ليلتي الأولى

430 25 1
                                    


أنا عادل ... عمري 35 عام, متزوج و عندي طفلان, لؤي 8 أعوام و أمل 6 أعوام. أعمل كمهندس في إحدى الدول العربية من أجل تأمين حياة كريمة لعائلتي التي أفنيت معظم حياتي بعيداً عنهم و بعيداً عن موطني. ضاق بي الحال و تعبت من التغرّب, فقررت أن أعود و أستقر معهم. عدت إلى بلدي, و في الحال بدأت أبحث عن بيت جديد ليكون بداية استقرار لنا, و في نفس الوقت كنت أجمع أفكاري حول إقامة مشروع خاص بي يؤمن الدخل المناسب لي و لعائلتي. رأيت إعلاناً لبيع مزرعة في إحدى الصحف, لم تكن 

المزرعة كبيرة و لكنها كانت من حيث السعر و المكان مناسبة لي, كان ما يميزها وجود بيت كبير و حظيرة مواشي بها 

و هو ما شد انتباهي فهذا سيوفر عليّ عناء البحث عن بيت مستقل. انتهزت الفرصة و قمت بشرائها, و كل ما كان يجول بخاطري أنها ستكون سكن لي و لأولادي و أيضاً يمكنني استغلال الحظيرة لإقامة مشروع تربية مواشي, الأمر الذي سيضمن دخلاً معقولاً و الحياة الهادئة التي كنت دائماً أبحث عنها في صخب المدن التي عملت بها. أخذت أسرتي لأريهم المزرعة و البيت, كان البيت كبيراً, كانت سعادة زوجتي و أطفالي به لا توصف, و ربما كانت سعادة زوجتي أكبر كون المزرعة تقع على مسافة قريبة من بلدة أهلها, هذا 

سيضمن الزيارات العائلية لها و لهم, قضينا أسبوعنا الأول فيه و نحن نحاول أن نتأقلم مع الحياة الجديدة في البيئة 

الريفية الجميلة المحيطة بالمزرعة. بعد مضي بعض الوقت في حياتنا الجديدة بدأت الأمور بالاستقرار و تأخذ شكل حياة أسرية عادية فأنا و زوجتي نعمل في إعادة تنظيم المنزل و بعض أعمال الترميم البسيطة, و أطفالي يمضون وقتهم في اللهو في المزرعة, و في المساء نقضي سهرة عائلية لطيفة. لم تكن تلك الليلة مختلفة عن غيرها, دخلت زوجتي و الأطفال ليخلدوا للنوم, أما أنا فقد قررت أن أسهر قليلاً لمشاهدة التلفاز, من بعيد, سمعت أحد الأطفال يضحك بشكل هيستيري, ذهبت لأتفقد الوضع, لكن الغريب أنني وجدتهم مستغرقين في النوم, و كذلك زوجتي فقد أنهكها التعب من أعمال المنزل, كل ما خطر في بالي أني قد أكون أخطأت أو تهيأت أني سمعت صوت الضحكات و


ربما أكون قد غفوت و رأيت حلماً, إنها هواجس من شدة التعب. تغاضيت عن الموضوع و أغلقت الباب و رجعت إلى حجرة الجلوس لأكمل متابعة التلفاز ... من جديد, عادت الأصوات, لكنها كانت أصوات بكاء هذه المرة! كانت همسات! لم أعد أعرف ماهي, الأصوات كان تهمس في أذني اليسرى تارة و في اليمنى تارة أخرى, نظرت حولي محاولاً تحديد مصدر الصوت, لكن ما رأيته أثار خوفي أكثر مما سمعته, ففي إحدى زوايا حجرة الجلوس رأيت دخاناً يتصاعد وصولاً إلى السقف على شكل دوامة قاعدتها تماماً كقمتها! كان دخاناً أسوداً كثيفاً, كان أول ما خطر لي أن حريقاً قد شب في المكان, قفزت من مكاني من الفزع, دققت النظر في الدخان, لكن

شيءاً لم يدل على وجود أي حريق, اقتربت ببطئ شديد من مصدر الدخان, وقفت أمامه أتامل و أسأل نفسي: ما هذا؟! من أين يأتي كل هذه الدخان؟ فجأة, بدأ الدخان ينقشع بالتدريج, و مع إنقشاعه بدأ يتضح ما تحته, كانت أجساد أطفال ملقاة فوق بعضها! كانت مغطاة بأشياء تشبه الأكفان, لكن لونها أسود. كانت أجساد أربعة أطفال, و مع عدم استيعابي لما يحدث, اقتربت أكثر من الجثث الملقاة أمامي, عاد الدخان مرةً أخرى لينتهي الموضوع بغرابة شديدة مثلما بدأ و ليختفي كل شيء من أمامي, الأكفان, الأطفال, حتى الدخان تلاشى في العدم 


صاحب اللعنةWhere stories live. Discover now