|•أدب المسرح•|

Start from the beginning
                                    

ومن أهم الكوميديين نجد أريستوفانوس بمسرحيته «الضفادع»، التي كانت تسخر من العامة وتنتقد الآلهة. 

ولا نترك هذه القائمة دون سوفوكليس، الذي يعتبر البعد مسرحياته «أوديب ملكًا» أنها أجمل مسرحية كتبت على إطلاق المسرح منذُ نشأته. 

«واحسرتاه ... واحسرتاه ... لقد استبان كل شي. 

أيها الضوء لعلي أراك الآن للمرة الاخيرة، لقد أصبح الناس جميعًا يعلمون، لقد كان محظورًا  أن أولد لمن ولدت له، وأن أحيا مع من أحيا معه، وقد قتلت من لم يكن لي أن أقتله»

-مقطع من مسرحية أوديب ملكًا 

ينسدل الستار بأريحية على خشبات المسرح، مغلقًا خلفه حقبة من أهم حقب الأدب المسرحي، هل زدت تشوقًا لتطلع يومًا على مسرحية من مسرحيات الإغريق؟ 

لا عجب في أن رحلة داخل أحد مسرحيات الأدب الإغريقية القديم ستكون إلهامًا لك؛ يدخلك في عمق أحد أهم الشعوب التي عاشت على الأرض. 

ينسحب الستار للمرة الثانية، وتظهر بتسلسل عدة مشاهد متتابعة متنقلين بعدها للمسرح الروماني الذي لم يتطور سوى في القرن الثالث قبل الميلاد. نجد مسرحيات «سينيك» إبان القرن الأول قبل الميلاد، وتراجيديات «سالون» التي سارت على غرار التراجيديات الإغريقية.

وكاد  المسرح الروماني أن ينقرض مع ظهر الكنيسة المسيحية وسقوط الإمبراطورية الرومانية، فاختفى بذلك المسرح الكلاسيكي: اليوناني والروماني من الثقافة الغربية لمدة خمسة قرون.

 ظهر نوع آخر من المسرح في«العصور الوسطى» الذي نشأ عن طريق الطقوس الدينية ثم في «عصر النهضة»، أثرت ثورة الإصلاح الديني البروتستانتي بقيادة مارتن لوثر على المسرح، فأخرجه من طابعه المقدس إلى طابع هزلي دنيوي مدنس. 

ثم المسرح الإيطالي، الفرنسي، الإنجليزي، الإسباني، ومسرح القرن الثامن عشر، وظهور المدارس الرومانسية، الطبيعة، الرمزية، الدادية والسريالية، ومسرح آنطونين آرطو، ومسرح ما بعد الحرب والمسرح الجديد  وغيرها الكثير الذي ينتهي بالمسرح المعاصر.

 ظهرت الكثير من المدارس والتغيرات  التي أثرت على أدب المسرح بشكل كبير عبر الزمن. 

انسدل الستار القرمزي للمرة الثالثة، وانطفأت بعض أضواء المسرح، هذه اللحظة التي تهمك عزيزي المتفرج، هل فكرت للحظة أين هو أدب المسرح العربي من كل هذا؟ 

انزياح الستار هذه المرة سيكون متأخرًا، تمامًا كتأخر ظهور أدب المسرح في عالمنا العربي، أراك تشعر بالغضب!

حافظ على هدوئك أيها الكريم فأنا على وشك إعطائك سؤال نفتتح به ختام ليلتنا الملحمية، ونتحرر بعدها من أغلال المشاعر التي تركها المسرح بداخلنا. 

«لماذا تأخر ظهور أدب المسرح العربي لنهايات القرن التاسع عشر تقريبًا؟»

لا تنتظر إجابتي، سأعطيك دقيقتين… وبعدها أزيح الستار من على المسرح. 

دع التفكير الآن إذا لم تجد الإجابة بعد؛ فقد أُزيحَت الستائر وبدأ عرضنا الأخير… 

عَرِف العالم العربي المسرح الحديث عن طريق القطر المصري في عهد نابليون بونابرت عندما احتل مصر. 

بينما المولد الفعلي للمسرح على يد الأديب اللبناني« مارون النقاش»، الذي عاش مغتربا في إيطاليا ، واطلع على ثقافة ذلك البلد وأحوال أبنائه وأعجب بمسرحهم. قام بترجمة مسرحية «البخيل» لموليير بعد أن أجرى عليها بعض التغييرات؛ لتلائم الجمهور العربي ، ثم كتب مسرحية «الحسود السليط» ،«أبو الحسن المغفل».

 وهكذا كانت الخطوة الأولى لفن المسرحية في الأدب العربي. 

ثم بعده خطا «أبو خليل القباني» بالفن المسرحي خطوة إلى الأمام بتطويع الموروث الشعبي إلى المسرح مثل: «ألف ليلة وليلة»وجعل الفصحى لغة للحوار. 

وفي عهد الخديوي إسماعيل أنشئت دار الأوبرا وقدم يعقوب صنوع مسرحياته المترجمة أو المقتبسة أو المكتوبة باللهجة العامية

ومر أدب المسرح بمرحلة نضج وازدهار، ومن أهم المؤثرين في تطور أدب المسرح العربي: «أحمد شوقي» الذي كتب عددا من المسرحيات الشعرية منها :  «مصرع كليوباترا» ، «مجنون ليلى» ، «عنترة».. وغيرها ودفع فيها بالفن المسرحي دفعة قوية إلى الأمام، وكان له فضل السبق في تأسيس المسرح الشعري العربي.

كذلك «توفيق الحكيم» الذي كتب: «أهل الكهف»، «عودة الروح»، «يوميات نائب في الأرياف »، « شهرزاد،»، « أغنية الموت»… والكثير من الأعمال الأخرى. 

أيها الجمهور العظيم، أيها السادة والسيدات الأفاضل، أعلن بكل أسى عن نهاية ليلتنا الساحرة…وأظنك الآن سمعت جيدًا الصوت الذي قصدته، إنه صوت انسدال وإزاحه ستائر المسرح.

وإن لم يخب ظني بك، هل سألت نفسك ما الفرق بين أدب المسرح وفن المسرح؟ وسأعرض هنا اقتباس لكلمة «جاستون باتي» قد يعطيك إجابة شافية: 

«من المعروف أن الفن المسرحي شأنه شأن أي فن آخر يتحدد بوسائله الفنية، وهي وسائل لا تقتصر على القلم والورق؛ فالمسرح عالم له طبيعته الخاصة وقوانينه وخفاياه وعادات. 

وليس هناك ما يجعلنا ننكر عليه استقلاله وحقوقه في الانطلاق والدوران في فلك الفنون على طريقته الخاصة بين الفن والحياة، وإن كان من العبث أن ننكر ارتباطه بالأدب؛ فهو خاضع له لما فيه من القيم الفنية التي يتدهور المسرح بدونها إلى مستوى استعراضات الأسواق، صحيح أن عرضًا على الأرجوحة قد يكون في حد ذاته قصيدة خالصة كأية ماساة، غير أن أساس الجمال فيه منحصر في جسم اللاعب القابل للزوال.»

 

«ينسدل الستار للمرة الأخيرة لهذه الليلة، و تنطفئ الأضواء المتبقية معلنة عن ظلام هاديء الملامح يتوج ختام موضوعنا لليوم»

كتابة العضو «داتو»

صِحَاف وزمر Where stories live. Discover now