حلم الأمومة

426 5 0
                                    

حلم الأمومة الذى يداعب أى فتاة منذ صغرها كان هو أبسط أحلامها…… تمنت اليوم الذى تتزوج به لأجل أن يكون أول خطوات تحقيق هذا الحلم….. كانت دعوتها فى كل صلاة أن يرزقها الله بالذرية الصالحة.

 بعد عام من زواجها، استجاب الله لدعائها بأن رزقها الله بفتاة كالبدر فى تمامه، شاهدت مراحل نموها المختلفة وأغدقت عليها من حبها وحنانها وتعلقت بها بشدة حتى أن زوجها كان يشعر بالغيرة من طفلته ليشاكسها قائلا لها : 

نفسى تحبينى نص الحب اللى بتحبيه لها.

كانت فرحتها عارمة عندما علمت بعد عام بأنها تحمل فى أحشاءها طفلها الثانى، وزادت فرحتها عندما علمت أنه ذكر. سجدت لربها تشكره على نعمته وتدعو لذريتها بصلاح الحال. أتى اليوم المنشود لوضع جنينها وعلى قدر فرحتها فى بداية اليوم على قدر حزنها فى نهايته، كان ذلك اليوم هو بداية معرفتها بأن حلم الأمومة قد يأتى أيضا بالأحزان، كانت البداية عندما أخبرتهم الطبيبة شارحة حالة الطفل قائلة : 

الولد عنده مشاكل فى الرئة ولازم يفضل فى الحضانة تحت الملاحظة.

 شعرت بغصة فى قلبها عندما عادت إلى منزلها بدونه ولكنها ظلت تردد ما تحفظه من آيات الذكر الحكيم وتدعو ربها بأن ينجى لها طفلها ويعود إلى أحضانها سالما، وبعد ثمانى و أربعين ساعة بالتمام من ولادته أتاها هاتف من المركز الطبي الذى يتواجد به الطفل يطالبون بحضورها لنقل عينة دم منها إلى الجنين، ولكن عامل الوقت لم يكن فى صالحهم، ففى الوقت الذى وطأت قدماها أرض المركز الطبي كان الطفل يلفظ أنفاسه الأخيرة، فالصغير لم يكن بالقوة الكافية لمقاومة الميكروب الذى كشفت الفحوصات عن تواجده بدمائه.

 أفاقت من شرودها على صوت الطبيب يواسيها قائلا :

 إحنا أسفين بس الميكروب انتشر فى الجسم وعمل تليف فى القلب والكبد ومقدرناش ننقذه.

 انهمرت دموعها وبكت كما لم تبك من قبل وكل ما طلبته من ربها فى دعائها هو أن يلهمها الصبر والسلوان ،وكأن طفلتها الكبرى كانت تشعر بألمها فذهبت اليها واحتضنتها طابعة قبلة رقيقة على وجنتيها كأنها تخبرها أنها بحاجة إليها وأن عليها أن تتحلى بالقوة لكى ترعاها، وهذا ماكان، كان الحزن مكانه قلبها ولكنها ظاهريا قوية ومتماسكة من أجل طفلتها. 

وبعد مرور عام على فجيعتها ، علمت بأنها حامل فى طفلها الثالث، وعلى عكس المرتين السابقتين كان الخوف حليفها، كان القلق ينهشها من بداية حملها وكأنها كانت تشعر بما هو قادم. تحققت مخاوفها فى بداية الشهر السابع ، عندما أراد الله أن يولد الطفل فى ذلك الوقت، سمعت الطبيب يخبر زوجها : الولادة دلوقتى خطيرة والطفل حالته خطرة خصوصا إن الرئة لسه مكتملتش فلازم يدخل الحضانة، ادعوله.

 تلك المرة كان بكائها صامت، دموعا جارية كالأنهار فقط. ظلت ثلاثة أيام فى منزلها رافضة الذهاب لرؤية طفلها فى المركز الطبى وفى اليوم الرابع هاتفها الطبيب طالبا حضورها فاستعادت ذكريات المرة السابقة وكأنه شريط سينمائى يمر أمام عينيها، ولكنها تفاجئت بكلام الطبيب عندما أخبرها :

الطفل حالته بتتحسن بس بطئ وفى الحالات المشابهة الطفل لما بيحس بوجود أمه جنبه تحسنه بيكون افضل.

 اطمئن قلبها عند سماع تلك الكلمات وبالفعل ذهبت لرؤية طفلها وكم كان شاقا عليها رؤيته محاطا بالأسلاك وأجهزة التنفس الاصطناعى، ظلت على هذا الحال لمدة شهر وكم كانت فرحتها عارمة عندما عادت به إلى منزلها حاملة إياه بين أحضانها.

لم تكن تلك نهاية أحزانها، بل كانت بداية اتخاذ حياتها مسار أخر، فبعد أن أتم الطفل شهره الرابع، اكتشفت أن أضرار الولادة المبكرة قد بدأت بالظهور، كانت البداية عندما طالبها طبيب الاطفال بإجراء بعض الفحوصات لتكتشف بأن طفلها كفيف ليشرح الطبيب الأمر لها قائلا : 

إتعرض لأكسجين زيادة فى الحضانة أثر على شبكية العين. على عكس المتوقع، تقبلت الأمر بقوة وثبات حتى أن من حولها ظنوا أنها أصبحت خالية من أى مشاعر تجاه طفلها، ولكن داخلها كان عكس ما تظهره، بكاءها كان بين يدى الله فقط فى صلاتها وتلاوتها للقرآن ودعائها، ولكن أمام من حولها كان تلبس قناع القوة والثبات. مرت الشهور ولم يتغير شئ، شعرت ذات يوم بأنامل صغيرها تداعب وجنتيها وسمعت صوته مرددا : اصحى يا ماما أنا شايفك

فتحت عينيها لتجده يغط فى ثبات عميق بجوارها، لتعلم أنه نفس الحلم الذى يراودها منذ عامان، قامت لتتوضأ وتسجد بين يدى الله لتردد الدعاء الذى لم يفارق شفتيها يوما : 

يارب أنت قادر على كل شئ ، احفظلى أولادى واجعلهم ذرية صالحة، يارب إنت وحدك بإيدك تشفيه وتنور له بصره. 

لتكن تلك هى دعوتها اليومية علها تكون ساعة استجابة. 

قصص قصيرةTahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon