الجزء الاول بعنوان (فاروق)

78 2 2
                                    

الان سأخبركم قصة عن حياة الفتى الطماع،بداخلنا كلنا شخص يطمع في كل متاع الحياة ولا تقلق عزيزي القارئ ، انا لم اصنع هذه القصة لأحكم عليك بل لأجعلك انت تحكم عليه فاهو بالتاكيد سيذكرك بزميلك الوضيع في العمل او صديقك الحقير الذي لا تستطيع التخلص منه او مديرك المتسلط. انت هنا لتحكم بصدر رحب بدون قيود بدون نفاق فقط تتلذ بمعناة هذا الكائن الذي يستحق ان يعاني قد يخدعك وتتعاطف معه في منتصف القصة، وهذا عزيزي انا لست مسؤلة عنه، الطمع رغبة ينجح البعض في كبتها فيسموا مع الملائكة او تتملكه فيسقط لمنزلة الخنازير. ومن سأخبركم عنه لو كان للطمع صورة فاهي صورته، ولو كانت هناك منزلة اقل من الخنزير لذكرتها، بعيدا عن منزلته فهو لا يبدو كالخنزير ابدا؛ طويل القامة عيناه بنية واسعة رموشه طويلة بشرته بيضاء ناعمة ذقنه خفيفة لا توحي ابدا بسنه.تثق فيه مع اول ابتسامه تنساق ورائه كالدابة، صوته هادئ ليس قاسيا رجوليا مخيفا ولا ناعما انثويا فقط شاب لطيف او هو يجعلك تعتقد انه لطيف بخفة يخفي انيابه و ببطء يبتلع اي شيء حتى لو كان ميتا متعفنا،محبوب بين الجميع وحبهم لا يهمه يستغله فقط حين يريد ويدعس فوقه بدون رحمة حين يريد ايضا، كل شيء بالنسبة له حجر يقف عليه حتى يصبح اعلى. يظن ان الاحجار قد ترفعه للسماء ولا يدرك انه يصنع طريقه إلي الجحيم يصنع طريقه نحوي. من المناسب ان اخبركم الان بأسمه التاجر فاروق يبدو ثريا وهو فقير معدم
في حي المرسال حي قديم من احياء القاهرة انشأته الحكومة بأمر من الخديوي توفيق  للتجارة يعتبره البعض عبدا للانجليز يحبه والدي وجدي يمقته ، اتيت مع فاروق في نفس التوقيت وفي نفس اللحظة حتى. وسأخبركم الان عن نفسي راوية هذه القصة  ياسمين لا ارتقي لمنصب الملائكة ولم احظى قط بجوائز الخنازير،كنت دائما  الشخصية الغبية التي تنخدع في البداية بكل سهولة ثم تختفي ،شخصية لا يهتم لها احد ولكن الان تنعكس الاية اصبحت راوية هذه القصة وانت ايها المتابع سواء كنت خنزيرا او ملاك او مغفل مثلي ستشاهد كل هذا،
اتينا مجموعة بعد تخرجنا من جامعة او بتفصيلة ادق مركز تدريب حتى نصبح تجار واشك ان والدي قد قتل احدهم حتى ادخل مكانه، اعطت الحكومة لكل شخص متجر خاص به نبيع مستلزمات مطبخ طعام جواهر ملابس كل شيء يخطر على بالك، في حي المرسال مطالب منا في  كل شهر ان نبيع حصة معينة ومقابلها نحصل على المال اذا لم تبع الحصة المطالب بها يصبح مركزك في الحي في خطر محلك فالمال اهم شيء بالنسبة لهم تمنيت العكس ولكن للاسف ،هذا الحي قاهري مصري عربي  ولكننا محاطين بالاجانب من كل صوب يسكن معظم اليهود هنا والانجليز والالمان والهنود كل من لا دار له يسكن هنا ونحن نبيع لهم. من بين كل الناس لاحظت فاروق  فهذه القصة عنه بأي حال، عيناي دائما تنجذب للظلمة،بدون ان ادرك اتجهت كاطفل نحو حافة الشرفة يعتقد انه سيحلق كالطيور وها انا اسقط داخل سواد عينيه
ترافقه فتاة حسنة المظهر صوتها نحيف مزعج بالتاكيد يمتلك عشيقة دائما مايمتلكون عيشقة!انتظرت انشغال الجميع في تحضير الغداء وتقدمت نحوه كاثعلب يخطط للهجوم على الفريسة ولا يدرك انه سيكون وجبة العشاء الليلة،  بدأت حديثا مملا عن كيف تبدو الاجواء جميلة وكيف اشعر انني ساستمتع هنا كثيرا،رمقني ببرود وحذرني الا اثق في الجميع بهذه السهولة،  وداخل عينيه قررت ان اسقط مجددا رأيت صراخا ونيران توتر غريب، هل سنحارب ام سنعمل؟ ماذا يدور في عقله ليشعر بالخطر هنا؟ شعرت بالحزن وودت لو عانقته.
وقبل ان اتهور فعلا  مرت امامنا بعيونها الحادة تكاد تقسمني نصفين، والان تفهمت وجهة نظره تماما. للاسف سأعلن استسلامي قبل ان تبدا الحرب حتى كيف ستنال منه عيناي النعستين امام عيونها الثاقبة كيف سأفوز امام اميرة صغيرة وانا املك خنجرا في جيبي؟ اعتذرت  ببتسامة حزينة : بالتاكيد رفيقتك تشعر بالغضب وانا لم اقصد هذا!
قضب حاجبيه وبجدية نفى الرفقة، هل يعتقد انني غبية؟ حسنا سأتظاهر بالغباء!سأحدق في عينيه وسأشفق عليها؛ اذا كان يحبها فعلا لأعترف بذلك ولكنه حقير ومثير وهذا الخليط لا استطيع ان اقاومه
تمر الايام واقرر عدم مخالطته،رفقيته تلك عندما تتنفس اشعر بالغضب لماذا ينجذب الرجال للفتيات اللزجات نبرة مزعجة وشخصية اكثر ازعاجا ذوقه اسوء من ذوقي بمراحل  وكانه يختار رفقته من حاوية القمامة هل ماتت حاسة الشم عنده؟ سأتوقف عن ذكره فقط لدقائق  لأتحدث عن نفسي دائما  ما ادخل اي مجموعة لا يتقبلني معظمها لأسباب  عديدة سأحتاج لرواية جانبية للحديث عنها، هناك دائما من يتبناني ووالدتي الجديدة اقصد صديقتي الجديدة بشعر طويل وعيون واسعة وجسد مثير ولسان ساخن كالسوط يضرب اي شخص مهما كان. حديثها الذي لا ينتهي يشتت افكاري، وهذا ما احتاجه حاليا لانه  موجوده دائما داخل عقلي وقلبي، ذهبت لشراء بعض المستلزمات للمتجر  وهو بالتاكيد معنا  ينتظر رفيقته او صديقته المقربة قمر اسمها قمر اسم ليس على مسمى، المهم اراه في نهاية اليوم في الحقيقة لا استطيع ان افهم ماذا يحدث عندما انظر إلي عينياه اشعر بخيط يسحبني نحوه اقاوم حتى لا تقتلني رفقيته اقصد صديقته المقربة جدا، اقف مكاني ولا افهم لماذا هو ؟ اعود لأتجنبه مجددا لم اجد تفسيرا لمشاعري الجياشة واشك انها لعنة القتها والدتي علي قبل ان اذهب للعمل حتى اتركه واساعدها في المنزل اتجاهله بكل مالدي انسى وجوده واخفي وسامته وعينياه وصوته من عقلي واتقدم نحو مجموعة من الفتيات ابدأ ببتسامة لا يهتم لها احد رفيقة فاروق تجلس معنا
سأعتبر انها غير موجودة  انا لا اكرهها كونها رفقيته انا فقط اكره انها قابلته قبلي، اخبر قصة محرجة حدثت معي منذ سنوات اتمنر على نفسي قبل ان يقوم احدهم بالتنمر علي، يقهقه البعض ويستغربني البعض وانا اتمنى ان تمحى القصة السخيفة من عقولهم  بعد ان اخبرتها  ولا تتحق الامنية كالعادة  تتذكرها فتاة بيضاء كالثلج وتتلوها وكانها قصتها لشخص لا اعرفه امامي! فاروق كان على حق نحن في حرب مخيفة! اعود مجددا واتذكر وجوده لقد كذبت لانني لم انساه قط يأتي وقت ذهابي للمنزل ليس مطالب مني ان ابقى حتى وقت متأخر كوني فتاة ولا اسكن قريبا من هنا ومع ذلك كل يوم اتأخر بل اود ان ابقى في المتجر الي الابد اشاهده من بعيد اتابع كيف يبتسم كيف ينافق كيف يكذب وكيف يضحك كل حركة  يقوم بها اسجلها داخل عقلي حتى اشاهدها وانا في المنزل واتابع الاعادة ايضا في احلامي، عندما يكون في اجازة العمل يصبح مملا ممقتا لا يطاق اصاب بصعوبة في التنفس وتموت شهيتي وحتى لو تناولت شيئا  فلا طعم له وهو غير موجود مديرنا في العمل طيب ولطيف لا يجعلني  اشعر بالخطر عندما لا ابيع كثيرا. نصفه عربي تفوح منه رائحة المسك العربي وروحه دافئة وحكيمة وداخل عيناه ترى الشاب الانجليزي الطموح الذي يحصل على كل مايريد، والان وعندما مللت من التحديق في فاروق سمعت ان منصب مديرنا اسماعيل في خطر لم اقلق كثيرا في البداية الكل يحبه ينال استحسان الجميع بالتاكيد لن يتركوه بهذه السهولة وهو محبوب لهذه الدرجة، ولكن اكتشفت في النهاية ان الحب هو اخر ما تريده هذه المنظمة التي نعمل فيها كم كان الحب عظيما في نظري
ثم تيقنت انه من اصغر الامنيات في مقابل المال والمنصب
اكثر شيء يسعى له فاروق وكل من حوله
شعرت بالغضب كون قمر كانت تكره اسماعيل  ولولاه لطردوها هي وصوتها المزعج منذ اول ليلة
المعركة لن تنتهي بهذه السهولة يجب ان نجتمع جميعا ان اخبر الكل ان الكثير من الامراض انتشرت بين الاجانب وان معظمهم مريض يسكن في منزله ولهذا لا نبيع كثيرا وانني سأبيع ضعف ما بعت عشرة مرات ولكن نحيبي لم يكن بفائدة  لقد اتخذوا قرارهم وقراري لا يهم الا اذا وافقتهم ولن اوافقهم ، كنت سعيدة عندما رأيت فاروق يدافع عن مديرنا معي شعرت بالراحة كوني اخترت الوقوع في حب شخص يستحق هذا ولكن سرعان ما اختفت مشاعري عندما رأيته يستسلم ببطئ يصمت ثم يبتسم معارضته بسيطة امام حبه لمصداقة الاجانب والبشوات وانا صوتي مهما قمت برفعه لا يصل لهم
بكيت ثم تقبلت الواقع وودعت مديرنا  وانا واثقة انه اعلى بمراحل من اي منصب يصل إليه وتمنيت ان يجد مكانا افضل من هذه الجحيم  التي ابقى فيها فقط حتى اشاهد فاروق اتذكر حديثه وهو يخبرني ان لا فائدة من الحديث وان مديرنا سيذهب بأي حال كرهته لوهلة وكرهت كونه على حق . اتت رئيستنا الجديدة عربية اصيلة تعمل في هذا المجال البائس  منذ فترة طويلة مدحها فاروق وقال انها ذكية عن مديرنا السابق  وبسرعة ايقنت انها اسوء من حاكمنا الحالي وان الخيدوي توفيق بشحمه ولحمه ليس بخبثها ولا يحب الانجليز كما تعشقهم هي، هل كانت ملكة جبارة في حياتها السابقة؟ هي لا تجعلك تشعر بالخطر فقط لانك لم تبع  الحصة المطلوبة هي تهدد بتشريدك وطردك واشك انها قد ترسل شخصا ليقتلك كونك كنت سببا في ازعجها صوتها مرتفع وكذلك شخصيتها اتجنبها  وكأنني اتجنب ملك الموت. وفاروق يحبها كيف بحق الجحيم يمزح معها؟ كيف ينظر في عينيها؟ هي كالاسد يغضب سريعا  يزأئر كثيرا انيابه ستحولني إلي سلطة واسمها يذكرني بملك شرير في العصر الروماني  نيمار السيدة نيمار،  لا تاتي للعمل الا نادرا وهذا جيد ،استمع لصوت قمر المزعج يوميا للاسف متجر فاروق بجانبي وهي تزوره، حضرت له  شطائر اللحم ياله من محظوظ يملك من يحضر له الطعام، اترك متجري لأخرب اللحظة الرومنسية اصبح الامر ممتعا رياضة افعلها كل يوم اتقدم بثقة ثم ارسم دهشة على وجهي و اسئل بفضول وبرائة مصطنعة : هل حضرت حبيبتك الطعام اليوم ؟!
يعقد حاجبيه وبغضب  يشيح الطعام  بعيدا تتوتر المسكينة ثم تنفي الامر  تذهب لعملها ويعود  اليوم مملا كما كان
  اتابع تجنبي للناس والعمل بجد احتاج المال على عكس كل من أعمل معهم للاسف، قمر على علاقة جيدة مع احد الاجانب يأتي يوميا ليشتري منها هي فقط اتابع عيون فاروق وهو منغمس في عمله المسكين  تتم خيانته بوضوح وهو لا يعرف حتى، تتأخر قمر اليوم في العمل ذهبت لشراء بعض المستلزمات، ألاحظ فاروق ينتظرها على احر من الجمر،  انتهت نوبته منذ ساعتين تقريبا يشهق بتعب ثم يسألني بقلق : هل تعرفين اين ذهبت قمر؟ اشفق عليه وببتسامة خبيثة اطمئنه : لا تقلق يا فاروق، الاجنبي ينتظر قمر لو تأخرت سيقلها للمنزل بحصانه الاسود السمين. يرمقني بدهشة  المسكين يحاول بجهد ان يخفي غضبه في الحقيقة مهما كذب علي، عيونه تخونه دائما كاقمر، وتخبرني بكل شيء. ينطلق بعيدا بدون ان يودعني او حتى ان يشكرني سأعذره هذه المرة الخيانة صعبة وبالتأكيد سيحتاج صدرا وفيا يبكي عليه لاحقا سأضمه ولكن بعنف كعقاب على فظظاته الليلة ، يأتي الصباح واليوم انا متشوقة لمتابعة الاحداث هل ستأتي لتزعجه كالعادة وهل سيتجاهلها؟ ام سيصرخ فيها؟ واتضح لي انني لا يمكن ان اتوقع ما سيفعله فاروق ابدا ولهذا أحبه!  هناك فتاة جديدة اليوم تملع عيناي من الحماسة وللاسف قمر معي تسب بأسوء الالفاظ، الفاظ لا يمكن ان تتخيل خروجها من فمها الصغير ، اهدئها قليلا خوفا على سمعة متجري ان تتشوه: تلك الفتاة تساعده في العمل فقط! احسني الظن ارجوك انا اعرف فاروق جيدا لن يجرحك بهذه الطريقة!، تصمت قليلا ثم تبدأ بالبكاء كالعادة هل الخيانة عادية بالنسبة لها فقط وهو لا ؟اطلب منها بهدوء ان تتابع عملها واحذرها من بطش نيمار وحمدا لله خافت وذهبت. للاسف لن تنتهي معانتي هنا،  اشعر انني انتقمت من نفسي لو لم اخبره لما تجنبها ولما زارتني كل يوم بدلا من زيارته اللعنة! تظهر امامي قمر بعيونها الواسعة السوداء الحادة،واتمنى ان يخطتفها الاجنبي او ان يدهسها حصانه، اختفت الفتاة التي كانت تساعد فاروق في ظروف غامضة،  تبين لي لاحقا انهم طردوها من العمل، استرقت السمع لأحد المجموعات وادركت ان عائلتها من كبار الاعيان في الدولة. من خلال ملاحظتي كل من اعمل معهم اغنياء او ذو شأن لا يحتاجون هذا المتجر او الراتب او حتى العمل،  هل هم هنا لتضيع الوقت؟ او التظاهر بالفقر ؟او الاثنين؟اوه اعتذر حقا لقد شرد ذهني وانا اتابع نحيبها،  يبدو ان فاروق تركها هذا خبر جيد نوعا ما و يال الصدمة بعد خمس ايام من مشاجرتهم التافهة ارتبط بفتاة جديدة نعتته بالخائن الحقير ولكنني اخبرتها انها لا تعتبر خيانة اذا انفصل عنها رسميا، رمقتني بغضب ثم تابعت البكاء وكأنني سأشفق عليها مثلا؟ ، لماذا بحق الجحيم تخبرني بهذه القصة المملة؟ ألم تنكر علاقتها معه امامي ألف مرة من قبل حين كنت اسئلها؟انهيت حديثنا بسرعة وعدت لعملي وانا اشكك في قواها العقلية.واشعر بالشفقة عليها لماذا تحب شابا مثله لماذا لا تتزوج غني من اقرباء عائلتها مثلا؟او الاجنبي الحقير؟ لماذا تعجب بفاروق نفس الشخص الذي اخترته.

حي المرسالWhere stories live. Discover now