الفصل السادس

Start from the beginning
                                    

و طفلتي الصغيرة تبكي على صدري مذعورة فزعة ... و عدوّي الوغد جثة هامدة تقطر دما ... و حلمي الكبير قد ضاع و تلاشى كغبار عصفت به ريح غادرة ...
و مصيري المجهول البعيد ... كما وراء الأفق ... و الساحة الخالية إلا من رغد وأنا ... و الشمس تشهد ما حدث و يحدث ... رفعت يدي إلى السماء ... و صرخت :

" يا رب .... "

استطعت أخيرا أن اشحن بالطاقة الكافية ، لأنهض و أحمل صغيرتي على ذراعي ، و أسير بها نحو السيارة ...

لم أجلسها على المقعد المجاور لا ، بل أجلستها ملتصقة بي ، فأنا لا أريد لبضع بوصات أن تبعدها عني ...

رن هاتفي المحمول ، و الذي كان في السيارة ، ألقيت نظرة لا مبالية على اسم المتصل الظاهر في الشاشة ، كان صديقي سيف ، أخذت الهاتف و أسكته ، و ألقيت به جانبا ... فكل شيء قد انتهى ...

انطلقت بالسيارة ببطء ، و أنا لا أعرف إلى أين أتجه ... فكل شيء أمامي كان مبهما و مجهولا ...

قطعت مسافة طويلة في اتجاهات متعددة ، و نار صدري تتأجج ، و دموعي عاجزة عن إطفاء شرارة واحدة منها ...

صغيرتي ، ظلت متشبثة بي ، لا تتكلم ، و تنحدر دمعة من عينها تخترق صدري و تمزق قلمي قبل أن ينتهي بها المصير إلى ملابسها المتعطشة لمزيد من الدموع ...

بعد فترة ، مررت في طريقي بحديقة عامة

و تصورا أي تصرف لا يمت لوضعي بصلة ، هو الذي بدر مني دون تفكير !

" رغد عزيزتي ، ما رأيك باللعب هنا قليلا ؟ "

رغد رفعت بصرها إلي ببراءة و شيء من الاستغراب ... فحتى على طفلة صغيرة محدودة المدارك ، لا يبدو هذا تصرفا طبيعيا ..

" سأشتري بعض البوضا لنا أيضا ! هيا بنا "

و أوقفت السيارة ، و فتحت الباب ، و نزلت و أنزلتها عبر الباب ذاته .

أمسكت بيدها و حثثتها على السير معي نحو مدخل الحديقة

هناك ، كان العدد القليل جدا من الناس يتنزهون ، مع أطفالهم الصغار ، فهو نهار يوم دراسي و حار ...

إنني أعرف أن صغيرتي تحب الأراجيح كثيرا ، لذا ، أخذتها إلى الأرجوحة و بدأت أؤرجحها بخفة ...

تخلخل الهواء ملابسها الغارقة في الدموع ، فجففها ، و صافحت وجهها الكئيب فأنعشته ...

تصوروا أنها ابتسمت لي !

عندما كانت رغد تبتسم ، فإن الدنيا كلها ترقص بفرح في عيني ّ و البهجة تجتاح فؤادي و أي غبار لأي هموم يتبعثر و يتلاشى ...

أما هذه الابتسامة ... فقد قتلتني ...

لم أع لنفسي إلا و الدموع تقفز من عيني ّ قفزا ، و أوصالي ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة و قوة نبضاته ...

أنتِ لي لمنى المرشودWhere stories live. Discover now