وكأنها مرعوبة من شيء

قد كانت كل ما تستمع له والدته طوال ذلك الأسبوع

و هي ليست سوى أم تخشى على إبنها من نسمات الهواء أن تؤذي بشرته فما بالك برؤيته متألماً هكذا ؟

أحاطت وجنتيه بين كفيها ناظرة لعينيه المرعوبة المحملة بدموعها بنبرتها الدافئة هي نطقت محدثة إياه وكأنه طفل يبلغ الخامسة من عمره

" يجب أن تستحم تايهيونغ ، أنت لا يمكنك أن تبقى قذراً طوال حياتك"

فور إردافها لتلك الكلمات صدره قد بدأ يرتفع وينخفض معلناً إنه على وشك البكاء

ليفرق بين شفتيه ملقياً كلماته التي حملتها غصته معبراً لها عن عجزه عن الإستحمام بلا جونغكوك

" أقسم لك أمي أنا لا أستطيع ، أنا أرى طيفه في كل زاوية من الحمام "

هو لم يعد بإستطاعته السيطرة على دموعه حيث إنها قد خانته منسابة على وجنتيه

ليغمض مسببتا تلك الدموع قويا
والتي كانت تعيش قصة عشق مع حبيب فؤاده قبل أن يعيشها هو

هامساً بكلماته العاجزة معاتباً والدته على طلبها لذلك الطلب منه فاتحة خيوط جراحه التي لم تلتئم بعد

" ألا يكفيني إني أنام وحيداً على السرير منذ رحيله ؟ "

شهقة قد خرجت من ثغره مؤذية صدره و قلب أمه التي عجزت عن إنتشال ألم قلب إبنها

متذكرا نومه الذي أصبح صعباً للغاية بذلك السرير الصغير الذي أصبح واسعاً فجأة بعد رحيل من تزاحم به معه

رغم ألم قلبها على حالته تلك إلا إنها كانت تحتاج أن تكون قاسية كي يتوقف عن إيذاء نفسه بتلك الطريقة

لهذا هي إعتدلت بوقفتها جيداً ساحبة يده معها وهي تردف بما حطم قلب تايهيونغ لأشلاء

عدم إستحمامك لن يعيد جونغكوك أبدا "

لم يكن سهلاً على قلبها أن ترمي بتلك الكلمات التي تُخبره إن جونغكوك لن يعود يوماً على مسامعه

و لم يكن سهلاً على قلبها أن ترى تلك النظرة المكسورة من عينيه عندما سكن بمكانه فجأة

ليس و كأنه لم يكن مستوعباً إن جونغكوك لن يعود لكن تأكيد أحد له على ذلك وسماعه قد جعله يستوعبه تماماً

لهذا هو لم يعاندها أكثر و تحمل فكرة أن يتلقى كل ذلك الألم عندما يستحم وحيداً لأول مرة بعد رحيل جونغكوك

و ها هو بعد دقائق قليلة قد أصبح واقفاً بجسد مرتجف بين تلك الجدران

قلبه منقبض بألم و رأسه منزل للأسفل مع عينيه المغمضة خوفاً

خوف من أن يفتحهما و لا يرى جونغكوك بقربه ،

خوف من إستيعاب إنه بات يستحم وحيداً بلا جونغكوك

الأمر لم يكن مؤلما لقلبه وحسب بل مرعباً تماماً

يجعل جسده يرتعش كونه قد فارق جونغكوك و لن يراه مجدداً

يرغب بأن تُعاد تلك اللحظات التي كان يخاف بها من فراق جونغكوك عندما كان بقربه

عندما كان يبكي بين ذراعيه و جونغكوك يحاول تهدأته

يرغب بأن يعاد ألم تلك الأيام بعد أن أرهق تماماً من ألم يعيشه لوحده

بدون أن يفتح عينيه هو حاول الوصول حيث دلو الماء الذي ملئته له والدته مسبقاً

قدماه المرتجفة قد تعثرت بطريقها ليسقط مسنداً كفيه على أرضية الحمام جنباً إلى ركبتيه

بأنفاس مرتعشة هو إلتقط بعض الماء رامياً إياه على رأسه

لتترائي لدموعه فرصة أن تتساقط مختلطة بقطرات المياه المنسابة على وجنتيه

حتى سقط الوعاء من يديه بعد أن أصبح حمله ثقيلاً عليه


سامحاً لشهقاته أن تتعالى تزامناً مع حضنه لجسده بين ذراعيه عاجز عن رفع عينيه

حيث إنه أقسم على رؤيته لطيف جونغكوك واقفاً في كل زاوية من زوايا ذلك الحمام بإبتسامته الهادئة على شفتيه

" لم تركتني ؟ "

إنتحب ببكاء بين شهقاته ليس و كأنه من طلب منه الرحيل

ما كان بأمكانه أن يفعل وهو يتخيل جونغكوك ووالدته مأسوران أمام عينيه ؟

طرق على الباب قد جعله يعي إنه قد أطال هناك كثيراً ببقائه باكياً فوق أرضية الحمام

فلا دموع كانت تُعيد جونغكوك له و لا دموع تزيل ألم قلبه مريحة إياه

حتى خرج من الحمام ببندقيتيه المحمرتين تلك والتي لو رأهما جونغكوك بذاك المنظر ما كان ترك تايهيونغ أبداً

مستلقياً على السرير بعينيه المغمضة بتعب

رأسه فوق الوسادة التي حملت رائحة جونغكوك

وبين يديه ذلك القميص الذي قد تركه له جونغكوك كما طلب

حاضناً إياه قوياً لصدره مستنشقاً رائحته التي بدأت تختفي شيئاً بعد شيء رغم إنه لم يمر سوى إسبوع
على رحيله فقط

فأي رائحة ستبقى بعد أن تمر سنين على فراق من هواه قلبه ؟

لمسات يد والدته الدافئة ماسحة على خصلات شعره البندقية قد ساعدته على الذهاب للنوم هارباً لتلك السكينة المؤقتة التي تُريح جسده
قليلا

نسمات هواء الحقل العليلة لم تعد عليلة

و السماء الزرقاء الصافية لم تعد صافية

أشعة الشمس المشرقة لم تعد مشرقة

كل شيء قد كان مظلماً و كئيباً بالنسبة له بعد رحيل جونغكوك

كل شيء كان يزيد همه هما عندما حمل إحدى ذكرياته مع جونغكوك يوماً

وحتى تلك الصخرة بقرب الحقل كانت تؤلمه كثيراً

تلك الصخرة التي إعتاد جونغكوك على الجلوس فوقها مراقباً له و هو يعمل

هي كانت فارغة طوال الشهر الذي عاشه بدون جونغكوك

الصخرة التي شهدت على أول قبلة تبادلاها بأجواء مقدسة قد حملت إحدى آلامه كذلك

شهر قد مضى و ألمه لم يخف شيئاً بل زاده الشوق أضعافاً

بعد أن أنهى عمله بالحقل
هو قد إتجه ناحية الذكرى الملموسة الوحيدة التي قد تركها له جونغكوك برفقة قميصه

مسقياً جذرها الماء حتى إستقر جالساً بقربها ، محتضناً ركبتيه لصدره و إحدى يديه تعبث بأوراقها برقة

مغمضاً عينيه حتى عادت به الذكريات لذلك اليوم عندما أهداها له جونغكوك

عندما تغزل ببندقيتيه و أخبره إن زهرة التوليب متعددة الألوان رمز لهما بالنسبة له

و كما هو توقع يومها ها هي قد أصبحت ذكرى بائسة تركها له جونغكوك بعد رحيله

فتح عينيه عائداً من تلك الذكرى مسلطاً بصره نحوها
مبتسماً بمرارة مع عينيه الدامعة التي أصبح من الصعب رؤيتها بدون دموعها المرافقة لها

و كأن الرب قد خلقها من بين أعين البشر طبيعية بتلك الدموع

و هامساً بسؤال لها بنبرته المحملة بغصتها و كأن الرب قد خلقها طبيعية بتلك الغصة

" أنت لن تتركيني يوماً كما فعل جونغكوك أليس كذلك ؟"

رافعاً بصره ناحية السماء تزامناً مع رفعه ليده واضعاً إياها على يسار صدره مستشعرا نبضاته

مخاطباً جونغكوك من ذلك البعد بينهما بسؤال تمنى لو يستمع لجوابه من بين شفتيه

" أخبرني جونغكوك ، أيسر صدرك كيف حاله ؟ "

لكنه لم يستمع لأي جواب ، ولا حتى همسة واحدة بنبرة جونغكوك الهادئة يطفئ بها القليل من حرقة شوقه له

" تايهيونغ"

مناداة والدته له جعل اليأس يحل بقلبه من سماع نبرة جونغكوك الهادئة

مديراً برأسه ناحيتها عندما إستقرت جالسة بقربه

بسعادة بادية على ملامحها فسرتها برفعها لظرف بني اللون تحت مرأى نظره

ناطقة بما تعلم إنه سيعيد شيئاً من روحه عندما يعلم ما هو

" إنها رسالة من جونغكوك "

و كأن كل خلية ماتت مسبقاً بجسده بعد رحيل من أحب قلبه قد عادت لها الحياة بهذه اللحظة

و ها هو قلبه قد نبض متلهفاً و مشتاقاً بعد أن كان الألم هو كل ما ينبض به مسبقاً

...

إنتهى

Continue Reading

You'll Also Like

10.2M 475K 75
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
3.4K 251 29
رُبما لم يَكُن ُكل شَيء عَبثيّ، خَلفَ كُل شَيءٍ رِواية، كَمنحوتَة،مَعزوفَة،أو رُبما لَوحة! •كيم تَايهُيونغ و جِيون جُونغكوك. •رواية مُستقيمة. بَدَأَ...
1.6M 125K 31
زهرة انفاس الطِفل. هي زهرة ترمز للبهجة والسرور، وهي تٌضاف غالباً لتزيين الباقات الخاصة بالمناسبات السعيدة، وترمز ايضاً للحٌب النقي. لطالما أحب جون...
991K 53.7K 40
"مُكتَمِلة+18" ... هِلَ تّكِفي كَلَمـِـة آسـًـفُ " آعتذرَ ،،،لَتعَوُدُ " كَآنٌ غـيآبــك آكَثـًـرَ مـِـنٌ آنٌ آتحـمـله " لَمـِـآ آشـّـعَرَ بــّذٌلَكَ...