مقدمة سنجل حتى إشعار آخر بقلمي حنين أحمد

3.8K 147 67
                                    


حين أكتشفتُكِ لم يكن قصدي أكتشافُك
فأنا الذي مَا كنتُ ضد الحُب يومًا، أو معه
أنا مؤمنٌ أن الفصول الأربعة ستظل دومًا أربعة ،
وبأن شمسًا واحدة وبأن بدرًا واحدًا
لكنني حين أكتشفتكِ كِل الأمور تغيرت
فأضفتِ بدرًا ثانيًا وأضفتِ شمسًا ثانية
وأضفتِ فصلًا خامساً مَا أروعه
المقدمة
سواد هو كل ما يحيط بها وقرآن يتم تشغيله ليل نهار.. والدتها تبكي طوال الوقت وهي لا تفهم ماذا حدث سوى
أنها لن ترى والدها مرة أخرى!
حادث وسائق طائش وصدمة قوية كانت السبب بموت والدها وتركها المنزل الذي عاشت فيه منذ ولدت..
"هنروح نعيش عند جدك يا تولين"
هذا ما قالته والدتها وهي تسأل من هذا الجد الذي لم تعلم عنه قبلا؟!
ولا أحد يجيبها بشيء.. فالقرار للكبار وهي صغيرة لا يتعدّ عمرها الثامنة.. سائق بسيارة فخمة كان في انتظارها
ووالدتها أمام المنزل ليوصلهما لمنزل الجد تُرَى هل سيكون الجد السند بعد والدها أم أن خلافاته مع والديها قديما
ستكون السبب بمعاناة الصغيرة؟!
هبطت من السيارة مع والدتها تمسك بيدها وقلبها الصغير يخفق بجنون تنظر للمكان حولها بفضول طفلة ترى المكان
للمرة الأولى وتساؤل بريء خرج من بين شفتيها:"ليه مجيناش هنا قبل كده يا ماما؟"
وقبل أن تجيبها والدتها كان الجد يخرج من باب المنزل وهو يفتح لها ذراعيه بحب هاتفا:"حبيبة جدو"
رمقته بترقّب للحظات قبل أن تنفلت من يد والدتها وتلقي نفسها بين ذراعيه ليضمّها بقوة وهو يقبّل وجنتها
المكتنزة بحنو وهو يقول:"فرحان اوي اني شوفتك يا تولين"
"وانا كمان فرحانة اوي يا جدّو ان عندي جد.. انت ليه مكنتش بتيجي عندنا او احنا بنيجي عندك قبل كده؟"
وتساؤل الصغيرة كمن يضع الملح على الجروح النازفة فيما همّت والدتها بنهرها كان الجد يجيب بخفوت:
"كانت فترة وراحت لحالها ومن دلوقتي هتفضلي معايا على طول ايه رأيك بقى يا ستّي؟"
ابتهجت تولين وهي تدفن نفسها بحضن جدها مرة أخرى ليخرج بهذه اللحظة آخر أصغر عمرا
يتّجه إليهم بابتسامة حنونة صافح والدتها أولا قبل أن يخبره الجد:"دي بقى أميرتنا تولين يا سِنان"
رمقته الصغيرة بانبهار قبل أن تصافحه بود ليرفع يدها لشفتيه يلثمها وهو يقول لها برقة:"تشرّفنا برنسيس توتي"
ابتسمت له بسعادة فيما همس له الجد بمرح:"خلاص كده ضمنت قلبها"
****
"انتي الجارة الجديدة؟ اسمك ايه؟"
قالت جيجي وهي تقترب من تولين لترمقها الأخيرة ببراءة وهي تقول:"اسمي تولين وانتي؟"
"انا جيجي.."
أجابتها جيجي لتعقد تولين حاجبيها بعدم فهم وهي تقول:"اسمك جيجي؟ وده ايه؟"
زمّت جيجي شفتيها بحنق وهي تقول:"اسمي جهاد بس مش بحبه, قوليلي جيجي وبس خلاص؟"
أومأت تولين بصمت قبل أن تقول:"أنا عندي 8 سنين وانتي؟"
"انا عندي 10"
قالت جيجي مبتسمة ثم تابعت بتساؤل:"انتي عندك اخوات؟ انا عندي واحد مطلّع عيني"
ابتسمت تولين وهي تقول:"ياريت كان عندي حتى واحد.. للاسف مش عندي اخوات وبابا مات مش هيعرف
يجيبلي اخوات زي ماكنت عايزة"
انحنت عينا جيجي بحزن قبل أن تقول:"انا كمان بابايا ميّت"
"الله يرحمهم"
همست تولين لتومئ جيجي بصمت قبل أن تناديها والدتها فغادرت مسرعة وهي تقول لتولين:
"هشوفك في المدرسة بكرة"
****
دلفت جيجي إلى منزلها لتقع عيناها على شقيقها الجالس بعنجهية مغيظة لها إلى طاولة الطعام ليهتف حالما رآها:
"هو احنا هنفضل مستنيين الكونتيسة كتير؟ ما تنجزي عايزين ناكل"
زمّت شفتيها بحنق وهي تجلس إلى الطاولة بهدوء من أجل والدتها وبداخلها تريد قذفه بأي شيء تلتقطه يداها..
"دي الجارة الجديدة اللي كنتي واقفة معاها يا جيجي؟"
"اه يا ماما هي.. اسمها تولين ومعايا في نفس المدرسة بس هي اصغر بسنتين"
أجابت جيجي والدتها لتقول الأخيرة:"شكلها طيب اوي"
"ايوة كيوت اوي وحبيتها"
قالت جيجي بمرح ليقول شقيقها سلامة بسخرية:"انتي لحقتي تحبيها ياختي؟ ده انتي يادوب وقفتي معاها 5 دقايق"
رمقته بغضب وهي تهتف:"وانت مالك انت؟ حد وجّهلك كلام؟"
همّ بالحديث لتقاطعه والدتهما وهي تقول:"بس انت وهي ايه مفيش احترام ليا؟ وبعدين انت مالك يا سلامة تحبها
او لا هي حرة"
ثم التفتت لجهاد وهي تقول:"وانتي يا جهاد عيب تردي على اخوكي الكبير كده"
ضربت جهاد الأرض بقدميها وهي تهتف:"اسمي جيجي جيجي وبس"
ثم تركتهم وهي تتجه لغرفتها قبل أن تقف وهي تتخصّر قائلة:"ثم ان الفرق بينا سنتين بس يعني مش عشرة ولا
حاجة عشان يبقى اخويا الكبير.. ده كبير ده؟ ده مُهزّق"
انتفض سلامة بغضب لتركض لغرفتها وتغلق الباب خلفها وتترك مهمة تهدئته لوالدتها كما المعتاد.
*****
بعد أربعة أعوام
باستراحة المدرسة الإعدادية
"ايه يابنتي مالك ماشيه متوترة وخايفة ليه كده؟"
قال جيجي لتولين لتجيب الأخيرة بتوتر:"يعني مش عارفه حد ولا عرفت اتصاحب على حد خالص ف الفصل..
حاسه اني لوحدي كده"
ابتسمت جيجي بتفهّم قبل أن تقول:"انا كمان كنت كده زيك ولا اعرف حتى اتصاحب على حد لغاية ما قابلت
رغدة المجنونة زمانها جايه دلوقتي بتشتري حاجة بس من الكانتين.. هتحبيها اوي وهي ساكنه قريب مننا بعد شارعين
كده"
"حلو اوي ان يبقى ليكي اصحاب.. انا فاشله اوي ف حكاية الصحوبيه دي"
قالت تولين وهي تتنهّد بقوة لتومئ جيجي موافقة:"فعلا هو حاجة صعبة بالنسبة ليا مش بعرف اتعرّف على حد
حتى رغدة هي اللي اتعرفت عليا وصاحبتني الاول لما لقتني قاعدة في الفسحة لوحدي كده.. هم لسه ناقلين جديد
عندنا ف المنطقة وفرحت اوي لما عرفت انها ساكنة قريب مننا ومعانا ف المدرسة"
سألتها تولين بفضول:"هي رغدة ادّك؟"
"ايوة ومعايا في نفس الفصل كمان"
أجابتها جيجي وقبل أن تنطق بشيء كانت رغدة تتوقف أمامها وهي تقول:
"ايه ده يا جيجي مش كنتي تقوليلي ان جارتك شبه العرايس اللعبة!"
اتّسعت عينا تولين برهبة وهي لا تعلم هل تمزح معها أم أنها لم تحبّها!
فيما قهقهت جيجي وهي تهتف:"برّاحه يابنتي هتخوّفيها وهي بسكوته زي مانتي شايفه كده.."
ثم التفتت لتولين وهي تقول:"هي رغدة كده تحب الهزار والضحك والفرفشه دي مطلّعه اسامي على نص المدرسه
فكويس انك جيتي ف عروسة لعبه.. حتى انتي شبهها فعلا وكيوت زيها"
ابتسمت تولين بسعادة وهي تخبرهما ضاحكة:"أبيه سِنان دايما يقولي كده برضه حتى جابلي عروسه لعبة شبهي اوي
وبنيّمها في حضني على طول"
"مين ابيه سِنان ده؟"
هتفت جيجي ورغدة معا بريبة لتنفجر تولين ضاحكة قبل أن تقول:
"أبيه سِنان يبقى ابن خالي بس هو كبير في تانية كلية صيدلة"
*****
"انا جيت يا قوم.. انا جيت ياهوووو"
هتفت رغدة عاليا وهي تدلف إلى المنزل لتخرج لها والدتها من المطبخ وهي تكاد تذهب لقتلها وهي تهتف بها:
"بس بس ايه يابنتي؟ ايه يعني جيتي نعملك ايه يعني؟ اهلا وسهلا ياختي.. ياللا على اوضتك غيّري هدومك وتعالي
عشان نحط الاكل ونتغدى وصوتك ده مايطلعش ابوكي نايم"
زمّت رغدة شفتيها بحنق وهي تقول لوالدتها:"ده استقبال تستقبليني بيه يا سوسن؟ ده انا بنوتك الصغيرة ينفع كده؟
بدل ما تزغرطي اني جيت وال توزعي شربات اني رجعت وال..."
قاطعتها والدتها وهي تلوّح بيدها التي تمسك بالمغرفة بتهديد:"انتي هتروحي تغيّري هدومك من سكات وال.."
وطالما والدتها الحبيبة بدأت بالتهديد إذا تذهب لتبديل ثيابها بهدوء حتى تحافظ على البقية الباقية من كرامتها التي
بعثرتها والدتها بتهديدها منذ قليل.
لحظات وخرجت من الغرفة باتجاه المطبخ كما طلبت منها والدتها لتساعدها بوضع الطعام على المائدة وما إن انتهت
حتى وجدت والدها يخرج من غرفته ويبدو أنه استيقظ للتوّ!
"الجميل اللي صاحي على الأكل على طول.. مش المفروض تيجي من الشغل تفضل مستنّي الاميرة رغدة لحد ما
تيجي من المدرسة وتطمن عليها؟"
قهقه والدها بمرح قبل أن يقول:"قصدك اطمن على الناس من لسانك الطويل اللي مابيرحمش حد.."
شهقة مفتعلة من رغدة وازت قهقهة عالية من شقيقها وهو يهتف:"اووه قصف جبهة.. بابا واحد, رغدة صفر"
رمقته رغدة بازدراء قبل أن تقول بسخرية:"غريبة يعني قاعد في البيت ليه النهاردة؟ ايه خطيبتك قلبتك عشان
خارجة مع اصحابها؟!"
رمقها بصدمة وداخله يهتف كيف علمت ما حدث؟! فخطيبته المبجّلة ألغت موعدهما اليوم لأنها ستخرج
مع صديقاتها اليوم في (خروجة بنات) كما أخبرته..
"وانتي مالك قاعد في مِلك الحكومة"
أجابها بسماجة لتقهقه متجاهلة إياه وهي تقول لوالدها:"قوللي بقى يا بابا عملت ايه في الشغل النهاردة؟ اوعى
تكون عاكست حد كده وال كده اه.. دي سوسن تزعل جامد"
رمقت والدتها بمكر وهي تهتف الجملة الخيرة لتجدها مصطنعة اللامبالاة لتغمز والدها الذي ابتسم وهو يقول:
"لا انا ماشي على الصراط المستقيم بس اعمل ايه بقى يا ريري هم اللي بيحاولوا يجرجروني للرذيلة وانا الحقيقة
يعني.."
التفتت له زوجته (سوسن) بحدة وهي تهتف:"وانت ايه اتفضل والله؟"
تنحنح وهو يقول بوقار مصطنع:"انا طبعا مابحبش المسخرة وقلة الادب دي هو حد يبقى عنده القمر
ويبص للنجوم برضه يا سوسو يا حلوة انتي"
صفير عالٍ من رغدة وشقيقها لتتورّد وجنتا والدتها ويبتسم والدها بمرح فزوجته مازالت تتورّد كلما غازلها حتى بعد
مرور كل هذه السنوات معا.
لترمقهما رغدة بحنو وهي تتمنى داخلها زوج يشبه والدها بكل شيء وخاصة عشقه لوالدتها.

نوفيلا سنجل حتى إشعار آخر بقلمي حنين أحمدTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon