" لما تأخَر أبي ؟ "
تحدثت بشرى بعدما وقفت قُرابة النصف ساعَه مع أخيهًا في الجو الماطِر ، إنتظارًا أبيهَا .
" يونغِي ، بُشرَى "
قالها جيمين الذي كان مُتجهًا نحوهُم بركض .
" هل رأيتم جونغكوك في مكانٍ ما ؟ ، إنني أبحث عنهُ منذ ساعاتٍ طويله "
" هل هو مفقود ؟ ، أبي أيضًا مفقود "
نبسَت بها .
" رجُلان وسيمَان مختفيَان ، هل يدلُ ذلكَ على شئٍ ما ؟ "
ما إن لفظ بها جيمين حتى حصل على ضربةٍ عنيفَة على رأسهِ من قِبَل يونغي .
" توقف عَن التفكير القذر "
دعكَ جيمين مكان الضربة بعبوس ، ثمَ نظر نحو الساعة في يده .
" لقَد تأخرت ، عليّ الذهاب ، إذا رأيتم جونغكوك أخبروهُ أننِي رحلت "
قالها جيمين و أخذ يركض في المطرِ واضعًا يديهِ أعلى رأسهِ محاولاً حماية نفسهِ من المطر .
" أخرَق ، كان يمكنهُ أن يستعيرَ مظلتِي "
و قبيِل أن ينطِقَ كلمة أخرَى ، لمحَ تايهيونغ الذي يمشِي ممسكًا بجونغكوك نحوهمَا .
نظَر يونغي لِبُشرَى بغير فهِم ، و هِي بادلتهُ تلكَ النظرات .
تقَدم تايهيونغ نحوهمَا أكثَر ، فبانَ لهما ملامِح جونغكُوك المغروقة بالدموع .
" أبِي .. "
كانت تودُ الإستفسَار إلا أن تايهيونغ رفعَ يدهِ مانعًا إياهَا من لفظِ أية كلمَه .
" إركبَا ، و لا تلفظَا بأيةِ كلمة حاليًا ! "
قالها تايهيونغ ليركَب السيارة و أجلس جونغكوك بجانبهِ ، و جلسا كُل من يونغي و بشرَى في الخلف .
كان الجوُ هادئًا في السيارة ، حيث أن تايهيونغ كان في حالة مزاجيَة مُبهمة ، بينمَا يونغي و بشرَى كانا ينظرانِ في وجوه البعضِ بحيرَة ، و جونغكوك كان يبكي بصوتٍ منخفض طُوال جلوسهِ في السيارة .
حالمَا وصلو المنزِل نزَل تايهيونغ أولاً ، ثُمَ أنزل جونغكوك من مكانه و أدخلهُ المنزِل .
ثم آواهُ إلى أقربِ غرفةٍ وجدهَا ، أغلقَ الباب بعدهَا تاركًا يونغي و بشرَى في حيرةٍ من أمرهمَا .
أجلس تايهيونغ جونغكوك على السرير ، ثم جلس أرضًا أمامُه ، و وضع يديهِ على كتفيِه .
" جونغكوك ، أريدُ أن أسمَع منكَ الكثير ، أتريدُ إخباري ؟ "
رفع جونغكوك بصرهُ نحو وجهِ تايهيونغ ثم إستنشقَ ماء أنفُه
" أريدُ أن أرتَاح ، أنا مُتعَب "
" حَسن "
نطق بهَا تايهيونغ ليهرَع إلى غرفة يونغي ، و دخل الغرفة دون أن يطرُقَ بابهَا مما أدَى إلى فزع يونغِي و صراخهُ لأنه كان يُبدِل ملابسه داخلاً .
أغلقَ تايهيونغ الباب ، و إنتظر حتى ينتهي يونغي مما يفعلُه ، ثم دخل مرةً أخرى بعد فترةٍ من الزمن .
" أريدُ بعضٌ من ملابسكَ لجونغكوك "
- " ألن تشرح ما يحصُل ؟ "
قالها يونغِي بعدما فتح دولابهُ ليخرجَ ما يراهُ مناسبًا
" إنهُ ليس وقته ، عجّل "
رمَى يونغي الملابس على تايهيونغ ليلتقطهَا تايهيونغ ، ثم بدَأ بالركض ، و حينما وصل لعتبةِ باب يونغي حدقَ بالملابس .
" يونغِي ، لا أريد ملابسًا داخليَة ، أريد ملابسًا دافئة أيها الغبي ! "
قالها ليرمي الملابس التي بيده على سرير يونغي
" دعنِي أبحثُ عن واحدَة "
قالها و بدأ في العبث بدولابِ يونغي الذي رفعَ يدهُ إلى جبينهِ مزفرًا بقوًة .
" لما لا تملكُ لباسًا واحدًا جيدًا يونغي ! "
إمتنعَ يونغي عن الإجابة رافعًا يدهُ مع تعابير توضحُ انه لا يعلم السبب .
" هل ستكون جيدَة عليه ؟ "
قالها تايهيونغ بعدما رفعَ سروالاً في وجه يونغي .
" ستُناسبهُ حتمًا "
ما إن قال يونغِي ذلك حتى ركضَ تايهيونغ خارج الغرفَة .
" لكِنكَ لم تأخذُ رداءهُ "
- " هذا لا يعنيِك "
...
حركاتٌ كثيرة تحدثُ في ذلكَ الجناحِ من المشفَى .
حيثُ أن جيمين و الذي هو فأرُ تجارب لاي زَانغ مرَض بغتةً .
أصابَ جسدهُ الحمَى ، و ظهرَت على جسدهِ الكثير من البُقعِ الدَاكنة ، غير أنَ أنفهُ بدَأ يسيلُ دمًا .
إصابة الشخص الذِي يتم إجراءُ التجارب عليهِ يعود بخسائر كبيرَة على المركِز الطُبِي ، لذا نُقِش القلقُ على وجوهِهم .
" المناعَة تكادُ أن تكونَ أقل مِن الثلاثَة ، علينَا حقنهُ بمناعَة خارجيَة لكِي يتعافَى "
قالهَا الطبيب المسؤول عن العلامَات الحيوية لِ لاَي الطبيب المسؤول عن جيمين .
حدَق المدعُو بِ لاي مُطولاً في إستمارةِ المؤشرات الحيويَة التي كانت تتوسطُ يديهِ ، ثم زفَر عميقًا ، ثم أخذ يغادِر المكان نحو غُرفتهِ الخاصَة .
" طبيب .. "
تفوَه بها الطبيب المسؤول عن المؤشرات الحيوية قاصِدًا الطبيب لاَي ، ليرفع المُعنِي يدهُ مانعًا الآخر من الحديث .
" لا أحد يتصرَف قبل أن آمُر "
قالهَا و توجهَ نحو غرفتهِ و أغلق بابهَا .
الطبيب الذي كان يعتنِي بجيمين توجهَ نحو شيِن المُنزوِي ، الذي كان يتأمل الموقفَ بصمتٍ تَام .
أمسكَ بيديهِ مثيرًا عواطفه
" أرجوك ، أنت مُقرَب مِنه ، أخبرهُ أن يوافق لأننَا قد نفقد الفتَى إن لم نحقنهُ بالمضادَات الحيوية "
وضع شين يدهُ على يد الطبيب مشيرًا له بأن يهدَأ ، ثم أخذ يمشِي ذهابًا و رجوعا في الغرفَة ، و يدهُ تعبث في جلدِ شفته السفليَة .
كأنهُ بمشيتهِ تلك ينظِم أفكارهُ المُشتتَه .
توقفَ عن المشِي ، ثُمَ توجه نحَو جيمين الذِي كان مغمض العينيِن ، و حدِق في إبرة المغذِي الذي غُرسَت في جلدِه .
أخذ يحدقُ بهِ طويلاً ، ثمَ مسحَ على جبينه متنهدًا ، ليتجهَ بعدهَا إلى غرفة الطبيبِ لاي زانغ .
أمسكَ بِمقبض البابِ طويلاً ، ليطردَ أفكارهُ بعدها مدلفًا بجسدهِ بداخل الغرفة .
كان الطبيب زانغ جالسٌ على كرسيهِ ملتفًا نحو الجدار ، فأخذ شِين خطواتهِ نحوَ المكتَب الذي كان يقبعُ خلفه لاي .
زفرَ أنفاسهُ ، لِينظَف حنجرتهُ بصوتٍ عالِي ليثير إنتباه الطبيِب .
" إن ماتَ جيمين الآن يا طبيب ، فستصبِح التجارب كُلها فاشلَة ، فكّر في ذلك "
توقف طويلاً ليكمِل
" إن ألمُ الفقدِ عظيمًا يا طبيب ، صحيحٌ أن والدِيه تخلو عنهُ منذ زمَن ، لكننِي أعلمُ يقينًا أنهُ عزيزٌ على أحدهِم ، لذا عليكَ أن تحرص عليهِ .. أظنك تعلم جيدًا كيف يكون الفقَد "
" لا بأس أبدًا أن نتمهَل قليلاً ، فكمَا تعلم أن النجَاح يأتِي بعد فترة مشقةٍ طويلَه ... "
قطَع لاي حديثهُ
" لكننَا ننتظِرُ من ثلاث سنوَات ، و الآن سنبدَأ من جديد ! "
" ليس الأمر و كأننَا سنحقن جسدهُ بكمية كبيرَة من المُضاد ، أظن إن وصلت نسبة المناعة إلى خمسَه فإن الجسد سوفَ يسيطر على المرض ، ثم سنثبِط مناعتهُ مرةً أخرى ! "
" ماذا لَو لم يحصُل ما قلت ؟ ، ماذا لو سقطَ الماء على تعبِ السنين ؟ "
تنهَد شين ثم إقترب من لاَي أكثر
" و ماذا لو مَات الآن ! ، و توقفت تجاربكَ للأبد ؟ "
إبتعدَ شين من الطبيب و توجَه نحو الباب ، أمسكَ بالمقبض ثم زفر أنفاسه
" فكّر جيدًا يا طَبيب "
" لتحقنهُ بالمضاد الحيوِي شين ، علمًا بأن أيةُ ضرر سينتجُ عن الأمر ستكون المسؤول عنه "
...
وقف تايهيونغ مستعرضًا الملابس أمام جونغكوك الذي حدَق بالملابسِ بذهول .
كانَ تايهيونغ يحملُ سروالاً ضيقًا ، وَ سترةٌ وسيعه برتقالية اللون ، كان واضحًا من مظهرهَا أنها أنثويِة .
" إرتديهَا و بسرعَة ، عليك أن ترتاح "
قالها تايهيونغ و رمى الملابس على السرير الذي كان جونغكوك جالسًا بها ، ثم خرجَ من الغرفةِ ليتيح لجونغكوك لبسهَا .
أخذَ جونغكوك الملابس و راح يُغير ملابسهُ بصمت تَام .
حالمَا إنتهَى سمع طرقاتٌ على الباب و صوت تايهيونغ الذي علاَ بِ " أأدخُل ؟ "
صمتُ جونغكوك كان كفيلاً ليجعل من تايهيونغ يفقهُ ان الآخر إنتهَى من تغيير ملابسهُ .
دخل تايهيونغ إلى الغرفة مُبتسمًا ، حاملاً بيدهِ كوب حليبٍ ساخِن .
حالما رأى جونغكوك تايهيونغ ، إستلقَى على السرير مُغطيًا نفسه باللحَاف .
إقترب تايهيونغ منهُ و جلي بجوارهِ
" هلاَ شربت هذا قبل نومِك ؟ "
نفَى جونغكوك من داخِل اللحَاف " لا وجد لدّي شهيه "
وضع تايهيونغ الكوب علىَ الطاولة التي كانت قريبَة من السرير ، ثم أغلقَ الإنارةَ ، لكِن ضوءُ الشمس الخافِت بسببِ الغيوم كانت تتسللُ من النافذةِ إلى الغرفَة .
جلس تايهيونغ بجانب جونغكوك مرةً أخرى .
" جونغكوك ، لقد كان الأمر سيئًا ، أدركُ ذلك لكن لا تجعَل الأمر يؤثر عليكَ سلبيًا .. "
" أريدُ أن أحصل على بعض الراحَة ، أرجوك " .
__________________
عطونِي إقتبَاس يمثلكُم .