اتحاد الإخوة ( أقدار من الزجا...

Galing kay Sha3nonaty

8K 622 773

وما بين الحاضر والماضي سوى خيوط معقودة تربطهما معًا بنسيج يحيكه القدر.. أحيانًا بعضها يُشكل واقعًا ألطف وحاض... Higit pa

الشخصيات العالقة والمواعيد🖤
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الرابع
شكر خاص❤
الفصل الخامس
الفصل السادس
اقتباس 🔥
اقتباس مُنجدي
الفصل السابع
الفصل الثامن
تنويه
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
خرابيش الأحداث
اعتذار وتنويه مهم
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس العشر
الفصل السادس عشر

الفصل الثالث

335 41 127
Galing kay Sha3nonaty

#الفصل_الثالث
#إتـحـاد_الإخـوة
#أقدار_من_الزجاج2
#منة_أنور(عشق)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

‏سَماع المُوسيقىٰ = مَعصية
المُجاهَرة فِي سَماعها = مَعصية ثَانية
الدَّعوة لسَماعِها أو نَشرِها = مَعصية ثَالثة

﴿وَلَيَحمِلُنَّ أَثقالَهُم وَأَثقالًا مَعَ أَثقالِهِم وَلَيُسأَلُنَّ يَومَ القِيامَةِ عَمّا كانوا يَفتَرونَ﴾💙🦋

☆ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

نبدأ  ..

دفع بنفسه دفعًا نحو غرفتها،  ليس نفورًا بل خوفًا من المواجهة،  تعبها يثقل همه ذنبًا لما حدث لها جراء فعلته الهوجاء،  لكنه بنهاية الأمر حسم أمره،  يجب البدأ من جديد،  من أولى سطور الحكاية ليفهم ما رمى اليه لهذا الحال الأن،  اشتاق لها واشتاق لحنانها الفياض التي تغمره به منذ صغره.
أحيانًا يتساءل كيف لها أن تحبه كل هذا الحب وهو ليس ابنها.. ليس من رحمها..؟!  تعامله دومًا بشغف كأنه نبت من بين أضلعها ليس من رحمها.
يشعر بالغيرة تارة عندما يفكر بحصول ابن آخر على هذا الحب،  تغمره بكل هذا الفيض من الحب فما بالها بابنها الحقيقي؟!
أناني في امتلاكها،  نعم،  فهي أمه خاصته،  هو من ترعرع بين دفء أحضانها ونام براحة تحت صوت أنفاسها.
ما مرّ به صعب التحمل،  التصديق،  وحتى الأعتراف به يهابه،  يتجاهله، يعمى بصره عن تلك الحقيقة الخسارة العظمى يستنكرها باستهزاء نابع من مكامن خوفه المحقق لما يخبأه له القدر من مفاجآت.

توترت أوصاله وهو يطرق الباب برتابة،  لم يستمع لرد فعلم أنها غافية،  داهمته بعض الراحة للاطمئنان عليها،  دلف ببطئ لتقع عيناه عليها ممدة في فراشها وبيدها ابرة محلول موصل بخرطوم معلق بجانبها،  تقدم وقد خيم الحزن ملامحه،  بات لا يفارقه،  جلس لجوارها يطالعها بحنين،  شوق لاحضانها وحنان الزائد لطالما كانت أمه ودودة،  تناول يدها بين راحتيه لتفر احد دمعاته على سطح كفها،  مسحها مسرعًا يغمره نوبة قوية من البكاء لكنه تماسك،  ليس بهذا الراجل الذي يبكى بعدما خطّ شاربه وخشن صوته،  البكاء ليس ضعفًا يعلم لكنه أراد أن يثبت لنفسه تحمله المسئولية،  تسرب عبيره الخاص صوب انفها،  تستنشقه بلهفة،  تحفظه،  تشعر به وبيده المحتضنة كفها،  حاربت لفتح عيناها الثقيلة  ببعض الدوار وفي محاولة أخرى منها لفتح فاهها للحديث تنبس ببضع كلمات خافتة ولهفة شقت أنفاسها:-
ابني حبيبي إنت جيت.

لم يتفاجأ لشعورها به فلطالما فعلت،  ابتسم بحبور يهتف بمرح يخالط دموعه:-
أيوة يا سمسم أنا جنبك أهو... بس إنتِ اللي مش معايا خالص..

كلماته المرحة أعادت لنفسها شئ من القوة والمثابرة لعلتها والمقاومة فيها،  أرادت النهوض عن ركدتها تلك فعاونها مسرعًا يضع احدى الوسائد خلف ظهرها بحنان وهي تراقب ملامحه المهتمة لما يفعله.

كاذبون من قالوا أن علاقة الأم بابنها تُبنى فقط بالدم،  بل هناك معاني أسمى لتلك العلاقة المقدسة،  مليئة بالاهتمام،  الرعاية،  والكثير من الحب،  علاقة وُلدت منذ أن بصرت عيناه وخطفت عقلها بنسيج خاص كأنه ارتبط بها بعقدٍ قوي محكم أقوى من الحبل السري الذي يربط بين الأم وطفلها،   يدغدغ مشاعر أمومتها لتبدأ معه قصة جديدة كانت له أم وهو ولدها الوحيد.

انسدلت دموعها بضعف،  تخشى رحيله،  تنفيذ ما قاله من هجران لها ولوالده،  رفض عقلها التصديق وشل جسدها كمن وقع عليه صاعقة،  تأبى تلك الحقيقة ولطالما أبتها،  التفت لدموعها بصدمة لما البكاء؟،  قرأ الخوف يتدفق بين مقلتيها من مرارة فقدانه لا تعلم أنه يخشى ذلك أيضًا،  ضمها اليه بقوة سامحًا لنفسه بالانهيار هو الأخر فوالدته تعاني والسبب هو،  تبًا، من المحال ألا تكون والدته، مستحيل،  هتفت من بين شهقاته تتشبث به:-
إنت ابني.. انت فاهم.. ومش هسمحلك تكون غير كدة... ولو الدنيا كلها عارضت هفضل أمك اللي ربتك وعيشت علشانك انت فاهم... ابني أنا وبس..

داهمتها نوبة أخرى من البكاء بحرقة ليربت هو على ظهرها قبل أن يخرج من أحضانها ببسمة تخالط دموعه لكلماتها المؤثرة يهز رأسه مؤكدًا:-
أنا ابنك إنتِ وبس.. ومحدش في الدنيا.. هيقدر ياخد مكانك في قلبي مهما حصل.

طالعته بترقب وبعض الشك ليبتسم مؤكدًا فرجف قلبها بسعادة انعكست على صفحة وجهها الشاحبة،  ليهدر هو بحنان وبسمة راحة:-
عايزك تقوميلي بسرعة يا سمسمة.. إنتِ عارفة محدش بيعرف يهتم بيا غيرك.. وحشني النوم على رجلك يا أمي... أنا عايز حنان من بتاع زمان..

ختم جملته الأخيرة بضحكة مرحة،  حقًا يشتاق لوضع رأسها على قدميها وهي تمرر أناملها بين خصلاتها بحنان ليفضي عليها بما يؤرق صدره ويعتليه ودائمّا ما يجد عندها الدواء،  اتسعت ابتسامتها بحب تشير له بمكانه ليمدد جسده يضع راسه على قدمها بخفة حتى لا يزعجها فتخللت أناملها خصلاته بحنان ليبتنهد هو براحة أخيرًا بعد ليالٍ من طيات الألم والعذاب.

☆ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

كان الصمت يحفهم بغير تعبير واضح اللهم إلا هي التي كانت مقلتيها حمراء نتيجة بكاءها المستمر وملامحها المنهارة تعلوها دمعاتها التي تهطل بغذارة، عيناها معلقة على الباب بذعر وقلب مضطرب وكثير من السينريوهات تدور بخلدها وكل نتيجة افظع مما قبلها،  انفتح الباب ليرحم قلبها المسكين الملتاع على حالة والدتها ليهتف الطبيب بنبرة عملية وهو ينظر لألفريدوا باحترام:-
هي الأن بخير... فقط تحتاج لبعض الراحة ومراعاتها الدائمة..

هدرت أليتا بتلجلج وذعر تمنع نفسها بصعوبة للهروع الى حضن والدتها للأطمئنان عليها:-
ما بها أمي؟!

عدل من عويناته يتنهد بتوتر يخشى غضب سيده:-
يبدو أنها تعرضت لأزمة قلبية  آدت الى جلطة فضعف قلبها ولم تحتمل..

عاد ببصره جهة ألفريدو يهتف باقتراح مهذب:-
أقترح سيدي أن تكون في المشفى في الفترة القادمة حتى تكون تحت رعاية الأطباء بشكل كامل لتشفي علتها في القريب العاجل.

لم تستطع أليتا الوقوف وركضت للداخل ودموعها تتسابق على وجنتيها بغذارة، وزعت رماديتها على جسد والدتها الممددة أعلى الفراش بملامح شاحبة عليلة،  جثت ارضًا أمام فراشها تحتضن يدها بين راحتيها متمتمة بحشرجة ونحيب:-
لا تتركيني أمي.. أرجوكِ.

فتحت ليندا عيناها بوهن تنظر لابنتها المتعلقة يها كطفلة تخشى رحيل والدتها لتبتسم لها بضعف تشد على يدها بين كفي الأخرى تطمأنها وسرعان ما غفت بتعب مرة أخرى،  ازداد نحيب أليتا بحزن وألم على تعب والدتها الظاهر لتتفاجأ به يقف خلفها!
نهضت ملتفتة اليه لتجد عيناه معلقة بوالدتها وطيف الحزن يخيم بينهما لكنه لم يتحدث،  وجه بصره هذه المرة تجاهها وتكاد تجزم أنها لمحت الدفء يلمع بينهما،  امتد يده وسط شرودها تمسح دموعها برفق ولين،  لتتسع عيناها ببراءة تقطب جبينها بتعجب من ذاك الذي يقبع أمامها كأنه آتى توًا من عالم آخر،  رنى اليها بهمس خافت استشعرت به دفء كلماته بجانب أذنها:-
رفقًا بقلبي الملتاع آلي فدموعك تقتله.

أغمضت عيناها بتلقائية تتمعن في كلماته بعدم تصديق بينما تراجع هو بلحظة خاطفة عقب حديثه كأنه انتبه لما فعل وتحرك بخطواط واثبة نحو الخارج دون التفات صغيرة منه ليكتشف ما بها من ذهول تخطى ملامحها وحدقتيها مفتوحان بذهول شاعرة لوهلة أنها كانت تتوهم.

  ☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

انهت حديثها في أمور العمل معهما وعادت بعدها للمنزل المقابل تستريح فيه من عناء السفر لكن فرّ النوم هاربًا تاركًا إياها في أوج حيرتها بردة فعله الغير المفهومة وهي مستلقية أعلى فراشها محملقة بسقف الغرفة،  تنهدت بحيرة ليعلو رنين هاتفها ينتشلها من أفكارها المتزاحمة فاعتدلت مجيبة بحمحمة وبعض الحرج:-
أيوة أنا كويسة حضرتك.. شكرًا لسؤالك.. لأ لسة مش عارفة..

استمعت لبعض الكلمات لتتنهد بحرارة تجيبها بغصة تشكلت بحلقها وخوف من هداه اليها عقلها وهناك بعض الدموع العالقة بأهدابها تشكلت سريعًا:-
مش عارفة أحدد موقفه.. او مفهمتوش... أنا بجد تايهة ومتلغبطة ومش عارفة أعمل ايه.. حاسة... حاسة إنِّ خسرته خلاص.

على نحيبها بخفوت بوجفة قلب مضطربٍ على صاحبه،  مسحت دموعها سريعًا عندما استمعت لكلماتها المواسية لتعقب باطمئنان:-
لأ أنا كويسة متقلقيش.. أنا بس محتارة مش أكتر وللأسف معنديش الجرأة أبادر معاه وكمان خايفة يفضل حاطط موضوع آسر بينا.

تنهدت ببعض الراحة تستمع للكلمات الحانية عبر الهاتف وسرعان ما هتفت ببسمة صادقة:-
ونعم بالله... مش عارفة أشكر حضرتك إزاي على وقفتك جنبي طول الفترة اللي فاتت..

كانت الاجابة جعلت ابتسامتها تتسع أكثر وسرعان ما أغلقت على وعد باتمام ما قالته لها،  أمسكت هاتفها بين يدها شاردة بما حدث بعد رحيل ياسين باسبوع.

مرت تلك الأيام عليها كالدهر وهي مذبذبة الشعور نافرة النفس على قلبها وما يكنه له من مشاعر وذهب جراء تضحية حمقاء منه ليفوز بوسام الصداقة عن جدارة وفيه أمور القلب فهو الأخير في الصف كما جعلها هي بحياته،  دموعها تغرق وجهها كلما جفت،  ملامحها شاحبة لاهمالها الكلي بصحتها وطعامها حتى حياتها زهدت فيها وعرضت عنها تنتظر موتها بصدر رحب،  مفترشة فراشها باهمال محتضنة وسادتها تشاركها نحيبها وتشكي همها،  تفاجأت بمن يدلف عليها بغتة دون استئذان ولم يكن غير والدها الذي رماها بنظرة غامضة فاعتدلت مرتبكة تمسح آثر دموعها تعد نفسها لخلق كذبة جديدة تنطلي على والدها لسبب نحيبها الأن،  تقدم منها جالسًا بجانبها يطوق كتفيها بذراعه يضمها اليه بأمان فوجدت نفسها تجهش في البكاء مرة أخرى بصورة أقوى،  ربت عليها بحنو ينتظر هدوئها حتى سكنت بين أحضانه براحة،  فهتف هو بتروي:-
آسر حكالي على اللي حصل.

رفعت رأسها بسرعة تنظر له بتفاجأ وصدمة ليبتسم لها بهدوء يرجع خصلاتها الهاربة خلف أذنها وهو يهتف بحنوٍ وبسمة محبة:-
قلبي كان حاسس إنْ فيكِ حاجة واستنيت تيجي تحكيلي زي ما معودك  دايمًا بس ظني خاب المرة دي يا منة.

بلعت ريقها بتوتر تهتف بخجل من ذاتها ولم تعقب ليضمها اليه مرة أخرى متفهمًا يعقب بشرود في الماضي:-
تعرفي إنِّ فاهم إحساسك ده كويس أوي يا قلب أبوكِ.. نفس اللي عيشته بالظبط.. نفس الحيرة والتوهة بس الحمد لله إنك فوقتي بدري قبل ما ترتبطي بآسر وهو كان شهم علشان فهم موقفك.

لم تفهم مغذى حديثه رامقه اياه بحاجبين معقودين باستغراب ليبتسم ابتسامة خافتة قائلًا:-
مش كنتِ دايمًا تنكري جوازي من عايدة بعد وفاة أمك  الله يرحمها علطول ودايمًا مفكرة إنها لفت عليا علشان أتجوزها؟!

زاد تعجبها وتفاقمت حيرتها بما يجمع حكايتها مع خاصة والدها ليبتسم له بغصة معلقًا:-
مش كل اللي بتشوفيه بيطلع حقيقة يا منة... دايمًا ورا كل حكاية فيه تفاصيل مستخبية شكلتها وعمرك ما هتشوفي الصورة كاملة غير لما تعرفي تفاصيلها دي.

تأملت حزنها والدها المغيم على ملامحه بحيرة من مقصد حديثه وما كادت تتحدث حتى انفرج الباب فجأة لتطل هي من خلفه،  من أخذت مكان والدتها سابقًا،  وزعت انظارها بين وبين والدها لينهض نادر من مكانه يبتسم لزوجته بحب يقبل جبينها بشغف ثم هتف بحنو موجه حديثه صوب ابنته الصامتة:-
عايدة أكتر واحدة هتقدر تجاوب على أسئلتك.. يمكن تقدري حالة الغلبان ياسين.

ابتسمت عايدة بخفوت تزيحه صوب الخارج بمرح لينصاع اليها باستسلام حتى خرج،  رجعت مرة أخرى لتأخذ بيد منة جالسة أعقبها صمت طويل،  بينما منة كانت في حالة لا يسمح لها بالحديث او حتى الاستفهام حتى خرجت تنهيدة حارة من جوف عايدة جعلتها ترفع نظرها اليها بترقب،  تمتمت عايدة بصوت خانق:-
أصعب حاجة كان ممكن أتخيلها.. إن الماضي يرجع يتعاد بس المرة دي معاكِ.

رمقتها بعدم فهم لتشرد عايدة بعيدًا وقد امتلئت عيناها بالدموع تبدأ حديثها:-
أنا وباباكِ ومامتك كنا أعز صحاب في الجامعة مبنفارقش بعض أبدًا ومعروفين في الجامعة كلها.. نادر كان عفوي أوي وكلامه بيجذب اي حد ليه من البنات بس هو مكانش ليه في الكلام ده ودايمًا مكتفي بصحوبيتنا سوا وبس.. بس للأسف واللي مكانش عامل حسابه إن أنا وأميرة نقع في حبه احنا كمان.

اعتلت الصدمة ملامحها بعدم تصديق لتبتسم لها عايدة بمرارة مكملة:-
واللي صعب الموقف أكتر إن نادر يوم ما حب حد فينا... كنت أنا..!!

انسدلت دموعها بهدوء تهتف بألم وهي تنظر لها:-
تخيلي موقفك لما ييجي اليوم اللي بتتمنيه واللي بتحبيه يعترفلك بحبه في نفس اليوم اللي صاحبتك تقولك فيه انها كمان بتحبه ومستنياه يحس بيها!

رمقتها منة بشفقة من موقفها التي لا تحسد عليه بالمرة لتسألها باهتمام:-
أكيد اختيارك كان صعب.. عملتي ايه؟

صدرت منها شهقة متألمة تهز رأسها بنفي مجيبة بعصرة خانقة:-
مقدرتش يا منة... مقدرتش أختار نفسي على حساب صاحبتي وعشرة عمري.. مستحيل كنت أبقى أنانية كدة...

اتسعت عيناها باستيعاب لما ترمي اليه وبدأت الخيوط تتضح أمامها لتكمل عايدة:-
رفضت حبي وضحيت بيه ليها... اتنازلت عن نادر ليها وصدمته ووجعه وقتها هما اللي كسروني أكتر من أي حاجة تانية.. حس إنِّ بيعته واتخليت عنه..

سألتها بعدم فهم يتخلله بعض الأستنكار:-
وايه الله يخلي بابا يرتبط بيها بدال محبهاش؟!

طالعتها بصمت لبرهة ثم عادت قائلة ترمقها بدقة وعيونها تحمل آثر دموعها:-
زي ما وافقتي على عرض آسر وإنتِ بتحبي ياسين.

زاغت عيناها بتيه تسترجع ذلك الالم مجددًا كأنها تعاصره من جديد لتسترسل عايدة بشفقة:-
زي ما ياسين طلب منك توافقي على آسر لما سألتيه توافقي ولا لأ.. أنا كمان طلبت من نادر يعطي أميرة فرصة وهي بحبها هتخليه يحبها وينساني.

هتفت بجملتها الأخيرة بتأثر وملامحها منكمشة بألم لتمسك يد منة برجاء:-
اوعي تفكري إنه كان سهل عليه يستغنى عنك ويسيبك كدة.. بس ساعات طيبتنا وحبنا الكبير للحوالينا بيخلونا نتخلى عن أكتر حاجة بنحبها ليهم.. ياسين بيحبك أوي وده كان باين عليه لما جيه لما آسر يتقدملك.. شوفت نفسي فيه.... معاناته كان باينة في كلامه وشروده... بلاش تضيعي عمرك في وهم ملوش معنى... كل اللي يهمك حبه وبس..

تنهدت قائلة بشرود:-
ياسين لو كان استنى شوية كمان كان هيعرف إنه غلط غلطة عمره.. لأنه صعب تجبري حد يحبك... كنت متخيلة إن نادر هيقدر ينساني وهيحب أميرة زي ما بتحبه بس طلعت أنا اللي غلطانة في الأخر.. علاقتهم كانت فاترة ما بين محاولاتها إنها تحس بحبه وبين محاولاته إن ينساني والنتيجة كانت موجعة لينا احنا التلاتة.

بدى الشرود على منة بحديثها لتسترسل هي:-
مامتك كانت دايمًا تستغرب من غيابي عنهم حتى إنِّ سافرت وبعدت عنهم واكتشفت في الأخر حب نادر ليا كل السنين دي وعرفت باللي عملته.. وفي آخر أيام مرضها وقبل ما تموت بساعات طلبت مني أجيلها هنا وساعتها صارحتنا باللي اكتشفته وطلبت منها امنيتها الأخيرة ان احنا نتجوز قدام عينيها علشان تحس انها عملت لينا حاجة قبل ما تموت.

انسدلت دموع منة بحزن متذكرة مرض والدتها ورحيلها عنها منذ الصبا وزواج والدها في نفس يوم رحيلها فاعتبرته خيانة عظمى لأمها،  مسحت عايدة دموعها بحنان بالغ استشعرت به أمومتها لتستمع لكلماتها التالية:-
كان عندك وقتها 15 سنة ومازن 4 سنين.. ومكناش نقدر نصارحك بالحقيقة واتفاجئنا بكرهك ليا بس قولنا مع الوقت هينتهي بس للأسف محصلش.. نظراتك ليا كانت بتكوي قلبي يا منة وإنتِ بتجددي احساسي بالخيانة لما اتجوزت نادر حب حياتي.. وفضلت عمري كله زاهدة في الجواز لحد ما ربنا كتبلنا اللقا تاني.

تلجلت منة في حديثها بصوت خافت:-
أنا... أنا مكنتش أعرف.... أنا آسفة

هزت عايدة رأسها متمتمة بحنان:-
أنا مش محتاجة أسفك يا منة.. أنا كل أملي تفهمي تصرف ياسين وتبدأي معاه من جديد لأنه يستاهل حبك زي ما انت كمان تستاهليه... متضعيش من عمرك لأن اللي ضاع عمره ما هيتعوض... الغلط من الأول كان معاكِ لأنك محططيش حدود في التعامل معاهم وده كان سبب في الخلل اللي حصل.

زمت شفتيها بمعارضة تستنكر:-
إزاي يعني الغلط مني.. هو حد قال لآسر يحبني وأنا عمري ما بينت ده.؟!

أجابت عايدة بتوضيح:-
تصرفاتك هي اللي فهمته كدة.. هزارك معاه بغير أسباب.. ضحكك.. كلامك معاه بدون حدود كان أصل المشكلة عشمه زاد واتكون عنده اعجاب بيكِ وفجأة اعترف لنفسه بحبك.. زي غلطتنا أنا وأميرة لما قبلنا نصاحب ولد في اطار الصداقة مش أكتر.. قلبنا مش بايدينا يا منة.. دايمًا بيدور على الاهتمام.. على الحب.. على الأمان... واحنا لقينا الأمان مع الشخص الغلط فقلبنا تلقائي مال ناحيته... لكن لو كنا عملنا حدود في تعاملنا مكناش حبيناه ولا اتعلقنا بيه بالشكل ده..  مشاعر الصداقة دي جزء من مشاعر الحب.. وطبيعي الصديق يهتم ويساعدك  يبقى أمانك.. يسمعلك... يحل مشاكلك ويقف معاكِ في محنتك فازاي مش هتحبيه بقى!!.. إذا كان دي هي الصفات اللي عايزاه في شريك حياتك أصلًا.. مسمعتيش قبل كدة عن الزميل اللي حب زميلته المتجوزة علشان بتهتم بفطاره كل يوم بخلاف مراته اللي نايمة تعبانة ومش قادرة تعمله فطار!!
مسمعتيش عن البنت اللي حبت المعيد بتاعها علشان بيعاملها بطريقة كويسة وبيديها اهتمام في اطار المحاضرة ودايمًا يشجعها كأب ليها..!!

طب مشوفتيش الشاب المعجب بزميلته المتجوزة اللي بتيجي كل يوم الشغل في أحلى شكل وبتهزر معاه بدافع الصداقة مش أكتر.!!

كل الحالات دي يا بتنتهي بكسرة القلب يا الوقوع في المعصية اللي نهانا عنها ربنا اللي قال ولا متخذات أخدان..إزاي يكون قدامك كل أصناف الأكل اللي بتحبيها متقدمالك على سفرة كبيرة ومتمديش ايدك تاكلي حتة!!!

كذلك الشباب بيحبوا الاهتمام بادق تفاصيلهم ممكن عكس البنات في حاجات بس الأصل موجود..فمفروض على كل واحد فينا يحفظ قلبه ويبعده عن كل الشبهات دي ويقفل عليه ويخاف عليه من الوجع او المعصية....غلطنا لما سيبنا نفسنا من غير خطوط حمرا نمشي عليها ومشينا ورا الموضة والتفتح اللي بقى مالي الدنيا ونسينا إن كل حاجة ربنا حرمها علينا كانت بتتسبب في آذى كبير لينا..يارب نفوق من غفلة الغرب دي ونرجع لاصولنا ومبادئنا وشريعتنا اللي بتميز دينا وكانت سبب في فتنة الغرب لينا بسبب حقدهم وغيرتهم من دين الحق اللي اقسموا على تشويهه معانيه واحنا للأسف ماشيين على الخط المرسوم لينا وهننهي على دينا بايدينا..

انهت عايدة حديثها وهي تشعر بالخجل من نفسها لما فعلته سابقًا وتركت قلبها ليقع في الحب بكثرة الاختلاط وأباحت نفسها للحديث مع الشباب تحت اطار الصداقة، تفاجأت بمن تضمها بقوة متنهدة بين أحضانها  تبتسم متفهمة ما قالته فربما هي السبب لاعجاب آسر بها بحديثها العفوي معه دون قصد،  بادلتها عايدة العناف برفق ودموعها تتلألأ بعيناها فاخيرًا حازت على حب ابنتها الكبرى وكان زوجها يقف خلف الباب يتابع حديثما فرق قلبه وسعد بحديث زوجته يتنهد براحة بعدما ندم وتاب لربه على ما فعله سابقًا وهي كذلك معه فكان العقاب قوي على كليهما. 
 
خرجت من شرودها وما زال شرودها يسيطر عليها هل ستسطيع الزفر بحبه من جديد بعدما تفهمت موقفه أم سيتخلى عنها مجددًا حتى لا تنقطع علاقته بصديق عمره؟!

☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

إذا كانت مواجهتها ضربًا من الحنان ومشاعر الأمومة فمواجهة والده ستكون النقيض تمامًا،  خشنة،  قوية،  كالند بالند،  لا مجال في حياة ابيه للعواطف يستنكرها ويستضعف احساسها اللهم إلا بعض اللحظات الأبوية التي تجمعهما معًا منذ صباه،  اعتاد اباه صلدًا،  قويًا،  مثابرًا،  يقف ثابت كالطود أمام أي مجابهة ليس كما فعل وفرّ هاربًا وبالتأكيد سيجد سيل من التوبيج بانتظاره من والده الصارم،  استمع لصوته الحازم بالدلوف بعدما طرق الباب،  تنفس بعمق وقد عادته اليه روحه المرحة بعدما تصالح مع والدته فلا بأس من  بعض المشاكسة التي قد تثير غضب والده!
دلف بهدوء أقرب للبطئ بينما لم يرفع محسن عيناه عن ملفه الذي يتفحصه بتمعن ظنًا منه أنها الخادمة أتت بقهوته المعتادة،  رفع نظره في سرعة يتعجب تأخرها ليجفل بصدمة من وجوده أمامه،  دق قلبه بعنف يخشى أن تكون تلك النهاية،  لكن بقى شامخًا ينظر له بثبات مقنَّع يقبع خلفه أبًا مكسور انحنى ظهره بهجر أولاده واحباءه،  هتف محسن بحزم ولكن خرج بنهاية بنبرة تشوبها العتاب:-
خير... أخيرًا اتكرمت علينا وطلعت من عزلتك.. ولا فيه كلام تاني حابب تضيفه على اللي قولته.

والده سيكون أكثر عتابًا أكثر قسوة قليل العفو وهو محق،  عكس والدته التي نست كل شئ في سبيل بقاءه،  التزم الصمت وراقب انفعالات والده الذي يحاول جاهدًا لخفيها،  يشعر به متألمًا،  مقهورًا،  كلماته التي قالها ما زالت تتردد بين أذني والده كالسوط ونعته بالكاذب والمخادع واتهامه بمعاملته القاسية معه لأنه ليس بابنه،  لا يعلم هذا الأحمق أن هكذا تكون الاباء،  اهتمام يغلفه تجاهل،  حنان يغلفه قسوة،  حب يغلفه قوة،  يريده صلدًا،  قائمًا،  لا ينحني شامخًا في مواجهة الأمور ونواصبها،  يريده صارمًا ليس لينًا حتى يصارع تخبطات الحياة وتقلبتها،  يكن مقدام ليس متكاسل العزيمة.

تنحنح هاتفًا ببعض الحرج يتأمل شرود والده:-
بابا أنا...

بتر جملته بسخرية يملؤها الكثير من الألم وبأعين ترمقه بقوة هتف:-
بابا ايه بقى... مش أنا مطلعتش أبوك وانت كنت عايش حياتك كلها في خدعة كبيــــرة رسمناها عليك وعملتنا غرب في لحظة..!!

ابتلع غصة مريرة بحلقه عقب حديثها بمرارة وحسرة ليشعر بها جاسر ليتقدم بضع خطوات من مكتبه يقف أمامه وقد كسى ملامحه الألم يبرر:-
مفرود حضرتك تكون مقدر موقفي... أنا واحد من يوم وليلة اكتشف  في لحظة إن حياته كلها مجرد كدبة صعب استيعابها وكلامي وقتها كان بسبب غضبي.. حضرتك شيلتني اسمك وربيتني في بيتك وده جميل عمري ما أقدر أوفيه أو انكره.

نهض محسن من مكانه سريعًا يرفع يده عاليًا ينوي صفعه بقسوة لينكس جاسر رأسه يغلق جفونه باستسلام،  ارتعشت يده المعلقة ليطبقها  ببطئ وحسرة يهبط على وجهه بصفعة خفيفة نقلت رعشة يده الى جاسر المنحنى أمام والده باحترام،  رفع رأسه بصرامة مصطنعة غير مسيطر على رعشته:-
جاسر محسن الشرقاوي مبينحنيش لأي حد مهما كان مين... إنت سامعني؟!... سامـــــع..؟؟

كرر كلمته بتأكيد ليهز جاسر رأسه مسرعًا بطاعة كطفل صغير وقد تلألأت الدموع بعينيه،  شاكسه محسن وهو يضربه بخفة على وجنته يمنع بصعوبة هطول دموعه:-
وبعدين مسمهاش جمايل يا حمار... مفيش بين الأب وابنه ديون بتتسدد.. ده واجب بيقدمه الأب لعياله بكل حب وبيتاخد بدون مقابل..  فهمت... فهمت يابني..

ختم جملته ببسمة واثقة يؤكد لنفسه قبله أنه ابنًا له مهما اختلفت الظروف والأقدار،  ليهز جاسر رأسه مسرعًا للمرة الثانية يتمتم ببسمة مرتعشة ودموعه بدأت بالهطول:-
فهمت..

ربتت على كتفه بمؤاذرة قبل أن يضمه اليه بقوة يحتمي كل منهما في الأخر يستمدان القوة من بعضهما،  انجرفت مشاعر محسن بغبطة سعيد بابنه ليخرجه من أحضانه مسرعًا مانعًا نفسه من التأثر ليبتسم له جاسر متفهمًا يتنهد براحة لحصوله على السماح من والده ،  وما هي إلا ثوانِ حتى أعلنت الخادمة عن وصول زائر هام يطلب مقابلة جاسر،  طلب منها محسن أن تسمح له بالدخول لعلمه هويته ليطل عليهما من الباب ساهر الذي سار يخطو بخطواته صوب أخيه بتروي الذي اتسعت عيناه ذهولًا من وجوده، وقفا أمام بعضهما  ليجمعهما مشهد مجددًا لكن هذه المرة جمعهما شيئًا أخر مختلفًا عما سبقه من ضغينة وحقد وغيرة!

☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

صدرت منها ابتسامات خافتة على استحياء مستمعة لكلمات الغزل الذي يغدقها بها عبر الهاتف وقلبها يخفق من بين أضلعه برجفة محببة تحيي عضلاته وتقويه،  أفاقت من هيامها على نبرة صوته المتذمرة:-
إنتِ سرحانة في ايه وسايباني أهاتي كدة.. مطمرش فيكِ الكلمتين اللي حافظهم يا بنت عم محمود... فعلًا ستات خنيقة..

اتسعت حدقتاه بذهول مما يقول تهتف بعدم تصديق مشيرة على نفسها بغيظ:-
أنا خنيقة يا حسن!

صاح بتبرم من الجهة الأخرى وضحكة متهكمة:-
أهو ده اللي أخدت بالها منه بعد قصيدة الشعر اللي كنت بقولها.. مش بقولك ستات خنيقة.. ده كفايا تمن المكالمة اللي بالشيئ الفلاني... خسارة فيكِ يا معفنة..

رمشت بأهدابها بعدم استيعاب لما يقوله ترفع الهاتف عن أذنها تتأكد أنها تحادثه بعدما تبدل حاله من عاشق ولهان لرجل مصري أصيل يحتقر النساء جميعًا،  صاحت به دون تفكير تبرر بخفوت:-
كنت سرحانة فيك يابو علي والله..

شخصت بعيناها للمرة التي لا تعلم عددها تكاد تخرج من محجرها تسب نفسها لاعنة غباءها وذلة لسانها بما هتف به قلبها دون أن تدري،  استمعت لضحكاته الرنانة تتبعها كلماته المزهوة بنفسه:-
طب ما أنا عارف.

كزت على أسنانها بغيظ تغلق بوجهه وهي تسبه هو الأخر تحت ضحكاته الصاخبة لكن سرعان ما ابتسمت بحالمية تضم الهاتف الي صدرها عائدة لهيامها مرة أخرى،  انتفضت بغتة آثر تلك التي قذفت بجسدها تجاه الفراش جالسة بجانبها تتابعها ببسمة ماكرة لتكز على أسنانها مرة أخرى فيبدو أنها لن تنعم حتى برؤيته في مخيلتها كما تتمناه حقيقة،  صاحت بنزق:-
ايه.. دبشة بتترمي على السرير.. مفيش رقة كدة خالص!

رفعت حاجبيها باستخفاف لما تقوله ترميها بنظرات ذات مغزى تتبعها كلماتها المستهزأة:-
شوف مين بيتكلم!!.. ده إنتِ تسمعي عن الرقة سمع خير كدة.. ومتعرفيش عن رومانسية غير من الأفلام التركي يا معفنة... بركاتك يا شيخة حسن... اوعدنا يارب..

رفعت يدها لأعلى بدعاء عقب حديثها لتنكزها آية بخفة في ذراعها بغيظ فتأوهت الأخرى بمرح تداعب حاجبيها باستفزاز،  ضيقت عيناها بوعيد وسرعان ما هتفت بمكر مصاحب لغمزة مرحة:-
والله الواد مدلوق لشوشته بس إنتِ اللي تقلانة عليه يا برنسيسة.

تخضبت وجنتيها بحمرة خفيفة تهتف بشئ من الخجل:-
مين؟.. قصدك سليمان؟!

ضربت منكبيها بخاصته تتابع برقة مصطنعة تقلدها:-
أيوة يختي.. سليمان.. ايه مش ناوية تبلي ريق الواد وتوافقي... ده مصر كلها عرفت إنه طالب القرب بس إنتِ بقى...

ابتسمت بخجل وأعين ناعسة تهز كتفيها تتظاهر بعدم الفهم مغمغمة:-
أنا ايه؟!

_ إنتِ هتستعبطي يا بت.. هو مش الواد طلب ايدك قبل ما يسافروا وبقاله أكتر من شهر مستني ردك ولا البعيدة معندهاش دم.

صاحت بها آية بحنق لتشرد ندى بحالمية لنبرة صوته المتلجلجة حين ذاك وارتباكه الواضح وهو يطلبها من أخيها قبل سفرهم يصرح برغبته بالزواج منها وعيناه معلقة بها بحب دافئ زلزل ثباتها لتتسلل حمرة الخجل اليها هاربة من المكان حتى لا يعرف أحد خبيئتها التي اكتشفتها هي توًا فيكفيها نظراته الحانية وأسلوبه الرقيق كطفل كبير ودفء كلماته التي بعثت في قلبها شئ جديد تختبر شعوره لأول مرة وهذا الذي تتواثب دقاته بين جنباتها كلما تذكرت ذلك التصريح المفعم بالحب ورغم قلة حديثهما وقلة اختلاطهما إلا إنها كانت تكاد تقفز فرحًا باختيار قلبها بمن صار له مالكًا طواعية منه وبرضا تام منها.

خرجت من شرودها على يد آية التي نكزتها بقوة أكبر تنظر لها بتشفٍ ترد لها فعلتها قائلة بمداعبة لحاجبيها:-
اللي واخد قلبك يا نادو.

اكتشفت لتوها أنها كانت مبتسمة بهيامها لتفرك يدها بتوتر تفصح عن مكنون صدرها باستحياء:-
بصي.. هو الصراحة.. أنا موافقة..

هتفت بها سريعّا تمنع نفسها من التمهل فقد استخارت ربها وشعرت  بالراحة والسكينة فاتخذت قرارها،  تهللت آسارير آية بسعادة بالغة تضمها اليها بقوة مباركة:-
مبااااارك يا نادو.. أخيرًا هنفرح بيكِ يا قلبي.. يا بخته بيكِ والله.. ده هياخد نسمة.

تواثبت دقات قلبها مشكلة بسمة رقيقة تضاهي ملامحها فرحًا لتتأكد من اختيارها لتهتف بعدها على استحياء عندما استمعت لجملتها الأخيرة:-
مش أوي كدة.. هو برده باين عليه كيوت وهادي في نفسه وحنين!!

_ يا حنينة..!!

قالتها آية ترفع شفتها العلوية باستنكار مرح لتتناول ندى الوسادة بجانبها تقذفها بها بغيظ من عفويتها وخجل يعشعش بمنتصف وجنتيها،  تعالت ضحكات آية بصخب متذكرة كلماتها العفوية مع زوجها لتشاركها ندى الضحك بمرح وفرحة تحوم بالأجواء. 


☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

_مريم فينها يابوي.. سألت عليها الخدم ميعرفوش عنيها حاچة؟!

كان سؤالها به قدر كافي من الغيظ لغياب ابنتها دون إذنها كأنها ليست مسؤولة عنها،  رمقها  بصمت  بحاجبين يكادان يلتصقان بجفنيه بهرم وعمامته ملتفة حول رأسه باحكام وقوار متجلي بين حدقتيه وهو يجلس خلف مكتبه وعصاه الابانوس تقبع جانبه يتكأ عليها بقبضة يده، نبس بما لا يرضيها وهدوء يغلف صوته:-
مريم ادلت مصر تقف جار داليا وبتها في محنتهم.. الله يصبرهم ويقويهم..

لمح السخط يعتلي ملامحها تتبعها بكلمات مقتضبة:-
عايزة تشغل بتي عنديها خدامه إياك!.. كيف يعني؟! وكيف تهمل بيتي من غير إذني؟!

حدجها بنظرات قوية كانت كفيلة باخراسها لتبقى بملامح مكفرة تستمع لكلمات والدها القوية بعدما ضرب بعصاه أرضًا:-
وبعدهالك يا حسنة.. محدش بقى مالي عينك خلاص!!  سوقتي العوج وناسية إن أبوكِ لساته عايش بصحته وكلمته تبقى الأولى والأخيرة في البيت دِه..

_بس يابوي.

صاخت معترضة بضيق لتحتد نبرته أكثر يقطع كلماتها بقوة:-
دَه بيتي أني.. بيت علام القناوي عمدة البلد وكبيرها اللي كلمته بتمشي على الكل.. غصبن عن عين التخين ولو كنتِ مفكرة إن شيبت وخرفت؟!  تبقي غلطانة يا بت علام.. أنا واعيلك زين... واللي ربي خير من اللي اشترى يبت علام!

استمعت لحديثه مغتصبة لترسم بعدها بسمة سريعة تمتم ببرود لاح على قسماتها:-
ربنا يطولنا في عمرك يا عمدة.

انسحبت بهدوء ظاهري عكس تلك البراكين المتأجحة بداخلها تغلي من فرط الغيظ والمقت تقبض على يدها بغضب وعيناها تلمع بحقدٍ دفين وزمامه تكاد تنفلت منها.

راقبها بجمود ونظرة غامضة أثناء رحيلها لتلين ملامحه تلقائيًا بحزن بعدها يدعو ربه خفية أن يعاونها على نفسها الأمارة بالسوء وينهي تلك الضغينة التي تحملها بقلبها الأسود،  على رنين هاتفه فتشكلت بسمة محبة على ثغره وهو يجيبها:-
اتوشحتك يا قلب جدك.. كيفها داليا والبت الصغيرة؟

أجابته مريم من الطرف الأخر وهو ترتدي معطفها الطبي ببسمة مطمئنة:-
الحمد لله يا جدو بخير بيسلموا عليك... و... ساهر كمان كويس!

تلجلجت في جملتها الأخيرة بشئ من الأرتباك ليتنهد الجد بهم على هذا حفيده العنيد ذو الرأس الصلب،  هتفت مريم برجاء بعدما طال صمته:-
ما كفاية خصام بقى يا جدو.. ساهر عرف غلطه كويس وندم على كل اللي فات.. علشان خاطري خليك جنبه.. هو طول عمره بيستقوى بيك... متقساش عليه أكتر من كدة.. كفاية اللي هو فيه.

التزم الصمت لبعض الوقت فلم تسمع سوى صوت أنفاسه المنتظمة ليتنهد بعدها بصوت مسموع يهتف بلين:-
خاطرك غالي عليا يا قلب جدك.. واوعاكِ تفكري إنِّ مهمله..  أني عيني عليه طوالي.. ده من ريحة الغالية والقسوة اللي عتقولي عليها دِي.. هي اللي هتفوقه وتخليه يفوق لحاله ومرته وبته..وبكرة تقولي جدك قال.. ربنا يهدي سرهم ويجمعهم عن قريب..

آمنت على حديثه ببسمة حانية لذاك الجد الحنون ليتساءل بعدها:-
هتاجي ميتا إن شاء الله.

عبست ملامحها مبررة بتروي:-
أنا مش هرجه البيت دلوقتي يا جدو.. أنا محتاجة أبعد شوية.. كان جالي تطوع من فترة لمستشفي بدوام كلي لرعاية المرضى فتطوعت.. حضرتك أكيد فاهم الموضوع ده هيفيدني في دراستي أد ايه وهتعذرني..

أماء بحزن يهتف بموافقة:-
ربنا معاكِ يا بتي.. ويوفقك في شغلك يا داكطورة.

ابتسمت بتنهيدة مطمئنة لتمر لحظات حتى آتى من استداعها لتودع جدها على وعد بلقاء قريب،  كادت أن تخرج من الغرفة تلبي النداء لتجد من يدخل عليها يحملق بها بنظرات توحي بالكثير!

☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

أغلق الهاتف بعد سيل آخر من الضحكات على زوجته الحبيبة ثم توجه صوب مكان جلوسهم في كافيه مشهور بهذه البلد الغريبة ليجلس بجانب آخيه الذي نظر له بحدة وتعصب فتساءل باستنكار:-
ماله ده؟!

رماه بنظرة مغتاظة يعلم جيدًا أنه يفهم عبوسه فصاح محتجًا بحدة:-
حسن ده شغلي واللي انت بتعمله ده غلط.. احنا مش بنلعب هنا... ولو فاكر إنك هتوقفني عن اللي في دماغي أنت واللي جنبك ده يبقى بتحلم.

رمقه بآسر بسخرية واستهزاء يتأكد من خطوته باخبار حسن وسليمان بنية ياسين وما ينوي أن يفعل وهذا سلب اشتعاله بينما رمقه حسن ببرود يقلب عيناه بلامبلاة هاتفًا بهدوء يحسد عليه وهو يستريح بجسده على المقعد:-
بلاش نبرة الظابط دي معايا يا ياسين.. إنت عارف كويس أوي إن وافقتك على اللي ناوي تعمله لما رضيت بسفري معاك.. لكن تغفلني وتمشي في الحوار من ورايا يبقى انسى يابن وأمي وأبويا.

انهت جملته مصدرًا صوت ساخر من حنجرته وما كاد ياسين يعترض مرة أخرى حتى أشار حسن بسباته تجاهه ينهي النقاش بجد ونبرة قوية:-
احنا اتفرقنا زمان يا ياسين.. وصدقني مش هسمح للحصل قبل كدة يتكرر تاني ولو على رقبتي وأديني بقولك أهو.. يانبقى كلنا سوا يا همنعك تكمل حتى لو غصب عنك.. وده آخر كلام عندي.

لم يستطع ياسين التحدث بعدها فهو يخشى عليه وعلى اخوته جميعًا فليقي بنفسه الى التهلكة تضحيةً لهم ولن يبالي لكن الأن؟!،  هتف سليمان بهدوء يحاول اقناع ياسين بعدما صمت يستمع لهما منذ البداية:-
حسن معاه حق يا ياسين.. محدش عارف بكرة فيه ايه... واحنا واثقين فيك وعارفين إنك تقدر تدافع عننا كويس بس خوفنا عليك غالبنا.. أرجوك فكر كويس واحنا في الأول وفي الأخر عمرنا ما هنسيبك. 

تأثر ياسين بحديث سليمان ونظره له بحب وامتنان لهذا الصغير خاصتهم رغم عمرهم المتساوي،  التفت صوب الأخر مسرعًا عندما استمع لنبرته المتأثرة وحزنه الشاجي:-
متحرمنيش من لمتكم حواليا يا ياسين.. ولو هختار بينكم وبين أي حاجة تانية.. هختاركم إنتوا قبلي.. مش عايز أخسركم بعد ما لقيتكم واتحميت فيكم.

تشكلت بضع دمعات خفيفة في عيونه تأبي الهطول وقلبه يختلج بخوف على أخوته ليرمقه ياسين بتأثير مشابه يشعر بما يعاصره ليبادله ببسمة صامتة فهما مغذاها جيدًا دون سواهما،  كاد أن يتحدث آسر بمرح ليتناهى على مسامعهم صراخ أنثى تطلب المساعدة.. التفتوا بقامتهم في المقهى الفارغ لا يوجد به غيرهم وهذه الفتاة وهؤلاء الشباب الذين يتطاولوا عليها،  ارتفع صراخها لينهض حسن مسرعًا بزمجرة يود تلقين هؤلاء الحمقى درسًا،  نهضوا تباعًا متوجهين صوب تلك الفتاة التي تحت قبضة يد أحدهم يقربها اليه، انتشلها حسن من قبضته يقف أمامه يلكمه بقسوة فتراجع الراجل بضع خطوات،  التمعت عينا الرجل بالشر وقد سيطر الغضب عليه فقد كانت بنيته قوية كالمصارعين هو وأتباعه فتقدموا منهم وقد كانوا يفوقهم عددًا،  وقف أربعتهم أمام هؤلاء المصارعين باجسادهم فقد كانوا خمسة أشخاص، بدأت المناوشة واشتد الصراع بينهم وكانت غير عادلة بالمرة فقد كسر أحدهم أنف آسر وانسدلت دماءه تزين وجهه بينما كُسرت نظارة سليمان الطبية الذي كان مساويًا لقوة أخوته لكن تلك النظارة كانت كالعائق فأصبحت الرؤية مشوشة بعدما نزعها أحدهم عن عينه وأطاح بها بعيدًا فوقعت مكسورة،  وبينما كان هو يحاول البحث عن عويناته وكانت هناك  عصى قوية بيد أحدهم متوجهة صوب رأسه بالكاد سيبقى صامدًا بعدها ليستمع الى صراخ ياسين باسمه يحثه على التراجع، فالتفت بعدم فهم ليتفاجأ بمن يقف أمامه يمنع تلك العصى عن الوصول اليه يجعلها تهبط أعلى ذراعه يدفع سليمان جانبًا،  تأرجح سليمان أرضًا لتقع يده على عويناته،  ليرتديها مسرعًا ينهض معتدلًا يرى من كان يدافع عنه ليتمتم بصدمة الجمت حواسه:-
جاسر...!!

كان ياسين نظره معلق على سليمان بخوف فلم ينتبه لذلك الذي كان ينقض عليه من الخلف فوقع صريعًا قبل أن يصل اليه،  ليلتفت اليه مجفلًا لتكون صدمته مضاهية لأخيه عندما حملق بمن يدافع عنه بجسارة :-
ساهر....!!

_يتبع_

حماسكم اللي مش موجود زود احباطي يا جماعة🥲🥲 كنت متخيلة حماس أكتر من كدة🙂💔

آسفة على تأخيري بس امتحاناني قربت جدًا ورغم مشغولياتي بحاول ألاقي وقت أكتب فصل أكبر بس للأسف مفيش تشجيع.

بتمنى تقولولي رأيكم في الفصل وتوقعاتكم ف اللي هيحصل للخمسة؟؟

☆ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ☆

قدرهم المرتبط معًا جعلهم في أوج لحظات قوتهم عند أكثر اللحظات ضعفًا وسرهم الخفي أنهم عصبة واحدة معًا وللأبد. ❤

#الأسـود_الخـمـسـة

Ipagpatuloy ang Pagbabasa

Magugustuhan mo rin

461K 26.1K 36
قصه حقيقيه لثلاثه ريحانات لكل ريحانه قصه مختلفه تأخذنا لنغوص في عالم مختلف
1M 76.7K 57
تم تغير اسم الرواية من مجنوني الأنباري الى سجين الحب من بين الناس جميعاً، وفي شدة العتمه التي كانت في قلبي عندما غَدُرتُ من الحبيبه والصديق، ولم اعُد...
230K 10.3K 40
_هلي أحن أليكم ثم أتذكر أنكم ظلمتوني فأصمت وجعآ _ماكنت أحسب هلي يرجون لي ألمآ لاكن رموني بسهمآ هد أركاني *********** _هل انته عوضي عن كل أحساس وحش حس...
68.5K 4K 16
قـلبٌ مرتجف عِيـونٌ دامعة صوتاً واهناً لهيذماً قويـاً عسراً ، أين ذلك الذئب الذي طغى ؟ عند رؤيته لها بذالـك الاسى همس بصوتٌ مرتجف : - شريانٌ هي ب...