الفصل الحادي عشر

5K 89 2
                                    

أوقف "جود " السيارة أمام منزلهما في بلجرافيا سكوير " وقال :
- سأتركك هنا واذهب لوضع السيارة في الجراج .
- كانت هده هي الكلمات الأولى التي نطق بها "جود"منذ ان غادر معا منزل " فيونا " حيث ظل طوال الطريق الى لندن صامتا وقاسيا واضطرت "كليو "ان تلتزم الصمت التام واكتفت بمشاهدة الطريق الطويل مع إحساسها بالملل ثم قال لها بلهجة الأمر :
- اطلبي من "ميج" نقل أمتعتي الى حجرة الضيوف .
شيء طبيعي .. ما دام زواجهما قد فشللا داعي إذن للحياة المشتركة شعرت "كليو" بمرارة شديدة مما جعلها تتماسك وتقول :
- اعتقد انه من الضروري ان نتحدث معا يجب ان تسمع تفسيري للأمر الذي طالما حاولت شرحه لك منذ أكثر من خمسة عشر يوما ...
شدد "جود" قبضته على عجلة القيادة ..يبدو ان الغضب بدا يسيطر عليه بشدة مما جعله يتنازل عن بروده .. ثم تماسك وأجاب بصوت هادي :
- كنت اعتقد انه بخطبة فنتون يمكننا انقاد ما يمكن أنقاده من حطام زواجنا .. وقد تنجحين في نسيانه .. ولكن بما انك حامل فقد تغير كل شيء . وكيف اكف عن مساءلة نفسي في كل لحظة ترى من يكون والد الطفل ؟..
صرخت " كليو " قائلة :
- ولكنني لم أكن أبدا عشيقة روبرت .
من غير المعقول ان ينتهي زواجها نتيجة لخلاف غبي كهذا .
وطيف يدين زوجته على الرغم من براءتها ؟
تحرك "جود" في مكانهبإجهاد شديدوقال بملل :
- لا تكذبي يا "كليو" .. لا داعي لذلك ..
نزلت "كليو " من السيارة في قمة يأسها .. وهي التي اعتقدت في لحظة ما أمكان إعادة العلاقات بينهما ..
صعدت "كليو" السلالم بخطي مرهقة وطرقت الباب ففتحت لها "ميج " وهي في غاية الدهشة :
- سيدتي ؟ لم نكن ننتظر حضوركما هذا المساء هل أنت على ما يرام ؟
يبدو وجهك شاحبا .
ابتسمت "كليو " بضعف وقالت بهدوء كأن صوتها يأتي من مكان بعيد :
- كل شيء على ما يرام يا "ميج" أشكرك .. معذرة .. كان علي ان أخبرك بموعد حضورنا .
ما الداعي للمحافظة على المظاهر إذن ؟ أليس من الأفضل ان تقول للجميع ان "جود" مسكال لا يريد العيش مع زوجته ؟وانه لن يشاركها فراشها بعد ألان .
نظرت إليها "ميج" بحنان شديد كما لو كانت قد خمنت الى إي درجة تشعر "كليو " باليأس فقالت لها بلطف :
- هل اعد لك فنجانا من القهوة يا سيدتي ؟
- كلا . أشكرك ولكن قد يحتاج السيد مسكال الى قليل من القهوة ..الى اللقاء يا "ميج"
ثم صعدت "كليو" السلالم واختفت في حجرتها تحت نظرات مديرة المنزل القلقة فأمامها شيء مهم يجب القيام به ألان وهو نقل أمتعة "جود" الى حجرة الضيوف .
ان ذلك يعني انفصال "جود" عن "كليو" تماما حتى انه لن يشاركها بعد ذلك في نفس الحجرة ونفس صوان الملابس.
بدأت "كليو " تعد أمتعته بقلب حزينفعندما طلبت منه الانتقال الى حجرة خاصة كانت تأمل في التصالح بعد فترة .. أما ألان فالانفصال نهائي ومن المؤكد انه سيضع حدا لحياتهما الزوجية .
وضعت "كليو " الملابس على الفراش .. أنها لم تنم منذ البارحة فقد ظلت كلمات زوجها الجارحة تطن في إذنيها طوال الليل لدرجة أنها تركته على مائدة الطعام ولم تقوى على النظر الى عينيه عاجزة عن مواجهة نظراته القاتلة وظلت طوال الليل تتذكر أيامهما السعيدة في اليونان .. وهي التي ظنت أنها ستتمكن من استمالة "جود" نحوها لقد كان بروبرت على حق عندما قال لها ان زواجها انتهى ...ولم يغادر "جود" حجرته بعد ان تركته "كليو" على مائدة الطعام ولكنه خرج بعد ذلك وقضى الليل في الخارج ... وعند الفجر عاد الى المنزل فلحقت به "كليو" لتجده مرهقا للغاية وسرواله ملطخا بالطين ... لقد كان حقا في حاله يرثى لها .
فقالت له "كليو" :
- جود" اجلس ..ساعد لك شيئا تأكله يبدو انك مرهق جدا .. وأرجوك اسمعني أنت مخطئ فلم يحدث بيني وبين فنتون أي شيء مما تفكر فيه .
- بدا "جود" غير مبال بما تقوله . وقال لها :
- - لا داعي لهذا الحديث .فلن يغير كلامك أي شيء .. هيا اذهبي لأعداد أمتعتك سنرحل فورا .
وفعلا استقلا السيارة وعادا الى لندن في صمت تام نعم لقد قرر "جود" تجاهل كل شيء .. حتى وجودها بجانبه .
انتهت "كليو" –ألان . من أعداد أمتعة زوجها ونقلها الى حجرة الضيوف عندما لحق بها وقال :
- لماذا لم تطلبي من "ميج " القيام بهذا ؟
لم تجبه "كليو" فقد كانت في قمة يأسها ولن يتمكن أي شيء من التقريب بينهما بعد ألان وكل ما عليهما هو تقليد زوجها ونسيان كل شيء خاص بفشلهما .. ومن ألان فصاعدا .سيعيش كل منهما على حدة كأي زوجين منفصلين ...
كانت الأيام التالية بالنسبة ل "كليو " كئيبة جدا .فقد أتقلت الوحدة
و الحزن كاهلها حتى أنها كانت تستيقظ وحدها وتتناول طعامها وحدها ثم تستقل السيارة مع " تورنود " ليصحبها الى مقر بنك سلاد ويعود بعد ذلك ليأتي بها حوالي الساعة السادسة .
وفي المساء كانت "كليو " تغرق نفسها في عملها الذي أحضرته معها وتستمر في العمل حتى موعد تناول العشاء وكان من النادر عودة "جود " لمشاركتها العشاء في المساء متعللا بحضور عشاء عمل في الخارج والحق ان "كليو" كانت تتنفس الصعداء لخروجه الدائم حيث كان وجوده غير محتمل .
وعندما كانت "ميج" تعد لها طعام العشاء الشهي كانت تأكل كمية ضئيلة ما اجل طفلها فقط .
والحق ان جو المنزل الكئيب اثر على جميع من في المنزل حتى "ميج " الثرثارة كفت عن الحديث وبدا "تورنود" يتعامل معها باحترام زائد كما لو انه لا يوافق "جود" على تصرفاته .
والشيء الوحيد الذي كان يمنع "كليو " من اليأس التام هو وجود هذا الطفل داخلها وخاصة انه طفل الرجل الوحيد الذي أحبته في حياتها لذلك ستعتني به أكثر من اللازم ذلك لان والده ينكره بل ويعتبره ابنا غير شرعي ...
لم تتخيل "كليو " أبدا أنها ستكونفي يوم ماأما لطفل منبوذ من المجتمع ؟
ان هذا الطفل أو الطفلة يحتاج الى حنان العائلتين ما دام والده ينكر أبوته له . ان الانفصال عن "جود" اصحب أمرا لا مفر منه .. ولكن لو رفض فستمسك "كليو" بزمام الأمور في يدها أذن .
وستستطيع الحصول على الطلاقبواسطة محاممن زوجها الذي طالما تمنت العودة إليه .
قررت "كليو " انتظار زوجها هذا المساء لتتحدث معه .فالوضع أصبح بحاجة الى حل سريع .
تناولت "كليو " طعامها وجلست على الأريكة تتابع برنامج التلفزيون ...حتى انتهت السهرة ولم يعد "جود بعد ...
لماذا اختار هذا اليومبالذاتليتغيب طويلا في الخارج انه لم يفعل ذلك من قبل ولكن ما العجب في ذلك ما دام "جود" يرفض الحياة معها . بالتأكيد يبحث في الخارج عمن تشاركه حياته وتعوضه عن زوجته
ضايقت هذه الفكرة "كليو " كثيرا أنها تحب زوجها جدا ولا تقبل أبدا ان تشاركها أي امرأة أخرى فيه وعندما تتخيل زوجها يمسك بين ذراعيه أي امرأة فان ذلك يصيبها بالضيق والرعشة .
وأخيرا أمسكت كتابا تقرؤه لتهدى نفسها قليلا .
وحوالي الساعة الثانية صباحا .سمعت "كليو " صوت باب المنزل يفتح وصوت خطوات أقدام زوجها داخل المنزل بإرهاق شديد قفزت "كليو" من مكانها وأسرعت الى البهو للقائه .وقالت بصوت مرتعش :
- أريد ان أتحدث معك .
نظر أليها "جود" بعينيه الزرقاوين نظرة يشوبها الإرهاق والدهشة وقال :
- ألان ؟
- نعم .
ودخلا معا حجرة استقبال الضيوف المضاءة بمصباح خافت موضوع على المنضدة بينما كانت "كليو " توجه أليه نظراتها الحادة .. ترى من أين جاء ألان ومع من يقضي هذه الأمسيات حتى هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ بالتأكيد ليس موعد عمل .
استدار زوجها نحوها وسألها بصوت متعب :
- هل هناك شيء مهم ؟
جاهدت "كليو " في السيطرة على الغضب الذي استولى عليها وقالت :
- لا يمكن ان نواصل حياتنا على هذا النحو .. أنت تكاد لا تحضر هنا إلا نادرا ... فلا نتحدث معا ... ولا نشترك معا في الحياة . وفي هذه الحالة لا معنى أبدا لزواجنا . كما إنني لا أريد ان ينشا طفلي في
هذا الجو الكئيب ظل "جود" صامتا بضع دقائق ثم رفع عينيه نحوها ونظر
إليها بمرارة :
- بالتأكيد ... لقد نسيت أمر الطفل لنتحدث عن ذلك إذن ... إنني فكرت في الموقف كثيرا وأخيرا قررت الأتي : قررت الاعتراف بطفلك ... ولكن ليس عن طيب خاطر إلا أنني لا أريد الانفصال ألان ويمكننا إعادة النظر في هذه المشكلة بعد عدة أعوام .
سمعت "كليو" هذه الكلمات وهي في غاية الدهشة ... ان "جود" يرفض الطلاق ومن اجل المظاهر .يبقى على هذا الزواج وإلا رفض منح اسمه لهذا الطفل ... يا لها من أدلة ... ولكن كيف فكر في فرض هذا الزواج المستحيل عليها ؟
ثم استطرد من جديد قائلا :
- وبما إنني أرى ان حياتنا معا لا معنى لها نهائيا فيمكننا ان نعيش كل واحد منا على حدة فتذهبين الى الريف مع طفلك بحجة انك لا تريدين له ان ينشا في المدينة .. بينما امكث هنا في لندن وبهده الطريقة نستطيع الحفاظ على زواجنا بصفة رسمية مع تجنب المشاكل والتوترات التي تحدث بيننا ألان .
- ولقد تحدثت معي فيونا بشان منزل يباع في الريف في منطقة قريبة من منزلها ويمكنني الاستعلام عنه وشراءه إذا أردت .
ان "جود" لم ينتظرها لترسم مستقبلها معه وعندما يتخلص من زوجته بدفنها حية في الريف يمكنه آنذاك ان يعيش بالطريقة التي تروق له دون ان يهتم بها نهائيا .
شحب وجه "كليو" وشعرت ان زوجها نجح في الإيقاع بها في الفخ فإذا رفضت هذا الاقتراح فسيرفض هو الاعتراف بالطفل .. وتكون الفضيحة أبشع بكثير من تلك التي يهددها بها فنتون .
فما كان منها إلا ان همست قائلة وهي تشعر بالقهر :
- حسن جدا .
- في هذه الحالة وسابدا في البحث عن منزل لك بداية من الغد .لأنه من الأفضل تنفيذ هذا الاتفاق في أسرع وقت ممكن .أليس كذلك ؟ وعندما تستقرين هناك سأحضر لزيارتك من ان الى أخر .
هل يسخر منها شعرت فجأة بالحقد يملا قلبها والشحوب يكسو وجهها فقالت بصوت مرتعش :
- لا داعي لتضييع وقتك .فلن تدخل أبدا منزلي .
وخرجت وهي تغلق الباب وراءها بشدة .. هل يظن أنها ستتصرف دائما وفقا لإرادته ؟ بينما يبقى هو في لندن مع خليلاته .
ان "كليو" ستتمكنبالتأكيدمن الحياة وحدها .
لقد اعد "جود" نفسه لهذا الحديث من قبل لذلك وجد الأدلة والحل الذي يؤكد له حريته ويضمن له سمعته ...
أما "كليو " فلم يكن لديها الخيار ؟ولم تكن لتفعل شيئا غير الخضوع لأوامره وهذا ما يفرضه عليها مستقبل طفلها الذي أصبح كل شيء بالنسبة لها .
ولكنها لن تمنحه فرصة حبسها في قفص ذهبي وستجد مخرجا من هذه الخطة وتعود بعد ذلك الى لندن مهما فعل .
صعدت "كليو " السلالم بسرعة ثم رمت نفسها على فراشها في يأس شديد .
أغمضت "كليو "عينيها بينما كانت الشمس تداعب وجهها وكان "تورنود" في هذه اللحظة يقطع الحشائش في الحديقة فتصل رائحتها الى الفتاة وكم كان هذا الهدوء رائعا .
وفجأة اخرج صوت شقيقة "جود" الرقيق "كليو " من هدوءها عندما قالت :
- هانت تختبئين هنا لقد فكرت في الذهاب إليك في المكتب ثم جئت الى هنا عندما قالت لي "ميج" انك تلتمسين قليلا من الراحة هنا في الحديقة .
- عبرت "كليو" الحديقة بسرعة لتحتضن شقيقة زوجها بدفء وحنان .
- تهنئتي . لقد علمت كل شيء من "جود" ... هل أنت على ما يرام ؟
استراحت "كليو " في الكرسي الشيزلونج وقالت :
- حسن جدا .
نظرت إليها"فيونا" بعين فاحصة :
- يبدو انك مرهقة .. هل هذا الإرهاق بسبب الحمل ؟
اكتسى وجه "كليو " بالحمرة ما الذي تعرفه "فيونا "بالضبط ؟
ها اخبرها شقيقها انه يشك في أبوته للطفل ؟
أجابت "كليو " كاذبة :
- نعمبعض الشيء .
- والحق انه لم يكن الطفل هو السبب في إرهاقها بل كان والده ؟
- أما الطفل فهو السلوى الوحيدة ل "كليو " وستعطيه كل الحب الذي يرفضه "جود" ان التفكير في مستقبل الطفل هو الدافع الوحيد الذي يجعلها تحتمل كل ذلك .
الطفل ان "كليو " ستكرس حياتها كلها من اجله وهو أيضا قادر على ان يحبها بلا حساب أو شك ... حاولت كليو تغيير مجرى الحديث فقالت :
- كيف كانت رحلتك في باريس ؟
- جيدة .
نزعت "فيونا " الجاكت رمادي اللون وجلست بجانب "كليو " وكانت ترتدي بلوزة حريرية يعطي لونها الأصفر لوجهها جمالا هادئا . رفعت "فيونا " خصلات شعرها الأسود الى الوراء وبدأت تتحدث في الموضوع الذي أتت خصيصا من اجله .
- أنا لم احضر الى هنا لا حكي لك عن رحلتي ... ولنتحدث عنك أول ... لقد اخبرني "جود" بأنك ترهقين نفسك في العمل ولكنني سعيدة لرؤيتك تستريحين بعض الشيء . وتذكري الطفل دائما حتى لا ترهقي نفسك في العمل .
دهشت "كليو"ملاحظة زوجها ...فكيف له ان بعرف ما تفعله فلم يكن موجودا أبدا هنا .
والحق ان "كليو " تأثرت كثيرا بلطف "فيونا" وشعرت بأنها تهتم بها ولكن على الرغم من هذا لا يمكنها ان تخبرها بالمشاكل التي تعترض حياتها الزوجية .
قالت "كليو "
- أنت على حق .فانا بحاجة الى الراحة هذا الصباح ... وسأعمل هنا فترة ما بعد الظهيرة لقد أحضرت معي التقارير فعلا .
اخدت "فيونا "تداعب الحشائش بلا مبالاة ثم قالت بدون ان ترفع عينيها نحو "كليو" :
- لقد اخبرني "جود " انك تنوين شراء منزل في الريف لتربية الطفل هناك ... شحب وجه "كليو " هل حكي "جود " لشقيقته كل شيء؟
وسألتها "كليو "
- متى رايته ؟
- مساء أمس لقد زارني في المنزل عقب عودتي من باريس مباشرة والحق إنني كنت في شدة الإرهاق وكنت أتمنى الراحة ولكنه جعلني مستيقظة معه ساعات طويلة وعندما رحل لم استطع النوم حيث جعلني عصبية للغاية ثم نهضت "فيونا " فجأة من مكانها وقالت :
- "كليو " أكاد أموت من العطش سأذهب لأطلب من "ميج " ان تحضر أنا أي شيء نشربه قبل الخوض في موضوع ما يهمني كثيرا .
- معذرة يا "فيونا " لقد نسيت القيام بواجبي .
ونهضت "كليو " على الفور لكن "فيونا " أمسكت بها وقالت لها مبتسمة :
- لا تتحركي استريحي فقط فأنني اعرف المنزل جيدا .
سمعت "كليو " كلامها وعادت الى مقعدها ثانية لتستريح بعض الشيء فمنذ الأمس وهي تتخيل "جود" نائما بصحبة سيدات أخريات فتسيطر الغيرة عليها . ولكن كلمات "فيونا" جعلتها تشعر بالراحة بعض الشيء...
وما فائدة ذلك ألان حتى لو لم يكن ل " جود" صديقات فقد انتهى
زواجهما ..بقى ان ينسى كل فرد منهما الأخر تماما . وهذا ما اتفقا عليه ألان ... وضعت "فيونا " حدا لهذه التخيلات الكئيبة بعودتها وهي تحمل كوبين من عصير الليمون .
تناولت "فيونا " العصير الذي أعدته "ميج " وقالت وهي تضع الكوب :
- اسمعيني يا "كليو " اعتقد أنني متدخلة بعض الشيء ولكن عليك ان تغفري لي ... ما الذي يحدث بينك وبين "جود"
نظرت "كليو " بعينيها الرماديتين الى عيني "فيونا " الزرقاوين لتفهم نواياها والحق ان نوايا "فيونا " كانت جيدة جدا ولكن ما قيمة ذلك بالنسبة للحقيقة المحزنة ؟
فسألتها "كليو " بقلق :
- ما الذي أخبرك به "جود" ؟
- لا شيء ... ولكنني أرى ان هناك شيئا ما ليس على ما يرام لقد لحق بي "جود" في المنزل حوالي التاسعة مساء وبقى معي حتى الواحدة صباحا واخبرني انه ينوي شراء منزل في الريف لتعيشي فيه مع طفلك لأنه يرى ان بفاء الطفل في الريف سيكون مفيدا له عن بقائه في لندن ..فتحدثت معه بشان "دين يليس " وهو منزل على بعد عدة كيلو مترات من منزلي ويبدو ان هذا الاقتراح قد راقه كثيرا وأكد لي أنني استطيع اصطحابك الى هناك خلال عطلة نهاية الأسبوع؟
سكتت "فيونا " قليلا لتراقب وجه زوجة شقيقها ثم انفجرت قائلة :
- ما هذه الفكرة المجنونة أنا لا اعرف شيئا عن هذا الطفل بعد ولكنني لا اعتقد ان طفلا صغيرا مثله سيسعد بإقامته في الريف في هذه السن المبكرة ولا تقولي لي ان طفلا صغيرا وليدا سيسعد بجريه في الحدائق وتسلقه للأشجار ثم ما هذه الخلوة التي تنوين العيش فيها وحدك ... هل تنوين دفن نفسك حية ؟
سكتت "فيونا " ثانية وعندما لم تجب عليها "كليو " استطردت
قائلة :
- اعتق ان "جود" لا يهتم كثيرا بأمر هذا الطفل .. فقد تحدث إلي في هذا الموضوع كأنه موضوع عادي جدا ... هيا يا "كليو " اخبريني ماذا يحدث ان "جود" تهرب مني في الحديث عندما ذكرت له أمر هذا المنزل ولذلك جئت إليك والحق ان مظهرك البائس لم يطمئني أبدا ؟
هزت "كليو رأسها عاجزة عن النطق بكلمة واحدة وكان يمكنها ان تقول ل "فيونا " أم هذه الشكوك ليست في محلها وان تخبرها وهي تضحك أنهما اتخذا قرارا مشتركا بان يعيش كل فرد منهما على حدة وبما أنهما شخصان ناضجان .. فمن الأفضل لهما ان يفترقا بدلا من العيش معا في ظروف كهذه ...
ولكنها لم تنبس ببنت شفه والحق ان "كليو " كانت تحب "جود" الى درجة تجعلها عاجزة عن الافتراق عنه ..
قالت "فيونا " بهدوء :
- أنني أحب أخي كثيرا واعرف جيدا انه تعس في حياته ولكنني متأكدة انك السيدة الوحيدة التي تلائمه يا "كليو " كما انه يحبك .
كيف اعتقدت "فيونا " في شيء كهذا ؟ ان "جود" لا يحبها .
بل على العكس انه يكرهها ...كما انه لم يوافق على الزواج منها إلا ليضع يديه على أسهم بنك سلاد وبذلك فقدت "كليو " الامل تماما في ان تكسب قلب زوجها بعد ان وقعت في فخ فنتون ... انفجرت "كليو " في البكاء لشدة يأسها وحزنها فأخذت "فيونا " بين ذراعيها وحاولت تهدئتها حتى تماسكت "كليو " واستطاعت ان تحكي لها ما حدث في علاقتها مع زوجها .
سمعت "فيونا " كل ما حكته لها "كليو " الى النهاية ثم انفجرت قائلة :
- هذا الـ " روبرت فنتون " يحاول ابتزازك وأخي يرفض مجرد الاستماع إليك يا له من غبي .
رفعت "كليو " عينيها المملؤتين بالدموع فشعرت ان "فيونا " قد قررت شيئا ما فقالت لها ترجوها :
- "فيونا " ... لا تخبري "جود" بشيء .
- لابد ان يسمعه احد صوت العقل . ولكن كيف يفشل شخصان ذكيان مثلكما في الحب بهذه الصورة ؟
أمسكت "كليو " بيدي "فيونا " وقالت لها بحرارة :
- ما الداعي لإخبار "جود" بالحقيقة ألان ؟ان الوقت تأخر كثيرا كان يمكن لزواجنا ان ينجح جدا أؤكد لك هذا وكم تمنيت ان اجعله يحبني ...
جففت "كليو " دموعها وقالت بحزن :
- لم يستطع ان يحبني .. ولن يستطيع .. كما ان واقعة روبرت فنتون دمرت ثقته بي تماما .. ومنذ هذه اللحظة أصبح يكرهني كما بدا يتساءل كيف يستطيع الانفصال عن زوجة لا تلائمه أما بالنسبة لي فلم تسمح لي كرامتي بإجباره على سماع تفسيري لما حدث لأنه لم يكن يريد ذلك ولم أفكر أبدا في ان ارجوه للاستماع الى وجهة نظري .. وكنت أظن انه سيهدى ويمنحني الفرصة لتقديم أدلتي وحججي لكنني لم افهم انه لن يفعل ذلك أبدا لأنه يريد التخلص مني في اليوم التالي لهذه الواقعة ..
ركزت "كليو " نظراتها في عيني "فيونا " وقال :
- لقد بدا يكرهني فعلا .. وكل ما أخشاهألانان ينزعج بهذه الأقاويل ان "جود" لا يريد ألان ألا شيئا واحدا وهو ان يراني بعيدة عنه قدر المستطاع . ولا شيء يمكنه ان يمحو ما حدث ويعيدنا الى اسعد أيام حياتنا في بداية الزواج .
وتأكدي انه سيستاء كثيرا إذا ذكرت له ما قلته لك لأنه سيضطر الى إعادة العلاقة بيننا ثانية وهو ما لا يريده وكيف يمكن ذلك ؟...
ما دام "جود" يحتقرني ويكرهني .. والحق أنني أفضل الانفصال ألان ... عديني يا "فيونا " بالا تخبريه بأي شيء .
لم ترد "فيونا " عليها ونهضت من مكانها و اخدت تتأمل وجه "كليو " العابس الذي ينتظر إجابتها بفارغ الصبر. بينما كانت يدها تعبت بالسلسة الذهبية المعلقة في رقبتها بعصبية شديدة وقالت "كليو " بإصرار :
- أرجوك يا "فيونا "
تنهدت "فيونا " وجلست ثانية بجانب "كليو " ثم وضعت يدها قعلى ذراعها وقال :
- اطمئني يا عزيزتي ...لن اخبر "جود" بشيء ...
وألان استريحي فيبدو على وجهك الإرهاق الشديد ...

زواج في المزاد- روايات عبير الجديدة     للكاتبة ديانا هاميلتونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن