الفصل الخامس والعشرون

ابدأ من البداية
                                    

حينما جلسنا في السيارة ، أخذنا الصمت فترة طويلة.. و بدأت أجسادنا تسترد شيئا من دفئها المفقود...

لم يكن أحدنا يعرف كيف يفكر ، كنا فقط في حالة ذهول و عدم تصديق .. منتظرين ما يخبئه لنا القدر خلف ظلام الليل..

أسندنا رؤوسنا إلى المقاعد علّها تمتص شيئا من الشحنات المتعاركة في داخلها..

و من حين لآخر ، ألقي نظرة على الفتاتين أطمئن عليهما..
رغد اضطجعت على المقاعد الخلفية و ربما غلبها النوم...

أطل من خلال النافذة على السماء فأرى خيوط الفجر تتسلل خلسة.. فيلقي الله في نفسي ذكره..

" الصلاة "

قلت ُ ذلك و التفت إلى دانة التي تجلس إلى جواري ملقية بثقل رأسها على مسند المقعد. نظرت إلي، ثم أغمضت عينيها.

أما رغد فلم تتحرك.

نظرت إلى الناس فوجدت بعضهم يركعون و يسجدون..على الرمال

قلت :

" سأذهب لأصلي "

فتحت عينيها مجددا ثم أغمضتهما.

" توخيا الحذر ، دقائق و أعود"

و مددت ُ يدي إلى مقبض الباب ففتحته و خرجت.. أغلقت الباب و مشيت بضع خطى مبتعدا قبل أن أسمع صوب باب ينفتح بسرعة و أسمع من يناديني..

" وليــــد "

التفت إليها فرأيتها تخرج من السيارة مسرعة، تقصدني

أتيت إليها فأبصرت في وجهها الفزع المهول

" إلى أين تذهب ؟ "

قالت لاهثة ، فأجبت مطمئنا :

" سأصلّي مع الناس "

و أشرت إلى الطرف الآخر من الشارع حيث المصلين..

رغد هتفت بسرعة :

" لا تذهب "

قلت :

" سأصلي و أعود مباشرة "

" لا تذهب ! لا تتركني وحدي "

قلت مطمئنا :

" دانة معك ، لحظة فقط "

رغد حركت رأسها اعتراضا و إصرارا و هي تقول :

" لا تذهب .. ألا يكفي ما نحن فيه ؟ لا تبتعد وليد أرجوك "

لم أستطع إلا أن أعود أدراجي ، و أتيمم و أؤدي الصلاة ملتصقا بالسيارة.

ما إن فرغت ُ من ذلك ، حتى سمعنا ضجيجا يقتحم السماء..

نظرنا جميعنا إلى الأعلى فأبصرنا طائرة تخترق سكون الفجر...

صرخ بعض الموجودين :

" قنابل ! "

و هنا .. بدأ الناس يتصايحون و يصرخون و يركضون فارين .. محدثين ضجة و جلبة شديدين..

أنتِ لي لمنى المرشودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن