رَسائِل غونزاليس|TK

By zxitll

20.2K 1.2K 1.1K

و إن كانت أَنامِلُ الموتى تعزِفُ بالأبجديةِ بجدّيةٍ، و حتى بحينِ أنّني عشتُ نصفَ عُمري أضعُ الطَّوابع التي جَ... More

الرّسـالـةُ اللّا أخيـرة: لِقـاءٌ مـا بعد الوَداع.
١. بِلا أيِّ رِسـالـة.
٢. تُزهِـر رسـائلِـي بك فقط.
٣. عِند انحناءِ الشَّفقِ القُطبي.
٤. في اللّا شـيء و أنت كُل شيء.
٥. تَبُجُّ بَحتُك الحَسناءُ كُلَّ ما بي.
٦. و إنَّني لتوَّاقٌ رُغم أننَّي لم أنَل.
٧. و ثُمَّ أنّني لم أكُن، فهل تكُن؟
٨. كالمُتَنَعِمِ بِأهازيجك في المساء.
٩. و كثيراً ما أفَقتُ و أنت مُحاذٍ لي.
١٠. اللَّيلةُ التي نسيتُ بها ظلّك مُجدداً.
١٢.جَعَلَتني أستفيقُ بُرهةً كشُعلةٍ وضّاءة.
١٣. أمـدًا بعيـدًا حتى غِبت عن ناظِري.
١٤. و ترجِعُ إليَّ بعد أن داهَمَتك المَنايا.
١٥. حتى ادْلَهم الفَجرُ مع مَطلَعِك.
١٦. إلى أن استَعدتُ روحك و أنا أُدفَنُ.
١٧. حَيًّا حتى باتَ طَيفي يزورك وَلِعًا.
١٨. مُحلِّقًا و إن بقيتُ أُلملمُ أوراق رسائلي.
١٩. و أُبقيك حائرًا بعد أن زُرتَ قَبري.
٢٠. حتّى اكتسى الثَّلجُ حرائِق الجَشعِ.
٢١.و التَحفتُ بجفنيك وسط زُرقةِ المحيط.
٢٢. البردُ قارسٌ رُغم أنّه الرَّبيع.
٢٣. و إرتعاشةٌ في دفئك و ما بين ذراعيك.
٢٤. تمزقت الأجنِحةُ فما بالُ السَّماء؟
٢٥. لا وَجع بعد كُلِّ ذلك الوجَع.
٢٦. أتيتُ و معي وَهج الخريف.
٢٧. هل لمحتُ ابتسامةَ المُحيط؟
٢٨. و بهجةُ فؤادك بعدَ كُلِّ هذا الحنين.

١١. و المُزْنُ التي كادت أن تَسلِبَني مِنك.

331 27 62
By zxitll

ـ

"... و لكنّني عُميتُ عن كُلِّ شيءٍ حينَما التَقيتُ بك.."

حينَما قالها بكُلِّ ذلك الصّدق المُتواجد بعيناه المُتألمة.. و بُرغم من أنّني لا أثق به لأنّني للتوّ عرفته عكس الشّعور المُخالف و المُتواجد بصدري و الذي يُخبرني بأنّني و كأنّني أعرفه مُنذ زمنٍ طويل... ما هذا الشُّعور؟ و من أين لك كُل هذا الصّدق الغريب و المُتوجع؟ و من أكونُ بالنّسبةِ لك؟ هل يُعقل أنَّني مُجرد مُتعلمٍ لديك؟ اكتفيتُ من هذه الأسئلة التي تجوبُ ذهني لأردِف بسؤالٍ أسأله إياه مُباشرةً:

أُستاذ.. هل تعرفني مُنذ زمنٍ طويـل؟

" لقد عَهِدتُ روحك من قبل أن تحُطَّ على الأرضِ يا سيّد الموسيقى"

أوليست هَذه مُبالغة؟...انتظر... سيّد الموسيقى؟

" أجل أنت يا سيّد الموسيقى"

و لكن... أوليس ماتيو هُو الوَحيدُ الذي يَقوم بِمُناداتي هَكذا؟!

"ماتيو؟"

أجل ماتيو الذي أكتُب له رسائِلي

" أتجهلُ شكله و هيأته؟ "

بالحقيقة.. إنّه غيرُ واضحٍ بالنِّسبة إليّ الآن.. و لكنّني أتذكرُ أمراً به..

"و ما هُو؟"
قال جونغكوك و بداخله مُتلهفٌ عكس ملامحه التي توحي بعَدم المُبالاة

ظِله

"الظِّل الخاص به؟"

أجل

" و كيفَ يبدو؟"

بالحقيقةِ رأيتُ ظلّك عندما خَرجت من هذه الغُرفةِ آخر مرّة و رأيته مألوفـًا و عندما حاولتُ التذكر رأيته مُشابهـًا لظلِّ ماتيو كثيراً...

" أوُه..."

و أيضـًا سمعتُ ذلك المدعوّ غارسيا يُناديك بِـ: 'ماتيو'...

قهقه جونغكوك ليردِف
"اشتقتُ لك، و يبدو بأنّني سأتوقُ إليك مُجدداً..."

ها؟، على كُلٍّ لنذهب إلى القصرِ من فَضلك..

"نسيتُ أنَّ شخصيتك تتغيرُ قليلًا أيضـًا عندما تفقِد جزءاً من ذاكرتك... "
همس جونغكوك لِنَفسه بِأَسَف

هل تتحَدث إليّ؟

" كلّا.. لا شيء هيا لِنذهب"

بأيّ وسيلةٍ سنذهب؟ أنا لا أرى أيّ عربَة.
قلتُ بعد أن خَرجنا من المَشفى

" سنذهب بالقِطار"

و كيف سنَصِل للمحطة؟

" سنمشي نحو ذَلك الشارع و سَنجد العربات هُناك و التي تتجه إلى المحطَة"

و لماذا لا ننتوجه نحو القَصر مُباشرةً؟

" هِـمم "

ما أمرُ هذا الأُستاذ؟ إنه يتجاهلني، أنت!

"غونزَاليِس"
قال بعد أن توقف

أجل؟

"امم حسنـًا.. انسى ذَلك "
قالها بتَرددٍّ و أشاح بعدها بنَظَرهِ لتلك السَّماء الذي يبدو بأنَّها تكادُ تُثلِج

ما أمرُ هذا الأُستاذ الغامِض بحَق.. إنّه الآن واقِفٌ فقط، يتأملُ ذلك الفَراغ الناصِع البياض و الفارِغ.. عيونُه البرّاقة و هيأته المُحتدمةُ من الخلفِ مع معطفه الأسودِ الطَّويلِ و قُبعته الظَّلماءُ الطويلةُ، كُلُّ ذلك يمنحُ روحي نغزاتٍ غريبةٍ و كأنَّ الدِّفئ الذي يحمله باتَ يردعُ هذا الثلج القارِس المُتساقِط_ و الذي بدأ يهطلُ للتوّ_ كيف لهذا أن يحدُث و نحنُ غُرباء عن بعضنا البَعض؟ و هل نحنُ غُرباء من الأصل؟ ها هو نظري الآن يتوجّهُ نحو يداه تلك التي بدأَت بارتداءِ القُفازاتِ رُغم الدِّماءِ و الجُروحِ البليغةِ التي بِها، لِأتقدَّم خُطوتينِ نحوهُ لأقومَ بسؤاله:

لِماذا لا تقومُ بمُعالجتهِما أولًا؟ و مُعالجة سائر هذه الجروح التي تملأ جَسدك...

" أشكُر اهتمامك سيد الموسيقى، و لَكن سأقوم بمُعالجة نفسي لاحِقـًا، إنّها مُجرد خُدوش بالنِّسبةِ لي فلقَد اعتدتُ الألم"
قالها و هُو يبتسِمُ ليُكمل طريقه و أتبعه بِدَوري ليتوقف مُجددًا ليقول و هو يمدّ يده و ينحني قليلًا:

"من بَعدك سيّد الموسيقى، فأنا الدِّرعُ الذي يجب عليه حماية ظهرك"

شُكراً لك
تقدّمتُ لأمشي و هو بعدي لنكمِل طريقنا بصمتٍ إلى أن وصلنا مع أحدِ العرباتِ فركِبنا إحداهُن و انطلقنا نحوَ السِّكةِ الحديدية و التي تبعُد عن هُنا رُبع ساعةٍ تقريبـًا..

وصلنا للوِجهةِ و ها هُو القِطارُ ينتظِرُ الرُّكاب القادمين للصعود و نحنُ كُنّا آخر من صَعِد على ما أعتقد فركبتُ أنا أولًا و ركِب الأُستاذ من بعدي و سمعته يقول :

"تذكرتُ أمرًا طارِئـًا يجب علي القِيام به، أعتذر سيّد الموسيقى و أيضـًا مُتأكدٌ من أنّك ستِصلُ هناك سالِمـًا إن توجهت للقَصرِ مُباشرةً، أرجو أن تعذُر وقاحتي.."

و لكن انتظر القِطار بدأ بالتّحرك! هل جُننت
قُلت بعد أن رأيته يُريد أن يقفز ليلتفت لي بابتسامةٍ ليقول:

" صحيح كدتُ أن أنسى.. يومُ ذِكرى مولدٍ جليلٍ لسيّد الموسيقى"
اقتَرب بعد أن أردف لِيطبع قُبلةً على جبيني ليقفز بعدها خارجـًا من هذا القِطار الذي بدأ يزيدُ من سُرعته للتّو فأخرجتُ رأسي سريعـًا أتفقده فلمحتُ جسده يتدحرج بالأرضِ بعد أن قفز و لكنه نهض بعدها برُغم من أنَّه واضحٌ عليه و هُو يتوجّع، لقد جُنَّ حتمـًا و من حُسنِ حظه أنّه لم يمُت... ها أنا أقترب من أحدِ المقاعدِ و أجلس لأتفكر بما حصل مُنذ قليلٍ و يدي تتسلل لجبيني الذي طُبعت عليه تلك القُبلة منذُ قليل...

هذه وقاحةٌ منه صحيح و لكن تلك المُقل التي قامت بمُعايدتي قبل لسانه ذاك قد جعلا الدَّهشةَ تملؤني، فكيف له تذُكر يوم مولدي العشرين؟ و كيف عرفه من الأساس؟ ... أيا سبب بسمةِ أعيني هل العُيونُ امتلكت الثَّغر يومـًا؟ و أنّى لك القُدرة بجلبِ هذه البهجةِ لصَدرِيَ المُتهشمِ؟..

ها هو القِطارُ يصدر ذلك الدُّخانَ الذي حجب عنّي ذلك المنظر البهيّ ليُعلن عن وقوفه قريبـًا، فتوقف لأنزل ليستقبلني أحد الجنود الذين ينتظرونني مَع عرباتهم ليأخذوني إلى القَصرِ لأدخل مُسرعـًا نحو غُرفتي مُتلهفـًا بأن أرتمي بجسدي فوق تلك الملاءاتِ المُريحةِ و قبل أن أدخل لها جاء أحدُ الخَدمِ ليُعطيني رسالة مجهولة لم يُذكر عليها اسم العُنوان أو المُرسِل فقط أخبرني الخادمُ أنَّ هذه الرِّسالة لي فشكرته لأدخل الغُرفة و أفتح الظَّرف بفضولٍ و أبدأ بقراءةِ المكتوب...

'أعتذِرُ مُجدداً ممّا بدر منّي سيّد الموسيقى، أرجو أن تكون قد وصلت سالِمـًا و أن تردّ علي لأتأكدَّ من أنك بِخير و لم يُصبك أيُّ مكروه. و مُجدداً يومُ مولدٍ سعيدٍ لك سيُّد الموسيقى برُغم من أنّني سعيدٌ و حزينٌ بآنٍ واحد، مسرورٌ لأنّه بمثل هذا اليومِ قد حطَّت روحك البهيةُ هذه الأرض، و غير مسرورٍ لأنه دخلت عامـًا جديداً فنقص من عُمرك شيئـًا اليوم... على أيِّ حال انعم بيومك هذا و ارتَح جيِّداً'..

تحياتي: مُعلمك المُخلِـص.

راودني شعورٌ لطيفٌ و حيرةٌ غريبةٌ بآنٍ واحد، لألمحَ بأسفلِ ورقةِ هذه الرِّسالةِ و في الطَّرفِ بُقعةٌ حمراءٌ و من الواضح من أنَّها بُقعةُ دمٍ، كيف له أن يكتب بتلك اليد التي يُرثى حالها؟ هو... هو بالتَّأكيد يتألمُ بِحَق..

ها أنا أتوجه نحوَ حبري و رسائلي التي اشتقتُ لها لأبدأ بكتابةِ رسالةٍ لذلك الأُستاذ لأُردّ عليه:

أنا مُمتنٌ لك بحق أُستاذ.. و أيضـًا أنا بخير فقط لا تنسى بأن تهتم بنفسك كذلك و أن تُعالِج جروحك تلك. لا تنسى أيضـًا أنّني أتلهفُ لِدروسِ الموسيقى لذلك لا تُطل غيابك من فَضلك..

أغلقتُ الظرف فوقعتُ و لكن لم أكتُب العُنوان فأنا لا أعرف أين هُو الآن و لكن سلمتها للخادمِ فأخبرته عن تلك البلدةِ و ما إن كانوا يعرفون مكانه بالضَّبط، ها هو الوَسن بدأ يغلبني لأتناولَ الدَّواء لأخلُد للنَّومِ بعدها...

_ مُخيلة تايهيونغ _

مـا بيـن حـوائِـطٍ مَطلِـيٍّـةٍ بطحـالبٍ مَسقيـةٍ بالبَغـشِ و يَميـلُ تـارةً للدّيمـة، مُتثـاقلـةٌ تِلـك العـارِيتـانِ أقدامي مَبلًولـةٌ بـل انغَمسـت بطريـقيَ الوَحِـل، أُمَرر جَفني صوبَ ردائك الداكن شبه المُتسخ، إلى أن أَصِل لشعرك المُسدلِ على عُنقك التي بانت عليها شيءٌ من النُّدوب، أوَليسـت أطـرافـي العاريـةُ مَملـوءةٌ بـاستغـاثـاتٍ من جَـوِّ هـذا القَـرس؟..

سَرحـتُ بـكَـمٍّ هـائـلٍ من تَسـاؤلاتـي حـتى نُزِعْـتُ مِـن ذِهنـي بَغتـةً بـأنَّ طِفـلاً يُنـادي علـيًّ لـكَـي أبيعَ لـهُ قَدراً مِـن الحليـب، أجَـل فـأنـا أبيـعُ الحَليـبَ السَّـاخِـن الذّي أضعـهُ بقِدرٍ أشعلـتُ مـوقداً بهـا بينَمـا أحتَمـي من المَطـرِ بداخـلِ كـوخٍ مهجـورٍ بـه سقـفٌ و قد حُطِّـمَ أحدُ جُدرانـه، نـاولـتُ كـأسَـاً للصَّبـيّ و مَددتُ يدِي الأُخرى لكـي يُبادلنِـي قيمتـهُ و لـم أَشعُـر بحفيفٍ إلاّ و قد رَكـضَ بسرعـةٍ بدونِ أن يدفـع...

إنّه الفَقـرُ فـي القَرسِ و مـا يفعـل، أردتُ ملاحقتـهُ و لكـن الحَليـبُ قـد سُكِـب بالفِل أثنـاء هرولتِـه و نَظـراً لسخـونتِـه و يالَ السُّخريـة، التَفـتتُ لأعـودَ أدراجـي فـأدركـتُ أنَّنـي كُنـت أسبحُ سـارحـاً بمَن رَمَقتُه، فـأعدتُ رأسـي للخَلـفِ فَلـم أجـده، نَظـرتُ يمينـاً و شمـالاً بذلـك الطَّريـقِ الممَلـوء بـرائحـة الغَيـثِ و لـم ألمَـح أثـراً لـه، و رفعـتُ نَاظِرايَ قليلاً لأجِـدَ المَقصود فَـوقَ حـائِـطٍ مُتشـققٍ فصَرخـتُ لهُ بخفـةٍ شـارةً لـرغبتـي بنزولِه، و لكـن مـا مِـن مُجيـب...

سـادَ التَّـوغـلُ الصَّـامِـتُ اللَّحظـةَ التِّـي كـانـت تتـأرجَـحُ بَيـنَ وَشـجِ حَدقتينـا، لا أُنكِـرُ أنَّنـي افتَرسـتُ رُواءَهُ بِنظـراتـي المَفتـونـةِ بِوهـجٍ زُمرديِّ و رُغـمَ  أنَّـه عَـمَّ أنـاةٌ يلتَبسـهُ الضَّبـاب، بينَمـا هذا الواقِفُ و المُتلطِّخـةُ عَينـاهُ بِكَـمٍّ من الغُمـوضِ المُحيطـيِّ يكـادُ يُنـاشِـدُ خـاصَتـيَّ بِجريـمـةٍ ثَكلـى، تَسـابـقَ العَقربُ لِيَحُثَـنـي على أن أنبِـسَ بمـا فـي جَعبتـي حـالاً بـالاً فأَطبقـتُ جَفنـي من شِدّةِ سيـولَـةِ البَغـرِ بذلـك الحيـن، آخِـذاً شَيـئـاً من رِأتـايَ المُتـاثقلتـانِ وُصـولاً لأحرفـي التّـي تراكمـت عِنـد فوهتـي و بِطَـرفِ اللِّسـان...

بدأتُ أُزيـحُ شَفتـايَ المُطبقتـانِ عن بعضهمـا لِـ :"زهرةِ فيريسيـا النَّـاصِعـةِ البيـاض"، و لَـم أُكمِـل لَـمَّ شجـاعتـي حتى تداركـتُ أمـرَ القِـدرِ الذّي تَغلـي  لِـطـولِ انتِظـارٍ، فـعُدتُ أدراجـي و مـا إن أدرتُ وجهـي بَلعـتُ الخَفـقَ بعد أن اختَلـطَ مع السّيـولـةِ المُتدّفقـةِ عند سَـدِّ ريـقِ الظَّمـآن، هـا هُو قُـرابتـي و بـل حتى أنّنـي فَصَّلـتُ تَفـاصيـلَ الذّي يُخبـئُ حَنكه، و لا أُحدّثكُـم عن سوداوتيهِ المُتعطّشـةِ بِقتـامِ الدُّجـى، لـم تكُـن الرُّؤيـا جَليَّـةً بمـا فيه الكِفـايـة لهذا من فَرطِ مـا أبصَرتُ بـه حَسبـتُ الـوَهـم يَعتنِـقُ كُـلَّ ضَحِـيّـةٍ مُثلـى..

_عودَةٌ لوَعي تايهيونغ و الواقع_

فتحتُ عيناي ببرودٍ شديدٍ هذه المرَّةِ ليخطر ببالي أن أكتُب رسالةً لماتيو لأنني مُنذ مُدّةٍ لم أكتُب له...

ليكون مُحتوى الرِّسالةِ كالآتي:

' عزيزي ماتيو... اليوم دَخلتُ لعامي العُشرون و لقد كنت غريبـًا حينما رأيتك هذه المرَّةِ و قد كان الذي رأيته مُرعبـًا بعض الشيء، بالمُناسبة.. هل أنت بخير؟ اشتقتُ أن أكتُب لك. آه صحيح لقد تعرفتُ على شخصٍ مُريبٍ و مُثير للدّهشةِ بالآنِ ذاتهِ ظلّه مُشابه لظلك تمامـًا برُغم من أنني لا أذكُر ملامحك أنت، أرجو أن أذكُر ملامحك و جميع تفاصيلك عاجِلًا أم آجِلًا، أراك قريبـًا'...

أردتُ أن أكتُب المزيد و أن أُبحِر بزَورقِ عواطفي و خيالي، و لكننّي توقفتُ و خرجتُ لأتفقد الزُّهور المسكينة التي قد تجمَّدت بسبب هذا الطَّقس

لا أعلمُ لما هذا الشِّتاء قد أوقعني عميقـًا بحبه برُغم من أنَّ قرسه قاتلُ، و لا أعلمُ لماذا أُحبُّ الزُّهور الذابلةَ و لا علمَ لي بحُبي بكتابةِ رسائل لشخصٍ قد يكونُ غير موجودٍ بهذا العالمِ البائِس...

بينما كُنت غارقـًا بذهني و تفقدي لهذه الأزهارِ التي التزقت عليها بُلوراتُ الثَّلجِ سمعتُ حفيفـًا يأتي من خلف الشُّجيرات، فاقتربتُ من مصدرِ الصَّوتِ فتبين لي أنَّه جروٌ صغير لونه بُندقيٌّ و شعره منفوشٌ بعض الشيء...

آه ما ألطَفك كيف جئت إلى هُنا هل أنت ضائع؟
قُلت بعد أن حملته برفقٍ لأسمع فجأةً صوتـًا يُقهقه و  ليس بغريبٍ عليّ البتة.. إنه صوت...

يالَ الأسف لقد فسدت المُفاجأة

أبي؟!!

يوم مولِد سعيد بُنيّ

و لكن كيف؟.. ألم تكُن بالمشفى؟!

لقد تعافيتُ الآن عزيزي، و لم أرد تفويت يوم مولدك

أبي...
قُلت و البهجة أخَذت تغمرني لأركض و أُعانقه

هذا الجرو هو هديةٌ منّي إليك لقد أفلت منّي عندما دخلت و أخذتُ أبحثُ عنه و لكنك وجدته قبلي
قال و هو يضحَك

أشكرك بحق والدي...
قلت و أنا أحشُر جسدي بحضنه عميقـًا

أين جونغكوك؟
سألَ أبي

جونغكوك؟ هل تقصِد الأُستاذ؟

أجل أنا لا أراه كُنت سأدعوه لتناول وجبة العشاء..

لم يأتِ معي..

ماذا؟لماذا؟!

كان سيأتي و لكن حَدث أمرٌ طارئٌ لديه لذلك بقِي في البلدة

سُحقـًا يبدو بأنهم بدأوا بالتّحرك...
قال والدي و علامات الغَضب و القلق بانت عليه

ماذا تقصِد؟
سألته بفضول

كلّا لا شيء بُني دعنا نذهب للداخل لنحتفِل بيومك

لم أعُد طِفلًا

قلتُ فضحِك والدي و دخلنا لنجلس على تلك المائدةِ الكبيرةِ فقط أنا و والدي... شعرتُ بنقصٍ غريب.. و كأنّني أنتظرُ أحدهم و لكن لا أعلمُ من هُو.. قد يظنُّ الآخرونَ أنّني من طبقةٍ حاكمةٍ و ما إلى ذلك و أنَّ والدي هو ملك بمُجرد سماعهم لكلمةِ قصر و لكن الأمرُ ليس كَذلك فكلُّ ما في الأمرِ أننا من طبقةِ النُّبلاء و هذا القصر قد شُيِّد من قِبَلِ أجدادي منذ زمنٍ طويل بدأتُ بالأكلِ و قبل أن أبتلِع الطَّعام جاء جُنديٌّ على عجلٍ ليقول:

سيّدي...

اخرج خارجـًا سأتبعك و أخبرني على انفراد
قال والدي

حاضر سيّدي

و كعادته والدي يُخبئ عني الأمور التي تشغله عني و عن هذا القصر، أنا مُتأكدٌ و من تعابيرِ الجُنديّ أنّه حصلَ أمرٌ ما سيدفعُ والدي للخروج مُجدداً و سأبقى وحيداً مُجددًا بهذا القصرِ الكئيب، و على الأقَل.. سيكونُ معي هذا الجروُ هذه المَرَّة...

الجُنديّ و هو ينحني بعد أن خرجا من قاعةِ الطَّعامِ هو و والد تايهيونغ : عزائي لك سيّدي... لقد فقدنا السيّد غونزاليس للأبد، أنا آسف حقـًا...

والد تايهيونغ و هو مَفجوع: تبـًّا لقد توقعت حُدوث هذا... فهو كبير بالسنّ بعد كُلِّ شيء... وداعـًا والدي العزيز فالترقُد بسلام...

الجُندي: سيدي سأقلك للبَلدةِ الآن.

والد تايهيونغ :كلّا سأذهبُ بِمُفردي و أيضـًا لا أُريد أن يراني تايهيونغ و أنا بهذا الحال.. مُنهارٌ هكذا لذلك أخبره بأنّني سأتوجه للبلدةِ بسبب أمرٍ طارئ و لا تُخبره أنَّ جدَّه غونزاليس قد توفى...لا أُصدّق بأنّه توفى بذكرى مولدِ حفيده الوَحيد...

الجُندي: لك ذلك سيّدي.

الجُندي بعد أن عاد للقاعَة : سيدي غونزاليس الصغير، لقد طرأ أمرٌ ما على والدك في البلدةِ لذلك هو اتجه مُسرعـًا إلى هُناك.

كمـا توَقعت.. حسنـًا شُكراً لإعلامي بذلك يُمكنك الإنصراف الآن...
قُلت بخيبةِ أملٍ لينصرف الجُنديّ و أبقى بتلك الوحشةِ و ما بين تلك الحوائط المُزركشة، على أيّ حال ابقى سالمـًا والدي أنا أتَفهمُ ما تمرُّ به...

Continue Reading

You'll Also Like

22.2M 1.4M 50
حياةٌ اعيشها يسودها البرود النظرات تحاوطني أواجهُها بـ صمود نظراتٌ مُترفة .. أعينٌ هائمة ، عاشقة ، مُستغلة ، عازفة ! معاشٌ فاخر ، صوتٌ جاهِـر اذاق...
3M 146K 78
ـ #بحر العشق المالح فى بحر العشق نحن تائهان بين الامواج، لا تقاومي، دعينا نسبح ضد التيار بالنهايه نغرق من فرط العشق ونذوب مثل الزبد في بحرالعشق ال...
1.1M 53.7K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝
528K 24.9K 23
🔹أنا لها شمس🔹 دوائر مُفرغة،بتُ أشعرُ أني تائهة داخل دوائر مُغلقة الإحْكَام حيثُ لا مَفَرّ ولا إِدْبَار،كلما سعيتُ وحاولت البُزُغُ منها والنأيُ بحال...