كوما

263 5 0
                                    


هرج ومرج يسود المكان، أصوات سيارات الاسعاف تعلو فى الأرجاء، الكثير من المصابين، منهم من يحتاجون إلى غرفة العمليات وآخرون ذوى إصابات طفيفة، أصوات الأطباء تعلو، يركضون سريعا لبذل قصارى جهدهم لإنقاذ المرضى 

هذا هو ما يحدث يوميا فى قسم الطوارئ بالمشفى، لتشعر جورى بالارهاق فى آخر اليوم، فهى استلمت عملها فى المشفى منذ أسبوع ، تشعر بشغف فى عملها وبسعادة لانقاذ حياة مرضاها، دعاء أحدهم لها هو ما يزيل عنها عناء العمل 

أثناء مرورها لتفقد مرضاها توقفت أمام غرفته،مريض الكوما الذى يثير فضولها، علمت من صديقتها أنه أتى إلى المشفى منذ ثلاثة أشهر إثر اصطدام سيارته بشاحنة ومنذ ذلك اليوم وهو فى غيبوبته، ساقها فضولها هذه المرة إلى الدخول إلى غرفته و الوقوف بجانب سريره، تفرست ملامحه، تشعر أنها تعرفه أو رأته من قبل، تشعر بانجذاب نحوه لاتعلم سببه، فتح عينيه فجأة لتصدم وترتد إلى الخلف، نعم إنه هو صاحب العيون الفيروزية التى تراها فى أحلامها، عاودت النظر إليه لتجده قد أغلق عينيه مرة أخرى

هرولت إلى غرفة الاستراحة لتجد صديقتها منى هناك، فاندفعت لاهثة محدثة إياها قائلة :

إنه هو، هو من أراه بأحلامى، لقد فتح عينيه ورأيتهما

لتحاول منى تهدئتها : فلتهدأى انى لا أفهم منك شيئا، عمن تتحدثين؟

جورى : مريض الكوما، إنه من أراه بأحلامى

ذهبت منى معها لتفقده ولكنها وجدته على حاله، لم يتغير شئ فى مؤشراته يدل على إفاقته، ظنت أن صديقتها توهمت ماحدث

تركتها جورى ورحلت إلى منزلها وكل تفكيرها منصب على هذا الشخص، لم تراه فى أحلامها؟ عقدت العزم على معرفة معلومات عنه فى اليوم التالى فربما يكون ما يحدث معها هو نوع من التخاطر ويكون هذا الشخص فى حاجة إلى مساعدتها

فى اليوم التالى، توجهت إلى غرفته فوجدت فتاة جالسة أمام الغرفة منهمرة فى البكاء، تساءلت عن هويتها فربما تكون أخته أو خطيبته أو حتى زوجته، توجهت إليها علها تجد إجابة لأسئلتها، جلست بجوارها وربتت على كتفها، وكأن الفتاة كانت فى انتظار شئ مثل هذا لتبوح عم بداخلها، فأخبرتها قائلة :

لقد وقع عمه اليوم على إقرار فصله عن الأجهزة ليعلن موته رسميا، لطالما إنتظر مثل هذا اليوم ليضع يده على امواله، لا يعلم أنه قدم فقط للبحث عنها، فهو قد علم عنوانها بعد بحث دام سنوات، كم اشتاق لرؤية حب طفولته 

قالت جملتها وهى تنظر إلى صورة أخرجتها من جيبها، تلك الصورة التى ما أن لمحتها جورى حتى دلفت إلى الغرفة صارخة بهم أن يتوقفوا، توسلت إليهم إن يتركوه على الأجهزة ولكن دون فائدة، فهى لاتملك شئ لتفعله فهى ليست إحدى أقاربه ولا يحق لها تقرير مصيره

توجهت إليه ممسكة بكفه الأيسر وحدثته :

وسيم، ها أنا جوريتك، زهرتك المفضلة كما كنت تطلق على، أفتح عينيك واستيقظ، أرجوك لقد بحثت عنك أيضا، افتقدتك طوال سنواتى الخمسة عشر الماضية، افق وانظر إلى طفلتك ذات العشر سنوات كيف أصبحت اليوم

سقطت دموعها على كفيه فى إشارة منها لمؤشراته الحيوية أن تستجيب لتوسلاتها، ذهل من فى الغرفة مما رأو، فقد حدثت المعجزة وفتح عينيه ناطقا تلك الكلمات فور استيقاظه :

جوريتى، زهرتى الجميلة

لتكن تلك الكلمات الثلاث دليل عودة حبها الأوحد اليها، حبها الذى شاءت الأقدار أن يتفرقا يوما ليلتقيا مجددا بعد خمسة عشر عام، ولشريكته فى العمل الفضل فى ذلك فهى من أرتها الصورة، ولتكن إفاقته من غيبوبته هى بداية حياتهما الوردية معا

قصص قصيرةΌπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα