"تريدين أن أقلك إلى مركز الشرطة؟ تدلين بشهادتك عمّا جرى؟"

لم أُجِبه.

"هل الشخص الذي هاتفتِه فرداً من عائلتك؟" عاد يسأل.

"لا، لكنّي أثق به أكثر من الجميع."

"أنتِ لا تبدين بخير على الإطلاق، احرصي على رؤية طبيب خلال الساعات القادمة."

"هو متزوج."

"عذراً؟" رد سريعاً مع ملامح مستغربة، ثوانٍ قصيرة ثم فتح فاهه قليلاً، بدا أنه فهمني.

"الرجل الذي ننتظر قدومه ليأخذني، هو متزوج. وَ..أنا أحبه."
رفعتُ عينيّ ونظرتُ إليه مباشرة، فقط حتى أسأله بجديّة: "هل أثير اشمئزازك الآن؟"

"لا؛ الحُب لا يثير اشمئزاز أحد. لكنه يقود البعض لأفعال مشمئزة."

"كالخيانة؟ هو يخون زوجته معي، لم يقُل يوماً أنه يحبني لكنه يلمسني."

"لا تكوني ساذجة ولا تسمحي له باستغلالك!"
بدا ثائراً وهو يقول هذه الكلمات بتوبيخ. قد لاقاني قبل دقائق للمرة الأولى، ما حاجته لإسداء النصائح لي؟

أثرتُ شفقته ربما!

"أنا من بدأتُ الإستغلال."
هذه أنا تُعيد الإقرار بالحقائق.

"هذا ما اقنعتِ نفسك به؟ مبرّرك رهيف."
وجهه جميل، لاحظتُ هذا عندما رمقني بنظرة حادة مرفقة بنبرته الباردة.

"أنا أحبه، حتى عندما يلمسني."

"إذاً أين المشكلة؟"

"هو لم يقل الكلمات السحرية أبداً، لم يقل أحبكِ."

سكتَ، كان عندي فضول كبير عما سيقوله تالياً، أحبُّ بدء محادثات مصيرية مع غرباء والإستماع لردودهم. فهم ليسوا مضطرين لقول الأكاذيب تفادياً العلاقة السيئة، بإمكانه الإفصاح عما في عقله بحرية، فلا شيء يضمن لقاء آخر يجمعنا.

بالنظر إليه، أظنه يكبرني بأعوام قليلة، هو ربما في الثالثة والعشرين من عمره؟ أو حول هذا الرقم. عيناه شديدة السواد، كشعره، له حاجبين وذقن كثيفا الشعر، وبشرته أحرقتها الشمس فلَم يعد لونه الحقيقيّ واضح. ملامحه وسيمة، ذراعه مليئة بالوشوم، أصابع يديه مزينة بعدة خواتم فضية. استطعتُ اكتشاف كل هذا بالتحديق به عندما كان يقف بعيداً هو وسيجارته.

"أوليست الأفعال خير من الأقوال؟" قال، رغم خفوت صوته الذي يدلّ على تردده.

للمغفرة Where stories live. Discover now