الفصل السادس والأخير سنجل حتى إشعار آخر حنين أحمد

2.5K 163 36
                                    

الفصل السادس
هل حقا اقترب؟!
هل حقا لقربي طلب؟!
هل حقا سأكون له وكان هذا هو الطلب؟!
هل حقا يحبني أم أنني مازلت أغطّ في أحلامي الوردية؟!
إن كان هكذا فأنا أود أن أظل أسيرة لسحاباتي وغياماتي غير المرئية.
خاطرة على لسان تولين بقلم الجميلة نونا محمد
جالسة على فراشها بوقت متأخر من الليل تقرأ رواية على هاتفها.. رواية رومانسية من النوع المفضّل لها.. قلبها
يخفق بقوة وكأنها هي البطلة على الرغم أنها لم تسمح لنفسها أبدا أن تتخيل نفسها مكان أي بطلة فهي على عكس
صديقتيها رغدة وجيجي لم تظن أنها تملك الحق يوما أن تكون بطلة لقصة خيالية أو حتى واقعية..
دوما عرفت موقعها بالعائلة.. الفتاة اليتيمة التي يعطف عليها جدها ويعتني بها قريبها وتنبذها والدتها متمنية لو أنها لم
تولد قط!
ألم تسمعها بنفسها تقولها ذات يوم؟! ألم تسمعها تبكي لجدها ترجو سماحه وهي تخبره أنها نادمة على الزواج ضد
رغبته حتى لو كان موافقا ظاهريا من أجل اسم العائلة.. ألم تسمعها تندم ليس فقط على الزواج بل على ولادتها
والتورط بطفلة صغيرة لا تريدها فهي عبء لم تكن لتتحمله لولا رغبة زوجها الراحل!
الطفلة التي جاءت للحياة رغما عنها وقد تناولت حبوب مانعة لحدوث الحمل ولكن إرادة الله
فوق كل شيء فقد حملت بها رغما عنا..
وقتها بدأت تتذكر أشياءا لم تلق أهمية لديها قبلا.. تذكرت اهتمام والدها الشديد بها وتجاهل والدتها لها على
الدوام.. ذكريات مشوشة وقد كانت طفلة صغيرة على أن تدرك كراهية والدتها لها دون ذنب ترتكبه..
ومنذ تلك الليلة التي سمعتها به حافظت أن تبتعد عن حياتها كلها, تتحاشى وجودها وتحبس نفسها داخل عالم بعيدا
عن الجميع فقط سِنان وجدها هما من أصرّا على اقتحام وحدتها تلك وإثبات وجودهما في حياتهما حتى وهي تشعر
أنه محض عطف منهما عليها.
عندما كانت توضع في موقف بين والدة جيجي أو رغدة وترى لهفة الأم وحبها تتساءل عن الذنب الذي ارتكبته
ليحرمها الله من عاطفة كتلك! ثم تعود فتستغفر وهي تذكّر نفسها أن الله عوّضها عن الأم
بحب جدها وسِنان وصديقتين وحتى والدتهما وأشقائهما كل هؤلاء مثّلوا حياتها وهي لن تستبدلهم أبدا بأم كأمها
مهما حدث.
زفرت بقوة وهي تستلقي على الفراش تتابع اعتراف البطل للبطلة بالحب وخيالها لأول مرة ينطلق فيصورها مكان
البطلة ويصوّر سِنان مكان البطل وهي تتلقى اعترافه وقبلتها الأولى لتجد نفسها تبتسم بحالمية وهي تفكر أنه رغم
عقد القران الذي تمّ صباح اليوم لم تتلقَّ قبلتها بعد وهي حتى لا تتخيل أن يحدث هذا فلا تظن أن قلبها يمكن أن
يحتمل شيء كهذا أبدا..
أغمضت عينيها تضم الهاتف لقلبها وهي تبتسم بنعومة لتشهق فجأة وهي تشعر بمن يقف مراقبا لها ولا تفهم كيف
لم تشعر بدخوله غرفتها أو أنه بغرفتها حقا!
ترافقت شهقتها الخافتة مع فتحها لعينيها لتجده واقفا مسندا ظهره لباب الغرفة بعد أن أغلقها
عليهما حتى لا يقاطعهما جدهما فجأة.. إدراكها لما فعل جعل وجهها يحمر بقوة وقلبها يخفق حتى شعرت بخفقاتها
تؤلم صدرها وهي ترمقه بغير تصديق أنه واقفا هنا أمامها داخل غرفتها دون حاجز بينهما وقد عاشا لسنوات تفصل
بينهما العديد من الحواجز.
انتبهت إلى أنها بملابس النوم وإن كانت منامة طفولية محتشمة إلا أن شعرها ينسدل بحرية على ظهرها وقد حررته
أخيرا بعد يوم كامل تحت الحجاب..
تحرّكت مغادرة الفراش لا تلوي على شيء لتجده واقفا أمامها بلحظة عيناه مشتعلتان بتعبير لم تفهمه حتى ولو
شعرت به يخترق كيانها فيحرقه بنيران لم تعرف عنها شيئا قبلا..
نادته بخفوت:"سِنان.."
وما حدث بعدها كان حارا قويا ومذيبا لها!
فقد تأوّه سِنان ما إن نادته بكل هذه البراءة التي تنضح من عينيها بل وملامحها أيضا ليجتاحها بقبلة ما شعرتها قبلة
أبدا بل وكأنها يقتحم عالمها الوردي البريء ويحوّله لعالم العشاق الناضج الذي يمتلئ بأشياء لم تعتد أن تفكر بها من
قبل.. قبلة حوّلتها بين لحظة وأخرى من الطفلة التي عاشت تختبئ خلفها تتمنى الحنان, تتمنى لو وجدت من يحبها
ويحتويها إلى أنثى عاشقة تبادل معشوقها مشاعره بأكثر منه جموحا وكأن بزواجهما وإدراكها أنها أصبحت له بعد
سنوات كانت تخشى فيها حتى أن تحلم بذلك جعلت كل الحواجز التي وضعتها لنفسها تنهار وتتحول لحمم عشق
كادت تحرقهما معا.
"يا الله.."
اخترقت همسته لاوعيها لتشهق بقوة وهي تدرك ما تفعله!
هي تولين الطفلة تبادله قبلته غريزيا وكأنها فُطِرَت على قبلته!
ابتسم بتسلية ممتزجة بحنو وهو يقرّبها منه مرة أخرى إلا أنه لم يقبّلها هذه المرة بل همس لها:"بحبك"
انتفضت بين ذراعيه ترمقه بانبهار وكأنها لا تصدق حقا ما ينطق به ليؤكد قوله بملامح أعلمتها أنه يعني كل كلمة
ينطق بها:"بحبك بكل طرق الحب اللي في العالم.."
صمت للحظات قبل أن يقول بصوت أجش من العاطفة:"حبيتك كأخت اتمنيتها كتير, حبيتك كصديقة مقدرش
يمر يومي من غير ما احكي معاها واطلع كل اللي في قلبي, وحبيتك كبنتي اللي اتخيلتها هتبقى شبهك بنفس
براءتك ورقتك وعفويتك.. وحبيتك كحبيبة حلمت بيها كتير واتمنيت انها تبقى ليا من أول ما فهمت مشاعري
لكن انتي كنتي صغيرة اوي وبريئة اوي اوي, خفت ترفضيني.. خفت اني اكون بالنسبة ليكي مجرد ابيه يعني
اخ وقريب وبس.. مش هتصدقي لو قولتلك ان لحظة ما قولتيلي فيها بحبك هي اللحظة اللي صدقت فيها
انك موافقه عليا فعلا وانك يمكن تكوني بتبادليني مشاعري رغم تأكيد جدي وحتى فارس انك بتحبيني
زي ما بحبك"
نظراتها المنبهرة بما يقوله وعينيها اللتين تلمعان بعاطفة جعلته يتوق لتقبيلها مرة أخرى إلا أنه تمالك أعصابه فلا
يضمن نفسه لو قبّلها أن يتركها أبدا لذا كبح كل مشاعره واكتفى بتلك القبلة وباعترافه لها وأجّل كل ما يتوق إليه
لليلة زفافهما القريب.. ثم قبّل جبينها بحنو وهو يتركها هامسا بمرح:"همشي قبل ما جدي يصحى يصلي الفجر
ويقفشني هنا وتبقى فضيحتي بجلاجل"
انفجرت ضاحكة تشاركه مرحه لتتسع ابتسامته وهو يحرّك شفتيه هامسا لها:"بحبك"
عضّت على شفتيها بخجل قبل أن تحرّك شفتيها بدون صوت قائلة:"وأنا كمان"
انتفض قلبه داخل صدره بقوة قبل أن يزمجر بيأس وهو يخرج من باب الغرفة تاركا إياها تسقط على الفراش
وهي تتنهد بقوة ووجهها يحمل ابتسامة حالمة سعيدة وقلبها ينبض باسمه أما عقلها فقد ارتاح وغاب بسبات عميق.
*****
ظلّت ترمق شقيقها بتشوّش وهو يسألها:"ايه يا جيجي مالك؟ انتي تعرفيه؟"
أفاقت من صدمتها وهي ترمقه بسخرية قائلة:"اعرفه؟ هو انت بتصاحب الناس وانت مش عارف اسمهم ايه!"
رمقها بعدم فهم وهو يقول:"مش فاهم!"
"غبي..دكتور اه بس غبي للاسف"
قالتها وهي ترفع كتفها وتتنهد لتهتف والدتها بحنق:"عيب يا جهاد.."
زمّت شفتيها بغيظ من والدتها خاصة وهي ترى نظرات شقيقها المتشفّية لتقول بعدها:
"بغض النظر انك بتتعمدي تغيظيني بس هقولك.. ابن اختك اللي بتدوري عليه ساكن
قدامنا بقاله قرن وصاحب ابنك الدكتور كمان"
"سِنان ابن خالتي؟ طب ازاي؟"
هتف سلامة بعدم تصديق لتقهقه وهي تقول:"مش قولتلك غبي.. سِنان هيبقى ابن خالتك ازاي افهم يعني؟
لا يا اخويا يا دكتور يا ذكي.. ابن خالتك يبقى فارس"
"فارس"
نطقا اسمه معا لتومئ وهي تتابع:"ايون هو فارس.. صاحب سِنان ومديري في الشغل"
"مين فارس؟ وازاي انا ماشوفتوش لحد دلوقتي؟"
قالت والدتهما بلهفة لتبتسم جيجي بحنو وهي تجلس جوارها تمسك بيدها قائلة:
"يا ماما هو انتي بتخرجي غير عشان المدرسة وطبعا حاليا اجازة فمفيش مدارس"
"انا عايزاه يا جهاد.. هاتهولي يا سلامة"
رمقاها بعطف معا وهمّ سلامة بالنطق ليقاطعه رنين جرس الباب فذهب لفتحه وترك لجهاد وظيفة تهدئة والدته
وما إن فتح الباب حتى وجد نفسه أمام فارس مباشرة!
أجلى فارس صوته بحرج من تحديق سلامة فيه وهو يقول:"معلش يا سلامة بعتذر اني جيت كده فجأة بس كنت عايز
جهاد ضروري في حاجه خاصة بالشغل"
وداخله كان يدعو ألّا يدرك سلامة أنها محض حجة لرؤية جهاد والتحدث معها وقد شعر فجأة بالوحدة فتاق لرؤيتها
والتحدث معها وهي الوحيدة التي تخترق مشاعره وتجعله يتفاعل معها بعفوية وكأنه يعرفها طوال حياته.
"ده فارس.."
والهمسة كانت من جيجي وهي ترمق والدتها بعدم تصديق أن أمنيتها برؤية ابن شقيقتها المتوفاة تحققت بهذه السرعة
فانتفضت والدتها على همستها وهي تركض حرفيا تجاه باب المنزل القريب بلهفة جعلت قلب جيجي
يتلوّى عطفا وهي تعلم عذاب والدتها بذكرى شقيقتها التي لم تكن موجودة وقت احتاجتها.
وجدت نفسها تركض خلفها تلقائيا وكأنها تريد حضور اللقاء العاطفي الذي سيحدث وكأنها تريد معرفة رد فعل
فارس على وجود أهل له وأنه ليس وحيدا كما شعرت قبلا..
كان فارس على وشك التحدث مجددا وهو يرمق سلامة بقلق من صمته الغريب عندما وجده يُزَاح عن طريقه وامرأة
كبيرة نوعا ما خمّن أنها والدتهما تقف أمامه ترمقه بلوعة اخترقت قلبه دون أي إرادة منه!
"فاطمة.."
همست جيهان بلوعة وهي ترمقه بعاطفة أمومية حارة فانتفض على همستها وهو يتساءل كيف تعرف والدته ولكنه لم
يكمل تساؤله فقد وجد نفسه مغمورا بحضن المرأة وهي تضمه بقوة هامسة له:
"يا حبيب قلبي يابني.. أخيرا شوفتك.. أخيرا خدتك في حضني.. يا قلب امك يا حبيبي"
تجمّد فارس بحضنها لا يدرك أي شيء إلا مشاعره العنيفة التي اختلجت داخله وهو يشعر أنه عاش عمره بأكمله في
انتظار لحظة كهذه.. في انتظار عاطفة أمومية خالصة تغمره وتشعره بالحب المطلق وبالأمان غير المشروط كما
لم يختبرها يوما..
أو ربما في انتظار هذه المرأة خاصة.. المرأة التي لم يفهم من تكون سوى أنها تعرف والدته ولكن همساتها التالية أعلمته
من تكون المرأة وقد صدمه الأمر بقوة!
"آآآآه يا فاطمة.. آآآآه يا اختي.. آآآآه يا حبيبتي, حتّه منّك جوّه حضني.. حضني اللي اشتاق ليكي يا اختي.. النهاردة كأني حضنتك انتي.. كأني شوفتك انتي"
سالت دموع جيجي بقوة حتى سلامة تأثر كثيرا وقد شعر بأن دموعه ستخونه فأشاح بوجهه عن والدته التي تتمسّك
بفارس وكأن شقيقتها عادت للحياة مرة أخرى..
حتى فارس لم يستطع أن يظل جامدا داخل حضنها فامتدت ذراعاه بعفوية يضمّانها إليه بعاطفة وكأنه أخيرا وجد الأم
التي تمنّاها طويلا.
*****
لا تصدّق ماذا يحدث معها.. أولا خطبة وعقد قران لم تردهما وفجأة أصبحت توّاقة لزفافها المفاجئ والذي لا تعلم
كيف وافق كلا والديها عليه بهذه الفترة القصيرة!
ابتسمت وهي تتذكر تحوّل مشاعرها تجاه كاظم للنقيض تماما وهي تدرك أنها غارقة بعشقه ربما منذ أول مرة جلست
معه فيها ولكنها كانت تقاوم بقوة وهي تذكّر نفسها أنه زواج (صالونات) لا تريده بل تريد من يعشقها وتعشقه
لتجد كل ما أرادته بعلاقتها مع كاظم والذي تحوّل بعد عقد القران لشخص غريب عن كاظم الرزين (المتأنّي) كما
وصفته جيجي ذات مرة.
ابتسمت بخجل وبعض الرهبة وهي تفكّر كيف ستكون معه وحدها بعد ثلاثة أسابيع فقط ..
كيف ستتعامل معه, مع مشاعره ومشاعرها هي نفسها!
هل تخبره بحبها أم تنتظره هو أن يبدأ؟! وهل يحبها؟!
بزغ التساؤل بعقلها بغتة لتعقد حاجبيها بقوة مفكرة أن كل تعامله معاها يدل على ذلك ولكنه لم ينطق كلمة واحدة
تدل على مشاعره حتى الآن ولا تعرف السبب!
أجفلت على باب غرفتها يفتح ووالدتها تدلف لها مبتسمة وهي تقول:"لسه صاحيه يا ريري؟"
رمقتها بريبة وهي تقول:"ريري؟ امم واضح انه موضوع مهم اللي عايزاني فيه"
ضربتها والدتها على رأسها بخفة وهي تقول:"على اساس اني مش بدلّعك يا بت؟"
ضحكت رغدة بمرح وهي تقول لوالدتها التي تجلس جوارها على الفراش:
"من ناحية الدلع بتدلعيني.. بس بقالك فترة كده قارشه ملحتي مش فاهمه ليه"
رفعت سوسن حاجبها لأعلى وهي تقول:"مش فاهمه ليه وال بتستعبطي؟"
وقبل أن تتحدث رغدة كانت والدتها تتابع:"كنت زعلانه منك انك بتعاملي كاظم بطريقة مش حلوة رغم انه شاب
كويس تتمناه أي بنت"
ثم أخفضت صوتها وهي تقول بمرح:"انا لو مكنتش متجوزه ابوكي وبموت فيه كنت وافقت عليه ع طول..
حد يطول حائط بشري وسيم كده يتقدم له"
شهقت رغدة بافتعال وهي تضرب يدها على صدرها بحركة شهيرة قائلة:
"يالهوي يا ماما.. انتي عايزه تخوني ابويا"
ضربتها والدتها على رأسها بقوة فتتأوّه بدلال ووالدتها تقول:"اتلمّي يابت.. بقول لو لو ياختي.. لكن عمري
ما ابدّل ابوكي حبيب قلبي وعمري كله بأي حد حتى لو كان حائط زي كاظم يابنت المحظوظة"
قهقهت رغدة بقوة فابتسمت والدتها قبل أن تقول:"عارفه يا رغدة اني كنت عامله زيك كده في يوم من الأيام..
كان كل تفكيري اني احب واتحب واعيش قصة حب تنتهي بالجواز واتقدم ليا ابوكي عادي من غير ما اكون اعرفه
قبل كده رغم انه كان جارنا بس عمري ما اتكلمت معاه او اتخيلت انه يتقدم ليا ونتجوز لكن لما اتقدم وقعدت معاه
اول مرة غصب عني زيك كده خاصة وانا بلاقي كل اللي انا عايزاه مش بيحصل بس عشان مكنتش بحب حد
وافقت اقعد معاه ولما قعدت معاه مقدرتش موافقش.. كلامه ونظراته.. دمه الخفيف.. كل حاجة فيه خلتني اغرق
وانا مش حاسه ولما ماما جت تسألني رأيي وافقت بدون تردد حتى امي وقتها قالتلي اني قليلة الادب عشان قولتلها
موافقه ماقولتلهاش زي البنات اللي تشوفوه"
قهقهت رغدة عاليا ووالدتها تضحك معها قبل أن تقول رغدة بحب:"طول عمرك مختلفة يا سوسن"
"سوسن في عينك يا قليلة الادب"
قالتها والدتها بحنق مصطنع لتضحك رغدة مرة أخرى وهي تقبّل والدتها هامسة بمرح:
"طيب اقولك سوسو زي الحاج وال ده حق حصري له بس"
لدهشتها احمّرت وجنتا والدتها بخجل لتشعر رغدة أنها تفكر بذكرى بعينها فقالت بشقاوة:
"الا صحيح هو اول مرة قالك سوسو كانت امتى؟"
"وانتي مالك يا بت"
هتفت والدتها بصرامة مصطنعة لتقهقه رغدة بقوة وهي تقول:"مكزوفة يا بيضا"
ضحكت والدتها بقوة وهي تضربها على رأسها بخفة قبل أن تقول:"اول مرة كانت بعد ما اتخطبنا على طول لان بابا
قال نعمل خطوبة وعلى ما الشقة تجهز نعمل كتب الكتاب والفرح على طول.. خرجنا مع بعض اول مرة وانا
مرتبكه ومكسوفه اوي ومش عارفه هقوله ايه وال اعمل ايه وارتبكت اوي اول ما مسك ايدي قال ايه بيعديني"
قالت الجملة الأخيرة بمرح على غرار المسرحية الشهيرة (سُك على بناتك) لتنفجر رغدة ضاحكة ووالدتها تتابع:
"قعدنا في مطعم واكلنا وطلب الاكل اللي بحبه وانا استغربت اوي هو عرف منين لحد ما قالي انه كان بيخلي اخته
تسأل اختي الصغيرة عن كل حاجة انا بحبها.. الالوان والاكل حتى البرفان وكان بيتعمد يلبس الالوان اللي
بحبها ماعدا الالوان البناتي طبعا.. فكرت وقتها انه بيحبني من قبل حتى مانا الاحظ وجوده وده فرّحني اوي وعرفني
ان مهما فكّرنا وخطّطنا ربنا بيكون عاين لينا احسن حاجه, احسن من اي تفكير وتخطيط مننا"
رمقتها رغدة بإدراك لما تريد والدتها قوله قبل أن تبتسم وهي تقول:"عارفه يا ماما.."
ثم شردت وهي تتابع:"ربنا بعت ليا كاظم فيه كل حاجة بتمناها وانا اتبطرت على نعمته دي ورغم كده حاجه جوايا
كانت موافقه عليه وخلّتني مارفضوش حتى وانا برفض اي تواصل بينا لحد ما فجأة حسيت اني.."
صمتت بخجل لتضحك والدتها بحنو وهي تقول:"انك بتحبيه"
أومأت بصمت لتبتسم والدتها وهي تقول:"انا كده اتطمنت, اروح انام بقي لاحسن زمان باباكي مش عارف ينام
وانا مش معاه"
رمقتها بمشاكسة لتخرج والدتها وهي ترميها بنظرة ذات مغزى فهمتها جيدا..
فهي تخبرها أنه سيأتي اليوم الذي لن تستطيع فيه أن تبتعد عن كاظم أو تنام بدونه.
******
(انا بحب كاظم)
(فارس طلع ابن خالتي)
(سنان قاللي بحبك)
كعادتهن كلما يجد معهم جديد كنّ يكتبن بالمحادثة الجماعية بينهن لتأتي الجمل الثلاث بنفس الوقت وتبدأ مكالمة
ثلاثية صوتية باتفاق غير مسبق بينهن..
"عارفين على فكرة انك بتحبي كاظم انتي بس اللي هبلة ومفكرانا هبل زيك"
قالت جيجي بنزق لتسألها تولين:"فارس ابن خالتك ازاي؟"
حكت لهما القصة باختصار ليسود الصمت للحظات قبل أن تقول جيجي:
"سنان قالك بحبك امتى يا بت ده انتوا حتى معملتوش حفلة لكتب الكتاب ويادوب الشيخ وخلاص
مش فاهمه ليه"
ابتسمت تولين بخجل وهي تخبرهم أنه زارها بغرفتها وأخبرها عن حبه لتقول رغدة بمكر:
"ويا ترى قالك بحبك حاف كده وال معاها بوسة"
"بس بقى يا رغدة"
هتفت تولين بخجل لينفجرا بالضحك قبل أن تقول جيجي بنزق:"وبعدين يعني هو انا مش هاخد البوسه بتاعتي
بقى؟"
"ياختي مانتي اللي محجّره.. ولو اني حاسه ان هتحصل حاجه قريب كده وكلنا هنتجوز مع بعض"
قالت رغده بمرح لتهتف تولين:"صحيح يابنات عارفه مين اللي معلق لك على الفيس يا جيجي؟"
"مين؟"
سألت جيجي ورغدة بنفس الوقت لتقول تولين ضاحكة:"فارس"
"بتتكلمي جد يا توتي؟"
سألتها جيجي بلهفة لتضحك رغدة وهي تقول:"مش عارفه ليه كان قلبي حاسس ان هو ..
اصل فجأة معجب وبتاع مادخلتش دماغي ابدا كنت حاسه انه حد يعرفك اوي"
"واضح انه احساسك في محله يا ريري والاخت جيجي هتحصلنا قريب اوي"
******
((وكيف سأقاوم سحر عينيها بتلك الشقاوة الطفولية التي تسكن بهما))
قرأت المنشور الذي نشره منذ لحظات بصفحته التي راقبتها منذ عرفت أنه هو لتبتسم وهي تشعر أن الحديث موجّه
لها قبل أن تغلق الفيس بأكمله وهي تستلقي على الفراش تتنهّد مفكرة أن باكتشافها أنه ابن خالتها اختصر الطريق
بينهما كثيرا ولكن هل حقا مشاعره تجاهها كما تدل تصرفاته معها؟!
تخشى أن يكون هذا تعامله مع الجميع.. تخشى أن يكون الحلم من جهتها هي فقط وأن تفيق
على واقع ليس به فارس..
طرق على باب غرفتها أخرجها من شرودها لتجدها والدتها فابتسمت بتلقائية وهي ترمقها بتساؤل فجلست والدتها
بجوارها على الفراش قبل أن تبدأ الحديث:"ايه رأيك في فارس؟"
سألتها والدتها فجأة فرفعت حاجبها بتساؤل وهي تقول:"رأيي من ناحية ايه يعني؟"
"رأيك فيه كعريس؟"
قالت والدتها بصراحة لتتسع عيناها بدهشة قبل أن تقول كاذبة:"مافكرتش فيه كعريس يعني هفكر ليه وهو اصلا
ماتقدمش ليا"
رمقتها والدتها بنظرة توضح أنها لا تصدقها ثم قالت:"فارس اتقدملك يا جيجي من يومين وهم نفس اليومين اللي
انتي اخدتيهم اجازة من الشغل عشان تهربي انك تشوفيه بصفته الجديدة بالنسبة لك"
رمقتها جيجي بصدمة قبل أن تشيح بوجهها بخجل لتبتسم والدتها بحنو وهي تربت على وجنتها:
"اول ما عرفت ان هو اللي بتشتغلي معاه وانه كمان عارف اخوكي وصاحب سنان من سنين اتمنيت انه يكون
ليكي حتى قبل ما اعرف انه ابن اختي"
صمتت لحظات قبل أن تقول:"تعرفي انه حكالي كل شي عنه حياته.. صدقه معايا في كلام هو مكنش مجبر يقوله ليا
خلّاني احترمه اوي وادعي للدكتور جواد اللي رباه كويس واطّمن ان اختي في اختيارها التاني كانت على حق"
"فكري يا جيجي كويس في عرضه رغم اني شايفه الاجابة من غير كلام"
قالت والدتها قبل أن تتجه لباب الغرفة فهتفت جيجي على الفور:"موافقه"
******
زفاف تولين وسنان
احتفال بسيط ضمّ من تحبهم هو كل ما أرادته وكل ما وافقها عليه سنان فلم يكن يريد لفرحتها أن يتم تنغيصها بأي
طريقة حتى ولو لم تحضر والدتها الزفاف حتى لو حرمتها من شعور العروس التي تبكي والدتها فراقها فلم يكن هناك
مجال للتظاهر بشعور ليس موجودا لذا أخبرها جدها أنه لم يخبر والدتها وهي عرفت أنه أخبرها وهي لم تهتم لا
بالحضور ولا حتى بالاتصال كغريبة.. ولدهشة تولين وجدت أنها لا تهتم حقا حضرت أم لا فكان حولها كل من تحبهم
وهذا ما يهمها حقا.
"سرحانه ف ايه يا عروسة"
قالت جيجي بمشاغبة لتجيبها رغدة بوقاحة:"اكيد سرحانه في حبيب القلب وانه هيتقفل عليهم باب واحد
النهاردة.."
ثم تظاهرت بالدهشة وهي تقول:"بس صحيح يا توتي انتي عارفه هيحصل ايه وال سايباها لربنا ولأبيه سنان"
قهقهت جيجي فيما أشاحت تولين وجهها بخجل متظاهرة بالغضب من الحديث الذي تخجل دوما منه لتهتف جيجي
بتحذير ضاحك:"أهم حاجه بس ماتنسيش وتقوليله أبيه النهاردة وتجيبي للراجل ذبحة صدرية"
"بعد الشر عنه"
قالت تولين بلهفة لترمقاها بمرح قبل أن تقفول رغدة:"تخيلي يا جيجي تقوله اوعي بقى يا ابيه.. وال البوسه دي
حلوة عيدها تاني كده يا ابيه"
انفجرتا بالضحك لتزم شفتيها للحظة قبل أن تشاركهما الضحك وهي تهتف بهما:"والله انتوا قلالات الادب"
"وانتي لسه عارفه اننا قلالات الادب دلوقتي ماهو ده من زمان عاتي"
قالت جيجي بمرح وهي تخرج لها لسانها مغيظة إياها لتقول تولين بمكر:
"نحن السابقون وأنتم اللاحقون.. اما نشوفكم في يوم فرحكم هتبقوا عاملين ايه ..
اراهن انكم هتبلعوا لسانكم اللي طوله مترين ده"
"اكيد ياعني تخيلي كده اروح اقول لفارس حاجه زي دي هيقوللي تعالي اعلمك واحدة واحده يا حبيبتي"
قالت جيجي بمرح وهي تتخيل فارس بوقاحته خاصة وأنها تهرّبت منه منذ عقد قرانهما منذ يومين متظاهرة بالانشغال
مع تولين ورغدة في التجهيز لزفافهما فيما قالت رغدة بوقاحة:
"انا اصلا حاسة انه لو باسني تاني هقوله كمان يا بيبي كمان"
انفجرا بالضحك وجيجي تقول:"كل ده بيبي؟ قصدك كمان يا حائط كمان"
"قل اعوذ برب الفلق.. بس يابت لتحسديه ومالحقش اخد منه بوسه حتى"
قالت رغدة وهي تفرد كفها بوجهها بعلامة مميزة لدرء الحسد لتنفجر جيجي في الضحك فيما هتفت تولين
بشقاوة:"يا دي النيله هو لسه هيبوس!"
ساد جو من المرح بين الفتيات الثلاثة وهو ما كانت تولين شاكرة له بقوة فوجود صديقتيها بوالدتيهما جوارها
والاهتمام بكل ما يخصها ويخص الزفاف جعل فرحتها حقيقية ولسانها يلهج بحمد الله على نعمة وجودهم جميعا
بجوارها.
*****
"عارف هتعمل ايه وال ايه النظام يا عم سِنان؟"
قال فارس بوقاحة ليرمقه سنان بغيظ وهو يقول:"ماتحترم نفسك يالا"
"يا عم هو خايف عليك بس مافهاش حاجه بيطمن على اخوه وصاحبه"
قال كاظم بمشاكسة ليرمقه سنان بصدمة مفتعلة وهو يهتف:"حتى انت يا طاهر يا محترم! الواد فارس بهت عليك..
ايه اللي حصل في الدنيا بس"
"مين اللي محترم يا اخويا؟ ده كاظم ده مايه من تحت تبن.. اراهنك انه هو اللي هيفلح فينا.. السهن ده هو اللي
بيجيب من الاخر"
هتف فارس بحقد مفتعل ليقهقه سنان على مشاغبته التي لا تنتهي فيما رمقه كاظم بغيظ مصطنع وهو يفرد كفه أمام
عينيه قائلا:"قل اعوذ برب الفلق.. من شر ما خلق, بس يالا لاحسن تديني عين انام يومها وافضحكم"
انفجروا بالضحك قبل أن يدلف سلامة وهو يهتف بهم:"انتوا هنا وسايبيني لجدو تحت مطلّع عيني طلبات
للضيوف.. ياللا يا اخويا انت وهو تعالوا ساعدوني"
"سلااامة .. انا هنا يا سلااامة"
قال كاظم بمشاكسة ليهتف فارس بمرح:"تخيل انا يبقى ابن خالتي اسمه سلامة ومراتي جهاد مش فاهم ايه فيلم
وااا إسلاماه اللي انا وقعت فيه ده"
ضحكوا جميعا قبل أن يقول سلامة بمكر:"تخيل انت لو سمعتك خالتك حبيبتك وهي اللي سمتنا كده.. وتخيل الكارثة
الاكبر بقى لو سمعتك جيجي وانت بتقول جهاد وتقول كمان فيلم واا إسلاماه.. "
"وقتها نقول عليه يا رحمن يا رحيم"
هتف سِنان ضاحكا ليزم فارس شفتيه بحنق وهو يقول:"خلاص يا سلامة انا نازل معاك اساعدك.. استر عليا ربنا
يستر عليك بقى"
"على حسب انت في الشهر الكام"
قال سلامة بسماجة ليضربه فارس بكتفه وهو يقول:"ابو سماجتك يالا.. امشي قدامي ياللا انت هتسوق فيها"
خرج كل من فارس وسنان فيما نظر كاظم لسِنان وهو يقول:"مالك يابني متوتر كده ليه؟"
زفر سنان بقوة قبل أن يقول:"خايف عليها يا كاظم"
"من ايه؟"
سأله كاظم بدهشة ليجيبه بخفوت مرتبك:"خايف عليها من مشاعري.. خايف مقدرش اتحكم في
مشاعري فاخضّها او.."
قاطع كاظم ارتباكه وهو يقول بهدوء:"بيتهيألك يا سنان.. انت بتحب تولين وهي كمان بتحبك يعني الموضوع مش
هيبقى مجرد رغبة ف واحدة متجوزها وخلاص.. وبدام المشاعر هي اللي هتتكلم بينكم يبقى ماتخافش ابدا..
لانها هي كمان هتكون مدفوعه بمشاعرها ناحيتك مهما كانت خجولة ومكسوفه منك"
زفر بقوة قبل أن يصلهما صوت فارس حتى يتسلّم العروس من جدها.
******
صغيرتي منذ رأيتكِ فُتِنت..
ربيبتي بمراقبة أعوامكِ تنعّمت..
حبيبتي لم يعد هنا بدٌّ بكِ قد تعلّقت وانتهيت..
ابتعدت وأبدا لوجهكِ الوضّاء ما نسيت أو حتى تناسيت
عدت وستكونين لي بأي صفة
وبكل صفة سأكون لكِ وحتى لو ابتعدتِ
خاطرة على لسان سِنان بقلم الجميلة نونا محمد
انتهى الحفل وصعدا لشقتهما والتي تعلو الشقة التي كانا يعيشان فيها مع جدهما.. فتح باب الشقة وقبل أن تدرك
كان يحملها بين ذراعيه يضمها له بحنو وهو يدخل الشقة ويغلق الباب خلفهما بقدمه ثم يقودها
لغرفة المعيشة والتي تم وضع الطعام بها في جو هادئ بناءا على طلبه ثم ينزلها لتقف أمامه بين ذراعيه وهو يرمقها
بحب..
"وأخيرا يا توتي.."
قال سِنان بعاطفة كبيرة وهو يتنهّد بقوة لترمقه تولين بحب دون أن تتحدث فقط تنظر له بعشق طالما ظهر بعينيها
رغم مقاومتها ذلك قبل أن تقول بعفوية وكأن غريزتها من تقودها له دون أي إرادة منها:"بحبك أوي"
وهي الكلمة التي كان بانتظارها تؤكّد له أنها له بكل كيانها.. بكل مشاعرها.. دون خوف أو قلق.. ليؤكّد لها قولا
وفعلا أنه سيكون أمانها وحبيبها وصديقها وحتى والدها وشقيقها وقبل أن تطلب حتى.. ليظل الطعام بغرفة المعيشة
لوقت طويل قبل أن يقررا تناوله.
******
دخلت غرفة مكتبها وهي تشعر بالراحة أنه لم يكن موجودا فهي لا تعرف كيف ستتعامل معه وقد أصبح زوجها
بعقد القران خاصة وأنها تتهرب منه منذ ذلك الوقت واختفائها فور صعود تولين وسِنان شقتهما جعلها على يقين
أنه يريد قتلها في التوّ..
ابتسمت وهي تغلق الباب لتشهق بقوة وهي تجد نفسها ملتصقة بظهرها على الباب ومحور أفكارها واقف أمامها
يرمقها بكسل ونظرة عينيه تؤكّد أنه في انتظارها منذ فترة ولن يغادر إلا بعد تحدثهما معا..
لم تتخيل أن تكون خجولة لهذا الحد من فارس الذي ترد عليه بعفوية منذ قابلته, تقريبا هو الوحيد الذي تتعامل معه
بهذه العفوية فلم يصدف أن تتعامل مع رجل لا تعرفه بهذه البساطة والتلقائية والمرح..
"وحشتيني"
خطفها بكلمته فلم تستطع سوى أن تظل محدّقة به وكأنها تظن أنه سيختفي فجأة كما ظهر فجأة!
اقترب بوجهه منها وهو يحاصرها بين ذراعيه هامسا لها:"القطه اكلت لسانك وال ايه"
زمّت شفتيها بغيظ وقد طارت اللحظة الرومانسية التي ظنّتها ستحدث قبل أن تقول:
"اه القطة اللي بتصحيني من عز النوم عشان تنام هي.. كان يوم اخبر يوم ما وافقت اخدها عندي بعد ما صعبت
عليا"
"قولتلك قلب الأنثى قطة ماصدّقتيش"
قال مشاغبة لترد عليه بإغاظة:"وانا قولتلك ان معنديش قلب اصلا"
"امّال اللي بيدق اوي ده ايه؟ ده انا حاسس بيه مع اني بعيد عنك"
قال فارس رافعا حاجبيه متحديا إياها أن تنكر لتقول بسماجة:"هو انتى كده بعيد عني؟ امّال انا حاسه انك طابق
على نفسي ليه؟"
ابتسم بخفة قبل أن يلتصق بها تماما وشفتيه مقابل شفتيها هامسا:"طب وكده؟"
وقبل أن تجيبه كان يفعل ما يتوق لفعله منذ أصبحت حلاله ويصمت لسانها الطويل بطريقته والتي علم أنها فعّالة جدا.
*****
زفاف كاظم ورغدة
غادر الجميع وتركاها معه لتشعر بالرهبة وهي ترمقه من بين أهدابها المسدلة لتجده يرمقها بنظرات غامضة قبل أن
يقول:"تعالي يا رغدة عايز اتكلم معاكي شويه"
رفعت حاجبها بدهشة مفكرة.. (يتكلّم! هو هيطلع حائط بشري منظر بس وال ايه؟ يا خيبتك يا رغدة يا خيبتك)
وكأنه أدرك ما تفكر به فقد انفجر ضاحكا لترمقه بريبة وهي تقول:"انت بتضحك على ايه؟"
هدأت ضحكاته وهو يقول:"هقولك بعدين تعالي الاول اقعدي جنبي"
جلست جوراه وهي تنتظره أن يتحدث ليمسك بيدها بين كفيه برقة وهو يقول:
"هحكيلك حكاية غريبة.. شاب زيه زي اي شاب سافر واتغرّب عشان يقدر يكوّن نفسه وقعد كام سنة برّه وبعدها
رجع بلده وبدأ الحاح والدته عليه انه يتجوّز.. في البداية طنّش وقالها لما يؤون الاوان وبعد كده لما زاد الالحاح قالها
ماشي بس انا اللي هختار وفعلا بدأ يفكر في مواصفات البنت اللي عايز يتجوزها واحتار لانه مش مهتم بالصفات
الجسدية على اد الصفات الروحية.. وف مرة كان رايح لواحد صاحبه وشاف واحدة خارجه من عندهم..
واحدة خطفته بطريقة عمرها ما حصلت معاه قبل كده.. خاف لتكون قريبة صاحبه اللي عارف انه بيحبها طول
عمره لكن بعد كده عرف انها صاحبة قريبته وان بيتهم قريب منهم وعرف اسمها بالكامل واتفاجئ انها طلعت بنت
صاحب والده ونفس البنت اللي كانت مامته بترشحها له"
في البداية كانت ترمقه بعدم فهم ثم بدأ يتضّح لها لماذا يخبرها بكل هذا لتدرك أنه هو الشاب وهي الفتاة التي وقع
بحبها كما خمّنت من حديثه..
تابع وكأنها لم تفهم بالفعل لماذا يخبرها بكل هذا:"كان هيطير من الفرحة يومها وصمم ان والده يكلم صاحبه وياخد
منه معاد ضروري وفعلا اخد معاد وراح عشان يخطبها ورغم انها قعدت معاه وحس ان فيه قبول بينهم الا انها كانت
بتتهرب منه بكل طريقه ممكنه ورغم انه كان نفسه يقولها انه بيحبها.. انها الوحيدة اللي لفتت نظره بل خلّته يفكر
انه يتجوز اصلا رغم انه عدّى التلاتين إلا أنه حاول يراعي ربنا على اد ما يقدر ويأجّل كل الكلام لبعد ما تكون
مراته عشان مايكونش بيخون ثقة ربنا ثم والدها.."
دمعت عيناها وهي ترمقه بتقدير وحب لتكمل له هي الحكاية:"والبنت رغم انها قاومت حبه كتير الا انها مقدرتش
متحبوش بكل كيانها.. مقدرتش متحلمش باليوم اللي هتكون له فيه حتى ولو اظهرت عكس ده..
البنت حبته زي ماهو بيحبها ويمكن اكتر.. انا بحبك اوي يا كاظم"
قالت بكل ما تحمله من مشاعر جيّاشة له والرد كان أبلغ كثيرا من الحديث..
ليثبت لها مرارا وتكرارا أنها الوحيدة التي خطفت قلبه وعقله وقلبت كيانه رأسا على عقب.
*****
بعد عدة أشهر
زفاف جيجي وفارس
انتهى حفل الزفاف الصغير الذي أصرّت عليه جيجي خاصة وقد أقام شقيقها سلامة حفل زفاف كبير بالفعل قبل
شهرين ولم يكن لها طاقة لتفعل المثل أبدا عكس زوجة شقيقها التي تليق به وبسماجته حرفيا والتي كانت زميلة له
بالجامعة أحبها كما علمت بعد ذلك ولا تعرف ماذا رأت بسلامة حتى تحبه بل وتتزوج به ولكن ما يهمها
أنها تخلّصت منه والحمد لله..
دلفت إلى الشقة ما إن فتح فارس الباب ليمسكها من طرحتها هاتفا بحنق:
"ايه يا حاجه ماتستني اما اشيلك وال اعمل اي منظر ايه الاخت المستعجلة دي"
رمقته بحنق وهي تخلّص طرحتها من يده هاتفة بغيظ:"ماتديني بالبونيه احسن؟"
همّ بالحديث لتتابع غير عابئة بغيظه:"وبعدين هستعجل على ايه؟ انا بس عايزه اقلع الجزمة مش طايقه الكعب
خلاص.. ربنا يسامحك يا رغدة قال ايه الكعب فخم وقيمة بلا نيله ده قطملي ضهري"
لم يملك إلا أن يقهقه عاليا وهو يدرك ما تفعله.. هي تخجل مما سيأتي لذا تحاول أن تعامله كعادتها وتطلق لسانها عليه
حتى تتحاشى القلق والخجل اللذين يعصفان بها..
رمقته بعدم رضا وهي تهتف:"ايوه ياخويا اضحك هو انت خسران حاجه؟ لا بتلبس كعب ولا بتحط ماكياج ولا
لابس فستان خفيف في التلج ده ولو اني الصراحة اتفاجئت بيك انك سيبت الشورت والفانله, ايه اقتنعت اخيرا
اننا في الشتاء؟"
رمقها بمرح وهو يقول:"قولت اغيّر بقى عشان ماتزهقيش مني من اولها ونسيب الشورت للبيت"
رمقتها بلامبالاة مصطنعة هي تتحرك تجاه غرفة النوم تتوق للتخلص من ثوبها بعد يوم طويل به وما إن خطت داخل
الغرفة حتى وجدته خلفها يغلق الباب ويقف عاقدا ساعديه يرمقها بغموض لتقول له:
"نعم؟ اطلع بره عشان اغيّر"
اقترب منها بخفة حتى أصبح واقفا أمامها يكاد يلمسها ثم أدراها وجعل ظهرها له وفتح سحّاب الثوب لتشهق بقوة
وهي تستدير رامقة إياه بريبة وهي تقول:"اطلع بره يا فارس مش وقت غلاستك"
"اطلع برّه؟ انتي هبله يا حبيبتي؟ ده انا ما صدّقت اني اتجوزك.. ده انا بحلم بالفستان ده من وقت ما اتخطبنا اصلا..
ياللا يا روحي ياللا ماتضيعيش وقت"
رمقته بريبة وهي تسأله:"ياللا ايه؟"
غمزها بوقاحة وهو يقترب حد اللا مساحة قائلا:"ياللا كده"
وبلحظة واحدة كانت بين ذراعيه وباللحظة الأخرى ضاعت تماما في عاطفته لتسلّم
أسلحتها كلها إلى حين فهذا وقت العشق فقط.
تمت بحمد الله

كلمة الكاتبة
إلى كل فتاة سنجل..
تمسّكي بحلمك في رجل به كل الصفات التي تحلمين بها, تمسّكي بحقكِ أن تحبي وتكوني محبوبة في غطاء شرعي
حلال.. لا تسمحي لأحد أن يتلاعب بكِ..
لا شاب يظن أنكِ سهلة المنال.. ولا مجتمع يطلق عليكِ ألقاب مخزية..
أنتِ حرة, قوية, أبيّة بذاتكِ وأخلاقكِ وتربيتكِ لا بشاب عابث قد يظنّكِ هدفا سهلا أو مجتمع يشير إليكِ أنكِ
عبء عليه..
عازبة أو متزوجة.. حالمة أو واقعية.. كوني نفسكِ وفقط.
مع تحياتي حنين أحمد

आप प्रकाशित भागों के अंत तक पहुँच चुके हैं।

⏰ पिछला अद्यतन: Jul 21, 2020 ⏰

नए भागों की सूचना पाने के लिए इस कहानी को अपनी लाइब्रेरी में जोड़ें!

نوفيلا سنجل حتى إشعار آخر بقلمي حنين أحمدजहाँ कहानियाँ रहती हैं। अभी खोजें