اطلي بلونك روحي

By reema_albodiry

5.5K 129 10

📝 بقلم: إسراء عبد المطلب More

الجزء 01
الجزء 02
الجزء 03
الجزء 04
الجزء 05
الجزء 06
الجزء 07
الجزء 08
الجزء 09
الجزء 11
الجزء 12
الجزء 13
الجزء 14
الجزء 15
الجزء 16
الجزء 17
الجزء 18

الجزء 10

232 7 0
By reema_albodiry


تتبدَّل ملامح وسَن إلى الجمُود، تُحاوِل جاهِدة إخفاء أثَر تِلكَ الرسالة عليها ولا تقدِر ، يتدخَّل عُمر أخيراً : في شنو يا وسن ؟ في حاجة حاصلة؟

تنفِي : لالا ابداً ، ماف شي

عُمر : لأ في ، إنتي ما شايفة وشِّك إتخطَف كيف ؟

تُداري خَوفها : ماف شي يا عُمر قلت ليك خلاص !

يتنهَّد : ممكن أعرِف منو الرسَّل ليك ؟

تنظُر إليه : لأ طبعاً ودي ما حاجة بتخُصَّك !

عُمر : لو سمحتِي

تأبَى : قُلت لأ يا عُمر

يخطِف الهاتف من بين يديها ، يقرأ الرسالة

تصِيح : إنت مُتخلِّف !!

يضع الهاتف جانبًا، يلتفِت إلى النافذة كابِحًا جماح غضبِه

تهمّ بالنزول

يُوقِفها : إستنِّي يا وسَن

وسن : سيب يدِّي إنت واحد متطفل ومابتعرف حدود الأدَب

يصِيح : بَس !! بس خلاص ! أنا ليّ فيك حق زي أُمِّك دي بالضبط ، وحقِّي العليك أكتر ، لأنو التنازلات الأنا قدّمتها لأُمك كلها كانت من حقِّي لكن آثرت دا كلو عشان أفُوز بيك ! أنا ما مُتطفِل يا وسن وحاولي تفهمي إنٍّك حياتي، ودُنيَتي، وكل حاجة أنا بملكها، والإنسان الوحيد اللي مستعِد أقيف قدّام أي شخص يحاول يبعدو عنّي، حتى لو كان الشخص دا أُمِّك

وسَن : أُمِّي ماعمَلت ليك حاجة إنتَ ليه بتتكلَّم عنّها كِدا !

يبتسِم هازئًا ، ينظُر إلى وسَن، يحملها ويطير بها إلى ذِكرى بعيدة ؛

•••

كوالا لامبُور - قبل ٥ سنوات :

تُغلِق بابها بإحكام ، تأوِي إلى فراشها خائفة في كُل ليلةٍ تبيتُ فيها جيسي خارِج المنزل ، تُطفئ الأضواء، وتدفِن وجهها المُحتقِن بالدموع في دفء وسادتها، مضى يومَانِ لم تحادِث عُمَر فيهم، حظر من جميع مواقِع التواصل وحظرٌ لمكالماتِه ، ورقعةُ الأسى تتِّسع في قلبها مع كل محاولةٍ يبذلها قلِقاً كيّ يصِل إليها ، كانَت رسالتها الأخيرة لهُ " أنا آسفَة يا عُمر ، أنا مجبورة أنساك.. عشان خاطري أنساني، وخلّينا نعيش كأننا ما إتقابلنا، أنا ما بقدَر أعادي أهلي، مابقدر أعادي أمي، صدّق إنو البيحصل دا غصبًا عني، صدِّق إنو واجعني ، وإني بحبَّك يا عمر "

ما إن تشتدّ ظُلمة الليل، حتّى يُطرَق الباب ، تنهَض فزِعة بعد أن بدأت أحزانها تستسلِم للنَوم ، ترتدِي معطفها، تحمل بخّاخ الفلفل بيدِها وتتسحَّب نحو الباب ، ما إن تقِف خائفة خلفهُ حتّى يأتيها صوتهُ الغاضِب، الغائِب في حُزنِه : أفتحي الباب يا وسَن !!

تنتفِض، تتراجَع إلى الخلف

يصِيح : أنا عارف إنّك سامعاني، أفتحي الباب !

تجلِس على حافّة الكرسي قلِقة ، يترقرق الدمعُ في عينِها مهزومًا ولا ينهمِر

يهتزّ الباب بين يديْه : أفتحي يا وسَن عشان ما أكسِرو!!

تخرُج عن صمتها : أمشِي يا عُمر

يلتصِق بِجذعهِ على الباب : وسَن ! وسن !

تصِيح : أمشي قُلت ليك !!

عُمر : ماحمشي، ماحمشي يا وسَن، وحكسر الباب لو إضطريت ، وإنتي عارفاني ، أرجوك خلّي الليلة دي تمُر على خير

تنهَض ، تقِف خلف الباب مُباشرة، تهمِس بصوتِ مُختنِق بدموعه : عُمر

يفزّ قلبهُ : أفتحيه يا وسن

تصمُت

يصرُخ بهيستيريا : أفتحي الباب دا يا وسَن !!

تضَع أصابعها فوق المِفتاح، تلفّهم حولهُ، يُفتَح القفل، تتراجَع خطوتين للخَلف ، يضع يدهُ على المِقبض، يفتحهُ، فترتسِم بِهيئتها الهزيلة أمامهُ ، يدخُل، يُغلِق الباب بظهرِه مُعلٍِقاً نظراتهُ المُعاتِبة بها ، عينيها الغائبة لكثرة البُكاء، ظفائرها النائمة على كتفيْها ، مِعطفها الذي تشُد طرفيْه لتُدفّئ نفسها، شفاهها الراجِفة، وأنفُها المِحمَر ، يتقدَّم إليها بملامحٍ جامِدة ، ملامح اختبرَت خوف الفقد يَومين، مُنذ قرأ تِلكَ الرسالة وهوَ يدُور حول نفسِه جاهِلاً بالذنب الذي اقترفهُ ليُترَك، ليُقابَل حُبّه الشاسِع بهذا الرفض الغَير مُبرَّر ، يقترِب وهي تتراجَع خائفة ، ينطِق أخيراً كاسِراً هذا الصَمت المُطبَق : وسَن

تصدّ مُكابِرة، يُكرِّر : وسَن

تُحيط وجهها بِكفّيها، وتنفجِر باكيْة ، يهتزّ جسدها الصغير ، ويهوِي قلبهُ ، يُثبِّت ذراعيْها : وسَن

تأتِي كلماتها مُتقطِّعة : تِعبْت يا عُمر ، ورّيني بس أنا أعمل شنو !

يبحث بنظراته عن وجهها المٌختبِئ خلف كفّيها : تعملي شنو في شنو يا وسَن !

تجلِس على حافّة الكُرسي ، تروِي ما حدَث باكية : أنا ورّيتك، ورّيتك ياعُمر إنو أُمي ماحتقتنِع ، كلّمتها بدل المرة عشرَة، وأبوي كلَّمها، شاب مُحترَم يا ناهِد ، شاريها يا ناهد وحيعيّشها ملِكة ، بَس هي كُل الفي راسها ولد خالتي، كل قناعتها إني ما أتزوَّج من برّا العيلة وأغلط زي ما هي غِلطت لما اتزوّجت أبوي وهو غريب عنها، واتزوَّج عليها مرَّتين، فهّمتها إنو البتعمَل فيهو دا غلط، وأكيد مصيري ما حيكون زيّها، لا إنت نبيل الطيّب ولا أنا ناهِد محجوب، بس هي..

تصمُت مُقاومة سيل دمعها، تنفجِر أخيراً

يتأمّلها مكسوراً : وإنتي عشان ترضيها قررتي تشيليني من حياتِك بين ليلة وضُحاها يا وسن؟ كأنو البيننا لعبة خسرنا فيها وخلاص ؟

تصِيح : إنتَ مافاهم شي، مافاهم أيّ شي !!

ينفجِر : لأ فاهم يا وسَن، فاهِم إنّها أُمك وإنو الدين والعُرف والمنطِق كُلهم بيقولو أرميه، أرمي عُمر وأكسبيها، فاهم يا وسَن ، بس المافاهمو بالجّد، لياتو درجة كان سهل عليك تقفلي الأبواب في وشّي وتودّعيني بِرسالة من سطرين؟؟!

تُحني رأسها وجسدها النحيل يهتزّ مُتعَبًا لشدة مابكَت

يُكمِل : هل السنة البيننا دي مرَّت عليّ أنا براي يوم بيوم ولحظة بلحظة ؟ أنا أُمّي إتوفَّت لما كُنا بنخطِّط ناخد خطوة جادّة في علاقتنا يا وسَن، ماتت وهيَ أُمنيتها الأخيرة كانَت إنو تشوفني عريس، بس إنتي رَفضتي، وقُلتي لسّه بدري، لسه ماقادره تمهِّدي لأهلِك، آمنت بالله وإستنّيت، إتوفَّت أُمي يا وسن، شالَت معاها أُمنيتها وإتوفَّت، ولا زِلت مُستنِّيك، وماليّ في الدُنيا غيرِك ، إنتي بس اللي بقدَر أدّيها ضهري وأنا مُتطمِن، إنتي الوحيدة اللي دخلَت حياتي لوّنتها وأدّتها طعَم، الوحيدة العلّمتني كيف أتمسَّك بالعايزو وكيف الشركة الصغيرة تبقَى مؤسسة وكيف حِلم أبوي المات وماتمّاهُ يبقى حِلمي، إنتي بَس الأنا حبّيتها ومُستعِد أموت لِي حُبّها يا وسَن ، ومُتأكَّد لو لفّ الزمن ودار وشُفتها في موقع الإنشاء تاني حمشي بدون أدنى خُطّة وأكلّمِها وتهزئني، وأستحمَل لحدّي ما تدّيني قلبها، وحُبها ، كنت حستحمَل حكاياتها عن مُعجبينها من أوّل وجديد وكُل عريس أهبل بيتقدَّم ليها، كنت حتحمَّل إني شفّاف في نظرها لحدِّي ما تقدَر بقلبها تشوفني، وتكُون ليّ، بس ليّ ،

يتأمّل إنحناء رأسها وصَمتها الذي يُقطِّع كُل أوصال أملِه ، يُردِف : أنا يمكن فهمت مُتأخِّر، بس إسمي في الآخِر فهمت، أنا عُمري ما كُنت ليك زي ما إنتي كنتي ليّ ياوسَن، يصدّ عنها ويُردِف : شكلي إتعشّمت !

ترفع نظرها إليه، مُشيحًا بجسده، يُهروِل مُسرِعًا نحوَ الباب

تنهَض ،تُهروِل خلفهُ، تشُدّ ذراعهُ ، يلتفِت إليها، يغرَق في حُزن عينيها : ما تبكِي يا وسَن، ماتبكِي ، كل حاجة حتتِمّ زي ما إنتي عايزة، إعتبري اللي بيننا ما كان زي ما قُلتي، يُقبِّل بين عينيها ويُردِف : وأوعِدك إني ما حتعرَّض ليك تاني

تشُد أطراف قميصهِ وتبكِي ، يُفلتها، مُتجهاً نحو الباب ، تصيح : عُمر !

يفتح الباب ببطء، أمام نظراتها المُتوسِّلة بقاؤه، وطواعيّتهُ لتنفيذ قرارِها، يذهَب، تائهًا في ألمِه، وهيَ خلفه، أرهقها الأسَى وقِلّة الحيلة ..

•••

كوالا لامبُور - الآن :

يرنّ هاتفهُ قاطِعا سيل أسئلتها، يُجيب، وهي لازالت تُعلِّق نظراتها المُستنكِرة بهِ

عُمر : أيوة يا دكتورة لارين، بعتذِر على التأخير، لالا إنا قُصاد العيادة، تمام، يدّيك العافية، يلّا..

يعُود إليها : موعدنا جَا

تُجيبهُ على نفس حالها : عُمر إستنَّى، أنا ماقادره أستوعب حاجة من الإنتَ قُلتو دا ، عُمر إنت آخِر حاجة قُلتها ليّ إنّك ما إتجرّأت تفاتِح أهلي في موضوعنا وبِكدا كل حاجة إنتهَت

يتنهَّد : ممكن نلحق الموعد طيِّب وبعدها نتفاهم في النُقطة دي؟

تزفُر، تفتح بابها بهدوء وتترجَّل عن السيارة، يلحَق بها ، يُؤمِّن السيارة ويدخُلان إلى العيادة سويًا..

●●●

كوالا لامبُور ، بِحضانة بيَان :

تتخطّى جميع الأطفال وصولًا إليها، تتربَّع بِجوارها ، ترفع الأُخرى رأسها ، تبتسِم ما إن تراها : مِس يارا !

تضُمّها إليها : حبيبتي أنا

بيان : لقد افتقدتك

يارا : وأنا كمان ياروحي

بيان : ليه ما رجعتي معانا ليه رجعتي لوحدِك

يارا : أممم.. عشان بابا عُمر زعّلني

بيان بِدفاع : لا ، بابا عُمر ما يزعّل مس يارا

تهزّ رأسها مُؤكِّدة : واللهِ زعّلني

بيان : بيان تصالحكم

تضحَك : بيان كيف حتصالحنا؟

تنهَض : تعالي

تنهض خلفها : إستنّي يا بيان، وريني عايزه تعملي شنو ؟

تُشير لها أن تصمُت : حنهرب من الحضانة أولاً

يارا : بس كدا غلط يا روحي !

بيان : نستأذن ونهرُب

تنفجِر ضاحكة ، تحملها بين ذراعيْها وتخرُج مُطيعة لأوامرها مُتشوِّقةً لِخُطتها الطفولية..

●●●

ماليزيَا - كوالا لامبُور :

يتوقَّف بِسيّارته أمام البَحر ، تُنزِل زجاج نافذتها، تأخذ نفسًا عميقًا ثُم تزفرهُ فتهدأ أطرافها، ينظُر إليها وأحاديثٌ كثيرة تتسابَق إليه ولا يسعهُ البَوحُ بها ، يودُّ لو يُخبرها كم إشتاقَها ، كم تتوقُ أصابعه لملمَس خدّيْها، عطرُها حين يغمُر حياتهُ حياة، وعينيها يحملان حنان الدُنيا إليه في نظرة، يتنهَّد، تلتفِت إليه بعد أن ألقَت بِهمِّها على سطح البَحر ، يستدرِك فيعود من خيالاتِه إليها ، تتذكَّر أحاديث الطبيبة ، تزفُر بِضيق : عارِف

ينظُر إليها بإهتمام

تُكمِل : كُنت متأمِّلة جلسة مُفيدة أكتر من كدا، ماحسّيت إنها قالت حاجة جديدة لا بخصوص حالتي ولا بخصوص ذِكرياتي

عُمر : الكلام دا بيجي بالتدريج وحبّة حبّة ، ماف حاجة بتتحلّ من جلسة واحدة يا وسَن

تُقوِّس شفاهها للأسفَل ، يبتسِم، تنظُر إليه : بتضحَك على شنو إنتَ هسي !

يستنِد إلى الكُرسي ناظرًا إليها : عشان لسّه زي ما إنتي، ما اتغيّرتي، مُتسرِّعة وزعولة، وماعندك صبر

تتذكَّر : طيّب لما إنت عارف إني مُتسرِّعة، ليه خلّيتني ورا ضهرك ومشيت أوَّل ما رفضتَك؟

عُمر : شايفة قلّة صبرِك؟ لو صبرتي أنا هسي كنت حكمِّل ليك الحكاية

تنظُر إليها بإصغاء

يبتسِم مُتأمّلاً تركيزها، ويروِي..

•••

كوالا لامبُور - قبل خمس سنوات :

فرغَت للتوّ من أداء رياضتها الصباحيّة ، تدخُل لِمبنى عمّارتها مُهروِلة، تنزَع عنها سمّاعات الرأس، تتوقَّف أمام شقّتها، لتصطدم بقامتهِ الفرعاء أمامها ،تشهَق ،مُستنداً إلى باب شقّتها، متأنِّقًا بِبدلتهِ السوداء، مُمسِكًا بِبوكيه وَرد رقيق، يعتدِل واقِفاً

تُعلِّق نظراتها المصدومة بهِ : عُمَر !

يمُد لها بِبوكيه الورد، تستلمهُ منه مُتفاجِئة، يُلفت نظراتها المشدوهة خاتمٌ ذو أحجارٍ أخّاذة على سَطح الوَرد، تنظُر إليه وكفّها يُحيط بِفمها ، ولا زال صامِتًا ونظراتهُ مُفرَّغة من المعنَى ، تكاد تنطِق، تكاد تُذكّرهُ بِفراقهم الأخير، وإستحالة إجتماعهم كَزوجين، فيُلجِم أحاديثها بِكفّهِ الممدود بإتّجاه الجرَس، تُقطِّب حاجبيْها مُستغرِبة : في شنو يا عُمَر !

تفتَح جيسي الباب وإبتسامتها المرسومة على وجهها تزيد قلق وسَن، يُشير لها عُمر بكفّه أن تتفضَّل ، تدخُل أمامهُ مُتفقِّدة زوايا المنزل بنظراتٍ مُستنكِرة، لتجِد والدها جالِس على أحد كراسي الإستقبَال، مُتأهِّبًا لقدومها، تصيح : بابا !

ينهَض إليها ، تُهروِل إليه، ترتمِي إلى حُضنهِ، فيضُمها إليه بحنان ، تبتعِد عنه : بابا إنتَ متين جيت ، وكيف !

يُجلِسها بِجواره : هسّي حتفهمي كل حاجة يا بتِّي، بس خلينا نتِّفق إنو التفاهم حيكون بالأخد والعطى، بدون أي تسرُّع

تنظُر إلى عُمر الواقِف بملامح جامِدة، جيسي المُبتسِمة ببلاهة، ثُم تعود بنظرها إلى والدها : في شنو يا أبوي ؟

نبيل : في إنو الراجل دا كلّمني وطلب يدٍّك منّي على سُنة الله ورسوله، وأنا أدّيتهُ، وكان الفاروق في كُل القصة دي رأيك يا بتي، وإنتي إستشرتي أُمك لكن للأسف هي ماعاينت لإختيارك وقررت ترفُض وتنهي القصة من قبل ما تبدأ

وسن : يا أبوي أنا..

يُقاطعها : أنا عارف إنو ماعندك أعزّ من أُمِّك ولا أهم من رِضاها ، لكن أنا برضو أبوك، وليّ رأي عليك ، بإمكانك تاخديه أو تتجاوزيه، كُل العايزك تفكِّري فيهو قبل أي كلمة حتقوليها سواء موافقة أو رفض؛ هو إنو منو الحيتحمَّل مسؤولية قرارِك دا ؟ لو طلع زول غيرك، ف أسمعي رأيه وإنتي مغمّضة، لكن إذا الشخص المتضرر أو المستفيد في النهاية هو إنتي وبس، ف مافي شخص أحقّ منك بأخد القرار دا يا وسن

تُحنِي رأسها مُتحيِّرة

نبيل : عُمر دخل بيتي وأكرمني وأكرَمك يا بتّي لما طلبِك مني بالأصول ، وأنا سألت عنه ومالقيت إلا كُل خير ، وأنا رضيتو زوج ليك يابتّي، الكلمة الأخيرة عندك، وناهِد دبارتها عندي ، قولي رأيك الخاص بيك وماتخافي

تنظُر إلى عُمر ، إصرارهُ وحُبّه ورِقّة مُحاولاته، صبرهُ في كل مرّة يأتي فيها ساعيًا للوصل ويعود بأملٍ مقطوع.. تتنهَّد ، تهزّ رأسها ناظرةً لوالدها، فتصيح جيسي وتقفِز مُصفِّقة، يبتسِم عُمر أخيرًا وقد هدأت أفكارهُ السوداء وغادرَت رأسه للأبَد ، يرفَع نبيل يديه مُبتهِجًا : الفاتحَة !

•••

كوالا لامبُور ، الآن ؛ وأمام البَحْر :

تسند خدّها إلى كفّها مُصغيةً إليه : وبعدين؟

يُلوِّح بكفّهِ أمام وجهها السارِح : هيي، وسن

تستدرِك : ها !

عُمر : هو شنو اللي وبعدين؟ دي ما قصّة من كتاب ألف ليلة وليلة يا وسن ، دي قِصّتنا

وسَن : منَا عارفة ، عايزاك تكمَّل بس !

يتنهَّد : دي ماكانت نهاية الحكاية، لأنو السيّدة ناهِد ظهرت لينا تاني

وسن : إنتَ ملاحظ إنو اللي بتتكلَّم عنها دي أُمِّي ؟

يصدّ عنها : ما بقدر أتصنّع في كلامي يا وسن، دي مشاعري تجاهها ومابقدر أجمِّلها ، لأنو الإنسانة دي سرقَت مني حياتي !

تنظُر إليه مُستنكِرة : إنتَ بتقول في شنو !

عُمر : والدتِك وقفت في طريق زواجنا يا وسَن

وسن : يعني ، الزواج ما إكتمل، مُش؟

يرنّ هاتفهُ، يستأذنها، تتنهَّد، تُولّيه ظهرها ناظرةً إلى البحر، يُجيب : ألو، أيوة يا حوّاء ، شنو؟؟ كيف يعني ؟ طيب طيب أنا جايّ

تلتفِت إليه قلِقة : في شنو؟

يُدير مُحرِّك السيارة : لازم أرجع البيت حالاً

وسن : ليه في شنو يا عُمر ؟!

عُمر : حوصِّلك البيت وأتحرَّك ، تمام؟

وسن : ياعُمر ورّيني في شنو !

عُمر : أنا زاتي ما عارف يا وسن.. أسمعي كلامي خلّيني..

وسن : لا ياعُمر إذا الموضوع طارئ للدرجة دي حمشي معاك

عُمر : ياوسن أسمعي كلامي

وسن : إتحرَّك !

عُمر : وسن !

وسن : إتحرَّك بقولٍّيك !

يدُوس بقدمه مُحرٍّك البانزين، وينطلِق مُرغَمًا، مُقيّداً بقلقِه

●●●

كوالا لامبُور - بِقصر عُمر الرّشيد :

تضَع حوّاء طبَق الحلوى الأخير على السُفرة، بينمَا تُزيِّن بيان مُعلِّمتها الحنونة بالأعلى ،

يارا : كدا حلوة؟

بيان مبهورة : رائعة

تضحَك يارا : وإنتي كمان رائعة

تجلِب لها بيان الكَعب وتأتيها مُهرولة، تضعهُ أسفل قدميها، ترتديه يارا بِرقّة، وتقِف أمامها، تُمسِك بِكفّها الصغير، وتسير معها نحو السُلَّم، ينزلان بِخفّة، سُفرة الطعام أمامهم، والشموع تملأ أرضيّة المكان، وردٌ مُجفّف على طُول السلّم، وعِطر يارا يفوح شذاهُ في القَصر

تتوقَّف سيارة عُمر خلف الباب، فيتأهَّب الجميع، يُوصي وسن : إنتظريني هنا ، أنا حشوف الحاصل شنو وأرجع

وسن : لا طبعًا أنا حجي معاك ! يعني لا تفهّمني ولا تخليني أفهم براي !

يزفُر بِقلّة صبر : وسن !

تترجَّل عن السيارة قبلهُ ، يلحَق بها ، يُهروِل نحو الباب وصوت حوّاء الباكِي في المكالمة لازال يسرِي في نبضهِ ويُغذِّي خوفهُ ..

يفتَح الباب مُرتبِكا، واقفة وسَن بِجوارِه، ما إن ينفتح الباب حتّى يأتيه صوتٌ مُزدوَج بلهجةٍ أجنبيّة يقُول : مُفاجأة !!

تصفيق حوّاء الذي تحوَّل إلى جمُود ما إن رأت وسَن ماثِلةً أمامها ، تُهرول بيان نزولاً عبر الدرج ، سعيدة، مرِحة ، تصرُخ فيرتدّ صداها في قلب عُمر وهي تنطق : بابا جا بابا جا !

☆رُوسيال 🌸✨☆

--------------------------------------

---------------------

☆يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع☆☆

Continue Reading

You'll Also Like

124K 5K 30
الجزء الثاني من رواية " ولا زلت في حبل الغرام اتجود.. " رواية / انتي ربيع العمر في كل الفصول! للكاتبة/ الرنيد
128K 1.8K 21
رواية سودانية بقلم سندس مالك
271K 5.4K 37
رواية سودانية بقلم ايناس آدم ننس تمدين
1.1M 69.5K 53
في كل حائط سر مختلف _بيت عائلة مخيط بخيوط من الحزن وخيوط من الفرح _لكل شخص فيهم حكاية مختلفة مع الحياة القصة باللهجة العراقية.