الفصل الثاني

4.9K 165 13
                                    

الفصل الثاني
أمام مبني عالي يشبه ناطحات السحاب شموخ و لكنه يختلف عنها في الكثير و الكثير فهي اُنشأت علي أساس يمكن هدمه بكل بساطة و لكن تلك مختلفة تماما  فهؤلاء الجبابرة بنوها علي قوة و ثقة و محبة لا يوجد لها مثيل من قبل ثقة و محبتهم تشبه تلك الكسوة السوداء التي تعانق الكعبة المشرفة فكل شيء في حياتهم مقدس
يدخل يزن و كنان و فارس معا كعصبة و احدة مترابطة لا تنفك أبدا و بقوة يهابها الجميع و لكن ليت قوتهم و حدها هي من تخيف الجميع و لكن ترابطهم يسير الرعب في أنفس الكثير فمن يريد الاقتراب من فرد واحد من تلك العائلة عليه أن يمر علي الجميع و يتأكد أنه لن يبقي بعدها الا حطاما ، تقدموا معا لداخل و في المفترق ذهب كل واحد منهم إلي مكتبه دلف يزن إلي مكتب رئيس مجلس الإدارة بكل ثبات و ثقه جلس علي مكتبه و مساعدته من خلفه جلس علي مقعده الوثير و اراح ظهر للخلف قائلا:_
سمر ساعة بالضبط و كل حاجة تكون جاهزة عشان خاطر الاجتماع
سمر بهدوء يليق بهدوء و رزانة مديرها قالت :_
حاضر يا فندم كل شيء هيكون مضبوط بإذن الله
يزن بابتسامه عملية قال :_
تمام يا سمر تقدري تفضلي
خرجت هي من أمامه و تركته يعمل في الملفات التي أمامه معدا للاجتماع المحبب لقلبه و مع صديقه الذي انقذ حياته مسبقا من الموت فهو ممنون له
***********************************************************
علي الصعيد الاخر بينما يجلس هو منكب علي الأوراق التي أمامه هناك آخر يجلس علي مكتبه بكل اريحية و لكن ليس للعمل و لكنه يعبث بمشاعر تلك المسكينة التي لم يرأف بحالة قلبها الذي ربما لم ينهكه السن و ارهقه عشق الفارس الوحيد الذي استطاع تلجيم جموح فرسته يضع الهاتف علي أذنه قائلا:_
ممكن اعرف مدام استاج راحت فين
استاج ببسمة و محبة و عشق فاض نبرته قالت :_
استاج موجودة مدام الفارس موجود
فارس و هو يغمض عيناه بشغف و كأنه يسمع للمرة حبها له و شغفها به و كأن ما مر لم يكن عشرون عاما كفيلة لتوضح له كيف تعشقه و كيف كان هو النور و النبض لقلبها تلك الأعوام لم تكن كفيلة أبدا ليقول :_
عارفة يا استاج أنا كنت فاكر أن اللي بيتجوز و يكبر هو مراته سوى حبهم بيقل بس اكتشفت أن لما شعرنا حتي بيبيض قلوبنا بتبيض معاه و بتزودنا حب أكتر اكتشفت أن بوجود عمره ما كان الملل
سمع شهقاتها المكبوتة ليس حزنا و لكن فاض قلبها عشقا لتفيض دموعها عجزا عن الرد ليكمل :_
أوعي تعيطي يا استاج لسه ما انخلق اللي يقدر يبكيكِ ،
لم يكتف بذلك الحد و لم يرحم ذلك القلب الضعيف أبدا ليقول :_
عارفة زمان يا استاج لما اتجوزك عشان ألجم جموحك في الانتقام معرفش أنا حبيتك إزاي ، الناس قالوا ازاي حبتها بسرعة كدا هتصدقي لو قلتلك أن أنا لسه معرفش لحد الآن أنا حبيتك ليه بس اللي متأكد منه أن وجودك في حياته زي الهوا اللي مقدرش اتنفس من غيره
ليجد صوت شهيقها قد علي ليقول بحب و تنهد حار خرج من رئتيه قائلا:_
متبكيش يا قلبي ليكمل بمرح :_
و بعدين احنا لو فضلنا كدا يزن هيجي يعلقني عشان الشغل
استاج بحب قالت :_
و أنا مرداش أن حد يزعلك و هقفل دلوقتي يا عمري ، حفظ الله الكام ساعه دول ابتسمت و أغلقت الخط و هو ابتسم من فرط سعادة قلبه و بدأ يعمل بالأوراق التي أمامه
***********************************************************
في مكتب من كان دائما هو الحنان و الحماية لمن حوله ها هو لأول مرة يعجز علي أن يحمي دقات قلبه المتعالية التي صوت هطول الماء من الشلال ليعبر عن ضخامة حجم المياه المتدفقة هكذا هو الحال في قلبه فهناك شعور بالخوف لا يدري مصدره وكأن  أحدهم قد منع عن رئتيه الهواء و ها هو ربما يكون عاجز عن التنفس ليرفع سماعة هاتفه قائلا :_
كوباية لمون بسرعة
و بالفعل لم تمر دقائق الا ودخل الساعي بما يريد و ضعه علي الطاولة أمامه و من ثم رحل و و يستغرب حاله فهي المرة الأولي التي يراه هكذا بينما هو لم يهدأ نبضه المعلون رفع سماعة الهاتف تلك المرة ظننا أن تلك الغريبة قد أصابها مكروه ليضع الهاتف علي أذنه منتظر الرد مرة اثنان و لكن لا تجيب حاول إقناع نفسه أن الجميع بخير و حاول جاهدا أن يعمل علي تلك الأوراق أمامه
*********************************************************
أمام مبني القوات الخاصة لحظات صمت رهيبة حلت علي المكان ذلك الصمت و السكون الذي يشبه سكون الموتة داخل قبورهم و لكن ذلك السكون لم يطيل ليتبعه صرخات قد تعالت و هم يرون ذلك الأسد حتي وقع علي الأرض جريح هرع الجميع نحوه ، أما هو صحيح اخترقت الرصاصات جسده و لم يكن خوفه الأكبر علي نفسه بل الخوف الأكبر علي من سينفطر قلبهم رغم عدم خطورة الأمر كما يعتقد فمن طريقة إطلاق الرصاص تأكد أن الهدف ليس قتله و لكن هدف اخر لا يعرفه فجأة تثاقل جسده حتي وقع الأرض مثل قطعة جليد ظلت صامدة و ها هو الوقت لتنصهر أرضا  و في تلك اللحظة التي كان صديقه  خارجا ليراه يتهاوى أرضا ليقول بصوت مرعب :_
أنتم ايه يا شوية بهايم  أطلبوا الاسعاف و لا مستنين دمه يتصفى
و بالفعل لم يمر نصف ساعة الا و اتت سيارة الاسعاف تحمل ذلك الذي ظن أن جرحه بسيط   
في قصر الحديدي تجتمع النسوة كما عادتهم حينما يرحل عُشاقهم يمرحون فيما بينهم فرغم سنوات عمرهم لم يؤثر ذلك علي شغبهم فظلوا كما لو كانوا فتيات العشرون
تجلس إيلين و استاج و فيروز يضحكون و صوت ضحكاتهم كفيلة أن تعطي الحياة لمن تراها
ايلين لفيروز و هي تضحك بشدة قائلة:_
هههه أنتِ مش ناوية تبطلي جنان يا فيروز كبرتي بس لسه أفعالك صبيانية
فيروز ببسمة قالت :_
لو معملتش كدا يا لي أموت  يرضيك أموت شابه
استاج بضحك صاخب قالت :_
شابة ايه  ناسية أن عندك أربعين سنة
فيروز و هو تزجرها قالت:_
أنتِ بالذات متتكلميش يا نحنوحة
ايلين و هي تطالع بملل قالت :_
ممكن تبطلوا شوية و أنت يا فيروز ايه نحنوحة دي
فيروز بملل قالت :-
خلاص هسكت خالص
و مر و قتهن وهن يمرحن و لكن هناك من تجلس شريدة و كأنها قررت أن تسافر بعقلها في مكان بعيد عن ذلك المكان المجتمعين به و خلدها يذوب كقطعة من الثلج سطعت شمسه لتذيبه و لكن ليس ليحيي و لكنما ليعيش الألم
ايلين و هي تقترب منها و تضع يدها علي كتفها قائلة :_
سنا فيكِ ايه
سنا و الدموع لمعت في عيناها قائلة:_
مفيش يا لي أنا كويسة
ايلين و هي تعانق كفيها بين يديها قائلة :_
لا فيه يا سنا
سنا  و ربما قد اعطت ايلين الأذن لها بالبكاء و قالت :_
معرفش يا لي زي ما يكون حد بيسحب روحي من غير ما احس
اقتربت منها الفتيات و قالت استاج و هي تربت علي كتفها قائلة:_
متخافيش يا سنا تفاءلي بالخير
و لكن كلماتهم هذه لم تكن كفيلة أبدا لأن تثلج قلبها الذي اشتعل
***********************************************************
وصلت سيارة الاسعاف إلي مستشفى الحديدي ليهبط واحد من ملاكها و جبابرتها الصغار لتكون لحظة تنقلب فيها رأسا علي عقب
دلف اسر إلي غرفة العلميات و ها هو صديقه يقف ينتظر خروجه مهدئا نفسه بأنه سيكون بخير و أن لم يكن كذلك فأنها حربا ستشتعل و لكن مع كل تلك الأحداث سؤال و احد دار في خلد حازم :_
تلك العائلة لم تضر أحد ، أذن من يحاول سلبها راحتها و ترك هذا الجواب معلق
***********************************************************
في شركة الحديدي لحظات هادئة في قاعة الاجتماعات لتصبح تلك القاعة بعد ثواني صاخبة ليس بالصوت و لكنها صاخبة بطلتهم الخاطفة لأنفاس الأعداء حتي و قف مايكل يتطلع إلي صديقه بمحبة ليمد يده بالسلام له قائلا بمرح :_
معرفش أنتم يا أخي جايبين منين الوسامة و الحضور الطاغي اللي ينفي حضور غيركم حتي لو مين
ابتسم يزن في هدوء كعادته و لكن كان رد فارس قائلا :_
أول مرة أشوف منافس بيمدح منافسه لازم تتخلد اللحظة دي
مايكل ببسمة لذلك الفارس الجامح الذي يقف أمامه قائلا :_
مفيش منافسه يا صديق بس دلوقتي هيبقى فيه و حدة لينا حاجة شبيهة لصداقتنا
ابتسم من القاعة ليقترب مايكل من كنان عندما و جده صامت ليقول :_
واو كنان بيه لأول مرة أشوفه ساكت
ابتسم كنان بسمة متكلفة قائلا :_
اظن أن فارس قام بالواجب
ابتسم مايكل و نظر ليزن الصغير و معه ذلك الأمير و عدي صافحهم و قال :_
محدش فيكم يعني رحب بينا ولا قال عاملين ايه حتي
ابتسم أمير لذلك الذي يعرف مبتغاه جيدا ليقول :_
حضرتك في ضيافة كبار الجبابرة فأكيد ترحبيهم بيكم يعني الكل قام بنفس الشيء
مايكل ببسمة قال :_
ذكي زي والداك يا أمير
اقترب يزن من طاولة الاجتماع و كان يقف مينا هناك ليقول  يزن :_
أهلا بيك في مصر مينا
مينا و هو يمد يده مصافحا أياه قائلا :_
مصر دوما منورة بأهلها يزن بيه
ابتسم له يزن  و جلس علي طاولة الأجتماع و جلس الجميع معه ليقول بعملية :_
تمام يلا نبدأ الشغل و بالفعل تم عرض  الخطة التي ستكون شراكة بينهم و المشاريع العمرانية المشتركة و تولي العرض الهندسي أمير و عدي
و قف أمير أمام شاشة العرض يوضح كل تفسير صغير عن المشروع المكلف بعمله و كان كالحاكم الذي يحكم مدينة عاصية و جعلها تستقيم
أم عدي فكان ذلك الهادئ و الشغوف مع لمسة من الجنون
و هكذا مر الوقت حتي رن الهاتف و كانت مساعدة يزن  قائلة :_
يزن بيه سيادة الرائد اتصاب بطلق ناري
يزن و هو يقف بذهول قائلا بغضب مخيف :_
جبتي الكلام منين يا سمر
سمر و هي تبتلع ريقها بخوف الأعلام بيتكلم
أغلق يزن الهاتف و قال :_
الكل يجهز و الحراسة هنروح المستشفي ورحل أمامهم بثبات مخيف و أصبح هناك أكثر من مليون حوار يدور بعقل كل واحد منهم *****************************
الفصل الثاني
ملحمة العشق
الجبابرة ٣
***************************
في مكان بعيد عن الوطن و لكن كما يُقال في هجر الأوطان تُهجر القلوب،و بالفعل هذا هو حالها قلبها خاوى كصخرة صماء لا تنبض بالحياة أبدا... هجرت موطنها بعدما قضت به عشرين عاما في سعادة لتنقلب إلي حزن وجفاء وفقدان و مشاعر متألمة لا مثيل لها ... رحلت من مكان ... وهبت به قلبها ليحيا قلب اخر و لكن ماذا فعل هو لها بالمقابل.... تركها مجرد بقايا أنثي علي حافة الهاوية .... خالف الوعد ... وخالف القسم ... وخالف القلب الذي أقسم الا ينبض الا لها ... و بالفعل لم ينبض الا لها ... ولكن قسمه لم يكون لميلاد سعادة ... و أنما ميلاد ألم لا مثيل له
تقف أمان شاطئ البحر الذي يتعالي بموجه و يتهمادي كعروس تتهادي ليلة زفاف لتتوج ملكة علي عرش معشوقها .. و لكن ليت ما نراه يكون الحقيقة فقط ... فربما يكون ذلك الموج ... بداية لغضب .. أو بداية لألم جديد ... ولكن لن يكون من نصيبها أبدا ... فربما حان الوقت لتذيق ما ذاقت منه ... فلتكوي قلبه بنيران ... حرقت قلبها ... وسيوف مسمومة اقتحمت حصونها لتجعلها صريعة
تتطلع إلي الأمام بشرود تام و كأنها تعبر المحيطات ... وتعمق في المستقبل لتكشف أغواره .... و لكن قبضة قوية ألمت قلبه ... و كأنما أحدهم أخرجه من بين ضلوعها ... ليتوقف نبضها من الخوف ... و تتعالي أنفاسها كطيور ترفرف لتصل للعنان ... ضمت قبضة يدها لصدرها لتضرب بقوة قائلة:_
فيه ايه مالك بتدق كدا ليه و نفسك بقا سريع ليه .. ليه موجوع يا قلبي مش وعدتني أننا و الوجع عمرنا ما هنجتمع أبدا .. ليه خالفت الوعد ..
و تهاوت دموع ألماسه من عيون تلمع كحبات بندقية تلاحم مع الشعاع الذهبي لتكون كشمس ليست مشرقه لتعطي الحياة ... و لكن نيرانها تشتعل و لهيبها ترتفع ليقضي علي من يقترب .. ولكن ف ذات الوقت هناك أحدهم و ضع يده علي كتفها قائلا:_
قلب روح متخلقش لعمر و بس ... لا قلب روح اتخلق من روح أبوها و أمها و تؤامها ... عارفه يا روح مشكلتك ايه
نظرت لها بجهل و كأنها لا تعلم ماذا فعل ذلك القلب اللعين لتكمل صديقتها قائلة :_
مشكلة روح أنها عملت عمر كل حياة ... و نست أننا في الحياة دي مش باقين لبعض ... حتي لو موجودين ... اهتماماتنا بتتغير ... و قلوبنا بتتغير ... و أحيانا اللي كنا مفكرين أنه عشق بيكون مجرد وهم
نظرت لها وجدتها شاردة ضليلة كطفل ضاعت أمه لتقول وهي تثبت عيناها لتكون في مواجهتها قائلة:_
روح أبدا ما اتخلقتش عشان تكون ضعيفه أبدا ... روح اتخلقت تدي الأمل و القوة ...  شكلك نسيتي ليه عمو يزن سماكِ روح ... هو سماكِ روح لأنك روح جديدة اتخلقت من عمره وروحه وحبيبته سنا ... اللي عمره ما زعلها و لا يقدر يزعلها أبدا .. لتضيف ببسمة :_
ابتسمي يا روح لأن في ابتسامتك حياة جديدة لكنان و سنا
نظرت روح لصديقتها قائلة:_
عارفه اللي مزعلني يا حياه ايه .. أنه خلي حياتي مقتصرة عليه ... خلي نفسه كل حاجة ... و مرة واحدة مبقتش ولا حاجة..الغيرة اللي كان عايش بيها معرفش أن كان غيرة ولا تملك ...بس صدقيني دلوقتي أنا مش زعلانه منه .... أنا زعلانه من نفسي وروحي ... روح بقت مجرد هلام ضعيف ... اللي مزعلني أني بعدت عن بابا وماما و اسر تؤامي وروح روح ...  و عشانهم نفسي ارجع بس مش عارفة
حياة ببسمة و هي تربت علي كتف صديقتها قائلة :_
لازم ترجعي روح القوية ... ارجع عشان خاطر كنان و سنا و أسر
روح و قد لمعت عيناها باشتياق و قالت :_
لازم ارجع عشانهم و بس عشان حياة روح متعلقة بيهم كفاية تمن سنين

ملحمة العشق (الجزء الثالث من الجبابرة)بقلم اميرة القلم شيماء محمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن