مشاريع جديدة

4.6K 150 5
                                    

توجهت جوزي صباح يوم الجمعة إلى غلوستر حيث اشترت كمية كبيرة من السلع التي تحتاجها وكتابا لإعداد الحلويات.
وبعد ‪الظهر اليوم‬ نفسه ، قامت بنزهة طويلة مع مولي . كان كينت محقا فالممرات التي تقود إلى النهر جميلة جدا . لكن هذا لا يعني أن الفرصه أتيحت لها لتخبره إذ لم يقع نظرها عليه أبدا.
مساء يوم الجمعة، أعدت صنفين من الحلوى.
وصباح السبت، أعدت المافين والكراميل وكيك الشوكولا.
وبعد ظهر السبت، وجدت قرادة على خصرها.
فجلست على الفـور وأخذت نفسا عميقا وحاولت أن تتذكر دروس الإسعافات الأولية. لكن عقلها أبى أن يعمل فما تعلمته لا يشمل القرادة بل مراقبة والدها وهو يموت بين يديها.
أرخت خصر سروالها القصير وعادت تتأمل القرادة مجددا. لابد أنها التقطتها أثناء نزهتها بالأمس . وأعادت القماش إلى مكانه على عجل. ماذا لو كان هناك المزيد ؟
وتملكتها رغبة في حك جلدها كله.
قالت بصوت عال:
-لا تكوني سخيفة.
لكن الذعر والأدرينالين تدفقا في داخلها. هل يؤثر الأدرينالين في القرادة ؟ وغصت... لعله يحولها إلى قرادة خارقة أو شيء من هذا القبيل.
- تمالكي نفسك!.
عوت مولي وأسندت رأسها إلى فخذ جوزي التي حدقت في العينيـن البنيتين وتشنجت. ماذا لـو أن حال مولي كحالها؟ كيف يمكن لنا أن نخلص كلبا من القرادة؟ وهبت واقفة، عليها أن تسأل كينت .
شعرت جوزي بأنها فخورة بنفسها لأنها لم تركض بأسرع ما يمكنها إلى باب كينت الخلفي لتقرعه بقبضتيها الاثنتين. وعندما وصلت، رفعت يدها وطرقت الباب مرتين.
تقطيبته كانت أول ما طالعها. ورفعت يدها قبل أن يتمكن من أن يقول أي كلام حاد أو جارح :
-أود فقط أن أطرح سؤالا سريعا هذا كل ما في الأمر ولن تتطلب المسألة طويلا.
سألها بنبرة حادة حين أنهت كلامها:
-ما الأمر؟.
- ما... ما هو علاج القرادة؟
حدق فيها كينت للحظة، وأثارت العينان الزرقاوان مشاعر غريبة في داخلها فيما هـو يتأمل وجهها.
بعدئذ , أمسك بها من يديها وشدها إلى الداخل بعد ان اطلق شتيمة بصوت خافت.
سالها بعد أن اطلق سراحها ورفع يديه على وركيه:
-أين؟
- أرجوك ، افحص مولي أولا فهي أصغر مني وقد سمعت أن القرادة تؤذي الكلاب كثيرا.
- وهي تؤذي البشر أيضا.
وعندما وضعت جوزى يديها على بطنها ولم تنطق بكلمة.
أضاف:
-ستكون مولي بخير . فأنا أعطيها دواء شهريا خاصا.
استرخت جوزي وقالت:
-الحمد لله. ظننت...
لكن جملتها علقت في حلقها الذي جف.
- أين هذه القرادة؟
وتراءت لها فجأة صورة أصابعه القوية التي صبغتها الشمس على جسمها فتسارع نبضها :
-لو قلت لي وحسب ما علي أن أفعله فسأتولى الأمر . لا أريد أن أزعجك أو ما شابه.
لم تشا أن يلمسها كينت . وشعرت بأنه من الأفضل لها و لراحة بالها إلا يفعل . زم شفتيه وكأنه يعرف تحديدا ما تفكر فيه فتسارعت دقات قلبها وشعرت بها في حلقها المشدود.
- ما عليك أن تفعليه يا جوزي هو أن تشيري إلى مكان القرادة.
وتحول التواء شفتيه إلى شبه تكشيرة وهو يقول:
-ثقي بي.
هز اصابه قبل أن يضيف:
-أنا طبيب.
- نعم،هذا صحيح .
الأمر الوحيد الذي كانت واثقة منه هو أنه يستمتع بانزعاجها. وتذكرت ما قالته بريدجت قبل يومين فاستسلمت متنهدة:
-هنا.
وأزاحت حزام الخصر لتريه المكان. جلـس القرفصاء بجانبها وأدارها نحو الضوء بأصابع شعرت بها ناعمة على بشرتها . بعدئذ ، استقام وأمسك بعلبة فازلين ثم عاد وجلس القرفصاء إلى جانبها ومسح جسم القرادة بكمية كبيرة من المرهم. سألته بصوت ترافق مع أنفاسها المسموعة:
فازلين؟
وتساءلت إن كان قد أحس بجريان دمها السريع تحت أنامله.
- تتنفـس القرادة عبر طرفها الخلفي . ولن تتمكن من أن تتنفس عبر الفازلين لذا ستعمل على الخروج عندئذ ، سأمسك بها بواسطة هذه .
ورفع ملقاطا صغيرا قبل أن يردف:
-هـذا يعني أن ثمة احتمال في أن ينفصل الرأس عن الجسم.
غصت وقالت: "جيداً" .
لم تكن ترغب في أن تترك القرادة أي جزء من جسمها فيها.
- هل من قرادات اخرى؟
شقت كلماته طريقها عبر الضباب الذي لفت دماغها فسالته :
قرادات أخرى؟
التوت شفتاه مجددا وأجاب : "نعم".
-آه , يممممم ...
وهزت كتفيها قبل أن تضيف:
-لا أعلم.
- قومي بدورة أمامي.
وهذا ما فعلته. فمرر أصابعه على خصرها فيما هي تدور ما جعل أنفاسها تتقطع.
- ما من شيء هنا. والآن ، اجلسي.
ودفعها نحو كرسي المطبخ وهو يضيف :
-القرادة كمعظم الكائنات الحية الأخرى تختار الأماكـن الدافئة و المحمية لتعيش فيها
- اووو ... هاهههههه.
هذا كل ما تمكنت من قوله.
- كخلف الأذنين و مؤخرة العنق.
أزاح شعرها إلى جهة واحدة فيما أصابعه تتنقل من جهة إلى أخرى . عندما اقترب منها إلى هذا الحد ، صدمتها حرارته فضلا عن رائحة رجولته وهي مزيج من الخشب و دخان الخشب والعشب
المقطوع حديثا. وتشنجت أعصابها كلها.
- أشكرك على النصيحة التي أسديتها لي بشأن عرض الحلوى التي أحضرها في المتجر.
أرادت أن تلهي نفسها بطريقة ما وبدا لها الحديـث غير مؤذ نسبيا إذ يمنح فكرها ما يشغله.
- هل التقيت ليز بركينز ؟
تلقفت السؤال كحبل نجاة فأجابت:
-اممممم، لا.
أغمضت عينيها وابتلعت همهمة كادت تخرج من بين شفتيها.
- لم تكن ليز موجودة.
وآمرت تفسها بأن تركز على الحديث قبل أن تردف :
-التقيت شقيقتها بريدجت.
كان رد فعل كينت أبلغ من الـكلام وعكس لها بدقة رأيه ببريدجت.
لم تلمه لاسيما حين تذكرت كم كانت بريدجت تواقة لاطلاعها على المعلومات التي تحملها . وتلوى الشعور بالذنب في أحشائها، فقد استمعت إليها . ألم تفعل؟ وسارعت تقول له:
-سأشارك في مهرجان الكنيسة نهار الأحد أي في الغد.
ذكرت نفسها بأن الغد هو يوم الأحد ، لكنها لم تستطع أن تجزم بذلك مع وقوف كينت على هذه المسافة القريبة منها. كما لم تستطع أن تجزم بأي شيء آخر إذ قلب مقاييسها ووضعها رأسا على عقب .
جمد تماما وسألها:
-ألهذا كنت تعدين حلويات متنوعة رائعة؟
حسن ، كيف علم أنها كانت تعد حلويات متنوعة؟
قال وكأنها طرحت السؤال بصوت عالي:
-كانت الروائح تفوح في أنحاء التلة كلها.
. وتحركت أصابعه على عنقها مجددا وهو يتابع: -الرائحة زكية.
- ما الحلوى المفضلة لديك؟
إذا أخبرها فستعد له ما يحب كعربون شكر ليس إلا. لن ترتكب الخطا نفسه مجددا وتتوقع منه المشاركة.
-لماذا؟
أجفلت عند سماعها النبرة الخشنة في صوته، فأجابت كاذبة:
-ما من سبب. أحاول أن أستلهم وحسب.
أنهى التحقق من عنقها وتنفست ارتياحا حين ابتعد عنها. لكن ارتياحها لم يدم طويـلا إذ ما لبث أن جلـس القرفصاء بجانبها لتفحص الإصابة عند خصرها مجددا.
- تحتاج لبضع دقائق إضافية.
وفجأة، ابتعد عنها وجلس على كرسي قبالتها فافتقدت جوزي دفء، راحتيه وحرارة أنفاسه.
ضاقت عيناه وهو يتأمل وجهها:
-هل أنت بخير؟ هل تشـعرين بغثيان أو بدوار ؟
- لا .
لعل لمسته أفقدتها توازنها، لكنها شعرت بأن هذا ليس ما قصدبسؤاله.
- إذن، ورطتك بريدجت بهذه التحضيرات كلها؟
- لا .
ورفعت ذقنها ، وأردفت:
-تدير هي وليز كشكا وسأساعدهما.
ضحك ضحكة قصيرة وقال:
-إنها استغلالية. أعترف لها بذلك.
-لكني أردت أن أشارك.
لكنها عادت وتذكرت كيف قالت بريدجت إن المزيد من الحلـوى ستفيدهم. كما طلبت منها أن تصل باكرا إن كان لديها الوقت لتساعدهما في ترتيب الطاولة للعرض.
هزت رأسها بنفاد صبر. هذا غير مهم فهي تريد أن تساعد، وسيكون الأمر ممتعا. إلا أن التواء شفتيه ضايقها:
-هل ستحضر؟
- أنا؟ لا بد أنك تمزحين؟
- لم لا؟
ورفعت يديها مضيفة :
-إنه مجتمع صغير وعليك أن تدعمه .
- بجعل كل بريدجت في المدينة تنشب مخالبها في؟ لا، شكراَ جزيلا. لدي أعمال أقوم بها يوم الأحد أفضل من التورط في تركيب الأكشاك وتحريك دولاب الشوكولا.
ارادت أن تساله عن هذه الأعمال التي ذكرها إلا أنها لم تفعل . بل لم تجرؤ على ذلك.
- أظن أن الأمر سيكون ممتعا. ليس عليك أن تفعل شيئا. فقط...
سخر منها قائلا : "فقط، ماذا؟".
أجابته بحدة: "شارك وحسب".
عادت وتمنت لو أنها لم تتكلم عندما استعادت في ذهنها ما عرفته بالأمس عن كينت. وشعرت بمعدتها تتشنج قبل أن تقول:
-أنت محق . بريدجت امرأة ثرثارة لكن هـذا لا يعنـي حكما أنها شخص سيء . والناس في مارتين غولي ليسوا كلهم مثلها، أليس
كذلك؟.
أظلمت عيناه وضاقتا وهما تنظران إليها. فاحمرت جوزي وراحت تلوي يديها معا. وأدركت تماما كم تبدو مذنبة فقالت من دون تفكير :
-أخبرتني بريدجت بما حصل لأمك وأختك.
تراجع كينت إلى الوراء وكأن الكلمات صفعته على وجهه الذي شحب . وظهر خطان حمراوان على عظمتي خديه :
-ليس من حقها..".
فوافقته الرأي على عجل:
-لا، لا يحق لها، لا يحق لها أبدا.
أرادت أن تمد يدها وتلمسه لكنها خشيت أن تفعل ذلـك. وتابعت كلامها:
-أنا آسفة. ما حصل لهما... ".
ورفعت يديها مجددا قبـل أن تردف :
-لا بد أنه كان الوضع الأكثر ترويعا في الوجود.
التمعت عيناه بشكل خطر فيما كررت :
- أنا آسفة.
أرادت أن تقول أكثر لكنها لم تجد كلاما مناسبا يقال. حـدق فيها وكأنه لا يعرف ما عليه أن يقول. ولـم تعرف هي أيضا ما عليها أن تقول. وانزلقت نظرته إلى خصرها قائلا:
-لا بد أن القرادة أصبحت جاهزة للخروج الآن.
واخرجها قبل أن تدرك ذلك.
- شكرا لك.
انقطعت أنفاسها لشدة قربه منها.
وقفت وتراجعت بسرعة إلى الوراء قائلة :
- هـل ترغب في أن أحضر لك شيئا ما من المهرجان؟
- مثل ماذا؟
- لا أعلم.
تملكها شعور بأنها ستعود للتلعثم مجددا:
-لعلك تتوق سرا لتناول صلصة الطماطم التي تعدها السيدة ايلوود أو عسل السيد سميث؟
-ما من سيدة ايلوود في مارنين غولي.
-هل من سيد سميث؟
ـ العديد منهم، لكن أحدا منهم لا يربي النحل.
اتجهت نحو البـاب الخلفي وهي تسأل:
-إذن، أنـت لا تريد صلصة طماطم أو عسل؟.
-لا، شكرا لك.
-حسن.
وكادت تقع عن السلم الخلفي :
-إذن، تصبح على خير.
استدارت وقلبها يتخبط بين ضلوعها.
-أنا ....
حبست أنفاسها لكنها لم نعرف ما الذي كانت تنتظره. عليـك أن تستحمي. عليك أن تفتشي تحت إبطيك وخلف ركبتيك. في أي مكان يمكن للقرادة أن تصل إليه.
- حسن .
وانتظرت لكن عندما لم يضف أي كلمة أخرى، لوحت له بيدها مسرعه.

حراسة قلب العازفWhere stories live. Discover now