Enjoy
******************
جِيمين
أقف مَصدوماً مِن وجوده أمامي بعد فِراقنا الذي طال عَهده و اشتدَّ مُلحقاً بي الأذى و الضَرر
لم أتحرك إنشاً واحداً و حتى يدي التي تُمسك بالسلاح مازالت مرفوعة و مُصوبةً نَحوه فَلمدة سَنةٍ و خَمسة أشهر كان شاغلي الأكبر و الوحيد هو لِقاء الجنرال و لو لمرةٍ واحد في أيام عُمري المُتبقية
كِلانا ينظر للأخر بِصمتٍ تام و أنا شَاكرٌ لِلحظةِ الهدوء هذه حَتى يَتسنى لي تأمله أكثر ، .. لم يختلف كثيراً و مازالت هَيئته تُوضح هَبيتهُ و عُلو شَأنه لكنه مُتعب و من السهل مُلاحظة هذا
أشعر بأن في جُعبته الكثير و الكثير من الكلام لكنه لم يَنبِس بِبنت شِفة و في الحقيقة هذا حالي أيضاً لكن المُختلف في الأمر هو أن كلماته المُعاتبة مُحملةٌ بالأسئلة التي لا أعرف أجوبتها
أما كلماتي فَهي مُشتاقةٌ و حسب و لا أرغب بسؤاله عن أي شيء فوجوده أمامي يَكفيني و يَشفي جُروحي التي شَكلتها الأيام داخلي
ما يجري بيننا الأن ذَكرني بِكتابٍ قد قرأته حين كُنت في الخامسة عَشر من عُمري في بولندا ، كِتابٌ يسرد قِصةً عاطفية بين شابٍ و فتاة أحبا بعضهما حُباً لا مثيل له في زَمنهما و لكن الأقدار شاءت و فَرقتهما عن بعضهما
و حين التقيا مُجدداً بعد طُول غِياب توقف الوقت بمجرد أن نَظرا لبعضهما و هذا تماماً ما أشعر به الأن بعد رؤيتي لِعزيز قَلبي
الوقت تَجمد و السُكون قد حل في لِقائنا بعد فُراقِنا الطَويل
" افتَقدتُك يونغي "
قَطعت صَمتنا فأنا مُشتاقٌ لِسماع صَوته حَتى و لو ما سيخرج من فَمه قاسياً لكن لا بأس فأنا أستحق ،، رُبما؟
" لو أنك تَفعل حَقاً لَما رحلت هَكذا جيمين "
أخفضت يدي التي تُمسك بالسِلاح و شتتُ نَظري جَاهلاً حَقاً بِما أُجيبه فمن رَحل أنا أم هو ، كِلانا ابتعد عن الأخر و لكن اللوم الأكبر يقع على عاتقي و أنا المُذنب في جميع الأحوال و لطالما كُنت كذلك
" لِمَ تَركتني وحيداً في المنزل اذاً و لوقتٍ طويل انتظرت عَودتك و لكنك لم تأتي ، لِمَ لم تبقى يومها و لِماذا أوصلتنا الى هذا الحال"
صوتي كان يرتجف و أنا أطرح عليه أسئلتي الكثيرة ، و أنا أعنيها حقاً و أجهل سبب تَركه لي لوقتٍ طويل و كُنت لأتفهم لو أن غيابه عني امتدت لاسبوعٍ أو شهر لكنه بقي بعيداً ما يُقارب الثلاثة أشهر
" لِمَ ؟ أيحق لك حتى السؤال عن الأسباب؟ أوليست أسبابي واضحة و ألا يحق لي الابتعاد عمن سبب لي الأذى ؟ "
" لكنك تعلم بأنني أحبك و بِضع كلماتٍ مُزيفة لن تُغير من حبي لك أبداً "
تردد صَوت ضِحكته الساخرة في أرجاء المكان ، كَتف ذِراعيه و نَظر بملامحٍ لا أستطيع وصفها بالغاضبة أو المُستَهزِئة و لكن ما أنا مُتأكدٌ مِنه هو نظرة عينيه التي تَصف خيبة أمله الكبيرة و التي آلمتني كثيراً
" يبدو بأنك لم تَفهم حقاً سَبب هِجراني لك جيمين ، ابتعدت عنك لأنك تُحبني و لأنك أقحمت نقاء مَشاعرنا في لُعبتك هذه ، و في وقتٍ من الأوقات التي قَضيتها وحيداً أُفكر بك خَطر في بالي سؤالٌ مُهم ... هل كان حُبك لي كافياً أم أنني أكثر من يُحب هُنا "
لا بل المؤلم هو عدم ثِقته بمقدار حُبي له و أنا الذي قد أقدم الكون كُله لأجله ، الجميع يظن بأنني مُتهورٌ في أفعالي لكنهم لا يعلمون كم أُقاسي الآمَرِّين و كم مَرة أموت قبل ارتكابي لأي فِعل
إرضاء نَفسي و إرضاء مشاعري في الوقت ذاته صَعباً للغاية ، لست انساناً يتخذ قَرارتٍ بكل سُهولة و يعيش حياةً طبيعية
دوماً ما أقع في ذات الخيارات و المُقارنات و إن نَظرت خَلفي طالباً المُساعدة فلا أحد يُجيب لأن لا أحد خلفي أساساً و هذه هي الوِحدة القاتِلة التي أتحدث عَنها
أضع أمالي جميعها على الجنرال كَسَندٍ لي في هذه الحياة و رغم كُل ما حَصل ما زِلت أعتبره مَسكناً أمناً لي و ما زال صَدره الدافئ هو مَوطني و الى حيث أنتمي
" لا أعلم إن كانت هذه الكلمة قد تُصلح حِطام قَلبك فأنا لم أستخدمها سابقاً لكنني أسفٌ على أذيتي لك و أسِفٌ على ما سببته لك مِن جُروحٍ قد لا تُشفى و أسِفٌ لك و لنفسي أيضاً لأنك لا تَثق بحبي و هِيامي بك"
" كيف لي أن أثق جيمين و أنت لا تُفكر سِوى في الانتقام ، لِمَ لم تُخبرني حينها عن ما يجول داخل رأسك ؟"
أخفضت رأسي و ابتسمت ساخراً على سؤاله
" ماللذي أُخبرك به ؟ أنني أرغب بقتل والدك و استعادة حقي و حق عائلتي الذي سَلبَه ، رغبت دوماً باخبارك لكنه والدك يونغي بالتأكيد ستمنعني عن فعل ذلك "
" أمنعك ؟ و أنا اللذي كُنت أعلم بجميع أفعالك ، الرسائل و هانس و مَقتل صوفيا و ذلك الشاب المَدعو جين و لِقاءاتك المُتكررة مَعه بجانب الكَنيسة بعد مُنتصف الليل "
وَسعت عيناي من ذِكره لجميع ما كُنت أخفيه عنه
" لكن كيف؟"
" أتظن بأن رِسالة آلفريد هي من كَشَفت أفعالك؟ لا صغيري لقد كُنت على عِلمٍ بكل خُطوةٍ تَخطوها داخل القصر أو خَارجه و على الرغم من كُل هذا لم أمنعك بل سَمحت لك بفعل ما تَشاء
و حتى أنني دَعمتك في الخفاء ، عامَلتك بِلُطف شديد و أظهرت لك كُرهي للحزب النازي و أنني مِثلك مُجبرٌ على الكثير ، مَهدت لك الطَريق كي تُخبرني برغبتك الحقيقية و السِر خَلف كُل أفعال التجسس الواضحة هذه "
الندم في عيناي لا بد و أنه واضِحٌ للغاية ، بعد وقتٍ طويل ها أنا أُلحق الأذى بِباطن كَفي مُجدداً و لا جوابٌ في خاطري يَشفع لأفعالي أو حتى يُبررها
بخطواتٍ بَطيئة تَقدم مني حتى وصل أمامي و جسده كَاد يَلتحم بِجسدي ، أنا أراه عَن قُرب و كأنه حُلمٌ صَعب المنال و ليس كالسابق فأجسادنا قَريبة جِداً و أنفاسنا واحدة و لكن قلوبنا بعيدةٌ
و مُشتتة فالكِبرياء قد نال مِنه و بات طَرفاً ثالثاً يضع حاجزاً بيننا
" لن أُنكر بأن ما كَتبتَه في الرسالة قد سبب لي الألم ، عيناك لا تَكذب آنجيلوس و أعلم بأنك تُحبني و لكنني أردت أن أرى الى أي درجةٍ تَفعل لذا تَركتك لوحدك و تَمنيت بأن تختارني على انتقامك لكنك لم تَفعل بل مُجدداً وضعت الانتقام نَصب عينيك و تخليت عن مَشاعرنا "
وَضعت يدي على شِفاهه فلا رغبة لي بسماع شُكوكه حول حبي العَظيم له
قُربنا لم يُعجبني لذا اقتربت أكثر و أمسكت رأسه مُلصقاً جبهتي بِخاصته و من ثُم أغمضت عينايَ مُتحدثاً بهمس
" لم أختر الانتقام على حُبنا ، فلا شيء يَفوقك أيها الجِنرال و لا شيء يفوق مشاعري نَحوك ، و لكن أخبرني أنت كيف أُطفئ نار الحقد المُشتعلة داخلي منذ سنين طَويلة ؟ و هل وَضعت نَفسك في مكاني يوماً ، كيف تهنأ لي الحياة و قاتل عائلتي و مُغتصب أخي يتمتع بحياته ؟ أخبرني يا مَحبوبي هَل شَعرت يوماً بحزني الدفين و وِحدتي ؟ و هل وَقعت في مُعضلةٍ كَمُعضِلتي ؟ أتمنى ألا تَشعر كما أشعر فعندها ستتمنى الموت مِئة مرةٍ في الثانية "
لم أتحمل استنشاق رائحته عن قُرب أكثر من ذلك و حاولت كَبح غَرائزي لكنني لم أتمكن لذا هَجمت على شَفتيه مُقبلاً إياه بِجوع و شَوقٍ لِكُل ما به
و أثناء تَقبيلي له رفعت سلاحي و وضعته ناحيةَ قلبه
"بادلني شوقي و قُبلتي و هذه اللحظة و تَخلى عن كبريائك اللعين "
أمَرتهُ عندما شَعرت بعدم مُبادلته على الرُغم مِن رَغبته الشَديدة بذلك فاضطراب أنفاسه يَفضح لي مَشاعره
أمسك بيدي و جمعها بيدي الآُخرى ثم وضعهما خلف ظهري و قيدني جيداً مُنتزعاً السلاح مِني ، لكنني لم أهتم بل استمريت بتحريك شِفاهي بعشوائية مُطالباً بالمزيد مِنه
" لن أسمح لك بالانتقام "
قال أثناء تَقبيلي له لأتوقف عن فِعل ذلك و أنظر له بِحدة ، في الحقيقة كِلانا كان يمتلك هذه النَظرة و كِلانا يُحاول التَحكم بالأخر و مُجدداً أنا لا أعلم إن كان هُدوء الليل أقوى من أمواج البحر
" لِمَ لا تَفهمني يونغي ، الانتقام جُزءٌ سيءٌ مِن حياتي و لن يختفي إلا حين أقتل آلفريد و أُرضي نَفسي التي ذاقت من المُر ما يَكفي"
حرك رأسه نافياً بسرعة مِراراً و تِكراراً
" لن تَفعل و لن تَقتل أحد ، ضحاياك من الضُباط و الجنود أصبحوا كُثر و في الحقيقة يجب أن أُثني على ذكائك حين كَتبت كُل تلك الرسائل المُتلاعبة باسم هانس الذي أُعدم هو و والده الأن "
رفعت حاجبي و اجبته و على وجهي ابتسامةٌ مُنتصرة
" انها حرب رصاصٍ و دِماء فهل توقعت بأن أُحاربهم بِزهرة ؟ لست حمامة السلام بعد الأن لذا لا تتوقع مني أي فِعلٍ جيد و لا تَظن بأنني سأبقى صامِتاً "
" حقاً ؟ و ماذا لو تأذيت أنا بسبب تَهورك جيمين"
" لن تتأذى ، سأحميك مِن كُل ما يُمكن أن يُصبك لذا لا تقف في طريق انتقامي أنا أرجوك"
ابتسم لي و قَبل جَبهتي و أنا ظَننت بأنها النهاية و بأنه اقتنع و أخيراً بأفكاري لكن نِداءه التالي شَتتني
" أيها الحُراس يُمكنكم الدُخول "
لم تكن ثواني حتى الا و رأيت جُنديان يدخلان علينا و ملامح الجمود تَكسي وجهيهما , تفاجأت في وجودهما فعند دخولي له لم يكن هُناك من يقف بجانب بابه
" خُذوه من البَاب الخَلفي و إياكم إلحاق أي نوعٍ من الآذى به "
ابتعدت عنه و نَفيت له و حينما حاولت الهروب أمسكني و سَلَمني لَهما بينما أصرخ به و أُناديه
لكن الجُنديان أخرجاني من الغُرفة و أنا مازِلت أتحرك بينهما بعشوائية مُحاولاً إفلات نَفسي مِنهما عدا عن لِساني الذي يُلقي عليهما بالشتائم دون تَوقف
و أنا على ثِقةٍ تامة بِرغبتهما بتقطيعي إرباً لكنهما لا يستطيعان مُخالفة الجنرال آلبير لذا أخرجت كُل حِقدي الدفين بهما و في جميع الأحوال هُما يَستحقان ..
بصعوبةٍ قاما بِفتح الباب و إدخالي الى سَيارته العسكرية و أستطيع رؤية التعب يغزوا جسديهما و وجهيهما ، أعلم بأن الجنرال سيأخذني الى قَصره مُجدداً و أعلم بأن مُقاومتي لن تُجدي نَفعاً لكن الخضوع لا يُناسبني أبداً لذا لا مانع بالمُقاومة قليلاً
مُؤخراً بِتُ واثقاً مِن أمرٍ واحد و أشعر به جيداً و هو أن آلفريد سيأتي لي بقدميه يوماً ما لذا ما من داعي لمُلاحقته بل سأنتظر فريستي بكل هدوء و سأستمتع مع الجنرال و أقنعه بانتقامي حتى يحين الوقت
" يُمكنكما العَودة الى عَملكما و أنا سأتولى أمره من الأن "
قال الجنرال حين وصل إلينا و أستطيع رؤية الخُبث في عينيه ، ذاتها النَظرة التي رأيتها في المرة الأولى عندما قابلته في الحانة
" دَعني أرحل يونغي فإن كان انتقامي لا يُعجبك اذاً فُك قيدي لأشُقَ طريقي بنفسي بعيداً عَنك "
و كل ما خَرج منه كان عِبارة عن قّهقهة خَفيفة فَسَرت لي بأن حديثه التالي لن يُعجبني
" الى حين وصولنا الى القَصر لا أرغب بسماع كَلِمةٍ مِنك و دعني أكون واضحاً لك من الأن ، ما ستُقابله مني هو الجنرال آلبير فقط أما يونغي لن يعود حتى تعود أنت لصوابك "
كُنت مُستعداً لأُجيب الجنرال بجوابٍ لاذع و لكن قَبل أن تَخرج أي كَلمةٍ من فَمي دخل سيباستيان وألقى تَحيته بشكلٍ اعتيادي ، و كأن الأمر بِرُمته كان مُخَطَطٌ له
" أهلا بِعودتك سَيد آنجيلوس "
*****************
يَسير بِتَكبرٍ وثِقة عبر الممر داخل مَنزله و خلفه جُنديٌ كان يُشرف على أحوال المَنزل طِوال فَترة غِيابه
" رأيته يَخرج عبر الباب الخَلفي و يقتاد شاباً مُتوسط الطُول و شعره أشقر ، لا أعلم هويته أو أي تَفصيلٍ عنه لكنني سَمِعت السيد آلبير يُناديه باسم آنجيلوس"
" و هل تَعلم أين هُم الأن أو الى أين يَتوجهون؟"
أخفض الجُندي رأسه و ابتدَأ حَديثه بِنفيٍ قاطع
" لا سيد آلفريد ، لا عِلم لي بهذه التفاصيل و لكن حَسب توقعاتي أظن بأنهم سيعودون الى بِرلين فالسيد سِيباستيان كان يُرافقهم الى سَيارة الجنرال العَسكرية "
همهم آلفريد و دخل هو والجندي الى مَكتبه
" فَهمت اذاً سوف يعبرون حُدود هامبورغ دون إيقاف الحواجز العسكرية لهم "
الجندي تَقدم من آلفريد و أخرج ظَرفاً أبيضاً مِن جَيبه ثم قَدمه لسيده الذي نَظر بِتعجب
" مِمن هذا ؟"
" أصر الجِنرال آلبير على استلامك لهذه الرِسالة و أخبرني بأن أُعطيك إياها في أقرب وقت "
أومأ آلفريد و تنهد مُعتدلاً بجلسته على الكُرسي ثم أشار لِلجندي بالخروج ليبقى وَحيداً مع ظَرف الرسالة المَجهولة....
************
الجِنرال آلبير
حاولت مَنع عيناي من النظر له و تَجاهله طُوال طَريق رِحلتنا لكن الأمر كان أصعب مِما تَخيلت
لم أُعبر له عن شَوقي العَظيم له و لم أُخبره بكم افتقد وجوده حولي و رائحتة التي كُنت استنشقها دون مَلل في كُل مرةٍ ينام بجانبي و بين أحضاني
أعلم بأنه حَزين لِمُجافاتي و برودي معه و أستطيع الشعور بانزعاجه بمجرد النَظر لِعُقدة حاجبيه التي لم تُزيده سِوى لُطفاً و جمالاً
لكن نَحالة جَسده الشديدة لم تَرق لي و شُحوب وجهه و التعب سَببا لي ألماً في قَلبي و أنا مُتأكد بأن الطعام لم يدخل الى فَمه سِوى نادراً
حُبه لي غَريبٌ و من الصعب فَهمه لكن لا يُمكن انكاره فهو واضحٌ كوضوح الشَمس في النهار
تَنهدت و اقتربت مِنه أكثر حتى التصق كَتفي بِكَتفه لينظر لي و يَقلب عينيه ثم يُعيد أنظاره الى النافذة مُراقباً الطُرقات الريفية الخَضراء
أمسكت بيده و وضعتها بين يداي لأسمع زفيره المُتململ و هَمسه
" ما بالك أيها الجنرال تُعاملني بِمزاجيةٍ غريبة ، فَمرةً تَكون صارِماً و مَرةً أُخرى أراك أحن و أرق من بتلات الزهور"
" مهما كُنت صارماً مَعك إياك و أن تَنسى ما أكنه لَك مِن مَشاعر "
" حَقاً و ماذا عَنك آلبير؟ لِمَ تَنسى حُبي لك دوماً و تَضعني بين خياراتٍ صَعبه ، و لِمَ تُشكك بِصدق مشاعري ؟ ألا تَعلم بأن هذا يؤلمني للغاية"
زممت شفتاي و نَظرت لِيده التي تَغرق و بكل سهولة بين ضخامة يداي ثم أجبته
" ما أنت مُقبِلٌ على فِعله خَطيرٌ للغاية آنجيلوس ، انه آلفريد و اللعنة ، الجَيش و القِوى العَسكرية بأكملها خَلفه فهل تَظن بأن التلاعب معه سَهل كما فَعلت مع باقي الضُباط و هانس؟"
ابتسم بطريقةٍ لا أستطيع وصفها باللطيفة بتاتاً و نظر لي و تحديداً الى عيناي
" و أنا أمتلكك أنت جِنرالي ، أولست المَناصب العُليا؟ "
" هذا استغلال ، أنت تَستغلني "
نفى لي و ارتفعت يده لِتتموضع على وجنتي
" أنا أُحبك و أنت تُحبني لذا قِف بجانبي و ادعم خُطواتي كما يَفعل جميع الأحباء "
" لا "
هَمست له نافياً ليسحب يده و يستدير بوجهه عني و أستطيع سماع الشتائم تَخرج من فمه دون تأني
" لا تَشتمني بِلُغتك الأم فأنا أستطيع فَهم بعض الكلمات "
نَظر لي بجانبية و شَخر ساخراً ، أما أنا فَلم أهتمَ كَثيراً بل عُدت لِمُراقبة خُصلات شَعره الشَقراء التي طالت و أعطته مَظهراً وسيماً فَوق وسامته...
المُتعة و مُعاشرة النِساء كانت دَوماً تُسعدني و لطالما اعتبرتها مُجرد رفاهية و لم أضع في بالي مَشاعر الحُب أبداً فأنا لم أرغب بها في الأساس
و لكن ما يمتلكه جيمين مُختلفٌ تماماً و ليس جماله الفائق هو السبب فقط ، لا بل عَفويته و تناقضه و طريقة تّعبيره عن مَشاعره و لُطفه الذي يُحاول دائماً إخفائه خَلف أقنعة القسوة المُزيفة
جيمين يُشبه مَعزوفةً جميلة و هادِئة، مَعزوفةً تَنجذب لِسماعها و تكرارها دون أن يُصيبك المَلل أو الإرهاق
هو مَلاكٌ جَميل و على الرُغم من أفعاله و أقواله السيئة في بعض الأحيان إلا أنه يبقى آنجيلوس
آنجيلوس ذو الأجنحة المَكسورة
**************
يُتبع