آنجِيلوس١٩٤٠ || YM

By 00melas

186K 17.1K 26K

كُنت على عِلمٍ في البداية بأن خُطاي في هذا الطريق ستقودني لِنهاية مَسدودة و جهودي في صُنعِ حياةٍ خالية من الأ... More

مُقدمة
-١- حَانةُ المَوتِ المُفاجِئ
-٢- سُوناتا "مثيرٌ للشفقة"
-٣- سُوناتا الرَّقم واحِدٌ وعشرون
-٤- المَعزوفة الرَّابعة ( اختناق)
-٥- سيمفونية ضَرباتُ القَدر
-٦- المعزوفَة الثالثة عَشر
-٧- تضحية مُوسيقية
-٨- بِجانب البُحيرة
-٩- المَعزُوفة الثّانِية والعُشرون َ
-١٠- الجَاز عَبر شَوارع بِرلين
-١١- مَعزُوفة أُوبِرالية
-١٢- لَيلة كَئيبة
-١٣- تراقُص الأجسَاد
-١٤- نُدبةٌ قَديمة
-١٥- ضَوء القَمر
-١٦- السُقوطُ السَادس
-١٧- السُّوناتا السَّابعة عَشر
-١٨- رِحلة الى مَكانٍ بعيد
-١٩- مَشهدٌ مِن صُنع شِيكسبير
-٢٠- السُوناتا التَاسِعة و الخَمسُون
-٢١- مُوسِيقى الأُورغن الشَهيرة
-٢٢- رِسَالةٌ الى آلفرِيد
-٢٣- الحَرَكة الأُولى
-٢٥- لِقاءٌ بعد فُراق
-٢٦- مَعزوفة الجَرسْ
-٢٧- جُزئية الشِتاء
-٢٨- سيكلوجيات شائعة
-٢٩- السوناتا الأولى
-٣٠- حانةٌ في مَانهايم
-٣١- مُذَكَرة آلفريد
-٣٢- النِهايَة
- مَعزوفةَ مُميزة ١/٢ -
- مَعزوفَة مُميزة ٢/٢ -

-٢٤- ليلة موسِيقية قَصِيرة

3.8K 457 552
By 00melas

Enjoy

************

السابع عَشر مِن أبريل عام ١٩٤٣

مَدينة مَانهايم

تايهيونغ

مُنتصفُ أبريل بالفعل لكن البرودة و الجو الشَتوي ما زال مَوجوداً ، أصبحت مُراقبة حالات الطَبيعة المُتغيرة هوايتي الوحيدة في هذا المكان

أحاول إبعاد أفكاري السيئة حول جيمين أخي المفقود ، سوف ألوم نَفسي لو حَصل ما يسوؤه ..

وضع البِلاد من سيء الى أسوء هذا ما أسمعه بتكرار فأنا لا يُسمح لي بالخروج بأمرٍ من يونغي الذي اختار وضعي في هذا المنزل عِوضاً عن منزل المزرعة الذي أخرجني منه بسرعة في ليلةٍ لا قمر فيها

بتلات أزهار الربيع تراكمت أمام  نافذتي و الأيام تَمر و أنا أُصبح أكبر و ما زال جيمين مُختفي و يونغي حَزين

" ماللذي يَشغَلُ بالكَ مُجدداً تايهيونغ "

الصوت الذي صَدر من خلفي كان لصاحب هذا المنزل و الذي اكتشفت لاحقاً بأنه ذاته جونغكوك الذي احتجزته في المزرعة لأيامٍ عديدة

التفتُ بِكُرسي المُتحرك و واجهته ، جميعنا تّغيرنا حتى جونغكوك الذي تعرفت عليه في البداية أصبح مُختلفاً الأن

بات هادئاً و كَثير الشرود ، مثل حالي تماماً

" لا شيء مُحدد فقط أُفكر بأخي و الجنرال ، كلاهما مُختفيان و بالأخص جيمين الذي لا نعلم عنه شيء " 

تنهد و جلس على السرير مُتعباً فهذا الحديث يُهلكنا على الدوام، أين جيمين و مالذي حَل به ، أهو على ما يُرام أم أنه وقع ضَحيةٍ لإحدى الاعتقالات النازية

كانت عملية الضباب و الليل حديث الجميع في أواخر عام ١٩٤١أي في الوقت الذي فُقد به جيمين، أكبر عملية اعتقالات في تاريخ هتلر و أكثرها سرية أثناء حُدوثها

إن حدث و تم اعتقال جيمين فِعلاً اذاً لابُد وأنه برفقة عائلتي الأن و هذا ما يجعل من صدري يضيق و دموعي تنهمر على الفور

لم أكن أخاً جيداً له ، كُنت سيئاً و لم أهتم لمشاعره و أبعدته عني دوماً قائلاً بأن أفعاله لا تُعجبني

فعلت كُل هذا به فقط لأنني كُنت خائفاً من أن يُصيبه أي مكروه و لكن المكروه قد أصابه و ها أنا أبكي على غبائي و إهمالي له

" لا تبكي و تُرهق نفسك أنا أرجوك تايهيونغ ، لا تتشائم و تستنج أموراً قد تكون واهية ، ألم تتعب عيناك و يَجف دمعها من كثرة البُكاء "

قال لي جونغكوك و هو يتقدم نحوي و يجلس على رُكبتيه أمامي ، رفع يده و مَسح دموعي و أثارها على وجنتي ليبقى وجهي عابساً و ينذر بأنني قد أبكي في أي لحظة

" أخطأت في حَقه و لم أعطيه من الحب سِوى القليل ، رَغبت بالحفاظ عليه لكن بسببي انفعالي و تَسرعي خَسِرته "

" لِمَ تُلقي اللوم على نَفسك دوماً تايهيونغ فما عساك بفاعل إن تم كَشف أخاك و خُططه من قبل الجنرال ، أنت لا شأن لك "

أخفضت رأسي و ابتسمت بأسى فلا أحد يعرف هذه الحقيقة سِواي ، حَقيقة أنني من سَلَم رِسالة آلفريد للجنرال ، حقيقة أنني كُنت خائناً لأخي و لم أحفظ سِره

و في ذات الوقت جَرحت يونغي الذي لم أعرف بأن ما يجمعه هو و جيمين أكبر من مجرد عازفٍ وسيده بكثير و لم أعلم بأن مشاعره حَقيقة و جياشة الى ذلك الحد و أنا بِكل بساطة أعطيته رِسالةً تُمزق قَلبه

كُنت لَئيماً بحقهما و حَولت سعادتهما الى جحيمٍ مؤلم ، أنا أرغب و أتمنى رؤيتهما مُجدداً لكنني لا أستطيع

و لا يتسنى لي سوى الاستماع لكلمات جونغكوك المُهَدِئة و التي تُساعدني على تجاوز هذه الأيام العَصيبة

" جيمين لم يكن حَذراً يا صغيري بل كان مُتهوراً و نسبة اكتشاف افعاله كانت كبيرة جداً ، بالإضافة الى أن الانتقام قد أعمى عيناه ، لقد اعتبرني واعتبر نامجون و هوسوك أعداءً له ، كان يعتقد بأن ما يفعله هو الصحيح فقط "

أمسك جونغكوك بيدي و همسَ بكلماته بينما ينظر داخل عيناي مُباشرةً

زَممتُ شفتاي و نَفيت له

" بل كان يتألم ، لقد كُسرت أجنحته حين كان يُراقب عذابنا من بعيد ، أتعلم كم كان الصُراخ عالياً آنذاك و الجميع يُنادي جيمين و جيمين و لكنه كان عاجزاً و مُقيداً بين أيادي الجنود ، لم يستطع اغلاق عينيه و في كُل مرة حاول إبعاد نَظره كانوا يجبرونه على الرؤية ، أنا كُنت أصرخ باسمه أيضاً حينها و كنت مُقيداً مثله لكن بشكلٍ مُختلف ، أنا و جيمين فقدنا أرواحنا برفقة عائلتنا في ذلك اليوم و ما تراه مِنا الأن ليست سِوى أجسادٌ تمشي بِلا رُوح "

حُضنٌ دافئ قَدمه لي جونغكوك بعد انتهائي من حديثي و سردي لذكرياتي الحزينة

مُحاوطته لجسدي بين ذراعيه كان كافياً ليجعلني ساكِناً و مُطمَئِناً في هذه اللحظة على الأقل لذا تّشبثت به أكثر و بحثت عن المزيد مِن الدِفئ لعلي أزيح التّكهُنات السيئة عن ذِهني

***************

هامبورغ

جيمين

كان الفَرق واضِحاً للغاية و الصعوبات التي واجهتني جَعلتني أُدرك أن حياتي مع الجنرال كانت نَعيماً على عَكس ما أنا عليه الأن

وَحيدٌ و مُستَعدٌ لأي خَطرٍ قَريب و على هذا الحال استمريت بالكفاح لمدة سنة و خَمسةِ أشهر

لا أتعرف على نَفسي و لا أرغب برؤيتي في المِرآة ، لا أعلم كم أصبح طولُ شعري لكن جَمعه سوياً في عُقدة أصبح مُمكِناً

كان حالي مُتضارباً جداً و أكثر ما قَتلني داخلياً هو شوقي له ، لمحبوبي الذي بات لا يخلو من أحلامي أبداً و تفكيري لا يدور حول أي شيءٍ سِواه

هو فقط و لا أحد بعده و حتى رغبتي بالانتقام بدأت تَنطفئ شيئاً فشيء كما يَنطَفئ أملي بِلقاء الجنرال يومياً

اختفت أهداف حياتي و أصبحت بائساً أكثر مما كُنت عليه في بولندا حتى و أظن بأنني لن أصبح أفضل

بل انتهى الأمر حتماً و اليأس سيبقى يأكلني حتى أختفي من هذه الحياة الى الأبد

السيدة روزي لطيفة و حاولت مُساعدتي كثيراً في الخروج من هذا الحال العصيب و لكنني أخبرتها بالتوقف عن ذلك فأنا لا أُمانع ما يحصل لي و كما قُلت سابقاً توقفت عن الكِفاح و قررت الجلوس ساكناً مُنتظراً أجلي

حَملت خيباتي لهذه الليلة و خَرجت من الغُرفة بخطواتٍ بَطيئة و أول ما واجهني كانت السيدة روزي التي تَنظر لكثيرٍ من الظروف باهتمام

" ما  كُل هذه الرسائل "

سألتها و جلست على الأريكة أمامها لتنفي هي برأسها و تُجيبني بِلا اكتراث

" مُجرد رسائل عَمل و دَعواتٍ تم ارسالها لأخي الذي يعيش في فرنسا حالياً "

هَمهمت لها و أنهيت الحديث عائداً لأفكاري الداخلية ، الوضع بيننا و منذ سنة لم يتغير و ما يجمعني بهذه السيدة اللطيفة لا يتجاوز الأحاديث السَطحية

هي و من دون أن تسمع قِصتي بأكملها قَررت مُساعدتي فبمجرد إخباري لها بأنني صَديقٌ لجونغكوك و جين فتحت لي أبواب منزلها بالكامل و سَمحت لي بالاختباء داخله

أوضاع البَلد لم تُخفى عني بل أنا أُتابع كُل ما يحصل عن طريق قِراءة الصُحف الاسبوعية التي تُحضرها السيدة روزي كُل نهاية اسبوع

مُضحكٌ أنني أقرأ صَفحات الصُحف الرقيقة و أبحث فيها عن أي خَبرٍ يَخِص الجنرال آلبير ، لكن لا أخبار عنه  و لا أستطيع اللجوء الى أي شيء لإخماد شوقي له سوى القُفازات التي أهداني إياها و التي ما زلت أحتفظ و أعتني بها و كأنها أخر ذِكرى منه

القُفازات تُذكرني بأنني كُنت مَحبوباً و غارقاً بالحنان و الاهتمام في يومٍ من الأيام

و في يومٍ من الأيام من أحضر لي هذه القفازات اختفى عني و تَركني مُتجمداً مُحتاجاً الى الدِفء  و باحثاً عن ذراعيه التي تُخفيني عن كُل سُوءٍ في هذا العالم

" هَذه دَعوة لأمسية في هذه الليلة و يبدوا بأن الكَثير من أصحاب الشؤون العُليا سيتواجدون هُناك "

قالت روزي مُقاطِعةً أفكاري و مُثيرةً فضولي بشدة نحو مُرسل هذا الدَعوة

" و أين مكان هذه الأمسية "

" لا أعلم إن كُنت تَعرفه لكن الأمسية هُنا في هامبورغ و تحديداً في منزل السيد آلفريد روزنبيرغ ، يبدو بأنه وجه دَعوةً لأخي "

رَفعت حاجبي و ابتسمت بسخرية ، إن آلفريد مُلتصقٌ بحياتي أكثر من الجنرال حتى و دوماً ما يُعطيني سُبُلاً و أبواباً كثيرة للانتقام منه على عَكس يونغي الذي أغلق جميع الطُرق في وجهي و مَنع عني الأمل برؤيته مُجدداً

" هل أخاكِ ضابِطٌ أو ما شابه؟"

" لا بل هو تَاجِرٌ ثري مَعروفٌ في الكثير من البلاد و أظن بأن هذه الدعوة من آلفريد فقط لتبادل المَصالح لا أكثر ، لكن لا يُهم سأرمي بها في القُمامة ففي جميع الأحوال أخي ليس هُنا "

وجنتي مالت على يدي و حَلقت في أفكاري بعيداً عن السيدة مُجدداً ، فماذا لو ذَهبت الى تلك الأُمسية و أنهيت كُل شيءٍ اليوم ، سيكون رائعاً للغاية أن ينتهي الأمر في هذا اليوم الربيعي البارد

" سأذهب الأن الى منزل صديقتي في الجِوار لذا هل ستكون بخيرٍ لوحدك الليلة ؟"

" لا تقلقي سيدتي ، استمتعي بوقتك و حسب "

كان هذا الحديث أخر ما تَبادلته مع السيدة روزي لترحل هي و تتركني مع تلك الدعوة على الطاولة

أنظر لها و في رأسي المِئات لا بل الكثير من الخطط و في داخلي جُزءٌ صغير يُخبرني بأن الجنرال سيكون هُناك

و لكن كيف لي أن أُقابله و بأي حالٍ أقترب منه ؟ فهل ما زِلت آنجيلوس أم عُدنا غُرباء و عُدت لأكون جيمين عازف الحانة فحسب

أمسكت الظَرف و قَلبتهُ بكل الاتجاهات مُتَأملاً جميع زواياه و في الحقيقة ما يدور في عقلي مُختلف تَماماً

كُنت أحاول تَذكر أين تَضع السيدة روزي سِلاحها في العادة ، أسفل الوسادة ؟ أم في دُرج ملابسها ؟

استقمت ثم سِرتُ الى غُرفتها أبحث عن السلاح و في داخلي أعتذر لها على وقاحتي و تَطفلي لكنني مُجبَرٌ ، نَفسي تُجبرني على الانتقام كمرحلةٍ أخيرة في حياتي

أعني إن لم أنجح في الحفاظ على الجنرال اذاً لِمَ لا أُحافظ على هَدفي الأساسي و أحققه قَبل موتي

بَحثتُ في كُل مكان و حَرصت على أن تبقى الغُرفة مُرتبة أثناء بحثي العشوائي ، جلست على رُكبتي و انحنيت الى أسفل السرير لألمح صُندوقاً خشبياً

أخرجته و كنت أتمنى في داخلي أن أجد به ما أبحث عنه و بالفعل كان السلاح و بجانبه ذخيرة بسيطة من الرصاص حوله

لكنني لا أحتاج لهذه الكَمية لذا اكتفيت بأخذ رصاصةٍ واحدة ستكفي لقتل آلفريد بمجرد أن تدخل في رأسه

خرجت من غرفة السيدة و ذهبت الى غُرفتي مُرتدياً مِعطفي ، امتدت يدي الى جيبي و أخرجت منه القُفازات

ابتسمت و هَمست باعتذارٍ صادق تمنيت لو يستمع الجِنرال له فقد لا أراه مُجدداً و نهائياً بعد هذه الليلة ، ثم ارتديتهما لأشق طريقي نحو غُرفة المعيشة مُلتقطاً الدعوة و خارجاً من المنزل بأكمله

و بعد سَنة و خمسة أشهر من العُزلة و الاختباء أنا أخرج الى المدينة التي لم تَتغير أبداً و التي ما زالت رائحة العُنصرية و النازية و الدموية تفوح منها

ذاتها الشوارع التي قَطعتها بأمالٍ مَسلوبة و حُريةٍ معدومة لكن المُختلف الأن هو أنني أشعر بالثقة أكثر و لربما لأنها ستكون المرة الأخير لي في هذا المكان

لم أكن شاباً مُفعماً بالحيوية لكن أقلاً كُنت أسعى للبقاء على قيد الحياة لأطول وقتٍ مُمكن ، كُنت أخاف و كنُت ذو مشاعرٍ كثيرة

على عَكس حالي الأن ، حالي الذي كُل من يراه يتساءل في نفسه إن كُنت ما زِلت حياً  أم لاقيت حتفي

كُنت أجرح باطن يدي عندما أشعر بالتوتر أو الغضب لكن باطن يدي سليمٌ الأن فأنا لم أعد أشعر بشيء

فقدتُ كُل ما حولي و نَسيت هويتي و مبدأي و سبب وجودي

فقدت الأمل بالبكاء و عَلمت بأن دموعي تَجمدت و لن تَهطل و تُريحني أبداً و يال سعادتي فأنا أصبحت مُعتاداً على الألم

لقد ولدت هكذا و قَضيت طفولتي مُعاشراً الليالي السيئة و شبابي الذي بدأ للتو كما يقولون على و شك الانتهاء و أنا لم أشعر به بعد

و السؤال الأهم في مُعضلة حياتي هو من الفائز ؟ آلفريد أم انا

فحتى عندما أُطلق رصاصتي في رأسه لن يتغير شيء ، سأموت بعدها و إن أعطتني الحياة فُرصة عندها سأبقى وحيداً بِلا مأوى حتى يَقتلني بَرد الشتاء أو تقضي شظايا الحرب على روحي

أصواتٌ كَثيرة و قهقهاتٍ عالية أشارت لي بأنني اقتربت من منزل آلفريد ، أخذت نَفساً عميقاً و أكملت مَسيري حتى لَمحت البوابة الرئيسية حيث يقف جُنديان الى جانبيها

أخرجت الدعوة من جيبي و حال وصولي لأمام البوابة أوقفاني الجنديان و قبل أن يسألا عن من أكون رفعت الدعوة في وجهيهما

نظرا لبعضهما و شعرت بأن الشك قد ساورهما و لكنني لم أتوتر بل بقيت ثابتاً مُنتظراً دخولي الى هذا الجحيم و بالفعل هذا ما حدث

فتحا البوابة لي و سمحا لي بالدخول ، الأمر ليس مُخيفاً كما اعتقدت بل كان أشبه بأخذي خطواتي و بإرادتي نحو حَتفي و لكن ليس وحدي

بل سوف أخذك معي عزيزي آلفريد و لنستمتع معاً في الجحيم

كانت معزوفة موتسارت و التي تُدعى بِليلة موسيقية قَصيرة تَصدح في الأرجاء و السعادة تَطغى على وجوه جميع المُتواجدين

لم أكترث لهم لكنني لن أُنكر بأن نَظري قد سار عَبرهم مُنتظراً رؤية الجنرال في مكانٍ ما لكن يال خيبتي فحتي في أخر أيام حياتي لن يتسنى لي رؤيته

أخذت أمشي حتى وصلت الى داخل المنزل
باحثاً بعيناي عن غُرفة آلفريد الذي لم يكن له أثراً في الحفل لذا و لا بُد و أنه هُنا في مكانٍ ما

صَعدت السُلم و سِرت بثقةٍ تامة باحثاً في جميع الغُرفة المتواجدة أمامي و احدةً تُلو الأخرى و مع تقدمي من الغُرف كانت ابتسامتي تتسع أكثر فأكثر و عيناي تُصبح أكثر حِدة

كانت جميعها خاليةً تماماً و تبقت غُرفة واحدة فقط في أخر المَمر لذا سارعت في الوصول اليها مُتشوقاً لهذه اللحظة منذ زمن طويل

و من دون أي مُقدمات اقتحمتها و صوبت سِلاحي باتجاه كُرسيه المُلتف باتجاه النافذة و كل ما يُسمع هو صوت لُهاثي المُتعب الناتج عن حقدي الدفين

يجلس على الكرسي و أستطيع رؤية ذراعه التي تَستند على اليد الخشبية

كان صمته غريباً و الهدوء يبعث بالشك و الرَيبة ، عدم التفاته لي و عدم اكتراثه بمن اقتحم الغُرفة وَترني لكنني لم أتراجع و بقيت أصوب نحوه بثبات مُنتظراً استدارته نحو

" في الرماية من السيء أن تُباغت عدوك في ظَهره بل كُن شُجاعاً و واجهه من الأمام ، أوليس هذا ما علمته لك آنجيلوس "

وسعت عيناي عندما سمعت هذا الصوت ، صوتٌ عميق يعود لشخصٍ واحد قد افتقدته لوقتٍ طويل

اضطربت أنفاسي و بات الوقوف بثبات صَعبٌ للغاية و خصوصاً عندما استدار التقت عيناه بخاصتي بعد فُراقٍ طال زمانه

و لأول مرةٍ مُنذ أعوامٍ طويلة أشعر بدمعةٍ تَحرق وجنتي و تُعلن بأن برود مشاعري قد انتهى زمانه و ولى

"يونغي "

************************

يُتبع

Continue Reading

You'll Also Like

176K 5.1K 26
"سببان جعلاني مضطرباً طوال الستة أشهر الفائتة لكن كل شيء انتهى الان انا سأنهي الامر بطريقة صحيحة اليوم هو يوم الحسم يوم اعلان قراري النهائي" جيكوك...
32K 4K 12
"مِن مَن تهرب القطة الصغيرة؟" توقفت لوڤينا عن السير لتنظر خلفها بحدة عندما تقابلت عينيها مع أعين إبن جيون و الذي يكون من العائلة المعادية لعائلتها عا...
86.5K 4.4K 13
تايهيونغ الذي كان يعيش خارجاً عاد بعد قرابة السنتين منذ آخر مرة جاء فيها لبلده الأم والتي كانت الأسوء في حياته، تعرض فيها لصدمة غيرت مجرى حياته وشخصي...
33.5K 2K 19
"عندما تغمض عينيك ماذا تري؟ ستختار النور ام ستختار الظلام؟ في يديك هناك لمسه يمكنها الشفاء ولكن في نفس اليدين هناك قوه للقتل هل أنت رجل أم وحش؟" Top:...