جميلتي فيروز هل كُنّا نحن "العُشّاق التّنين الصّغار" الّذين أخذوا مقاعدكم كما غنّيتِ في أغنية في قهوة ع المفرق؟.
فيروز المُخلّدة في قلوبنا، أعتذر منكِ بشدّة لكننا لم نسرق مشوار أحد، رغم صغر عُمرنا إلّا أننا كنّا نلمح الورق الأصفر وهو يتساقط في أرواحنا في عزّ ربيعنا، رغم صغر عُمرنا إلّا أننا لم يضحك لنا إنسان أيضًا، لم يشجعنا أحدهم، كانوا يكتفوا بالابتسامات السّاخرة أحيانًا، العطوفة أحيانًا أُخرى، وكانت الموقدة أيضًا تُشفق علينا فتَبرُد نيرانها بينما كنّا نكبر كثيرًا في زوايا القهوة، تجاعيدنا باتت واضحة للعيان لكن مَن مِن العيان كان يهتمّ لأمرنا؟ لا أحد.
وحدك أنتِ فيروز من لمحتنا على مقاعدكم، وحدك أنتِ من شعرتِ بالحُبّ بيننا، لكنّك حتّى أنتِ لم تلحظي أننا لسنا عشّاق صغار، بل كنّا كذلك في بداية كلّ لقاء، لكننا كنّا نفوقك عُمرًا عند الوداع، وكانت وداعاتنا كثيرةٌ، كثيرةٌ للحدّ الّذي جعل الشّيب يزحف لقلوبنا، وتجاوزنا الألف عامٍ فجأة ودون أن نَشعُر.
فرشنا أسرارنا بجانب أسراركم دون أن نصل إليها، رتّبنا ذكرياتنا بجانب ذكرياتكم دون أن نتجسّس عليها، لكن مازالت "الّدني عم تخلص" ولسوء الحظّ حتّى وطننا "عم يخلص" أو ربّما قد انتهى فعلًا وبات رجلًا عجوزًا في نهاية المطاف بدل من كونه "طفل صغيّر"، اعذريني لكن لكلّ زمان خيباته، ولكلّ عاشقين خساراتهم، وخسارتنا لا تقلّ عن خسارتك أبدًا لكننا لا نَملكِ صوتكِ وإحساسكِ لنقول للعالم "كلّ صحابي كبروا وتغيّر اللي كان، صاروا العمر الماضي، صاروا دهب النّسيان" لكن يكفيني أن أُخبركِ بذلك لعلّي أخفف عنكِ وطأة ما تشعرين به.
لم نسرق مشواركِ، لم نسرق مشوار أحد، لكنني أَجزُم أنّ هُنالك لصًّا في القهوة ع المفرق خفي، قام بسرقة مشاويرنا كلّنا.
فضفضة صباحيّة مع فيروز
-أحمد حجازي.❤