بارت 1♥

1.7K 15 7
                                    

ريحانــــــــــة

الحلقة (1)
بقلم:  فاطمة الهادي
مرت عشرة أيام على مؤمن وهو مسجون بين أربعة حيط ، منعزل تماما عن كل الحوليهو صمت ، كأبة  و رتابة ، لدرجة إنو حاسي بالعشرة أيام كأنها عشر سنوات  .
مافي زول قادر يتقرب منو أو يعرف عنو حاجة حتى الحاولو يتكلمو معاهو كان بنهي الكلام معاهم بكلامو البسيط ومن نفسو متجنب الاختلاط بالمجتمع الجديد (مجتمع السجن )   . مؤمن عمرو في منتصف العشرينات عمر شاب  وروح شايب .
في يوم زي كل الايام الناس قاعدين متفرقين  وأي زول في همو  ، النيران ولعت في واحدة من زنزانات  السجن والاصوات كانت بتتعالى طالبة النجدة والمساعدة والناس المعاهو ماشغالين بالموضوع كتير وكأنهم ماسامعين حاجة ومن غير مقدمات مؤمن قام على حيلو  وبقى يصرخ حريقة( ياناس النار قامت ديل شنو الما عندكم دم ديل ! ماسامعين تسمعو الطرش ) ساعتها الناس المعاهو إتحركو وكل واحد جرى في إتجاه ، واحدين جابو الموية ووحدين طلعو  المصابين ، بعد جهد وتكاتف في مابينهم النار إتخمدت والوضع إستقر ولحسن الحظ  ماكان  في خسائر في الارواح .
بعد الموقف ده مؤمن بقى في تعامل بسيط مع الحولو يدوب بيتفقدو بعض وكلامهم بسيط لكن أحسن من أول و عندو علاقة سطحية  بمروان  (مروان كان من الشباب  الطلعو المصابين)
مؤمن بينو وبين نفسو كان عاوز يحكي الفي قلبو لأنو متضايق شديد وزنزانات السجن الضيقة خلت نفسياتو زي الطين والكون الشاسع ده بقى زي خرم الإبرة  و مرات يجيهو إحساس إنو الناس دي برغم إنهم مسجونين  بس مبسوطين بضحكو ويلعبو ضومنا وشطرنج وليدو وكأنهم في رحلة مش في سجن ،  الزنزانة بتتكون من سراير فوق بعض هو كان في السرير الفوق ومروان تحتو طوالي  ، مروان كان دايما هو الببادر ويسأل عن مؤمن  ويوم عن يوم علاقتهم بقت أعمق وفيها بوادر لصداقة جيدة .
مروان :  بالمناسبة يا مؤمن إنت زول أصلي وود بلد  لأنك الوحيد البادرت لمن الحريقة قامت يوم داك  ، أنا كنت بكرهك وبتضايق منك لكن هسي كل الكره ده إتحول لمحبة صافية ومرات بلوم نفسي لاني كرهتك في يوم
مؤمن  : وأنت برضو زول حارة لأنك  الوحيد القمت طوالي وبعدين ما إنت براك المتضايق مني أغلب الناس هنا كانت ما طايقاني وعاوزين يقتحمو حياتي بالغصب بس أنا ما شغال بالموضوع كتير وكل حاجة اتضحت بعد الحريق الحصل وشوفنا جواهر الناس وكالعادة المواقف هي الحكم  ، بالمناسبة عندي ليك سؤال يا مروان
مروان : أسأل يا سيدي شوقتني أعرف سؤالك
مؤمن : أنت يا مروان  شكلك ده  ما شكل سجن زول مثقف وفاهم ومتعلم ودمك خفيف وحتى من هيأتك بتدل على إنك ود عز  الجابك على المكان ده شنو ؟
مروان ضحك من قلبو(الله يكرمك يامؤمن  ضحكتني)
مؤمن: فاكرني بهزر والله أنا جادي شنو الوقعك الوقعة  السوده ، أصلك ما شبه سجن .
مروان : والله يا مؤمن أنا كنت مغترب بره البلد ورجعت من فترة ما طويلة دخلت قروشي في مشروع شراكة  وكان ماشي معاي  كويس والشركة ناجحة  وكل ما النجاح ده يكتر الحاقدين برضو بكترو  ،  في فترة وجيزه لقيت نفسي على  الحديدة وكمان شريكي اتخلى عني وأكلني في قروش وبقت علي ديون كتيره واتنازلت عن حصتي في الشركة وسددت الديون ومشيت إشتغلت لي في مكتب واحد كان عامل إعلان في النت وفي أسبوعي  الثاني معاهم ورطوني في مواضيع حسابات وتزوير أوراق وتهرب ضريبي اخدت حكم خمس سنوات وهسي قربت تخلص كلها كم شهر وحأشوف الحرية ، صراحة الخمس سنوات دي أضافت لي كتير لكن على قدر ما اضافت لي اخدت مني
مؤمن : ليه بتقول كده الحصل شنو؟
مروان : خسرت قروشي وشقى عمري الدفعتو في الغربة وحتى الأهل شايفني راجل مجرم ورد سجون والبنت المفترض إتزوجها جاتني زياره هنا بعد الحكم  إسمها دلال وقالت لي ما ينفع نكمل مع بعض ومابتقدر تنتظرني و ما بتتشرف انو واحد عندو سابقة يكون أب  لأطفالها سلمتني دبلتها لحد الان أنا محتفظ بيها ومن وقتها ما منها خبر وأمي كتر خيرها مرة مرة بتجيني حالتها بتصعب علي لمن أشوفا قدامي مقهورة وبتبكي  عارف يا مؤمن أنا خسرت كل حاجة كل  حاجة بس حاسي بأني كسبت نفسي وعرفت حاجات كتيرة  لو كنت بره السجن ما كنت حأعرفها وعرفت الناس البتقيف معاك والناس البتقيف ضدك والناس البتاكل لحمك وتتكلم عليك بالباطل غايتو هنا الشباب ما بحسسوك بوحشة ،  السجن عامل زي الغربة الكنت فيها بس الفرق الوحيد  ناس السجن ديل  من بلدي .
مؤمن : والله يامروان ماتستاهل يعني جاي من الغربة للسجن طوالي حالتك حاله
مروان : الله في إنت  الجابك هنا شنو ؟
وقبل ما مؤمن يجاوب الضابط المسؤول نادى  عليهو "مؤمن السيد " عندك زيارة
مؤمن إستأذن ومشى لقى  أختو لمياء وسحر مافي زول بزورو غيرهم وفي كل مره يشوفهم بيبكي على الحال العليهم
لمياء : مؤمن بتبكي مالك ؟
مؤمن : سامحيني يالمياء حاسي بالذنب من ناحيتكم وخصوصا إنتِ وصراحة  ما بقدر أمسك دموعي قدامكم
لمياء : بكرة تطلع وترجع لينا من جديد  بس ياريت ده يكون درس ليك يا مؤمن .
الكلام بينهم إنتهى ومؤمن رجع للزنزانة حالو متغير وعيونو محمرة
مروان : يازول مالك انقلبت كده في حاجة حصلت أو في خبر ما كويس ؟
مؤمن : لاقيت أخواتي لمياء الأصغر  مني وسحر الأخت الصغيرة فروقاتنا العمرية ما كبيرة
_    إن شاءالله هم كويسين ؟
مؤمن :الحمدلله بخير بس أنا ما بخير .
مروان : ليه! اللهم أجعلو خير؟  بالمناسبة يا مؤمن ما قلت لي عن سبب دخولك السجن ؟
مؤمن سكت مسافة من غير ما ينطق بكلمة  لدرجة انو مروان إعتذر  "أسف ياخ ماكنت قايل سؤالي ده صعب كده!!
مؤمن : لالا ياخ تعتذر لشنو بس محتار أبدا من وين
مروان : ابدأ من البداية أصلا ما وراي حاجة وسامعك ان شاءالله لبكرة
مؤمن أخد نفس طويل وكأنو كان منتظر اللحظة دي عشان يطلع الجواهو 
طبعا زي ما أنت شايف أنا لا غني ولامرتاح عشت حياتي كلها مع الفقر والتعب  أبوي راجل مزواج لحد الان متزوج قريب سبع نسوان وده غير الماعارفنهم وعندو أولاد غيرنا لكن مابعرفهم كلهم لأنو أي واحد في ولاية تانية بحكم سفرو الكتير
أمي هي الربتنا وهي الكانت بتصرف علينا أبوي طلقها بعد ولادة سحر ومن وقتها ما بنشوفو إلا بعد سنوات وسنوات وكل ما يجي تبدأ المناقشات والمشاكل بينو وبين أمي وأنا ما بسكت ليهو لأنو بمد يدو على أمي وبتشاكل معاهو لدرجة  إني  طردتو من البيت في مرة من المرات   علاقتي مع أبوي كعبة  بمعنى الكلمة  لدرجة إني بكرهو  وماقادر اسامحو شيلنا مسؤوليه من وقت صغار  وحياتنا  القاسية كانت  بسببو ،أمي كانت الراجل والمرأه في البيت ، شغالة  في السوق مره ست شاي ومرات تبيع الفول والتسالي ومرات تبيع الكسرة عشان تعيشنا أنا وأخواتي  اضطريت  خليت القراية من بدري وبقيت شغال أعمال حرة مرة  "بنا ومره أبيع موية القرش البجيبو يدوب يأكلنا عيش وأبوي كأنو ميت طلعناهو من حياتنا أخواتي دخلو المدرسة  وحدة قرت  لحد سنة تامنة ووحدة لحد الثانوي وفي النهاية  اضطرو يخلو القراية  عشان  الظروف صعبة شديد ، لحدي ما جاء القدر وأمي جاها مرض في الكلى كانت متعايشة مع المرض بدون ما تشكي العليها لزول يوم عن يوم أثر المرض بقى يظهر فيها وحالتها تسوء اكتر واكتر لدرجة انو وصلنا مرحلة غسيل الكلى وجلسات الغسيل كانت غالية ومرهقة بالنسبة لوضعنا ، أنا خليت  أخواتي  يشتغلو في البيوت  عشان نقدر نوفر العلاج . ودي ماكل المصايب في المستشفى سرقو كليتها النصيحة وخلوها تموت  ، أمنا ماتت ،  وماتت معاها كل  أحلامنا   ، أول شي الزول المؤجرين منو لئيم شديد جا طردنا من البيت لانو اتأخرنا في دفع الايجار وقال لينا الدايرو منكم عفيتو ليكم بس أطلعو  ، مشينا سكنا في بيت خالتي  وضعهم كان أحسن من وضعنا ،  بس قسوة راجل خالتي أحسن منها حياة الفقر والقحط على  الاقل بتعيش وأنت كريم أحسن من قلة القيمة ، كنت كل يوم بطلع أقعد مع أولاد الحلة بدل الاسطوانة المشروخة البسمعها كل دقيقه من راجل خالتي تعرفت على  ناس جديدين من ضمن الشلة كان في واحد إسمو معاوية  الزول ده كان ضيف عند عمتو الساكنة جنب خالتي عرفتو من خلال لعب  الكورة  في يوم و أنا قاعد محتار جنب البيت جاني معاوية من غير مقدمات قال لي "ليك حق تكون محتار الحصل عليك ماساهل  وعارف انو راجل خالتك قاسي عليكم وخالتك ما بتقدر تقيف معاكم وتخرب بيتها ساعتها سألتوإنت عرفت الكلام ده من وين ؟
معاوية : البهمني أمرو بعرف عنو كل حاجة يلا يا مؤمن دايرك في شغل بسيط حيأكل الشهد وحاديك بيت زي البيت وتنبسط وتخلي اخواتك يكملن تعليمهن هسي أنا  ما عاوز منك إجابة  بس فكر في الموضوع ودورها في راسك لو قلت لي موافق برسيك على كل شي ومشى  خلاني في دوامات من الاسئلة ياربي الشغل ده شنو ؟ وليه  رابطو بموافقتي ؟ سألتو أبى يرد علي كأنو عندو حاجة متخوف منها لكن عرضو كان مغري  دورتها في راسي تمام وقررت أحسبها صاح وما أخاطر رفضت عرضو لانو الشغل ده إحتمال يكون ما شرعي مكاسب عالية وانو ابي يوريني طبيعة الشغل قطع الشك الحكاية فيها إنه مرت فترة  بقينا متضايقين في حياتنا شديد والوضع بقى لا يطاق  ومعاوية والناس المعاهو إختفو كأنهم متفقين علي بعدها  بقيت أفـتش عليهو وما لاقياهو لحدي ما لاقيت واحد من الشلة  بالصدفة في السوق  سألتو من معاوية قال لي والله لي شهور منو لكن بشوف ليك رقمو وبديك خبر  صبرت فترة لحدي ما صاحبو  جاب لي الرقم اتصلت عليهو بالمساء وكلمتو بأني  محتاج الشغل ولازم أقعد معاهو
معاوية قال لي والله ماعندي وقت بس بفضي ليك نفسي حنتلاقى الإسبوع الجاي
طبعا احترت معاوية  شنو كمان الماعندو وقت شكلها القصة كبيرة
وجاء اليوم الموعود
لاقيت معاوية ما عرفتو في الأول إلا لمن نادى لي بأسمي   راكب عربية اخر مودل وبقى جنتل  وشكلو مرطب  بالجد أنا كنت مندهش
وسألتو من أين لك هذا يا مبقع !!
قال لي هذا من فضل ربي مبقع دي كان زمان يا صاحبي
خشيت ليهو طوالي في الموضوع
- يا معاوية دايرك تشغلني معاك الحال بقى لا يحتمل أنا موافق بكل شي حتى من غير ما أعرف التفاصيل 
معاوية اخد ليهو ضحكة وقال والله شكلك ممكون عديل كده و عشان إنت غالي لقلبي حأشغلك معانا لكن شغلنا ده لا أسمع لا أرى لاأتكلم   فاهم!؟
قلت ليهو ومالو أنا ما تهمني الطريقة على قدر ما تهمني القروش كفاية الفقر الخلاني افقد أمي لو كان عندنا قروش ما كان ماتت كنا قدرنا عالجناها وكفاية الفقر الخلانا ما قرينا وتمينا تعليمنا لحدي متين  حنكون كده وكفاية الفقر الخلا أخواتي يشتغلن في البيوت وكفاية  عيشة المذلة والمهانة والاحتقار الأنا شايفها في عيون راجل خالتي أنا معاك من الليلة ولقدام ولااسمع لا أرى ولا اتكلم
طبعا يامروان معاوية هو الكلمني بأنو أمي شالو كليتها دخلوها عملية والدكتور اسمو كان مزور عمل عملتو وهرب وده أقوى سبب خلاني وافقت على عرضو واللي هو كان الإتجار بالبشر   عاوز انتقم وعاوز قروش معاوية قال لي نحنا شغلنا محترم ما زي العامل فيها دكتور ويشيل كلى الناس العيانة .ما لينا في المستشفيات لينا بس بالناس النصاح  .
#يتبع

ريحانة 😙🔥حيث تعيش القصص. اكتشف الآن