جندي الجبل

حمقى!

" أين الطفل ؟ " قال آيدن مضيقًا عيناه ..

" الفرقة المُختصة ذُبحت كلها سموك " قال الفارس راكعًا على أحد ركبتيه ..

" كيف هذا ؟ ألم تخترقوا القصر ؟ " قال آيدن بغضب

" أجل سموك .. لقد ذُكر أن الفرقة ذهبت خلف إمرأة تحمل الطفل على فرسها لكنهم لم يعودوا، يبدو أنها تلقت المساعدة" قال الفارس

" أيعقل أن ابن إلياس من تلك المرأة ؟ " قال بنفسه وهو يتذكر نيفادا بالمعركة ..

" سموك .. لابد أنهم يحاولون إعادة تنظيم صفوفهم وحماية حدودهم مرة أخرى " قال جورجي الذي أتى من خلف آيدن

أتى أحد الفرسان بمظروف من أجل آيدن ..

فتح آيدن المظروف كان رسالة من كاسندرا
( سمو الأمير آيدن .. يبدو أن سمو الأمير نايرس يتلقى رسائل من كورنيث، أشك أن إلياس مازال هناك أو ربما أحدهم يستخدم ختمه، لا يمكنني مراقبة نايرس بعد الآن عليّ أن أتحقق من أمر إلياس لكن احذر من نايرس بالوقت الحالي )

أغلق آيدن الرسالة وقال لجورجي " عزز القوات قرب الحدود الشرقية قرابة الكونستا، لكن راقب البوابة الغربية كذلك "

" أمرك ! " قال جورجي ..

ثم قال آيدن بهدوء وهو يفكر " هذة المرأة .. أهي التي تحمي طفل إلياس ؟"

" أي إمرأة ؟ " قال جورجي بعدما أمر الجنود بالانصراف ..

" كاسندرا قالت أن إمرأته تكون إحدى الأميرات وهي حبلى .. وهي نفسها جندي الجبل .. لابد أنها هي ..."

" ما الذي يُقلق سموك ؟ أتظنها قد تأتي إلى هنا لتنتقم مثلا ؟ " قال جورجي مازحًا

" قد تفعل .. هذة إمرأة مجنونة ! متوحشة ! قلبها لا يعرف الرحمة !! " قال آيدن وهو يلمس الندبات على عنقه ..

" لكن سمو الأمير إلياس تركها الآن .. هي لن تتحرك قبل شهور حتى إن كانت متهورة، هجومنا بمعقلها بالتأكيد أثّر على نفسية الكورنيث وبالتأكيد قد اهتزت ثقتها بقوتها وهي تشعر بالتهديد .. من المستحيل أن تأتي إلى الموت تاركة مملكتها بلا غطاء " قال جورجي مفسرًا ..

" أجل .. هذا بالتأكيد زعزع ثقتها " قال آيدن كأنما يريد أن يرسخ الاعتقاد برأسه ..

............

كان الفرس الأسود يشق طريقه بين الجبال ببراعة كأنه يحفظ كل خطوة عن ظهر قلب والطيف الزهري يطير فوقه إلى أن توقفت أمام دبًا كما يبدو والذي لم يكن إلا نايرس الذي رفع الشال الذي كان يغطي رأسه..

"سموكِ " قال نايرس وهو يشعر بالخجل

" سموي ؟ "قالت نيفادا باستنكار وهي تترجل من فوق أدونيس

" أنا أشعر بالخجل من موقفي ذاك " قال نايرس كالجرو الكبير

بالرغم من إدراكها أنه لا يزيف ندمه إلا أنها لم تستطع إلا التفكير بصفعه ربما ..

" أنا لست صديقتك نايرس، لكننا لسنا أعداءً كذلك " قالت نيفادا

ركع نايرس على إحدى ركبتيه وقال نادما "أستحق هذا ! لكن بحق الله نيفادا .. لا أريد إلا أن تكون ناتاسيا بخير "

كانت نيفادا تنظر له من الأعلى، لكنها استطاعت رؤية دموعه تسقط على الرمال ..

" أجل .. سنستعيدها بالتأكيد لكنها ستعود معي " قالت نيفادا بقسوة كأنها أرادت أن تقذف قلبه الهش بالأحجار ..

"أمرك .. مولاتي " قال نايرس مما جعلها تشعر بالخجل قليلًا لكنها حافظت على تعبيرات وجهها ..

جلسوا داخل كهف صغير لكنه عميق ويحتوي على القليل من الأشياء فقط، كخارطة للممالك المجاورة وبعض الاوراق

" إنهم يظنون أنني أرتعد تحت الفراش من اقتحامهم قصري وأنني لا استطيع حماية الحدود، حسنا إنهم على حق " قالت نيفادا وهي تشير إلى حدود الكورنيث ..

" إذا ذهبتِ بحرب مباشرة ستتركين مملكتك بلا غطاء " قال نايرس

" بالطبع " قالت نيفادا

" إذًا ماذا ؟ " قال نايرس

" لن اخرج بقواتي بالطبع، دسني بواسطتك " قالت نيفادا

" هاه " قال نايرس بعدم فهم 

" انظر هنا " ثم وضعت إصبعها على البوابة الأولي لمملكة التاي، وتتابعت " أخبرهم أنك ستُبارك هذا الزواج وتتصالح مع تاي كما فعلت آكايشي وإذهب فقط بمجموعة من النساء ورجال مبعوثين ليمثلوا الكونستا، لكن إحرص أن يكونوا كبار السن .. أنا سأكون وسطهم .. " 

ضحك نايرس بتوتر وقال " أنتِ تظنين أنكِ تستطيعين إخطافها بمفردكِ؟ "

" سأنشر شائعات أن الكورنيث يريدون رأس الملك وسينتهزون فرصة الإحتفال " قالت نيفادا

نظر لها نايرس يحاول أن يفهم أكثر ،

لفت نيفادا عينيها وقالت " لقد حاولوا اختطاف طفلي ! "

اتسعت أعين نايرس بقلق وقال " حسنًا هذا يستحق الانتقام بطلب رأس الملك، لكن أليس من المفترض أن إلياس من عليه الانتقام؟ "

" إلياس لا يعلم بالأمر بعد ولا أدري متى سيصل لمملكة الآكايشي " قالت نيفادا بصوت خافت

" حسنا وماذا بعد؟! " قال نايرس

" تصرف بشكل طبيعي وتعمد أن تتحدث عن تصالح آل كونستا وآل تاي وأنه شيئٌ مناسب للمصلحة العامة " قالت نيفادا وهي تنظر لنايرس

" واستمع لما لدي أيضًا فهذا هو الجزء الأهم " قالت نيفادا بابتسامة ماكرة

...................

كان إلياس يجلس وحده، ظن جنوده أنه أُصيب بالهذيان والجنون ..

حتى فرسه تركه وأصبح خائفًا منه ..

بالبداية طلب منهم أن يخترقوا الجبل بسرعة ،

هل يريدهم أن يرتطموا بالجبال بحق الله ؟

لقد أصر أنه لا يوجد جبل ، بل أنه يوجد طريق فسيح أمامهم ..

وعندما يأس منهم، قام بأخذ فرسه والذهاب من الطريق، لكن الفرس توقف عند بداية الطريق دون أن يتحرك !

حاول إلياس دفعه بكل الطرق بلا جدوي وانتهى به الأمر فاقدًا ثقة فرسه به،

حاول إيوسيف أن يجعله يهدأ لكنه استمر بالصراخ بوجهه وهو يشير للجبال ويقول أن أمامهم طريق فسيح !

تجنبه الجنود وهم يراقبونه فقط،

أحيانًا كان يقف أمام الحبل  يظل يمشي بمكانه ثم يصرخ عليهم أنه يسير بالطريق الفسيح الذي يعتقده ..

الأمر الذي أصبح مثيرًا للشفقة، حتى أن أحد الجنود بكى مما رأي حال إلياس بهذا الوضع المزري ..

نفذ الطعام والماء، لكنهم من آكايشي !

المملكة التي يهتز لها الجبال ..

لقد ظلوا أربعة أيام بلا طعام أو ماء..

أخذ الجنود يسقطون واحدًا تلو الاخر وكان إلياس ينظر لهم بعجز تمامًا ..

ماذا عليه أن يفعل ؟

....................

كان نايرس بقصره حالته النفسية أفضل بكثير من ذي قبل..

أصبح يأكل جيدًا ويمرح كما كان قبل هذا الحادث ..

كانت كاسندرا قد عادت توًا وسمعت من وصيفاتها عن نايرس هذة الأيام ..

استعدت كاسندرا مرتديه فستانًا فاتنًا ووضعت حليها وبدت جميلة كما اعتادت واتجهت لقصر نايرس ..

كان يضحك مع محظيته وطفله عندما أتت كاسندرا،

" سموه يبدو جيدًا اليوم " قالت كاسندرا مبتسمة 

"كاسندرا .. كيف أنتِ " قال نايرس بشوشًا

" أجل .. هذا بفضل رسالة إلياس " قال نايرس بحماس ..

" اوه .. سمو الأمير إلياس ! " قالت كاسندرا وهي تفكر .. كيف لإلياس أن يرسل لنا وهو بمنتصف الصحراء وليس له طريقة للمراسلة بوضعه الراهن ..

أمر نايرس المحظية أن تذهب مع الطفل ،

" لقد ترك إلياس رسالة مع أحد اتباعه قبل أن يذهب لمملكة الآكايشي " قال نايرس بهدوء 

" آهاا وما الذي قاله ليجعل سموك متحمسا للغاية ؟ " قالت كاسندرا وهي تمسك كأسها وترتشف منه القليل ..

" حسنًا لقد أخبرني أن جلالة الملك ألسيديس سيتزوج من ناتاسيا، إنه لا يهتم لذلك ويظن أنه ليس من شأنه .. وكذلك هو ليس مهتمًا إن تم التصالح بين آل آكايشي وآل التاي بالوقت الراهن مؤكدا أن هذا سيكون نصرًا جديدًا وسيساعد الآكايشي في الاستقرار بالدول المجاورة " قال نايرس

" ألم أخبر سموك بهذا .. لقد فعل سموه ما يتناسب مع مصلحته بالنهاية ، لكن ماذا عن سمو الأميرة ناتاسيا ؟ " قالت كاسندرا ثم تابعت " هل ستتخلى عنها ؟" 

نظر نايرس بحزن وامتلئت عينيه بالدموع لكنه ابتسم رغم ذلك وقال " ألن يكون كافيًا أن تكون بحماية ملكً قويً يستطيع ان يُشعرها بالأمان، إنه شيئ لم استطع أن أعطيها إياه .. والآن على أن أمضى قدمًا .. "

تنهد نايرس وتابع قائلًا " من فضلك قومي باعداد البعثة التي ستذهب لحفل آل تاي وضعي معهم الدوق ريمون ليبارك الصُلح ، أيضًا قومي باعداد الهدايا المناسبة وبعض النساء للملك "

بدى نايرس مثيرًا للشفقة حقًا أمام كاسندرا، إنها تشفق على حاله المزري ..

ابتسمت بنشاط وقالت " هذا معقول، سأُعد البعثة من أجل سموك "

ثم اتجهت لقصرها وقامت بكتابه رسالة بتفاصيل ما حدث لآيدن .. 

بهذا التوقيت أتى جاسوس آيدن بمملكة آل كورنيث بخبر أكيد " سموك .. إنهم آل كورنيث، يبدو أنهم سيستغلون الاحتفال وسيأتون لينتقموا من اقتحام قصرهم ومحاولة إختطاف ولي العهد "

حك آيدن ذقنه مبتسمًا واستدعى جورجي بسرعة ..

" يبدو أن تلك المرأة هي أم ولي العهد حقًا، إنها متهورة وغبية " قال آيدن ثم تابع " أرسل كتيبة لتتسلل لحدود آل كورنيث، سنقوم بالمهاجمة والاقتحام مرة أخرى عندما يأتون إلينا "

" لكن سموك .. ألا يجب أن نقوم بتأجيل الاحتفال ، وإلا ستعم الفوضى " قال جورجي

" جالة الملك ألسيديس لن يتحمل التأخير أكثر " قال آيدن فتابع قائلًا " لكن عزز الحماية على بوابات المملكة فلا أستطيع أن أضمن مكرهم كذلك"