~الفصل الأول~

2.4K 36 49
                                    


ملاحظة: شاركت هذه القصّة في مسابقة ل: CriticsTeam

*فائزة بالمركز الثَّاني بالفئة التاريخيَّة بمسابقة كالاتشو المقدَّمة من الكاتبة و الصحفية الصاعدة ندى الشحات : x-aphrodite

الغلاف من تصميمْ جنود التصميم: designsoldiers

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

البعض يمتطون الجّمال، آخرون يمتطون الخيول العربيّة الأصيلة خاصّة السّوداء منها، أمّا البقيّة فقد فضّلوا شقّ الصّحراء سيرا على الأقدام

الطّقس كان حارّا للغاية فزاد من حمولة كلّ واحدٍ منهم ثقلا على كاهلية، و لكن لا بأس بذلك مع سكّان شبه الجزيرة العربيّة المعتادون على ذلك المناخ القاسي

من هنا اِرتدى فُلان ملابس تمّت خياطتها بخيوط ذهبيّة و فضيّة رَبطت بين قطع من أفخر أنواع الحرير، و من هناك اِرتدى آخر ملابس بسيطة عكست لرفاق دربه مسقط رأسه و مكانته المتواضعة في المجتمع

كان هناك أيضا حظور للنساء اللواتي لم يمنعهنّ سترهنّ و حشمتهنّ من التعطّر و التزيّن بأفخر أنواع العطور و أثمن الحليّ

لا أحد يشعر بأنّ ممتلكاته أو شكله الخارجيّ أو وسيلة نقله مقلّلون من شأنه، فحاليّا لا مجال للجّاه و السّلطة، و لا دفاع للثّراء أو القبيلة عن الفكر، و السّيف يعود إلى غمده ما إن يُغمس القلم في حبرهْ

إقبال كبير من أبناء آدم نحو وجهتهم التّي ليست سوى مقرّ مسابقة الكتابة...مسابقة كتابةٍ أساسها قوّة المنطق لا منطق القوّة

ما إن وطأت أقدامهم و حوافر دوابهم تلك الأرض الخصبة المحاطة بحجارة بيضاء مغطاة بمسحوق أسود حتى توقفت قافلتهم عن التقدم إلى الأمام، و تمّ ربط الحيوانات في آن واحد بأشجار مخصّصة للغرض

رجل كان جالسا على مقعد خشبيّ أمام مكتبٍ مصنوع من نفس المادّة صاح مناديا إيّاهم
"حان وقت التسجيل الآن!!"

إقترب منه الجميع في نفس الوقت مصطفّين خلف بعضهم البعض فكلّهم يسيّرهم وقت و نظام مضبوطين بدقّة و إتقان

البعض أعلن عن هويّته دون حياء أو خجل و البعض الآخر كانوا مجهولي الهويّة فتبنّاهم الأدب، و جميعهم لم يستطيعوا كبح أنفسهم عن إلقاء نظرات خاطفة بين الفينة و الأخرى على ذلك القصر الواقع خلف مقر التّسجيل

رجل طاعن في السنّ بدى عليه الوقار و الحكمة لم يتخطى جسده ذلك الحاجز بين الرّمال و العشب الأخضر بعد، يحدّق بتلك الحجارة و عضلات وجهه مرتخية ممتنعة عن إبداء ما بداخل صاحبها من أحاسيس و أفكار دفينة

سمعه المرهف جعله قادرا على الإصغاء إلى أشعار بعض من رافقوه في طريقه الطّويل المؤدّي إلى تلك الجنّة الواقعة بالصّدفة وسط الخلاء و القحط، كان إلقاؤهم شفاهيّا، بصوت مرتفع، على الملأ، و الجّدير بالذّكر أنّ الجميع كان فصيحا.. فحتما المنافسة ستكون عسيرة و التّحكيم أعسر

"أنت!!"
إلتقط مسمعه تلك الكلمة التي تفوّه بها المكلّف بالتّسجيل فرفع بصره عن الأرض لتلتقي أعينهما

أطبق الشّيخ جفنيه و خطى خطوة إلى الأمام تجمّدت حركته بعدها لهنيهة تلتها إبتسامة جانبيّة إرتسمت على شفتيه قبل أن يدنو من ذاك الذي كان يتفحّصه من رأسه إلى أخمص قدميه...ليس على الأخير لوم فمظهر العجوز كان فعلا مثيرا للفضول و التعجّب

كان ذا لحية طويلة تفنّن الزّمان في تلوينها و ملابس ماثلتها في البياض، حافي القدمين، و حمولته لم تكن سوى حافظة مياه مصنوعة من الجّلد يسقي نفسه منها بين الفينة و الأخرى

سُئل في تزامن مع فكّه لربطة عمامته "من أنت؟"

وضع عمامته فوق سطح ذلك المكتب و حرّك يده متجعّدة الجّلد نحو قميصه، مظهرا من أسفله قلادة من الفضّة حُفر في منتصفها حرف الضّاد

أومأ له الرّجل بالإيجاب، ثم قرّب إلى نفسه ذلك المجلّد الضّخم كاتبا بداخله بعض الكلمات بخطّ عربيّ يروق أصحاب الأذواق السّليمة و يخطف أنفاسهم.. ملبّيا رغبة الشّيخ في الإبّان

المتسابق رقم خمسون{كلّ عاقل حقيقٌ بأن يكون كاتبا...لو رفض تقديم هويّته اللّغة تتبنّاه، و أبناء اللّغة نسلهم لا ينقطع، و أفكارهم خالدة}

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~مجهول الهوية~مكتملة~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن