استطرد بشجاعة وخطى داخل الملعب، تراءى لي للحظات أن ركبتيه ترتجفان، قبل أن يصل لوك إليهما سمعت صوت صفير من بعيد لتنتفض الكلاب من مكانها فجأة وتنهض، لوك تجمد مكانه من الخوف، الكلبان هرولا وعبرا من جانبه بكل برود ليصلا إلى مالكهما الواقف على الرصيف من خلفنا.

كان صاحبهما رجل ذو معطف جلديّ أسود ويرتدي نظارات شمسية، علّق السلاسل في طوق كلبيه ثم ابتسم باِستهزاء على تعابيرنا وغادر بهما، واضح جداً أنه يسخر منا لأننا جبناء... كيف لإنسان عاقل أن يقوم بتربية حيوانات كهذه في بيته!

كيليان ضحك بتوتر ممزوج بالسخرية "كان عليكِ رؤية وجه لوك يا إلهي!"

دفعه الآخر بعنف محاولاً إخفاء خجله وجُبنِه "تتحدث كأنك تحارب كلاب مفترسة كل يوم!"

كنت أضحك عليهما بينما ندخل الملعب بسلام، بعد نهاية دعاباتنا سألتهم بفضول "أليس من المفترض أن نكون عشر أشخاص؟ أين الجميع"

ابتلع لوك ريقه قبل أن يجيب "الأمر معقد، أحدهم كسر ساقه والجميع يحاولون دعمه عاطفياً الآن"
أنا أعرف أنه يكذب بمجرد أن ينطق حرف واحد فقد حفظت تعابير وجهه، إني مدركة تماماً لحقيقة أن لا أحد من الفريق يحبني لهذا يتهربون من اللعب معي ولكن لا يهم، لدي لوك وكيليان وكل الشباب المعحبين بي من المدرسة والجيران والأقرباء ومواقع التواصل.

بدأت اللعبة بيننا نحن الثلاثة، لم تكن مثالية لتلك الدرجة قبل أن ينقطع رِباط شعري وتنسدل كل خصلاتي اللامعة التي أوقفتهما عن الحركة، توقفت عن الركض وحملت العقدة عن الأرض لأستطرد "أوه لا! لقد انقطعت! كيف سأجمع شعري الآن"

رفع لوك كتفيه "ربما يمكنكِ عقصه"

تباً بدأ يلاحظ أني دراماتيكية لذا يجب أن أتدبر الأمر، حركت يدي برفض قائلة "لدي فكرة أفضل، سأضفره فقط، أكملا اللعبة حتى أنتهي، شعري طويل ويحتاج بعض الوقت"

استطرد كيليان "لا تقلقي بشأن هذا يمكننا الإنتظار"

"لا فقط أكمل وأنا سأصلح شعري" قلت بينما أستدير حتى أخفي تعابيري الخائبة عنهما لكن كيليان أمسك شعري من الخلف وهمس "لوز، دعيني أساعدك"

تباً لم أتوقع هذا! كيليان فارس أحلام كل البنات يضفّر شعري أنا ويناديني بإسمي المختصر لوز! فراشات، بل ديناصورات تتحرك في بطني الآن. أراهن أن لوك يموت بغيرته لرؤيتنا هكذا.

أكملنا لعبتنا وانتهينا وقرر كل منا العودة لمنزله، اعتقدت أن المطر سيهطل في مثل هذا الوقت ولكن لسوء الحظ لم يحدث هذا بعد.

وصلت للمنزل وشاهدت دخان يتصاعد من الحديقة الخلفية، خفق قلبي بقوة وركضت تاركة الكُرة تتدحرج هناك، رأيت أمي أمام المشواة تمسك عصا معدنية وتطعن بها ثيابي ثم ترميهم في النار، لم أستطع التحكم بأعصابي، صرخت بقوة وبكيت مُنهارة أمامها، أي أم تفعل هذا!

كانت تنظر لي باِزدراء وتطعن ما بقي من الملابس فركضت إليها محاولة تخليصهم من الحرق لكنها دفعتني عنها وصاحت بي "إياكِ! لقد اكتفيت من جنونك، مِن الآن وصاعداً ستكون هناك قواعد صارمة تتبعينها، لا أريد سماع أو رؤية أي من ترهاتك بعد الآن"

"لماذا تفعلين هذا! هل رأيتِ أم تعامل ابنتها هكذا يوماً!"

"طوال فترة مراهقتك وأنا أحاول التقرب منكِ وإصلاح تفكيرك المغلق وعاداتك السيئة ولكن لا حياة لمن تنادي، أنتِ تركضين نحو الخطأ فور رؤيته فقط لأني أخبرتك أن تبتعدي عنه، كم مرة أخبرتك أن تبتعدي عن أصدقائك الحثالة! أنتِ لا تسمعين الكلام، لم تتركي لي خيار آخر يا إليزا"

"سأخبر أبي!"

"كانت هذه فكرة أبيكِ أصلاً!"

قبضت كفيّ بغضب ولم أستطع فعل شيء حيالها، نهضت وركضت إلى غرفتي، كنت أبكي طوال الوقت، لست أدري كيف نِمت واستيقظت في اليوم التالي، كانت عيوني متورمة، الجميع سيلاحظها الآن وسأنكر حقيقة أني كنت أبكي، سأذهب للمدرسة وأحكي لأصدقائي ما حدث حتى يتعاطفوا معي.

لم يبقى من ملابسي إلا اثنين من البناطيل الضيقة البنّاتية وبعض الكنزات التي لم أرتديها منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة، ليس لدي خيار آخر، الجميع في المدرسة سيحدقون بي بسبب تغيير نوع ملابسي فجأة.

لحسن الحظ أنا صغيرة وملابسي من المرحلة المتوسطة ماتزال على مقاسي، أمي شاهدتني وأنا أخرج وكان وجهها في قمة الإنتصار فلقد صار شكلي مثلها الآن.

وصلت للمدرسة وكما هو متوقع من فتاة مشهورة مثلي أن تجذب كل الأنظار، هناك صدمة في وجوههم، يعرفون أني سأخطف الأضواء منهم إلى الأبد بمجرد أن أغير ملابسي المعتادة لمرة واحدة.

لوك وكيليان كانا مع مجموعتهما، عندما اقتربت إليهما تعلقت كل الأنظار عليّ، لطالما كنت ألبس السراويل الرياضية وها أنا فجأة أغير كل شيء.

"مرحباً" قلت ببهوت، بعض الشبان أفسحوا لي المجال للوقوف معهم على غير العادة، حيث كانوا دائماً يتهربون من الوقوف معي في العادة ويرحلون فور رؤيتي، لا داعي لنظرات الإعجاب فأنا لست مثل باقي الفتيات. كيليان قال بذهول "ما هذا! هل أنتِ لوز التي أعرفها؟"

تنهدت وحركت عيني المرهقة أثناء حديثي "أفهم صدمتك... أمي أحرقت كل ملابسي، ولكن هذا لا يعني أني تغيرت، مازلت كما أنا، كل ما بالأمر أني أواجه مشاكل عائلية"

"أحرقت ملابسك! لماذا!" قال احد الشباب بكل ذهول، يبدو أن الخطة تنجح.

تنهدت ورفعت رأسي "من أين علي أن أبدأ..."

اليوم ازدادت شعبيتي وصنعت تأثير في شائعات المدرسة وفي مجموعات النميمة على الإنترنت لكل الفصول، فقط بسبب بنطال واحد وشعر مفرود. فما بالكم عندما أضع مستحضرات تجميل...

المُحِبّة لجذب الأنظارDonde viven las historias. Descúbrelo ahora