عيب ومثالية

Av itsmaribanks

339K 29.4K 5.3K

"تكتمل مثاليتنا بعيوبنا" طالما شعرت أوليفيا بأن لا فائدة منها، وأنها شخص ميؤوس منه لا غير. ما لم تكن تدركه... Mer

بداية
1- أصدقاء جدد
2- أطفال صغار
3- التخييم
4- إحتجاز
5- يوم متعب
6- مبيت
7- عيد ميلاد
8- مباراة
9- شجار
10- ثيو المتحرش
11- إعتراف
12- الإبتلاع
13- إمتنان
14- في المكتبة
15- آخر يوم بالأسبوع
16- ضعيفة
17- حفلة تامارا
18- الفصل الثاني
19- موافقة
20- الحفل الممل
21- مثالية
22- أمسية ماطرة
23- صدمة
24- المباراة الحاسمة
26- إختفاء مفاجئ
27- دعوة عشاء
بارت خاص | روبي وإيثان
28- لقاء العائلة
29- السيدة جوزيفين
30- آسف
31- ليفاي بلاك
32- سأحرص على أخذك إلى النجوم
33- إلى النجوم
34- على السطح
35- هروب
36- لا تنقذيني
37- ابتعد
38- بداية جديدة
39- مجددا
40- لقاء الرفاق
41- سنغرق
42- أمسية كارثية
43- من الغسق حتى البزوغ
44- النهاية

25- إعتذار

6.5K 514 58
Av itsmaribanks

:)

__

جايك

تراجعت ببطئ أغادر المدرج بعد إنتهاء المباراة؛ كنتُ أشعر بالسعادة لأجل صديقاي، فوز الفريق كان ساحقا وهذا جعل الفخر يحتلني بهما، بإيثان وراين. لكني لم أستطع البقاء هناك أكثر، ليس وأوليفيا تنظر إليّ بتلك الطريقة، الخيبة ما تزال تصدر من نظراتها وهذا يجعلني أشعر أني وغد أكثر مما أشعر به بالفعل.

أطلقت تنهيدة ثقيلة عندما كنتُ أسير في الرواق أتجه نحو خزانتي، فتحتها ألتقط حقيبتي فلا نية لي في البقاء وإنهاء جميع الدوام، لذلك بهدوء توجهت خارج المبنى وركبتُ سيارتي أقود بشرود؛ تبا! أنا حتى لا أدري إلى حيث أقود.

رنّ هاتفي في جيبي يجعلني ألتقطه وأفتح الخط ليأتيني صوت إيثان من الطرف الآخر:"أين أنت يا رجل؟ ألن تأتِ لنحتفل؟" تنهدت بخفة وإضطررت للرد بهدوء -بالنظر إلى حالتي في تلك اللحظة-

"لا أستطيع" أجبت بإيجاز، نبرتي كانت خالية ولا مشاعر بها، سمعته يصدر همهمة بينما يفرقع فقاعة العلكة، إيثان والعلكة. تكلم بعد لحظات من الهمهمات الغير مفهومة:"ما تزال تحاول إيجاد حلّ للإعتذار؟" كانت كلماته تحمل مغزى، كان يعلم بالأمر وأخبرته بذلك في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.

نظري كان منصب على الطريق أمامي أجيبه بشرود:"لا أعلم" ويبدو أن إيثان أصبح خالي من الأفكار الآن، أطلقت تنهيدة أخرى ونطقت:"أراك غدا، أو ربما مساءا، لا أعلم"

"أراك يا صاح" ردّ بنبرة هادئة، ثم أغلق الخط. أطلقت زفرة متضايقة ووجدتُ نفسي أوقف سيارتي أمام المنزل، مالذي سأفعله في المنزل بحق الإله؟
ترجلت من السيارة أضع المفاتيح في جيبي وأرمي حقيبتي فوق كتفي لأسير نحو مدخل المنزل.

"عدتَ مبكرا، لا دوام؟" كانت ماتيلدا هي أول من إستقبلني بمجرد دخولي المنزل، هززتُ رأسي بخفة أصعد السلالم دون أن أهتم كثيرا، تحدثت بصوت هادئ:"شعرت بالتعب فحسب، لذا تغيبت" خطواتي كانت سريعة على الدرج، وتحدثت ماتيلدا مرة أخرى بإستنكار تجعلني ألتفت لها، حاجبيها كانا معقودين:"هل أنتَ بخير جايك؟" نظرتها أجبرتني على رسم إبتسامة صغيرة وهززتُ رأسي مؤكدا:"أنا كذلك، سآخذ قسطا من الراحة" إلتفتّ بسرعة أمنع عنها أي فرصة أخرى لتسألني سؤال آخر، وتوجهت نحو غرفتي.

رميت الحقيبة بإهمال على الأرض بعدما أخذت دفتر الرسم خاصتي، أحمله وأتجه للجلوس على طرف السرير، أخذت نفسا عميقا أملأ رئتاي بالهواء وترددت للحظات قبل أن أقبض على أصابعي بقوة أغمض عيناي ثم أعيد فتحهما، بهدوء مددت يدي وفتحت الدفتر حيث الرسمة التي رأتها أوليفيا، تبا! كنتُ ألعن نفسي لأني أتصرف مثل وغد حقير، كنتُ أعلم ذلك لكني فقط لا أستطيع منع نفسي، آسف أوليفيا فليس هذا ما أقصده، وليست هذه هي الطريقة التي عليكِ رؤيتي بها.

زفرت بغضب وأغلقت الدفتر بقوة أرميه جانبا، لا يجب عليّ أن أفعل ذلك، لا يجب أبدا.

وقفت أخلع سترتي وأرميها بإهمال على السرير، إتجهت ناحية الحمام والرسمة ما تزال في عقلي، كيف عليّ التخلص من هذا الآن؟
وقفت أمام المرآة وفتحت الصنبور في حوض المغسلة أملئ كفاي وألقيه على وجهي، عليّ إيقاظ نفسي من هذه السخف!

زفرت أنظر إلى إنعكاسي في المرآة، أرى ملامحي التي بدت عادية، أنت وغد جايك، حدثتُ نفسي أشدد على قبضتاي حالما تذكرت جملة أوليفيا "ظننتكَ مختلف" هززت رأسي يمينا ويسارا، لقد كانت ترتجف، سحقا جعلتها تبكي، لقد جعلتُ أوليفيا تبكي دون أن أحرك ساكنا، لماذا لم أحتضنها في تلك اللحظة فحسب؟ هل كان ذلك ليشكل فارقا؟

إتجهت للوقوف تحت المرش بعدما خلعت ملابسي أترك المياه الدافئة تنزل على جسدي، أغمضت عيناي أستشعر الماء على بشرتي، كنتُ أود غسل دماغي وطرد تلك الأفكار عن ذهني، أردت فقط أن تعود الأمور لما كانت عليه ولكن لا أعلم كيف. صورة أوليفيا تبكي وهي ترى الرسمة لا تنفك تغادر ذهني، ضميري ما يزال يؤنبني لأني السبب، أنا من سبب لها الأذى عندما كانت تظن بأني آخر شخص قد يقدم على فعل هذا لها.

إشتدت قبضتي الموجهة على الجدار أكثر بمجرد تفكيري في هذا وأخذتُ نفسا عميقا أفتح عيناي وأسشتعر رموشي المبللة، يجب عليّ إصلاح الأمر، بأية طريقة؛ يجب عليّ ذلك.

__

"إنها تتجاهلك" تحدث إيثان بجانبي يحدق حيث كانت أوليفيا تسير بجوار روبي قبلنا، تسبقاننا ببضع خطوات، لقد كانت تعلم بأني أسير خلفها وتظاهرت بأني غير موجود البتة. "أعلم إيثان، لا داعي لتذكيري في كل مرة" قلت بإنزعاج ورفع إيثان أحد حاجبيه يتناول أحد أعواد الشوكولاتة خاصته:"متى ذكرتك كل مرة؟ إنها أول مرة أقول هذا" رمشتُ أمامه عدة مرات أجعله يحدق بي بتعبير مرتاح وتمتمت:"قلتها مرتين"

"مرة، جايك" تحدث يتناول عودا آخر يجعلني أزفر تحت أنفاسي:"قلت مرتين" عيناي كانتا على أوليفيا التي دخلت صفها للتو بعدما ودعت روبي. وضع إيثان يده على كتفي يضغط برفق ويتحدث:"كل شيء سيكون على ما يرام جايكي" أومأت بهدوء ثم إفترقنا بمجرد أن وصل الصف هو الآخر، صفّ أوليفيا.

تابعت السير وحدي بشرود عندما سمعت صوتا خلفي:"جايك مهلا" إلتفتّ أرى تامارا خلفي، كانت تسرع خطواتها للحاق بي. "صباح الخير" قالت بمجرد أن أصبحت أمامي، إبتسامة ساطعة صدرت عنها وبادلتها بأخرى خفيفة. "كيف حالكِ تامي؟" هزّت كتفيها:"الأميرات دوما بخير" ضحكت بخفة أومئ لها:"بالطبع سموك" بدت راضية.

"بالمناسبة، لدينا صفّ مشترك في الأحياء" قالت بينما تسير بجانبي. "أجل" هززت رأسي موافقا وواصلت سيري بشرود. المخابر كانت تقع في الطابق التالي لذا تابعنا السير دون أن ينطق أي منا بأية كلمة، لاحظت نظراتها لي من حين لآخر، كانت تسترق النظر إلي، كأنها تود قول شيء ما، وربما كانت لدي فكرة عما ستقوله.

"امم جايك؟" تحدثت بتردد تسترعي إنتباهي، تجعلني أحول بصري ناحيتها، وضعت خصلة خلف أذنها:"هل هناك...- هل هناك مشكلة بينك وبين أوليفيا؟" ويا إلهي! أتمنى أن يكون مجرد تخمين.

رفعت حاجبي أتظاهر الجهل:"مشكلة؟ ماذا تقصدين؟" هزّت كتفيها تحدق في الأرجاء وتابعت:"تعلم..، لقد لاحظت مؤخرا أنكما لا تتحدثان كثيرا، ويبدو أن كل منكما يتجاهل الآخر، لا أعرف، ربما يخيل لي فحسب" تصحيح! هي تتجاهلني، ولا! لا يخيل لك أي شيء تامارا، نحن لدينا مشكلة.

"لا تقلقي، لا يوجد أية مشكلة" قلتُ بإبتسامة ورفعت حاجبها للحظة، إفترقت شفاهها لتضيف شيئا آخر لكني كنتُ أسرع ونطقت أغير مجرى الحديث:"رأيت الصورة الأخيرة لكِ على الإنستغرام"

أقسم أن تامارا نست ما كانت على وشك قوله، بسرعة توسعت عيناها ولاحت إبتسامة متعجرفة على شفتيها. "هل هي جميلة؟" ضحكت بخفة:"لماذا تسألين عن رأيي؟" نفخت خداها بإنزعاج:"أنت الخبير في الصور، قال إيثان أني أبدو سمينة" توقفت لوهلة أحدق بها بينما أرمش بصمت، أنا لم أرى الصورة، كانت مجرد جملة أطلقتها والآن عليّ أن أكون صادقا. "ماذا هناك سكتت؟ هل أبدو سمينة حقا؟ جايك تكلم" هززت رأسي:"لا، بالطبع لا تامي، إنها صورة جميلة"

"حقا؟" بدت على وشك الطيران وهززتُ رأسي لها ندخل إلى المخبر ونتجه للجلوس على المقاهد العالية.

__

إستندت على الجدار أراقب خروج الطلاب من الصف، أوليفيا لم تخرج بعد؛ كنتُ بإنتظارها. عيناي كانتا تنتقلان بين زملاء صفها تطالع وجوههم وأخيرا ظهر إيثان الذي تقدم مني بمجرد رؤيتي، ضرب كتفي بإبتسامة على شفتيه:"كنتَ بإنتظاري، يبدو أني جعلتك تنتظر كثيرا" ضحكتُ بخفة على كلامه وكذلك فعل هو، أشرت نحو الصفّ:"أما تزال أوليفيا في الداخل؟" هزّ رأسه يقلب عينيه بملل:"سببت لي صداعا حادا، ما أدراني بمسائل الدوال تلك؟ أخبرتها أني شخص يكره الرياضيات" ظللت أنظر إليه دون أي رد فعل:"اوه، هل أناديها؟"

"أعتقد أنه يجب عليّ-" قطعت جملتي عندما لمحتها تخرج من الصفّ، حزينة؛ لقد كانت حزينة. "إيثان أود أن-" توقفت هي الأخرى عن الكلام عندما وقع بصرها عليّ، إلهي قلبي قفز.

"ماذا تودين يا فتاة أينشتاين؟" نطق إيثان ضاحكا، يحاول القضاء على جوّ التوتر، جذبها من معصمها برفق يجعلها تقف حيث كنا، إهتزت عيناها وإحتقن وجهها، ليس عليكِ أن تتوتري فتاتي، سيكون كل شيء بخير. لكن النظرة في عينيها كانت تقول العكس.

"إنسَ الأمر" نطقت بخفوت تنظر إلى الأسفل وتستعد للمغادرة، لا تغادري أيتها الغبية، أودّ أن نتحدث.

"مهلا إلى أين؟" تمتم إيثان يوقفها وإبتسم بإتساع:"سأتركك مع جايك، لا يمكنني أخذك معكِ، إنضجي لستِ فتاة صغيرة" مزحته جعلت عيناها تتوسعان، غمزني إيثان وإلتفت مغادرا، أحب هذا الصديق الوغد.

"أوليفيا" تقدمت بهدوء منها، كانت خطوة واحدة فحسب. "نعم" رفعت وجهها لتواجهني، إبتلعت ببطئ ورسمت إبتسامة على شفتاي:"أودّ أن نتحدث، ما رأيكِ؟" ترددت قليلا عندما كانت تنظر إليّ، أعلم أنها تريد الحديث لكنها لا تستطيع. "فلندخل إلى الصف" أضفت بسرعة وأمسكت يدها أسحبها ورائي للدخول، أفلتها ووقفت مواجها لها.

"أنتَ--مالذي تريد الحديث عنه؟" قالت بصوت هادئ، لكنه خرج مرتجف، هي ترتجف وهذا يجعلني أشعر بالسوء أكثر. إقتربت منها أمحو المسافة التي بيننا وإلتقطت يدها، أطرافها باردة وترتجف، أردتُ إحتضانها فحسب، إلهي!

"بشأن سوء الفهم الذي حص-" قطعت جملتي عندما تحدثت بصوت مهزوز ترفع نظراتها المعاتبة ناحيتي:"لم يكن سوء فهم، جايك" توقفتُ عن الحديث أحدق بملامحها، عادت للنظر إلى الأرض وضغطتُ برفق على يدها، من الجيد أنها لم تمانع.

بللتُ شفاهي وتحدثت مرة أخرى بهدوء:"أعلم، ولهذا جئتُ للحديث بشأن ما حصل. أوليفيا أنا لم أقصد ما-" قاطعتني مرة أخرى تجذب يدها مني بقوة وتتراجع للوراء تحدجني بنظرات نارية، غاضبة؛ عيناها كانتا ممتلئين بالدموع:"لم تقصد ماذا؟ لم تقصد رسمي بذلك الشكل؟" إرتجفت شفاهها وتبلل خداها بدموعها:"أهذا هو الشيء الذي لم تقصده؟" هززت رأسي مباشرة نافيا:"كلا، كلا أبدا" قدمت خطوة منها، أخذت نفسا عميقا وتحدثت بصوت أهدء:"أعلم أني أخطأت، تصرف الأوغاد لكن-" بللت شفاهي وحدقت بها بترجي:"أرجوكِ دعيني أشرح، أنا أعني ما أقوله، أقسم أنه لم يكن قصدي ذلك" ظلت تحدق بي بصمت، تبكي بهدوء تام دون أي صوت، وتبا! أنا لا أحب رؤيتها تبكي. إقتربت خطوة أخرى:"كنتُ أفكر بِ-" لم أستطع إنهاء جملتي، شعرت بإحراج شديد، إستشعرت تصاعد الحرارة إلى وجهي، كيف سأقول ما أفكر به؟

"تفكر بماذا؟" صوتها خرج خافتا تجعلني ألقي نظرة أخرى عليها. مررت أصابعي في شعري وأخذت نفسا:"أوليفيا، أنا فقط أراكِ أجمل فتاة بالنسبة لي، لا أعلم كيف عليّ قولها، كنتُ أفكر بتجسيد أنوثتك، أردت أن أرسمكِ، لا أنكر أنه كانت لدي بعض الأفكار، لكني لم أقصد أن أؤذيكِ أوليفيا. أردتُ أن أجسد الجمال الذي أراكِ به، لكن أعدك-" توقفت عندما وجدتها تحدق بي بعيون متسعة وفم مفتوح، وجهها كان محمر للغاية، لقد أحرجتها.

"إسمعي، أنا آسف للغاية، أنا حقا كذلك، أعدك أني سأمزقها على الفور" بسرعة فتحت حقيبتي أجذب منها الدفتر، أمام ناظريها وأضعه على أحد الطاولات أمامها، تابعت:"لم أقصد أن أسبب لكِ أي ألم، صدقيني أنا أكره رؤيتك تبكين، أكره رؤية أي فتاة تبكي، كيف إن كانت فتاتي، وبسببي أنا؟ آسف لأني فعلت هذا لكِ" صوتي خرج خافتا في نهاية كلامي، كانت أوليفيا صامتة لذلك إقتربتُ خطوة أخرى منها:"أوليفيا، قولي شيئا ما" كنتُ حائرا.

"أتعني أنك--لا تملك أية أفكار قذرة؟" سألت بتردد، رأيتُ التوتر يهزّ جسدها كلّه، إبتسمت بخفة وهززت رأسي:"بالطبع لا، فعلتُ ذلك على أساس أردت تجسيد شيئا يستحق أن يطلع عليه تحفة، أنتِ" نظفت حلقي:"لكن ذلك كان خطأ، أعلم"

"جايك؟" إقتربت أكثر أمحو المسافة بيننا. "أجل" عيناي كانتا مثبتتان على شفتيها. "هل--" زمت شتفيها وتوقفت عن الكلام، لم تستطع أن تكمل جملتها. مددت أصابعي أقوم برفع ذقنها بهدوء ليصبح وجهها مواجها لي. "ماذا كنتِ تقولين؟" منحتها إبتسامة دافئة، عضت أوليفيا شفتها بتوتر تجعلني أبتسم بهدوء:"لا بأس" عينيها حدجتاني بنظرات إستغراب وحركت إبهامي على طول فكها، كنت أشعر بإرتجاف جسدها:"لا تقولي أي شيء إن لم يكن بمقدوركِ" تنهدت مرخية عيناها وكانت على وشك الإبتعاد عندما جذبتها فجأة ناحيتي، جسدها إصطدم بي وضممتها إليّ أحيطها بذراعاي بقوة، قريبة جدا مني. همست قرب أذنها:"أعدك أني لن أؤذيكِ، مهما حصل" كنت أربت على ظهرها برفق، وجهها الذي كان عند كتفي، نطقت بصوت منخفض:"لن أؤذيك أنا أيضا" كلماتها جعلتني أضحك بخفة، هززت رأسي وقربت وجهي من إنثناءة رقبتها:"بالطبع لن تفعلي، من المستحيل أن تفعلي أبدا"

__

انتهى الدوام وكنتُ أسير أنا وأوليفيا جنبا إلى جنب بعدما غادرنا مبنى الثانوية، بدت شاردة ولم تتجرأ على رفع بصرها للأعلى، لكني لم أشأ أن أضغط عليها أو أسألها ماذا هناك.

"ما رأيكِ لو قمنا بجولة معا؟" اقترحتُ مع إبتسامة على شفتاي ورفعت أوليفيا وجهها للنظر إليّ، تساءلت:"جولة؟ أين؟" هززتُ كتفاي:"إلى أي مكان تريدينه" أعطيتها إبتسامة دافئة ولاحظت كيف إرتفع طرف شفتها للأعلى، لقد كانت تبتسم. "إلى أين تريدين الذهاب؟ قرري" أضفتُ أحثها على اختيار المكان، رغبت بأن تطلب هي وأنفذ أنا.

"دعنا نذهب إلى مكان تحبه" قالت بنبرة متشوقة تجعلني أرفع أحد حاجباي:"مكان أحبه؟" هزّت رأسها لي بخفة تعدل من وضع حقيبتها على كتفها، كنا بالفعل نقف أمام سيارتي بعد سير لمدة قصيرة. "نعم، هل لديك؟" فكرتُ قليلا..، كان هناك بالفعل مكان أحبه، مكان يعني لي الكثير.

"أجل لديّ" قلت بهدوء ورأيتُ اللمعة في عينيها، أحببتُ السرعة التي تتبدل فيها، الطريقة التي تنسى بها الأشياء الفظيعة وترحب بالجمال في حياتها.

"إذا هل-" قاطعتها عندما هززت رأسي:"سآخذك إلى هناك" قلت ذلك وبدت متشوقة للأمر.

__

أوقفت سيارتي على مقربة من أحد الملاعب المهجورة التي أصبحت منطقة بنائية يتم إعادة هيكلتها، ويبدو ذلك واضحا من خلال وجود الرافعات وعربات البناء. أوليفيا حدقت بالمكان خلف زجاج النافذة بحاجبين معقودين وإلتفتت تنظر إليّ، نظرات مستفسرة تصدر عن عينيها المتعبتين. أعطيتها نظرة مطمئنة وإبتسمتُ بهدوء:"يبدو أن لدى كِلانا حب الأماكن المهجورة" رأيت تأثير كلماتي عليها، كانت تبتسم بوجنتين متوردتين، أضفتُ:"لذا مرحبا بكِ في مكاني"

"ملعب أطفال" نطقت أوليفيا بخفوت تجعلني أومئ لها وأنزل من السيارة لتفعل هي كذلك. وقفنا جنبا إلى جنب نطالع المكان، كانت أوليفيا تمسح المكان كله.

"هيا بنا" حثثتها على القدوم معي بينما أتقدم للأما تتبعني أوليفيا لتسير بجانبي. الملعب كان فارغا ومهدم إلاّ أنه تواجدت بعض الجدران التي لم تتحطم بعد، سرت نحوها وعيناي عليها.شعرت بإنقباضة في قلبي وكان نفسي يصبح أثقل في كل خطوة آخذها للأمام حيث الجدران. وأخيرا أصبحت أقف أمام أحدها، جدار نصف مهدم مملوء بالكتابات والرسومات الملونة؛ أوليفيا كانت تقف بجانبي.

إحتلّ الهدوء المكان بينما عيناي على الرسومات أحدق بها بشرود، شعرت بألم شديد في كل مرة أمعن النظر إليها. لم أستطع أن أنطق بأية كلمة، كنت أعقد ذراعاي على صدري أحاول تنظيم أنفاسي فحسب.

"جميلة" إنتشلني صوت أوليفيا من دوامة أفكاري وأدرت وجهي للنظر إليها؛ كانت عيناها على الرسومات الملونة وإبتسامة تزين شفتيها، حوّلت بصرها ناحيتي بعدها، رمقتمي بنظرات عميقة تجعلني أهزّ رأسي وأتقدم للأمام ناحية الجدار، أمدّ يدي وأمرر أصابعي على السطح ذا الملمس البارد. "في صغري إعتدتُ القدوم إلى هنا مع أمي" صوتي خرج خافتا، إبتلعت ببطئ آخذ نفسا ومشيت ناحية اليسار أنحني على ركبتاي لأضع يدي على رسمة لقطة باللون الأزرق، إبتسامة حزينة ظهرت على شفتاي ونطقت بصوت خفيض:"كان لديّ قط صغير، كان إسمه راستي وذات يوم مات، عندما إكتشفت ذلك بكيتُ كثيرا لدرجة لم أقبل فكرة أن يكون لديّ قطّ غيره، أحببتُ راستي لدرجة كبيرة جدا" عضضت على شفتي السفلية وسمعت خطوات أوليفيا التي كانت تقترب مني، تقف بجانبي تحدق بالرسمة بينما ما أزال منحني على الأرض:"خطرت لدى أمي فكرة حينها وأحضرتني إلى هنا، أخبرتني أن هذا حائط العجائب وأنه عليّ رسم أي شيء ليصبح حقيقة" ضحكة خافتة تسللت من شفاهي أرفع رأسي لأرى أوليفيا تبتسم لي بهدوء. "لذا قررتُ رسم راستي، لكنه لم يعد، كنتُ آتي كل يوم وأرسم أشياءا مختلفة مع أمي، كل الأشياء  التي أحبها، في النهاية إكتشفت أن الأشياء التي تعيش بداخلنا لا تموت" إنحنت أوليفيا بجانبي تحدق بالرسمة الخاصة بالقط. "هل كان راستي أزرق؟" هززتُ رأسي نافيا مع إبتسامة متألمة، إبتلعت. "كلا، كان رمادي، لونه كان مثل عيون أمي"

"وعيونك أيضا" نطقت أوليفيا بخفوت تجعل من بصري يتحول ناحيتها لأرى وجنتيها تصبحان ورديتين. هززت رأسي:"أجل مثل عيوني"

"لماذا رسمته باللون الأزرق؟" سألتني تمرر أصابعها على الرسمة هي الأخرى، أناملها لامست خاصتي عندما فعلت ذلك. "لأن مشاعري كانت زرقاء حينها" عينيها تحولتا ناحيتي مع نظرة عميقة، نظرة زرقاء كذلك الشعور. "كنتَ طفلا ذكيا" رمشت أحدق بها عندما قالت ذلك وبسرعة أشاحت ببصرها بعيدا عني بتوتر، إهتز جسدها وفقدت توازنها لتتراجع للوراء على وشك السقوط عندما إنحنيت أمسك بها، سقطت في حضني تجعلني أعود للوراء وألامس الأرض أنا الآخر، كانت جالسة على ساقاي. "آسفة" قالت بإحراج ووضعت يدها على الأرض لتدفع بجسدها بعيدا عني إلا أني أحكمت إحاطتي بخصرها ، ذراعاي كانتا محكمتان أبقيها حيث كانت. "إبقي هكذا" تمتمت بصوت منخفض، عيناي سقطتا على رقبتها التي كانت حمراء من الإحراج، إرتفع طرف شفتي في إبتسامة جانبية ومددت أحد يداي أمرر أصابعي على رقبتها المحمرة، ثم خللتها في شعرها الأسود القصير، أشعر بإرتجافتها إثر ذلك. كان الصمت يطبق على المكان ولا يُسمع سوى صوت أنفاسنا البطيئة.

"جايك" قالت بصوت خافت تجعلني أدير رأسها ليصبح رأسها مواجها لي، متوردة كعادتها. إبتسمتُ وداعبت وجنتها بأصبعي "نعم" لكنها لم تتحدث، ظلت صامتة وساكنة في مكانها، لا أصدق أني جعلت فتاة مثل أوليفيا تبكي، لا أصدق ذلك أبدا.

"أوليفيا" عيناها نظرتا لي ونطقت بخفوت:"أنا آسف بشأن ما سبق، أتمنى أن تقبلي إعتذاري منكِ، أعدك أني لن-" قاطعت كلامي واضعة يدها على شفتيّ، توسعت عيناي أحدق بها. "سامحتكَ" بهدوء إنسحبت بين ذراعي ووقفت تمد يدها لي لأمسكها وأقف أنا الآخر. "إذا؟" قلتُ أميل رأسي وأنظر إليها تفكر في شيء ما. "هل لديكَ صورة للقط راستي؟" سألتني بفضول تجعلني أرفع حاجبي بإستغراب، أضافت بسرعة:"أود رؤيته فحسب"

"لديّ مجموعة صور له، أحتفظ بها في غرفتي، سأرسلها لكِ في وقت لاحق" قلتُ بنبرة هادئة وأومأت أوليفيا بصمت، وجهها إلتفت للناحية الأخرى تعود للتحديق بالجدار:"وماذا عن هذه؟ من كتبها؟" تقدمت للإشارة إلى إسمي الذي كان مكتوبا هناك، شعرت بألم جسيم في قلبي، كأن يدا قوية تقوم بإعتصاره وتثقل تنفسي، إرتعشت عيناي وإبتلعت أرسم إبتسامة كسيرة:"أمي كتبتها. ذلك اليوم حصلتُ على درجة مرتفعة، أبي كان معنا" أنهيت جملتي وشعرت بجسدي يرتدّ للوراء عندما إندفعت أوليفيا ناحيتي فجأة تحيط خصري بذراعيها، عيناي توسعتا أحدق بها ورأيت أنها كانت ترخي رأسها على صدري مغلقة عينيها بقوة، همست بخفوت:"لا تتحدث كأنها رحلت" إرتخت ملامحي وتحولت من مذهولة إلى أخرى هادئة أضع يدي على شعرها وأهزّ رأسي:"أعلم" إبتسمت بخفة أبعثر خصلاتها بهدوء:"شكرا أوليفيا" شددت من إحتضانها لي تجعلني أقرب إليها، ورفعت بصري لأرى السماء التي أصبحت وردية بفعل الغروب، صنعت إبتسامة آخذ نفسا وبقوة أحطتُ أنا الآخر ذراعاي حولها أجعلها أقرب أكثر فأكثر.

__

يتبع...

حزنتُ على القط راستي :(

رأيكم؟ 💙

Fortsätt läs

Du kommer också att gilla

92.7K 7.2K 6
هـي سـئمت شـعور الـوحـدة و التـجاهـل مـن صـديقاتها المُـنشغليـن مع أحبـائهم فـقررت التعـارف مـن علي الإنتـرنت!! مـر نصف عــام، ولم يقصر حـظها بكـشف...
64.5K 2.4K 14
زواجيّ لم يكُن يومًا ناجحًا، لأنني لم أمتلك يدًا فيهِ. كنتُ مسيّرةً لا مخيّرة عندما يتعلق الأمر بحياتيّ. سجينةً بينَ تلك الأسوارِ الشّاهقة، لم اكُن أ...
118K 2.1K 36
رواية أعبث فيها كلماتي ويمكن تفاهات محتوى الرواية gxg
83.9K 5.7K 57
إليانورا إيزابيلا بيانكي فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا ولم تغادر "منزلها " منذ 5 سنوات. انفصل والداها عندما كانت في الخامسة من عمرها، ومنذ ذلك الحين تع...