رأيتهم جميعا يجرون على الشارع مبتعدين.. فتحت ُ بابي السيارة بسرعة و هتفت
" هيا بنا "
و أمسكت بيدي الفتاتين و جررتهما ليركضا معي بأسرع ما أوتينا من قوّة..
" أركضا.. أركضا بسرعة "
اقتحمنا أفواج الهاربين الصارخين المستصرخين .. هذا يدفع هذا و هذا يسحب هذا و ذاك يصطدم بالآخر .. و آخر يدوس على غيره.. و الحابل مختلط بالنابل..
نحن نركض و نركض دون التعقيب.. دون أي التفات إلي الوراء.. و دوي الطائرة يعلو سماءنا.. و يجلجل أرضنا المهتزة تحت أقدامنا الراكضة..الحافية.. أسمع صراخا من كل ناحية.. أسمع صراخ دانة و رغد.. و صراخي أنا أيضا.. و أشد قبضي عليهما و أطلق ساقي ّ للريح..
يتعثر من يتعثر.. ينزلق من ينزلق.. يتدحرج من يتدحرج.. يقع من يقع و ينكسر ما ينكسر و يداس ما يداس.. لا شيء يستدعيني لأوقف انجراف رجليّ .. أسابق الزمن.. و أكاد أسبقه ..
كان ذلك من أشد الأوقات هولا و فظاعة.. لن يفوقهما شدة إلا هول يوم الحشر...
سيارات الشرطة و سيارات أخرى رأيناها تشق الطريق فرارا سابقة إيانا.. و سمعنا أصوات رشق ناري زادنا رعبا على رعب و صراخا فوق صراخ..
قطعت مسافة لا علم لي بطولها، أسحب الفتاتين خلفي و هما عاجزتان عن مجاراة خطواتي الواسعة ، تقفزان قفزا بل تطيران طيرانا..
فجأة وقعت رغد أرضا فصرت أسحبها سحبا إلى أن تمكنت ُ من إيقاف اندفاعي الشديد في الركض..
و أقبل الناس من خلفنا يرتطمون بنا و داسها أحدهم في طريقه..
صرخت :
" قومي رغد "
إلا أنها كانت تمسك بقدمها و تتلوى ألما و تصرخ :
" قدمي .. قدمي .. "
جثوت نحوها و أمسكت بقدمها الحافية فإذا بقطعة من الزجاج مغروسة فيها و الدماء تتدفق من الجرح..
لابد أنها داست عنوة على كسرة الزجاج هذه أثناء جرينا المبهم..
أمسكت بقطعة الزجاج بين إصبعي و انتزعتها بعنف و رغد تصرخ بشدة.. بعد ذلك سحبتها من يدها لنستوي واقفين و طرت راكضا ممسكا بالفتاتين.. عنوة..
رغد كانت تصرخ ألما و تركض على أطراف أصابع قدمها المصابة فيما الدماء تقطر منها و تهتف :
" لا أستطيع .. آي .. لا أستطيع "
مما أبطأ سرعة انطلاقنا ..
ثم عادت و هوت أرضا من جديد.. و ضغطت على قدمها المصابة بيدها الحرة ..
" انهضي رغد بسرعة "
" لا أستطيع .. قدمي تؤلمي .. آي.. تؤلمني بشدة .. لا أستطيع "
YOU ARE READING
أنتِ لي لمنى المرشود
Romanceرواية للكاتبة منى المرشود ، جميع الحقوق محفوظة للكاتبة الأصلية من أروع ما قرأت رواية " أنت لي " لمنى المرشود طفلة يتيمة كان يعلمها إبن عمها كيف تنطق إسمه ، فتلعثمت في فمها الحروف خلطت حروف إسمه فنطقت "أنت لي "... ولم تدر تلك الطفلة الصغيرة أنها ب...
الفصل الخامس والعشرون
Start from the beginning