" هل تقولُ أن سونغ كانغ كان من تُواعدهُ تلك الفترة؟ هل أنت جاد؟ " صرختُ بكلماتِي و بدونِ سببٍ على ناتسويَا المسكين الذي لفَ يمنةً و يُسرةً لأن من في المقهى أصبحوا ينظرونَ إليهِ بسببِ صرختِي .
" تاي هيونغ ، إجلس و دعنا نأخذ الأمور بروية ! "
نبسَ ناتسويَا بغضبٍ طفيف من ردة فعلي الغير مُبررة فتنفستُ الصعدَاء لكِي أجلسَ على الكرسي بِقُوة ، كان كُل شئ يبدُو حقيقيًا ، لكنني فقط كُنت أمثِل .
منذ فترةٍ طويلة و أنا أشعر بعدمِ الأمانِ لسونغ كَانغ ، و ها كل الأدلة تشير إلى أن حدسِي صحيح ، قمتُ من محلِي غاضبًا و مشيتُ إلى خارج المقهى الخانق ذو اللونِ الأخضر ، لم أكن غاضبًا كنتُ أمثِل .
على الرغم مِن كونِ ناتسويا فتًا لعوبًا إلا أنّ التأثير عليهِ سهلٌ و جدًا ، لا يمتلكُ أيّ إصرارٍ على مبادئهِ ، يتغيرُ كما تغيرُ الحرباءُ لونها ، لذا كانت الأمور تمشي على ما يُرامْ لدّي .
مشيتُ إلى المقهى البسيط الذي يقبعُ في حيٍّ قريب من الجامعة ، ثم طلبتُ مشروبًا خاليًا من الكافيين ، و جلستُ ارتشفهُ لحتى وصول الفتاة التي كان لدّي موعدٌ معها .
تحدثتُ معها عبر بوابة الجامعة الإلكترونية و أخبرتني ان لديها معلوماتٍ عن جونغ كوك ، و لم أرِد تفويتَ شئٍ لذا حددت موعدًا لأقابلهَا .
حينما دخلت المقهى عرفتُ من هيأتهَا أنها مَن أقصدها ، لم تكن كما تخيلتهَا أبدًا ، كانت ذو شعرٍ قصير مصبوغٌ بإهمَال ، بدينةُ الجسد ، و طلاءُ أظافرهَا مشقورٌ و مهمَل ، ترتدِي الأقراط الطويلة علمًا بأن ذلك لا يليقُ
بها و الأهم ، لا تُنسِق الألوان جيدًا .
كان رؤيتها لوحدها يعذبنِي ، فما بالكَ حينما تخبطَتْ بالطاولة المجاورة أثناء مشيها ، و حينما وضعت حقيبتها الكبيرة على الطاولة أوقعتْ مشروبي ، ثم حينما حاولتْ مساعدتِي بتنظِيف المشروب المسكوب وضعت المنادِيل على الكعكة التي ابتعتها .
تنفستُ عميقًا ، و اخفيت عقدة حاجبي و إبتسمتُ لها مرددًا لا بأس ، لكن كان هنالكَ الكثير من البأس .
أخرجت من حقيبتها الضخمة أوراقٌ مكرمشَة ، بعضها سقط عليها الماء فسالَ حبرها ، ثم صففتهُم أمامي لكي أنظر إليها .
كان مُفرحًا كونها تملك الكثير من المعلومَات ، و على ما يبدو انها كانت تَتتبعُ كُل صغيرة و كبيرة عن جونغكوك .
كانت مُهتمَة بما حصلت لهُ و جمعَت تحليلاتْ نفسية أيضًا لسلوكياتْ الأفراد المحاطين بجونغكوك .
اخذت الأوراق و حدقتُ بها و قرأتها بسرعة ، أردتُ معرفة كُل ما تلُم بهِ تلك الفتاة ، كنتُ منشغلاً بالقراءة لكن صوتُ الأكوابِ و هِي ترتطمُ بالطاولة أخذت إنتباهِي إليها وقتئذٍ أدركتُ أنني نسيتُ وجودها و إنشغلتُ بالأوراق .
هرشتُ خلفَ رأسي مُنحرجًا ثم إبتسمتُ لها .
" أعتذر ، لقد إنشغلتُ بالأوراق لذا لم أرحِب بكِ "
إبتسمت إلي ثم وضعت الكوب التي كان ترتشفْ منه على الطاولة بقوة ، ممَا أدى إلى إنتشارِ القطرات في الجو ، تحدَثت لتجعلنِي أتجاهَل ما فعلت
" لا بأس ، أدرِكُ أنك وجدت عندي ما لَم تتوقعَه "
وضعتُ الأوراق جانبًا ثم وجهتُ نظري إليها
" آنسَه مِي نَا ، ما الذي جعلكِ تُلمِين بكل هذه المعلومات؟ "
" في الحقيقةِ .. لا اعلمُ كيف عليّ قولها لكنني كنت من الذين كانو معجبيِن بموسيقَى جيون جونغ كوك كثيرًا و حينما غابَ جونغ كوك و أتُهِم كان عليّ أن أقوم بواجبِي كمعجبَة " نبستْ و أسرعت بإمساكِ الكوب لترتشفَ منها مرةً أخرى .
" أرى ذلك ، هل أنتِ وحدكِ قُمتِ بهذا أم كان هنالك
من يُساعدك؟ " سألت .
وضعت الكوب مرةً أخرى على الطاولة و أسقطَت كميةٌ كبيرة من مشروبهَا هذه المرة ، و شرعَت تنظفهَا بالمنديل الذي كان بيدهَا .
" في البداية كان هنالك ناديًا كاملاً مهتمًا بتفاصيل قضية جونغ كوك ، لكن فيما بعد تركَ الأعضاء النادي و أضحى عددنا ثلاثة "
" فهمت " نبستُ مختصرًا .
" لكن من أنت ؟ ، أعني بصفتكَ من تهتمُ بالقضية ؟ "
فكرتُ بإجابةٍ منطقية لسؤالها الصريح لكن عقلي توقفَ فجأة ، في الحقيقة من أنا ؟ بصفةٍ من أنا مهتمٌ بما حصل لهُ ؟ هل حقًا عليّ الإهتمام بما حصل ؟ و آلاف الأسئلة داهمتنِي وقتها و غرقتُ في التفكير البعيد إلى أن اعادني إلى الواقع صوتها " سيد تاي هيونغ ؟ "
" أنا صديقهُ ، أنا صديق جونغ كوك "
كانت إجابةٌ غريبة ، فهل كنتُ صديقك حقًا ام ذلك ما توهمتُ بهِ .
" مِي نَا ، هل تمانعينَ بإخبارِي لما يكرهُ الناس جونغ كوك لهذا الحد ؟ أعني القفزُ من أعلى السطح يدعى الشفقة و ليسَ الكُره ! "
" في الحقيقة كان الجميعُ متحمسًا يوم المسابقة بشأنِ أداء جونغ كوك ، فكما تعلم ان ناتسويَا كان قد ترك المسابقة قبل أيامٍ من الحفلة ، كل آمالِ جامعتنا كان على عاتقِ جونغ كوك ، فكرة أنهُ إنتحرَ يوم المسابقة قبل الأداء خذل الجميع ، و طبعًا ظن الجميع انه قفزَ من أعلى السطح لأجلِ هاتشِي الفتاة الجميلة ، و كان ذلك سببًا سخيفًا للانتحار " انهت حديثها ثم بدأت تعبثُ بساعةِ يدهَا .
" سمِعتُ ان هاتشِي و جونغ كوك لم يتواعدَا حقًا ، كل ما في الأمر انهم كانوا يحملونَ المشاعر للبعض ، فكيف علِمَ الجميع بأن جونغ كوك فقز من أعلى المبنى لأجلها ؟ " سألتْ .
حكَت رأسها مليًا ثم نبستْ " لقد إنتشر الأمر فقط ، سونغ كانغ صديق جونغ كوك أكدَ ذلك لذَا لم يشكَ أحدٌ بمصداقية الأمر "
" ميِ نا ، لقد ولجتُ إلى بوابة الجامعة الإلكترونية قبلاً و التعليقات دومًا مليئةٌ بمدَى قابلية سونغ كانغ ، كان ذلك مريبًا قليلاً .. أعني - "
رفعت يداها في وجهي قاطعةً حديثي
" لقد نسيت ، حينما خُذِل الجميع من جونغ كوك يوم المسابقة كان سونغ كانغ الملاك الحارِس ، فقد أدى أغنيةً أصلية و نالتْ الجامعة الجائزة الفضيةَ لأدائهِ ، فبذَا غدَا مشهورًا في الجامعة "
هززتُ رأسي متفهمًا ثم إرتشفتُ بعضٌ من الماء الذي كان بجانبي ، و بعدها لممتُ الأوراق لكي أضعها في حقيبتي .
" آنسة مينَا ، إسمحِي لي " قلت ذلك تضامُنًا مع وقوفي نية الرحيل .
وقفتْ لتودعني ، و ليسَ مهمًا أن أخبر انها حركت الطاولة حتى وشكَ على السقوط ، و أسقطتْ الماء الذي كان قبالِي و لطخَ ذلك حذائي .
مشيتُ إلى المنزل و عقلي يُردد كلمة .. الحقيقة ليست بمتناولِ لليد ، إن للحقيقةِ دومًا سبيلٌ صعب .
....
تشكونْ في سونغ ولا تتوقعون انها حيلة؟