ثأرُ الرِّياحْ|TK

By Tiixfk

181K 13K 12.3K

إذا كان سيمضي، لماذا بدأ؟ إذا الرّيحُ ستأخُذ خصيلاتك من بينِ يداي وتداعبها لماذا.. واصلتُ محاولة تطهيرِ يداي... More

٠ : شيئانِ للأبد.
٢: عصافير
٣: سماوات
٤: بُروق
٥: أصابع
٦: وجود
٧: أهازيج
٨: ممرات
٩: مرادف
١٠: وتَر
١١: شظية
١٢: خشِن
١٣: سُمْ
١٤: أوّلُ وعي
١٥: التماس
١٦: عُقدة
١٧: رّث
١٨: وجوب
١٩: النصف
٢٠: ضمور
٢١: تضييق

١: زَوارق

16.2K 901 955
By Tiixfk



الثاني عشر من نوڤَمير، السماء صافية في مساء يومٍ لن يكون شيئاً غير أنهُ اعتيادي، فمنذُ أن استيقظت قبل دقائق وأنا أسمعُ صوتُ صرير الباب يحتكُّ بين طبلة أذني كالمعتاد

طنينه مزعج، ولذلك خطواتي كانت تتسارع بالنزول أكثر ولكن هذه المرة أيضاً صوتُ أقدامي كان هو من يزعجني أكثر، أحس بلوعةٍ في صدري كلما شارفت الوصول لبابِ المطبخ، صوتُ الراديو، صوت الجريدة في يد والدي وهو يقلّبها ادعاءً بالاهتمام، المايكرويف، وأختي الصغيرة وهي تتحدث بلا توقف، تعكّر مزاجي بالفعل

اللعنة..
هسهسةُ بغضب حين دخلت، أفتحُ باب الثلاجة بقوة، أُخرج الحليب وأسكُب لي في كوبٍ كبير أرتشفه بسرعة

أعطيني
فردتُ يدي أنظر إلى أُختى الصغرى بعينيها الخائفتين وهي تحدّق بي، تأففتُ أسحب قطعة الكعك من يدها خارجاً من هُناك

احرص على أن تجدَ وظيفةً اليوم
توقفتُ عند عتبة المنزل، ما هذا؟ ما شأنهُ بي؟

عدت بخطواتي إليه وصوت الباب في الأعلى ما زال يرنُّ كرنين العصافير المقرف في هذا الوقت المقرف أيضاً

ما شأنُك؟
أبعدَ جريدته يرتشفُ كوب الشاي أمامه دون التحديق بي، ثوانٍ كانت حتى وقف يمرُّ من جانبي بصمتٍ كامل، حقاً؟

قُلت ما شأنك!
رفعتُ صوتي حتى شعرتُ بوالدتي تتوقف عن جلي الأواني، سكونٌ عم في اهتراء هذا المنزل المُزيّف ولكن ليسَ في جسدي أنا، روحي معاقةٌ بالحرارة الدائمة، لذلك لن يصلني هذا السكون الذي أستشعره فيهم طوال الوقت، حتى وإن كانَ زيفاً

لأخرج من المنزل؟ هل حقاً تظنني سأسيرُ كما تشتهي أنت؟ إذا كنتُ سأخرج من هذا المنزل فذلك سيكونُ لأنني رغبتُ أنا بذلك وليسَ أنت، افهم ذلك جيداً
قلت له باحتداد بينما أعود باتجاه الباب ألبسُ حذائي وأربط خيوطه البيضاء بقوة، لا يجيب، لا أحد يجيب، صوت الراديو انخفض ولكن، ما زال الهواء يداعب حدائد الباب يُغيضني، وينجح كلياً بذلك، حتى صوت أخي الأصغر حين تحدث بهدوء كان يغيضني

جونغكوك، تأخرنا

إخرس أنتَ أيضاً
قلت بنبرةٍ حادة أخرج مغلقاً الباب بقوة، أهندم حقيبتي وأسير بعيداً عن كل الأشياء، بعيداً حيثُ لن تكون العودة قريبة

ياء جونغكوك!
تنهدتُ بلا حيلة، و رفعتُ عيناي أُحدّق في قدري الساخر كيف جلبها لتصادفني في هذا الطريق تحديداً؟

للتو تستيقظ؟ هي هي.. لحظة!
حاولت إيقافي ولكنني أكملتُ سيري بلا اهتمام أحاول أن أُركّز في صوت تلاطُم الأمواج كلما اقتربتُ من البحر علّ الصمت يحتلُّ رأسي لبضع دقائق

لا تتجول الآن، الشرطة تحقّق في قضية رجل منذ الصباح الباكر، إنهم مستعدين تماماً على ربط أي أحد ليغلقوا القضية، لذلك عـ...
كان صوتها يتلاشى كلما ابتعدتُ أكثر فأكثر، نظراً إلى ما قالت فهذا يُفسّر خلوّ الشوارع -تقريباً- على الرغم من أنها الخامسةَ عصراً، شعرتُ بشفاهي تمتدُّ جانبياً بسخرية، حقاً هي وهم وأنا وكل شيء في العالم لا شيء عدا سُخرية.

جلستُ فوق سور الجسر، أُحدق أمامي في البحرِ الهائل، على الأقل لم أنم اليوم حتّى الليل ولم أفوّت منظره الذي يُبعثر وجودي ويبثُّ فيّ آلافَ الأفكار، نعم إنهُ باعثٌ على التفكير، بالألم وبالرعشة، بالجنون، بأشياءٌ حتماً أكرهها ولكن برخاء عجيب

فكم أغطسُ في اليوم رأسي حينَ أغضب؟

ربما ثلاثون مرةً، أختنقُ في منتصفها وأنا أحاول النجاة من نفسي فيه.

أجل لا بُدّ أنّ البحر وجد، لأنّ الحُزنَ هائِل.
أقول وأنا أقفُ بهدوء أسير فوقَ الخط الضئيل، متجاهلاً دوي صفارات الشُرطة وصراخ البعض ظناً بأني مجنونٌ مخبول أو أنني سأنتحر.

ولكنني لن أسقط
ما زال الوقتُ باكراً على الخوف من السقوط

كما أنني لن أقدر أن أسقط، لأنني لا أخافُ السقوط أصلاً.

توقف إنزل حالاً
شعرتُ بحاجباي يعكفان، لماذا لا يستطيع الإنسان أن يعيش بهناء؟

لماذا؟
قُلت بهدوء رغم أنّني فتيلٌ يحبّ الانفجار، أُحدق في الشرطي يساري لبضعِ ثواني وأعيد النظر للأمام

ألا ترا هذا الشريط الأصفر؟ أنتَ في مكان جريمة قتل، سأعتقلك!
سحبني بقوة فسقطتُ من السور أمامه، هذا الملعون سيأخرني أكثر

أينَ كنت في تمام الثامنة صباحاً؟
استقمت أرتّب ثيابي وأقضِمُ من الكعكة، أتقدم أكثر محدقاً في عينيه بشراسة

أُضاجع والدتك
بصقتُ ما في فمي نحو قدميه، بينما لا أُزيح أنظاري بتاتاً، كيف يجرؤ على سحبي بهذه القوة؟

هو أقصر، وأضعف جسدياً وفكرياً على ما يبدو، كما أنّني لستُ سهلاً، هل ظنّ أني كذلك؟ أكرهُ أن يعتقد أحدٌ فيّ أنا ذلك، فمن هم ليعتقدون بي شيئاً غير الذي أظهره؟

هيا اعتقلني وسأزنو مع والدتك أكثر حين أخرُج
همستُ بكل حدة حين رأيته يكشّر بغضب يرفع ذلك القيد بين يديه بغباء

هيه يونسو، إنهُ ابنُ جيون صديقنا اهدأ..
تجاهلته حين تقدم شرطيٌ آخر منه يمسكه بقوة يجعلني أود الضحك ومع ذلك سأتقيأ لو ضحكت، لأنّ لا مزاج لي حتى بأن أرفع أطراف شفاهي أكثر.

أكملتُ سيري متجاهلاً هاتفي الذي يرنُّ بلا توقف، وأقسم بأنني سأحطمه في أي لحظة إن أخرجته من جيبي، أنا هكذا فقط مريضٌ بالغضب!

دخلتُ محلّ البقالة ونظرتُ بغير قصدٍ في وجهي بالمرآة لأكشّر أكثر من تكشيري الذي أراه الآن، من يصدق بأنني لا أملك تجاعيداً كثيرة وحاجباي لا ينفك انعقادهما من بداية استيقاظي حتّى نومي؟

لا يهم، المهم الآن أن أبتاع علب السجائر وقنينات السوجو وماذا أيضاً قالوا؟

فتحتُ هاتفي متجاهلاً كل تلك الرسائل أقرأ ما كتب في مجموعة الدردشة

ولُبان؟
ليتني لم أتعب يداي بالبحث.

أين اللبان؟

هنا
أشار على مقربةٍ منه فقدمت كل ما ابتعته أحرصُ تماماً على أن أخبئ الورقة الصغيرة -التي كتبتها مُسبقاً- بين السجائر، سحبها البائع بغير وضوح يخبأها في رسغه تحتَ كمّه، جيّد في الغد سأعود في تمام هذا الوقت.. أو رُبما في وقتٍ أبكر، لقد أخّرني ذاك الشرطيُ اللعين.

شكراً لك عاود زيارتنا مجدداً
حدقت في نيلية السماء واسودادها البطيء حين رحلت بعيداً.

بعد أصوات الطيور ستحلُ أصوات صراصير الليل، وهذا أكثرُ إزعاجاً من صرير الأبواب في منزلي حينَ تحتدُّ الرياح.

ألم تتخرّج وانتهينا؟
قال الحارس وهو يزفر سيجارته أمام بوابة المدرسة بلا مبالاة، ولم أر رجلاً في حياتي يستحقُّ الموت أكثر منه، بليد مقرف.

بلا لكن ما يزال بعضُ أصدقائي الفشلة يدرسون هُنا
قلت له أخرج سيجارةً وأزفرها بينما أختصر الطريق لحيثُ يكون جاي والآخرين

أليسَ لديكم صفوفٌ الآن يا أطفال؟
سخرتُ من خلفهم فالتفوا بصخبٍ لي وكانت ثوانٍ حتى تطايرت السجائرُ من بين يداي يدخنونها ويضحكون، تقدمت أجلس إلى جانب جاي و جي وون

الورقة؟
سألني وون فأخفضتُ رأسي حيثُ رأسه أنفثُ دخاني ببطءٍ شديد

أتعتقد بأنني لن أستطيع فعل شيءٍ تافه كهذا؟
نظر في عيوني فأملت رأسي أبادله التحديق بشراسة

لم تخبرني ماذا كتبت إلى الآن جونغكوك؟
سألني جاي حين ضحك وون على أفعالي فأبعدتُ رأسي أُحدق في هاتفي الذي أزعجني برسائله الكثيرة فرميته حين رأيتُ من يرسل لي، لماذا ما تزال تحاول؟ في حين أنّ كل شيء يبرقُ من الوضوح! حُمق.

أخبرته أنني سآتي في الغد، وقمت بتحديد وقت مجيئي

حرصت على طلب العيار الذي أخبرتك به؟
رميتُ سيجارتي وأثناء ذلك لمحتُ جسداً يخرجُ من الباب الخلفي من القاعة الرياضية، من هو هذا؟

فعلت..
إنهُ فتىً جديد على ما يبدو؟

إذن ءأخبرته بطريقة تأخذها دون أي شكوك؟

جاي من هو هذا؟
سألتُ أخي متجاهلاً الفاشل وون أُحدّق في ظهر الفتى الطويل وهو يسير بجسدٍ متعرق بعيداً؛ شعرتُ بالتفاتة جاي وهو يحدّق به، نظرت له لوهلة وقد لمحتُ نظرة الادراك في عيونه

لقد انتقل منذُ أسبوعين تقريباً
هكذا فجأة؟

ألم يتبقّى على نهاية العام ثلاثة أشهر؟
أومأ لأستقيم فلا يهمني، أطقطق عُنقي حين رنّ هاتفي وأدركتُ من المتصل ومع ذلك تجاهلته

لنلتقي في الخامسة صباحاً
قلت ليؤكد الجميع حضورهم و رحلت بعدما أخذت مفتاح السيارة من وون، أقودُ بعيداً حيثُ المنزل ومعي جاي، الطقسُ بارد، منذ أعوام لم يمر خريفٌ مثل هذا الخريف القاسي، فكم من مرةٍ اعتقدتُ أنّ الريح حتماً ستحملني وتقذفني في أبعد مكانٍ في الأرض!

ستنام؟ أم ستواصل؟

لا أعلم، ما زلت أحسُّ بالتعب منذُ آخر مرة

ألا تعتقد بأنّ الأفضل أن تُكمل دراستك؟
ضحكتُ ساخراً على ما قاله وأعتقد أن ذلك جواباً كافياً كلياً

إذن ماذا ستفعل؟ أنتَ لن تواصل معهم صحيح؟
تأففتُ منزعجاً أفتح النافذة قليلاً، أستنشق الهواء بالقدر الممكن قبل أن أتواجد في ذلك المنزل.

أنتَ تدرك بأنني لا أطيق التحدث عن شيء يخصني فالتزم الصمت
اكتفينا بذلك وظللنا صامتين طوال الطريق، أكبحُ أن يزعجني صوتُ المكابح، أكبح أن أصرخ، لأنّ فمي ممتلئ بالحُزن، بالتشوّه، لا أعلم ما بي غيرَ أنني لا أرى فائدةً من العيش لكنني أُريد العيش!

لا أحب الأمل، لذلك لا أتخيّل أن تحدُث الأشياءُ حتّى

لا أحب شيء.

أكرهُ أن أُحب شيئاً بالأصل، بل أكرهُ الحب كافةً.

كل شيء منذُ طفولتي كان يقودني للكره، لم أعلم شيئاً غير أنني خُلقت لأتجرّد من مشاعري التي لا أراها فيّ حتى، أن أرتدي الصلابة في كل حدث وحال وطقس، دمي شرسٌ كما قالت أُمي مرة، ولكنني على الأقل لا أشبهها في شيء ولا أشبهه في شيء، أعلم فقط بأنهُ يمكنني الاستمرار، لذلك هذا كل ما أفعله بكم الخواء الذي يسكنُ روحي طوال الوقت.

سأنام بالأسفل اجلب لي غطاءً
خرجت من السيارة أفتح باب المنزل، أقول له بينما أخلع حذائي وأتجه حيثُ الأريكة في صالة الجلوس، دقائق حتى جلب لي جاي غطاءً، فتمددتُ ألمسُ خاصرتي بألم، رفعتُ كفّي فوجدت بعض الدماء فيه، متى سيتوقف عن النزيف؟ سأهلك على ما يبدو بهذا الحال!

مزاجي تعكّر، كما المعتاد قبل أن أنامُ وحين أستيقظ لن يواسي ضجرٌ شيءٌ غير الضجر أصلاً فإما أن أستسلم للنوم الآن وإما أن أركض كل تلك المسافة لأقفزَ في البحر.

ولا بُد أن عقلي اختار الخيارَ الأول لشدةِ تعبه.

جونغكوك.. استيقظ
استقمتُ فزعاً، والصوت الذي سمعته قبل لحظات لم يكن إلا صوت عقلي فهو معتادٌ على تنبيهي في مثل هذه الأوقات، تنهدت أستقيم بخطواتي متجاهلاً صوت صرير الباب في الأعلى، أجرّ خطواتي حيث المطبخ، أغسل وجهي وأسكب الحليب في كوبٍ كبير وأشرب، لم تشرق الشمس بعد ولا بد بأنني لن أراها اليوم أصلاً فالسماء معتمة بشراسة، حتى الشبابيك تهتزُّ لشدة الرياح.

خرجتُ مثل الأمس، ذات الثياب، حتى الحذاء، أنا ليس بوسعي حتّى تغييرُ أفكاري فما بالك لو فكرت أن أهتم بتغيير ثيابي؟ ذلك لن يكون شيء غير أنها مجرد مصادفات إن حدثت في أيامٍ متوالية.

خرجت وصدح صوت السيارة في الأرجاء، أخرجتُ قبعةً بيضاء من جيب الحقيبة وارتديتها مغلقاً نوافذ السيارة، الطقس أبرد من المعتاد خصوصاً بأنّ الوقت مبكرٌ جداً.

نفخت في يداي قبل أن أتذكر أن تكييف السيارة حار، قمت بتشغيل التكييف وببطء تدفأت، قدت بعد ذلك بهدوء حيث الغابة، أستمع إلى صوت الرعد بعناية.

هل أتصل؟ ربما لن يستطيع المجيء لأن الطقس سيكونُ عاصف بلا شك؟
ومع ذلك سرتُ دون الاتصال وبعدما قطعتُ مسافةً طويلة رنّ هاتفي فحملته أجيب سريعاً

لن آتي اليوم
وقبل أن أجيبه أغلق الخط فتوقفت بغضب واصطدم رأسي بقوة نتيجةً لذلك، ما الجحيم؟ لن آتي ببساطة؟ ضربت المقود بيداي بقوة قبل أن أدير السيارة أعكس الطريق وأعود حيثُ أدراجي.

فالتمت يا ملعون، فقط ما أن أراك أيها البليد القذر!
اعتصرت المقود بقوة حين لم يجيب اتصالاتي، وازددتُ غضباً حين رأيت وون يتصل فلا بد أنه يريد سيارته، وقتي ذهب بلا فائدة وفي هذا الطقس البارد وجرحي الذي يؤلمني منذُ أيام، والآن حديث جاي الصغير يدورُ في رأسي، أترك كل ذلك؟ ولكن إذا فعلت من الذي سيقبل بي؟ أين أُدير ظهري وأرى بأن العالم سيستطيع إحتضاني ولو لمرة، سأفعل لو وجدتُ اتجاهاً واحداً فقط!

لو وجدت درباً سيكبحُ صرخاتي التي تمزّقُ صدري

ولكن كل ذلك مستحيل، كل شيءٍ مؤصد، فأنا بنفسي تربيتُ على أن أكوي جرحي بدلَ أن أخيطه! الدنيا ستجرحني باستمرار وستجعل صدري ساحة حرب لمعارك تتجدد كأنها لا تعيشُ إلا لغدٍ سيأتي حاملاً الأبد بين أحضانه، فلن يتوقف حينها أيُ شيء.

أينَ أنت؟
قلت حين أجاب وون على اتصالي، أنزل من السيارة أمسحُ يدي بالقدر الممكن من الدماء قبل أن أصل إلى حمامات المدرسة، إنها توشك أن تصبح الثامنة والمدرسة امتلأت بالفعل، زفرتُ بقرف وغضب فلماذا حظي رديء إلى هذا الحد؟

اقتربت من الوصول، اللعنة كم هو متعب أن أسير على أرجلي

تستحق العذاب
أجبته مغلقاً الخط أتجاهل شتائمه التي لا تضحكني ولا تؤثر بي.

دخلتُ حيثُ القاعة الرياضية، تحديداً حماماتها هناك، ارتحت حين لم أجد أحداً فخلعتُ معطفي وقميصي الممتلئ بالدماء من الجيد أنه أسود، غسلت يداي ثمّ سحبتُ الكثير من المناديل أنظّفُ خاصرتي الملوثة بالدماء، ببطء شديد ومع ذلك ما يزال يؤلمني، ربما سأجعل جاي يخيطه اليوم وسأقلل من حركتي لفترة.

آهٍ تباً!
كبحتُ صراخي واتكأتُ على الجدار خلفي، أرمي بثقلي كله عليه، ما زلتُ أنزف! بدأ القلق يساورني علي، من الأمس أنزف!

هل وصلت؟ أنا في مدرستك
تحدثت حين اتصلت بجاي وأجابني

لقد اقتربت أنا مع وون

تعال إلى حمامات القاعة الرياضية حين تصل
أخبرته أنزل الهاتف وأغلق الخط، رفعتُ رأسي فشعرتُ لوهلات بأن الدماء تتجمّد في كل أحشائي، حينَ الفتى.. نعم يبدو هو نفسه الذي بالأمس كان يحدّق بذعرٍ بي.

إلهي!
قال بهلعٍ وبدا وكأنهُ يشاهد دماً لأول مرة في حياته، احتدت عيناهُ سريعاً فجأة و راح يركض من الباب فتنهدت ببؤسٍ، هذا ما كان ينقصني أن يوشي بي أحدهم وأنا في أسوأ الأحوال.

أقمتُ جسدي الذي بدأ يضعف بغرابة ورحت أحملُ قميصي وقبل أن أرتديه سمعتُ الباب يفتح بقوة، صوت أقدامٍ تركض تجاهي، وأصابعٌ دافئة تلمس برودة جلدي، كأنّني أرى خلال هذا الشعور شيئاً يُشبه شمساً وضعت أصابعها في ثلجٍ كبير فذاب بلا توقف.

رفعتُ عيناي بتجعدٍ يحال أن يفارق حاجباي، نظرتُ في عيونه البُنيّة، إلى شامةٍ في طرف حاجبه، إلى شيءٍ كالقلق المرتسم فيه

مالذي تفعله يا فتى؟
قلت أمسك بيده، أسحبها بعيداً عني فارتدّ جسده النحيل للخلف

إنك تنزف، سأربط على جرحك!

ولماذا تفعل؟
سألته لا أبعد عيناي عن عيونه التي احتدت مُجدداً وهو يحدّق فيّ

ستفقد أضعاف ما فقدت من الدماء
قال ببساطة وعاد خطوتين للخلف

لكنني لن أفعل إذا لم ترغب أن أفعل!
أكمل وكأنهُ قد غضب من تصرفي معه، فصمت أدقّق في ملامحه أكثر بدا بارداً على الرغم من ردة فعله السريعة على جرحي، أكره الباردين ولكن لماذا يتصرف بشيءٍ خارج دائرة بروده الذي يمكثُ في حناياه واضح.

كثّفتُ عيناي أرى جسده المتعرق وزيهُ الرياضي، كان يلعب؟ ربما كان يجري في الخارج؟

أتعرف كيف تخيطُ جرحاً؟
سألته، شعرتُ بالدوار فعدتُ اتكئ على الجدار خلفي أواصل النظر فيه ولا أعلم لماذا أفعل، أعلم أنني أملك عادة التحديق ملياً لكنه كان يزيدها.

جونغكوك!
صوت وون كان عالياً حين دخل ورآني بكل هذا الضعف لأول مرة، رغبتُ أن أضرب يدي في الصنبور الحديدي يساري بكل قوة، لماذا صدري يشتعل! لماذا لا أتوقف عن الشعور بأنني ورقة مستعدة للاحتراق في ثانية واحدة؛ إنني عودُ كبريتٍ يتضاءل ليحرق نفسهُ حتماً.

رأيتُ ظهره وهو يرحل، و رأيت جاي بمنشفةٍ بيضاء في يده يتقدم ويربطُ على جرحي كما أراد الفتى أن يفعل.

لم أحب أن يساعدني أحد!

لا أحب أن يراني أحد في ضعفٍ أو في سعادة.

أكره أنّهم حولي وأني بحاجة للآخرين

أريد البحر، أن أركض من مسافةٍ بعيدة وأقفز في تلك الزرقة العميقة، حينها..
سأصرخ كالنور وهو يستنجد من ضيائه الشديد! سأصرخ كينبوع ملّ امتلاءه
سأصرُخ لئلا يعفو صوتي عن شيء، سأصرخ من نفسي
وسأهندم الكلمات في جملٍ وأحرِقُ بها آلافَ الكذبات ولن يسمع عمق ذلك الصوت أحد.

حيث سأقول تحت الماء؛ اليوم لا يسيرني شيء، لا سُخرية لا ضحك، حيث سأخبره بأن العهد لم يعُد في مكانه، بأن الأيام لم تعد تتشبعُ بالصبر، وأنها فقط قطراتٌ من الدموع، تمكث على الجدار فوق قلبي، على صدري ويداي. حيثُ سأقول بأن كُل شيء يبدو وكأنه لم ينجو من شيءٍ ما، وبأنه لا يمكن للامكانية ان تكون، سأقول براحة أن كل شيء رغبته ليس لي، كل ما أحببته التحفَ أغطية الغياب قبل أن يولد فلم أحبب شيئاً قط، وجهٌ فقد بشاشته، وتجعّد بين بهتانه صورٌ عديدة، هذا أنا ولا شيء سيلمحه البحر فيّ غيرَ عُيوني وهي تُحدّق في تحديات الأيام والنهار والأسى والأسف والرغبة.. سُحقاً للرغبة، لا شيء يفترِسُ صلابتي سوى رغباتي القاتلة، لا شيء عدا تجاويف يتسرّب العطش من خلالها.. فأتمنى أنّ الدنيا بحر وحينَ أخرجُ من البحر مجبوراً لا أرى إلا ريحاً تحملُ رائحة الذكريات من كل صوب.

لقد أردتُ أن أعرِفَ شيئاً واحداً غير الخواء فيّ.

لماذا يبدو صعباً؟ ولماذا يبدو في أحيانٍ كثيرة بأنّ الصعب قد يكونُ قريباً جداً على أن يُصبح حقيقة؟

Continue Reading

You'll Also Like

437K 10.1K 37
لو إلتقينا في عالم آخر لوقعت.. لغرقت وتهت في حبك ولكن ولدنا هنا في عالم انتِ القاتلة وانا السجان واه من حرقة الإنتقام ولهيبها تهنا معًا في هذا الظلام...
432K 36K 15
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
5.1M 170K 65
بارد مستفز أحمق العديد من الصفات اللاذعة تطلقها عليه حتى أمامه توقفه بلسانها اللاذع لسانها اللاذع الذي يحمي قلبها منه بينما هو يراها أنقى و أطهر من...
617K 27.6K 37
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...