زقاق فرنسا

By ti_ta_n_ia

50.9K 2K 10K

في كل القصص الخيالية و الروايات التي نقرأها و سمعنا عنها دائما ما ينتصر الخير على الشر ، لأن هذا ما يجب أن ي... More

الفصل الثاني:- منزل جديد{البارت الأول}
الفصل الثاني:- منزل جديد {البارت الثاني}
الفصل الثالث:- مشاعر دفينة
الفصل الرابع:- إختطاف
الفصل الخامس:- قطار نحو الجحيم -1-
الفصل السادس:- قطار نحو الجحيم -2-
الفصل السابع:- O.D.M.H
الفصل الثامن :- يأس الجحر
الفصل التاسع:- إضمحلال الأمل
الفصل العاشر:- الأمير
الفصل الحادي عشر:- بداية النهاية
الفصل الثاني عشر:- سر الدماء
الفصل الثالث عشر:- السبل
الفصل الرابع عشر:- دمى متحركة.
الفصل الخامس عشر:- شرارة الإنتقام
فصل إضافي:- يوميات في روسيا
الفصل السادس عشر:- نهاية الجحر
الفصل السابع عشر:- سبيل النجاة
الفصل الثامن عشر:- تضحية
فصل مكافأة:- اللقاء المراد
الفصل التاسع عشر:- أولفيوس
الفصل عشرون:- مناجاة الموت
الفصل الحادي و العشرين: خيبة أمل
الفصل الثاني و العشرين:- تراجيديا الحب
الفصل الثالث و العشرين:- الليلة المشؤومة
الفصل الرابع و العشرين:- الحقيقة
الفصل الخامس و العشرين:- هوية جديدة
الفصل السادس و العشرين:- مواجهة قاسية.
الفصل السابع و العشرون:- مخاوف
الفصل الثامن و العشرون:- بين التخلي و الفقدان
الفصل التاسع و العشرين:- الشبح القرمزي
الفصل الثلاثين:- رقصة تحت النجوم
الفصل الحادي و الثلاثين:- نجوم القاعة الملكية
فصل إضافي:- الأب المسؤول
الفصل الثاني و الثلاثين:- تجلي الأسرار
الفصل الثالث و الثلاثين:- الواقع المرير
الفصل الرابع و الثلاثين:- موكب الجنازة
الفصل الخامس و الثلاثين:-مشاعر متقدة
الفصل السادس و الثلاثين:- ليست حياتي أنا
الفصل السابع و الثلاثين:- الأمير الخائن
فصل إضافي:- فضول قاتل
الفصل الثامن و الثلاثين:- خيارات قاسية
الفصل التاسع و الثلاثين:- الشاهدة الوحيدة
الفصل الاربعين: عدالة دامية
فصل إضافي: مهمة إسعاد مارسيل
الفصل الواحد و الأربعين:شروق الشمس
الفصل الثاني و الأربعين:- الأعداء حلفاء
الفصل الثالث و الأربعين و الأخير:- وعود
الكلمة الختامية للجزء الأول

الفصل الأول: بداية من أعماق الظلام

4.3K 112 283
By ti_ta_n_ia

الألام .. والأحزان والآمال ( بلا شك) , ما هي إلاَّ فصول من رواية يعيش فيها الأنسان كـ (بطل) , يتلاعب به القدر .. والتي ستنتهي يومًا ما بموتهِ .. فعالمنا الواسعُ هذا عبارة مجموعة قصص , منها ما يُسمع بها, وأخرى يُتعلم منها , واخرى تُحكى لغيرنا فتجسد بذلك تاريخنا .. لكن حتمًا هناك -ايضًا - ما تُفنى دون ايُّ عبرة .
فمن قصص العالم ستروى لنا حكاية أُخرى تبدأ من زُقاق مظلم في نواحي " بــاريس- لأحداث تتجاوز عقد من الزمن , سيُرفع الستار !

-3 سبتمبر 791 م-

خطوة. خطوة.خطوة.

خطوات ثابتة،قوية، جريئة كانت تصعد الدرج نحو منصة نصب وسطها عرش، خطوات مرأة أجمعت الشعوب على أنها الأقوى و الأجمل في عصرها.

وقفت هناك، حيث انحنى كل من كان أمامها ولاءاً لها. يتقدمهم أربع رجال كانوا على نفس المنصة التي وقفت عليها .

"من أجل حياة أبنائنا و عائلاتنا أجمعين، من أجل أن تعيش مملكتنا وهي آمنة مطمئنة ، و من أجل منح الإنسان حقّه في الحياة الكريمة  من أجل مسؤوليتنا أمام الأجيال المقبلة، ومن أجل بسمة كل طفل يولد على أرضنا. أقسم أني و عائلتي لنحمين هذه الأرض إلى الأبد!!! و لهذا أنا ماريا أولفيوس!!! أعلن رسميا قيام المملكة الفرنسية!!!"

هذا ما قالته المرأة التي كانت تحمل إسم ماريا ، كلمات أعلنت بها قيام واحدة من أعظم الممالك التي عرفها التاريخ بينما رفعت بيدها سيفاً ذهبياً علته جوهرة لازوردية آية في الجمال كانت اشبه بلون البحر مثل عينيها تماما. والسؤال هو... هل حقاً تحقق ما قالته؟. أم أن غدر الزمن كافي ليغير مافي النفوس؟.

__________𓁹_𓁹_______

-24 ديسمبر 2012 -

بينما كان الجميع يحتفل بيوم الميلاد ...
و تحديدا في أحد قصور مدينة سوتشي الروسية... نار عظيمة توقد لتحيط القصر الذي يقبع وسط غابة كثيفة الأشجار .

في هذه الأثناء، ظهر صوت وقع أقدام ضئيلة تركض و تبحث عن سبيل النجاة من ملاحقين بنوايا القتل لمطاردين.

ركض و ركض كان يركض و هو يلهث.

"أمسكوه!!! يجب أن نقضي عليه قبل أن يبتعد!!!. "

كان المقصود من كلامهم هو طفل هرب من القصر الذي تصاعدت ألسنة اللهب منه. ركض ذلك الطفل بسرعة وسط الغابة الموحشة في ظلمة الليل بينما نقعت بشرته البيضاء بدماء عائلته التي إحترقت في القصر.

ضاقت به الأنفاس و أغمض حفنيه للخظة راجياً أن يساعده أحد ما، لكن رغبته لم تكن لتتحقق وسط هذه الغابة .

[علي الهرب... علي أن أنجو بأي ثمن ...لن أسمح لهؤلاء الأوغاد بقتلي ...أبداً... ]

و بينما كان يركض تعثر بجذع شجرة و سقط متألماً.

و هنا لاحظ أحد المطاردين الصوت ونظر باتجاهه مناديا:

" هناك صوت قادم من هناك!!! لنتحقق!!!"

نهض الصبي بسرعة وعاود محاولة الهرب آملا النجاة رغم صعوبة حركته بسبب الألم الذي تعرض له في ساقه .

أطلق المعتدون النار متقصدين دب الرعب فيه ومع ذلك لم يتوقف و واصل السعي جاهداً للنجاة. لكن الأمور لم تسر على نحو جيد و هاهو ذا أمام منحدر يقف عاجزاً عن إيجاد طريقة للنجاة. وهنا نظر أحد المطاردين من الأعلى و صرخ للباقين قائلاً:

" هاهو!!! لقد وجدته!!!."

في تلك اللحظة وبينما التفت الصبي مرتعباً تعثرت قدمه وهوى للمنحدر صارخا. وصل المطاردون للمكان الذي كان واقفاً فيه بينما تساءل أحدهم:

"هل أنت متأكد أنه سقط من هنا؟."

أجابه المقصود:

"أجل لقد رأيته بعيني و هو يهوي للأسفل."

وقال ثاني:

" اذاً، لا حاجة لنا لملاحقته بعد الأن يستحيل أن ينجو من هذا السقوط."

و هكذا عادوا أدراجهم بينما بقي مصير الصبي مجهول.

__________𓁹_𓁹_______

    في مكان آخر تماما، تحديدا في مملكة فرنسا. المملكة التي سادها الأمن و الطمأنينة في آخر عقد بفضل الملكة التي استلمت الحكم في هذه الفترة، على الرغم من كونها لا تنتمي للسلالة الملكية الأصلية لفرنسا إلى أنها استطاعت هزيمة اليأس الذي خلفته العائلة المالكة طيلة فترة حكمها.

مع ذلك... وبالرغم من كل القوة و المكانة التي وصلت لها المملكة فمشكلة التوازن بين الطبقات الغنية والمتوسطة و الفقيرة لا يزال طاغياً، حيث ترى الأطفال المتسولين و الذي لجؤوا للسرقة لكسب قوت عيشهم و الأغنياء المترفون  .

من أحد شوارع مدينة باريس نجد عينة من هؤلاء الأطفال... وهو صبي يبلغ الثانية عشر من عمره، ذو شعر أسود كالليل و عيون صفراء صغيرة قتل الإملاق بريقها.

مشى مينا مطأطئ الرأس حيث مر على شخص بدا لا بأس به مادياً ليصطدم به دونما قصد أو هذا ما بدا عليه الأمر.

"أوي ألا ترى أمامك؟!"

هذا ما أعرب عنه الرجل ليرد مينا:

"اوه آسف سيدي~"

"مغفل..."

ثم تابع الرجل سيره في حين استدار مينا بابتسامة تشق وجهه.

دخل الرجل متجر للأقمشة قائلا:

" هل طلبيتي جاهزة؟."

"أجل سيدي سأحضرها لك."

وضع الرجل يده في جيبه بنية إخراج محفظته ولكن المفاجأة أن محفظته لم تكن هناك. ذهل الرجل وهنا أدرك أن الإصطدام وقتها لم يكن صدفة.

"ذلك الوغد سرق محفظتي!!!."

__________𓁹_𓁹_________

جلس مينا في أحد الأزقة التي إعتاد الجلوس فيها قائلا:

" حقا~ النشل من هؤلاء الأغبياء سهل جداً."

نظر هذا الأخير بداخل المحفظة ثم قال متذمراً:

" أهذا كل شيء؟؟!! كان يبدو أغنى من هذا!!! "

اتكئ  على الحائط و نظر نحو السماء التي غطتها الغيوم القاتمة معلنة قدوم الشتاء.

"يبدو أن الثلج سيسقط قريباً…"

حنى  رأسه بحزن متذكراً حياته قبل سنة من الأن...بيت صغير دافئ ... طعام بسيط المكونات على نار هادئة ... أغطية من قماش خفيف فرشت على فراش من خشب عادي ... هناك وقف عجوز كبير في السن يحرك القدر الذي على الفرن و هو ينتظر عودة حفيده الصغير الذي لم يكن يملك غيره في هذا العالم ... هذا هو نوع الحياة التي كان يملكها مينا حياة مستقرة و دافئة لا وجود للمشاكل فيها.

"لقد عدت يا جدي.."

"اهلا بعودتك مينا "

"ايه؟ لما نهضت من فراشك يا جدي!! قال الطبيب ان عليك ان ترتاح لتشفى!""

"لا تخف علي، اردت ان احضر لك العشاء لتأكل عند عودتك.""

"اخبرتك أنه لا داعي لذلك استطيع الطبخ لك هيا اذهب و استلقي"

"حسنا …"

نزع مينا معطفه و وشاحه و اتجه نحو القدر محركاً إياه مبتسماً قائلاً:

" اليوم أعطاني العم لوكا مالاً كثيراً لاني عملت بجد معه , لقد ساعدته في ترتيب كل الطرود التي كانت في مكتب بريدنا. "

ابتسم الجد بلطف و رد:

"أنت نشيط جدا يا مينا مع ذلك أخبرتك يا صغيري أنه لا داعي لتعمل . المال الذي آخذه شهريا كافي لتوفير ما نحتاجه فأنت صغير و يجب ان تلعب و تعلم."

هز مينا رأسه رافضاً كلام جده قائلاً:

"أنا سعيد جدا لأني اقدم لك المساعدة يا جدي لذا لا تقلق."

"أنت حقا عنيد مثل والدك~ هيا اغسل يديك و لنأكل."

"أجل!."

تناولا الطعام معا وفي آخر الليل غطى الجد مينا الذي كان يغط في نوم عميق ثم مسح على رأسه بحزن معرباً:

" ما الذي ستفعله لوحدك بعد رحيلي يا صغيري…"

__________𓁹_𓁹_________

في الصباح اتجه مينا إلى المكتب الذي يعمل فيه مثل العادة  و أينما كان يمر كان يلقي التحية على الأهل و التجار الذين كانوا يبادلونه التحية.

"صباح الخير سيد لوكا."

هذا ما قاله مينا لمدير مكتب البريد المكلف بالطرود الإلكترونية و هو المكان الذي يعمل مينا به حيث رد عليه :

" صباح الخير يا مينا تبدو نشيطا كعادتك~ "

" أنا نشيط كل يوم."

" لا أنكر ذلك، كيف هي صحة جدك؟."

" إنه أفضل اليوم، انا اعتني به جيدا~"

مسح لوكا على رأس مينا مبتسما وهو يمدحه قائلا:

" جدك محظوظ جدا لأنه يملك حفيد مثلك~ "

ابتسم مينا بعفوية ثم سألف :

"إذا هل طلبيات اليوم جاهزة؟"

"أجل وكل ما عليك فعله هو ترتيبها حسب وزن و حجم كل طلبية، ثم رتبها في سيارة الشحن. وإذا انتهيت باكراً سأرسلك مع ساعي البريد لتسليم الطرود~"

م" أجل أجل أريد ركوب السيارة!!!."

بينما كانا يتكلمان مر موكب ضخم بالقرب من المكتب ما جعل مينا يهرع للنافذة مستكشفاً الأمر، كان موكب جميلاً جداً مليئاً بأزهار باريس طيبة الرائحة يقوده عازفين محترفين وخيول بيضاء رائعة الجمال .

نظر مينا بدهشة مستفسراً:

" ما هذا؟؟"

نظر لوكا ثم أجاب:

"إنه موكب زفاف."

"موكب زفاف؟؟."

"أجل إبنة الملكة تزوجت من الجنرال الأعلى لفرنسا و ستقام مراسم احتفال ضخمة بهذه المناسبة, و هذا موكبهم."

"واو اتساءل اي نوع من الحفلات تلك التي يقيمها الأغنياء."

"هذه ليست مجرد فتاة غنية انها ابنة الملكة الأعظم لمملكتنا و حتى مكانة الجنرال مرموقة فهو دوق دي نايتراي وقد نشأ في القصر الملكي مع الأمير و الأميرة."

"و هل الملكة شخص مهم جدا؟"

"بالطبع! مركز الملكة هو الأعلى مرتبة في المملكة و الجميع يسيرون حسب رغبتها و تعد أغنى شخص في فرنسا~. حسنا هذه أول مرة يستلم الحكم شخص ليس من اولفيوس و هذا لأن عائلة دي ماريان كانت ضد حكمهم و أسقطته قبل ما يتجاوز العقد من الزمن لتستلم الملكة فيكتوريا الحكم و كل الفرنسيين يحبونها فهي عادلة و قوية و حققت انتصارات رائعة في فترة حكم قصيرة عكس بعض الأوغاد من اوليفوس."

أظهر مينا علامات استفهام كثيرة غير مستوعب كلام لوكا.

"اهه.. حسنا لا تزال صغيرا على فهم هذه الأشياء ليس وكأنك ستقابل الملكة يوما ما ~"

"بل فهمت!! الملكة هي شخص يأكل طعام لذيذ كل يوم!!!"

ضحك لوكا قليلاً ثم رد:

"بالضبط , حسنا يكفي كلاما وهيا إلى العمل"

"أجل!"

__________𓁹_𓁹_________

في المساء، عاد مينا إلى المنزل و دخله متحمساً منادياً:

"لقد عدت يا جدي "

لكنه لم يتلقى أي رد.

" جدي هل انت نائم؟ هيا عليك ان تأكل او-- "

و ما أردف أن أنهى كلامه حتى وجد جده وهو يمسك بقلبه بشدة مصارعاً الألم شديد.

هرع مينا مسرعاً نحو جده صارخاً:

" ج..جدي!!! ما الذي أصابك!! جدي!!"

"م..مينا ... ا..اسمعني …"

"جدي لا!! انتظر قليلا سأحضر المساعدة!!"

أمسك الجد العجوز يد مينا مردفاً:

" لا تفعل ...لم يعد لدي الوقت الكافي لذلك إسمعني…"

" ماذا تعني؟! تماسك!."

وضع الجد يده على وجه حفيده محدقا بوهجه و الحزن و التعب يملآن محياه:

"منذ أن تركك ميشيل لدي و أنا اعتبرتك كل ما املك ... كنت الشيء الوحيد الذي اعيش من اجله، أعطيتني املاً جديداً و كل يوم معك كان اجمل من الذي قبله مع اني لم استطع جعلك تعيش حياة سعيدة ومريحة كالأطفال الذين في عمرك …"

انهمرت الدموع من عيني مينا و هو يمسك بيد جده قائلاً بصوت مرتجف حزين:

" انت ايضا ...انت كل عائلتي يا جدي ...لا يهمني كيف يعيش الأولاد الآخرون كل ما يهمني انك بجانبي ... ارجوك لا تتركني انا لا املك غيرك في هذا العالم!!!"

" مينا…إبحث عن عائلتك… انت لست طفلا عاديا ... أنت سليل عائلة أماني … عليك ان تعيش وتستمر في التقدم إلى أن تجد الشخص الذي سيغير مصيرك مثلما حدث مع والدك. إلى ذلك الوقت ...عش يا مينا,عش يا صغيري …"

بعد نطقه بهذه الكلمات، لفظ الجد آخر انفاس حياته و هو ينظر لوجه حفيده الوحيد.مات الجد و بقي مينا وحيداً ينظر له بصدمة، ثم  بدأ بهز جسده بيأس نابساً:

"ج..جدي ..؟.. جدي ماذا أصابك؟ ... جدي افتح عينيك!!! ارجوك لا تتركني وحيدا!! من سيعتني بي من بعدك؟ من لي غيرك؟! لا يا جدي لااااا!!!!!!! "

صرخ و بكى لكن لم يتلقى اي رد...

_______𓁹_𓁹________

فتح مينا عينيه في الحاضر بحزن.

[ ثم أفلست شركة البريد التي كنت أعمل فيها ولم أجد المال لدفع إيجار البيت وها أنا الآن أحاول جاهداً لأسكت جوعي....]

نظر مينا للمحفظة التي انتشلها من الرجل قبل لحظات ثم ضغط على أسنانه بحسرة.

"مالذي أفعله...هذا ليس ما علمني إياه جدي…"

ثم نهض ماشياً وإذ بمجموعة صبيان أكبر منه بقليل يقفون أمامه ليقول أحدهم:

" أوي أنت هل من غنيمة اليوم؟."

نظر مينا نحو الصبية ببرود معرباً:

" حتى لو كان أتظنون أني سأتقاسمها معكم؟."

كان يعرف في الأحياء الفقيرة أن قانون الغابة هو ما يحكم و القوي يأكل الضعيف فترة الأولاد يستهدفون من هم أصغر منهم ليأخذوا ما جمعوه بالقوة و هذا ما يحدث لهؤلاء الأولاد إذا قابلوا من هم أكبر منهم و تستمر السلسلة.

نبس أحد الأولاد ساخراً:

"نتقاسمها؟ لا تمازحني~ نحن سنأخذ كل شيء بينما تذهب وتجد شيء جديد لنفسك."

ابتسم مينا باستفزاز قائلاً:

"إذا اردتم شيئاً فاحصلوا عليه بأنفسكم أيها الأوغاد الجبناء."

اغتاظ الأولاد من كلمات مينا الساخرة حيث تقدموا نحوه بينما قال أحدهم:

" إذا سنأخذه بأنفسنا."

"هاتوا ما لديكم…"

ولم تمر لحظات حتى سقط ثالثهم. كان الأمر أشبه بتمرين بالنسبة لمينا رغم صغر حجمه وسنه ،و لا أحد منهم استطاع معرفة سر قوته هذه.

" أهذا كل شيء؟ بالنسبة لكلامكم المتبجح فانتم حقا حفنة ضعفاء~"

مضى مينا في سبيله تاركا اياهم على الأرض. حيث رفع أحدهم رأسه وهو ينظر صوب مينا بنظرات مليئة بالحقد مقسماً على ردها له.

_________𓁹_𓁹________

في مكان قريب، جلس الرجل الذي سرق منه مينا المحفظة على الأرض واضعاً يديه على رأسه قائلاً بصوت متحسر:

" يا إلهي... وعدت أنيتا أني سأشتري لها الفستان الذي أرادته في يوم ميلادها... ماذا سأفعل... "

وقف مينا أمام هذا الرجل ومد يده مرجعاً المحفظة إليه ما جعل هذا الأخير يرفع رأسه صوبه بتفاجئ.

"أتيت لأعيد لك هذه... أنا أسف…"

بهت الرجل قليلا ثم أخذ المحفظة بسرعة وفتحها ليجد المبلغ الذي كان فيها كاملاً. ثم عاد للتحديق في مينا بغضب و سرعان ما لكمه قائلاً باستهجان:

"كيف تجرأ ... كيف تجرأ على سرقة الناس أيها اللص الوغد!!!."

ثم ضرب مينا بقوة دون أدنى شفقة. في حين بقي ميما يتلقى الضرب دونما رد معتبراً نفسه يستحق هذا العقاب . بعد فترة سار الرجل في حال سبيله تاركاً مينا على الأرض يتأوه من الألم حيث رفع هذا الأخير رأسه قليلاً أين ظه على مرمى بصره القصر الملكي الذي كان يعلوا قمة باريس قائلاً في قرارة نفسه:

" اعتقد ان اكبر مشكلة تواجه من يعيشون هناك هي التفكير في نوع اللحم الذي سيأكلونه في عشاء اليوم التالي... "

نهض مينا و الألم ينخر جسده و الجوع يمزق أحشاءه و صمد.

__________𓁹_𓁹_________

مرت يومين دون أن يضع هذا الطفل لقمة في فمه. كانت ليلة باردة جداً وكان الثلج يغطي الأرض بلون ناصع البياض، في هذه الأثناء خرج مينا من زقاقه المعتاد و هو يمسك بجسده الذي كان متيبساً من البرد إذ لم يكن وشاحه الرث كافياً ليوفر له الدفئ.

"برد... أشعر ببرد شديد... وأنا جائع... سحقاً ان بقيت هكذا سأموت هنا."

حنى هذا الأخير رأسه بحزن معرباً:

"أصلا من قد يهتم و عائلتي ليست بقربي... في النهاية لا أحد لي غيرهم في هذا العالم يحزن على موتي، وكل ما سأناله هو نظرات شفقة من المارة... "

مر مينا على مخبز كان قد وضع خبزاً طازجاً قبل لحظات ما خالجه شعور هز كيانه بسبب رائحته الزكية.

" يبدو شهي…"

مد مينا يده ببطء نحو الخبز بعد أن كاد يموت من جوعه و كل همه كان كيف يملأ بطنه حتى لو اضطر للسرقة . و بالفعل بينما كان احد الاشخاص يشتري من المخبز وضع مينا يده على أحد الأرغفة و ركض به مسرعاً لكن الامر لم يطل فقد شاهده الخباز و خرج خلفه مسرعاً منادياً:

"توقف أيها اللص توقف!!!"

ركض مينا بأقصى سرعته مبتعدا عنهم حيث كان أسرع منهم بأضعاف و سرعان ما ضيعهم، و بعد أن نجح بالهرب عاد إلى زقاقه و أطلق زفيراً مرتاحاً معلقاً:

" اخيراً... سحقا كل هذا من أجل رغيف صغير من الخبز… سأكله و سأعمل على دفع ثمنه بأقرب وقت ."

أمسك مينا رغيف الخبز بشهية و بينما هو على وشك الأكل سمع صوت مواء قطة بالقرب منه. حيث نظر صوب صوتها متخققاً وإذا بالقطة تلعق يد شخص ما .

تفاجئ مينا و إقترب من ذلك الجسد المنهار على الأرض حيث كان لصبي ذو جمال آخاذ بشعر طويل أشبه بلون الذهب الخالص، و بشرة شديدة البياض غطتها جروح مؤلمة و ملابس تشبه ملابس النبلاء، في حين تم تم لفه بمعطف شخص بالغ مع علاج سطحي لجروحه التي بدت مؤلمة.

" فتاة؟…"

هذا ما نبس به مينا الذي نظر بارتباك لهذا الصبي قم أعرب:

"الأهم من ذلك... ماذا سأفعل؟...انها تبدو من عائلة نبيلة إن حاولت انقاذها فقط يتهمونني بأني من آذيتها…"

شعر مينا بالحيرة بين فكرة إنقاذها او تركها وكأنه لم يلمحها.

زقاق مظلم و رغيف خبز... يعلنان بداية قصة من أعماق الظلام؟!

-يتبع-

Continue Reading

You'll Also Like

83.4K 6.4K 28
آمال بمُستقبل مُزهر تم سلبه من حياتهم بليلة مُظلمة إختفى حتى نور القمر منها ! تم وئد أحلامهم قبل رؤيتها للنور فما عاشوا بعدها سوى بفراغ مُظلم بلا قا...
1.1M 52K 27
اغرقيني في حبك دعيني ارتشف من عشقك لاتحاولي ابعادي لأنني أصبح متملكا هذا لا يعجبك "كوني عطر حياتي لذلك فل تقبلي بي حتى و ان كنت مصاص الدماء " 🍷احب ا...
6.8K 980 18
السيد الصغير يرى الهدوء في كل شيء. سواء كان في الليل، او في الشاي الي يحتسيه في شرفته خلاله. او في النهار بينما اخوته الاربعة يصرخون في ممرات القصر ا...
253K 6.2K 12
مالذي سيحل بليام الذي استيقظ ووجد نفسه شريراً في رواية كان قد قرأها من قبل؟ بداية كل شيء في وسط الظلام فتحت عيناه بصعوبة يبدو عليهما التعب والثقل..أ...