أبواب الجحيم

Start from the beginning
                                    

أنهت العريف تينا كلماتها اليائسة ونظرت للخلف تطمئن على حيوانها الأليف، الماعز الزهريّ الذي يلعب مع ذئب هِر الفضيّ على أرضية غرفة اجتماعاتهم الواسعة، فوضعت الرقيب نيكس سيفها في غمده حول خصرها وأتبعت بهدوءٍ لم يخلو من جدّ:

«هل رأيتم أولئك الذين يكتبون نبذات قصصهم في الاستمارة على هيئة جزءٍ نصيّ من قصصهم، مثل: "قالت له بحنانٍ: لقد حلُمتُ بك البارحة. فردّ عليها بأمانٍ: وأنا أيضًا." حسنًا.. كيف يتوقّع مني صاحب الطلب أن أفهم ما سأفعله بالغلاف من شيء كهذا؟ يجب أن يدركوا أن النبذة تعني شرحا مبسّطًا لفكرة الكتاب بحيث يساعدنا في فهمه حتى نصمم لهم ما يليق بمحتواه، لا الجمل الحماسية التي يضعونها في الواتباد قصد جذب القراء.»

«لقد أصابني كلامكم بالاكتئاب أيها الجنود.»

علّقت الكولونيل أوه متنفّسةً بقوةٍ بعدما انطفأت تلك البللورة الثلجية في تاجها الثلجيّ، فرمشت العريف سِل قائلةً:

«تعلمون؟ عندما تقول الچنرال إل أنها ستفتح الاستمارة أشعر حينها بنفس المشاعر التي أحسست بها أيام التدريب، حين كانت الچنرال تخبرنا أنّ هناك اختبارٌ مفاجئ.»

«قشعريرة..»

علّقت فَن منتفضةً بخفةٍ، فهزّت العريف روما رأسها متحدثةً:

«وأنا أدعو الله كثيرًا أنْ لا تصيبني سكتةٌ قلبيةٌ عندما أقرأ الطلبات بالاستمارة.»

تلتها ضربة مباغتة من كف باء على طاولة الاجتماعات أفزعت چيچي وفاجأت باقي الجنود، قالت على إثرها بغضب جليّ:

«تذكّرت! هؤلاء الذين يطلبون نظامًا معيّنًا من الألوان للأغلفة، ومهما حاولت وبذلتُ وقتًا ومجهودًا لا يظهر كما أريد.»

«الرّحمة!»

عقّبت چيچي من بعدها بيأسٍ حتى ساد الصمت بينهم جميعًا، حينما نهضت الچنرال إل عن كرسيها المزخرف على رأس الطاولة قائلةً بلا ترددٍ:

«أنا سأذهب لأخبر زيوس أن تُنهي عمل فريقنا وتعلن محو فريق جنود التصميم للأبد.»

«ماذا؟»

«لا أيتها الچنرال!»

«توقّفي!»

«لمْ نقصد هذا.»

علت صيحات الجنود وامتلأت القاعة بأصواتهم العالية حتى فزِعت حيواناتهم وركضت تختبئ في ركن القاعة، فنهضت الكولونيل أوه سريعًا وسحبت الچنرال إل من ذراعها، أجبرتها على الجلوس على كرسيها مجددًا قائلةً بسرعةٍ:

«لا تكوني متسرّعة في اتخاذ القرارات هكذا!»

«وماذا تريدين مني أن أفعل أوه وأنا أرى جنودي يائسين وخائفين من فتح استمارة الطلبات هكذا، بعدما كانوا يتشوّقون ويتوسلونني لألا أغلقها أبدًا؟»

تساءلت الچنرال إل متنهدةً باستياءٍ، فتنهدت أوه تجيبها:

«نحن نتذمر بالفعل بسبب ما نعانيه من طالبي الأغلفة، ولكن هذا لا يعني أننا نريد أن ينتهي عملنا وتُغلَق أبوابنا للأبد.»

«أجل، أنا لا أستطيع العيش دون تصميم الأغلفة، لا أستطيع تخيّل نهاية فريقنا قَطّ.»

أردفت چيچي من بعد أوه بحزنٍ، فهزّت هِر رأسها موافقةً تتحدّث:

«لا نريد أن ينتهي عملنا نهائيًا، ولكن نريد أن نعمل معًا على توضيح الأمور لعُملائنا، نريدهم أن يشعروا بمعاناتنا بسببهم.»

«نريدهم أن يتجنبّوا تلك الأخطاء المتكرّرة في الاستمارة.»

أكملت فَن لتردف الرقيب نيكس من بعدها بعقلانيةٍ:

«نريدهم أن يتقرّبوا منا أكثر، أن يشعروا بما نشعر به ونحن نرى ما يملؤون الاستمارة به.»

«يظنون أننا قادرين على خلق كل شيء من العدم، ويأتونا بطلباتٍ من المريخ.»

سخِرت باء، فزمّت العريف روما شفتيها قائلةً:

«رغم أنني نجمة الفضاء، ولكنني لمْ أرَ طلباتٍ كهذه بالمريخ، أنتم تظلمون المريخ كثيرًا.»

«حسنًا، فلنفتح الاستمارة هذه المرة كـتجربة مُغايرة ونرى ما سيطلبه العملاء منّا، وبعدها نعرض عليهم الأخطاء الشائعة في طلباتهم.»

علّقت العريف تينا هازةً رأسها، فصفّقت چيچي بحماسٍ قائلةً:

«أجل، حينها سيقتنعون بما نقوله ويتجنبون هذه الأخطاء ونعيش جميعًا لنصمم بسعادةٍ.»

ظهر قوس قزح لامع فوق رأس چيچي فأومأت الچنرال إل باقتناع مقرّبةً إصبعها من ذلك الزر الأحمر على الطاولة أمامها قائلةً:

«حسنًا أيها الجنود، لنفعلها هذه المرة، استعداد، تأهّبوا!..»

«وإن لمْ يتجنبوا تلك الأخطاء، سنكون كـ(البؤساء) حينها.»

تدخلت باء مقاطعةً الچنرال إل، حتى لمعت عينا الچنرال فجأةً متمتمةً:

«البؤساء؟»

نمت ابتسامةٌ تدريجيةٌ على شفتيها أثارت انتباه جميع الجنود وربيتهم حينما أردفت بمكرٍ:

«لديّ فكرةٌ رائعةٌ.»

فهل أنتم مستعدون عملاء جنود التصميم لفكرة الچنرال إل؟

البؤساءWhere stories live. Discover now