رسالة تحذير

268 22 1
                                    

مُنتظِم زي الساعة، بنسمَع الصوت المُرعِب والزئير الوحشي كُل يوم بالليل، بيبدأ بصوت ناعم، بيكون شبه صوت البُكاء، بُكاء طفل رضيع أهله سابوه في الشارع في مُنتصَف الليل وفي عز البرد، بعد كدا بيرتفِع وبيزيد بالتدريج، بيسيطَر على كُل حاجة، وبييجي من كُل مكان حوالين بيتنا

قُرب النهاية بيتحوَّل لصوت مُرعِب ومُخيف، صوت صراخ عالي، أقرَب لصوت ست مسكينة بتتطعَن لحَد الموت

أول ما انتقلنا لهنا في البداية، وسمعناه، مالكوم افترَض إنهم مجموعة من الأطفال المحليَّين بيحاولوا يعملوا فينا مقلَب عشان يخوفونا من البيت الجديد

البيت الجديد كان في مكان نائي ومُتطرِّف، مفيش حواليه أي حاجة من جميع الجهات غير شوية شجر مُتفرقين، فكان سهل علينا أوي إننا نشوف أي حد بيحاوِل يقرَّب سواء حرامية عايزين يقتحموا البيت، أو أطفال محليِّين عايزين يعملوا فينا مقلَب، دا غير حقيقتين في مُنتهى الأهمية، الأولى إن الصوت دا لو حقيقي ومسموع هيخلي أي حد يقرَّب من البيت يطلُب الشُرطة، ودا محصلش لحَد دلوقتي، والتانية هي إن الصوت دا.. مُستحيل يكون بشري

فكان مُستحيل تمامًا دا يكون مقلَب من بعض الأطفال المحليِّين

تكرار الصوت كُل يوم بالشكل دا وفي نفس التوقيت يوميًا كان معناه حاجة واحدة بس، إن البيت مسكون بروح شريرة

مكانش معانا أي فلوس نقدر نشتري بيت تاني ونسيب دا، ولا لينا مكان تاني نروحه لو دا اللي بتفكروا فيه

أنا فاكرة إني سألت مرة بعصبية: " المفروض الروح الشريرة دي عايزة إيه بقى؟ "

بابا ومالكوم كانوا بيصلحوا الأبواب والشبابيك وبيتأكدوا إن فيه أقفل ضخمة عليها، وكأن النوع دا من الحماية هيقدر يوقَّف أو يعطَّل الروح الشريرة ويحمينا منها

الغريب إن الروح الشريرة دي مكانتش بتتعرَّض لينا، صحيح إننا كُنا بنصحى طول الليل نسمع الصوت، الصراخ، والعويل، وصحيح مع مرور الوقت الصوت بيزيد وبيبقى أقوى وأعنَف، وساعات كمان بنسمع صوت حاجة بتلِف حوالين البيت وكأنها هتحاوِل تقتحِم البيت، في البداية مكُنَّاش بننام، كُنا بنفضَل صاحيين طول الليل نصلي وندعي

مع مرور الأيام، الشهور، والسنين، بدأنا نتعوِّد، وفي الحقيقة بقينا نستنى الروح الشريرة، ومع مرور الوقت بدأنا نقتنِع إنها مش مؤذية ومش هتسبِّب لينا أي ضرَر

في سنة من السنين، والدي قدر يجهِّز مبلغ مالي بسيط، مع فلوس بيع البيت هنقدر إننا نشتري بيت في الجانب التاني من البلدة، بس والدتي ساعتها سألت سؤال مُهِم: " لو حد جه يشتري البيت دا، المفروض نقوله على الشبح؟ "

أنا ومالكوم كانت إجابتنا واحدة، إننا لازم نقول على سبيل الأمانة، وماما كانت موافقانا، لكن بابا كان عنده رأي مُختلِف: " لو حد فيكم قال كلمة، عُمرنا ما هنخرُج من هنا "

رعب(محمد عصمت)Where stories live. Discover now