المدير كان ينظر إلى الشاشة وتحدث بجدية "إشرحي لي ما حدث"

"شخص ما اقتحم بيتي في غيابي ودخل غرفتي ثم صور مستندات تخصني وأرسلها في هذه المجموعة، كنت أعتقد أن هذه مدرسة مرموقة وأني لن أواجه مواقف كهذه، أعلم ربما تفكر الآن أنه قد يكون أي شخص آخر لكني أضعت محفظتي هنا في هذه المدرسة ومفاتيح منزلي كانت بداخلها"

أومأ بينما يضرب إصبعه بالطاولة بغضب ليقرب يديه من هاتفها ويقول "أتسمحين لي؟"

أومأت مضيفة "بالتأكيد"

المدير أخذ هاتفها بين يديه وشاهد كل الرسائل وكل أفراد المجموعة بينما الغضب يرتسم على وجهه شيء فشيء، كانت هذه أبسط فكرة لدى إليزا لتنفذها، حتى تبتعد قدر الإمكان عن خواطرها الدموية…

بعد وقت بدأ الطلاب يتوافدون، كانت هي تمشي في الممرات وتعلم جيداً أن كل العيون عليها، تظاهرت بالقوة ولم تحرك عينها عن مسارها، دخلت فصلها لتضع حقيبتها على الأرض فشاهدت ورقة مُلصقة عليها ومكتوب فيها "أنا المختلّة عقلياً"

نزعت الورقة وحدقت بها ببرود للحظات، كانت تسمع بوضوح بعض الضحكات الخفية، لكنها استمرت بالتظاهر ورمتها في سلة المهملات لتجلس مكانها بترقّب.

دق الجرس لتدخل معلمة الفصل ومعها المدير، كانوا جميعاً مصدومين من وجوده فهو من النادر رؤيته في المدرسة أصلاً، المعلمة بدأت تلقي المقدمات عن مخاطر التنمر، قبل أن يقاطعها المدير ويعلق ورقة مطبوعة من الدردشة على السبورة وقال بصخب "أنتم كبار كفاية وتعرفون كل هذا الكلام جيداً لكن رغم ذلك تستمرون بالاِعتداء على زملائكم!"

أشار إلى الورقة المعلقة ليتابع "بسبب هذه الرسائل ستتغير الكثير من الأشياء من الآن وصاعداً، في البداية سيتم نقل هذا الموضوع إلى الشرطة، الشخص المسؤول عن هذا في ورطة كبيرة، لديكم وقت حتى نهاية الدوام لتعترفوا من الفاعل منكم، ثانياً الهواتف محظورة أثناء الدوام طوال السنة، ثالثاً تم إلغاء حفلة التخرج بفضلكم، توقعوا ولوج المزيد من القرارات قريباً وشكراً لحسن استماعكم" رمى آخر كلماته وغادر تاركاً إعصار من التذمر والخوف والأسئلة.

كان الطلاب في حالة نفور وهيجان ويحاولون التمتع بآخر دقائق وجود هواتفهم معهم لكن إليزا أدركت أنهم يهربون من مجموعة النميمية ويغادرون مثل السرب، الخبر وصل خلال دقائق إلى كل الصفوف والآن نصف التلاميذ يحاولون الهرب بجلدهم، ڤيولا رئيسة المجموعة كانت تقبض على هاتفها بقوة وتنظر للشاشة بعيون دامعة، مع الأسف خرِب كل شيء عملت عليه وراحت أيام الشهرة وإشعال منصة الدردشة.

خلال ذلك المعلمة حضّرت أوراق ملاحظات صفراء لتجمع الهواتف وتلصق أسماء مالكيها عليها.
كانت إليزا تبتسم بخفة بينما تكتب اسمها على الورقة وتلصقها في ظهر هاتفها وتسلمه للمعلمة، هي لا تطيق الاِنتظار حتى يتم الكشف عن الفاعل رغم أنها بعد التفكير بالأمر عرفت من فعلها لكنها قررت انتظار الحقيقة الرسمية…

كانت تعرف جيداً أنها ستتعرض للهجوم اليوم في حال بقيت وحدها لذا تعمدت البقاء قرب غرفة المدير طوال الوقت، لكن لن تستطيع الهرب لوقت طويل، يجب أن تذهب للبيت، مع الأسف لم تكن مسلّحة بصاعق الكهرباء اليوم فقد فكرت من قبل أن إخبار المدير بشيء كهذا قد يدفعه لتفتيش حقائب التلاميذ لذا كان عليها أن تحذر.

نزلت السلالم إلى الساحة حيث لا طريق آخر للخروج غيرها، هناك الكثير من التلاميذ وهذا مريح بالنسبة لها، لن تضطر على إيذاء أحد، لكن ڤيولا ركضت إليها من بعيد ودفعتها بقوة لستقط أرضاً، كان كُحلها يلطخ كامل وجهها كأنها كانت تبكي لساعات، زمجرت بها كالمجنونة "كل ما حدث بسببك! لقد خسرت كل أصدقائي بسببكِ أنتِ"

إليزا نهضت وازالت الغبار عن نفسها ببرود، لا تستطيع مهاجمتها الآن بعدما وصلت لهذه المرحلة لذا قررت التغاضي عنها الآن وتلفظت "ستدفعين ثمن هذا يا ڤيولا، أعدكِ ألا أسقِط حقي عنكِ عندما تظهر الحقيقة"

ڤيولا زمجرت وهاجمتها مجدداً محاولة ضربها والحصول على شعرها، لم تكبح إليزا نفسها وأرادت تحطيم عظامها لكن المعلمين وصلوا وسحبوها من هناك، كان كل التلاميذ متجمعين بدائرة حولهما بلغطهم وصوت صياح المعلمين يصدح، إليزا كانت تسمع صفير فقط، بالكاد تملصت من يديهم وجلست أرضاً مكانها لتضع كلتا يديها على أذنيها لعل هذا الضجيج يتوقف.

كانت فيولا تتحرك بعدوانية وتحاول التخلص من الأشرع التي تقيدها حتى تهاجم الجالسة أرضاً مجدداً لكن لم تقدر، شخص ما أمسك كتفي إليزا ورفعها عن الأرض وبدأ يهزها ويصيح لكنها لم تسمع شيء، كان ذلك فير وحدقتيه ضيقتين ووجهه خائف لسبب لا تفهمه.

عندها شعرت بحرقة شديدة خلف رأسها، كانت تتواجد حجارة مليئة بالدماء حيث وقعت مسبقاً ليصيبها الهلع وتضع بيدها خلف رأسها ما جعل أصابعها تصطبغ بالدماء، بدأ قلبها يخفق بقوة واتسعت عينيها، منظر يديها بهذا الشكل يرعبها ويأخذ مخيلتها لأماكن أخرى، لم تصمد طويلاً لفقدان كل هذا، كانت تحاول إدراك ما حولها وإرجاع نفسها للواقع، هي تكره رؤية الدماء هكذا وهذا زاد من إرهاق عقلها وأغمي عليها…

المُحِبّة لجذب الأنظارWhere stories live. Discover now