الإعراب اللفظي والإعراب التقديري.

ابدأ من البداية
                                    

الإعراب التقديري:
هو الإعراب الذي لا تظهر فيه علامة الإعراب على الحرف الأخير ولا تنطق، أي أن الكلمة -اسمًا كانت أم فعلًا- تكون مرفوعة أو مجرورة مثلًا لكن لا تظهر على آخرها الضمة أو الكسرة أو غيرهما من الحركات، يحدث هذا لأحد أسباب ثلاثة:
السبب الأول: تعذر نطق الحركة على الحرف الأخير، وهذا السبب خاص بالألف الممدودة أو المقصورة؛ فمن المستحيل أن تنطق بحرف الألف مكسورًا أو مضمومًا (ولا تخلطوا الألف بالهمزة رجاءً). جربوا كلمة (مربى)، هل يمكنكم نطق (مربىُ)؟ أو (مربىِ)؟ أضمن لكم أن المحاولة فقط ستجعل لسانكم يعوجّ وستكسبكم بعض النظرات المستغربة ممن حولكم.
إذًا كيف سنعرب كلمة (مربى) يا نيون؟
بالطريقة نفسها التي أعربنا بها (ورقة) و(يضع)، لكن مع تغيير طفيف، مثلًا:
في حالة الكسر: ضُربت نيون ببرطمان المربى: المربى: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة التي منع ظهورها التعذر.
حالة الفتح: أكلت نيون مربى التوت: مربى: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة التي منع ظهورها التعذر.
حالة الضم: مربى الفراولة حمراء اللون: مربى: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة التي منع ظهورها التعذر.

السبب الثاني: ثقل الحركة على اللسان، وهنا يمكن أن تظهر الحركة وتنطق، لكنها تكون صعبة، مثل نطق الياء مضمومة أو الواو مكسورة، ويحدث هذا فقط عندما يكون الحرف الأخير واوًا أو ياءً. إذا أخذنا الياء كمثال في كلمة (الداعي)، أليس قول (الداعيُ) أو (الداعيِ) صعبًا؟ لذلك نفعل مع مثل هذه الكلمات ما فعلناه بالمربى -أقصد كلمة (مربى) منقوصة الآخر- ونعربها بالطريقة نفسها مع تغير السبب من التعذر للثقل.
لكن إن كانت الحركة على الحرف الأخير فتحة فلا مانع من ظهورها؛ فالفتحة خفيفة ولا يصعُب نطقها، مثال:
حالة الكسر: استمعت إلى حديث الداعي: الداعي: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة التي منع من ظهورها الثقل.
حالة الضم: جاء الداعي إلى قريتنا: الداعي: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة التي منع من ظهورها الثقل.
حالة الفتح: رأينا الداعيَ وهو يخطب: الداعي: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.

السبب الثالث: انشغال المحل بحركة المناسبة، ويكون هذا عند إضافة الاسم لياء المتكلم، عندها يصعب نطق أي حركة غير الكسرة في آخر الاسم، مجددًا لنجرب كلمة (قلمِي)، قولوا معي (قلمُي)، والآن لنجرب (قلمَي). ألم يكن ذلك مضحكًا؟ لذلك تلتزم الميم هنا -وأواخر الكلمات التي تتصل بياء المتكلم عمومًا- حركة الكسرة. مثال:
أعطني قلمي من فضلك: قلم: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة التي منع من ظهورها انشغال المحل بحركة المناسبة (الكسرة)، وياء المتكلم مضاف إليه.

أخيرًا هناك الإعراب المحلي، وهو يختص بالأسماء المبنية، وفيه يمكن أن يكون الحرف الأخير في الكلمة غير معتل، ويسمح بظهور الحركة عليه، لكن لا تظهر الحركات على الآخر بسبب بناء الكلمة. وفي هذه الحالة تعرب الكلمة مبنيةً في محل إعراب، ومن هنا جاءت كلمة محلي.
مثال: كلمة (هؤلاء)، من الواضح أن الهمزة تحتمل الحركات الأربعة، لكنها تلتزم بالكسرة فقط، لماذا؟ لأنها مبنية على الكسر، طال الزمان أم قصر، جفت البحار أم فاضت، ستبقى كلمة (هؤلاء) مكسورة الآخر.
عددت هيدرانجيا الأسماء والأفعال المعربة، هل تذكرونها؟
-تهمس- إن لم تتذكروها عودوا للفصل السابق، ستجدونها مذكورة بالتفصيل، لن أخبر أحدًا -غمزة-.

مهلًا! متى انتهى التدريب؟ لم أشعر بمرور الوقت برفقتكم اللطيفة.
أي أسئلة؟

ما رأيكم أن تجربوا مهاراتكم الجديدة في تدريب بسيط؟
الأبيات التالية من معلقة الفارس المغوار عنترة الذي اشتاق للفارسة الجميلة عبلة، رسمتُ -بعد إذنه طبعًا- خطوطًا تحت بضعة كلمات من الأبيات، أخبروني أيها يعرب إعرابًا لفظيًا، وأيها يعرب إعرابًا تقديريًا، وما سبب تقدير الإعراب؟

يا دار عبلة بالجواء تكلمي *** وعمي صباحا دار عبلة واسلمي
دار لآنسة غضيض طرفها *** طوع العناق لذيذة المتبسم
فوقفت فيها ناقتي وكأنها *** فدن لأقضي حاجة المتلوم
وتحل عبلة بالجواء وأهلنا *** بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طلل تقادم عهده *** أقوى وأقفر بعد أم الهيثم

أراكم قريبًا، لا تتوقفوا عن محاربة أخطاء اللغة ونشر الوعي اللغوي يا سفراء الفرسان الأعزاء.

أنحاء النحوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن