عيب ومثالية

By itsmaribanks

389K 33.3K 5.7K

"تكتمل مثاليتنا بعيوبنا" طالما شعرت أوليفيا بأن لا فائدة منها، وأنها شخص ميؤوس منه لا غير. ما لم تكن تدركه... More

بداية
1- أصدقاء جدد
2- أطفال صغار
3- التخييم
4- إحتجاز
5- يوم متعب
6- مبيت
7- عيد ميلاد
8- مباراة
9- شجار
10- ثيو المتحرش
11- إعتراف
12- الإبتلاع
13- إمتنان
14- في المكتبة
15- آخر يوم بالأسبوع
16- ضعيفة
17- حفلة تامارا
18- الفصل الثاني
19- موافقة
20- الحفل الممل
21- مثالية
22- أمسية ماطرة
24- المباراة الحاسمة
25- إعتذار
26- إختفاء مفاجئ
27- دعوة عشاء
بارت خاص | روبي وإيثان
28- لقاء العائلة
29- السيدة جوزيفين
30- آسف
31- ليفاي بلاك
32- سأحرص على أخذك إلى النجوم
33- إلى النجوم
34- على السطح
35- هروب
36- لا تنقذيني
37- ابتعد
38- بداية جديدة
39- مجددا
40- لقاء الرفاق
41- سنغرق
42- أمسية كارثية
43- من الغسق حتى البزوغ
44- النهاية

23- صدمة

7.6K 651 116
By itsmaribanks

Enjoy

__

فتحت عيناي ببطئ على صوت المنبه في هاتفي الذي صدح في أنحاء غرفتي "تبا!" مددت يدي أقوم بإيقاف الصوت المزعج؛ وقفتُ من سريري بكسل شديد، شعرتُ بأن عظام جسدي كله محطم، حسنا البارحة كان حافلا للغاية. تثاءبتُ أتقدم ناحية الحمام ولا شيء في ذهني سوى الفراغ، شعرتُ معه بأن عقلي أصبح مجرد مساحة فارغة لا تحتوي أي شيء!

بعدما أخذي للحمام السريع وتجفيف شعري على عجالة قمتُ بإرتداء ملابسي على مهل، وكنتُ أتعمد ذلك كي لا أصادف أمي. قميص أزرق فاتح وتنورة بيضاء قصيرة ذات طبقات، حذاء رياضي وأخيرا قررتُ ربط شعري القصير وإستعملت شريطة زرقاء اللون. إبتسمتُ في المرآة أمنح نفسي بعض التشجيع.

"جاهزة" نطقت بخفوت ورميت حقيبتي على كتفي، كنت أعلم أن الأمور أصبحت فوضوية! إنه آخر يوم في الأسبوع ولحسن الحظ أن حصة الفيزياء القادمة لن تكون حتى الأسبوع القادم، مما يمنحني بعض الوقت لإخبار أمي بأني فُصلت بسبب 'شاب' وأن عليها الحضور للقاء الناظر والأستاذة، ثم هناك رحلة التخييم التي سنقوم بها في عطلة نهاية الأسبوع، مما يعني غدا وعليّ إقناعها بالسماح لي، ولفعل ذلك يجب عليّ تبرير سبب تأخري الليلة الماضية.

أطلقتُ تنهيدة طويلة عندما طرأت كل هذه الأفكار في عقلي دفعة واحدة، إنها فوضى بحق!

نزلت السلالم أدعو في صميمي أن تكون أمي قد ذهبت للعمل، لا أريد أن تطرح عليّ الأسئلة الآن، لم أكن أعلم حتى بماذا عليّ إخبارها. أي كذبة ستصلح؟

"صباح الخير" تجمدت مكاني حالما سمعتُ صوتها البارد، كنتُ في أقف في آخر درجة وإلتفتّ ببطئ إلى اليمين حيث الأريكة التي كانت تجلس عليها أمي، نظراتها كانت مثبتة عليّ تخترقني، شفاهها كانت مزمومة تشكل خطّا رفيعا عاقدة ذراعيها أمام صدرها وواضعة ساقا فوق الأخرى، كانت ترتدي بذلة رسمية حمراء داكنة، يبدو أنها تستعد للذهاب للعمل. إبتلعت ريقي ببطئ أحاول السيطرة على توتّري وقلقي. "صباح الخير" جاء ردّي بنبرة خافتة، خافتة جدا، أوضحت لأمي بأني حقا أدرك أني في ورطة معها!

وقفت أمي للسير ناحيتي، كعب حذاءها يدقّ الأرض بينما تقترب مني بهدوء، أضفت مباشرة محاولة القضاء على التوتر للمرة الثانية:"لم تخرجي مبكرا؟" جاء صوتي متسائلا وكانت أمي واقفة أمامي مباشرة، دون أن تجيبني نطقت بحزم:"تأخرتِ البارحة، إتصلت بكِ لكنكِ أغلقت الهاتف في وجهي" بدى الإنزعاج واضحا على وجهها، حككتُ رقبتي ونطقت بإبتسامة مزيفة أحاول إخفاء التوتر:"آه ذلك! كلا لم يكن الأمر كذلك، إنها فقط البطارية، لقد نفذ شحن هاتفي لذلك-" قاطعتني بنفس نبرتها:"الشاب الذي أوصلكِ الليلة الماضية، إنه هو، الشاب الذي قلتِ أنه يدعى جايك صحيح؟" أنهت جملتها ببرود وتوسعت عيناي لوهلة قبل أن ترتخي جفوني أحول بصري للنظر إلى الأرض، همست:"أجل"

"أعتقد أني طلبتُ منكِ الإبتعاد عن تلك الجماعة" قالت بغضب مكتوم وإنعقد لساني لا أعلم حتى بما عليّ أن أجيبها. تابعت أمي مردفة بإنزعاج أكبر:"وصلني إستدعاء من ثانويتكم، أخبروني بأن الأمر له علاقة بكِ" يا إلهي أنا في ورطة حقيقية!

"أنتِ تجبريني على إستخدام أساليب غير جيدة في معاقبتكِ أوليفيا" نطقت بهدوء بارد تجعلني أرفع بصري ناحيتها لتتابع وهي تحدق بي:"إنها آخر مرة أحذرك من التسكع مع الشباب وخاصة ذلك الشاب"

"لكن أمي-"بترت جملتي عندما رفعت كفها أمامي تقوم بإيقافي عن الحديث لتردف متجهة لحمل حقيبتها:"لا لكن أوليفيا. سيكون لديّ تصرّف آخر في المرة القادمة" أنهت أمي جملتها بشكل قاطع لأتنهد بإستسلام، حسنا على الأقل لم تقم بسؤالي عن سبب الدعوة التي وصلتها. "حاضر" همستُ وتحركت لأتبعها إلى الخارج نتجه نحو السيارة، بما أنها إنتظرتني، ستصطحبني إلى الثانوية.

__

أوقفت أمي السيارة أمام مبنى الثانوية دون أن تنطق بأية كلمة، ودون أن أنتظر أي ثانية أخرى إلتقطت حقيبتي وفتحت الباب لأنزل منها، قبل أن أسمعها:"سوف آتي لإصطحابكِ مساءا" صوتها كان باردا وبه نبرة من الحزم بينما عينيها معلقتين على الطريق أمامها، أصابعها على المقود.

أطلقت تنهيدة غير مسموعة وتمتمت بصوت منخفض:"حسنا" جاء ردي موجزا ثم رميت حقيبتي على كتفي وسرتُ نحو المدخل، أفكر فيما عليّ إخبار أصدقائي به حول رحلة التخييم، لأن أمي -بعدما حدث- لن تسمح لي إطلاقا بالمشاركة، كنت أعلم ذلك جيدا.

كنت أسير في الرواق المحتشد أنظر إلى خطواتي وأدندن لحن أغنية ما، عندما إصطدمت فجأة بشخص ما؛ رفعت بصري بتفاجئ عندما سمعت النبرة المستمتعة:"ٱنظري أين تسيرين مورفي" كان ذلك سام؛ يحدق بي واضعا أحد يديه بجيب بنطاله بينما الأخرى ممسكة بحقيبته على كتفه، كعادته ذلك الشعر الأشقر يتدلى على وجهه ويحدق بي بإبتسامة ماكرة على وجهه، إبتلعت ببطئ وتراجعت خطوة لأردف بصوت منخفض وخالي من أية نبرة:"أعتذر، لم أركَ" كنت أحاول فقط عدم الخوض معه في الحديث وتابعت سيري أتخطاه، أشعر بنظراته تخترق ظهري، أطلقت نفسا مرتاحا بعدما إبتعدت عنه لأسرع خطواتي نحو صفي.

لحسن الحظ أنه ما يزال هناك خمس دقائق حتى يرنّ الجرس. كنت أبحث بعيناي عن أحد من الرفاق لكني لم أجد أي واحد منهم، كم أردت أن أعبر عن أسفي لروبي، لقد كانت متحمسة جدا لقدومي معهم! إلهي لقد أفسدت الأمر!

دخلت الصف الذي كان يعمّ بالضجيج وإتجهت نحو مقعدي لأجد إيثان جالس خلفي ومعه جايك الذي إتخذ جلسته فوق سطح الطاولة، إنتبه الإثنان لقدومي وكان إيثان هو أول من لوّح لي:"ليف! صباح الخير أيتها الجميلة، هل سمعتِ الخبر القادم من الجنة؟ الآنسة ستغيب اليوم" قلبت عيناي وإتجهت ناحيته:"صباح الخير إيثان، أنا بخير شكرا على سؤالك" أدرت رأسي نحو جايك لأجده يحدّق بي بإبتسامة خفيفة، جذعه كان مائلا يتكئ على ذراعه الممدودة فوق الطاولة، النظرة في عينيه بدت صافية تجعل ساقاي تشعران بالضعف ورسمت إبتسامة على شفتاي أبادله خاصته:"كيف حالك جايك؟"

"أفضل ما يكون" ردّ مباشرة وبصدق وهززت رأسي أضع حقيبتي على مقعدي لأعود وأنظر نحو إيثان:"إذا، مالذي كنت تقوله عن الآنسة؟" قلب عينيه يقوم بتمديد يديه على الطاولة أمام جايك ليرد بملل:"لا أشعر برغبة في الدراسة يا رفاق" ضحك جايك بخفة يضرب مقدمة رأس إيثان جاعلا من خصلاته الأمامية تتحرك. "ماذا أخبرت والديك حول إحتجاز الأمس؟" رميت سؤالي وهزّ إيثان كتفيه بلامبالاة مردفا:"لم أخبرهما أي شيء، سأظلّ مفصولا وسأحضر الإمتحانات النهائية فحسب" عقد جايك ذراعيه أمام صدره رافعا أحد حاجبيه:"سيكون هذا كثيرا، ستضيّع العديد من الحصص" ضحك إيثان بخفة يضرب يدا بالأخرى:"هيا جايك بحقك! التغيب عن حصص لعينة هو كل ما يهمني؟ هل أنت جاد" إبتسم جايك بسخرية يهزّ كتفيه دون أن يعقب، ليضيف إيثان بعبوس:"ناهيك عن أن أبي سيحرمني من السيارة والحاسوب والأغاني وكل الأشياء الممتعة، ويجبرني على الدراسة، هذا إن لم يجبرني على تغيير الثانوية والإنتقال إلى أخرى مملوءة بالطلاب المجتهدين أصحاب العلامات المرتفعة" زفر بضيق بصوت مسموع وتابع:"سحقا! الطلاب المجتهدين يجعلونني أصاب بالصداع" إنفجرت ضاحكة وكذلك فعل جايك جاعلين من إيثان يبتسم هو الآخر على الأمر.

رنّ الجرس معلنا بدء أول الحصص وزفر إيثان بينما نزل جايك من فوق الطاولة التي كان جالسا عليها، تقدمت منه أسأله بهدوء:"هل لديكَ أية حصص الآن؟" هزّ رأسه بنفي وإنحنى محاصرا إياي ضد طاولة إيثان يمد ذراعه لأخذ حقيبته هامسا بقرب أذني:"إن لم تحضر الآنسة تعالي إلى المكتبة، سأكون هناك" إبتعد مانحا إياي إبتسامة لطيفة ليوجه نظره بعد ذلك ناحية إيثان:"أراك لاحقا يا صاح" هزّ إيثان رأسه دون أن يرد بأية كلمة وسار جايك مغادرا القاعة، مرّ بجانب ثيو يبادله النظرات المكهربة فيما بينهما قبل أن يختفي جايك.

تنهدت أجلس على مقعدي ملتفتة ناحية إيثان الذي كان يعبث في هاتفه بملل، الآنسة لم تحضر بعد. أطلقت تنهيدة أخرى حالما تذكرت أمر التخييم أجعل من نظر إيثان يرتفع ناحيتي وإبتسم لي يضع هاتفه جانبا:"بالطبع لديكِ مشكلة بحجم السماء" أضاف يدق أصابعه على سطح الطاولة:"دعيني أحزر، إنهما والديكِ" حدقت به بدهشة وإستغراب من معرفته للأمر، أجعله بذلك يضحك بخفة وأشار بسبابته نحوي:"صحيح؟ صحيح، أرأيتِ؟ لقد علمت ذلك"

"كيف ذلك؟" رميتُ سؤالي بإستغراب وحرك كتفيه بغضب مكتوم:"أنا معتاد على الأمر من طرف والداي، أكره السلطة" إبتسمتُ بحزن دفين أحدق به، إيثان كذلك مثلي، الفرق بيني وبينه هو أنه لا يخشى المواجهة عكسي أنا التي ترضخ في كل مرة. "لا تضعي هذه الملامح على وجهك ليف، هيا أخبريني ما لديكِ، ربما سأساعدك في حبس أحد والديك في القبو" أنهى جملته يجعلني أضحك بخفة قبل أن أزفر تحت أنفاسي ألتفت ناحية الباب أرى إن كانت الآنسة قد حضرت وقد لاحظت مغادرة بعض الطلاب من الصف. "هيا" أضاف إيثان وتمتمت أعيد بصري ناحيته:"في الواقع إنها أمي، لقد تأخرت البارحة في العودة وأزعجها الأمر، لذلك لن تسمح بحضور التخييم معكم، لا أعرف كيف أخبر روبي بالأمر" أصدرت تكة بلساني لأضيف:"ناهيك عن أنها تلقّت إستدعاء بسبب فصلي من مادة الفيزياء" بمجرد أن أنهيت جملتي إتسعت عينا إيثان وسقط فكّه، يقف بسرعة ليهتف بصوت عالي ويداه تضربان سطح الطاولة جاعلا مني أفزع:"ماذا؟ أي إستدعاء؟"

"إستدعاء الأولياء" قلتُ أرفع حاجبا ليزفر بعمق متضايقا من الخبر، خلل أصابعه في شعره البني:"أين أرسلوه لها؟"

"بريدها الإلكتروني" زفر إيثان بإرتياح وضحك بخفة يعود للجلوس على المقعد. "ماذا حصل؟" سألت أجعل منه ينظر إليّ وتحدث بينما يأخذ هاتفه:"لحسن الحظ أن بريد أبي مسجل على هاتفي، يمكنني الآن حذف الرسالة دون قراءتها"

"بريده في هاتفك؟" قلت بتساؤل وضحك بخفة يهز هاتفه أمام وجهه:"بالطبع، تحسبا لأي موقف كهذا، كما أنه لا يعلم بالأمر" إبتسمت أصدر ضحكة مكتومة أراه يدخل إلى حساب والده ويبحث في الرسائل "لنرى، أين هي الثانوية اللعينة؟" قال يحرك أصبعه على شاشة الهاتف مخرجا لسانه من طرف فمه دلالة على تركيزه قبل أن يضرب الطاولة بقبضته:"أجل، هاهي ولم يقرأها بعد. سأرسل ردا ما رأيك؟" نظر إليً وهززت كتفاي أقف من مقعدي وأتجه للوقوف بجانب كرسيه أنحني قليلا لأرى ما يفعله، رائحة عطره المختلط بالكولونيا إخترقت أنفي بينما أراقب ما يفعله.

"عزيزي أيا ما تكون مهنتك في الثانوية، يؤسفني إعلامك بأني لن أستطيع تلبية دعوتك لأن لديّ عمل مهم مع إبني الأكبر ولست مهتما كثيرا بإبني الأصغر لذا لا بأس بالأمر، شكرا. مع تحياتي...السيد غاريت بلاك."

كتب إيثان الرد واضعا نقطة النهاية ليدير وجهه ناحيتي بإبتسامة:"ما رأيكِ؟"

"ماذا لو علِم والدك بالأمر؟" هزّ كتفيه بلامبالاة:"سأكون في عداد الموتى لا غير" ضحكت على كلامه:"إيثان أنت مجنون" رميت كلماتي بضحكة أضرب كتفه ورأيته يلعب بحاجبيه ليرد:"شكرا للإطراء" أعاد نظره على شاشة الهاتف هامسا:"لنرسل الرد اللعين" ضغط على الإرسال وقام بحذف الرسالة قبل أن يسترخي إلى ظهر كرسيه زافرا بإرتياح عاقدا يديه خلف رأسه واضعا ساقا فوق الأخرى على سطح الطاولة وتمتم بينما نظره على ثيو الذي كان مع رفاقه:"أتعلمين؟ لقد تحسن مزاجي للتو وأودّ شجارا كي أرفع مستوى السعادة" قلبتُ عيناي أتجه لأخذ حقيبتي مستعدة للمغادرة:"لن أكون حاضرة لرؤية ذلك، الشجارات ليست هواياتي، لذا أراك لاحقا"

"أجل، جايك اللعين ينتظر" قال يقلب عينيه بإبتسامة وشعرت بإحتقان وجنتاي؛ ضحك إيثان ملوحا لي بأصابعه:"أراكِ لاحقا ليف، سأحرك مؤخرتي بعد قليل للبحث عن روب-روب، إن رأيتها أخبريها أني هنا"

"سأفعل" قلتُ أسير لمغادرة القاعة والإتجاه إلى حيث المكتبة.

__

الهدوء كان يعمّ أجواء المكتبة عندما دخلت أبحث بعيناي عن جايك، لم يكن هناك في أي مكان، أخذت هاتفي وأرسلت له رسالة [أنا بالمكتبة. لا أراك في أي مكان] ضغطت زر الإرسال وإستغرق الأمر دقيقتين عندما وصلني رده [أعتذر. أنا قادم لقد كنت بالحمام] توردت وجنتاي أعيد وضع الهاتف في جيبي.

إتجهت نحو أحد الطاولات هناك وجلست على أحد المقاعد بإنتظار جايك؛ كان هناك بعض الكتيبات الصغيرة أخذت أحدها أطالعها بغير تركيز، أو بمعنى أدق أشاهد الصور التوضيحية فحسب.

"إذا ها أنتِ" رفعت رأسي أنظر إلى جايك الذي كان واقفا أمامي، أومأت له لأقف أنا الأخرى:"كنت بإنتظارك"

"تعالي، أجلس هناك" نطق يشير بأصبعه حيث المكان لأرى راين الذي كان جالس ومعه أشياء جايك، هززت رأسي أسمح له بإمساك معصمي وإقتيادي إلى هناك.

وضعت حقيبتي فوق الطاولة وتحدثت مخاطبة راين:"أهلا، كيف حالك؟" إبتسم لي وهز كتفيه:"جيد، ماذا عنكِ؟"

"أنا بخير" قلت وإتجهت لأجلس على الكرسي الذي جذبه جايك لأجلي وكان بجانب خاصته، رأيت دفترا مفرودا وعليه مخططات توضيحية فيما بدى أنه ملعب، وقد بدى راين مركزا عليه، رفعت حاجبي بإستفهام لأسمع جايك ينطق مخاطبا راين:"هذه الإستراتيجية ستكون مفيدة للغاية، تحدث مع المدرب بشأنها، سيوافق" إذا كانا يتحدثان حول مباراة الأسبوع القادم، ويبدو أن جايك كان يشرح له أحد الإستراتيجيات؛ مؤسف أنه لن يلعب.

تنهد راين:"لا أعلم لما أنا متوتر" أنهى جملته بزفرة خافتة ووضع جايك يده فوق كتفه يبتسم في وجه رفيقه:"أنت لاعب متميز راين، لم يقم المدرب ديريك بتعيينك قائد الفريق من لاشيء، إنها مهاراتك. لذا أنا متأكد أنك ستفوز وبإستخدام هذه الإستراتيجية ستضمن ذلك" إرتفعت شفتا راين في شبه إبتسامة وقال ناظرا إلى جايك:"شكرا جايك، سأذهب لإخباره" وقف راين يأخذ الدفتر ويضعه في حقيبته راميا إياها فوق كتفه. "حظ موفق"

"شكرا" قال راين ثم حول بصره ناحيتي يضع يده على جبينه ثم يجذبها في الهواء كتحية عسكرية مردفا بإبتسامة:"طابَ يومك أوليفيا، أراكما لاحقا رفاق"

"إهتم بنفسك" أجبت ألوح له وإبتعد راين مغادرا المكتبة.

"إنه مهووس بكرة القدم" قلتُ ألمح ظله مع إبتسامة على وجهي ونظر جايك ناحيتي يهزّ رأسه بالموافقة:"هو كذلك، كان يفوز دائما عندما كنا نلعب كرة القدم في صغرنا مع أطفال الحيّ" إتسعت إبتسامتي أستمع إليه:"إذا أنتما أصدقاء منذ الطفولة؟"

"أجل، إيثان كان دائما ما يتعرض للأذية والضرب المبرح، لكنه كان البادئ دوما، يفتعل الشجارات عمدا" قال يجعلني أضحك أهزّ رأسي:"وما يزال كذلك"

"إنه كذلك" نطق ينظر إلى قلم الرصاص الذي كان يحركه في يده بشرود، وحدقت به بتمعن، أحاول معرفة فيما يفكر. "أنا متشوق ليوم غد، سأحضر ليو معي، ستحبين ذلك" قال يعيد النظر إليّ بإبتسامة متسعة مبرزا غمازته، إلا أن ملامحي سقطت عند سماعي لذلك، وأشحتُ ببصري بعيدا عنه مباشرة أحدق بسطح الطاولة. "ماذا هناك؟" سأل جايك بإرتياب يمدّ أصبعه تحت ذقني جاعلا مني أنظر إليه. أطلقتُ تنهيدة ونطقت بخيبة:"للأسف الشديد أنا لن أستطيع مشاركتكم رحلة الغد، أمي لن تسمح لي"

"لماذا؟" سأل يعقد حاجبيه وقد بدى أن أمله خاب هو الآخر. "إنه فقط...بسبب إحتجاز البارحة وموضوع مادة الفيزياء التي فصلت منها" أنهيتُ جملتي وهزّ جايك رأسه بتفهم، نظر أمامه لبضع لحظات قبل أن يعاود التحديق بي مردفا:"في هذه الحالة سأستخدم أسلوب إيثان وآتي لأسرقكِ" إحتقن وجهي عند سماعي لكلماته لكني رغم ذلك لم أمنع الضحكة التي صدرت عني، وكذلك ضحك جايك بخفة.

"حقا آسفة. لا أعرف كيف أخبر روبي" هزّ جايك رأسه نافيا:"أنا لا أمزح أوليفيا، سآتي مع البقية إلى منزلك، جميعنا سيأتي وسنحضرك عنوة"

"أنت تعلم أن أمي ستقتلكم جميعا وأنا أيضا، لكنها ستتفنن في تقطيعي" قلت ضاحكة ورأيته يهزّ كتفيه:"لا مشكلة لديّ" إلتزمت الصمت أحدق به للحظات قبل أن أشعر بيده تمتدّ لتوضع فوق خاصتي، أصابعه كعادته خفيفة ودافئة تمرّ بخفّة فوق جلد يدي. فتح شفتاه وكان على وشك أن يقول شيئا ما عندما أضاءت شاشة هاتفه الموضوع على الطاولة فجأة بإسم [أمي] وظهرت صورة لإمرأة ذات شعر أسود ليلي حالك وعيون رمادية، نفس الفتاة التي رأيتها من قبل في منزل جايك لكن تبدو أكبر سنا، صورة تبدو فيها مبتسمة بإتساع.

نظر كلانا إلى الهاتف الذي كان يهتزّ وبدى جايك صامتا، شفتاه شكلتا خطا رفيعا بينما أصبحت ملامحه باردة، لم يسبق لي رؤية جايك بارد بهذه الطريقة مطلقا. "جايك! أجب على المكالمة" لكنه لم يرد وظلّ يحدق في الهاتف بجمود دون أن يحرك ساكنا، توقف الهاتف أخيرا عن الإهتزاز لتعاود الكرة، كانت تتصل مجددا.

"هيا جايك، أرجوك" قلت بترجي أهزّ كتفه بلطف. "لا أريد، أعلم ما تريد إخباري به" قال بنبرة خالية ورأيتُه يعتصر قبضته "أرجوك جايك، أنت لن تخسر أي شيء"

تنهد بثقل وبسرعة قمتُ بأخذ هاتفه أضعه في يده:"هيا" حدق بي للحظة ثم فتح الخط يردّ:"نعم؟" رغم هدوء نبرته إلا أنها جاءت معاتبة. لم أسمع ما قاله الطرف الآخر إلاّ أني رأيتُ ملامح جايك التي بدأت تصبح منزعجة، إشتد فكه ليبرز بينما إبتلع ببطئ لتتحرك تفاحة آدم خاصته:"كلا أمي، أنا لا أريد ذلك-" توقف عن الحديث يستمع إليها للحظات قبل أن يشد قبضته أكثر:"لا، لا أودّ حتى رؤيته أو التعرف عليه" بسرعة أقفل الخطّ يرمي هاتفه على الطاولة، وبدى تنفسه ثقيلا للغاية بينما فكه ما يزال مشدودا وقبضته معتصرة.

"هل كلّ شيء بخير؟" تساءلت بحذر أرى حالته تلك وزفر بضيق شديد يضع وجهه بين يديه لينطق بصوت مكتوم:"كلا، لا شيء بخير" فرك وجهه بأصابعه وتابع:"تريدني أن أرى رجلها الجديد، تودّ أن أتعرف عليه"

"هل جرّبت أن تتقبل الأمر وتحاول فهم وجهة نظرها؟" قلت وشبح إبتسامة على شفتاي لأراه يرفع وجهه ويحدق بي بنظرات مشتعلة:"مالذي أفهمه؟ كونها تريد التخلي عن إبنها الوحيد والذهاب لبدء حياة جديدة؟" هززت رأسي مباشرة:"هي لا تريد التخليّ عنكَ جايك، إنها تحبك وما تزال تسأل عنك، ألا ترى أنها تريدك أن تكون جزءا من حياتها؟" أطلق تنهيدة ثقيلة ورأيته يعيد وضع رأسه بينما يديه فوق الطاولة، إقتربت أحيط بذراعي كتفيه أربت بهدوء عليه. "كل شيء سيكون على ما يرام جايك"

"لا أريد خسارتها" تمتم جايك بصوت متعب وشددت عليه أهمس:"أعلم ذلك، ولا يبدو أنها تريد خسارتك أيضا"

"عندما كنت طفلا صغيرا كانت دائما تعدني بأنها ستبقى إلى جانبي إلى الأبد، لا أعلم إن كانت تشابك أصابعها خلف ظهرها آنذاك" أطلق تنهيدة أخرى ورفع وجهه ليصبح مباشرة أمامي، عيناه بهما ألم عميق، أستطيع تخيل العلاقة القوية بينه وبين والدته. "ما كانت لتكذب عليك أبدا جايك، أنت إبنها الوحيد الذي تحبه" قلت باسمة أنظر إلى ذراعه متجنبة نظراته. "إذا لماذا تذهب مع رجل آخر؟"

"جايك، هي تريد أن تعيش تجربة الحب والإستقرار مرة أخرى، هذا من حقها ألا ترى ذلك؟" قلتُ أضع يدي فوق خاصته. ظلّ جايك صامتا لبعض الوقت، مدّ يده ليجذب حقيبته وعن غير قصد دفع دفتر رسمه ليسقط أرضا ويفتح عند أحد الصفحات تحت قدماي.

"دعني ألتقطه" قلت بهدوء أقوم بالإنحاء لأسمع جايك المندفع فجأة:"كلا كلا، لاداعي" وضع يده على كتفي محاولا إيقافي لكني هززت كتفاي وإنحنيت لأخذه عندما توسعت عيناي بصدمة شديد أرى الرسومات في تلك الصفحة، إحتقن وجهي بالدماء، وخفق قلبي بقوة أبتلع ببطئ شديد، رسومات لي، جسدي كله وبالكاد أرتدي شيئا ما، لم أصدق ما تراه عيناي، جايك كان يرسمني شبه عارية!

"أوليفيا" قال بخفوت وإرتفعت حاملة الدفتر بيدي، شعرت بالحرارة في عيناي، تجمعت دموعي وإبتلعت مرة أخرى، كنت أحدق به بغير تصديق.

"الأمر ليس كما تظنين، إنه-" كان يحاول شرح الأمر، ظهر إحمرار على وجنتيه هو الآخر لكني قلبت باقي الصفحات، العديد من الرسومات المختلفة، بعضها للطبيعة وأخرى عادية، والبعض الآخر لي أنا، بنفس الطريقة، في أماكن متفرقة. "توقفي أرجوكِ" نطق بنبرة محرجة يجذب الدفتر من يدي مغلقا إياه "الأمر حقا مختلف، دعيني أشرح"

"ظننتكَ مختلف" قلتُ بنبرة متزعزعة أحاول منع بكائي، زممتُ شفتاي وأحسست بالدموع الساخنة تنزل على خداي، تمتمت بإرتجافة:"لا أصدق أن لديك هذه الأفكار عني"

"مهلا، ليس كذلك-" بترت جملته أحمل حقيبتي وأقف لأبتعد عن المكان، وقف جايك هو الآخر يمسك بمعصمي موقفا إياي، دققتُ عنقي نحوه ونطقت بين أنفاسي المرتعشة:"دعني"

"أرجوكِ أوليفيا" قال جايك بوجه محمر لكني هززت رأسي وجذبتُ يدي منه أركض بأقصى سرعة إلى الخارج، إتجهت مباشرة إلى الحمام أغلق الباب ورائي بقوة، كان فارغا ولا أحد به، سقطت حقيبتي مني وإنهرتُ على الأرض أضع يدي على فمي أمنع نفسي من البكاء، لا أريد أن أبكي، لكني كنتُ أبكي.

لا أصدق أن جايك يفعل شيئا كهذا.

هل كنتُ لعبته؟

__

يتبع...

Continue Reading

You'll Also Like

1.2K 191 18
اعطته رشوة لتتزوج به ،و لم يعلم انها كانت حبيبته السابقة
1.9M 88.6K 42
إما أن تلعب أو أن تكون اللعبة . و أوليفيا سقطت في لعبة لا تعرف قواعدها ، لا تعرف اطرافها او نتيجتها . لعبة ؟ إنها حرب . " ساعطيك خياران أوليفيا ،...
296K 18.3K 15
«سَوف أجدكِ وسَوف أكون مِلككِ، فَقط أنتظريني يا حبة التَوت.» __ بيري فولتاري، أميرة آل فولتاري المُدللة، وراقصة البالية المُحترفة هل ستظل مُحافظة عل...
64.3K 5.1K 26
" سيليفيا ... ماذا لو أن ما وراء البساطة لذة حياة مختلفة ؟ " ... سيليفيا إيفانز وحُبها لمساحتها...