~الفصل الرّابع~ •قبل الأخير•

201 14 13
                                    

في سرعة الضوء و في ظروف غامضة محيطة بالأجواء كُسر مكتب ذلك الشّاب و أزيل ذلك القناع الحريريّ عن وجهه.. فابتسم الهِردبَّة و صاح مجدّدا فاركا ذقنه بسبّابته و إبهامه مستنكرا
"أظنّ أنّك ثور...إبن عفير بن عدي بن الحارث، أخسرنا وريثا للحكم بكونك صرت ٱبنَ لغة الضّاد؟ أم أنّني فعلا خرف لا أميّز بين البشر"

تعرّقت جبهة ثور و من وضعه في ذلك الموقف المحرج شابك أصابعه خلف ظهره بلامبالات قائلا بصوت مرتفع حارصا على أن تلتقط آذان الجّميع كلماته بحذافيرها
"لم و بالصّدفة يفوز كلّ سنة شخص من مجهولي الهويّة؟ لم مسموح لنا بإخفاء وجوهنا؟ أو بعبارة أصحّ التنكّر
هي مسابقة نظّمها عفير للتقرّب منّا بما أنّه علم بأنّنا للكتابة و الشّعر سكارى، و بالطّبع لم يغفل عن تقديم هدايا ثمينة للجّميع فائزين كانوا أو لم يكونوا فقط لتجنّب أيّة شكوك محتملة قد تساورهم و كذلك لضمّهم إلى صفّه...هو الحاكم المستبدّ بطريقة غير مباشرة، و الأسئلة كما ترون في متناول الجّميع.. أعتذر بل هي في متناول ثور"

ثور احتجّ بعد أن نظر مطوّلا إلى تلك الأوراق التّي تناثرت على الأرض بعد أن كانت مخفيّة داخل الدّرج الخاصّ بمكتبه، و لم يخلو الأمر من تلعثمه
"ه..ه.هو الجنيّ!! دائما ما يكتب عوضا عنّا!..هو..."

صمت ثور عندما قهقه ذلك الطّرف المقابل بصوت مدوّي تردّد صداه في أرجاء القاعة، كما أنّ ظهره قد تقوّس قليلا إلى الخلف فعكست وضعيّته للبقيّة شدّة سخريته أو ربّما ما قاله ثور مضحك فعلا بيد أنّ وجهة نظر العجوز و طريقة إعماله لعقله في ما قيل مختلفة عن خاصّتهم

"و هل هو نفسه من ألبسك هذا القناع و جعلك تأتي معنا إلى هنا بالرّغم من أنّ مشاركة العائلة الملكيّة في المسابقة ممنوعة؟ كرامة الملك و خيّلاءة يمنعانه من قبول فوز شخص آخر في المسابقة غير من انتقاه، و طبعا هذا بشرط أن يكون من عائلته...و إن تطلّب الأمر إخفاء الأخير لهويّته خلف ألف قناع فلن يمانع...فقط لإرضاء ال'أنا' و في سبيلها"

الهمسات تكثّفت و الأصوات ارتفعت رويدا رويدا. الملك ظلّ صامتا عاجزا عن الحراك، و ابنه أخفض رأسه إلى الأسفل فظهر له انعكاس وجهه المحمرّ خجلا بعد أن صوّب الجميع إليه نظرات ازدراء و خيبة. أمّا أعضاء اللّجنة فقد أشاحوا بأبصارهم بعيدا عن مكان عفير بإحراج متمنّين النّجاة من أصابع الإتّهام التّي قد توجّه إليهم

صوت سكب ماء على الأرض أخرس الجّميع و جعلهم ينظرون إلى مُصدره مكرهين كانوا أو عن طواعية لفضولهم

كان نفس الشيخ و هو يسكب على البلاط ما بحافظته الجلديّة من ماء

"أتعلم مصدره؟"
كان سؤاله موجّها إلى عفير الذّي أجاب ب "و هل هذا مهم؟"

ألقى بالحافظة على الأرض ليُسكب المزيد من الماء دون توقّف...الجّميع تعجّبوا و مُرهِقُ عقولهم ماطل في مدّهم بإجابة شافية لتساؤلاتهم
"نعم مهمّ...لأنّ مصدر هذا الماء هو وادي عبقر"

...

شهقة أُصدرت عن أفواه الجّميع. ردّة فعلهم كانت واحدة بالرّغم من إختلاف تقاسيم وجوههم و جنسهم

الأجساد لا إراديّا تراجعت إلى الخلف بالرّغم من أنّها حركة ساذجة للدّفاع عن النّفس، الصّدور توقّفت عن العلوّ و الإنخفاض لمدّ أصحابها بالهواء فتوّدت وجوه بعضهم، و الرّهبة تملّكتهم عندما طرح ذلك السّؤال الثاني
"و هل تعرف من أنا؟"

عفير على عكس الجّميع لم يبدي الخوف على محيّاه، بل هو أجاب بثبات
"أخشى أن تمتنع عن الردّ، أخشى أن يكون ردّك صادما.. لكن من المستحبّ أن تعرّفنا عن نفسك"

صفّق الأشيب بصوت جعل الجّميع يغطّون آذانهم التّي آلمتهم و ردّ بعد أن تأكّد من أنّ جميع الأيدي قد أزيحت عن مسار الصّوت إلى عقولهم المعطّلة مؤقّتا عن العمل
"أشدّ مخاوفك تتجسّد في شخص يقف أمامك للتوّ...أنا الكائن من الجنّ من وادي عبقر...أنتم تخافونني كثيرا صحيح؟"

~مجهول الهوية~مكتملة~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن