شعر بشيء غريب حينها،شيء لم يشعر به قط من قبل ..
شعر بشيء يطبق على قلبه ويخنق نبضاته..
شيء يطالب قلبه بالمزيد من ضخ الدم و في نفس الوقت يمنع وصول الدم إلى القلب حتى لا يضخه..

خوف شديد اعترى قلب ذلك الشاب ..
فقد ظن للمرة الأولى أنه ظلم تلك الفتاة،رغم أنه لم يتلاعب بعواطفها يوماًو كان صادقاً معها في كل شيء..

إلا أنه نفذ أمر والدهلأنه واجب رغم أنه لم يكن مقتنعاً به
فدينه قد أمره بطاعة الوالدين..
ولكن نفس الدين قد أمره أيضاًبأن لا يظلم ضعيفاً
ولا مسكيناً..

صراع داخلي عنيف بين دينه و رجولته..
صراع كبير بين الحرام و العيب..
صراع بين ما فعله و بين الندم على أنه فعله..
ولكن الشعور الذي طغى هو شعوره بالظلم.
ظلم لأنه ظلم روان ، و ظلم لأن أبوه قد ظلمه.

حاول عبدالله النوم تلك الليلة ولكن ضميره لم يسمح له بذلك..فعليه أن يدفع فاتورة الظلم ما دام استطاع
أن يظلم .

لم تفارق روان خياله ولم يفارق الحزن و الهم باله ..
ساعات طوال من الليل سرقها منه الحزن حتى أنهكه.
و عندما قاربت الساعة على الخامسة فجراً
و بدء جسم عبداللهبالاستسلام للنوم..
أيقظته نغمة رسالة وصلت هاتفه..
و كم أفزعته تلك الرنة التي جاءت لتوقظه ليتعذب من جديد،وكأن هاتفه قد اتفق مع ضميره ذلك السجان الذي حلف أن لا يتركه للنوم لحظة..

أمسك عبدالله بهاتفه و الفضول يملأه ليعلم من هو ذاك الذي حرمه من ساعة نوم يتيمة كان سيحظى بها قبل ذهابه للعمل ؟!!

وإذ بها روان..
روان أيضا لم تنم ليلتها ولم يغمض لها جفن ولو لدقيقة واحدة..
كتبت له كلمات حزينة من قلب يبكي بحرقة،
كتبتها على ما يبدو و دموع عينيها تتساقط قبل أن تموت
و تنغلق للأبد..
كلمات تستغيث فيها كمن يُساق إلى الموت دون أن يدري بأي ذنبسيقتل..

كتبت تلك الجريحة قائلة له :
فكر قليلاً قبل أن ترحل..
و اسأل عني من شئت أن تسأل..
هل أستطيع العيش بعدك و هل أستطيع وحدي
أن أكمل؟!!
أنا الوردة التي إن تركتها تذبل..
سأناضل لأعيش بعدك و لكني حتماً سأفشل..
سأمثل الكرامة و العزة و اللامبالاة
و مثلما يفعل الناس سأفعل..
و لكني أعلم بأن موتي و ضياعي هي أقل ما يمكن أن يحصل..لذلك أرجوك يا قاتلياتقي الله فيني و لا تقتل..

انقضت تلك الليلة الماطرة بدموع القهر التي حركت بكثافة سقوطها سيول جرفت معها أحلام تلك الفتاة..
أحلام مشروعة حوربت و كأنها أحلم ممنوعة ..
لظلم مجتمع أم لظلم ديانة أم ظلم بشر ، لا أحد يعلم ،
ولكن ما يعلمه الجميع أن كثيراً من البشر يغتالون أحلام الفقراء عندما تسمح لهم الفرصة بذلك..
يكفيهم سبب للنيل منهم أنه مع فقرهم و قلة حيلتهم
ما زالوا يحلمون..
يتعلم الكثير من العرب و يتحصنون بالدين و المعرفة ،
ولكن براعم الجهل و التعصب تبقى مزروعة في عقولهم
و تنتظر الفرصة المناسبة للظهور :

كن خائنا تكن اجملWhere stories live. Discover now