تكمله الطريق الثاني

10 4 0
                                    

٢ _ الذكر العملي (الفعلي):
مما لا شك فيه عدم انحصار الذكر باللسان فقط، فإن له مجالات أخرى غير القول واللفظ، فالذكر من التذكر وعدم النسيان والغفلة، وهذا باب واسع جداً يفتح أكثر من نافذة ومنطلق لذكر الإمام عليه السلام، فمضافاً إلى الذكر اللساني (القولي) الذي أشرنا إليه فإن هناك الذكر الفعلي والعملي والجوارحي، فحب الإمام عليه السلام والتعلق به وتوطيد الأرض له ينفتح على عمل الإنسان المنتظر مضافاً إلى قوله، فالعمل يجب أن يكون مجسداً للانتظار، وهذه هي الدعوة الصامتة التي حث عليها أهل البيت عليهم السلام فقالوا: (كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم) (١) وفي أخرى: (كونوا لنا دعاة صامتين). (٢)
أي أن تجسيد ذكر الإمام عليه السلام يمكن أن يكون من خلال العمل، فعمل الإنسان إذا كان في خدمة الإمام عليه السلام فهو ذكر له سلام الله عليه، وفعل المنتظِر إذا كان بنية حب الإمام عليه السلام فهو ذكر عملي له، وبهذا المنظار ومن خلال رؤية سريعة لآليات الذكر العملي نستعرض بعض المفاصل الحيوية في هذا الجانب وبنحو إجمالي تاركين التفصيل لمجالاته الخاصة.

وسائل الذكر العملي:

أ _ إيصال الهدية له عليه السلام:
من الطرق المؤثرة في جلب الحب واستقراره هو التهادي وتبادل الهدايا، ففي الحديث الشريف: (تهادوا تحابوا) (١) حيث أن النص صريح بأن الهدية مقدمة موصلة لا محالة للمحبة، ومن هنا نفهم أن الإهداء إلى الحبيب أمر متعارف لا نقاش فيه، لأن الوصول إلى معدن الحب يفيض بنفسه على غيره بوجه من أوجه المحبة والعشق يتجلى تارة بالهدية أو الذكر أو غير ذلك، ولكن النص الروائي أراد أن يدل على وسائل جلب المحبة، فالتهادي ممن ليس بينك وبينه محبة حقيقية، ركيزة أساسية لجلبها، حيث تفتح آفاق القلب بين المتهاديين، فلذا لا بدّ من استعمال هذا الأسلوب والأخذ بهذا الطريق من أجل الوصول إلى محبة الإمام عليه السلام وعدم الغفلة عنه، ولكن يبقى في الذهن سؤالان يراودان القلب ويشغلان الذهن.

الأوّل: إن التهادي الوارد في الحديث الشريف من باب المفاعلة وهي تقتضي التهادي بين الطرفين، ترى ما هي هدية الإمام عليه السلام لنا؟

الثاني: ماذا نهدي نحن للإمام وكيف تصل إليه هدايانا؟ أنواع الهدية للإمام عليه السلام:
أما بالنسبة إلى السؤال الثاني فيمكن الاجابة عليه من خلال ما يلي:
١ _ التصدق بقصد سلامته عليه السلام.

٢ _ إهداء جميع ثواب العبادات والأعمال الصالحة له سلام الله عليه، كالحج نيابة عنه عليه السلام وزيارة المشاهد المشرفة والعتبات المقدسة كذلك، وقراءة القرآن، وغيرها.

٣ _ صلته بالمال بأن يجعل المؤمن بعض ماله هدية لإمام زمانه عليه السلام (وهذا غير الخمس الواجب)، إذ أن (صلة الإمام عليه السلام في غيبته تحصل بصرف المال في المصارف التي يعلم رضاه بها وحبه لها، وبقصد صلته مثل طبع الكتب المتعلقة به وإقامة مجالس ذكره، والدعوة إليه وصلة شيعته ومحبيه خصوصاً الذرية العلوية والعلماء المروجين ورواة أحاديث الأئمّة الطاهرين ونحوها، مما لا يخفى على أهله)، (١) فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما من شيء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام وإن الله ليجعل الدرهم في الجنّة مثل جبل أحد.. )، (٢) وفي الكافي الشريف أيضاً عن الحسن بن مياح عن أبيه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: (يا مياح درهم يوصل به الإمام أعظم وزناً من أحد). (٣) 

ثقافةالانتظار  Unde poveștirile trăiesc. Descoperă acum